المجموع : 112
الشعر ما قاله الكرخيّ عبود
الشعر ما قاله الكرخيّ عبود / ففيه للأدب الشعبي تجديد
شعر يفيض من القلب المشع له / على اللسان فما ان فيه تعقيد
كالدر يزداد حسنا في تألقه / اذا تحلت به اللبات والجيد
على ابتكار معانيه له حسدوا / وكل مبتكر في الشعر محسود
لا يستوي الناس في اتقان صنعتهم / والقول كالفعل مذموم ومحمود
ما في الذي لم يلن للشعر من صمم / وانما عنده الاحساس مفقود
الشعر ليس بمبق فيه من اثر / كأنما قلبه في الصدر جلمود
يا حبذا البلبل الشادي بروضته / وحبذا منه هايتك الاغاريد
عبّود ان عدت الافذاذ في بلد / فانت في اول الافذاذ معدود
خلدت شعرك اذ جددت كسوته / من البيان وفي التجدبد تخليد
فتحت للشعر ابوابا ولا عجب / ففي يمينك للشعر المقاليد
اذا عتبت فنيران مؤججة / وان شدوت فاغرود واغرود
لا تجزعن اذا ما نكبة حزبت / فانما الدهر ارخاء وتشديد
وربما بات يذوي العود من ظمأ / به وبعد قليل اورق العود
افرح بدنياك ما آنست طيبتها / فما لياليك فيها كلها سود
ان الزمان عجوز من تقادمه / وما على وجهه البسام تجعيد
الفن روض أنيق غير مسؤوم
الفن روض أنيق غير مسؤوم / وأنت بلبله يا أم كلثوم
لانت اقدر من غنى بقافية / لحنا يرجعه من بعد ترنيم
اني اخاف افتتانا فيه مفتضحي / فانما انا شيخ غير معصوم
سلى بي القوم قبل اللوم باحثة / وبعد ذلك يا لوامتي لومي
لا تفزع الكاعب العذراء من كلمي / فان نصل سهامي غير مسموم
اوعى الفنغراف اصواتا شدوت بها / وسار يضرب اقليما باقليم
لممت شمل الاغاني بعد تفرقة / لها فلم يبق شمل غير ملموم
يا ام كلثوم انا شاكرون فقد / اتيت طائرة فوق القشاعيم
هل انت سامعة شعراً ابث به / يا ام كلثوم اعجابي وتكريمي
لا تحسبي انني قد قلت مزدلفاً / فليس ذلك من طبعي ومن خيمي
يا ام كلثوم غنى فالهوى نغم / تلذه الشيب والشبان كلهم
غنى وغنى على الاوتار صادحة / فانما بالاغاني تنهض الامم
من اجل صوت رخيم منك يسمعه / يا ام كلثوم جاء الجمع يزدحم
قد هزه صوتك الموار يطربه / فهاج كالبحر ذي الامواج يلتطم
غنى فليلتنا من بعد حلكتها / فيها باوجهنا الانوار تبتسم
كأنما نحن في حرب تهاجمنا / فيها المسرات والاحزان تنهزم
غني لنا ثم غنى ان ليلتنا / فيها العواطف بالالباب تصطدم
ان الغناء الى محياي يجذبني / وان مشت في طريق الموت بي القدم
الحسن تسمعه كالحسن تبصره / ما عنهما من غنى يأتي به السأم
كلاهما يبتغي قلبا ليملكه / والقلب بينهما في المرء منقسم
لا يبلغ المرء من لذاته وطرا / حتى يمتع منه السمع والبصرا
افرح بدنياك واشبع من مشاهدها / فبعدها لا ترى شمسا ولا قمرا
لم منك نفسا اضاعت ويك فرصتها / ولا تعاتب على ما فاتك القدرا
ماذا يريبك في عصر نعيش به / من شاعر بالذي في قلبه جهرا
قالوا كفرت ولم اكفر كما زعموا / أكل من قال حقا بينا كفرا
يا حبذا الحسن يهدى زهره عبقا / وحبذا الحب تلقي ناره شررا
قد تسقط النخله الفرعاء لي رطبا / فقد رميت على عثكولها حجرا
لا خير في النخلة الفرعاء قد بسقت / ولم تساقط على من تحتها ثمرا
انا بروض به الازهار مصغية / للعندليب وقد حفت به زمرا
يا ام كلثوم غنى فالغناء اذا / ذهبت عنا سيبقى عندنا اثرا
