القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الكل
المجموع : 244
نَافَقتُ دَهرِي فَوجهي ضَاحكٌ جَذِلٌ
نَافَقتُ دَهرِي فَوجهي ضَاحكٌ جَذِلٌ / طَلْقٌ وقَلبِي كَئِيبٌ مُكْمَدٌ باكي
وراحةٌ القلب في الشّكْوَى ولَذَّتُها / لَو أمكَنَتْ لاَ تُساوي ذلّةَ الشّاكي
سلوتُ عن صَبَواتٍ كنتُ ذا شَغَفٍ
سلوتُ عن صَبَواتٍ كنتُ ذا شَغَفٍ / بها ومِلْتُ للإخباتِ والنُّسُكِ
لكنْ لِقلبيَ مِن تَذكارِها قَلَقٌ / ونزوَةٌ كاختباطِ الطّيرِ في الشَّرَكِ
هذي عقابيلُ داءٍ كانَ يمطُلُنِي / ولم أزَلْ مُشْفِياً مِنهُ على الهُلُكِ
حتّى إذا الشَّيبُ ردَّاني تصرَّمَ ذا / كَ الدّاءُ عن شائِبِ الفَوْدَيْنِ مُحتَنَكِ
وكل ملك إلى زوال
وكل ملك إلى زوال / لا يعتري ذا اليقين شكه
إن لم يزل بانتقال حال / أزال ذا الملك عنه هلكه
والله رب العباد باق / وهالك نده وشركه
فقل لمن يظلم البرايا / غرك إمهاله وتركه
تنسى ذنوبا عليك تحصى / يحصرها نقده وحكه
كم ناسك نسكه رياء / أوبقه في المعاد نسكه
فاحذر فما يختفي عليه / من عبده صدقه وإفكه
يَقولُ لي مالِكي وَالدَمعُ مُنحَدِرٌ
يَقولُ لي مالِكي وَالدَمعُ مُنحَدِرٌ / لا خَفَّفَ اللَهُ رَبُّ العَرشِ بَلواكا
وَإِن دَعَوتُ عَلَيهِ عِندَ مَعتَبةٍ / يَدُلُ قلبي لهُ في السِرِّ حاشاكا
قَد نِلتُمُ صِحَّةً ما نالَها بَشَرٌ
قَد نِلتُمُ صِحَّةً ما نالَها بَشَرٌ / وَحُزتُمُ نِعمَةً ما نالَها مَلِكُ
فَلَيتَ شِعري أَمِقدارٌ تَعَمُّدُكُم / بِما أَتاكُم بِهِ أَم وَسوَسَ الفَلكُ
لو كنت ترحمُ من أصبحتَ تملكُهُ
لو كنت ترحمُ من أصبحتَ تملكُهُ / لكنتَ أرددتَ موتاً كادَ يُدركهُ
يا من هو الحسنُ إلا أنهُ بشر / لا شيء في جوهرِ الأنوارِ يشركهُ
سل مستهاماً بطولِ السقمِ متصلاً / متيماً أنتَ مبليهِ ومضحكُهُ
ترداد ذكركَ يغنيه وَيبذله / للحَتفِ لَولا رجاءٌ منكَ يمسكُهُ
يا نومَ عيني من استباحَك
يا نومَ عيني من استباحَك / وَعن محلِّ الكرى أزاحَك
قد كنتَ فيما خلا مقيماً / لو رَدَّهُ شوقُهُ أراحَك
كأنما كنتَ حلفَ قلبٍ / آمن من مقلتي نزاحك
فعجلَ اللهُ يا رقادي / من أسرِ طولِ الهوى سراحَك
حسنكَ حل الهوَى عليكا
حسنكَ حل الهوَى عليكا / ثم دعا مُقلتي عليكا
لبَّيك لبيكَ كَيف أَهوى / سواكَ والقلبُ في يدَيكا
إن كنتَ لم تدرِ ما بجسمي / فانظُر إلى ما بمُقلتيكا
إن يُصبياني فإنَّ ماءً / سقاهُ من وردِ وجنتيكا
أهدي السهادَ لأن النومَ يشغلُني
أهدي السهادَ لأن النومَ يشغلُني / إذا طعمتُ الكرى عَن بَعض ذِكراكا
لا طابَ لي العيشُ لا بل لا صفا ليَ لا / عيشٌ بطَرفةِ عين حين أنساكا
