المجموع : 96
إن قلت إن الوجود نفس ال
إن قلت إن الوجود نفس ال / موجود يا أشعري فقل لي
كذاك إن الموجود نفس ال / وجود عكس بلا مخل
وقلت إن الوجود جنس / والجنس تمييزه بفصل
والفصل نفس الوجود أيضا / فالكل جنس مثلاً بمثل
فأين فصل الوجود يا ذا / بمقتضى علمك الأجل
فإن تقل فصله اعتبار / في العقل مثل اعتبار ظل
قلنا لك الإعتبار أمر / له ثبوت في كل عقل
وعنه شيء يقال وهو ال / موجود فارجع لحكم كل
وإن تقل إن كل شيء / وجوده حكم مستقل
مميز عن سواه ذاتاً / فليس فيه اشتراك جعل
نقول لا جنس فالوجود ال / مراد جزئيْ وليس كلي
خلاف ما حرروا وقالوا / في حكم قانون علم شكل
أو قلت إن الوجود غير ال / موجود والغير غير أصل
طراً على الشيء وهو لا شي / ء صار نعتاً له يجلي
بمن ترى النعت قائم وال / منعوت لا شيء فاستمع لي
وهل تقوم النعوت يوماً / بغير أشيا ولا محل
هذا سؤال على عقول / أتى بعلم ونفي جهل
فإن تكن عالما فحقق / جوانباً يا أجلَّ خِلِّ
لله في كل ما يبديه تعليلُ
لله في كل ما يبديه تعليلُ / والخلق تكثيرُه في الأمر تقليلُ
صح الجواب لقوم يسألون وما / صح الجواب لأن الفعل توكيل
في كل شيء له سر الوكالة إذ / لم يخرج الشيء عنه فهو تأصيل
وإن أردتم جواباً واحداً فقفوا / هنا فما هذه قيلَ التماثيل
معنى يراد ومعنى لا يراد سرت / حقائق الكل فيما فيه تكميل
الحمد لله لا جاه ولا مالُ
الحمد لله لا جاه ولا مالُ / وإنما هو علم الله والحالُ
فلا أخاف على جاه يزول ولا / مال عليه يدٌ تبغي وتحتالُ
عندي علوم وما عندي لها أحد / في عصرنا اليوم بين الناس حمّال
أبثها بين أقوامٍ فيوهمني / بعضٌ بإيمانه والبعض نقال
وهم يلومون في إفشائها وأنا / أخاف تدركني بالكتم أنكال
لعنٌ من الله في القرآن جاء لمن / أخفى بياناً له في الذكرِ إنزال
وإنما أنا أبديها فيؤمن ذو / هدىً وينكرها من فيه إضلال
يا ويحهم كلما أصغوا لها وجدوا / قبولها فدهتهم منه أثقال
فيعرضون اكتفاءً بالذي فهموا / والفهم فيها بدون الذوق بطّال
وغاية الأمر أن البعض ليس له / منها على الجدّ إلا القيل والقال
عقدتي كلها القرآن جملتُهُ / وسنة المصطفى علم وأعمال
واللهُ لي منهما بالكشف يوضح ما / لم تستعدَّ له في القوم أبطال
ذوقٌ أكاد به أدري الغيوبَ بلا / درايةٍ لكنِ الإيمان فعّال
والذل والإنكسار القلب مشتمل / عليها دائماً ما فيه إخلال
وفي الأذيةِ لي صبرٌ ولي جلدٌ / وليس لي في انتظار النصر إهمال
عندي التفاصيل من علم الإله ترى / وغيرنا عنده في العلم إجمال
دينٌ هو الشرع بادي والحقيقة قد / دارت به فأحاطت وهي أحوال
برٌّ وبحرٌ هما دين الإله فلا / تكفر بواحدة منهن تغتال
كن مؤمناً بهما إن لم يكن لهما / فيك اقتدارٌ فللرحمن إقبال
بالشرع مؤمنهم لا بالحقيقة قل / أو بالحقيقة لا بالشرع دجال
