المجموع : 136
إن كنتُ في مصرَ مجهولاً وقد شُهِرَتْ
إن كنتُ في مصرَ مجهولاً وقد شُهِرَتْ / فَضائِلي بينَ بَدْوِ النّاسِ والحَضَرِ
فما على الشّمسِ من عارٍ تُعابُ به / إذا اختَفى ضَوءُها عن غيرِ ذي بَصَرِ
كفى حَزَناً أَنَّ الحوادثَ قصَّرَتْ / يَدي ولساني عن نَوالٍ وعن أَمْرِ
فما يَخْتَشي الأعداءُ بأسي وسَطوَتي / ولا يرتَجي الإخوانُ نَفعي ولا نَصْري
إذا نابَهُم خطبٌ فكلُّ استِطاعَتي / تلَهُّبُ أنفاسٍ أحَرُّ مِن الجَمرِ
ولا خيرَ في الدّنيا لمِثلي ولو صَفَتْ / إذا كان لا يُرجى لنفعٍ ولا ضَرِّ
سهلٌ على العارِفِ بالدَّهرِ / ما نابَ من مُستصْعَبِ الأَمْرِ
وكلُّ ما استُعْظِمَ من حادِثٍ / مُسْتَصْغَرٌ في جانِبِ الصَّبْرِ
أُنظُر إلى حسن صَبرِ الشّمعِ يُظهر للرْ
أُنظُر إلى حسن صَبرِ الشّمعِ يُظهر للرْ / رَائين نوراً وفيه النّارُ تَستَعِرُ
كذا الكريمُ تراه ضاحِكاً جَذِلاً / وقلبُه بدخيل الهِمِّ مُنفَطِرُ
إنّي لأعرِفُ من وجهِ العدُوِّ وَإِن
إنّي لأعرِفُ من وجهِ العدُوِّ وَإِن / أبدى المُداجاةَ ما تُخفي ضَمائِرُهُ
كالخَطِّ يلحَظُهُ القاري فيوصِلُ مَعْ / ناهُ إلى قَلْبِه في الوقتِ ناظرُهُ
اصْبرْ تَنل ما تُرجّيهِ وتَفضُلُ مَنْ
اصْبرْ تَنل ما تُرجّيهِ وتَفضُلُ مَنْ / جاراك شَأوَ العُلا سَبقاً وتَبريزا
فالتِّبْرُ أُحرِقَ بالنيرانِ مُصْطَبِراً / على لظاها إلى أن عادَ إِبْريزا
اصبِرْ إذا نابَ خطبٌ وانتظِر فَرجاً
اصبِرْ إذا نابَ خطبٌ وانتظِر فَرجاً / يأتي به اللهُ بعد الرَّيْثِ والياسِ
إن اصطبارَ ابنةِ العُنقودِ إذْ حُبِسَتْ / في ظُلمةِ القارِ أدَّاها إلى الكاسِ
الضُّرُّ في أيَّامِنا هَذِهِ / كاللَّيلِ يَغْشى سائِرَ النّاسِ
وكلّهُمْ راضٍ وفوقَ الرِّضا / بِبُلْغَةِ الطَّاعِم والكاسي
وَدُونَ ما يرجونه مانِعٌ / يلْقى وجوهَ الناسِ بالياسِ
لا تُخْدعَنَّ بأطماعٍ تُزَخْرِفُها
لا تُخْدعَنَّ بأطماعٍ تُزَخْرِفُها / لكَ المُنى بحديثِ المَينِ والخُدَعِ
فلو كَشَفتَ عن المَوتى بأجمَعِهِم / وجدتَ هُلكَهُمُ في الحِرصِ والطَّمَعِ
ومُماذقٍ رَجْعُ النّداءِ جَوابُهُ / فإذا عَرا خطبٌ فأبعدُ مَن دُعِي
مثلُ الصّدَى يَخفى عليَّ مكانُهُ / أبداً ويملأُ بالإجابَةِ مِسمَعِي
