القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 3
حلفتُ بالخمرِ والنساءِ
حلفتُ بالخمرِ والنساءِ / ومجلسِ الشعرِ والغناءِ
ورحلةِ الصيفِ في أوربا / وسحر أيامِها الوضاءِ
رفعتُ فيها لواءَ مصرٍ / ورأس مصرٍ إلى السماءِ
لم أنسكم قطُّ أصدقائي / ولم يحُلْ عنكمُ إخائي
أُحبكمُ فوق كلِّ حبٍّ / وهانَ في حبكم فنائي
فما تظنّون في وفيٍّ / أربى هواهُ على الوفاءِ
إذا احتواهُ الصعيدُ ليلاً / وهيمنتْ نَسمة المساءِ
وتاهتِ الأقصر اختيالاً / بالغيدِ في موسم الشتاءِ
صَدفتُ عنها إلى وجوهٍ / عرفتُ فيهنَّ أصدقائي
أنتم وهل لي سوى خيالٍ / يجمعكم بي على التنائي
فانتظروني ولا تظنوا الظْ / ظنون واستمطروا ثنائي
هذي سماؤكِ أنغامٌ وأضواءُ
هذي سماؤكِ أنغامٌ وأضواءُ / غنّاكِ داودُ أم حياكِ سيناءُ
أم النبيُّون قد أزجتْ سفائنَهم / موعودةٌ من ليالي النيل قمراءُ
أم طالعتكِ من السِّحر القديم رؤىً / يشدو بهنَّ الثرى والريحُ والماءُ
أم جاء طيبةَ من أربابها نباًٌ / أم أنّ كهّانها بالوحي قد جاؤوا
أم سار عمرو بنور الفتح فائتلقتْ / به زبرجدةٌ في الشطِّ خضراءُ
ماجت خمائلَ بالبشرى وأوديةً / فهن فاكهةٌ تَندى وصهباءُ
يا مصرُ ذلكَ يوم الملتقى وعلى / صَباحه قَدِم الرُّسْلُ الأجلَّاءُ
أسرتْ إليك بهم روحٌ وعاطفةٌ / وكم إليك بسرِّ الروحِ إسراءُ
دعا فلبّوهُ صوت من عروبتهم / كما يلبّي هتافَ الأمّ أبناءُ
لا بل أهاب بهم يومٌ صنائعهُ / من أمرها الناسُ أمواتٌ وأحياءُ
إن لم تَصُنْ فيه أيديهم تُراثَهمو / فقد تَبدَّدَ والأيامُ أنواءُ
طاحتْ بناصيةِ الضعفى وسخَّرها / كما يشاء الأشدّاءُ الألبّاءُ
أحرارُ دهر همو المستيقظون لها / ومن غفوا فهمو الموتى الأرقَّاءُ
بَني العروبةِ دارَ الدهرُ واختلفت / عليكمو غِيَرٌ شتَّى وأرزاءُ
مضى بضائقتيها الأمسُ وانفسحتْ / أمام أعينكم للمجد أجواءُ
اليوم شيدوا كما شادت أبوّتكم / شرقاً دعائمه كالطود شمَّاءُ
دستوره وَحدةٌ مُثلى وشرعتهُ / بالحق ناطقةٌ بالحبِّ سَمْحاءُ
لكم بحاضركم من دهركم نُهَزٌ / فيها لغابركم بعثٌ وإحياءُ
شُدُّوا على العروة الوثقى سواعدكم / لا يَصدَعنَّكمو بالخلف مشَّاءُ
لم تنأَ بغدادُ عن مصر ولا بَعُدَتْ / لبنانُ والمسجدُ الأقصى وشهباءُ
أيُّ التخوم تناءَتْ بين أربعها / لها من الروح تقريبٌ وإدناءُ
أرضٌ عليها جرى تاريخنا وجرى / دمٌ به كَتَبَ التاريخَ آباءُ
مباركٌ غرسُهُ منه بأندلس / والقادسيّة واليرْمُوكِ أجناءُ