لو لم أكن استلذُّ السقمَ فيكَ وما / سوى النفوسِ بهِ ما كنتُ أهواكا
لا فكَّني اللَهُ من أسرِ الهوى أبداً / وعشتُ أرجوكَ يا سؤلي وعافاكا
ما بعد بعد العيون فيكا
ما بعد بعد العيون فيكا / سعد الهوى لك عاشقيكا
لا عجَبٌ إن شفى غليلاً / أهداهُ طولُ الهوى إليكا
يا سائلي أين حلَّ قلبي / لا أينَ ما كانَ في يديكا
إن كان يوماً وفى وفاهُ / وراد أوراد وجنتيكا
يا قلبُ ما للهَوى ومالَك
يا قلبُ ما للهَوى ومالَك / رآكَ تبكي فَما رَثى لك
وَيا قريحَ الجفونِ ضعفاً / أما ترى من وهبتَ حالَك
يا نائمَ الطرفِ هب لِعيني / من لَذَّةِ النومِ ما بَدا لَك
كانت فِدا مُقلتيكَ عينٌ / ساهرةٌ لا ترى خيالَك
روحي الفداء لمن عاتبتُه فبكى
روحي الفداء لمن عاتبتُه فبكى / يا حُسنَه إن بكى يوماً وإن ضَحِكا
قد كنتُ أُبدي له صبراً فحين بكى / فصار في فيه عند الضحك منسلكا
يبكي ويضحك أحياناً فيقتلني / بُكاً وضحكاً هما في قتليَ اشتركا
دعاه يفتك بي يا صاحبيَّ فما / رأيتُ ظبياً بذئبٍ قبله فَتَكا
ظبيٌ تفلَّت من صيدي وأوقعني / في صيده إنَّ في عينيه لي شَركا
لبيكَ يا مَن دعا قلبي بناظِرِهِ
لبيكَ يا مَن دعا قلبي بناظِرِهِ / فقال قلبي له لبيك سَعديَكا
صحَّ الهوى لك من قلبي مساعده / إن صحَّ ما تدَّعي ألحاظُ عَينيكا
فغضَّ جفنك عن غيري لتخلُص لي / وانهَ اللواحظَ عن تجميش خدَّيكا
إن أنت وفَّيتَني عن غيرتي فَكَهاً / جعلتُ خدّي وقاءً تحت نعلَيكا
يا دارُ لا زِلتِ بِالخَيراتِ آهِلَةً
يا دارُ لا زِلتِ بِالخَيراتِ آهِلَةً / ما دارَ لِلسَعدِ نَجمٌ في ذُرى فَلَكِ
وَلِلعِدى كُلُّ ما يُخشى عَواقِبُهُ / وَكُلُّ ما تَتَرجّى خَيرهُ فَلَكِ
يا ربة الستر لا انجابت غواديكي
يا ربة الستر لا انجابت غواديكي / عن جو مغناك أو يخضرّ واديكي
وزدت في كل صبح عزةً وسناً / ولا خلا من رجال الحيّ ناديكي
لا زال مربعك الداني الظلال حمىً / رحباً لعاكفك الناوي وباديكي
وأنت يا عذبات الباني لا برحت / تهيج أشواقنا ألحانُ شاديكي
وماس من كل غصن منك من طرب / عطف وتهت دلالاً في تهاديك
ويا مياه الحمى لا زلت طيبة / يروي بشرب الزلال العذب صاديكي
ويا نسيم صبا بجد لقد عرفت / روحي بمسراك وهناً عرف مهديكي
وياليالينا لله عيش هوىً / معى البدور تقضي في دياريكي
ويا فوارط أيامي بخيف منىً / لو كان يُفدى زمانٌ كنت أفديكي
ويا رسائل وجدٍ لا أبوح بها / إلى الأحبة عنّي من يؤديكي
أخفيك من عّذلي صوناً ومكرمة / بل المدامع والأنفاس تبديكي
ويا ركاب الحجاز القُود لا نقبت / من السرى أبداً أخفافُ أيديكي
ولا عدلت عن النهج القويم ولا / مالت إلى غير أحبابي هواديكي