يا ام كلثوم احييت المنى فينا / من بعد يأس تألمنا به حينا
يا ام كلثوم انا امة رزحت / تحت المصائب احقابا فلسلينا
يا ام كلثوم ان اليأس يقتلنا / اذا تأبيت والآمال تحيينا
حملت ما يعجز الفتيان محمله / وما ابن عشرين صنو لابن سبعينا
اني دخلت جحيمي قبل آخرتي / وذقت في العيش زقوما وغسلينا
يا نجمة في سماء الرافدين بدت / انا نحييك افواجا فحيينا
ارسلت نوراً بهياً في اشعته / نرى الجمال افانيناً افانينا
يا ام كلثوم حيينا مغردة / حيي الملائك منا والشياطينا
بلى جننا بلحن قد شدوت به / وقبل ذلك ما كنا مجانينا
ماذا علي اذا آليت في كبري / ان لا اغازل الا الربرب العينا
لي في الحياة احترام للنواميس / فلا ابدل موهوما بمحسوس
اني امرؤ الشك لا ايمان يربطني / بالخير ان كان شيئا غير ملموس
يا حبذا روضة ازهارها اتسقت / كأنما هي اذناب الطواويس
وحبذا عندليب فوق اكيته / يلقى الاغاريد ليلا بعد تغليس
وحبذا ام كلثوم اذا اخذت / تشدو فتلعب بالالباب في الروس
اني لفي جنة للفن دانية / قطوفها ولها حمدي وتقديسي
وكم هنالك ابليساً يحاول ان / يزيحني بخداع من فراديسي
اعوذ بالله ربي فهو يعصمني / اذا استعنت به من كل ابليس
يا ام كلثوم ان الشعر ذو نسب / الى الغناء كمثل الشمس قدموس
غنى بشعر جميل تنقذي رجلا / شيخا من الهم قد اضناه والبوس
غني وغنى الى ان يظهر الفلق / ويذهب الليل كل الليل والغسق
يا ام كلثوم ان الامر مشترك / فان سكت فلسنا فيه نتفق
يا ام كلثوم غنينا مسلية / فاننا بعد ايام سنفترق
طلعت بعد انتظار كاد يقتلنا / ككوكب في سماء الفن يأتلق
ما اجمل الفن قد ارخى ذوائبه / وكوكب الفن منه النور ينبثق
قد انتظرنا ونار الوجد واقدة / نكاد من حرها اللذاع نحترق
غنى لنا ثم غنى اننا فئة / الى الغناء اذا ما طاب نستبق
ولنغتنم هذه الساعات سانحة / فانني بصفاء الدهر لا اثق
قالوا الغناء غذاء الروح ينعشه / والحق فيما به في وصفه نطقوا
فكم تثقف في ناس به عوج / وكم تهذب في ناس به خلق
اميرة الفن انا من رعاياك / نصبو لشدوك هذا الضاحك الباكي
في صوتك الفن قد لاقى سعادته / فانه كل يوم لاثم فاك
كان الفنغراف يحكي الصوت منك لنا / قبلا فيا حبذا المحكى والحاكي
ما كنت احسب حتى جئت محسنة / ان يجمع الله دنيانا ودنياك
يام ام كلثوم يقنو الشعب فيك هوى / من ذا الى امة تهواك القاك
كنا اذا ما تمنينا لعاطفة / في النفس لا نتمنى غير لقياك
وتلك امنية تغري الشكوك بها / كوردة ذات حسن بين اشواك
ورب سائلة لي وهي باكية / وقد رأتني ابكي بعد امساك
تقول ماذا الذي ابكاك خاطره / فقلت هذا الذي في النفس ابكاك
ماذا سيحكم قاضي الحب بينهما / غداً اذا اجتمع المشكو والشاكي
لاقى اسامة وهو الضيغم الضاري
لاقى اسامة وهو الضيغم الضاري / في الغاب صياد آساد وأنمار
فقال واليد تحوي بندقيتها / يلقى عليه سؤال العاتب الزاري
يا ليث قل لي لماذا انت ذو ولع / بقتل باقورة ترعى وبقار
فقال بالقتل يغريني السعار فسل / من كان يقتل لهواً بالدم الجاري
وقد احاول قتل النفس مثئراً / والقتل للهوى غير القتل للثار
وربما اضطرني للقتل معترض / وما على القاتل المضطر من عار
