المجموع : 263
لا يكشف الله عن وهب بن إسحاقِ
لا يكشف الله عن وهب بن إسحاقِ / من البلاء سماء ذات إطباقِ
قالوا الخبيث قد استسقى فقلت لهم / لا يشفه طبُّ ذي طبٍّ ولا راق
قد كان يكثر من هاضوم غلمته / بجهده لو وقاه حتفه واقي
لا يُرجَ بعدك للهاضوم منفعةٌ / إن متَّ في الماء يا وهب بن إسحاق
إذا دعا لك داع قلت حينئذ / لا زال من وصب الشكوى على ساق
أإن رأيت حيائي خلته خنَثاً / قد غُرَّ من غر من أفعى بإطراق
بمثل ظنك هذا يا أبا حسن / أمِنتَ كل مُمَرِّ المتن غرناق
حتى عثوا في نساء كالدمى عُرُبٍ / إذ لم يكن بينهم باب بمغلاق
أحسنت ظنك جداً بالرجال فكن / على محاذرة منهم وإشفاق
لا تعدم الماء من سقيا ويعقبه / سقياك في النار من مهل وغساق
ما لي يزاحمني الخُلصانُ في طرقي
ما لي يزاحمني الخُلصانُ في طرقي / ولا أزاحمه بالشعر في طُرُقِهْ
لا يجهلن على حلمي أخو ثقة / فالجهل من خلقي إن كان من خلقه
قل للمسمَّى بما تكنى الكلاب به
قل للمسمَّى بما تكنى الكلاب به / قولاً سيلحقه عاراً فيلحقُهُ
يا مبتلىً ببلاءٍ لا ثواب له / يوم الحساب ولكن سوف يوبقه
ما قلت فيك هجاء خلته كذباً / إلا بدت منك سوءات تحققه
أنَّى اجتبيت أبا حفص وصحبته / حتى غدوت تؤاخيه فتصدقه
بالله ربك هل شبَّهت صلعته / برأس أير عظيم كنت تعشقه
الدمع في العين لا نوم ولا نظرٌ
الدمع في العين لا نوم ولا نظرٌ / ولا محالة من معنىً له خُلِقا
ولم أجد ذلك المعنى وعيشكما / إلا البكاء إذا ما فاجع طرقا
فخليا أدمعي تقرو مساربها / فإنها عبرٌ إن لم يفض خنقا
رزئي أجلُّ فلا تكذب ظنونكما / من أن يُصدَّق مجلودي ولو صدقا
عزت مطالب دنيا كلِّ ذي أدبٍ
عزت مطالب دنيا كلِّ ذي أدبٍ / وهان مطلب دنيا الأنوَكِ الخَرِقِ
وقدر الله فيها أن يذللها / فهان مطلبها للجاهل الحمق
فليس ينفك ذو علم وتجربة / من مأكل جشب أو مشرب رنق
وذو الجهالة منها في بلهنية / من مسمع حسن أو منظر أنق
تبارك العدل فيها حين يقسمها / بين البرية قسماً غير متفق
لما استكن الكرى في كل ناظرة
لما استكن الكرى في كل ناظرة / وبات جفن من الواشي به شرِقا
سرى إليَّ على خوفٍ يحاذره / زور أتى تحت جنح الليل منسرقا
أخفى من الطيف إلا أن بهجته / حسناً جلت بسنا أنواره الأفقا
مضمَّخٌ بغوال علَّ مفرقه / أيدي حواضنه مسكابها عبقا
تشكو إلى قلق حيران مكتئب / صبٍّ إلى قربه الأحزان والقلقا
صوتاً تراني مجنوناً أخا كلفٍ / إذا سليمان يوماً قد به نطقا
قد سحَّب الناس أذيال الظنون بنا / وفرّق القوم فينا ظنهم فرقا
إني لأحكم في عود تحرِّقُه
إني لأحكم في عود تحرِّقُه / يا معرقاً في شقاقي أي إعراقِ
تسيء بي حين لا أجزيك سيئة / والعود يجزيك تدخيناً بإحراق
