القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 5
أَعلى المَمالِكِ ما كُرسِيُّهُ الماءُ
أَعلى المَمالِكِ ما كُرسِيُّهُ الماءُ / وَما دِعامَتُهُ بِالحَقِّ شَمّاءُ
يا جيرَةَ المَنشِ حَلّاكُم أُبُوَّتُكُم / ما لَم يُطَوِّق بِهِ الأَبناءُ آباءُ
مُلكٌ يُطاوِلُ هذي الشَمسَ عِزَّتُهُ / في الغَربِ باذِخَةٌ في الشَرقِ قَعساءُ
تَأوي الحَقيقَةُ مِنهُ وَالحُقوقُ إِلى / رُكنٍ بَناهُ مِنَ الأَخلاقِ بَنّاءُ
أَعلاهُ بِالنَظَرِ العالي وَنَطَّقَهُ / بِحائِطِ الرَأيِ أَشياخٌ أَجِلّاءُ
وَحاطَهُ بِالقَنا فِتيانُ مَملَكَةٍ / في السِلمِ زَهرُ رُبىً في الرَوعِ أَرزاءُ
يُستَصرَخونَ وَيُرجى فَضلُ نَجدَتِهِم / كَأَنَّهُم عَرَبٌ في الدَهرِ عَرباءُ
وَدَولَةٌ لا يَراها الظَنُّ مِن سِعَةٍ / وَلا وَراءَ مَداها فيهِ عَلياءُ
عَصماءُ لا سَبَبُ الرَحمَنِ مُطَّرَحٌ / فيها وَلا رَحِمُ الإِنسانِ قَطعاءُ
تِلكَ الجَزائِرُ كانَت تَحتَهُم رُكناً / وَراءَهُنَّ لِباغي الصَيدِ عَنقاءُ
وَكانَ وُدُّهُمُ الصافي وَنُصرَتُهُم / لِلمُسلِمينَ وَراعيهِم كَما شاؤوا
دُستورُهُم عَجَبُ الدُنيا وَشاعِرُهُم / يَدٌ عَلى خَلقِهِ لِلَّهِ بَيضاءُ
ما أَنجَبَت مِثلَ شيكِسبيرَ حاضِرَةٌ / وَلا نَمَت مِن كَريمِ الطَيرِ غَنّاءُ
نالَت بِهِ وَحدَهُ إِنكِلتِرا شَرَفاً / ما لَم تَنَل بِالنُجومِ الكُثرِ جَوزاءُ
لَم تُكشَفِ النَفسُ لَولاهُ وَلا بُلِيَت / لَها سَرائِرُ لا تُحصى وَأَهواءُ
شِعرٌ مِنَ النَسَقِ الأَعلى يُؤَيِّدُهُ / مِن جانِبِ اللَهِ إِلهامٌ وَإيحاءُ
مِن كُلِّ بَيتٍ كَآيِ اللَهِ تَسكُنُهُ / حَقيقَةٌ مِن خَيالِ الشِعرِ غَرّاءُ
وَكُلِّ مَعنىً كَعيسى في مَحاسِنِهِ / جاءَت بِهِ مِن بَناتِ الشِعرِ عَذراءُ
أَو قِصَّةٍ كَكِتابِ الدَهرِ جامِعَةٍ / كِلاهُما فيهِ إِضحاكٌ وَإِبكاءُ
مَهما تُمَثَّل تُرَ الدُنيا مُمَثَّلَةً / أَو تُتلَ فَهيَ مِنَ الإِنجيلِ أَجزاءُ
يا صاحِبَ العُصُرِ الخالي أَلا خَبَرٌ / عَن عالَمِ المَوتِ يَرويهِ الأَلِبّاءُ
أَمّا الحَياةُ فَأَمرٌ قَد وَصَفتَ لَنا / فَهَل لِما بَعدُ تَمثيلٌ وَإِدناءُ
بِمَن أَماتَكَ قُل لي كَيفَ جُمجُمَةٌ / غَبراءُ في ظُلُماتِ الأَرضِ جَوفاءُ
كانَت سَماءَ بَيانٍ غَيرَ مُقلِعَةٍ / شُؤبوبُها عَسَلٌ صافٍ وَصَهباءُ
فَأَصبَحَت كَأَصيصٍ غَيرَ مُفتَقَدٍ / جَفَتهُ رَيحانَةٌ لِلشِعرِ فَيحاءُ
وَكَيفَ باتَ لِسانٌ لَم يَدَع غَرَضاً / وَلَم تَفُتهُ مِنَ الباغينَ عَوراءُ
عَفا فَأَمسى زُنابى عَقرَبٍ بَلِيَت / وَسُمُّها في عُروقِ الظُلمِ مَشّاءُ
وَما الَّذي صَنَعَت أَيدي البِلى بِيَدٍ / لَها إِلى الغَيبِ بِالأَقلامِ إيماءُ