القتل فيه حياة لي سأشكر من / له حباني بانياب واظفار
اصوم يومي وحسبي ان يكون على / دم عبيط لظبي صدت افطاري
لانت اضعف مخلوق ويدهشني / مافي سلاحك من سحر واسرار
ان القضيب الذي تلهو يداك به / يكاد يخطف منه البرق ابصاري
وتعترى رجفة مني الفؤاد لدى / سماع صوت له كالرعد هدار
وهذه الارض من خوفي سأهجرها / فلست تسمع بعد اليوم اخباري
لانت اعدى عدو لي يطاردني / وانت اجدر من عادي باكباري
قد كنت احمى عريني ان يطوف به / وحش واني ذاك القسور الضاري
اذا زأرت فاني مثل راعدة / او انقضضت فاني شبه اعصار
وقد اهاجم جاموسا فاصرعه / بضربة من يميني ذات آثار
ما اكثر الوحش في الآجام واغلة / وما بها كل ذي ناب بمغوار
واليوم اني على ما فيّ من ثقة / بقوتي خائف من زندك الواري
الليل منك اذا ما جن يسترني / اما النهار فواش غير ستار
اني اقر باوزاري التي عظمت / لو كان يذهب اقراري باوزاري
ان كنت اقتل ذا شر يهاجمني / فقد قتلتم الوفا غير اشرار
بالسيف بالنار بالغازات خانقة / وبابتعاث الوباء الفاتك الساري
ونحن اما اردنا البطش ننذركم / وتفتكون بنا من غير انذار
ندنو فنقتل بالانياب عن كثب / وتقتلون برغم البعد بالنار
كانت لنا الارض ملكا قبل خلقكم / من صلب قرد طريد آكل الفار
سل ان شككت رجال العلم يعترفوا / بما اقول وما ذو الجهل كالداري
بلى اضر اذا ما جعت مفترسا / لكنني لست في شبعي بضرار
لا اوثر القتل حباً في محاسنه / بل ان في حاجتي بعثا لا يثارى
خلقت ليثا هصورا وسط غابته / ولم اكن انا في خلقي بمختار
اني بكوني رئبالا لمفتخر / فلا تعيبن اخلاقي واطواري
وجدت في الغاب نفسي ضاريا اسدا / فهل يغير مني الهازئ الزاري
ولست تعلم ما نفسي ترى حسنا / فان رأسك يحوي غير افكاري
اما الحياة فليست مثلما زعموا / مقسومة بين اشرار وابرار
ادير عيني في الاحياء ارقبها / فلا الاقي امامي غير اشرار
ان القوي ليبقى والحياة وغى / في البر في البحر في الاجواء في الغار
ولا يعيش عزيزا غير مجترئ / ولا يموت ذليلا غير خوار
تود سجني لو تسطيع في قفص / ويمقت السجن حر شبل احرار
لبيك من آمر يا خير من عزما
لبيك من آمر يا خير من عزما / وبث في كل ارض للهدى علما
الحق ابلج وضاح تليح به / والسيف احمر بتار يمجّ دما
دعوت قومك للتوحيد ترشدهم / فآمنوا بعد حرب حرها احتدما
واخلصوا بعد ايمان عبادتهم / وكان كل فريق عابدا صنما
اما الفصاحة فالآيات باهرة / قد اعجزت كل من قد قال اورقما
اكبر بما انت قد احرزت من خلق / قد اسند الله في نعت له العظما
نعم السجايا خصال فيك بارزة / تهدى بانوارها الفياضة الامما
وفي النبوة اسرار قد استترت / وفي الاشعة ما في العين عنه عمى
ان انكرت فئة ما فيك من شيم / فما بذى شيمة من يكر الشيما
قاسيت في البدء آلاما مبرحة / لكن لسانك منها ما شكا الما
كانت تخيف بليل الباطل الظلم / حتى تبلج صبح الحق يبتسم
وكنت في محقها باللَه معتصما / والله يعصم من باللَه يعتصم
اما قريش فكانت في عداوتها / كأنها بخشام طال تصطدم
نار بها اضطرمت تلتاع انفسهم / وليس فوق اضطرام النفس مضطرم
ان الألى لك قد ابدوا خصومتهم / لم يظلموك ولكن نفسهم ظلموا
حاربت السلم حبا في صيانته / حتى تألفت الاقوام والامم