شكوى لوَ اَنِّيَ أشكوها إلى حجرٍ
شكوى لوَ اَنِّيَ أشكوها إلى حجرٍ / أصم ممتنع الأركان لانفلقا
بُنَيَّ إنَّ فضولَ الحظِّ مَبْشَمةٌ
بُنَيَّ إنَّ فضولَ الحظِّ مَبْشَمةٌ / فخذ لقوتِك بعض الحظ واتَّركِ
وكن قلنْسُوَةَ المملوك تحظَ بها / ولا تكوننَّ نعليْ بِذْلة الملكِ
قلْ للأمير أدامَ اللَّهُ نعماكا
قلْ للأمير أدامَ اللَّهُ نعماكا / وزادَ جدَّك إسعاداً وأبقاكا
يسقي السحابُ فتحكيه فتشبهُه / ولا يشبَّه سقياه بسقياكا
نضحتَ بالماء في يومٍ وقد نفحت / في عامهِ كلِّه بالماء كفّاكا
وما أردتَ بإغباب الندى قسماً / إجمامَ مالكَ بل إجمام حَسْراكا
أجممت حسرى أياديك التي ثَقُلتْ / على الكواهل حتى آدها ذاكا
كي يستريحوا فيزدادوا براحتِهم / فضلَ اضطلاعِ بما تُسدي يميناكا
وما مللتَ العطايا فاسترحْتَ إلى / إغبابها بل همُ ملّوا عطاياكا
وما نهتْهم عن المرعَى وخامتُه / لكنه أسنقَ الراعين مرعاكا
تدبَّرَ الناسُ ما دبرْتَهم فإذا / عليهمُ لا على الأموالِ بُقياكا
أمسكتَ سيْبَكَ إضراءً لرغبتهم / وما بخلتَ وما أمسكتَ ممْساكا
هذا على أنّ ظني فيك يخبرني / أن قد أتيتَ من الإفضال مأتاكا
وإن لهوتَ بنضحِ الماء آونةً / فما أراه عن المعروفِ ألهاكا
بل قد أقمتَ لعيد اللهو سُنَّتهُ / وما عدوتَ من الإحسان مجراكا
لا شأنَ يُلهيك عن شأنِ النَّدَى أبداً / إلا نظيرٌ له من شأنِ تقواكا
قد كنتُ أخطئُ في أيامِ تهنئتي / بالمهرجانِ وبالنَّيروز إياكا
وكان أصوبَ من هذاك تهنئتي / إياهما بك لو لُقِّيتُ هذاكا
إنَّ الزمانَ الذي تحيا فتبلغُهُ / يا ابنَ الكرام لمغبوطٌ بمحْياكا
فالآن أُهدي إلى النيروز تهنئتي / والمهرجانِ إذا آنا فزاراكا
ليشكرا لك أنْ فخمْتَ شأنهما / عن غير مَيْلٍ إلى الإلحادِ حاشاكا
لم تأتِ مأتاك في تعظيم قدرهما / من بابِ دينك بل من بابِ دنياكا
كادا يقاسان بالعيدين إذْ وُسِما / بوسمِ يَوْمَيْنِ من أيامِ مَلهاكا
ليسا بعيديْ صلاةٍ غيرَ أنهما / عيدا نوالٍ لمن يعترُّ جدواكا
لراحتيك إذا وافى صباحَهما / جِدٌّ وأنت تراه من هُوَيناكا
تعطي رغابَ العطايا لاعباً فكِهاً / وأنت تُحيي خلال الهزل هُلّاكا
فمهرجانُك والنيروز قد غدوا / سيان عند ذوي التقوى وعيداكا
إذ فيهما كل بر أنت فاعله / في يومِ فطرِك أو في يوم أضحاكا
إنَّ ائتمانَكَ آفاتِ الزمانِ على
إنَّ ائتمانَكَ آفاتِ الزمانِ على / نفسٍ تمرُّ بها لوعاتُ هجرانِكْ
لشاهدٌ حالفٌ للحالفينَ لها / بأنَّ سرَّك فيه مثلُ إعلانِكْ
قد أوبقتني ذنوبٌ لستُ أعرِفُها / فاجعلْ تغمُّدَها من بعض إحسانكْ
وارفُق بنفسٍ فلم تعْمَهْ وإنْ جهلَت / مقدارُ زلَّتها مقدارُ غفرانك
فإنْ أبيتَ لأيمانٍ مؤكدةٍ / فبَذْلُك العفوَ كفاراتُ أيمانك