كم ذا التمادي دعى التعليل وابتدرى / إلى الحمى فعنائي في تماديكي
ويا قباب حمى سلع حويت على / رقى بما أسلفت عندي أياديكي
فتحت بالرشد لي عيني بعد عمىً / واسمع السر من قلبي مناديكي
حق علي أوالي من بك اعتقلت / أسبابه وأعادي من يعاديكي
أني وإن تكن أضحت عنك نازحة / داري لأرعى بظهر الغيب واديكي
لا زال سكانك القطان في دعة / وفاز رائحك الساري وغاديكي
وأنت لا تجزعي يا نفس من بدع / مضلة ورسول الله هاديكي
أجارك الله لولا درع سنته / لكان سهم الهوى الفتان مرديكي
لا تخلفي موعدي في حفظ منهجها / فلست أخلف في حفظيه وعديكي
يا قسوة القلب مالي حيلة فيك
يا قسوة القلب مالي حيلة فيك / ملكت قلبي فأضحى شر مملوك
حجبت عني إفادات الخشوع فلا / يشفيك ذكر ولا وعظ يداويك
وما تماديك من كسب الذنوب ول / كن الذنوب أراها من تماديك
لكن تماديك من كسب نشأت به / طعام سوء على ضعفي يقويك
وأنت يا نفس مأوى كل معضلة / وكل داء بقلبي من عواديك
أنت الطليعة للشيطان في جسدي / فليس يدخل غلا من نواحيك
لما فسحت بتوفير الحظوظ له / أضحى مع الدم يجري في مجاريك
واليته بقبول الزور منك فلن / يوالي الله إلا من يعاديك
ما زلت في أسره تهوين موثقة / حتى تلفت فأعياني تلافيك
يا نفس توبي إلى الرحمن مخلصة / ثم استقيمي على عزم ينجيبك
واستدركي فارط الأوقات واجتهدي / عساك بالصدق أن تحمي مساويك
واسعي إلى البر والتقوى مسارعة / فربما شكرت يوما مساعيك
حب التكاثر في الدنيا وزينتها / هي التي عن طلاب الخير تلهيك
لا تكثري الحرص في تطلابها فلكم / دم لها بسيوف الحرص مسفوك
بل اقنعي بكفاف الرزق راضية / فكل ما جاز ما يكفيك يطغيك
ثم اذكري غصص الموت الفظيع يهن / عليك أكدار دنيا لا تصافيك
وظلمة القبر لا تنسي ووحشته / عند انفرادك عن خل يوازيك
والصالحات ليوم الفاقة ادخري / في موقف ليس فيه من يواسك
وأحسني الظن بالرحمن مخلصة / فحسن ظنك بالرحمن يكفيك
لذْ بالعَزاءِ فلا خِلٌّ تَضِنُّ به
لذْ بالعَزاءِ فلا خِلٌّ تَضِنُّ به / ولا مقيمٌ على دار الحفاظِ لكا
ولا وفيٌّ إذا أعطيتُه مِقَتِي / أعطَى المحبّةَ أو تاركتُه تركا
ولا لبيبٌ يعاطيني نصيحتَه / ويُسلك الرَّحْلَ منّي حيثما سلكا
إنْ كان خبّ بِيَ الدّهرُ العثورُ إلى / بُغضِ الّذي كنتُ أهواه فقد بركا
أما ترانِيَ في ظلماءَ داجيةٍ / ضاع الصّباحُ بها للقومِ أو هَلَكا
وقد شكوتُ فلم أرجعْ بنافعةٍ / لكنْ شكوتُ إلى مَن مثل ذاك شكى
في كلّ يومٍ أخو غدرٍ يقلّبنِي / على الحَضيضِ وقد ألْمَسْتُهُ الفَلَكا
يبغي خِلافي فإنْ لايَنتُه خشنتْ / منه الخلائقُ أو باكيته ضحكا
وكم مصرٍّ على مَقْتٍ وتَقْلِيَةٍ / أعطيتُه طَرَفَ البُقْيا فما اِمتسكا
