القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 96
قف جانب الدير سل عنها القساسيسا
قف جانب الدير سل عنها القساسيسا / مدامة قدستها القوم تقديسا
بكراً إذا ما انجلت في الكأس تحسبها / من فوق عرش من الياقوت بلقيسا
رقت فراقت وطابت فهي مطربة / كأنها بيننا دقت نواقيسا
مالت بها القوم صرعى عندما برزت / بها البطارق تسقيها الشماميسا
كأنها وهي في الكاسات دائرة / صافي الزلال حوى فيه طواويسا
صِرفٌ صفت وَصَفَتْ دارَ النعيم لنا / وآدماً والذي يحكي وإبليسا
عجنا على ديرها والليل معتكر / حتى زجرنا لدى حاناتها العيسا
مستخبرين سألنا عن مكامنها / توما ويوشا ويوحنا وجرجيسا
نأتي الكنائس والرهبان قد عكفوا / لدى الصوامع يدعون النواميسا
طفنا بها واستلمنا دنها شغفاً / فلم نخف عندها عيبا وتدنيسا
حيث القساقس قاموا في برانسهم / يومون بالرأس نحو الشرق عن عيسى
والكل في بحر نور اليثربي حكى / موجاً أرته رياح القرب تأنيسا
روح تغذت بتقوى الله طيبة
روح تغذت بتقوى الله طيبة / قوية ولها الرحمن حرّاسُ
وجثة نبتت مما يحل لها / من المآكل ما في ضعفها باس
كالغصن ماس به طوراً نسيم صباً / وقام طوراً به والغصن مياس
اجعل طعامك من غير الحرام على / مقدار علمك واترك ما به الباس
وابشر فإنك إن تحيا مناك تنل / وإن تمت لك من مولاك إيناس
والحل ينبت في الأعضا موافقة / أما الحرام فعصيان وأرجاس
يا شمعة هي في كل الفوانيسِ
يا شمعة هي في كل الفوانيسِ / يخالف العقل هذا في التقايسِ
وهو المحقق عند العارفين به / كشف بكشف وتلبيس بتلبيس
لم يبق مني به شيء سواه ولم / يظهر كما هو لي في وصف تقديس
فزلت عني وزال الكون أجمعه / عندي كما وحشتي زالت وتأنيسي
وكان هذا بسر لاح لي زمناً / هو الوجود وتفريعي وتأسيسي
من كل شيء تبدى لي فحققه / قلبي فزال بتحقيقي وتطميسي
فصرت لا هو عن ذوق ولست أنا / وطهر الغيب بالأغيار تدنيسي
وقد بدا سر ذاك السر يخبرني / عن آدم العلم بالأسما وإبليس
فيا حقيقة كوني أنت شمس ضحى / عليك غيمة تنويعي وتجنيسي
أو كالسواد الذي في العين يظهر من / قرص الأشعة في تحديق تحييس
كالعنكبوت بنت نفس لها خيماً / حتى بها وهنت من طول تعنيس
كيس تقدر من شتى الشئون له / والسر أجمعه في ذلك الكيس
طرقت دير الهوىدارت دوائره / على الرهابين فيه والقساقيس
نفوس أغيار عين في برانسها / مزخرفات كأذناب الطواويس
حتى نظرت بعين العين فانكشفت / موتَى الشماميس منها في النواميس
وأكبر الحق في واهي أباطله / وقد تعالى على كل الوساويس
وكل ما كان عند العقل أدرسه / درسته وتلاشى أمر تدريسي
وأصبح الواحد المعروف مشتهراً / عندي ولا عند لي من فرط تفليسي
ولم يكن غيره الثاني له ونفى / تثليث ظني وتربيعي وتخميسي
بالله قف أيها الساري بنا وبه / يبدي مراتب إدلاج وتعريس
واعطف على العيس لا تجذب أعنتها / إلا إليك وجد واعطف على العيس
تبارك الله لي وجه الحبيب بدا / وقد تبسم لي من بعد تعبيس
عرشي أتى من سباغيٍّ لقدس هدى / ومع سليمانه إسلام بلقيس
وعاد ما كان مني بالغداة مضى / وأذّن الظهر بي في وقت تغليس
وللبداية قد عادت نهايتنا / وأخلصت عندنا كل الجواسيس
والكل أصبح نوراً بعد ظلمته / وقد تطهّر منه كل تنجيس
وقد رأى الكل في تغيير فطرتهم / مذاهباً أدركوها بالمقاييس
وعين ما أنا مفطور عليه وهم / مثلي هو الحق عندي دون تنفيس
فاكشف ولا تخترع ما أنت فيه تفز / بدين طه وداود وجرجيس
وقل وما أنا ممن بالتكلف قد / أتى إليكم خلافا للمناحيس
وما الكمال سوى علم يريك به
وما الكمال سوى علم يريك به / ما أنت فيه فأنت الكامل الناقصْ
فلا ترم غير ما بالحس تشهده / في حالك الآن يا ذا الساكن الراقص
عسى يحل عقال العقل عاقده / عسى شعور شعور يرسل العاقص
قد فاض نور الإله فيضا
قد فاض نور الإله فيضا / لما وصلنا إلى البويضا
وأقبل السعد والتهاني / وجاء فرط السرور أيضا
وقد بدا بارق التجلي / وشام قلبي له وميضا
وغاب حبي فصار عندي / شوقي طويلاً به عريضا
