القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 85
رضيتُ بالدّونِ لمّا لم أجدْ وَزَراً
رضيتُ بالدّونِ لمّا لم أجدْ وَزَراً / ولو وجدتُ لَما أُرضيتُ بالدُّونِ
كَم ذا أُعالجُ إمّا كاشحاً حَنِقاً / أَوْ أُبتَلى بصديقٍ غيرِ مأمونِ
ما زلتُ بُقياً على الأحوالِ تجمعنا / أُطيعه وهو طولَ الدّهرِ يعصيني
بُعداً وسُحقاً لقومٍ لا حِفاظَ لهمْ / كنزتُ عندهمُ وُدّاً فملّوني
ما زلتُ فيهم وَصولاً مَن يقاطعني / ورائشاً عندهمْ من كان يَبريني
منُّوا عليَّ بأن لم يسلبوا نَسَبِي / سَقْياً ورَعْياً لفضلٍ غير ممنونِ
مِن كلِّ أَخرَقَ مأسورٍ بشهوتِهِ / مُخَدَّعٍ برخاءِ العيشِ مفتونِ
ظنّوا وليس لهمْ فضلٌ يقدّمهم / إنّ التقدّمَ في أَيدي السَّلاطينِ
هيهاتَ ما الفضل إلّا ما حبَتك به / أَمُّ الفضائلِ من عقلٍ ومن دينِ
ما كان مُبتاعُهم إلّا أَخا نَدَمٍ / وَليسَ بائعهم إلّا بمغبونِ
جَنَوْا سَقامي وكم فيهم وعندهُم / طَبٌّ بدائي ولكنْ لا يُداويني
يقولُ قومٌ وما لي فيهمُ دُوَلٌ / أجفوهُ بَذْلاً له فيهمْ ويجفوني
كم بين فَقْرٍ وإثراءٍ فقلت لهمْ / ما بين عزِّ الفتى في النّاسِ والهُونِ
عش مفرداً غيرَ مقرونٍ فلا جَذَلٌ / إلّا بأنِّيَ فردٌ غيرُ مقرونِ
لو كنتُ أعلمُ أنّ البعدَ يؤمنني / بعدتُ لكنّ بُعدي لا يُنجّيني
مَن مُخرِجِي من بلادي فهْيَ موبئةٌ / وكلّ داءٍ بها في الخلقِ يُعديني
وقد عَمَرْتُ زماناً في مرابعها / أعدو المحاذرَ فيها وهْيَ تعدوني
وَقَد صَحبتُ الّذي بالغيِّ يَأمُرُني / وبالّذي يُدنِسُ الأعراضَ يُغرِيني
إنّي لأعجبُ منه وهو ذو عَجَبٍ / يبيعني قبل أن يلقي ويَشريني
يَقِيهِ نحرِيَ مِن رامٍ فريستَه / يوم الوغى هو عُمْرَ الدَّهرِ يرميني
وَكلّما أَخرجتْ كفّي القَذاةَ له / من جَفْنِهِ بات يُشجيني ويُقذيني
وكم أُلَبِّيهِ في ضَرّاءَ يركبُها / ولم يكن يومَ سَرّاءٍ يُلَبّيني
مَن لِي بِحُرٍّ من الإخوانِ ذي أَنَفٍ / أكفيه أثقالَه طَوْراً ويكفيني
لا يَلتَقي بِيَ إلّا عند نائبةٍ / يُعين فيها ومكروهٍ يُعنّيني
فهو المُؤاتِي ولكنْ في مُذَمَّمَةٍ / يُثنِي عَليَّ ونَرْدي لا يُؤاتِيني
خذْ كيف شئتَ فما الدّنيا بخالدةٍ / ولا البقاءُ على خلقٍ بمضمونِ
خُلِقتَ من طينةٍ لمّا خُلِقتَ فلِمْ / تَربأ بنفسكَ أنْ تُهدى إلى الطّينِ
إلى التّراب يصير النّاسُ كلُّهمُ / مِن مُفْهَقٍ بالغِنى كفّاً ومِسكينِ
مُبَدَّلين بتُربٍ عن ملابسهم / وبالخشونةِ عن خَفْضٍ وعن لينِ
قُلْ للَّذي رَقَمَتْ أموالَهُ يدُه / يُغنِي مُوَيلكَ مُفني مال قارونِ