ما ضرّني مالكاً نفسي ومأرَبتي / أنْ لا أكون على أعوادهمْ مَلِكا
ما دام عِرْضُك لم تثلِمْهُ ثالمةٌ / بين الرّجالِ فخلِّ المالَ مُنتَهكا
وَاِحقِنْ حَياتك في خدّيك مبتذلاً / من دونه لدمِ الأرواحِ مُنْسَفِكا
أما ترى الرّزقَ يأتي المرءَ ممتلئاً / من الكرى فدعِ الإيجافَ والرَّتَكا
ودع حِذاراً فكم حِذْرٍ تقوم به / ما كان رِدْءاً لمكروهٍ يَحُلُّ بِكا
والمرءُ يَعْطَبُ مدلولاً على طَرَفٍ / إلى الصّواب وينجو المرءُ مرتبكا
كم حائدٍ عن رداه غيرِ ذي عُدَدٍ / وكارعٍ مِن رداه يحمل الشِّكَكا
ولي صديقُ الضّواحي وهو مضطبِعٌ / من العداوة أثواباً له سَلَكا
إذا سَهُلْتُ عليه بات يَحزَنُ لي / وإنْ تضوّأتُ يوماً عنده دَلَكا
وكلّما اِندملتْ منّي جوائفُهُ / قَرّفَ منها بأظفارٍ له ونكا
يَذرِي دُموعاً على الخدّين يوهمني / منه الودادَ وما إنْ للودادِ بكى
وكلّما كان عندي أنّه بيدي / وجدته في يد الأقوامِ مشتركا
وصاحبٍ خدعتْ عينَيَّ نظرتُه / ما كان تِبْراً ولا مالاً إذا سُبِكا
أخذتُه وبقيتُ الدّهرَ أجمعه / أودّ أنّي له أمسيتُ مُتَّرِكا
بيني وبين الورى سِتْرٌ أُرقّعُهُ / ولو تغافلتُ عن ترقيعه اِنتهكا
فقل لحسّادِ فضلٍ بتّ أملِكُهُ / الفضلُ يا قومُ في الدّنيا لمن ملكا
زَكَتْ غُروسي فما ذنبي إلى نَفَرٍ / ما كان يوماً لهمْ غرسي نما وزكي
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ / كظبيةٍ أفلتتْ أثناء أشواكِ
نبكي ويضحكها منّا البكاء لها / ماذا يمرّ من المسرور بالباكي
فَقلتُ والقول قد يَشْفِي أَخا شَجنٍ / وربّما عطف المشكوُّ للشاكي
أُعطيتِ منّا الّذي لم نُعطَ منك فلو / رام الهوَى النَّصْف أعطانا وأعطاكِ
ولستِ بالرِّيمِ لكنْ فيكِ أحسنُهُ / ولستِ ظَبْيّاً وريّا الظَّبْيِ رَيّاكِ
تودّ شمسُ الضّحى لو كنتِ بهجتَها / وودّ بدرُ الدّجى لو كان إيّاكِ
قد كنتُ أحسبني جَلْداً فأيْقظنِي / مِنِّي على الضَّعفِ أنّي بعضُ قتلاكِ
لا باركَ اللَّهُ في قلبٍ قَلاكِ ولا / أبكي السّماءَ لمن بالسّوءِ أبكاكِ
ولا تولَّى الّذي ولّاكِ جانِبَهُ / وَلا عدا الخيرُ إلّا مَنْ تعدّاكِ
أشقيتِ منّا قلوباً لا نقول لها / أشقى الإلهُ الّذي بالحبّ أشقاكِ
وكنتِ ملذوذةً والمرُّ منك لنا / وما أمرَّكِ شيءٌ كان أحلاكِ
هل تذكرين وما الذكرى بنافعةٍ / مَسْرَى الرّكائب يومَ الجِزعِ مسراكِ
في ليلةٍ ضلّ فيها الرَّكبُ وجهتهمْ / لولا ضياءُ جمالٍ من مُحيّاكِ
بِتنا نَميلُ على أقتادنا طَرَباً / مُصغين نَحو الّذي بالحسن أطراكِ
مسهّدين ولولا داءُ حبِّكمُ / أكرى العيونَ لنا مَن كان أكراكِ