خوالدُ النفح لم يذهبْ بنَضرَتها / حرٌّ وقرٌّ وإصباحٌ وإمساءُ
إيهٍ بني الشرق فالأبصارُ شاخصةٌ / لما تُعدُّونَ والآذان إصغاءُ
يستطلعُ الشرقُ ما يجري به غدُه / يا شرقُ إنَّ غداً هدمٌ وإنشاءُ
بصيحة السِّلم لا يأخذْكَ إغراءُ / فللمطامع إغراءٌ وإغواءُ
تفتَّحتْ صُحفُ الأيام وانبعثتْ / أقلامُها وصَغَتْ كتبٌ وأنباءُ
وطأطأتْ أممٌ مقهورةٌ ورنا / أنصارُ حقٍّ على الجلَّى أودَّاءُ
مسّتهمو الحربُ مسّ المرمَضين بها / فما تشكو ولا شكّوا ولا راؤوا
في عالم الغد ماذا قد أُعدَّ لهم / وما ترَى أُممٌ في الحرب غلباءُ
خَطَّت مواثيق للإنسان واشترعتْ / بناءَ دنيا لها الإحسانُ بنّاءُ
إني أخاف عليها أن تضيعَها / يدٌ مُبرَّأة للسلم بيضاءُ
في ساعةٍ من خُمار النصر سامرُها / لما جرى من عهود الأمس نسَّاءُ
فقُدْ شراعكَ لا تُسلِم أزمَّته / لغير كفّكَ إنَّ الريحَ هوجاءُ
يا شرقُ مجدُكَ إنْ لم تُرس صخرتهُ / يداكَ أنت فقد أخلتهُ أهواءُ
يا شرقُ حقُّكَ إنْ لم تحمِ حوزتَهُ / صدورُ قومك لم تُنقذهُ آراءُ
والكونُ ملحمةٌ كبرى جوانبها / دمٌ ونارٌ وإعصارٌ وظلماءُ
أكان عندكَ هذا الموتُ يصنعه / بكفّهِ آدمُ العاصي وحواءُ
من ذات أجنحة يخشى مسابحها / غولٌ ونسرٌ وتِنِّينٌ وعنقاءُ
شأتْ خطاها بساطَ الريح وانطلقت / والأرضُ من هولها سوداءُ حمراءُ
تعلو وتنقضُّ وشكَ اللَّمْحِ صاعقةً / يكاد منها يُصيب النجمَ إغماءُ
وزاحفاتٍ من الفولاذ قد هُصِرَتْ / من ثقلهنّ لصدر الأرض أحناءُ
إنْ صَعَّدتْ فالجبالُ الشمُّ هاويةٌ / أو عربدت فالصخورُ الصمُّ أشلاءُ
لم يَخلُ من شرها ماءٌ ويابسةٌ / أو تنجُ من غدرها غابٌ وصحراءُ
يا شرقُ يومُك لا تُخطئ سوانحه / فليس تُغفَرُ بعد اليوم أخطاءُ
في عهد فاروق طاب الملتقى وعلى / جنَّاتِهِ لقِيَ القربى الأحبَّاءُ
حَمَى العروبةَ أعراقاً ومدَّ لها / خِصباً لها فيه إنباتٌ وإزكاءُ
وباكرتها سماءٌ من مآثره / فيها لكلِّ صنيعٍ منه لألاءُ
عباقرُ الشَّرق هم آباؤه وهمو / ملوكُهُ الصِّيد والشمُّ الأعزاءُ
يا عصبة الوحدة الكبرى وعصمتَها / هذي طوالعكم جلواءُ غراءُ
ودِدْتُ لو شِدْتُ بالأسماء شاديةً / بها ربوعٌ حبيباتٌ وأرجاءُ
وما أُسمِّي فتىً شتَّى مناقبُهُ / إنَّ المناقب للفتيان أسماءُ
المصطفى وحواريُّوهُ إنْ ذُكِرُوا / فالشرقُ مَنبهةٌ والغربُ أصداءُ
وكلكم عن حمى أوطانه بطلٌ / مستقتلٌ قرشيُّ الرُّوح فدَّاءُ