عاقبتني بعقابٍ لا أقومُ له / وأنت تَحرَجُ من تقويمِ غلمانِك
لا تجعلنّي قذاةَ الكأسِ مقليةً / بعد اعتداديَ من منفوسِ ريحانك
واذكر وُقيتَ من النسيان أسوَأَه / كوني سُرورَك في أيام أحزانك
أيام آتيك ندماناً فتقبلُني / ولا ترى أنَّ ندمانا كندمانك
عفواً فإنّا عبيدٌ إن صمدْتَ لنا / بالجدّ قاتلتَ منا غيرَ أقرانك
بحقّ منْ أنت راجيه وخائفُهُ / جُدْ باغتفارٍ وأخْمِدْ بعض نيْرانك
وزِنْ ذنوبي بما أسلفتُ من حسنٍ / فإنني لستُ أخشى ظُلمَ ميزانك
أصبحتَ يا بن حريث اللؤم مُرتبكاً
أصبحتَ يا بن حريث اللؤم مُرتبكاً / مثل الغطاطةِ في أنشوطة الشَّرَكِ
فإن نزتْ نَشَقَتْ فيها أو اختنقتْ / وإن ونتْ وتراخَتْ فهي للدَّركِ
فلا السكونُ ينجّيها متى سكنتْ / ولا يُنفّسُ عنها شدةُ الحركِ
كذاك أنت إذا استحميتني ابتركت / فيك القوافي ابتراكاً غير متَّركِ
وإنْ سكتَّ ذليلاً غير منتصرٍ / ورتْك وارِيَةُ الأحقاد والحسكِ
شهرُ القيام وإن عظمت حرْمَته
شهرُ القيام وإن عظمت حرْمَته / شهرٌ طويلٌ ثقيلُ الظلّ والحركَهْ
يمشي الهُوَيْنا وأمَّا حين يَطْلِبُنا / فلا السُّلَيْكُ يدانيه ولا السُّلَكَهْ
كأنه طالبٌ ثأراً على فرسٍ / أجدَّ في إثر مطلوبٍ على رَمَكَهْ
أذمُّهُ غيرَ وقتٍ فيه أحمدُهُ / منذُ العِشاءِ إليهِ أن تسقَعَ الدِّيَكَهْ
وكيف أحمدُ أوقاتاَ مذممّةً / بين الدُّؤوب وبين الجوع مشتركَهْ
يا صدقَ من قال أيامٌ مباركةٌ / إن كان يكنى عن اسم الطول بالبركَهْ
لو كان عمري طريقاً ما لقيتُ به / إلا الصيامَ وإلا شهرهُ نبكَهْ
شهرٌ كأنّ وقوعي فيه مِنْ قلقي / وسوءِ حالي وقوعُ الحوتِ في الشَّبكَهْ
لو كان مولىً وكنا كالعبيد له / لكان مولىً بخيلاً سَيِّئَ الملَكَهْ
قد كاد لولا دفاعُ اللَّهُ يُسلِمُنا / إلى الرَّدى ويُؤدينا إلى الهَلَكَهْ
لم يظلم الدهْرُ أنْ توالتْ
لم يظلم الدهْرُ أنْ توالتْ / فيكم مُصيباتُه دِراكا
كُنْتُمْ تجيرُون مَنْ يُعادَى / منْه فعاداكُمُ لِذاكا
رأيتُ منكسر السكَّانِ ظاهرُهُ
رأيتُ منكسر السكَّانِ ظاهرُهُ / هَوْلٌ وتأويلُه فألٌ لمنجاكا
كسرٌ لناكِس دارٍ كنْتَ تحذَرُهُ / وصحّةٌ لك تُحيينا بمحياكا
لأن لفظة سُكَّان إذا قُلبَتْ / حروفها ناكس لا شك في ذاكا
فازجره ناكسَ داءٍ هَدَّ قوَّتَه / لك المليكُ الذي ما زال مولاكا
ولا يرُعْكَ رجوعٌ بعد مُعتزَم / ففي رُجوعك تبشيرٌ برُجْعاكا
رجعتَ حين نهاك اللَّهُ مُزْدَجراً / وكيف تَمضي ورب الناس يَنهاكا
نهاكَ بالريح حتى حلّ مَنْحسة / من المناحس ما كانت لتلقاكا
فإن أقمتَ ففي خفضٍ وفي دعةٍ / وإن ظعنتَ فربُّ الناس يرعاكا
لا زلْتَ في كلّ أمرٍ أنت فاعلُه / مبارك البدءِ مغبوطاً بعقباكا
