المجموع : 136
هو الجوادُ الذي يلقَاهُ مادحُهُ
هو الجوادُ الذي يلقَاهُ مادحُهُ / وإن غَلا فوقَ ما أثْنَى وما وَصَفَا
مَعذّلٌ في النّدَى لكنَّ راحَتَهُ / تأبَى مع العَذْلِ إلاّ البَذْلَ والسَّرَفَا
صَعبُ الإِباءِ إذا ما هِجتَ سَورتَهُ / نزرُ الرِّضا فإذا استَعطَفْتَهُ عَطَفَا
بَادي الحُقُودِ على أعدائِه فإذا / نَالتْهُمُ قدرةٌ منه حَبا وعَفَا
نَغْشى مواردَ من أخلاقِه كَرُمتْ / وِرداً ونرتادُ منها روضةً أُنُفَا
مستَهتَرٌ بالمعالي لا يزالُ على / تقلُّبِ الدَّهرِ مشغوفاً بها كَلِفَا
ُ أخلَفَ الغيثُ لم تُخلِف مواهِبُهُ / أو فَظَّ دهرٌ على أبنائه لَطُفَا
عَدْلُ القضيّةِ إلاّ في مواهبِهِ / لم يقضِ في المالِ إلا جارَ واعتسفَا
تَعُمُّ نُعماه ذا نقصٍ وذا شرَفٍ / كأنَّه البحرُ يحوي الدُّرَّ والصَّدَفَا
مُنَزَّهُ الخُلقِ عن فعلٍ يُعابُ بهِ / فما تَرى لكمَالٍ عنه مُنْصَرَفَا
من كانَ لي من حِماهُ خِيسُ ذِي لِبَدٍ
من كانَ لي من حِماهُ خِيسُ ذِي لِبَدٍ / ضَارٍ ولي من نداهُ روضةٌ أُنُفُ
من لَم يزل ليَ من جدوَى يديه غِنىً / وفي ذُراهُ من الأيّامِ لي كَنَفُ
الملِكُ الصّالح الهادي الذي شهِدَتْ / بفضلِ أيَّامِهِ الأنباءُ والصُّحُفُ
ملْكٌ أقلُّ عطاياهُ الغِنَى فإذا / أدناكَ منهُ فأدنى حظَّكَ الشَّرَفُ
أغرُّ أروعُ في كفَّيهِ سُحبُ نَدىً / تمتارُ سُحبُ الحيا منها وتَغتَرِفُ
هو الوزيرُ الذي يأوِي إلى وَزَرٍ / منهُ الأنامُ فَيُكْفَوا كلَّ ما كَلِفُوا
تُريه آراؤُه في يومِه غَدَهُ / فيحسِمُ الخطبَ فيه قبلَ يَكتَنِفُ
بصيرةٌ كشَفَتْ ما في القلوب لَه / وأطلعَتْهُ عليه قبلَ يَنْكشِفُ
سعتْ إلى زهدِه الدّنيا برغبتِها / طوعاً وفيها على خُطّابِها صَلَفُ
ولم تُزَفَّ إلى كفءٍ سواهُ وما / زالت إلى مجدِهِ تصبُو وتَشْترِفُ
حَبرٌ إذا الليلُ آواهُ بحِندِسِهِ / بحرٌ من العلم طامٍ ليس يُنْتَزَفُ
ومحرِبٌ إذا ما أتَى المحرابَ مُبتهلاً / إلا وأدمُعُهُ من خشيةٍ تَكِفُ
مُسَهَّدٌ وعُيونُ الخلقِ هاجِعَةٌ / على التَّهَجِّدِ والقرآنِ معتَكِفُ
وتشرقُ الأرضُ من لأْلاءِ غُرّتَِهِ / في دَسْتهِ فتكادُ الشمسُ تَنكَسِفُ
لم يدرِ ما القصدُ في جُودٍ ويُعجبُهُ / في بَذْلِ أموالِه الإِفراطُ والسَّرَفُ