ومؤمن بهما في جنة وعُلىً / لكن له عن تجلي الحق أشغال
لأنه ما له ذوق يحققه / بالحق والقلب منه فيه إغفال
وصاحب الذوق سرٌّ لا يباح به / ما عنده قط في الأشياء أشكال
الله أكبر هذا الدين فهتُ به / جميعه ولغيري فيه أقوال
فمن يجد عنده رشداً يدين به / أو لا فذلك للباغين تمثال
ربي تجلَّى بأنواع الخلائق لي
ربي تجلَّى بأنواع الخلائق لي / تجلياً هو كشف القول والعملِ
فالقول كن فيكون اسمع مقالتنا / فإنها لك تهدي أوضح السبل
والفعل قدرتُه بعد الإرادة لم / يترك من الكون شيئاً غير منفعل
فانظر بعقلك فيما أنت تدركه / فإنه الخلق من عال ومنسفل
وانظر إلى ربك الفعال ثم إلى / كلامه الحق عين الأحرف الأول
بالجمع قرآنه والفرق أجمعه / فرقانه فتحقق فالمقام جلي
صفا الوجود فلا علم ولا عملُ
صفا الوجود فلا علم ولا عملُ / وإنما الكل أوهامٌ بها الخبلُ
تقدير مولاك يا هذا جميعك قد / بدا فكن ذائقاً قولي ولا زلل
قَشِّرْ وجودَكَ إنَّ القشرَ تأكُلُهُ / دوابُّنا أنت قشرٌ أيها الرجل
وعلمنا في أولي الألباب يعرفه / من قد تخفَّى بهم لما به جهلوا
تبارك الله لا حق سواه ولا / لباطل أثر يدري به البطل
يا من تصفَّى وجوداً خالصاً وبدا / مِنْ قشرِهِ إذ عليه كان يشتمل
قشرٌ هو العدمُ الموهوم ليس له / أصلٌ وما ثم لا سهلٌ ولا جبل
لما رأى الصعقَ موسى كان ليس هنا / موسى وقل جبل بالدك منجبل
نعم تصفَّيتَ من دعوى الوجود وقد / فنيت فاصدق إذا ما كنت تحتمل
أنت الذي هو أنت الكل أجمعهم / لا كل لكن علينا ضاقت الحيل
يحبني وأنا المعدوم لم أزلِ
يحبني وأنا المعدوم لم أزلِ / أحبُّه وهو موجود من الأزلِ
إنا كلانا محب واحد وهما ال / مصوران على أحوالنا الأول
حق هو الله فرد دائم أبداً / وباطل أنا مع قولي ومع عملي
يا أيها الباطل المغرور تطمع أن / ترى وجوداً بلا شبه ولا مثل
وإنما أنت رأيٌ قد أضلك في / بطلانه فاقتصر واعرض عن الجدل
نعم ترى أنت نور الوجه منه بدا / يغشى الكوائن من سهلٍ ومن جبل
الله نور السموات استمع خبراً / والأرضِ عن ربِّنا في الذكر منه تُلي
وتبصر النور مرشوشاً عليك كما / جاء الحديث به عن أشرف الرسل
فاجعل فناءك معراجاً إليه ولا / تكن جباناً وكن كالفارس البطل
هذا مقامك في دنيا وآخرة / واترك وجودك تقرب منه بل تَصِل
إن الوجود بدا في كل كائنة / معدومة وهو في حق الجميع جَلي
في كل جنس من الأجناس معلومِ
في كل جنس من الأجناس معلومِ / لا بد من خادم فيهم ومخدومِ
وثالثٍ هو بالإفساد بينهما / يسعى بعقل من الخيرات معدومِ
وكل طائفة تخشى أفاضلهم / تبدو أراذلهم بالقبح والشوم
فكم رأيت أناساً لا خلاق لهم / وظالماً ظاهراً في زيِّ مظلوم
وكم عرفت بربي مشكلاً قصرت / عنه العقول عقول العرْب والروم
وكم بليت بأقوام سواسية / في حكم أمر بعين الحس موهوم