وبان للدين نور لا انطفاء له / فما بدا النور حتى زالت الظلم
آياته بينات يستضاء بها / كما تضمّ الانجم السدم
وكان مولدك الميمون مسعدة / عنها تمخض في آزالة القدم
حاولت وصف خصال فيك راجحة / فاعجزتني عن تصويرها الكلم
من بعد ليل طويل للضلال دجا / اطلعت صبحا جميلا للهدى انبلجا
وان دينا رسول اللَه مبلغه / ينير حيث بدا الالباب والمهجا
قد خاب من حاد يوما عن محجته / اما الذي هو عنه لم يحد فنجا
نعم السراج كتاب اللَه انزله / فحيثما التفت ابصر له وهجا
الدين في كل عصر للحياة مضى / قد كان خير صراط للذي نهجا
يريك اوله اعقاب آخره / فما تلاقى به امتا ولا عوجا
وقلت هاكم كتاب اللَه والتمسوا / في آية الحق كل الحق منبلجا
قالوا أفيه على تأييده حجج / فقلت ان له من نفسه حججا
وليس يعلم ما في البحر قاصده / الا اذا خاض من يعبو به اللججا
ما احسن الدين قد ادلى بحجته / والعقل والنقل في رأس قد امتزجا
نهضت بعد جهاد نهض مقتدر / بالدين بالعلم بالاقوام بالبشر
ابقيت في كل ارض للهجى اثرا / فجل ما انت قد ابقيت من اثر
نبت من خير آباء واكرمهم / فانت زهرة ذاك المنبت العطر
وقمت بالعبء عبء الدين تحمله / فما هنالك من نكص ومن خور
ورحت تدعو اليه القوم منفردا / فلم يكن لك غير اللَه من وزر
حتى حباك باصحاب ذوي جلد / مناصرين وحتى فزت بالظفر
لا دين اكمل من دين دعوت له / في طلعة الشمس ما يغني عن القمر
حاججتهم بكتاب اللَه تفحمهم / فكان امضى من الصمصامة الذكر
وفي كتاب عليك اللَه انزله / من روحه متعة الاسماع والبصر
فكان ابقى لهم من كل ما وضعوا / والنقش في الماء غير النقش في الحجر
بعد الشتات تلاقى الشمل مجتمعا / واصبح الملك بعد الفتح متسعا
والمؤمنون بواء في اخوتهم / والامر شوى يراه المؤمنون معا
والحق بان مضيئا لا خفاء به / والغي كان عجاجا زال وانقشعا
واحمد كان قد ادى رسالته / وحبه كان في الارواح منطبعا
اما الشعوب فتحت الراية اتحدت / وقبل ذلك كانت امة شيعا
في الجاهلية صرعى لا انتباه لهم / كأنهم شربوا من مرقد جرعا
فصاح داعي الهدى فيهم ينبههم / من رقدة بات فيها العقل منقطعا
يا ايها القوم هبوا من مراقدكم / فانما الصبح كل الصبح قد طلعا
دعا الى وحدة فيها سلامتهم / وقد اجاب من اختار الهدى ووعى
اقبح بدنيا بلا دين تعف به / ما احسن الدين والدنيا اذا اجتمعا
يا ايها الدين انت الحول والشرف / ما بال اهلك في الاقطار قد ضعفوا
انا على ما اصيب المسلمون به / لآسفون وان لم ينفع الاسف
طال الجدال على اشياء تافهة / واعرضوا عن صميم الدين واختلفوا
وولوا الحق الا البعض اظهرهم / وانكروه وقد كانوا به اعترفوا
الدين سمح فما ان فيه من عقد / والدين ما كان يستهدى به السلف
الدين اسوة من ضيموا ومن حزنوا / والدين سلوة من في عيشهم شظف
الحق دين ولكن قل ناصره / والدين حق ولكن اهله جنفوا
العيب في امة اخلاقها فسدت / لا عيب في الدين عنه اهله انحرفوا
ان الألى قد صفت منهم سرائرهم / ما ان لهم عن كتاب الله منصرف
وان احمد بحر في معارفه / فليغترف منه من قد كان يغترف
اكبر بفيصل ملكا طاهر النسب / يرى بلوغ العلى في وحدة العرب
نجل الرسول الذي كانت قد انقلبت / به العروبة قبلا خير منقلب