إذا حَبَا عادَتِ الآمالُ راضيةً / وإِن سطَا كادَت الآفاقُ ترتَجِفُ
يا أيها المِلكُ الموفِي بِذِمَّتِهِ / ومن تَجلَّى عن الدُّنيا به السَّدَفُ
إليكَ يا عادِلاً في حكمِه وعلى / أمواله من قضايَا جُوده الجَنَفُ
أشكُو زَماناً قضَى بالجَورِ فيَّ ولم / يَزَلْ يجورُ على مِثلي ويَعتسفُ
لَحت نوائبُه عُودِي وأَنْفَدَ مَوْ / جُودي وشتّتَ شملي وهو مؤتَلِفُ
وقد دعوتُكَ مظلوماً ومُرتجياً / وفي يدَيكَ الغِنَى والعدلُ والخَلَفُ
فاجمَعْ بجودِك شملاً كان مجتَمِعَاً / فعادَ بعد ائتلافٍ وهو مختلِفُ
وانشُر بمعروفِك المعروفِ مَيّتَهم / وشُكرَ من هو بالإحسانِ مُعتَرِفُ
فهو القريبُ موالاةً ومُعتَقداً / وإن أتت دُونَه الغبراءُ والنُّطَفُ
وعِش علَى رَغمِ من يَشْنَاكَ مُقتدِراً / في دولةٍ ما لها حدٌّ ولا طَرَفُ
دَعْ ذا وقل لِبَنِي الآمالِ قد وَضَحَتْ / لكم سبيلُ الأماني وانجلَى الأَسَفُ
وأيْنَعتْ دوحةٌ للجَودِ دانيةُ ال / قطوفِ يُجنى الغِنَى منها ويُقْتَطَفُ
أُمُّوا بآمالِكم مِصراً فإِنَّ بها / سَحابةً من نَداها السُّحْبُ تَغْتَرِفُ
أجرَى بها اللهُ نِيلاً زائداً أبداً / فليس يَنقُصُ في وقتٍ ولا يَقِفُ
مِياهُهُ من نُضارٍ جامدٍ وعلى / أرجائِه للأمَانِي روضةٌ أُنُفُ
علَت بها رايةٌ للعدلِ قاصِدُها / يقتَصُّ من دهرِهِ الجاني وينتَصِفُ
سعَى بها أروعٌ في الرَّوعِ ذو وَرَعٍ / في السَّلْمِ حتّى تجلَّى الجَورُ والجَنَفُ
وجادَ بالمالِ حتّى لم يَدَعْ أملاً / ما الجُودَ والفضلُ إلاّ البذلُ والسَّرَفُ
الملكُ الصالحُ الهادي الذي كشَف ال / غمّاءَ إنَّ الدُّجَى بالصبحِ مُنكشِفُ
مَن فيه عن زُخْرُفِ الدّنيا وزينتِها / مُذْ راوَدَتْهُ على عَليائه ظَلَفُ
جوابُهُ نعَمٌ في إثرِها نِعَمٌ / ولا تُلائِمُ فاهُ اللاَّمُ والأَلِفُ
يُغني العُفاةَ ويلقاهُم بمعذِرَةٍ / كأنَّما عاتَبوهُ وهو مُقتَرِفُ
ما يبلغُ الشّكْرُ ما يولِيهِ من مِنَنٍ / إنعامُهُ فوقَ ما نُثْنِي وما نَصِفُ
لكن مواهبُه في الخَلقِ شاهدةٌ / بشكرِ إنعامِه والشكرُ يختَلِفُ
كالرّوضِ إن لم يُطِق شكرَ السحابِ إذا / هَمَى فَنَضرَتُه بالفَضْل تَعتَرِفُ
يا كافِيَ الخلقِ بالنُّعمَى وكافِلَهم / حتّى لقد أَمِنُوا في عدلِهِ وكُفُوا
رأيتُ مجدَكَ يُعلي قدرَ وَاصفِهِ / فكيفَ لا يَتَعالى قدرُ من تَصِفُ
