القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الكل
المجموع : 244
أيّامَنا بالحِمى ما كانَ أحْلاكِ
أيّامَنا بالحِمى ما كانَ أحْلاكِ / كم بِتُّ أرعاهُ إجْلالاً وأرْعاكِ
لا تُنْكِري وَقْفَتِي ذُلّاً بِمَغْناكِ / يا دارُ لولا أحِبّائي ولولاكِ
لَما وَقَفْتُ وُقوفَ الهائِمِ الباكِي /
أحبابَ أنْفُسِنا كَمْ ذا النَّوى وكَمِ / ويا مَعاهِدَ نَجْوانا بِذِي سَلَمِ
تاللهِ ماشُبْتُ دَمْعي للأسى بِدَمِ / ولا لَثَمْتُ تُرابَ الأرْضِ مِنْ كَرَمِ
إلا مُراعاةَ خِلٍّ باتَ يَرْعاكِ /
هَلْ مِنْهُمُ ليَ عَطْفٌ بَعْدَ دَلِّهِمُ / آهاً لِقَلْبي عَلى تَبْدِيْدِ شَملِهِمُ
تاللهِ ما تسمحُ الدُّنيا بِمِثْلِهِمُ / ما كانَ أحْلاكِ يا أيَّامَ وَصْلِهِمُ
ويالَيالي الرِّضا ما كانَ أضْواكِ /
يا بدرَ تِمٍّ تَجافَتْ عَنْهُ أرْبُعُنا / وَلم يَزَلْ تَحْتَوِيهِ الدَّهْرَ أضْلُعُنا
ما لِلنَّوى بضُروبِ الوَجْدِ تُوجِعُنا / إذا ذَكَرْتُ زَماناً كانَ يَجْمَعُنا
تَفَطَّرتْ كَبدِي شَوْقاً لِمَرآكِ /
لعلَّ رَوْحَ الرِّضا يَدْنُو بِهِمْ وعَسى / فَيُثْبِتُ القُرْبُ ما بالبُعْدِ قدْ دَرَسا
كَمْ ذا أُنادِي وأشْدوا الأرْبُعَ الدُّرُسا / ياقَلبِيَ الصَّبَّ أيْنَ الصَّبْرُ عادَ أسى
ويا منازلَ سَلْمى أيْنَ سَلْماكِ /
إن تُعْتِبَ الخِلَّ في ذَنبٍ جَزاك قِلىً
إن تُعْتِبَ الخِلَّ في ذَنبٍ جَزاك قِلىً / أو تُعْفِهِ يَبْقَ طُوْلَ الدهرِ يؤذِيكا
فإنْ تُطِقْ تَجمع الضِّدَّيْنِ في نَسَقٍ / فَرُبَّما قَد تَرى خِلّاً يُواتِيكا
أَكُلُّ شاكٍ بداءِ الحُبِّ مُضْناكِ
أَكُلُّ شاكٍ بداءِ الحُبِّ مُضْناكِ / ماذا جَنَتْهُ عَلى العُشَّاقِ عَيْناكِ
قدْ كانَ لِي عن سَبيل الحُبِّ مُنْصرَفٌ / حَتَّى دَعَوْتِ لَهُ قَلْبي فَلَبَّاكِ
أيْقَظْتِه لأساه ثُمّ نِمْتِ وَما / بالَيْتِ إيَّاكِ شكوى الصَّبِّ إيّاكِ
أحْيي ذَماي وما أتْلَفْتِ مِنْ رَمَقٍ / إنْ قلتُ عِطفاكِ قالا بَلْ دَلالاكِ
كأنني لَسْتُ أدري مَنْ أراقَ دَمي / واللهِ ما بفُؤادي غَيْرُ مَرْماكِ
أسْتَغْفِرُ اللهَ لا أبْغِيكِ مَظْلَمَةً / فأنْتِ منِّيَ في حِلٍّ ومِنْ ذاكِ
كُلٌّ عَليَّ له جُنْدٌ مُجَنَّدَةٌ / يَكْفيكِ يا هِنْدُ أنّي بعضُ قَتْلاكِ
كَيْفَ الخَلاصُ لِمثْلي مِنْ هَواكِ وَقَدْ / رمىَ بيَ الوَجْدُ في أشراكِ أسْراكِ
أعْدَتْ جُفونُكِ قَلْبي حَيْرةً وضَنىً / فَهَلْ دليلٌ لقلبٍ حائرٍ شاكِ
قَدْ كُنْتُ أطْمَعُ أنْ تَصْحُو صَبابَتُهُ / لو قَدْ صَحَتْ مِنْ حُمَيّا التِّيْهِ عِطْفاكِ