له عيون بنور الله ناظرة / الى الامام ولا ترنو الى العقب
يبني فيرفع ما يبني بحكمته / ويأخذ الشيء بعد الشيء عن كثب
اقرأه واقرأ سجايا اوليه تجد / ما شئت من نسب حمد ومن حسب
نرجو من الله في ايامه رشدا / في الدين في العلم في الاخلاق في الادب
وان تكون خطى غازي موفقة / فهو الامير الذي نرجوه في الكرب
وسوف تحمل اشبال العراق ظبيً / تحمى الثغور بها في عسكر لجب
لا يحفظ الثغر الا الجند محتشدا / فالملك كالعين والاجناد كالهدب
والعلم افضل لو زيدت وسائله / مما هنالك من مال ومن نشب
ومدّع بحياة البحر معرفة
ومدّع بحياة البحر معرفة / ما حازها احد في الاعصر الاول
فقلت صف لي كيف الحوت ممتحناً / فقال لي الحوت ذو قرنين كالجمل
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا / يكابدون حياة كلها تعب
وعندما يئسوا من عود صحتهم / الى منيتهم في جرأة وثبوا
اني لاحكي لعيني مبصري طللا
اني لاحكي لعيني مبصري طللا / نال البلى منه قسطاً وهو يحكيني
قد بت والحق منبوذين في بلد / كنا عزيزيه ابكيه ويبكيني
أثرى الدخيل بأرض قد شببت بها
أثرى الدخيل بأرض قد شببت بها / أما نصيبك منها فهو حرمان
وقدم البعض حتى نال بغيته / تزلف لم تمارسه وأدهان
يزداد كونك من اطرافه سعة
يزداد كونك من اطرافه سعة / في فهمها العقل كل العقل حيران
ما للوجود تناه في ضخامته / فانما خلف هذا الكون اكوان
ان الفضاء انحناءات قد اتصلت
ان الفضاء انحناءات قد اتصلت / منها النهايات عودا بالبدايات
فيه العوالم ارحاء تدور بها / يد الزمان من الماضي الى الاتى
قد عدت بعد ذهاب منك يا عيد
قد عدت بعد ذهاب منك يا عيد / اذ كل شيء يسر النفس مفقود
أانت عيد به الافراح شاملة / ام مأتم فيه للاحزان تجديد
عيد اجل انت عيد الاسلام به / الا لمن قلبه بالغش معقود
عيد به عنك هذا الناس في شغل / بهمها ما بها في الالف مسعود
عيد الم على يأس بمملكة / وليس فيه لجرح سال تضميد
حيث الدخيل سعيد من تزلفه / وعن مواطنه للحر تشريد
عيد تمج جراح الحق فيه دما / وخنجر الضيم في الاحشاء مغمود
عيد يكابد فيه المسلمون اسى / مبرحا ما عليه الصبر محمود
يبغون ركناً لهم يستعصمون به / والركن من ضربات الدهر مهدود
يؤملون زعيما فيه تسرية / وهل يسري عن المصفود مصفود
يشكو تباريحه الاسلام مضطهدا / اين الاباة واين الذادة الصيد
الحق يوطأ بالاقدام منسحقا / وما هنالك يحمى الحق صنديد
باب المنية مفتوح لمضطهد / وكل باب سواه فهو مسدود
الغيد تبكي شجاها في المصاب وما / اشجى دموعا همت تبكي بها الغيد
ما ان لها من عقود غير ادمعها / منها تحلى بها اللبات والجيد
نالت مطالبها الاقوام قاطبة / ومطلب العرب المهضوم مردود
في كل يوم تصيب القوم كارثة / فداحة ويروع القوم تهديد
لا قلب الا وفيه الحزن مرتكم / وما لأبعاد هذا الحزن تحديد
لا الروض نضر كما قد كنت تعهده / ولا لبلبله الصيداح تغريد
اتى على الروض حتى جف من ظمأ / يوم من الدهر يشوى النبت صيخود
تسر بالعيد اقواما اولى شمم / ايامها البيض لا ايامها السود
اذهب فان قلوب الشعب دامية / ما ان لها من سلو فيك يا عيد
وكيف تفتح ابواب السرور لها / وفي يد غير ايديك المقاليد