في كُلِّ أُنمُلَةٍ مِنها إِذا اِنبَجَسَت / بَرقٌ وَرَعدٌ وَأَرواحٌ وَأَنواءُ
أَمسَت مِنَ الدودِ مِثلَ الدودِ في جَدَثٍ / قُفّازُها فيهِ حَصباءٌ وَبَوغاءُ
وَأَينَ تَحتَ الثَرى قَلبٌ جَوانِبُهُ / كَأَنَّهُنَّ لِوادي الحَقِّ أَرجاءُ
تُصغي إِلى دَقِّهِ أُذنُ البَيانِ كَما / إِلى النَواقيسِ لِلرُهبانِ إِصغاءُ
لَئِن تَمَشّى البِلى تَحتَ التُرابِ بِهِ / لا يُؤكَلُ اللَيثُ إِلّا وَهوَ أَشلاءُ
وَالناسُ صِنفانِ مَوتى في حَياتِهُمُ / وَآخَرونَ بِبَطنِ الأَرضِ أَحياءُ
تَأبى المَواهِبُ فَالأَحياءُ بَينَهُمُ / لا يَستَوونَ وَلا الأَمواتُ أَكفاءُ
يا واصِفَ الدَمِ يَجري هَهُنا وَهُنا / قُمِ اُنظُرِ الدَمَ فَهوَ اليَومَ دَأماءُ
لاموكَ في جَعلِكَ الإِنسانَ ذِئبَ دَمٍ / وَاليَومَ تَبدو لَهُم مِن ذاكَ أَشياءُ
وَقيلَ أَكثَرَ ذِكرَ القَتلِ ثُمَّ أَتَوا / ما لَم تَسَعهُ خَيالاتٌ وَأَنباءُ
كانوا الذِئابَ وَكانَ الجَهلُ داءَهُمو / وَاليَومَ عِلمُهُمُ الراقي هُوَ الداءُ
لُؤمُ الحَياةِ مَشى في الناسِ قاطِبَةً / كَما مَشى آدَمٌ فيهِم وَحَوّاءُ
قُم أَيِّدِ الحَقَّ في الدُنيا أَلَيسَ لَهُ / كَتيبَةٌ مِنكَ تَحتَ الأَرضِ خَرساءُ
وَأَينَ صَوتٌ تَميدُ الراسِياتُ لَهُ / كَما تَمايَدَ يَومَ النارِ سَيناءُ
وَأَينَ ماضِيَةٌ في الظُلمِ قاضِيَةٌ / وَأَينَ نافِذَةٌ في البَغيِ نَجلاءُ
أَيَترُكُ الأَرضَ جانوها وَلَيسَ بِها / صَحيفَةٌ مِنكَ في الجانِينَ سَوداءُ
تَأوي إِلَيها الأَيامى فَهيَ تَعزِيَةٌ / وَيَستَريحُ اليَتامى فَهيَ تَأساءُ
سُوَيجعَ النيلِ رِفقاً بِالسُوَيداءِ
سُوَيجعَ النيلِ رِفقاً بِالسُوَيداءِ / فَما تُطيقُ أَنينَ المُفرَدِ النائي
لِلَّهِ وادٍ كَما يَهوى الهَوى عَجَبٌ / تَرَكتَ كُلَّ خَلِيٍّ فيهِ ذا داءِ
وَأَنتَ في الأَسرِ تَشكو ما تُكابِدُهُ / لِصَخرَةٍ مِن بَني الأَعجامِ صَمّاءُ
اللَهُ في فَنَنٍ تَلهو الزَمانَ بِهِ / فَإِنَّما هُوَ مَشدودٌ بِأَحشائي
وَفي جَوانِحِكَ اللاتي سَمَحتَ بِها / فَلَو تَرَفَّقتَ لَم تَسمَح بِأَعضائي
ماذا تُريدُ بِذي الأَنّاتِ في سَهَري / هَذي جُفوني تَسقي عَهدَ إِغفائي
حَسبُ المَضاجِعِ مِنّي ما تُعالِجُ مِن / جَنبي وَمِن كَبِدٍ في الجَنبِ حَرّاءِ
أُمسي وَأُصبِحُ مِن نَجواك في كَلَفٍ / حَتّى لَيَعشَقُ نُطقي فيكِ إِصغائي
اللَيلُ يُنهِضُني مِن حَيثُ يُقعِدُني / وَالنَجمُ يَملَأُ لي وَالفِكرُ صَهبائي
آتي الكَواكِبَ لَم أَنقُل لَها قَدَماً / لا يَنقَضي سَهَري فيها وَإِسرائي
وَأَلحَظُ الأَرضَ أَطوي ما يَكونُ إِلى / ما كانَ مِن آدَمٍ فيها وَحَوّاءِ
مُؤَيَّداً بِكَ في حِلّي وَمُرتَحَلي / وَما هُما غَيرُ إِصباحي وَإِمسائي
توحي إِلَيَّ الَّذي توحي وَتَسمَعُ لي / وَفي سَماعِكَ بَعدَ الوَحيِ إِغرائي
