القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 3
لا القوم راحوا بأخبار ولا جاءوا
لا القوم راحوا بأخبار ولا جاءوا / ولا لقلبك عن ليلاك أنباءُ
جفا الربيع ليالينا وغادرها / وأقفر الروض لا ظل ولا ماءُ
يا شافي الداء قد أودى بي الداء / أما لذا الظمأ القتال إرواءُ
ولا لطائر قلب أن يقر ولا / لمركب فزع في الشط إرساءُ
عندي سماء شتاء غير ممطرةٍ / سوداء في جنبات النفس جرداء
خرساء آونة هوجاء آونة / وليس تخدع ظني وهي خرساء
وكيف تخدعني البيداء غافية / وللسواقي على البيداء إغفاء
أأنت ناديتِ أم صوت يخيل لي / فلي إليك بإذن الوهم إصغاء
لبيك لو عند روحي ما تطير به / وكيف ينهض بالمجروح إعياء
تفرق الناس حول الشط واجتمعوا / لهم به صخب عالٍ وضوضاءُ
وآخرون كسالى في أماكنهم / كأنهم في رمال الشط أنضاء
هم الورى قبل إفساد الزمان لهم / وقبل أن تتحدى الحب بغضاء
ضاقت نفوسٌ بأحقاد ولو سلمت / فإنها كسماء البحر روحاء
تألقت شمس ذاك اليوم واضطرمت / كأنها شعلٌ في الأفق حمراء
طابت من الظل ظل القلب ناحية / لنا وقد صليت بالحر أنحاء
مالي بهم أنت لي الدنيا بأجمعها / وما وعت ولقلبي منك إغناءُ
لو أنه أبدٌ ما زاد عن سنة / ومدة الحلم بالجفنين إغفاء
أرنو إليك وبي خوف يساورني / وأنثني ولطرفي عنك إغضاء
إذا نطقت فما بالقول منتفع / وإن سكت فإن الصمت إفشاء
وأيما لفظة فالريح ناقلة / والشط حاكٍ لها والأفق أصداء
يا ليل من علم الأطيار قصتنا / وكيف تدري الصبا أنا أحِباء
لما أفقنا رأينا الشمس مائلة / إلى المغيب وما للبين إرجاءُ
شابت ذوائب وانحلت غدائرها / شهباء في ساعة التوديع صفراء
مشى لها شفق دامٍ فخضبها / كأنه في ذيول الشعرِ حِناء
يا من تنفس حر الوجد في عنقي / كما تنفس في الأقداح صهباء
ومن تنفستُ حر الوجد في فمه / فما ارتويت وهذا الري إظماء
ما أنت عن خاطري بالبعد مبتعد / ولن تواريك عن عينيّ ظلماء
لا القوم راحوا بأخبارٍ ولا جاؤوا
لا القوم راحوا بأخبارٍ ولا جاؤوا / ولا لقلبِكَ عن ليلاكَ أنباءُ
جفا الربيع ليالينَا وغادرها / وأقفرَ الروضُ لا ظلٌّ ولا ماءُ
يا شافيَ الداءِ قد أودى بيَ الداءُ / أما لهذا الظما القتَّالِ إرواءُ
ولا لطائرِ قلبٍ أن يقَرَّ ولا / لموكبٍ فَزِعٍ في الشطِّ إرساءُ
عندي سماءُ شتاءٍ غيرُ ممطرةٍ / سوداءُ في جنَبَاتِ النفسِ جرداء
هوجاءُ آونةً خرساءُ آونةً / وليس تخدعُ ظنّي وَهيَ خرساء
فكم سجا الليلُ إِلا هامسٌ قَلِقٌ / كأنه نَفَسٌ في الليلِ مَشَّاءُ
أأنتِ ناديتِ أم صوتٌ يُخَيَّلُ لي / فلي إِليك بأُذنِ الوهمِ إصغاءُ
لبيكِ لو عندَ روحي ما تطيرُ به / وكيفَ ينهضُ بالمجروحِ إعياءُ
لِمَن قيامي وبعثي هذه صورٌ / لا تصطبي وتماثيلُ وأزياءُ
ومعرضُ أجوف المعنى وأسماءٌ / مذ آذنتنا بهذا البينِ أسماءُ