زَجَرْتُ فيكِ رَسُولَ الطرفِ عن نظَرٍ / فهلْ عَلى القَلْبِ عَتْبٌ إنْ تَمَنَّاكِ
يا طَلْعَةَ الحُسْنِ تَزْهُو في مَلابِسِهِ / رُحْماكِ في أنْفُسِ العُشَّاقِ رُحماكِ
تِيْهي على الشَّمسِ واسْبي البَدْرَ مَطْلعَهُ / فإنَّما رَوْضةُ الدُّنيا مُحيَّاكِ
أقولُ والرَّوْضُ يُجْلَى في زَخارفهِ / مَنْ عَلَّم الرَّوْضَ يَحكي حُسْنَ مَغناكِ
في فِيْكِ راحٌ وفي عِطْفَيْكِ هِزَّتُها / فَهَلْ تَثنِّيْكِ سُكْرٌ مِنْ ثَناياكِ
أليْسَ مِنْ أعظمِ الأشياءِ مَوْجدةً / أنْ تَضحكي بي وطَرْفِي دائِمٌ باكِ
وأقْطَعُ العُمْرَ مالي في سِواكِ هَوىً / ولَيْسَ لي مِنْكِ يَوْماً حَظُّ مِسْواكِ
أُوْمي بفيِّ لِتَقْبيلِ الصَّبا وَلَهاً / أقول شَوْقاً عَساها قَبَّلتْ فاكِ
وأملأُ الصَّدْرَ من أنْفاسِها كَلفاً / بِما أشُمُّ بها من طِيْبِ رَيَّاكِ
هَلْ بالأُثَيْلِ وبانِ الجزعِ تَسْليةٌ / وما الأُثَيْلُ وبانُ الجَزْع لَوْلاكِ
إنّي لأَهْواهُ والثَّاوي بحِلَّتهِ / ولَسْتُ أهوى على التَّحْقيقِ إِلّاكِ
يا مَنْ نأتْ وبأحنْاءِ الضُّلوع ثوَتْ / تُراكِ تَنْسَيْنَ صَبّاً لَيْسَ يَنْساك
أما وسِرُّ جَمالٍ أنْتِ رَوْنَقُهُ / لَو صُوِّرَ الحُسْنُ شَخْصاً ما تَعَدَّاكِ
حَيِّي عَلى البُعْدِ تُحيي نَفْسَ ذي كَمَدٍ / ما إنْ تَهُبُّ صَباً إِلّا وحَيّاكِ
يا مَن دَمي دونَهُ مَسفوكُ
يا مَن دَمي دونَهُ مَسفوكُ / وكُلُّ حرٍّ لهُ مَملوكُ
كأنَّهُ فِضَّةٌ مَسبوكَةٌ / أو ذَهبٌ خالصٌ مَسْبوكُ
ما أطيَبَ العيشَ إلّا أَنَّهُ / عن عاجِلٍ كُلُّه متروكُ
والخيرُ مَسْدودةٌ أبوابُهُ / ولا طَريقٌ لهُ مَسلوكُ
بينَ الأهلَّةِ بدرٌ ما لَهُ فَلَكُ
بينَ الأهلَّةِ بدرٌ ما لَهُ فَلَكُ / قَلْبي لهُ سُلَّمٌ والوجهُ مُشتركُ
إذا بَدا انْتَهَبتْ عَيني مَحاسِنَهُ / وذَلَّ قَلْبي لعَينَيْهِ فَيَنْتَهِكُ
ابْتَعتُ بالدَّينِ والدُّنيا مَودَّتَهُ / فَخانَني فَعَلى مَن يَرجِعُ الدَّرَكُ
كُفُّوا بني حارثٍ ألحاظَ ريمِكُم / فكلُّها لفؤادي كلِّهِ شَرَكُ
يا حارِ لا أُرْمَين منكُمْ بداهيةٍ / لم يلْقَها سُوقةٌ قَبْلي ولا ملكُ
فصلتَ والنصرُ والتَّأييدُ جُنداكا
فصلتَ والنصرُ والتَّأييدُ جُنداكا / والعزُّ أولاكَ والتَّمكينُ أُخراكا
ورحمةُ اللَّه في الآفاقِ قد نُشرتْ / والأرضُ تُبدي تباشيراً لمبداكا
قدِ اكتستْ حُللاً من وشْيِ زَهرتِها / كأنَّ زُخرفَها في الحسنِ حاكاكا