إنْ بتِّ آمنةً مِنّا عليك كما / شاء العَفافُ فإنّا ما أمِنّاكِ
أو كنتِ ساليةً لمّا خطاكِ هوىً / غدا علينا فإنّا ما سلوناكِ
وإِنْ ملَلْتِ فقوماً لا ملالَ بهمْ / وإنْ سَئِمتِ فإنّا ما سئمناكِ
أيُّ الشّفاءِ لداءٍ في يديكِ لنا / وأيُّ ريٍّ لصادٍ مِن ثناياكِ
لَولا الغُواةُ وخوفٌ مِن وشايتهمْ / ما كانَ مَثواي إلّا حيثُ مثواكِ
ملكْتِنا بالهوى والحبُّ مَتْعَبَةٌ / فحبّذا ذاك لو أنّا ملكناكِ
ولو أُصِبْتِ بداءٍ قد أصِبْتُ به / علمتِ ما في فؤادٍ بات يهواكِ
إِنْ تَشكري فاِشكري من لم يُذِقْكِ هوىً / ومَن بحبّك أبلانا وأبلاكِ
وكيف يصحو فؤادٌ فيكِ مختبلٌ / تسرِي سُرى دَمِهِ فيه حُميّاكِ
ولو رميتِ ورَيْعانُ الشّباب معي / أصميتِ منِّيَ مَن بالحبّ أصماكِ
كم مرّةٍ زرتِنا وَهْناً على عَجَلٍ / سريتِ فيه وما أسْرَتْ مطاياكِ
حَتّى اِلتَقينا على رغم الرُّقادِ وما / ذاك اللّقاء سوى وسْواسِ ذكراكِ
فإنْ هجرتِ وقد أخلَفْتِ واعدةً / فبالّذي زرتِ ما واعدتِنا ذاكِ
هُمْ نازلونَ بقلبي أيّةً سَلكوا
هُمْ نازلونَ بقلبي أيّةً سَلكوا / لو أَنّهمْ رفَقُوا يوماً بمَنْ مَلَكوا
ساقوا فُؤادي وأبقَوا في الحَشا حُرَقاً / للهِ ما أَخَذوا منّي وما تَركوا
لمّا بكَوا لا بكَوا والرَّكْبُ مُرتحلٌ / من لَوعةٍ ضحكَ الواشونَ لا ضَحِكوا
زَمُّوا وقد سَفَكوا دَمعي ركائبَهمْ / فكدْتُ أُغرِقُ ما زمُّوا بما سَفَكوا
وراعَني يومَ تَشْييعي هَوادجَهمْ / والعيسُ من عَجَلِ في السّيْرِ تَبتَرِك
سِترانِ سِتْرٌ عنِ الأقمارِ مُنفَرِجٌ / يُبدي وآخرُ للعُشّاق مُنهَتِك
ثُمّ انثَنَيْنا وما من راحلٍ أَثَرُ / إلا خيالٌ برَحْلي في الدُّجَى سَدِك
أَضُمُّ جَفني عليه حينَ يَطْرُقُنُي / كما يُضَمُّ على وَحشيَّةٍ شَرَك
ما روضةٌ أَضحكَتْ صُبحاً مبَاسِمَها / دُموعُ قَطْرٍ عليها اللَّيلَ تَنسفِك
فالنّرجِسُ الغَضّ عَينٌ كلُّها نَظَرٌ / والأُقحوانةُ ثَغرٌ كُلُّه ضَحِك
وللشّقائقِ زِيٌّ وسْطَها عَجبٌ / إذا تمايَلْنَ والأرواحُ تأتَفِك
حُمْرُ الثِّيِابِ تُطيرُ الرّيحُ شائلةً / أَذْيالَها وهْيَ بالأَزْرارِ تَمتَسِك
إذا الصَّبا نَبَّهَتْ أحداقَها سحَراً / حَسِبْتَ مِسْكاً على الآفاقِ يَنْفَرِك
أَنَمَّ طِيباً وحَلْياً من ترائِبها / إذا اعتَنقْنا وخَيلُ اللّيلِ تَعتَرك
وللسّماءِ نطاقٌ من كَواكِبها / عُقدْنَ منه على أعطافها حُبُك
قد أشْعَلَ الشّيْبُ رأسي للبِلى عَجِلاً / والشّمعُ عند اشْتعالِ الرّأسِ يَنْسبك
فإن يَكُنْ راعَها من لَونهِ يَقَقٌ / فطالما راقَها من قَبْلِه حَلَك
عَرفْتُ دهري وأهليه ببادرتي / من قَبلِ أن نَجّذَتْني فِيهمُ الحُنَك