لنا صديقٌ يغُرُّ الأصدقاءَ وما
لنا صديقٌ يغُرُّ الأصدقاءَ وما / رأيتَهُ قَطُّ في وُدِّ امرئٍ صَدَقا
صديقُه أبداً منه على وَجَلٍ / كَراكِبِ البحرِ يخشى دهرَهُ الغَرَقا
لا تقرَبَنْ بابَ سُلطانٍ وإن مَلأتْ / هِباتُهُ غَيرَ مَمنونٍ بها الطُّرُقا
فإنّ أبوابَهُم كالبَحرِ راكبُهُ / مُرَوَّعُ القَلبِ يَخشى دهرَه الغَرَقا
أُستُرْ بصبركَ ما تُخفيهِ من كَمَدٍ
أُستُرْ بصبركَ ما تُخفيهِ من كَمَدٍ / وإن أذابَ حَشاكَ الهَمَّ والحُرَقُ
كالشَّمعِ يُظهِرُ أنوارَ التَّجَمُّلِ والدْ / دُموعُ منْهَلَّةٌ والجسمُ مُحتَرِقُ
أُنظُر إلى صَرفِ دهري كيفَ عَوَّدَني
أُنظُر إلى صَرفِ دهري كيفَ عَوَّدَني / بعدَ المَشيبِ سِوى عاداتيَ الأوَلِ
وفي تَغايُرِ صرفِ الدّهرِ معتَبِرٌ / وأيُّ حالٍ على الأيام لم تَحُلِ
قد كنتُ مِسْعَر حَربٍ كلَّما خَمدَتْ / أضرمتُها باقتداحِ البيضِ في القُلَلِ
هَمِّي منازلةُ الأقرانِ أحسَبُهُم / فَرائسِي فَهُمُ منِّي على وَجَلِ
أمْضَى على الهَولِ من لَيلٍ وأهْجَمُ مِن / سَيْلٍ وأقدِمُ في الهيجاءِ مِن أجَلِ
فَصرتُ كالغَادةِ المِكسالِ مضجَعُها / على الحشَايا وراءَ السَّجفِ والكِلَلِ
قد كِدتُ أعْفَنُ من طُولِ الثَّواء كما / يُصدي المهنَّدَ طولُ المَكثِ في الخِلَلِ
أروحُ بعد دُروعِ الحربِ في حُللٍ / من الدَّبيقِي فبؤساً لي وللحُلَلِ
وما الرَّفاهَةُ من رأبِي ولا أرَبى / ولا التَّنعُّمُ من هَمِّي ولا شُغُلي
ولستُ أهْوى بلوغَ المجدِ في رَفَهٍ / ولا العُلاَ دُونَ حَطِمْ البيضِ والأَسَلِ
إنّيِ وثِقتُ بأمرٍ غَرَّنِي أمَلِي
إنّيِ وثِقتُ بأمرٍ غَرَّنِي أمَلِي / فيهِ وقد قِيل كم مِن واثِقٍ خَجِلِ
عادَت إليَّ الأمَانِي مِنهُ آيسَةً / فيا حيَاءَ المنى من خَيبَةِ الأملِ
يا شاربَ الخمرِ بعدَ النّسكِ والدّينِ
يا شاربَ الخمرِ بعدَ النّسكِ والدّينِ / وبعدَ ما تَابَ عمَّا رابَ مُذْ حِينِ
أفسدتَ دينَكَ والسبعونَ أفسَدَتِ اُلدْ / دُنيا فَلَسْتَ بذي دُنيا ولا دينِ
وإنّما أنتَ فَخّارٌ تكسَّرَ لاَ / يُرجى لنفعٍ ولا يُعتَدُّ في الطِّينِ
كم تقصِدُ الماجِدِينَ الفاضِلِين وكم