طلعتَ بين النَّدَى والبأسِ مبتهجاً / هذا بيُمناكَ بل هذا بيُسراكا
ضِدّانِ في قَبضَتَيْ كفَّيكَ قد جُمعا / لولاهما لم يَطبْ عيشٌ ولولاكا
يَمضي أمامَكَ نصرُ اللَّهِ مُنصلتاً / بالفتح يَقصمُ مَن في الأرضِ ناواكا
والنَّاسُ يَدْعون والآمالُ راغبةٌ / والطوعُ يرجوك والعصيانُ يخشاكا
ومن يمينكَ بدرٌ ما لَهُ فَلكٌ / ولن ترى لبدورِ الأرضِ أفلاكا
يقودُ جيشاً إلى الأعداءِ مُرتجساً / عَرَمرَماً يَترُكُ الآكامَ دَكدَاكا
مِن رَحمَةِ اللَّه في الدُّنيا وَرَحمَتِهِ / لتَهْنِ رحمتُكَ الدُّنيا ونُعْماكا
لثمت ثغر عذولي حين سماك
لثمت ثغر عذولي حين سماك / فلذّ حتَّى كأني لاثم فاك
حبًّا لذكراك في سمعي وفي خلدي / هذا وإن جرحت في القلب ذكراك
تيهي وصدِّي إذا ما شئت واحْتكمي / على النفوسِ فإن الحسن ولاَّك
وطولي من عذابي في هواك عسى / يطول في الحشرِ إيقافي وإياك
في فيكِ خمرٌ وفي عطف الصبا ميد / فما تثنيك إلاَّ من ثناياك
وما بكيت لكوني فيك ذا تلفٍ / إلاَّ لكون سعير القلب مأواك
بالرغم إن لم أقل يا أصل حرقته / ليهنك اليوم إنَّ القلب مرعاك
يا أدمعاً ليَ قد أنفقتها سرَفاً / ما كانَ عن ذا الوفا والبرّ أغناك
ويا مديرة صدغيها لقبلتها / لقد غدت أوجهُ العشَّاق ترضاك
مهما سلونا فلا نسلو ليالينا / ومهما نسينا فلا والله ننساك
نكادُ نلقاك بالذكرى إذا خطرت / كأنما اسمك يا سُعدى مسمَّاك
ونشتكي الطير نعَّاباً بفرقتنا / وما طيور النوى إلاَّ مطاياك
لقد عرفناك أياماً وداومنا / شجو فيا ليت أنَّا ما عرفناك
نرعى عهودك في حلٍّ ومرتحلٍ / رعيَ ابن أيوب حال اللائذ الشاكي
العالم الملك السيَّار سؤددهُ / في الأرضِ سير الدراري بين أفلاك
ذاك الذي قالت العليا لأنعمه / لا أصغر الله في الأحوال ممساك
له أحاديثٌ تغني كلّ مجدبةٍ / عن الحياء وتجلي كلّ أحلاك
ما بين خيط الدجى والفجر واضحةً / كأنها دُرَرٌ من بين أسلاك
كافاك يا دولة الملك المؤيد عن / برُّ البريَّة من للفضل أعطاك
لك الفتوَّة والفتوى محرَّرة / لله ماذا على الحالين أفتاك
أحييتِ ما ماتَ من علمٍ ومن كرمٍ / فزادك الله من فضلٍ وحيَّاك
من ذا يجمِّع ما جمَّعت من شرفٍ / في الخافقين ومن يسعى كمسعاك
أنسى المؤيد أخبار الأولى سلفوا / في الملكِ ما بينَ وهَّابٍ وفتَّاك
ذي الرأي يشكي السلاح الجمّ حدّته / لذاك يسمَّى السلاح الجمّ بالشاكي
والمكرمات التي افترَّت مباسمها / والغيث بالرعدِ يُبدِي شهقةَ الباكي
قلْ للبدور استجني في الغمام فقد / محا سنا ابن عليّ حسنَ مرآك