قلَّدْتَنِي أنجُمَ الجوزاءِ قد نُظِمَتْ / عِقداً فحَقَّ لِمثلِي الفخرُ والشَّرَفُ
أعْلَتْ مَحلّي فقد أصبحتُ من شَرفٍ / بها على المشترِي أسمُو وأشْتَرِفُ
حلاَ بسمعِي وحلاَّهُ فَمِنهُ بِهِ ال / بُشرى بإدراكِ ما يرجُوهُ والشَّنَفُ
جعلتُ نظمِي له ضَنّاً بفَاخِرِهِ / وقايةً ووقاءُ الجوهرِ الصَّدَفُ
لأَصْرِفَ العينَ عنهُ إنها أبداً / عن الكمالِ برؤيا النَّقصِ تَنصَرِفُ
يا كاشفَ الغُمَّةِ اسمع دعوةً كَمُلَت / شكراً تَظَلَّ له الأسماعُ ترتَشِفُ
مِن نَازِح الدّارِ بالإِخلاص مقتَرِبٍ / حُرٍّ برقِّكَ دونَ الخلقِ يَعتَرِفُ
إذا رأى بُعدَهُ عن بابِ مالِكِه / يكادُ يقضِي عليهِ الهَمُّ والأسَفُ
لو حَاوَل الخلقُ جمعاً حملَ ما لَكَ مِن / مَنٍّ عليه وأدنى شكرِهِ ضَعُفُوا
كم فَاجأتنِيَ مِن نُعماكَ عارِفَةٌ / سبيلُهُا عن سبيلِ الوَعدِ مُنحَرِفُ
بها عَنِ الوعْدِ كِبرٌ كلُّهُ كَرَمٌ / وعن تَقاضيه تِيهٌ كلُّهُ أَنَفُ
وجمعُ شَملِي بمَن لي في ذُراكَ وإن / أضْحى لهم من نَدَاكَ البِرُّ واللُّطُفُ
مُجَدِّدٌ لِيَ مَا أوليتَ من نِعَمٍ / ما زالَ لي تالدٌ منها ومطَّرِفُ
فابرِدْ بهم حرَّ قلبٍ ليسَ يُبْرِدُهُ / سواهُمُ وحشاً من ذكرِهِم يَجِفُ
وارحَم ضِعافاً وأطفالاً إذا ذَكَروا / بُعدي عَصَتهم ففاضتْ أدمُعٌ ذُرُفُ
لَهم نَشِيجٌ وإعوالٌ إذا نَظَرُوا / من حَالِهم غيرَ ما اعتادوا وما أَلِفُوا
فنظرةٌ منك تُحيِيهم وتجعلُهم / محمولَةً عنهمُ الأثقالُ والكُلَفُ
ولَيس لي شافِعٌ إلاّ مكارِمُكَ ال / لاتي إذا استُعطِفَتْ للفضلِ تَنعَطِفُ
واسلَم لتحيا بكَ الدُّنيا وساكِنُها / ما اغبَرَّتِ البيدُ أو ما اخضرَّتِ النُّطَفُ
والقَ الأعادِي بِجَدٍّ لا يخُونُكَ إن / خانت غداةَ اللقاءِ البيضُ والزَّغَفُ
تَهمِي مواهبهُ والسّحْبُ جَامِدةٌ
تَهمِي مواهبهُ والسّحْبُ جَامِدةٌ / فمِن يَديه مَصَابُ الوَابِلِ الغَدِقِ
نُعماهُ تُطلِقُ أسرَى ثُمَّ تأسِرُهُم / له وكم مِنَّة أغْنتَ عن الرَّبَقِ
يا مُستَقِلَّ الغِنَى فيما تجودُ بهِ
يا مُستَقِلَّ الغِنَى فيما تجودُ بهِ / ومَن مواهِبُهُ كالعَارِض الهَطِلِ
ومَن إذا جادَ بالدّنيا لآمِلِهِ / قالَت معارفُهُ حاشاكَ من بَخَلِ