فلا حَسائكَ في صَدري على أَحدٍ / منهم ولا لَهمُ في مَضْجَعي حَسَك
ولا أُغَرُّ ببِشرٍ في وجُوهِهمُ / وربّما غَرَّ حَبٍّ تحته شَبَك
سارتْ مطايا رجائي فيهمُ فغدَتْ / رَزْحَي من اليأسِ حتّى ما بها حَرَك
أُنيخُها ضَلّةً منهمْ إلى عُصَبٍ / حاشا الكرامَ إذا سِيلو النّدى وَعِكوا
ويَتركُ الحِلْمُ منّا لُدَّ ألسِنةٍ / وهُنّ كاللُّجمِ في الأفواهِ تَنعلِك
ورُبَّ طائفةٍ لم يكظِموا فشكَوْا / أقلَّ شيءٍ كما لم يكْرُموا فَشُكُوا
إلاّ تكُنْ مُسكةٌ للمالِ مُقنعةٌ / فالعقلُ والصّبرُ عندي منهما مُسَك
حتّى متَى وإلى كم يا زمانُ أَرى / منك الخطوبَ بجَنْبي وهْي تَنعرِك
أَبعْدَ عدلِ نظامِ المُلكِ تَحمِلُ لي / ذَحْلاً وخلْفَك منه ثائرٌ مَحِك
أَغَرُّ لا مَجدُه المَحسودُ مُشتَرَكٌ / كَلاّ ولا مالُه في الجودِ مُشترَك
فَمجدُه خالصاً دونَ الأنامِ له / ومالُه خالصاً للوَفْدِ مُمْتَلَك
يا مُتعِباً نفسَه في أن يُساجِلَه / أينَ السّماكُ إذا قايَسْتَ والسَّمك
دَعُوا الوِزارةَ عنكمْ تَربَحوا نَصَباً / فالحَبلُ في الدُّرّ مِمّا ليس يَنْسَلِك
وَرِثْتُمُ يا بَني إسحاقَ مَنْصبَها / فما لغَيرِكمُ في إرثِكم شِرَك
أنتمْ فَرازينُ هذا الدَّسْت نَعلَمُكُمْ / وهمْ بَياذِقُه إن صُفَّ مُعتَرَك
فما تَفرْزنَ منهم بَيذَقٌ أبداً / إلاّ غدا رأسُه في التُّرْبِ يَنمَعِك
كم رامَ أن يتَعاطى ذاك غيُركمُ / فخاضَه تائهٌ في الغَىِّ مُنهَمِك
وقام بالأمرِ لكنْ قائمٌ عجَبٌ / كما تُريكَ خيالَ القائمِ البِرَك
حتّى أُعيدَتْ إلى ذي مِرَّةٍ يَقِظٍ / من الّذين إذا هَمّوا بها فَتكوا
أما تَرى ما رأى السُّلطانُ مُرتَضياً / في مُلكِه كُلُّ ما يأتي وَيتَّرك
ألقَى إليك الّذي ألقَى أبوه إلى / أبيكَ في المُلْكِ والأحوالُ تَشتَرِك
فلا يَزلْ مُمْتَعاً كُلٌّ بصاحبِه / ولا تَزلْ هذه الأنسابُ تَشتَبِك
فلم يُصادِفْ وزيرٌ مثلَه مَلِكاً / ولم يُصادِفْ وزيراً مثلَه مَلِك
في دَسْتِه قَمرٌ في دِرعهِ أَسد / في حَفْلِه مَلِكٌ في سرِّه مَلَك
إذا عَددْنا سِنيهِ فهْو مُقتَبِلٌ / وإنْ ذكرْنا حِجاهُ فهْو مُحتَنِك
تَظلُّ في كَفّه الأقلامُ من كَرَمٍ / للنّاسِ أسخَى منَ الأحلامِ تَنشبِك
تَسعَى له مثْلما يَسعَى الزّمانُ لها / كُلٌّ بهامَته ماشٍ له حَرِك
جَذْلانُ يَرْمي العِدا بالخيلِ عاديةً / مُشيحةً فوقَها الأبطالُ والشِّكَك
يَظلُّ يَنفَحُ من أعراضِهم عَبَقٌ / وللحديدِ على أثوابِهم سَهَك
كأنّ أوجُهَهمْ والرَّوعُ يَبذُلُها / عِزّاً دَنانيرُ لم تُنقَشْ لها سِكَك
من كُلِّ أَزْهرَ مثْل النّجمِ يَحملُه / طَودٌ له اللّيلُ مِسْكٌ والضُّحَى مَسَكُ