إن ادّعيت من البشرِ المصيف بهِ / غيظاً فقد ثبتت في الوجهِ دعواك
يا أيُّها الملك المدلول قاصده / وضدّه نحو ستَّار وهتَّاك
لو أدركتك بنو العبَّاس لانتصرت / بمقدمٍ في ظلامِ الخطب ضحَّاك
مظفر الجدّ من حظٍّ ومن نسبٍ / مبصرٌ بخفيّ الرشد مِدْراك
وحَّدته في الورى بالقصدِ وارتفعت / وسائلي فيه عن زيغٍ وإشراك
ما عارضت يدُ أمداحِي مواهبهُ / إلاَّ رجعت بصفوِ المغنم الزاكي
إنَّ الكرام إذا حاولت صيدهمُ / كانت بيوت المعالي مثل إشراك
سقياً لدنياك لا كفّ بخائبةٍ / فيها لديك ولا وصفٌ بأفَّاك
من كان في خيفةِ الإنفاق يمسكها / فأنت تنفقها من خوف إمساك
طيفٌ تصيدته والليل محتبك
طيفٌ تصيدته والليل محتبك / من حلية الشهب أو من شعره الحبك
بين الذوائب تمشي في حبائلها / يا حبَّذا الظبي أو يا حبَّذا الشرك
عجبت من لائمٍ هتكي على قمر / الشمس منه على الحيطان تنهتك
محجب لا يراه العاذلون ولا / أصغى إليهم وإن برُّوا وإن أفكوا
فليتهم نظروه واستمعت لهم / وخلَّصونيَ من جفنيه واشتبكوا
أبكي وعاذليَ التعبان يطلبني / أسلو فيأخذني من عقلِهِ الضحك
وكيف أسلو هوى بدرٍ رضيت بأن / أشقى به وهو في اللّذَّات منهمك
لو يعلم الترك أهلوه بأنيَ قد / شبَّهته البدر ما أبقوا ولا تركوا
أمير حسنٍ كما قلنا أمير تقىً / في الشامِ وهو على شهبائه ملك
سيف الملوك وكافيهم إذا منحوا / يوم العطاء ويوم البؤس إن فتكوا
نحن بلقياه إن نفنى بفرقته / كأنما نحنُ يا بحر الندى سمك
قالوا امتدحه فقلت العيّ معذرة / قالوا فخذ من حلاه الدرّ ينسلك
أمداحه من عطاه أو فضائله / كأنَّ أمداحه من تبره سبكوا
ذو الجود والبأس كم يحيى ببيِّنةٍ / من حيٍّ أو يهلك الأعدا بما هلكوا
يظنُّ من طار خوفاً من مهابته / أنَّ النجوم عليه في الدجى شبك
وفي النهار يرى خيلاً يضاعفها / كأنَّ ظلّ المذاكي خلفها رمك
فالشام كالحرم المأمون طائره / فيه الأماني وفيه البرّ والنسك
نعمٌ وفي حلبٍ فاضت مراضعها / جدوى خوارزم كالأنواء تعترك
والغيث يهمل لا محلٌ ولا سغبٌ / والأمن يشمل لا خوفٌ ولا دَرَك
إن جادَ فالمزن في العافين منسفحٌ / أو جالَ فالدَّمُ في العادين منسفك
ودولة الناصر السلطان زاهرةٌ / وللسعودِ على أمصارِها برك
كانت عدى الملك كالثعبان فاصطَلحوا / وبعضهم كان كالبرغوث فانْفركوا
إذا تفرزنَ في الطاغين بندقهم / فرأسه بتراب الحتف ينمعك
كسرى من الدولة الشهباء منكسرٌ / قِدماً وقيصر بالتقصير مرتبك
فالأمن يعمر منها فوقَ ما تعبوا / والرُّعب يردع عنها فوقَ ما فتكوا