وليس من يأكل الأكوان عذْبَ جنىً / كمثل آكلها أشجارَ زقوم
كل امرئ عقله ميزان حالته / فليس صوت هزار الدوح كالبوم
كلامنا الحق لا تخفى فوائده / إلا على منكرٍ للحقِّ محروم
به نخاطب أهل الإتفاق على / سر عظيم من الأسرار مكتوم
هم المراد به لا غيرهم أبداً / بالقول في كل منطوق ومفهوم
مَنُّ العلومِ وسلوَى الغيرِ أهلُهُما / في الشكلِ من عصبةِ القثَّاءِ والثوم
أبو هريرة حيث الإختلاف رأى / في الحق ما بين ممدوح ومذموم
لو قال ما عنده من علم خالقه / عن النبي دهاه قطعُ بلعوم
ومثلُه شعرُ زين العابدين أتى / يا ربَّ جوهرِ علمٍ قولَ منظوم
فلتترك القاصرون الخوض في كلمي / هم أهل عقل من الأغيار مكلوم
ونحن قلنا عن السر المصون وعن / نطق الوجود وأمر منه معلوم
لا عن خيال ولا فكر وشاهده / كنت اللسان له في قرب قيوم
إن كنت نائمْ
إن كنت نائمْ / فالله قائمْ
أو كنت فاني / فالحق دائم
حبيب قلبي / رفقاً بهائم
من فيك حاروا / فهم بهائم
وكيف تخفى / على الملائم
وفيك هامت / أُولُوا العزائم
ومنك زادت / لهم غنائم
وفي الهوى أن / فقت كرائم
وأنت روض / وهم نسائم
وأنت غصن / وهم حمائم
وأنت شمس / وهم غمائم
بلا رؤس / لهم عمائم
وكل صب / لقاك رائم
وكل طرف / عليك حائم
وكل حب / له علائم
ومنه لا تن / فع التمائم
والقلب ممن / سواه صائم
فليس يصغى / إلى اللوائم
وفي بحار ال / غرام عائم
وبرق ذات ال / مليح شائم
يمشي ولكن / بلا قوائم
وجوده قد / محا الجرائم
ولطفه لل / صبا يلائم
وتارة يش / به السمائم
والغير في أر / ضه نعائم
وهو الربا وال / ورى سوائم
ذو العلم قصر مشيد ليس ينهدمُ
ذو العلم قصر مشيد ليس ينهدمُ / بئرٌ معطلةٌ ذو الجهل مرتدمُ
والقرب من خالق الأكوان معرفة / بها قلوب ذويها فيه تأتدمُ
ما الزهد إلا مقام السالكين إلى / قرب الإله لهم يعلو به قدم
وكيف يمكن زهد لامرئٍ نظرت / عيناه أن جميع الكون منعدم
لكنه ثابت يعني فليس له / نفيٌ بإثبات قولٍ وصفُهُ القدم
وإنما الكل بالحق المبين لهم / بانوا وبنيانهم لولاه منهدم
فهو الوجود الذي لا غيره أبداً / وهم تقاديره المخدوم والخدم
وواحد هو في ذات وفي وصفة / ومطلق وقيود لحمهم ودم
والواصلون إليه قائمون به / فهو الوجود لهم بالوهم ينعدم
وليس شيء مع الحق المبين وهل / مع الوجود سواه والسوى عدم
أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما
أنا التَعَيُّنُ والرب المهين ما / به التعين طوبى للذي فهما
هو الوجود القديم المحض جل ولم / أزل مُقَدَّرَهُ والحادثَ العدما
فرَّقتُ بيني بتحقيق الوجودِ له / وبينه بعد درْكِ الجمع بينهما
والجاهل الغر لا يدري مقالتنا / فيه وإن كان محسوباً من العُلَما
ومن عجائب أمري أنني عدم / ولي وجود به قد صرت متَّهَما
وهو الذي قبضتني هكذا يده / لها وقد بسطتني صنعة الحُكَما