حتّى رأَوْها أُسوداً ما بِها عَزَلٌ / تُزيرُ فوق جبالٍ ما بها صَكَك
طرَقْنَ حيَّ العدا في عُقْرِ دارِهمُ / والنّومُ مْلء ُجُفونِ القَومِ لو تُرِكوا
والطَّعنُ يَنسِجُ أشطانَ القنا ظُلَلاً / تُلقَى على فُرَجِ الحُجْبِ الّتي هَتَكوا
إلى ذُراكَ قِوامَ الدِّينِ سارَ بنا / خُوصٌ كما اصطَفَّ من نَخْلِ القُرَى سِكَك
مُدَّتْ على اسْمِكَ أطرافُ الحبالِ لها / وأُغْشِيَتْ أُخْريَاتُ الأرحُلِ الوُرك
وثَوَّروهُنّ أدْنَى خَطْوِها سَفَرٌ / شَوقاً إليك وأبطا مَرِّها رَتَك
تَسْري طَوالبَ أيديها بأرْجُلِها / مَدَّ اللّيالي فلا فَوْتٌ ولا دَرَك
حتّى تَرى مَلِكاً تَشْفَى برَؤْيتِه / من الزّمانِ صُدوراً كلُّها حَسَك
يَحُطُّ قوماً ويَعلو آخَرونَ به / كما يُديرُ نُجومَ اللّيلةِ الفَلَك
اليومَ عاش نظامُ المُلْكِ ثانيةً / وكم مَعاشر عاشوا بعدَ ما هَلَكوا
فاللهَ نَسألُ أن يُبقيكَ ما بَقيَتْ / آثارُه فَهْي حَبْلٌ ليس يَنْبَتِك
وهاكَها تُوقرُ الحُسّادَ من كَمَدٍ / كأنّما هيَ في أسماعهمْ سِكَك
قَوافياً بدويّاتٍ وما بعَثَتْ / بها من البَدْوِ لا عُرْضٌ ولا أَرَك
جاءتْ بهنّ يدٌ بيضاءُ فانتظمَتْ / زُهْراً تَلقَّفُ للأقوامِ ما أَفِكوا
زُفّتْ إلى أحمدَ المحمودِ واجتنَبتْ / قَوماً إذا خَطَبوا أبكارَها فُرِكوا
يا مُدرِكاً رُتَباً ما بعدَ ذِرْوتِها / إلاّ الدّوامُ فَدُمْ للمَجْدِ تَدَّرك
سِحْرٌ من الشِّعْرِ أعجَزْتُ الفُحولَ به / وأعجزَتْنيَ حتّى بِعْتُها الرَّمَك
لمّا دُفِعْتُ إلى دَهْرٍ تَنمّرَ لي / برائعاتٍ فأَمْرِي بينها لَبِك
العَقْلُ فيه عِقالٌ والسُّدادُ سُدىً / والفَضْلُ فيه فُضولٌ والنُّهى نَهِك
قد بِعْتُ طِرْفي وهذا مِطْرَفِي وغداً / أَبيعُه ولِطَرْفِي أدمُعٌ سُفُك
مَدْحي الملوكَ وأكْلي الكَفَّ مُقتنعاً / هذا لعَمرُكَ في أيّامكمْ هُتَك
فاسمَعْ مقالي رعاكَ اللهُ من مَلكٍ / واعْدِلْ فعَبْدُك دهري ظالمٌ مَعِك
طال المُقامُ ونالَ الصّبرُ غايتَه / وتاهَ في أمره حَيرانُ مُرتبِك
فاعْطِفْ فإنّ حِمَى العلياء مُنْتَهَبٌ / إن لم تُغِثْ وحَريمَ المجدِ مُنْتَهِك
وأْمُرْ بها بِدَراً يُنحَرنَ تامِكةً / كما يُقرَّبُ عند المَوسمِ النُّسك
واعْدُدْ بكفَّيك أعياداً مُعاودَةً / ما دام جُنحُ الدُّجَى بالصُّبحِ يَحتبِك
أشاكرٌ أنا للأيّامِ أمْ شاكِ
أشاكرٌ أنا للأيّامِ أمْ شاكِ / فقد أَرى صَرْفَها يا نَفْسُ عَنّاكِ
أدناكِ من بلدٍ فيه البَديعُ ومن / لُقياهُ أقصاكِ ظُلْماً حينَ أدْناك
فليس عندَكِ من آثارِه أثَرٌ / إلا مقالةَ راوٍ عنه أو حاك
ولو غدَوْتِ بهذا منه قانعةً / لما حدا نحوَه الحادي مَطاياك