وأنت نجل ذوي ملك لخدمته / قد قدَّموا منه في الأرواح ما ملكوا
أنت البداوة في التركِ الأولى نشأوا / مع الضراغم في الأغيال تشترك
خيولهم في الوغى للبيض راكضةٌ / وفي جفان القِرى كالبُدنِ تبترك
محمرَّة في العطا آلاف ما وهبوا / كأنهم لدمِ الأكياس قد سفكوا
يا من بحبلِ ولاه أو مواهبه / ومن بمسكِ ثناه فاز ممتسك
جبراً لها مدحة لولاك ما انسلكت / نظماً به سار قوم أية سلكوا
كم مثلها قلت في روض الشباب وكم / قد قال غيري فبانَ الزهر والحسك
قصرت نظميَ إلا أنه نخبٌ / وطوَّل الناس إلاَّ أنهم لبكوا
وما تقضت لبانات لطائفةٍ / قالت حلاوة ألفاظي لقد علكوا
فليعذر الآن مغلوب بعائلةٍ / ليس السكوت بمجديهم ولا الحراك
تدور في أحرف الألفاظ هامتهُ / وما يدور على حرفٍ لهم حنك
أموتُ حزناً إذا عاينت حالهمُ / وما بيَ الموت إلا هذه الترك
خلَّصت رزقهم من كيدِ كائدهم / وغبت عنهم فلا والله ما تركوا
ولي خصومٌ ولست الآن شاكيهم / لكنهم في غدٍ يدرون أينَ شكوا
لا زالَ حظُّك من دنيا وآخرةٍ / ميسراً وحظوظ الناس تعترك
يجرِي بسؤددك الوضَّاح كلّ ثنا / كأنما هو نجمٌ والثنا فلك
يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا
يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا / فقد تغيب نجمٌ كان يهديكا
ويا فتى القصد يروي عن غمام يدٍ / فلك الذي كان ترويه ويرويكا
إنا إلى الله من دهياء قد جعلت / معنى التصبر بين الناس متروكا
وحسرة ثنت الأجفان جارية / والقلب تحت أسار الحزن مملوكا
آهاً لفقدك نجم الدين من رجلٍ / لو أن آهاً تروّي غلّتي فيكا
أرعى النجوم لعلي أن أراك بها / لا بالثراء وقبل أن أراعيكا
وأسكب الدّمع محمرًّا كأنيَ قد / أجريت ذائب ما أعطيت مسبوكا
من لي بنفسٍ يكون الخطب قابلها / فكنت أفدي حمى العليا وأفديكا
مالي أناديك والنعمآء صامتة / وما عهدتك تلقي من يناديكا
هذا الغياب الذي قد كنت أحسبه / حتى أكاد قبيل الفقد أبكيكا
لهفي عليك لفضل ما تركت به / في القول فضلاً ولا في الخلق صعلوكا
لهفي عليك لبيت قد تحيّفه / عروض دهر فأضحى البيت منهوكا
لهفي عليك لأحكام مسدّدة / تدني إلى الغرض الأقصى مراميكا
لهفي عليك لآداب مهذبة / لحظاً يراعيك أو لفظاً يناجيكا
إن يفقد المستفيد العلم من كلم / ملكاً فقد فقدَ الصوفيّ تسليكا
من للفضائل تحلوها لهاك لنا / وللفواصل تجلوها مساعيكا
من للقصائد يستوفي موازنها / فيض الندى وهو من جدوى معانيكا
من للمعاني التي صيرت غايتها / للأسر عتقاً وللأحرار تمليكا