فحرت فيه وفي أمري فأرشدني / إليه يثبت لي في علمه قَدَما
فها أنا اليوم مشغوفٌ برؤيته / محققاً ظاهراً في الكون منبهما
هل من فتى يا بني قومي أُفَهِّمُهُ / فيكشف الله عنه هذه الغُمَما
ويصبح القطب في سامي دوائره / وفي الحقائق يمسي المفرد العلما
ما قلت ذلك من نفسي ولا جهلت / حقيقتي فادعت ما قلته شمما
وإنما الغيب لي لاحت إشارته / لتُسمعَ اللوحَ ما قالته والقلما
لوحُ الوجود المسمى روح نفخته / وعقلُهُ قلمٌ كلَّ الورى رقما
مراتب هن للحق الوجود بدت / فيهن كان قديماً واسمهنَّ عَمَا
محمدُ الإسمِ حمدُ الرسم معلومُ
محمدُ الإسمِ حمدُ الرسم معلومُ / وليس يحكيه منطوقٌ ومفهومُ
لأنه السر فالأسرار تعرفه / فكن به السر إن الجهر موهوم
ميم الدوائر بالتحقيق معتبر / في كل شيء فمقروء ومرقوم
والمد معناه في العرف الزيادة من / شيء يقال وما قد قيل محتوم
حاميمُ في قلبه فهي الزيادة مع / حاميمُ حاميمُ سرُّ السبعِ مكتوم
حاء وميم إليها الدالُ منتسبٌ / لأنه سرها يخفيه حلقوم
حرف شريف له التحريف في بشر / قد اعتراهم على تحريفه شوم
دُم طالباً تاركاً دعوى الوصول فما
دُم طالباً تاركاً دعوى الوصول فما / فاز أمرؤٌ بَلَّ من دعوى الوصول فَما
رأيت قوماً لهم دعوى الوصول إلى / مولى الموالي الذي قد عمهم كرما
وعنه قد رجعوا قصداً لأنفسهم / يدبرون بها اللذاتِ والألما
وليس فيهم سوى دعوى الوصول وقد / عاشوا بها في غرور زائد وعمى
والله ما وصلوا لله إن رجعوا / وكيف يرجع من في الحضرة انعدما
وبعدما انعدم انزاحت حقيقته / إلى حقيقة غيب عنه فانكتما
وكان ما كان مما لا أفوه به / نور لقد أعدم الأنوار والظلما
فهو الوجود الحقيقيْ والسوى عدم / صرف أحاط به الرب الذي علما
وبالذي هو في العلم القديم لقد / تكلم الحق حتى أظهر الكلما
والأمر كن فيكون الخلق أجمعهم / في كل طرفة عين بارقاً دهما
دع الدعاوي وقم في الباب منكسراً / لعل يقبلك البواب إن رحما
ولا تزاحم على نيل المنى أحداً / واعلم بأن قضاء الله قد لزما
والكل منه وما منه سواه فدع / عنك الجهالة واترك ذلك الوهما
أنا الوجود كما أني أنا العدمُ
أنا الوجود كما أني أنا العدمُ / على الصراط وما زلت بي القدمُ
أكون طوراً وجوداً إن ظهرت به / وتارةً عدما يخفى وينكتم
والغيب غيب على ما كان في أزل / ولا سواه ولا شيء سواه هم
هذاه ما هو هذا ما هو استمعوا / والعرب والعجم لا عرب ولا عجم
والكل فان كما قال الإله لنا / والكل ليس بفان هذه نعم
قل اعملوا قال ربي ثم قال لهم / لا يقدرون على شيء وإن زعموا
فحقق الأمر والخلق اللذينِ هما / لله وافهم هي الأنوار والظُلَم
واقرأ كتابك ما جاء النبي به / إليك وهو كتاب الله يا فَهِم
واعلم بأن لك الشرع القويم هدى / لا زيغ فيه وإن زاغت به أمم
واترك هدى العقل لا تحفل بعقلته / واتبع هدى الله فهو الحاكم الحَكم