أَينَ الّذي رَفع الإيوانَ تحسبُه / إذا بدا لك طَوْداً لاح في بِينِ
وأين عالٍ على غُمدانَ مُحتقراً / من كِبْرِياءٍ به غُرَّ العَثانينِ
وأين مَن حلّ في خَفّانَ مُحتكِماً / على الملوكِ مُحَيّاً بالرّياحينِ
كأنّهمْ ساكني غُبْر القبورِ لهمْ / لم يسكنوا بيننا غُبْرَ البساتينِ
بادوا فلا أثَرٌ منهمْ ولا خبرٌ / إلّا أَساطيرُ تقريظٍ وتأبينِ
يا ليتَ شعرِيَ أيُّ الأرض تَنبتُ لِي / وأيُّ تُربٍ من البَوْغاءِ يَعْلوني
وأيُّ وقتٍ من الأوقاتِ أكرهُهُ / أُجيبُ فيه حِمامي إذْ يناديني
إنْ كنتُ لم أعْيَ من خَطْبٍ رُميتُ به / فإنّ خَطْبَ صُروفِ الدّهرِ يُعييني
رُمِ النَّجاءَ عن الفحشاءِ والهونِ
رُمِ النَّجاءَ عن الفحشاءِ والهونِ / وَلا تَعُجْ بصديقٍ غير مأمونِ
ولا تُقِمْ بين أقوامٍ خلائقُهُم / خُشْنٌ وإنْ كنت في خَفْضٍ وفي لِينِ
ماذا العناءُ وظلُّ العودِ يُقنعني / وذا الشّقاءُ وبعضُ القوتِ يكفيني
والمالُ تُصبِحُ صِفراً كفُّ جامعِهِ / ولو أَنافَ على أموالِ قارونِ
وليس ينفعني والدّاءُ يعنُفُ بي / إذا وجدتُ طبيباً لا يداويني
مَن لِي بمن إنْ هَفَتْ رِجلاهُ في زَلَقٍ / حُميتُهُ أو هفَتْ رِجْلايَ يحميني
يرمي العِدا أبداً عنّي وليس يُرى / ولو رماني جميع النّاس يرميني
أَشكو إلى اللَّهِ قَوماً عشتُ بينهُمُ / يرضون من كلّ ما يبغون بالدُّونِ
لا رَوْنَقٌ لهمُ يرضاهُ لِي بصري / ولا لهمْ عَبَقٌ يرضاه عِرْنِيني
من كلّ أخْرَقَ بالشّنعاءِ مُضطَبِعٍ / وبالّذي دنّسَ الأعراضَ مَزْنونِ
أَعدوه لا جائزاً منه بناحيةٍ / والشّرُّ كالعُرِّ في الأقوامِ يُعديني
لولا التّنوخيُّ لم آنسْ إلى أحدٍ / ولا أجَبْتُ وداداً من يناديني
وَلا رَأتنِيَ عينٌ لاِمرئٍ أبداً / إلّا عَرِيّاً خَلِيّاً غيرَ مقرونِ
ليلي بزَورَتِهِ في مُشْرِقٍ يَقَقٍ / والصّبحُ أَسعدُ صبحٍ حين يأتيني
كأنّه مبهجٌ أضحى يبشّرني / ومطربٌ أبداً أمسى يغنّيني
لَو يَستَطيع حَماني كلَّ بائقَةٍ / وباعد السّودَ في رأسي عن الجُونِ
يُطيعني وهو ممّن لا اِمتنانَ لهُ / كأنّه طولَ هذا الدّهر يَعصيني
كم ليلةٍ بتُّ منه في بُلَهْنِيَةٍ / أُعطيهِ ما يَبتغي منّي ويُعطيني
كأنّنا باِخضرارٍ من تذكّرنا / نُمسِي ونُصبحُ في خُضرِ البساتينِ
ونابَ مِنّا حديثٌ بات يُطربنا / عن أنْ أُسَقِّيهُ كأساً ويسقيني
متى سقاني فروّاني مواصلةً / فما أُبالي بمن في الخَلْقِ يجفوني
وإنْ جرى لِيَ مدحٌ في مقالتِه / فقل لمن شاء في الأقوام يهجوني
لَم تَحلُ إلّا بهِ الدّنيا ولا مَرَقتْ / منهُ الخَلائقُ عن بُحْبُوحَةِ الدِّينِ