فمن يجاريك يعرف قدر ما فقدت / منك الأنام وقل لي من يجاريكا
قالوا السراة كثير حين تخبرهم / الآن يبصر من يسري مساريكا
ما كان ضرّ المنايا في تقلبها / لو تستبيح بني الدنيا وتخطيكا
يا غائباً ولُهى كفّيه حاضرة / مهما سلوت فلا والله أسلوكا
إني لأذكر للإحسان مرّ يدٍ / فكيف أنسى وقد حلّت أياديكا
وا خجلتا لمقامٍ قد حضرتُ به / وما سقاني بكاس الموت ساقيكا
وفى لك الجود لما صحّ ذيْنكما / نعم وما الخلّ إلا من يوافيكا
وأصبحت قضب الإسلام ناسكةً / شعثاً محاسنها تحكي مساويكا
كانت عواليَ يستكفي الزمان بها / ثم انقضت فروينا عن عواليكا
ما كنتَ إلا غماماً زال عن أفقٍ / من بعد ما كفّت الدنيا غواديكا
وطوْد حلم الهوى من بعد ما زحمت / وَكرُ السماء ونسريها معاليكا
تلقى أعاديك بالإحسان مبتسماً / حتى يكاد وليٌ أن يعاديكا
وتحمل الأمر قد أنضت فوادحه / صمّ الجبال ولكن ليس ينضيكا
لو شكّ طرف امرئٍ في الشمس طالعة / لم يبقَ في فضلك الوضَّاح تشكيكا
ولو حمى المرءَ من موت صنائعه / لأقبلت من فجاج الأرض تحميكا
هذي وفودك قد أمّت ثراك كما / أمّت بعين الندى قدماً معانيكا
قاموا يعزون فيك اليوم أنفسهم / وقمتُ في الجود والعليا أعزّيكا
أمرّ بالرّبع والأجفان تنشده / بليت يا ربع حتى كدت أبكيكا
كأنَّ بابك لم تحفل مواكبه / وبرق بشرك لم يحلب عزَاليكا
بعداً ليومك ما أبكى نواك وما / أحلى لمطّلب النعمى مجانيكا
حسّت دمشق وفاضت نفسها أسفاً / أما ترى محلها بالمحلِ مسفوكا
كانت أياديك من بين البلاد بها / ستراً فأصبح ذاك الستر مهتوكا
إذا شدا الطير شقَّ الزهر من أسفٍ / ثيابه فكأنَّ الطير يرثيكا
لا تبعدنَّ فلا لاقيت مغربةً / ولا سلكت طريقاً ليس مسلوكا
ولا انثنيت قصيّ الدار محتجناً / إلا وشخص بنيكَ الطهر يدنيكا
جادت ضريحك أخلاف الغمام ولا / زالت تجرّ ذيولاً فوق ناديكا
ما أنت ميتٌ وهذا الذكر منتشرٌ / وإنما نحن موتى من تناسيكا
قالوا أمير فقال العدل بل ملِك
قالوا أمير فقال العدل بل ملِك / قالت مخافته لله بل ملَك
نعم عليّ العلى دنيا وآخرة / والعقل يشهد والآثار والفلك
لو تسأل البدر أنبا عن سناه بلا / تكلُّفٍ وتجلى باسمه الحلك
فليهنَ شامٌ له من دأبه حلبٌ / حماه بأساً فلا بأس ولا دَرَك
كم آمن فيه أمنَ الطيرِ في حرمٍ / وكان مثل قطاةٍ غرَّها شرَك
لا تذكرنَّ بحاراً عند أنعمه / إنَّ البحار لدى نعمائه برَك
واسمع مدائح كالأسلاك من دُرَرٍ / غنَّى بها مادحوه أيّة سلكوا
قالت خزائن علمٍ إن شكا ألماً