واسأل من الله فتحاً في شريعته / في نص قرآنه تبدو لك الحِكم
فعلمنا كله ضدان ما اجتمعا / على خلاف الذي في العقل منبهم
ضدان ضدان أمر الله أجمعه / حكم قديم به أهل النهى حكموا
لله في الكون تحريكٌ وتسكينُ
لله في الكون تحريكٌ وتسكينُ / قل لي فما تفعل القوم المجانينُ
وكل أفعالنا لا شك حادثةٌ / فافطن فهل لسوى الرحمن تكوين
لا النار تحرق إلا عند محتجب / أعمى ولا تقطع الجرمَ السكاكين
وإنما هي أسباب مرتبة / عندي لفاعلها المحتار تعيين
يا راقد الليل قم فجرُ النجاة بدا / ما راح حينٌ ووافى مثله حين
بك احتجبت فلا تنظر إليك تفز / واخرج عن الكل تأتيك البراهين
وانحل شيئاً فشيئاً في الوجود وذب / حتى توافي مقاماً فيه تمكين
فكلهم هو فاسمع وهو غيرهمو / إن الزجاج له بالشمس تلوين
واحرص على الأمر والنهي اللذين هما / نتيجة الخلق يا ماءٌ ويا طين
لله سر خفي ليس يدركه / إلا اللبيب الذي فينا له دين
من أسخط الناس في مرضاة خالقه
من أسخط الناس في مرضاة خالقه / فذلك الفائز الناجي بلا مين
تأتي الأنام بلام في القيامة من / تُقى وهذا الذي يأتي بلامين
لمائه كلُّنا أواني
لمائه كلُّنا أواني / ونحن في نفسه معاني
والكل عن أمره ظلال / وذاته الشمس في البيان
مراتب بالوجود صارت / حقائق الغيب والعيان
عن كل أوصافه أبانت / عند الورى مثل ترجمان
وجوده لا يزال منها / يطلى بنيل وزعفران
وبظلام وبضياء / وبضراب وبطعان
وبجماد وبنبات / وبأناس وحيوان
وبرجال وبنساء / وأهل شيب وعنفوان
وكل عقل وكل حسن / والمتمنين والأماني
وكل فهم وكل وهم / وكل وقت وكل آن
وملكوت وجبروت / وكل إنس وكل جان
وكل ساق وكل كاس / وكل خمر وكل حان
وبحسانٍ وبقباحٍ / وبهموم وبتهاني
وكل شيء صرفت عنه / ولم يصرّح به لساني
توهُّمات الجميع فيه / من فرط عز ورفع شان
يجل عنها وعن مقالي / يجل فيما به سباني
والعلم بالجهل قد تساوى / عجزهما عنه في قران
وكل عبد بما لديه / في محنة منه وافتتان
وقد تجلى بكل شيء / والشيء من عالم الكيان
فَضَاءَ منه فَضَاءُ كُلٍّ / كالنور في صبغة القناني
وفيه كانت فصار فيها / والقلب ينبيك عن بيان
وليس غير الوجود فيها / بقائم والجميع فاني
وهو على ما عليه قدماً / بلا انتقال ولا اختزان
ولا اتصال ولا انفصال / ولا افتراق ولا اقتران
ولا التفات ولا جهات / ولا زمان ولا مكان
ولا حلول ولا اتحاد / ولا تناء ولا تداني
فإن تكن فاهماً وإلا / فدع كلامي لمن يداني
ولا تعب ما جهلت منه / بقلبك القاصر الجبان
وخل ما قلته لقوم / يطرب أسماعهم أذاني
فإن داعي الكمال مني / يسمع من شاء بامتنان
وكل شيء للحق شان / والحق باد في كل شان
مسك له الكل طيب عرف / معنى له الكل كالمباني
نحن التقادير منه فيه / كالكيف والكمِّ والمكان
وهو الوجود القديم صرفاً / وما له في الوجود ثاني