باللّهِ إن جئتمو الوادي وناسمكم / ثرَاهُ فهو أزاهيرٌ وأنداءُ
وطاف بالذكريات الأمسُ واستبقتْ / بالدمع عينٌ وبالأشواقِ حوباءُ
فاقضوا حقوقَ إخاءٍ تستجير به / أُختٌ لكم في صراع الدهر عزلاءُ
طعامها من فُتات العيش مسغبةٌ / وريُّها منهُ إيلامٌ وإشقاءُ
أحَلَّها ذَهَبُ الشَّاري وحرَّمَها / عصرٌ به حُرِّرَ القومُ الأذلَّاَءُ
حَرْبانِ أثخنتاها أدمعاً ودماً / تنزو بها مهجةٌ كلْمى وأحشاءُ
هذي فلسطين أو هذي روايتُها / ماذا تقولون إنْ لم يُحسَمِ الداءُ
تطلَّعتْ لكمو ولهى أليس لها / على يديكم من العلَّاتِ إبراءُ
حملتمو العهدَ فيها عن أبوّتكم / إنَّ البنين لحمل العهد أكفاءُ
مسراكَ نورٌ وأنسامٌ وأنداءُ
مسراكَ نورٌ وأنسامٌ وأنداءُ / فاخفقْ شراعي وطِرْ يصدحْ لك الماءُ
يا أيها القلقُ الحيرانُ كم أملٍ / تشدو به موجةٌ في البحر عذراءُ
يحدوكَ بالنغم السكرانِ أرغنُها / في مَسْبحٍ ماؤه زهرٌ وصهباءُ
أما ترَى البحرَ يبدو في مفاتنهِ / لكل حُبٍّ جديدٍ فيه أجواءُ
وفجرهُ صائدٌ طارتْ بمهجتِهِ / حوريَّةٌ في فجاج اليمِّ شقراءُ
وليلهُ مرقصٌ تغشاهُ غانيةٌ / في مُطرَفٍ أسود وشَّاهُ لألاءُ
شتَّى مواكبَ من حورٍ وآلهةٍ / لها التفاتٌ إلى الماضي وإصغاءُ
تهزُّها بقديم الشوقِ أشرعةٌ / مرنَّحاتٌ تُغنِّيهن أنواءُ
يقودهنَّ على الأمواج في مَرحٍ / ملاَّح وادٍ له بالتِّيه إِغراءُ
ما بين عينيه سال البرقُ مبتسماً / واستضحكتْ قلبَهُ مُزنٌ وهوجاءُ
زوَتهُ عنها السنون السبعُ واختلفتْ / عليه من بعدها نُعْمَى وبأساءُ
مُغَرَّباً في ديارٍ من عشيرته / بها الأحبَّةُ حُسَّادٌ وأعداءُ
وقيلَ كفَّتْهُ عن دنيا شواردهِ / بيضاءُ من شَعَراتِ الرأس غرّاءُ
لا يا غرامي وهذا الفنُّ مِلءُ دمي / بالنَّار والصَّبواتِ الحمر مشَّاءُ
ما أَفلَتتْ من يدي غيداءُ عاصيةٌ / إلا وعادتْ إليها وهي سمحاءُ
وذاك شاطئنا المسحور تزحُمُهُ / من ذكرياتكَ أطيافٌ وأصداءُ
على الصخور الحواني من مَشارفهِ / ربَّاتُ وحيٍ وأشواقٌ وأهواءُ
أقمن منتظراتٍ ما شكونَ ضنىً / وقد تعاقبَ إِصباحٌ وإِمساءُ
حتى رأتني على بُعْدٍ مطوَّقةٌ / مجروحةُ الصوتِ ولهى اللحن سجواءُ
همَّتْ تُغنّي فكانت نبأةً وصدىً / صَحَتْ لوقعهما دوحٌ وأفياءُ
عرائسَ الشعر قد عاد الحبيبُ وفي / عينيه سهدٌ وتعذيبٌ وإِضناءُ
آب المغامرُ من دنيا متاعبه / أما لهُ راحةٌ منها وإِغفاءُ
دعِيهِ يحلُمْ بأن البحر في دعةٍ / والريحَ ناعمةٌ والأرضَ قمراءُ