قالت خزائن علمٍ إن شكا ألماً / وزيرنا فلنعم الأخوَّة الشركه
هذا أخوه الذي بالسعدِ أنعته / الله يبقي لنا في عمرِه البركه
يا معتق المذنبين ممّا
يا معتق المذنبين ممّا / خافوا من النار والمهالك
أعتق من المهلكات رقي / ولا تحكّم عليّ مالك
إن عشتُ فيكم بغير قوتٍ
إن عشتُ فيكم بغير قوتٍ / فلستُ مستنكراً لذلك
ما كنتُ فيكم بآدميّ / فصرت من جملة الملائك
جدتم بما قلَّ عن ظنوني
جدتم بما قلَّ عن ظنوني / فزاد في لوعتي وهُلكي
لا لذَّة اليسر في حماكُم / نلت ولا لذَّة التشكِّي
ماذا على مَن أذى الأشواق ينهكه
ماذا على مَن أذى الأشواق ينهكه / لو أفصحَ الدمعُ عنهُ حين ينهكه
يا لائمي في هوى من لستُ أتركهُ / كم أكتم الوجدَ والأجفان تهتكه
وأُطلقُ الحبَّ والأحشاءُ تمسكه /
قالوا دعِ الحبَّ يا هذا ومسلكهُ / فكم سعى فيهِ من صبٍّ فأهلكهُ
فقلت والشوق داعي البين حرَّكهُ / عصانيَ القلب لمّا أن تملّكهُ
غيري فوا أسفاً لو كنت أملكهُ /
السحبُ تروي حديث الغيث عن حدقي / والورقُ تنقل سجع النوح عن قلقي
سل الّذي نام عن وجدي وعن حرقي / ما ضرَّ من لم يدع منّي سوى رمقي
لو كان يسمحُ بالباقي ويتركهُ /
ويح الفؤادِ أَيرجو من معذّبهِ / وصلاً ونيل الثريّا دون مطلبهِ
بعداً لما يتمنّى من تجنبهِ / لهفي على الوصل لو أنّي ظفرتُ بهِ
ما كلّما يتمنّى المرءُ يدركهُ /
يا ناعسَ الطرفِ كم أشكو وتظلمني
يا ناعسَ الطرفِ كم أشكو وتظلمني / رحماكَ يا ناعسَ العينينِ رحماكا
لو أن غيرَ فؤادي يشتكيكَ معي / لضجتِ الناسُ والدنيا بشكواكا
أشكو لها الحبَّ ظنّاً أنْ سيعطفها
أشكو لها الحبَّ ظنّاً أنْ سيعطفها / والحبُّ يمنعها أن تسمعَ الشاكي
يا هندُ ما كانَ لي أمسى عليَّ إذنْ / يا ليتَ ما كانَ لا هذا ولا ذاكِ
للدهرِ جنبانِ لا ينفكُّ منقلباً / حيناً وحيناً كما تغريهِ عيناكِ
يا هندُ حبُّكِ نهرُ العاشقينَ فمن / رأى إذنْ نهراً من غيرِ أسماكِ
رحماكِ قاتلةً رحماكِ فاتنةً / فالناسُ في ذا الهوى ليسوا بأملاكِ
يا هندُ ما نظرتْ عينايَ في حسنٍ / إلا تبيّنتُ معناهُ بمعناكِ
يا أرضَ بيروتَ بُشرَانا وبُشراكِ
يا أرضَ بيروتَ بُشرَانا وبُشراكِ / لقد أتى اليومَ مَوْلانا ومَوْلاكِ
من أرضِنا رحمةُ الله الكريمِ أتى / مع فَيْضِ رحمتهِ من عُلْوِ أفلاكِ
قد فتحَ الخِصْبُ عينَ الزَّهرِ حاكِيةً / زُهْرَ النُّجومِ وكانَ الفضلُ للحاكي
فليسَ من نائحٍ غيرَ الحَمامِ ولا / غيرَ السَّحائِبِ في أقطارنا باكِ