ومَن إذا جرَّدَ البيضَ الصَّوارِمَ في ال / هَيجاءِ أسكَنَها في الهامِ والقُلَلِ
قد كنتُ أخضَعُ في الخطْبِ المُلِمِّ فمُذ / ولّيتَ يا نَصرُ عادَ الخطبُ يخضعُ لي
وبَعدُ لي فيكَ آمالٌ وظَنِّيَ في / عُلاكَ أنَّكَ تُوفي بي علَى أَمَلي
لَوِ استطعتُ ولو مُلِّكْتُ أمرِيَ في
لَوِ استطعتُ ولو مُلِّكْتُ أمرِيَ في / قضاءِ فرضِكَ عما فَاتَ من خِدَمِي
مشَيْتُ أحملُ أثقالَ الثّناءِ إلى / جنابِك الخَضِلِ الأكنافِ كالقَلَمِ
خُلْقٌ تحلّى به سَلمانُ بينِك من / أخلاقِكَ الغُرِّ يا ذا البأسِ والنِّعَمِ
مَولَى عُلاكَ وكم قد عَاد شائِهُهُ / بيأسِه من ملوكِ العُرْبِ والعَجَمِ
يُقرُّ بالمُلْكِ للمَلْكِ الذي نَشَر الرْ / رَحمنُ أيّامَه ظِلاًّ على الأُمَمِ
للصّالِحِ الملِكِ الميمونِ طائرُهُ / بِجِيدِهِ طوقُ مَنٍّ غيرُ منفَصِمِ
حمَى ذَوِيه وكم من بَاسطٍ ليدٍ / لولا حماهُ وكم من فاغِرٍ لِفَمِ
وذادَ عنهُم صروفَ الدّهرِ إذ كَلِبَت / عليهِمُ وهُمُ لحمٌ على وَضَمِ
ونالَهم من تَوالِي سُحْبِ نائِلهِ / ما نال نبتَ الثّرَى من وابِلِ الدِّيَمِ
يا حاسدِيهِ اكظِمُوا جِرَّاتِكم فأنا النْ / نَذيرُ مِن أخذِه إن همَّ بالكَظَمِ
إياكُمُ عَثراتِ البغيِ إنَّ لِمن / يبغيهِ يوماً يُواري الشّمسَ بالظُّلَمِ
حَذَارِ من مصرَعِ الباغِينَ قبلكُمُ / فالسّيفُ منصلِتٌ في كفِّ مُصْطَلِمِ
وفِي تَميمٍ ومَن والاه موعظةٌ / إنذارُها يُسمع الأمواتَ في الرَّجَمِ
توهّموا أنَّ ضَارِي الأُسْدِ يَنفِرُ عن / عَرينِه لحشُودِ البُومِ والرَّخَمِ
وما دَرَوْا أنّه في جَحفَلٍ لَجِبٍ / من بأسِه غيرُ هيّابٍ ولا بَرِمِ
مُغامِرٌ ترهبُ الآجالُ سطوتَه / وتَفرَق الأسدُ منه في حِمَى الأجَمِ
يستقبلُ الحربَ بسّاماً وقد كشَرتْ / بها المنيَّةُ عن أنيابها الأُرُمِ
يلقَى الأُلوفَ ويَحبُوها ففي يَدِه / من العَطا والسّطا بحرَا ندىً ودَمِ
ما غرَّكُم بصَدوقِ الظَّنِّ يُخبرُهُ الرْ / رَأْيُ الصحيحُ بما في الصدْرِ من سَقَمِ
يرى الضّغائِنَ في قلبِ الحسودِ له / تدبُّ مثلَ دبيبِ النَّارِ في الفَحَمِ
فإن سطَا عن يقينٍ أو عفا كَرَماً / فإنّه خيرُ ذي عَفوٍ ومنتقِمِ
أدناكُمُ فاعتليتُم عن ذَوي رَحِمٍ / وحاطكُم فاغتديتم منه في حَرَمِ
وعمَّكم سيبُ جودٍ منهُ نبَّهَ ذا ال / خُمولِ منكم وأغنَى كلّ ذِي عُدُمِ