رآه موسى الكليم ناراً / عنه بدا الكل كالدخان
ورام منه بأن يراه / فجاءه عنه لن تراني
لكونه رائياً فلو لم / يرى رآه إليه داني
لكن علا شوقه عليه / منه عدا مالك العنان
وزاد حتى أزال عنه / تثبُّتاً كان في الجنان
ومنه قد صار في ذهول / وفي اندهاش لما يعاني
والشوق يوهي العقول جدّاً / في رؤية الأوجه الحسان
حتى إذا دك منه طور / و عاد بالصعق في اكتمان
أفاق مستغفراً منيباً / مسبِّحاً طالب الأمان
ما قال إني رأيت أو ما / رأيت إذ كان في عيان
كان محباً له فأضحى / محبوبه الرائق الدنان
وما عليه اختفى تبدى / له جهاراً بلا تواني
وصار يبديه كل شيء / قد كان أخفاه باجتنان
وللمثاني آيات حق / تظهر في نغمة المثاني
يذوقها كل ذي فؤاد / بنيل قرب الإله عاني
سماؤه بالغرام شقت / وورده صار كالدهان
يموت بالفكر ثم يحيى / بالذكر في القلب واللسان
ويستريب الجهول منه / والله يلقيه في امتحان
ولا تراه يعيش إلا / في فرط ذل وفي هوان
وإن يمت فالجزاء نارٌ / لأنه للضلال جاني
وبافتراء وباعتداء / أنكر حقاً وبامتهان
ولا يضيعُ الإلهُ شيئاً / فكيف إيذاء ذي العيان
طرف الذي طلب التحقيق سهرانُ
طرف الذي طلب التحقيق سهرانُ / وعقلُه بشراب الله سكرانُ
وقلبه فيه أخلاق مطهرة / حيمدة وهو بالتوفيق ملآن
إن رمت أخلاقه الحسنى تعددها / فلتصغ منك لما أبديه آذان
هي الوقار كذا التقصير في أمل / ونيةٌ رحمةٌ أيضاً وإيمان
نصيحةٌ غيرةٌ شكرٌ مجاهدةٌ / تصوفٌ ثم إخلاصٌ وإحسان
خوف من الله مع حزن له أدب / وذكر موت وتفويض وإيقان
وغبطة في التقى رشدٌ مرابطةٌ / شجاعة ثم تحقيق وإمعان
وكظم غيظٍ وعفوٌ والخشوع كذا / رفق وصدق وما تبديه فتيان
والحب في الله ثم البغض فيه به / أنس وشوق إلى المولى وأشجان
وحسن ظنٍّ وزهدٌ عفةٌ وحياً / أمانة ثم تسليم وإذعان
صلابة الدين ثم الإستقامة مع / قناعة وعلى الرحمن تكلان
ورقة والتأني والتملق في / تحصيل علم لدى شيخ له شان
سلامة الصدر من حقدٍ مراقبةٌ / فراسةٌ ذكرُ أنَّ الله منان
والمدح والذم فيه الإستواء كذا / تفكرٌ حكمةٌ تنمو وتزدان
مروءة واعتقاد لا ابتداع به / حبُّ الخمولِ فلا يدريه إنسان
صبر وسعي وحلم توبة ورجا / محبة الله حتى عنه رضوان
وفاء عهد وإنجاز لموعدة / عقاب نفس عتاب فيه تبيان
تواضع ثم إيثار مشارطة / حساب نفس له في العدل ميزان
كذا عبودية حرية وكذا / إرادة والسخا ما فيه نقصان
وقصد طول حياة للتقى وإلى / خير مبادرة إذ فيه إمكان
فخذ حميدة أخلاق ثمانية / أتت وسبعين عقد فيه مرجان
أنت الذي طول عمري الهمِّ تكفيني
أنت الذي طول عمري الهمِّ تكفيني / وعند موتي وتغسيلي وتكفيني
أنت العليم بحالي والبصير به / يا مالك الملك يا رب السلاطين
وليس لي من سلاح فيك أحمله / بل أنت حسبيَ عن حمل السكاكين