زارَ الوزيرُ حِماكِ اليومَ منعطِفاً / وحَلَّ كالرُّوحِ في جسمٍ فأحياكِ
الرَّاشِدُ الماجدُ المرفوعُ مَنصِبُهُ / والصَّائِبُ الحُكمِ عن عِلمٍ وإدراكِ
هذا الذي تَظلِمُ الأموالَ راحتُهُ / وعدلُهُ يُنصِفُ المَظلومَ والشَّاكي
ماضي الحُسامِ بسيفِ اللهِ منتقمٌ / من كلِّ طاغٍ شديدِ البأسِ فتَّاكِ
ذكاؤُهُ مثلَ نورِ الشَّمسِ مُتَّقِدٌ / وذكرُهُ مِثلُ عَرْفِ العَنبَرِ الذَّاكي
رحيبُ صَدْرٍ تضيعُ النَّائباتُ بهِ / كالبحرِ يَسبَحُ فيه بعضُ أسماكِ
إذا التَقتهُ خُطوبُ الدَّهرِ عابِسةً / لاقَى الخُطوبَ بوجهٍ مِنهُ ضَحَّاكِ
يَرعَى الأهالي كأولادٍ مكرَّمَةٍ / لهُ ويحَمي أراضيها كأملاكِ
وللصديقِ التِفاتٌ مِن صَداقَتِهِ / إلاّ لدَى حُكمِ تسريحٍ وإمساكِ
يا أرضَ سُوريَّةَ المسعودَ طالِعُها / حَمْداً وشُكراً فإنَّ اللهَ أعطاكِ
ويا عشائرُ باسمِ الله مَنزِلُكم / ويا قوافِلُ باسمِ اللهِ مَجراكِ
بُشراكَ بالخيرِ يا لُبنانُ بُشراكا
بُشراكَ بالخيرِ يا لُبنانُ بُشراكا / نصرٌ عزيزٌ مِن الباري تَولاَّكا
أَقَمتَ في ظِلّهِ المسعودِ مُغتبِطاً / فلم تكنْ نُوَبُ الأَحداثِ تَغشاكا
هذا الوزيرُ الذي أعتَزَّتْ بمَنصِبهِ / رُباكَ حتَّى غدَت في الأرضِ أَفلاكا
التارِكُ السَّيفَ في أَيدي الطُّغاةِ عصاً / والتَّارِكُ الصَّعْدَةَ السَّمراءَ مِسواكا
والمُحسنُ الصُّنعَ في سِرٍّ وفي عَلَنٍ / للخيرِ مُلتزِماً للشَّرِ ترَّاكا
لهُ التصرُّفُ في لُبنانَ مُحتكماً / في الأَمرِ والنَّهيِ إِطلاقاً وإِمساكا
يقَظانُ هَذَّبَ فيهِ كلَّ ذي أَوَدٍ / حتَّى تَظُنَّ وُعولَ النيقِِ نُسَّاكا
أَضحى بهِ جَنَّةً طابتْ مغَارِسها / فلم تَكَدْ تُنبِتُ الصَّحراءُ أَشواكا
يا سيداً قصرَّتْ فِكري مَعارِجُهُ / فما أَنالُ لهُ بالوصفِ إِدراكا
أَعطاكَ ذو العرشِ حظّاً في الأَنام بهِ / فُزنا بأَسنَى العَطايا حينَ أَعطاكا
فلا تزَلْ في حِمانا غَيثَ مَعدِلةٍ / تُحيي البِلادَ بما أَجرَتهُ كفاَّكا
حتَّى تقولَ جِبالُ الأرضِ حاسدةً / لُبنانَ يا ليتَنا إِيَّاكَ طُوباكا
في دارِ مولايَ عبدِ القادرِ انتظَمتْ
في دارِ مولايَ عبدِ القادرِ انتظَمتْ / زُهرُ النُّجومِ فقلنا هَهُنا فَلَكُ
كواكبٌ حولَ شمسٍ تستفيدُ بها / أشعَّةً مِن سَنَى الأنوارِ تحتَبِكُ
أشبالُ ليثٍ عظيمِ الشَّأن مُقتدرٍ / فاقَ الكِرامَ فلمْ يَلْحقْ بهِ دَرَكُ
يُدعَى أميراً لجهلٍ بالصَّوابِ فمَن / أصابَ قال لَعَمْري إنَّهُ مَلِكُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025