كم غُمَّةٍ كشَفَتْ عنكم صوارمُه / ولم يزل كاشفَ اللأْواءِ والغُمَمِ
لولاه لا زالَ عنكُم ظلُّه أبداً / علمتُمُ كيف تأتي فجأةُ النِّقَمِ
إن رابهُ منكُمُ أمرٌ فلا وَزَرٌ / لكُم ولا عاصِمٌ من سيلِهِ العَرِمِ
يا مالكاً مالكاً رِقِّي بأنعُمِهِ / ومِلْكُ مثلِيَ لا يُبتاعُ بِالقِيَمِ
ما الشكرُ كُفءٌ لِمَا أوليتَ مِن مِنَنٍ / وإن تسهَّلَ لي مستوعِرُ الكَلِمِ
وإن أكُنْ كزُهيرٍ في الثّناء فقَد / علوتَ مجداً وجُوداً عن مدَى هَرِمِ
وإن تكُن مِدَحِي وقفاً عليكَ فلا / تظنَّ أنَّ ثَنائي منتهَى هِمَمِي
ففي يمينِك منّي صارمٌ خَذِمٌ / يَفْرِي إذا كَلَّ حدُّ الصَّارمِ الخَذِمِ
في حدِّه حتفُ من ناوَاكَ وهْو لِمَن / والاَك مُنبجسٌ بالبارِدِ الشَّبِمِ
فمُرْ بما شئتَ ألقَى الأمرَ ممتثلاً / بِهمَّةٍ ما اعترتها فَترةُ الهِمَمِ
مجرّباً طاعتِي تجريبَ مُختبِرٍ / إنّ التّجاربَ تجلو شُبهةَ التُّهَمِ
فبذلُ نفسِيَ عندِي في رضاكَ فلا / حُرِمتُهُ بعضُ ما أنويه من خِدَمِي
وحَقَّ ذاكَ لِمَن أنشَرْتَ أسرَتَه / من بعدِ ما عدّهُم من نَاخِر الرَّمَمِ
صرفتَ صَرفَ اللّيالِي دون غَشْمِهِمُ / وكفّ بأسُك عنهم كفّ مُهتَضِمِ
وأوصلْتُهم صلاتٌ من نَداك إلى / أرضِ الشّآمِ لقد أغربْتَ في الكَرَمِ
وما الذي نِلُت من نعمَاكَ غايةُ آ / مالي ولا منتَهى حظّي ولا قِسَمِي
نيلُ العُلا دونَ ما أرجوهُ مِنك كما / أنّ الغِنَى دون ما تحبوهُ من نِعَمِ
شرّفتَنِي فاعتلَى قدري وأصحَبَ لي / دَهري وأصبحَ فيما رُمتُ من خَدَمِي
وطُلْتُ عَمّن يُسامِيني ففخرُهُم / أن يبلغوا إن سمَتْ هِمَّاتُهم قَدَمي
للهِ درُّ طُروسٍ ضُمِّنتْ دُرَراً / أكْرِمْ بمنتثرٍ منها ومُنتظِمِ
أضحت على مَفرِقي تاجاً وفي عُنُقِي
أضحت على مَفرِقي تاجاً وفي عُنُقِي / تميمةً من عَوادِي الخطْبِ والعُدُمِ
لفظٌ أرقُّ من الشكوى وألطفُ مِلْ / عُتبى وأشْهى من الإِبلال في الأَلَمِ
جرت لطافَتُهُ من قلبِ سامِعهِ / مجرَى الهَوى من فُؤادِ المغرَمِ السَّدِمِ
فصاحةٌ أسمعَتْ مَن كانَ ذا صَمَمٍ / وحُسنُ معنىً أفاد الفَهمَ ذا اللَّمَمِ
ووشيُ خَطٍ حكى زهرَ الربيع سَرَتْ / أكمامُه عن بديعِ الفضلِ والحِكَمِ
لو كان حالِكُه لونَ الشّبابِ لَمَا / حالَت نَضارَتُه بالشَّيبِ والهَرَمِ