يا ليلُ كلُّ نهارٍ ميِّتٌ فإذا / ناديت قامَ كما للبعثِ إِحياءُ
وليس يبلى نهارٌ في هواكِ مضى / هيهاتَ ينسيه إصباحٌ وإمساءُ
طابَ اللقاء به لاثنينِ فانفرَدَا / فتىً به سقمٌ بادٍ وحسناءُ
جمالُهَا توبةُ الدنيا وعزتُهَا / كفارةٌ عن ذنوبِ الدهرِ بيضاءُ
وشعرُهَا الفحمُ انسابت جَدَاوِلُه / تكادُ تسطعُ حُسناً وَهي سوداءُ
نامت به خصلٌ واسترسلت خُصَلٌ / لهَا وللعاجِ خلفَ الليلِ إغراءُ
توهجت شمسُ ذاك اليومِ واضطرمت / كأنها شُعَلٌ في الأفقِ حمراءُ
تَفَرّقَ الناسُ حول الشطٍِّ واجتمعوا / لهم به صخبٌ عالٍ وضوضاءُ
وآخرونَ كسالى في أماكنهم / كأنهم في رمالِ الشطِّ أنضاءُ
تحللوا من قيودِ العيشِ وانطلقوا / لا هُم أُسَارى ولا فيهم أرِقَّاءُ
تَنَزَّلَ الدهرُ يوماً عن مشيئته / وحكمِه فَلَهُم في الدهرِ ما شاءوا
هُمُ الورى قبلَ إِفسادِ الزمانِ لهم / وقبلَ أن تتحدَّى الحبَّ بغضاءُ
لَم يُخلقوا وبهم من نفسهم عِلَلٌ / لكن حضارةُ هذا العالمِ الداءُ
ضاقت نفوسٌ بأحقادٍ ولو سلمت / فإنها كسماءِ البحرِ روحاءُ
ما لي بهم أنتِ لي الدنيا بأجمعهَا / وما وعت ولقلبي منكِ إِغناءُ
لو كان لي أبدٌ ما زادَ عن سنَةٍ / ومدةُ الحلمِ بالجفنينِ إغفاءُ
أرنو إليكِ وبي خوفُ يساورني / وأَنثَني ولطرفي عنكِ إِغضاءُ
إذا نطقتُ فما بالقولِ منتفعُ / وإن سكتُّ فإنَّ الصمتَ إِفشاءُ
أحَبَّكِ القلبُ حباً ما هتكتُ له / سرّا ولا مستطاعٌ فيه إِخفاءُ
وأيما خطرةٌ فالريحُ ناقلةٌ / والشطُّ حاكٍ لها والأفقُ أصداءُ
يا ليل من عَلَّمَ الأطيارَ قصتَنَا / وكيفَ تدري الصَّبَا أَنَّا أَحباءُ
لمَّا أفقنَا رأينَا الشمسَ مائلةً / إِلى الوداعِ وما للبينِ إِرجاءُ
شابت ذوائبُ وانحلَّت غدائرُهَا / شهباءُ في ساعةِ التوديعِ صفراءُ
مَشَى لها شفقٌ دامٍ فخضَّبَها / كأنه في ذيولِ الشعرِ حِنَّاءُ
يا من تَنَفَّسَ حَرَّ الوجدِ في عُنُقي / كما تَنَفَّسُ في الأقداحِ صهباءُ
ومَن تنفستُ حرَّ الوجدِ في فمه / فما ارتويتُ وهذا الريُّ إِظماءُ
ما أنتَ عن خاطري بالبعد مبتعد / ولن توارِيكَ عن عينيَّ ظلماءُ
ذات مساء صفا المساء
ذات مساء صفا المساء / وليسَ في خاطري صفاء
يخيّمُ الليلُ في فؤادي / والبدرُ في قبة السماء
والسُحبُ لما انتشرنَ بيضاً / أثوابُ عرسٍ على الفضاء
يلبسها غيمةً فأخرى / يختارُ منها الذي يشاء
أو يخلُع الغيمَ ثم يبدو / طفلاً مصوغاً من الضياء
ما يبرحُ الكونُ في صباه / مجدَّدَ الحسنِ والرواء
ما يبرح الكونُ غيرَ أني / قد دبَّ في نفسي الفناء
فمن عَياءٍ إِلى كلالٍ / ومن كلالٍ إِلى عياء
كم احتمَلنا وكم صبرنَا / والعيشُ صبرٌ وكبرياء
وكم نسينَا وكم محَونَا / وكم غفرنَا لمن أساء
وما عتبنَا على حبيبٍ / لكن عتبنَا على القضاء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025