كم تقصِدُ الماجِدِينَ الفاضِلِين وكم / تُعلِّمُ الكرماءَ البُخْلَ يا زَمنُ
إذا تَوالت عنهم نائباتُك واِجْ / تاحَتْ فواضلَ ما يُولُونَهُ المِحَنُ
فكيفَ بالجُودِ والأحداثُ تسلُبُ ما / يُولَى به العُرْفُ أو تُسدَى به المِنَنُ
شُغْلُ الزّمان بأهلِ النقصِ يرفعُهم / حَتَّى يُثَمِّرَ للوُرَّاثِ ما خَزَنُوا
ألهاهُ عن كُرماءِ النّاسِ فهْو عَلَى / ذَوي المكارِمِ والأفْضَالِ مُضْطَغِنُ
صحَا وللجهلِ أوقاتٌ وميقاتُ
صحَا وللجهلِ أوقاتٌ وميقاتُ / وللغَوايات والأهواءِ غاياتُ
رأى المشيبَ كبِيضِ الهِندِ لامعةً / لها علَى فَودِهِ الغربيبِ إِصلاتُ
فراجعَ الحلمَ وانجابَت غَوايَتُه / وفي النُّهى للهَوى المُرْدي نِهاياتُ
والشيبُ شُهْبٌ رمت شيطانَ شِرِّتِهِ / فأقصَدَتْهُ وكم تَنجو الرَّمِيَّاتُ
لله دَرُّ الصِّبا لو دَام رونَقُهُ / فما كأوقَاتِه فِي العمرِ أوقاتُ
ولا رَعى الشَّيبَ من زَوْرٍ إذا نزل الْ / مَثْوى نَأَتْ وسَرَتْ عنهُ المَسَرَّاتُ
طَوالعُ الشّيبِ إن رَاقتك واضحةً / طلائعٌ قدَّمَتْهُنَّ المَنِيَّاتُ
دعْ ما نَهى الشّيبُ والسبعونَ عنه فَتِر
دعْ ما نَهى الشّيبُ والسبعونَ عنه فَتِر / بَاكَ الصّبا والشّبابُ الغضُّ قد دَرجَا
واعتَضْتَ من فَتْكِ أخدانِ الصّبا وَرَعاً / ومن جَهَالةِ أيامِ الشّبابِ حِجى
عُذِرتَ إذ جُرتَ في ليلِ الشبابِ فَهَلْ / عُذرٌ وشَيبُك قد أذكى لكَ السُّرُجَا
وما أساءت بك الأيامُ إذ جَعلتْ / فَودَيك دُرّاً وكانا قبلَه سَبَجَا
رأيتُ ما تلفِظُ الموسى فآسفَني
رأيتُ ما تلفِظُ الموسى فآسفَني / إذ عادَ حالِكُه كالثَّلجِ منثُورَا
فقلتُ إذ رابَني تغييرُ صَبْغَتِه / سبحانَ من ردَّ ذاكَ النَّدَّ كافُورَا
إذا تقوَّسَ ظهرُ المرءِ من كِبَرٍ
إذا تقوَّسَ ظهرُ المرءِ من كِبَرٍ / فعاد كالقوسِ يمشي والعصَا الوترُ
فالموتُ أروحُ آتٍ يسترِيحُ بِه / والعيشُ فيه لهُ التَّعذيبُ والضَّررُ
إذا عَاد ظهرُ المرءِ كالقَوسِ والعصَا / له حينَ يمشي وهْي تقدمُهُ وَتَرْ
وملَّ تكاليفَ الحياةِ وطُولَها / وأضعَفَهُ من بعدِ قُوَّتِه الكِبَرْ
فإنّ لَه في الموتِ أعظمَ راحةٍ / وأمْناً من الموتِ الذي كان يُنتظَرْ
لما تخطّتنِيَ السَّبعونَ مُعرِضةً