لا أدْرَكتْ أُذُني ما ليس يُعجبني / فيه ولا مُقلتي ما ليس يُرْضيني
وَلا اِستُرِدَّ الّذي أُعطيتُ منه ولا / عادتْ غصونٌ كَستْني منه تعريني
يا طائرَ الأيْك غرّدْ لي على الفَنَنِ
يا طائرَ الأيْك غرّدْ لي على الفَنَنِ / وَداوِ ما بِيَ من همٍّ ومن حَزَنِ
وفي الفؤاد شجونٌ غيرُ زائلةٍ / إنْ كان قلبُك خِلْواً غيرَ ذي شَجَنِ
ما لي أراك بلا شَوْقٍ ولا كَلَفٍ / ولا حبيبٍ تُرَجِّيهِ ولا سَكَنِ
إنْ كنتَ تُنصَف ممّنْ أنتَ تعشقه / فإنّني عاشقٌ من ليس يُنصفني
وَما الشّقاوةُ إلّا فتنةٌ سكنتْ / قلباً وأفلح قلبٌ غيرُ مُفتَتنِ
وَفي الكثيب الّذي فارقتُهُ عجلاً / ما شاءتِ العينُ من حُسْنٍ ومن حَسَنِ
أُحبُّ فيه عَسوفاً ليس يرأفُ بِي / وقاسِيَ القلبِ فَظّاً ليس يرحمني
ما الوعدُ منه بمألوفٍ لعاشقِهِ / فإِنْ يَعِدْ فهْوَ بالإنجاز يَمطُلُني
يسيءُ بي مالكاً رِقِّي ولستُ أَرى / حظّاً لنفسِيَ منه أنْ يُحرّرني
نفسي الفداءُ لخوّانٍ كلفتُ به / أظلُّ أُونِسُهُ دهراً ويوحشني
وَهمّ نفسي خَلِيٌّ بات يشغلنِي / أو الصّحيحُ الّذي ما زال يُمرضني
وكم ليالٍ مضتْ لي في خُناصِرَةٍ / ينام فيها قريراً مَنْ يُؤَرِّقُني
ظَبْيٌ تجافى الجَوى عنه فروّحه / يُقيمني حُبُّهُ طوراً ويُقعدني
مُحيّرٌ وجهُهُ للشّمسِ إِن طلعتْ / ومُخجلٌ قَدُّه إنْ ماس للغُصُنِ
أُطيعهُ وهو يَعصيني وأُنصِفُهُ / كما يحاول من نفسي ويظلمني
ما للخيالِ الّذي قد كان يطرقنا / أَيّامَ وَصْلكُمُ قد عاد يطرُقُني
نَفَتْ يقينِيَ عن قلبي أباطِلُهُ / فما لعينِيَ حقٌّ لا ولا أُذُني
قُلْ لِلحُداة وقَد زَمّوا لِرحلَتِهمْ / يومَ الفراقِ خياشيماً من البُدُنِ
دقّتْ وما زالتِ الأشطانُ تجذبُها / إلى المَهامِهِ حتّى صِرْن كالشَّطَنِ
حملتُمُ اليومَ قلبي في هوادِجكمْ / فليس ينفعُني أنْ تحملوا بدني
ولستُ في وطنٍ فارقتموهُ وفي / رِحالكمْ حيثما يمَّمْتُمُ وطني
يا صاحبيَّ على ما الدّهرُ مُحدثُهُ / من مركبٍ لَيِّنٍ أَوْ مركبٍ خَشِنِ
قولاً لملكِ ملوك الأرض كلِّهمُ / والرّكن للدّين والماضي على السُّنَنِ
قد نِلتَ ما لم يَنل كسرى ولا بلغتْ / هِمّاتُ عمرٍو ولا سَيفِ بن ذي يَزنِ
ما إنْ يكون لأخلاقٍ خُصصتَ بها / كريمةٍ في الورى شِبْهٌ ولم يكنِ
تُغضي وما حاذر الأقوامُ كلُّهمُ / من الرّجالِ سوى إِغضاءِ ذي فِطَنِ
وَتتركُ القولَ لم تُحْمَد مواضعُهُ / وكم صَموتٍ وما يُدعى من اللَّكَنَ
يَفديك كلُّ جَمودِ الكفِّ عن كرمٍ / للعرضِ مُطّرِحٍ للمالِ مُحتَجِنِ