تخذتُ عرضَك منديلاً أَمَشُّ به
تخذتُ عرضَك منديلاً أَمَشُّ به / كفّي إذا غُمِرت من عرضِك الزّهِكِ
فكفّيَ الدهرَ لا تنقى أناملها / من لحمك الغثِّ أو من عرضك الودِكِ
ما ضرَّهُ جُدَرِيٌّ حلّ وَجنتَه
ما ضرَّهُ جُدَرِيٌّ حلّ وَجنتَه / لولا النجومُ إذاً لم يحسن الفلكُ
إن العيون لتشتاقُ الرياضَ إذا / ما الزهرُ أشرقَ فيها وهوْ مُشتبكُ
ولن يزيدَ بَهاءً تاجُ مملكةٍ / حتى يرصِّعَهُ بالجوهرِ الملكُ
جرَّدتَ عَزْما لماءِ النيلِ تصرفُه
جرَّدتَ عَزْما لماءِ النيلِ تصرفُه / عن البُثوقِ إلى إسناءةِ النيلِ
تجريدَكَ العزمَ للأموالِ تعدِلُها / إلى الحقائقِ عن سُبْلِ الأباطيلِ
إذا الأصابعُ مُدّتْ نحو ذي مِننٍ / مُدَّتْ إليك بفعَّال الأفاعيل
كما إذا هي مُدت نحو ذي لسن / مُدّتْ إليك بقوَّالِ الأقاويل
جلَّتْ مساعيك أن تُنْثي إذا نُثيتْ / إلا بِقيلِك أو شرواهُ في القِيلِ
ما أحدثَ الدهرُ توعيراً لمُلتمسٍ / إلّا دُعِيتَ أبا سهلٍ لِتسهيلِ
قالوا هجاك أبو حفص ولحيتُه
قالوا هجاك أبو حفص ولحيتُه / فقلتُ ما أنصفاني في الذي فعلا
ليعتزلْ أحد القِرْنين ثم يرى / حربي إذا قذفت أرجاؤها الشعلا
أبى له اللؤُم أن يغنَى بوحدته / وأن يصادف إلا عاجزاً وكَلا
ما كان قِرنيَ لولا عونُ لحيَتِه / فقلْ له عنِّيَ احلِقها وكنْ رجلا
فإن غدتْ أجرة الحلّاقِ تعوزُه / فقد أبحتُ يديهِ نتفها خُصَلا
يا أحمد بن سعيدٍ لا تَمتْ جزعاً
يا أحمد بن سعيدٍ لا تَمتْ جزعاً / فالحبُّ طعمانِ ممرورٌ ومعسولُ
فيه مصائبُ منها ما أُصبتُ بها / وفي المصائبِ للميزان تثقيلُ
نُبِّئْتُ أنَّ محبَّاً باتَ كعثبُها / زيداً وزيدٌ بحكم النحوِ مفعولُ
باتتْ عروساً بأزواجٍ وباتَ لها / عِرسٌ لعمْرُكَ لم يشهدهُ جبريلُ
غنَّتْ نهاراً وباتتْ وهْي زامرةٌ / حتى الصباحِ وللأحوالِ تحويلُ
قالتْ محبٌّ وقد عضَّ الزيّار بها / بين الندامى وسيفُ النيك مسلولُ
زلَّ الحِمارُ وكانت تيكَ مُنْيَتُه / إن الحمارَ حمارُ السوءِ مَوْحُول
يا أحمد بن سعيدٍ لو بصُرتَ بها / إذ الأكفُّ لساقيها خلاخيلُ
يا أحمد بن سعيدٍ لو بصرت بها / وذيلُها لأيورِ القومِ منديلُ
غدا عليها بنو اللَّذاتِ فابتذلوا / من سُؤْلِ نفسك ما صان السراويلُ
إحدى المصائب فاصبرْ يا ابنَ أمِّ لها / وهل على حدثان الدهر تعويلُ
هوِّن عليكَ فإنَّ الأمر وافقَها / وكان منها اعتناقٌ فيه تقبيلُ
وشِيبَ ذاك بشوبٍ من عيارتها / بادٍ وإنْ قالت الحسناءُ مجهولُ
تساكرتْ كي يقول القائلون لها / لا يُسلبُ الحرُّ إلا وهْو مقتولُ
صبراً جميلاً فإن الصبَّ مصطبرٌ / على القرونِ وإن ألوَى بها الطُّولُ
تبذُلْ ثواباً لك الحسناءُ موعدَها / لكنَّ نائلها للمُرْدِ مبذولُ