يا وَيحَ أَهلِيَ أَبلى بَينَ أَعيُنِهِم
يا وَيحَ أَهلِيَ أَبلى بَينَ أَعيُنِهِم / وَيَدرُجُ المَوتُ في جِسمي وَأَعضائي
وَيَنظُرونَ لِجَنبٍ لا هُدوءَ لَهُ / عَلى الفِراشِ وَلا يَدرونَ ما دائي
شأنك والدمع والبكاء
شأنك والدمع والبكاء / لا تدخر في الشؤون ماء
لا تذكر الصبر في مصاب / تجاوز الصبر والعزاء
لا خير في الصبر والتأسى / إذا هما عارضا الوفاء
أبكى الأخلاء في ديار / من أنسهم أصبحت خلاء
من حق إخوانك القدامى / إن تسقى العهد والإخاء
إن البكى فاسترح إليه / يصرف للراحة العناء
من خلق الحزن كان أحرى / أن يخلق الدمع والبكاء
تبارك الله من طبيب / قد خلق الداء والدواء
رب خليل بكيت أرجو / لحقه بالبكى قضاء
ولو يردّ القضاءَ دمع / لحولت أدمعي القضاء
ومثل عبد اللطيف يُبكى / ويتبع الذكر والثناء
فتى كلدن القنا اهتزازا / ومرهفات الظُبى مضاء
صوّره الله صالحات / وصاغ أجزاءه حياء
وزاده ما حبا أباه / متانة الدين والإباء
وأضلعا لا تقاس طهرا / بها الغوادي ولا نقاء
ما كان قسّا ولا زيادا / ولا بسحر البيان جاء
لكن إذا قام قال صدقا / وجانب الزور والرياء
سبحان من قاته غدوا / وكف عن قوته عشاء
ومن أتانا بالشمس صبحا / ومن تولى بها مساء
يالكِ دنيا لذّت نعيما / للقوم واستعذبت بلاء
إذا أنتهينا منها تساوى / ماسرّ من حالها وساء
الطفل يحبو إليك حبا / والشيخ يمشى لك انحناء
إليك عبداللطيف دمعا / ألَّفت منثوره رثاء
قوافيا كنت تشتهيها / واليوم تبدى لها جفاء
كم قمت من موقف لمصر / وكنت من دونها وقاء
ونبت عنها في مجلسيها / نيابة كانت الغناء
ألست من فتية شِهام / سنّوا المحاماة والرماء
فتاهم بالشباب ضحى / ما أعظم الذبح والفداء
ومات أبطالهم جياعا / في غير أوطانهم ظِماء
ولو أرادوا متاع دنيا / لأدركوا الحكم والثراء
قضية الحق منذ قامت / لم تأل أركانَها بناء
تحذو على مصطفى وتبنى / جيلا من الحق أقوياء
شرعتمو للشباب دينا / كدينهم بيِّنا سواء
لما أتيم به جعلتم / رأس تعاليمه الجلاء
جمعتم مصر ثم سرتم / فكنتم الجمع واللواء
وما عرفتم لغير مصر / وغير أحبابها ولاء
لم تمسحوا للعميد رأسا / ولا نفضتم له حذاء
وعابثٍ بالرفات يبنى / حوادث الأمس كيف شاء
يقول كنتم للترك حزبا / وعاهلِ الترك أولياء
ويشهد الله ما أتيتم / إلا هدى الرأى والدهاء
داريتمو في سبيل مصر / سيادة أصبحت هباء
سيروا إلى الله فهو أولى / بكم وأوفى لكم جزاء
لا غبن بالحق إن ذهبتم / فان للفكرة البقاء
أمسى وأصبح من نجواك في كلف
أمسى وأصبح من نجواك في كلف / حتى ليعشق نطقي فيك إصغائي
الليل يُنهضني من حيث يقعدني / والنجم يملأ لي والنور صهباني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025