بل إنّما أنتِ يا نَفْسي مُقصِّرةٌ / فلِمْ تُطيلينَ للأيّام شَكْواك
لِمْ لستِ تَلقَيْنَ قَصْداً مَن على يدِه / أضحَتْ أيادي مُلوكِ الأرضِ تَلْقاك
وقد رأيتُكِ لمّا مَسَّه ألَمٌ / لم تَكْتَحِل بالكَرى يا عَينُ جَفْناك
وقَلَّ منّا لَوَ أنّا مِن مَحبَّتِه / يا وطْأةً في الثّرى منه فدَيْناك
حاشاهُ أن تُصبِحَ الأيّامُ خاليةً / منه كما أنتِ يا أيّامُ حاشاك
وما إخالُكِ يا دُنْيا بمُنكرةٍ / أَن كنتِ من قبلُ عُطْلاً وهْو حَلاّك
لمّا غدا عِقْدُ آدابٍ به انْتظمَتْ / أشتاتُها جعلَتْه تاجَ أمْلاكِ
له يَدٌ تُعمِلُ الأفلاكَ دائرةً / فلا اعْتَراها بسُوءٍ دَوُْر أفلاك
كم قد كَساكِ نِطاقَ الشُّهْبِ أنمُلهُ / وكم إذا شاء يا أفلاكُ أعْراك
ولم يَشُدَّ بخَصْرٍ منكِ مَنطِقةً / إلاّ لكَي تَخدُمي ما عِشتِ مَوْلاك
لا تَبْلُ منه بَنانٌ من لَطافتِه / كم قد أجدَّكِ للرّائي وأبْلاك
له العلومُ لعَمْري والعُلُوُّ معاً / يَحْويهِما خاطِرٌ رقّاهُ إيّاك
كم صافحَتْ كفُّه من مَرّة لك يا / كفَّ الثُّريّا وإنْ لم تَرضَ علْياك
رُزِقْتَ يا نجمُ منه لَمسةً عَرَضتْ / وكنتَ كَفَّ دُجىً سَوداءَ إذْ ذاك
فما أَظُنُّكَ إلاّ أنّه كَرماً / بالنُّورِ من يَدِه البَيْضاءِ أعْداك
يا مَن يُلاقي جُيوشَ اللّيلِ طارِقةً / إذا غزا بسِلاحِ للنُّهَى شاك
أعِنْ على مَشْهدٍ أصبحْتَ ثانيَه / جُوداً بمُسْعدِ عُبّادٍ ونُسّاك
ذي جزعَةٍ سِلْكُها ماءٌ إذا انخَرطَتْ / فيهِ تَتابعَ مَوْصولاً بأَسْلاك
يَبكي بدَمعٍ مُعارٍ وهْو مِن كَرَمٍ / يُعيرُ مَن شاءَ طَرْفَ السّاهرِ الباكي
ولا يُرى قائلاً إلاّ وفي فَمِه / ماءٌ مقالَ صَدوقٍ غيرِ أَفّاك
يَنوبُ عن كلِّ شَمسٍ إنْ هي احتجَبتْ / مَنابَ ذي ناظرٍ للحُجْبِ هَتّاك
مُلْقىً بأرضٍ وأخبارُ السّماءِ له / إن لم يَزُغْ مُدْرَكاتٌ أيَّ إدْراك
خِلْوٌ إذا اللّيلُ من تحتِ النّجومِ بَدا / كَسُودِ أغْرِبةٍ في بيضِ أشْراك
لكنْ يَبيتُ أخا شَجْوٍ إذا انتقَبَتْ / بعارِضٍ مُسبَلٍ للدَّمْع سَفّاك
فحُزْ مَحامِدَ تَبقَى في الزَّمانِ به / فأنت من مَعشَرٍ للحَمْدِ مُلاّك
ما كنتُ تارِكَ شُكْري وحدَه كرَماً / فلستُ للأجرِ معْ شُكري بتَرّاك
إن كنتُ قِستُكَ بالأقوامِ في خُلُقٍ / فإنّما قِستُ تَوحيداً بإشراك
فاصْبِرْ على كُلَفِ الإخوانِ إن سَنَحَتْ / كَصبرِ أَرْوعَ بالأقرانِ فَتّاك
لا تَحسبَنّ اجْتناءَ المجدِ مُحتقَراً / إنّ العُلا وَردُه ما بَينَ أَشْواك
إنّ الجِنانَ هَدِيٌّ أنت خاطبُها / ومَهْرُها عَمَلٌ من عامِلٍ زاك

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025