ناءٍ عن الخير منحازٍ بناحيةٍ / عن المكارمِ صَبّارٍ عن الوَهَنِ
للّهِ دَرُّك في هولٍ نفضتَ به / عن الضّلوعِ مُرورَ الرُّعْبِ والجُبُنِ
والطَّعنُ يفتُقُ في كفَّيْك فاغرةً / كشِدْقِ أعْلَمَ أوْ لا فهي كالرُّدُنِ
وَأَنتَ في معشرٍ شُمٍّ أُنوفُهُمُ / لم يرتضوا في هضابِ المجدِ بالقُنَنِ
عارينَ إلّا مِن الحسناءِ قاطبةً / كاسِينَ إلّا منَ الشّنعاءِ والدَّرَنِ
ومشتري الحَمدِ لَمّا قلّصَت هِمَمٌ / عن غاية الحمد بالغالي من الثمَنِ
لهم ثِيابٌ نَقيّاتٌ بلا دَنَسٍ / مَرَّ اللّيالي وعيدانٌ بلا أُبَنِ
وإنْ دَعَوْتَ بهمْ في يومِ مَلْحَمَةٍ / جاؤوك شدّاً على الأكوارِ والحُصُنِ
بأَذرُعٍ لم تزلْ منهمْ معوَّدَةً / هزَّ الظُّبا البيضِ أو سُمرَ القنا اللّدِنِ
قُل للَّذي باتَ يَرمينِي وليس له / علمٌ بأنّك لِي أوْقى من الجُنَنِ
لا تَبغِ سَلبِي ولا تَمْدُدْ إلى سَلَبِي / منك اليدين ورُكْنُ الدّين يحرسني
قد كنت قبلك أهجو الدّهرَ مجتهداً / وقد رُزِقْتُك لا عَتْبٌ على الزَّمَنِ
فَأَنت أَحلى لقلبي من مُناهُ وفي / عيني عقيبَ السُّرى والأَيْنِ من وَسَني
قدني إليك فما أعطيت معتصباً / بِالتاجِ قبلك رقّي لا وَلا رَسني
وَاِعلمْ بِأنِّيَ في يُمناك مُدَّخراً / خيرٌ من المالِ في أبياتِ مُختَزِنِ
فإِن تجدني كما جرّبتَ ذا لَسَنٍ / فإِنَّ مدْحَك موقوفٌ على لَسَني
وما رضيتُ سواكمْ آمراً أبداً / وقد رضيتُك تنهاني وتأمرني
إذا مدحتُك لم أقرعْ بلائمةٍ / وبات يعذرني من بات يعذُلني
قصائدٌ رقّصَتْ بالسّامعين كما / ترقّص الخمرُ في أحشاء ذي أَرَنِ
فالغَوْرُ كالنَّجدِ في نشر الرُّواةِ لها / والحيُّ مِن مُضَرٍ كالحيِّ من يَمَنِ
لِي في اِمتداحك أَسبابٌ تُقدّمني / وتارةً ليَ أسبابٌ تؤخّرني
فطَوْلُ فضلك عن قومي يُجنّبني / وعِظْمُ حلمك عن هَفْوي يشجّعني
فَاِسعَد بِذا العيدِ والإفطار إنّهما / والنُّجحَ في كلّ ما تَبغيهِ في قَرَنِ
وقد مضى الصّومُ لم يكتبْ عليك به / ذنبٌ ولا ناله شيءٌ من الظِّنَنِ
يُثني عليك كما أثنى الرّياضُ وقد / جيدَتْ ضواحيه إصباحاً على المُزَنِ
ودُمْ لمجدٍ تعلّيهِ ومُمْتَحَنٍ / أخرجتَه كَرَماً من قبضةِ المِنَنِ
ما اِفتَرَّ فجرٌ وما لاحَتْ بشائرُهُ / وما تَرَنَّمَ قُمْرِيٌّ على غُصُنِ
لا تطمعِي في سُلُوِّ قلبٍ
لا تطمعِي في سُلُوِّ قلبٍ / ليس له عن هوىً سُلُوُّ
قلبُكِ خالٍ وبي اِنشغالٌ / وَما اِستوى الشغْلُ والخُلُوُّ
يا بِأَبي من هدا مناماً / وما لعينِي به هُدُوُّ
إنْ تَدْنُ يوماً إلى وِصالي / فحبّذا ذلك الدُّنُوُّ