واعلم جُزيتَ أبا العباس نافلةً / أنَّ المحبَّ له تاجٌ وإكليلُ
تاجٌ متى لاح فالإزراء يتبعه / حتماً إذا تبع التيجان تبجيلُ
فاصبرْ على التاج إن التاج محتملٌ / وإن تحمَّلت تاجاً طولُهُ مِيلُ
تيجانُ أهلِ التصابي من قرونِهمُ / قدْماً ومن صفوة العارِ الأكاليلُ
فانعمْ بحُبلاكَ واعلمْ أنها جَزَرٌ / للنيكِ قد فُعلتْ فيها الأفاعيلُ
واحمدْ إلهَك واسألهُ سلامَتَها / واقبلْ فإن قليلَ الحبّ مقبولُ
ولا تُحرّمْ على الفتيان مُتعتَها / فليس في الفتْكِ تحريمٌ وتحليلُ
لا تبخلن بمالٍ لستَ مالكَه / فلا يفُوتَنك تبخيلٌ وتضليلُ
ولا تُكلّف فتىً أودى بعُذرتها / عقلاً فإنَّ دم الأستاهِ مطلُولُ
وما يريدُ بُغاةُ النيكِ من رجلٍ / فيما أتى لطريق النيكِ تسهيلُ
ألم تُسبّلْ سبيلاً لا عُدولَ بها / عما يُحبُّون والخيراتُ تسبيلُ
ولا تَغاضبْ لتسفيلِ القريض بها / فكلُّ ما لقيتْ بالأمس تَسفيلُ
ما زال يحرثُ منها النيكُ أسفلها / والنيكُ يحرث ما لا يحرثُ البيلُ
لا تمتعِض للتي صاحتْ قوابلُها / قد التقتْ دجلةُ العوراءُ والنيلُ
واعدد لها سبعةً أو تسعةً كَملا / يقدمْ عليك دهينُ الرأسِ مكحولُ
يا ليت شعري وعِلمُ الغيب محتجبٌ / في بيتِ من ذلك المولودُ مكفولُ
في بيتها والذي حجَّ الحجيجُ له / وهل جنى الغيّ عن جانيه معدولُ
كأنني بك قد سوئِلت حينئذٍ / فقلتَ قيْلاً سديداً دُونَه القيلُ
جرَّ الصبيُّ الذي كانت تُناغِمُهُ / لنا صبيّاً وللتنزيلِ تأويلُ
تحضَّنتْ خُلَّتي عُوداً فحضَّنها / طفلاً أتاها وفي الأطفال تطفيلُ
يأتونَ لم يدعُهُم داعٍ سوى كمرٍ / لها حقائقُ أولاها الأباطيلُ
أما لقد أحسنَ استدعاءَ حامِلهِ / طفلٌ على بطنِ أمِّ الطفل محمولُ
طفلٌ أراد وصيفاً كيّساً فبكى / حتى أتاهُ مليحُ القدِّ مجدولُ
إذا ترعرعَ فهْو الدهرَ هِمَّتُهُ / وفي يديهِ إلى الأبياتِ منقولُ
كأنني بكَ والخلّانُ يومئذٍ / يُهنِّئونكَ جيلاً بعده جيلُ
وإنني مُسلفٌ إياكَ تهنئتي / وللصنائع تعجيلٌ وتأجيلُ
فقائلٌ لك قولاً لا أطوّلُهُ / وفي الأقاويل تقصيرٌ وتطويلُ
قد كثَّر اللَّهُ فيها وهْي سالمةٌ / والشملُ مجتمعٌ والحبلُ موصولُ
فاحمدْ على نعمةِ التكثيرِ واهبها / إذ لم يقعْ بدَلَ التكثيرِ تقليلُ
أعزِزْ عليَّ بأن سُرَّتْ بليلتها / وأنت صبٌّ عميدُ القلب متبولُ
أليَّةً يا كنيَّ الفيلِ صادقةً / لقد تحمَّلتَ ما لا يحملُ الفيلُ
كانت أفاعيلُ مما أنت كارهُهُ / وشيَّعتها بمكروهٍ أقاويلُ
للَّهِ فتيانُ لهوٍ مالَ مائلُهُم / إلى التعاليلِ والعيشُ التعاليلُ
والجاثليقُ مع الإنجيل يدرسُهُ / كأن عثنُونَهُ الكشخانُ إنجيلُ
يخال في فِتنِ اللاهي ضلالتَه / وإنما فِتنُ الجهلِ الأضاليلُ