كنا نرحب بالاعياد عائدة / لو كان في العيد للاحزان تبديد
لا وحدة في النظام اليوم تجمعهم / فان قومي عباديد عباديد
وما بكل بلاد العرب من جذل / ولا بكل بلاد العرب مسعود
قد كان وجهك بساما لناظره / واليوم يملأ منك الوجه تجعيد
اظافر الدهر غاصت فيه عابثة / ففيه من كل ظفر منه اخدود
الدهر يعطى سروراً يمنعه / وذلكم منه لا بخل ولا جود
ما كان قبلا لهذا الشعب من خطل / حتى اطمأن فغرته المواعيد
ان السهام وان كانت منصلة / يعوزها منه عند الرمي تسديد
ذم المدافع للاسماع قارعة / كما تصادم جلمود وجلمود
نريد ظلا يقينا الحر من شجر / لم يبق اخضر منه اليوم املود
لم يبق عندي بغير الشعر من ولع / وانما الشعر اغرود واغرود
وما الحياة سوى نار مؤججة / يثيرها في دم الشبان بارود
وانها لاصطدامات بمنحدر / كما تصادم بالسيل الجلاميد
قد علمتني تجاريبي التي سبقت / ان ليس يظفر بالحاجات رعديد
ايام ذي العز اعياد برمتها / اما الذليل فهذا ماله عيد
تجرد العود لما هيض من ورق / فهل ستصبر حتى يورق العود
لم استمع ردحا للحق من نبأ / حتى تظنيت ان الحق ملحود
يا حق انك من كل الذين بهم / عثت يد الحيف في الاقطار منشود
للحق حام وفي الايام متسع / الست تؤمن ان الله موجود
ما انت يا احمد في دولة الادب
ما انت يا احمد في دولة الادب / الا الزعيم والا شاعر العرب
وما تنبأت في دين كما زعموا / بل في الفصاحة سباقا وفي الادب
فكان يوحي اليك الشعر عن شحط / وكان يوحي اليك الشعر عن كثيب
ما كنت للشعر تستوحي قوافيه / حتى تجيئ من الاعجاز بالعجب
وكنت في قادة الآداب اولهم / وكنت اولهم في الجحفل اللجب
وكنت في الشعر مثل الماء منطلقا / وكنت في الحرب مثل النار في الحطب
كم حكمة لك سارت في الورى مثلا / قد قلتها بلسان الشاعر الذرب
كم دولة للقريض الناهض انقلبت / لكن عرشك فيها غير منقلب
وقالة الشعر ان نذكر منازلهم / فانت في الرأس والباقون في الذنب
صاحت بغاث ببازي الشعر تنقده / فلم يبال بها البازي ولم يجب
ان الذي مات عن شعر هدى امماً / لخالد في قلوب الناس والكتب
بالبغي قد قتلوا للشعر منك ابا / فاصبح الشعر من يتم بغير اب
لهفي كثر لو ان اللهف ينفعني / على حياتك اذا فضت الى العطب
هي الرزية لا تنسى فجيعتها / على توال من الاعصار والحقب
بالشعر والادب الايام طيبة / فان خلت منهما الايام لم تطب
الدهر جار على الآداب يزهقها / وما على الدهر إما جار من عتب
القتل رزء وهذا القتل افجعه / كأنما بك من الشر حل وبي
انت القتيل الذي لا قبر يجمعه / من بعدما مزقته اظفر النوب
وربما عرف الاسلاف مصرعه / مما على الارض فيه من دم سرب
القبر قبر فلا يجدى الدفين به / وان بنته اكف القوم من ذهب
مضى يريد حياة كلها دعة / وما درى ان غول الموت في الطلب
ولست اسأل عنه عند غيلته / أكان مضطربا ام غير مضطرب
ما في الرزية للمرزوء منتعش / لا يرقص الطير مذبوحا من الطرب
ليست بدار امان يطمأن لها / دينا مصائبها ينسلن من حدب
قصيدتي هذه ريحانة عبقت / جنيتها من لباناتي ومن اربى
نظمتها من شعور لي لاهديها / الى ابي الطيب النهاض بالادب
وما الذي قد نظمنا القول فيه سوى / صدى الذي قاله في سالف الحقب