أنت القوي على ضعفي تدبرني / في كل أمر وعما شئت تغنيني
خلقتني من تراب واقتدرت فلا / مساعد لك في خلقي وتكويني
وأنت سويتني من نطفة رجلاً / وفيَّ منك بنفخ الروح تحييني
كم نعمة لك عندي لست أحصرها / فيما سيأتي وفي الماضي وفي الحين
وأرتجي منك توفيقي لشكرك يا / شكور أنك ما أرجوه تعطيني
وأعظم الكل إرشادي لدين هدىً / طريقة الحق نور الشرع والدين
كان النبي نبياً في الغيوب به / وآدم النفخ بين الماء والطين
وإنني بك ربي واثق كرماً / بالحفظ من كل ما عن ذاك يلويني
آمنت بالوعد حقاً والوعيد على / طبق النصوص التي جاءت بتعيين
وأنت أكرم من يوفي بموعده / من غير خلف ولا مطل ولا مين
ونرتجي كلنا خلف الوعيد فما / خلف الوعيد بعيب منك أو شين
لأنه كرم وهو الدليل على / عناية الله بالخلق المساكين
يا من له الحجة العظمى التي بلغت / أقصى الكمال وأزرت بالبراهين
على جميع الورى إن شاء عذبهم / عدلاً وخلَّدهم في نار سجين
وإن يشأ بجنان الخلد نعَّمهم / فضلاً وعاملهم باللطف واللين
إني أريدك لا أني أريد سوى / وما السوى غير تلبيس وتزيين
وأنت أنت هو الحق المبين بلا / شك وغيرك وسواس الشياطين
يا خالق الخلق بالسر العظيم ويا / من أمره بين ترحيك وتسكين
إني توسلت في الدنيا إليك بمن / جعلته سبباً في كل تدوين
ومن هو النور من فياض نورك قد / خلقت كل الورى منه بتكوين
طه النبي الذي أرسلته كرماً / فينا لكشف وإيضاح وتبيين
محمد المصطفى المختار من مضر / وآله الغر هاتيك الأساطين
أن تشرح الصدر من ضيق ومن حرج / وتفرج الهم من صعب بتهوين
ولا تدعني أمد الكف في طلب / ممن سواك على ظن وتخمين
واحفظ عقيدة قلبي من تقلبه / حتى ألاقيك في صدق وتمكين
وجد بعفوك عن عبد الغني وكن / عوناً له يوم تعديل الموازين
والطف به وبآباء له سلفوا / وكل إخوانه أرباب تحصين
والمسلمين جميعاً ما شدت سحراً / ورقُ الحمام بأنواع التلاحين
أي كنت من قبل أني كنت لا معه
أي كنت من قبل أني كنت لا معه / فلا تكن معه بل كن به تكنِ
في الكلب عشر خصالٍ كلُّها حُمِدَت
في الكلب عشر خصالٍ كلُّها حُمِدَت / يا ليتها كلها أو بعضها فينا
جوع له لم يزل والصالحون كذا / وما له موضع يختص تعيينا
كمن على ربه لا زال متكلاً / ولا ينام سوى من ليله حينا
مثل المحبين لا ميراث قط له / إن مات كالزاهدين المستقلينا
وليس يهجر يوماً من يصاحبه / وإن جفاه كأخلاق المريدينا
وراضيا بيسير من معيشته / ما زال كالقانع المستكمل الدينا
وإن يكن غالباً شخصٌ سواه على / مكانه ينصرف عن ذاك تهوينا
بتركه مثل أصحاب التواضع قل / وإن بضربٍ وطردٍ من فتى هينا
ثم الفتى قد دعاه بعد ذاك أتى / كحال أهل خشوعٍ خذه تبيينا
وإن رأى الأكل أضحى واقفاً تره / يرنو إليك كأخلاق المساكينا
وإن ترحَّل لا شيء ترى معه / مثل الذي حاز في التجريد تمكينا