لما تخطّتنِيَ السَّبعونَ مُعرِضةً / وساوَرَ الضَّعفُ بعدَ الأَيْدِ أركاني
وأُدخِلَتْ كانَ في شُكرِي وفي صِفتِي / واسترجَع الدَّهرُ ما قد كان أعطَانِي
رُزقْتُ فَروةَ والسَّبعون تُخبرُها / أن سوف تَيْتَمُ عن قُربٍ وتَنْعانِي
وهي الضّعِيفَةُ ما تنفكُّ كاسِفةً / ذلِيلةً تَمتري دمعي وأحزانِي
ما كان عمَّا ستلقاهُ وعن جَزَعي / لِما ستلقَاهُ أغناهَا وأغْنَانِي
يا رَبِّ حُسْنُ رجائي فيكَ حسَّنَ لي
يا رَبِّ حُسْنُ رجائي فيكَ حسَّنَ لي / تضييعَ وقتيَ في لهوٍ وفي لَعِبِ
وأنتَ قلتَ لِمن أضحى على ثِقَةٍ / بحسنِ عفوِكَ إنّي عند ظنِّكَ بي
يا غافلينَ عن الأمرِ الذي خُلِقُوا
يا غافلينَ عن الأمرِ الذي خُلِقُوا / له أفيقُوا فللنُّوَّامِ هَبَّاتُ
مَاذَا السُّكونُ إلى دُنيا حَوادِثُها / لَها على الخلقِ غَدْواتٌ وعَدْوَاتُ
كيف البقاءُ بدارٍ للفناءِ بها / على الخلائِق كرَّاتٌ وغاراتُ
وأنتَ يا أيّها المغرورُ مالَك في الدْ / دُنيَا من الناسِ غيرَ البعدِ مَنْجَاةُ
يسرُّكَ البِشرُ منهم حينَ تُبْصِرُهم / ولو خَبَرْتَ لساءَتْكَ الطَّوِيَّاتُ
فاقطع حِبالكَ من كلِ الأنامِ فهمْ / في كلِ حالاتِ مَنْ دانَوْا حِبالاتُ
واحذَرْ من النّاسِ إنّي قد خَبَرْتُهُمُ / ولا يغرَنَّكَ خِبٌّ فيه إِخبَاتُ
لا تَرْجُهُم في مُلِمّاتِ الزّمانِ فما / تُلِمُّ إلاَّ مِنَ النَّاسِ المُلِمَّاتُ
وكلّهمْ وهُمُ الأحياءُ إن بُعِثُوا / على الحياءِ وفعلِ الخيرِ أمواتُ
وقد سمِعْنا بأنَّ الأرضَ كانَ بِهَا / ناسٌ كرامٌ ولكن قيلَ قد مَاتوا
ولستُ أدري صحيحاً ما تَضَمَّنَت ال / كُتْبُ القديمةُ أمْ فيهَا ضَمَانَاتُ
وأغلبُ الظَّنِ أنَّ القومَ قد جَمَعُوا / للبَاخلينَ حديثَ البُهْت أي هَاتُوا
لو كانَ ما جمَعُوا يَبْقَى لَهُمْ لَقَضَتْ / علَيهِمُ بالمُواساةِ المروءاتُ
فكيفَ وهْي عَوَارٍ تُسْتَرَدُّ وأَفْ / يَاءٌ تُنقِّلُها في النَّاسِ دَوْلاتُ
لا تَرْتَجِ الخلقَ فالأبوابُ مُرْتَجَةٌ
لا تَرْتَجِ الخلقَ فالأبوابُ مُرْتَجَةٌ / دُونَ الحُطامِ وبابُ اللّهِ مفتوحُ
والرِّزَقُ لو كان في أيدي الأنامِ أبَوْا / أنْ يشرَبَ الماءَ مِنْ طُوفانِه نوحُ
لكنَّهُ في يَدَيْ مَنْ فضلُه أبداً / للطائعينَ وللعاصينَ مَمْنوحُ