يزيدُ سامِعَها تكرارُها شغَفاً / بها وكم جَلَبَ التّكريرُ من سَأَمِ
يا مُوجدَ الفضلِ والإفضالِ إذ عُدِمَا / حتى لقد أصبحَا نارين في عَلَمِ
مملوكُكَ الأصغرُ القِنُّ المبالِغُ في ال / إخلاصِ والسّيرُ مقدودٌ من الأَدَمِ
لو نَال ما يتَمنى مِن مشيئتِه / مشَى إليك خُضوعاً مِشيةَ القَلمِ
لخمسَ عشرةَ نازلتُ الكُماةَ إلى
لخمسَ عشرةَ نازلتُ الكُماةَ إلى / أن شبتُ فيها وخيرُ الخيلِ ما قَرَحَا
أخوضُها كشهابِ القَذْف مبتَسِماً / طلْقَ المُحيّا ووجهُ الموتِ قد كَلَحَا
بِصارِمٍ من رآهُ في قَتامِ وغَىً / أفْرِي به الهامَ ظنَّ البرقَ قد لَمَحَا
أغدُو لنارِ الوغَى في الحرب إن خَمَدَت / بالبِيضِ في البَيْضِ والهاماتِ مُقتَدِحَا
فَسَلْ كُماةَ الوغَى عنّي لِتَعلم كم / كَرْبٍ كشفتُ وكم ضِيقٍ بيَ اُنْفَسحَا
سَلْ بي كُماةَ الوغَى في كلِّ مَعركةٍ
سَلْ بي كُماةَ الوغَى في كلِّ مَعركةٍ / يضيقُ بالنّفسِ فيها صدرُ ذِي الباسِ
ينبّئُوكَ بأنّي في مَضايِقِها / ثَبْتٌ إذا الخوفُ هزّ الشّاهِقَ الرّاسِي
أخوضُها كشِهابِ القَذْفِ يصحبُني / عَضبٌ كبرقٍ سَرى أو ضوءِ مِقْباسِ
إذا ضربتُ به قِرناً أُنازِلُه / أوحاهُ عن عائِدٍ يَغشاهُ أو آسِي
لأصبرنَّ لدهري صبرَ مُحتَسِبٍ
لأصبرنَّ لدهري صبرَ مُحتَسِبٍ / حتّى يَرى غيرَ ما قَد كان يَحسَبُهُ
وأستَميتُ لما تأتي الخطوبُ به / ليعلَم الخطبُ أنّي لستُ أرهَبُهُ
إن غالَبتْني على وَفْري نوائبهُ / فحُسنُ صَبريَ في اللأواءِ يغلِبهُ
أو أبعدتَنيَ عن أهْلي وعن وطَني / فأبعَدُ الفَرَجِ المرجُوِّ أقْربُهُ
والدّهرُ يَهدِمُ ما يَبني ويُخْمِدُ ما / يوري ويُبعِدُ ما يُدني تَقَلُّبُهُ
نزّهتُ نفسيَ عن منِّ الرّجالِ وإنْ
نزّهتُ نفسيَ عن منِّ الرّجالِ وإنْ / عَلَتْ بهم رُتَبُ الدّنيا وإن شَمَخوا
إذا المطامعُ قادتني إلى طَمعٍ / يُزري فماذا أفاد الشَّيبُ والشَّيَخُ
ما كفَّ كفِّيَ عن جودي بموجودي
ما كفَّ كفِّيَ عن جودي بموجودي / ما كفَّ كفِّيَ عن جودي بموجودي
في اليُسرِ أبذُل مَيْسوري وأبذُلُ في / عُسري لطالبِ رفدي شَطْر مَوجودي
سلوْتُ عن كلِّ حالٍ كنتُ ذا شَغفٍ
سلوْتُ عن كلِّ حالٍ كنتُ ذا شَغفٍ / بها ولم أسلُ في حالٍ عن الكَرَمِ
