المجموع : 72
لَوْ قِيلَ هَلْ رَجُلٌ طالَتْ بَلِيَّتُهُ
لَوْ قِيلَ هَلْ رَجُلٌ طالَتْ بَلِيَّتُهُ / لاسْتَعْبَرَتْ مُقْلَتِي حَتَّى أَقولَ أَنا
وَلَوْ قَضى حَزَناً مُسْتَهْتَرٌ دَنِفٌ / لَكُنْتُ أَوَّلَ مَحْزُونٍ قَضى حَزَنا
هذا كِتابُ فَتَىً طالَتْ صَبَابَتُهُ / مُكَبَّلٍ في الهَوى وَقْفٍ لِكُلِّ ضَنى
بَياضُ خَدَّيْكَ مَوْصُولٌ بِصُدْغَيْنِ
بَياضُ خَدَّيْكَ مَوْصُولٌ بِصُدْغَيْنِ / صُدْغٍ مِنَ اللَّيْلِ مُسْوَدِّ الجَناحَيْنِ
سَلَلْتَ سَيْفاً قَتَلْتَ العالَمِينَ بِهِ / فَكَيْفَ لَوْ جَرَّدَتْ عَيْناكَ سَيْفَيْنِ
هِيَ الحَياةُ الَّتي تَحْيَا النُّفُوسُ بِها
هِيَ الحَياةُ الَّتي تَحْيَا النُّفُوسُ بِها / تُمِيتُها كُلَّما شَاءَتْ وَتُحْييها
لَوْ أَنَّها خَاطَبَتْ مَيْتاً لَكَلَّمَها / وَقَامَ مِنْ قَبْرِهِ شَوْقاً يُلَبِّيها
عَادَيْتُ مِنْ أَجْلِها رُوحي وَقَدْ عَلِمَتْ / رُوحي بِأَنِّي أُعَادِي مَنْ يُعادِيها
وَلَسْتُ أَبْكي بِدَمْعِي حِينَ تُبْعِدُني / لَكِنْ بِرُوحي عَلَيْها حِينَ أَبْكِيها
للَّهِ إِنْسانُ طَرْفي حِينَ صَارَ بِها / عَبْدي كَما صِرْتُ فِيها عَبْدَ حُبِّيها
غُرِيتُ بِاللَّوْمِ فِيها إِذْ غُرِيتُ بِها / فَصِرْتُ أَهْوى مَلامي مِنْ مَلامِيها
هَذا لأَنَّ عَذابي صارَ يَعْذُبُ لِي / فيها وَأَنَّ حَيَاتي مِنْ أَيادِيها
يَا قَاتَلَ اللَهُ قَلْبي كَيْفَ صَبَّرَنِي / دَعَوْتُ بِالْمَوْتِ خَوْفاً مِنْ دَوَاعِيها
بِحَقِّها يا هَوَاها أَغْرِ هَجْرَكَ بِي / إِذا تَمَنَّيْتُ مِنْها هَجْرَ وَصْلِيها
رُحْ يا سَقَامِي عَلَى الأَعْضاءِ مُحْتَكِماً / كَما غَدَوْتَ لِفَرْطِ السُّقْمِ تُفُنِيها
خُذْ مِنْ قُوى النَّفْسِ مَا أَحْبَبْتَهُ صِلَةً / مِنِّي وَلا تُبْقِ لِي إِنْ شِئْتَ باقِيها
وَأَنْتَ فَاحْكُمْ بِمَا تَهْواهُ يا تَلَفِي / رَضِيتُ مِنْكَ بِهِ إِنْ كُنْتَ تُرْضِيها
عَساكِرُ الشَّوْقِ في قَلْبِي مُخَيِّمَةٌ / مُذْ خَيَّمَ الوَجْدُ لِي في رَبْعِ حُبِّيها
هَا قَدْ لَبِستُ ثِيابَ الضُّرِّ فِيكِ فَقَدْ / بُلِيتُ بِالسُّقْمِ فِيها قَبْلَ أُبْلِيها
وحَقِّ حُبِّكِ لا أَبْقَيْتُ مَا بَقِيتْ / عَيْني تَراكِ لِعَيْنِي دَمْعَةً فيها
وَلا اشْتَكَيْتُ إِلَيْها مَا وَجَدْتُ بِها / وَلا شَكانِي اشْتِكائِي مِنْ تَشَكِّيها
جَلَّتْ مَحاسِنُهُ عَنْ كُلِّ تَشْبِيهِ
جَلَّتْ مَحاسِنُهُ عَنْ كُلِّ تَشْبِيهِ / وَجَلَّ عَنْ مُشْبِهٍ في الحُسْنِ يَحْكِيهِ
اُنْظُرْ إِلَى وَجْهِهِ وَاسْتَغْنِ عَنْ صِفَتي / سُبْحانَ خَالِقِهِ سُبْحَانَ بَاريهِ
النَّرْجِسُ الغَضُّ مِنْ أَجْفَانِ مُقْلَتِهِ / وَالوَرْدُ مِنْ خَدِّهِ وَالدُّرُّ مِنْ فِيهِ
دَعَا بِأَلْحَاظِهِ قَلْبي إِلى تَلَفِي / فَجَاءهُ مُسْرِعاً طَوْعاً يُلَبِّيهِ
مِثْلَ الفَراشَةِ تَأْتِي إِنْ رأَتْ لَهَباً / إِلى السِّراجِ فَتُلْقِي نَفْسَها فِيهِ
تُرَكِّبُ الرُّوحَ فِيهِ إِذْ تُرَكِّبُهُ
تُرَكِّبُ الرُّوحَ فِيهِ إِذْ تُرَكِّبُهُ / في حِجْرِها فَمَلاوِيها مَلاوِيهِ