وأنها في ظلال السِّلم نائمةٌ / وأنها جنَّةٌ للحبِّ غنَّاءُ
وقرِّبي كأسهُ واصغي لمزهره / يُسْمِعْكِ أَشجى نشيدٍ زفَّهُ الماءُ
وقيل لبنانُ سحرُ الشرق فاندفعتْ / سفينةٌ وهفتْ بالشوق دأماءُ
أَوحى له الشرقُ أنَّا من أحبَّتِهِ / وأننا في الهوى أهلٌ أودَّاءُ
فقرَّبتنا وشفَّتْ عن بشاشته / به قُرىً كربوع الخلد شجراءُ
في كل مُنْحدرٍ منها ومرتفع / مسحورةُ النَّبع ريَّا النَّبت جلواءُ
فَعُلِّقَتْ بمغانيه نواظرُنا / وقبَّلتْ نسمات الأرز حوباءُ
واستقبلتنا طيورٌ في مناقرها / شدوٌ وزيتونةٌ للشرقِ خضراءُ
تُرقِّصُ الموجَ إنْ مَسَّتْهُ أجنحُها / كقلبِ آدمَ إذ مَسَّتْهُ حواءُ
في ساحلٍ من خرافاتٍ وأخْيلةٍ / بهنَّ لبنانُ روَّاحٌ وغدَّاءُ
لاحتْ على سفحه بيروتُ فاتنةً / صبيَّةً وهي مثلُ الدهر شمطاءُ
توسَّدتْ صخرةَ الآباد والتفتتْ / ترعى سفائنُ من راحوا ومن جاؤُوا
أتلك بيروتُ أم من بابلٍ صُوَرٌ / معلقاتٌ لها بالسحر إِيحاءُ
شُغْلُ العباقرة الشادين من قِدَمٍ / مجددين لهمْ في المجد أسماءُ
وأومأتْ بالهوى عاليُّ فاعتنقتْ / من حولنا ثَمَّ أظلالٌ وأضواءُ
قامتْ تُنَسِّقُ من ماءٍ ومن شجرٍ / فكلُّ ناحيةٍ زهرٌ وأجناءُ
كأنما نُبِّئَتْ من عشتروت لقىً / فازَّينتْ فهي سيقانٌ وأثداءُ
تقول يا ربَّةَ الحسن انظري وصِفي / أفوقَ واديكِ مثلي اليوم حسناءُ
عاليُّ رِفقاً بأَبصارٍ مُدلَّهَةٍ / لَها إِلى الحُسنِ بالأَلبابِ إِفضاءُ
عاليُّ إنَّا نشاوى من هوىً وأسىً / إنَّا محبُّون يا عاليُّ أنضاءُ
وحانَ بَعدُ وداعٌ من فرادسها / وقد جَرَتْ بخُطى الشمس المُليْساءُ
فاغرورقتْ بدموعِ الوجدِ أعيننا / وأشفَقَتْ من وجيب القلب أحناءُ
وسار عنها شراعٌ حائرٌ قلِقٌ / له إلى الغَرْبِ بالأسفارِ إِيماءُ
يا بحرُ ما بكَ هل مَسَّتكَ عاصفةٌ / أم استخفَّكَ إِزبادٌ وإِرغاءُ
أشاقك الغربُ أم شفَّتكَ موجدةٌ / لما خَبَتْ من ربوعِ الشرق أسناءُ
هذي السماءُ صفاءٌ والدُّجى قمَرٌ / للحسن فيه وللعشَّاق ما شاؤوا
يا بحرُ ما بكَ ما بي مصرُ ما بَعُدَتْ / ولي إليها بهذا الشعر إِسراءُ
عَجِبْتُ والعصرُ حرّ كيف في يدها / هذا الحديدُ له حَزٌّ وإِدماءُ
أقسمتُ لا رجعتْ بي فيكَ جاريةٌ / إنْ لم تجىء عن جلاءِ القوم أنباءُ
وأن مصر بحريَّاتها ظفِرتْ / فأهلها اليوم أحرارٌ أعزَّاءُ
أقسمتُ إلَّا إذا نادتْ بِفتيتها / فهبَّ مستقتلٌ عنها وفدّاءُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025