ما غالَ دهريَ وفْرِي في تقلُّبِهِ / إلاّ جعلتُ النَّدى سِتْراً على العَدَمِ
ظلمتُ شِعري وليسَ الظُّلمُ من شِيَمي
ظلمتُ شِعري وليسَ الظُّلمُ من شِيَمي / يُطيعُني حين أدعوهُ وأعصيهِ
يَهُمُّ أن يذكرَ القومَ اللئامَ بما / فيهم فأزجرُه عنهم وأَثْنيهِ
ولَيس من خُلُقي ثَلبُ الغَنِيِّ وإن / جَنى ولا ذكرُ ذي نَقصٍ بما فيهِ
حَسبي من العيشِ خيرُ العيشِ يُدرِكُهُ
حَسبي من العيشِ خيرُ العيشِ يُدرِكُهُ / سَوايَ بي وليَ الأوصابُ والنَّصَبُ
كأنّني البَوُّ تُسْتَمْرى العَجولُ بِهِ / وإِنَّما لِسِواهُ الدَّرُ والحَلَبُ
بُعداً لمن شَرُّه أعْمَى يُصيبُ ولا
بُعداً لمن شَرُّه أعْمَى يُصيبُ ولا / يَرى مكان الأعادي مِن ذَوي النَّسَبِ
كالنَّارِ تحرقُ طبعاً لا تُمَيِّزُ بَيْ / نَ المَنْدَل الرَّطْبِ في الإحراقِ والحَطَبِ
يا آلِفَ الهَمِّ لا تَقْنَطْ فأَيْأَسُ ما
يا آلِفَ الهَمِّ لا تَقْنَطْ فأَيْأَسُ ما / تكونُ يأتيكَ لُطفُ اللهِ بالفَرَجِ
ثِقْ بالذي يَسمعُ النَّجوى ويُنجي من ال / بَلْوى ويَسْتَنْقذُ الغَرقى من اللُّجَجِ
ثِقَلى إذا نادَيتِني لمُلِمَّةٍ / أجْدى من المتسَرِّعِ الهلبَاجِ
إنّ الأناةَ من الخبيرِ بما أَتى / تُغْنيكَ عن سَيرٍ وعن إدلاجِ
ما في شَرارِ النّارِ نفعٌ يُرتَجى / والجَمرُ فيهِ فضيلةُ الإنضاجِ
لولا الّذي جرَتِ الأقلامُ قبلُ به
لولا الّذي جرَتِ الأقلامُ قبلُ به / ما نالَ ذو الجهلِ دون الحازِم المِنَحا
لكنَّ للْحَظِّ ميزاناً ترَفَّعَ ذو النْ / نُقصانِ في وزْنه واُنحطَّ من رَجَحا
ودّعْ أخا العزمِ مِصراً لا لَميسَ وخُضْ
ودّعْ أخا العزمِ مِصراً لا لَميسَ وخُضْ / بالسَّابحاتِ بحارَ المَهْمَهِ البيدِ
وسِرْ عَنِ الأرضِ تَنْبو بالكرامِ فَقَد / طال انتظارُ الجَنَى مِن يابِس العودِ
مَضَتْ لِداتي وإخواني وأفردَني
مَضَتْ لِداتي وإخواني وأفردَني / دهري فعشتُ وحيداً ميِّتاً كَمَدَا
وما أرى لي بحُسنِ الصَّبرِ بَعْدَهُمُ / وإن تجلَّدتُ خوفَ الشّامِتين يَدا
والقَبرُ أرفقُ مسكونٍ ونكْرهُه / إذ كان يسكنُه الإنسانُ منفَرِدَا
إن يستُروا وجْهَ إحساني بكُفرهِمُ
إن يستُروا وجْهَ إحساني بكُفرهِمُ / فالشَّمسُ أدنى سحابٍ عَنَّ يَستُرُها
وإن هُمُ كدّروا صفوي بغشِّهِمُ / فالعينُ أدنى القذى فيها يكدِّرُها