حَتَّى إِذَا دَغْدَغَتْ أَوْتَارَهُ عَبَثاً / تكَلَّمَتْ أَلْسُنٌ مِنْ صَدْرِها فِيهِ
مَا أَفْسَدَتْ يَدُها اليُمْنى مَحَاسِنَهُ / مُذْ أَصْلَحَتْ يَدُها اليُسْرى مَساوِيهِ
كأَنَّ أَجْفَانَهُ مِنْ جِسْمِ عَاشِقِهِ
كأَنَّ أَجْفَانَهُ مِنْ جِسْمِ عَاشِقِهِ / قَدْ رُكِّبَتْ فَهْيَ بِالأَسْقَامِ تَحْكِيهِ
في صُدْغِهِ عَقْرَبٌ لِلْصُّدْغِ لادِغَةٌ / دِرْياقُ لَدْغَتِها يا قَوْمِ مِنْ فِيهِ
للَّهِ للَّهِ مَا أَحْلى رِضَاكِ وَمَا
للَّهِ للَّهِ مَا أَحْلى رِضَاكِ وَمَا / أَمَرَّ سُخْطَكِ يا مَوْلاةَ مَوْلاهَا
لا شَيءَ أَحْسَنُ مِنْها إِنَّها خُلِقَتْ / أَعَزَّ شَيءٍ لِقَلْبِي حِينَ أَلْقَاهَا
إِذا تَلَهَّبَ نَارُ الشَّوْقِ في كَبِدي / أَطْفَاهُ مَاءُ التَّلاقي عِنْدَ رُؤْياها
يا مَنْ إِذا زِدْتُ ذُلا زَادَني تِيها
يا مَنْ إِذا زِدْتُ ذُلا زَادَني تِيها / عَلِّلْ بِوَعْدِكَ نَفْسِي فَهْوَ يَكْفِيها
أَمَتَّها بِدَوامِ الهَجْرِ مِنْكَ وَلَوْ / وَصَلْتَها كانَ رُوحُ الوَصْلِ يُحْييها
الحَمْدُ للَّهِ حَمْداً لا شَرِيكَ لَهُ / صَبْراً فَقَدْ حُرِمَتْ نَفْسِي أَمَانِيها
يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِنِّي قَدْ كَلِفْتُ بِمَنْ / لا أَسْتَطِيعُ لَهُ وَصْفاً وَتَشْبِيها
لا تَعْجَبِي لاخضِرارٍ في عَوَارِضِهِ / فَإِنَّ جَدْوَلَ ماءِ الحُسْنِ يَسْقِيها
نَالَتْ عَلى يَدِها مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي
نَالَتْ عَلى يَدِها مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي / نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَدِي
كأَنَّهُ طُرْقُ نَمْلٍ في أَنامِلِها / أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْها السُّحْبُ بِالْبَرَدِ
كأَنَّها خَشِيَتْ مِنْ نَبْلِ مُقْلَتِها / فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعاً مِنَ الزَّرَدِ
مَدَّتْ مَوَاشِطَها في كَفِّها شَرَكاً / تَصِيدُ قَلْبِي بِهِ مِنْ داخِلِ الجَسَدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِها مِنْ كلِّ نَاحِيَةٍ / وَنَبْلُ مُقْلَتِها تَرْمِي بِهِ كَبِدِي
وَعَقْرَبُ الصُّدْغِ قَدْ بَانَتْ زُبانَتُهُ / وَنَاعِسُ الطَّرْفِ يَقْظانٌ عَلى رَصَدي
إِنْ كانَ في جُلَّنارِ الخَدِّ مِنْ عَجَبٍ / فَالصَّدْرُ يَطْرَحُ رُمَّاناً لِمَنْ يَرِدِ
وَخَصْرُها ناحِلٌ مِثْلِي عَلى كَفَلٍ / مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكى الأَحْزَان في الخَلَدِ
إِنْسِيَّةٌ لَوْ بَدَتْ لِلْشَّمْسِ ما طَلَعَتْ / مِنْ بَعْدِ رُؤْيَتِها يَوْماً عَلى أَحَدِ
سَأَلْتُهَا الوَصْلَ قَالَتْ أَنْتَ تَعْرِفُنا / مَنْ رَامَ مِنَّا وِصالاً مَاتَ بِالكَمَدِ
وَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا في الحُبِّ مَاتَ جَوىً / مِنَ الغَرامِ وَلَمْ يُبْدِئْ وَلَمْ يُعِدِ
فَقُلْتُ أَسْتَغْفِرُ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَلٍ / إِنَّ المُحِبَّ قَلِيلُ الصَّبْرِ وَالجَلَدِ
قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَتْ فِينا لَوَاحِظُها / مَا إِنْ أَرى لِقَتِيلِ الحُبِّ مِنْ قَوَدِ
قَدْ خَلَّفَتْنِي طَريحاً وَهْيَ قَائِلَةٌ / تَأَمَّلوا كَيْفَ فِعْلُ الظَّبْيِ بِالأَسَدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَني وَمَضى / بِاللَهِ صِفْهُ وَلا تَنْقُصْ وَلا تَزِدِ
فَقَالَ أَبْصَرْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأ / وَقُلْتِ قِفْ عَنْ وُرُودِ المَاءِ لَمْ يَرِدِ
قَالَتْ صَدَقْتَ الوَفَا في الحُبِّ عَادَتُهُ / يَا بَرْدَ ذاكَ الَّذي قَالَتْ عَلَى كَبِدِي
وَاسْتَرْجَعَتْ سَأَلَتْ عَنِّي فَقِيلَ لَهَا / مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ دَقَّتْ يَداً بِيَدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤأً مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ / وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُنَّابِ بِالبَرَدِ
وَأَنْشَدَتْ بِلِسَانِ الحَالِ قَائِلةً / مِنْ غَيْرِ كُرْهٍ وَلا مَطْلٍ وَلا جَلَدِ
وَاللَهِ مَا حَزِنَتْ أُخْتٌ لِفَقْدِ أَخٍ / حُزْني عَلَيْهِ وَلا أُمٌّ عَلَى وَلَدِ
فَأَسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجْرِي عَلَى عَجَلٍ / فَعِنْدَ رُؤْيَتِها لَمْ أَسْتَطِعْ جَلَدِي
وَجَرَّعَتْنِي بِرِيقٍ مِنْ مَرَاشِفِها / فَعَادَتِ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي
هُمْ يَحْسُدُوني عَلَى مَوْتِي فَوا أَسَفِي / حَتَّى عَلَى المَوْتِ لا أَخْلوُ مِنَ الحَسَدِ
قَدْ جَاءَتِ البَغْلَةُ السَّفْوَاءُ يَجْنُبُها
قَدْ جَاءَتِ البَغْلَةُ السَّفْوَاءُ يَجْنُبُها / لِلْبَرْقِ غَيْثٌ بَدَا يَنْهَلُّ مَاطِرُهُ
عَرِيقَةٌ نَاسَبَتْ أَخْوالَها فَلَها / بِالْعِتْقِ مِنْ أَكْرَمِ الجِنْسَيْنِ فَاخِرُهُ
مِلءُ الحِزَامِ وَمِلءُ العَيْنِ مُسْفِرَةٌ / يُرِيكَ غَائِبَها فِي الحُسْنِ حَاضِرُهُ
أَهْدى لَها الرَّوْضُ مِنْ أَوْصَافِهِ شِيَةً / خَضْراءَ نَاضِرَةً إِنْ زَالَ ناضِرُهُ
لَيْسَتْ بِأَوَّلِ حُمْلانٍ شَرَيْت بِهِ / حَمْدِي وَلا هِيَ يَا ذَا الجُودِ آخِرُهُ
كَمْ قَدْ تَقَدَّمَها مِنْ سَابِحٍ بِيَدِي / عِنَانُهُ وَعَلى الجَوْزَا حَوَافِرُهُ
أَسْتَوْدِعُ اللَهَ في بَغْدَادَ لِي قَمَراً
أَسْتَوْدِعُ اللَهَ في بَغْدَادَ لِي قَمَراً / بِالكَرْخِ مِنْ فَلَكِ الأَزْرَارِ مَطْلَعُهُ
وَدَّعْتُهُ وَبِوُدِّي أَنْ تُوَدِّعَني / رُوحُ الحَياةِ وَأَنِّي لا أُوَدِّعُهُ
وَكَمْ تَشَبَّثَ بِي يَوْمَ الرَّحيلِ ضُحَىً / وأَدمُعي مُستَهِلاتٌ وَأَدمُعُهُ
وَكَم تَشَفَّعَ في أَن لا أُفارِقَهُ / وَلِلضَّرُورَةِ حَالٌ لا تُشَفِّعُهُ
يا سَادَتي هذِهِ رُوحي تُوَدِّعُكُمْ
يا سَادَتي هذِهِ رُوحي تُوَدِّعُكُمْ / إِذْ كَانَ لا الصَّبْرُ يُسْلِيها وَلا الجَزَعُ
قَدْ كُنْتُ أَطْمَعُ في رَوْحِ الحَياةِ لَها / فَالآنَ مُذْ غِبْتُمُ لَمْ يَبْقَ لِي طَمَعُ
لا عَذَّبَ اللَهُ رُوحي بِالبَقاءِ فَما / أَظُنُّها بَعْدَكُمْ بِالعَيْشِ تَنْتَفِعُ