أوْ تَحْنُ مِن بعدِ طولِ صَدٍّ / فربّما أكثب الحُنُوُّ
يا حاملَ الكأس ناوِلْني مُشَعشَعةً
يا حاملَ الكأس ناوِلْني مُشَعشَعةً / لم تَقْرِ همّاً ولا بُخلاً بواديها
أحسِرْ بها غَيْهَبَ الأحزانِ عن فِكَري / فكم ليالٍ بها زيّدتُ وارِيها
لَم أدرِ لمّا اِمتطتها كفّ حاملها / أَحلّتِ الكأسَ أم خَدَّي مُعاطِيها
وَعائبٍ لمشيبي وَهو لابِسُهُ / ولم يَعِبْ حُلّةً في النّاسِ كاسيها
لم يدر أنّ مشيبَ الرّأس من فكري / لَم يَسْرِ رَكْبُ مشيبٍ في نواحيها
أَليسَ ينقص يوماً في ذُراً لهمُ / ماءُ الشّباب غزيرٌ في عَزاليها
وما الفناءُ بموقوفٍ على حَدَثٍ / وَالنّابُ في الذَّوْدِ أغْنى من حواشيها
وعاذلٍ من صنيعٍ قد تدرّعه / وليسَ يَشفِي مِنَ الأمراضِ شاكيها
طويتُ كشحَيَّ عنه ثمّ قلتُ له / ما العيشُ إنْ جَنَحَتْ نفسِي لِلاحيها
دَعْني أنَلْ من زماني بعضَ لَذَّتِهِ / فقد وثِقْتُ بأنّ الدّهرَ يَفْرِيها
وكيف آنسُ بالدُّنيا ولستُ أرى / إلّا اِمرءاً قد تعرّى من عَواريها
كأنّها غُصّةٌ حلّتْ بِمَبْلَعِها / أوْ كالقَذاةِ أقامتْ في مآقِيها
نَصبوا إليها بآمالٍ مُخَيَّبَةٍ / كَأنّنا ما نرى عُقْبى أمانِيها
في وَحشةِ الدّار ممّنْ كان يسكنها / كُلُّ اِعتبارٍ لمن قد ظلّ يأويها
لا تكذِبنَّ فما قلبي لها وطنٌ / وقد رأيتُ طُلولاً من مَغانيها
كم قد ركبتُ إلى العلياءِ ظهرَ فَلاً / تضلّ فيه قَطاةٌ عن مَجاثيها
وَقفرةٍ تُنكرُ الأنْس الوحوش بها / ولا يُرجّي ورودَ الماءِ صاديها
إذا تراخَتْ رِكابي عن مَهامِهِها / رَكِبتُ فيها اِعتزاماً لا يُباليها
هانَت عليَّ مَخوفاتُ الخطوبِ فما / أَثْنِي يمينيَ عن قُصْوى مَراقيها
كَأنّما قَد نعَى الدّنيا مُخَلَّدُها / أَوْ في يديَّ أمانٌ من لياليها
وَمنْ تَكنْ نفسُهُ لم يَمْلَها جَزَعٌ / فزجرُ مُهْرِك في الهيجاءِ ماليها
وإنْ تكن لم تَذَرْ كُثْرَ الأنامِ لها / قُلّاً فَشِلوُ هَزيلِ الجَنْبِ كافيها
نَفسي تُنازِعُني حالاً يضيق لها / عَرضُ البلادِ فمن لي مِن تقاضيها
لقد دَعَتْ سامعاً لم تَكْدَ دعوتُهُ / وطالبتْ بعظيمٍ مَنْ يُؤاتيها
أَقلِل لَديَّ بِأَنباءِ الزّمانِ فما / أهابُ نفسي لأنّي لا أُرَجِّيها
لا تَجتَنِ العِزَّ إلّا من حدائِقِهِ / فكم رياضٍ عِراضٍ خاب جانيها
ما عزّ من ذلَّ في تطلابِ عِزَّتِهِ / مجاوِرُ النّارِ من قُرٍّ كصاليها
إنَّ المعالِيَ لا تُعطيك صَهْوَتَها / وما سَعَتْ لك رِجلٌ في مساعيها
لم تَنتَهِزْ ما دنا من فرعِ دَوْحتِها / فكيف تسمو إلى ما في أقاصيها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025