وصرت ولهان في هواه / أنظم في حسنه القريضا
وقام داعي الغرام يدعو / وماء صبري عليه غيضا
وإنني للحبيب أبغي / وعاذلي يلزم النقيضا
وأوجهٌ لا تزال سوداً / وأوجهٌ لا تزال بيضا
تجمَّع القوم للأضرار واختبطوا
تجمَّع القوم للأضرار واختبطوا /
ما بينهم وبساطُ السوء قد بسطوا /
فجاءهم قول محيي الدين ينضبطُ /
يا سطوة الله حلِّي عقد ما ربطوا / وشتتي شملَ أقوامٍ بنا اختلطوا
إبليسُ للشرِّ داعيهم وجامعهم /
وما لهم عن هواهم من يمانعهم /
ناديت لما بدا للعكس طائعهم /
الله أكبر سيف الله قاطعهم / وكلما قد علوا في ظلمهم هبطوا
يا مؤمنون بأن الله خالقكم
يا مؤمنون بأن الله خالقكم / وخالق لكم الأعمال أجمعها
أما سمعتم به وهو المحيط بكم / كما لكم هو في القرآن أسمعها
جل المهيمن عما لا يليق به / وقال عن كل نفس أنه معها
جئنا إلى الحَسَنِ المعروف بالراعي
جئنا إلى الحَسَنِ المعروف بالراعي / نزور في قَطَنا منه الفتى الراعي
يرعى بهمته من زاره وبما / يريد منه يوافيه بإسراع
وجه تبدى كبدر بل كشمسِ ضحىً / إلى محبته قلب الشجي داعي
يميط سترَ تراب الكون عن قمر / تحت البراقع عند الناظر الواعي
إليك يا كوكب القدس الذي سطعت / أنواره غيب أمر منه لماع
قوم أتيناك نبغي من علاك قرى / نمد فيه بأجناس وأنواع
نمحو عن القلب ما تنجي خواطره / من العلائق عن ذل وأطماع
وصاحب الحال لا تختفي الحوائج عن / إدراكه وهو فيها القائم الساعي
بأمر رب قديم لا حدوث له / إني مددت إليه في الهوى باعي
أخصه في رجال الغيب أقصد لا / أعمه في سواهم وهو إجماعي
يا طالب الكيمياء علمي
يا طالب الكيمياء علمي / إكسيرك الخالص المصفَّى
ذب والْقِ منه عليك جزءاً / يصبغ في الحال منك ألفا
يحيلُ قزديرَكَ انقلاباً / بذهب عنك ليس يخفى
والعين فالغين تلك لكن / تركت وصفاً ونلت وصفا
إن القناعة في الدنيا هي الشرفُ
إن القناعة في الدنيا هي الشرفُ / وغيرها عندنا التبذير والسرفُ
وهي التدبر في القرآن تقرؤه / وفي حديث رسول الله تعترف
واجعل معاشك من خبز الشعير ومن / ماء وإن لم يكن عذباً فتغترف
وخرقة الصوف طول العمر تلبسها / مع صاحبٍ أو صحاب أنت تأتلف
دنيا الورى عندهم نصف الشعيرة لم / تعدل علت همم منهم فلا تقف
وهذه هذه تلك السعادة في / دنياك فاقنع بها بالعز تتصف
وبالفخار على كل الملوك أولي ال / تيجان ممن مضى في معشر سلفوا
كمثل كسرى أنوشروان من ملكت / يمينه الفرس يرعاها فتنتصف
وقيصر الروم والقوم الذين حووا / شرقاً وغرباً من الأرض التي عرفوا
وبعد ذلك فاشكر من حباك بها / رباً كريماً فتكفى عنده الكلف
ولا تعرِّج على مالٍ يكون ولا / جاه وكن رجلاً ما عنده أسف
فالكل فانٍ وكل الناس عن كثبٍ / هم التراب وأقوام هم الجيف
العين واحدة والحكم مختلفُ
العين واحدة والحكم مختلفُ / فمنه مفترق بل منه مؤتلفُ
هي الحوادث لا عين لها أبداً / قديمها درُّها والحادث الصدف
إياك تفهم من قولي الحلول بها / لأن قولي رموز صاغها السلف
وأنت تجهل علماً نحن نورده / من بحر حق عليه الناس ما وقفوا
فقف علينا وسلم بالأمور لنا / فإن عارفنا بالغيب معترف
الله أكبر لا شيء يشابهه / وكل حرف عن الإدراك منحرف
ظهورنا عنه بالتقدير من عدم / هو الظهور له في كل ما نصف
لأنه الغيب غيب الغيب من يره / ير الحوادث تبدو عنه لا تقف
كأنها البرق وهي الأمر لاح بها / يريده الله وهو الخلق منقذف
وأمره القدر المقدور آخره / ياء الحروف بدت والأول الألف
فانظره أنت ودع ما أنت ناظره / فإنه فعله والفعل منحذف
وكن له مظهراً لا عنه محتجباً / فإن شمس الضحى بالبدر تنكسف
بكل شيءٍ محيطٌ قال خالقنا / فافهم فبالفهم سر الغيب ينكشف
جل الإله وقد عزت مظاهره / يراه قلب عن الأغيار مختلف
فتضمحل رسوم الكائنات ولا / عقل هناك ولا حس فيغترف
ولا يراه سواه دائماً أبداً / والكل فان كما قد قال يا نطف
من كان من نطف الأقذار أولهم / ماذا يرون هنا والآخر الجيف
الله الله رب العالمين فمن / به رأه رأى الأكوان تنعطف
وزال عنه ضلال في بصيرته / وما بقى عنده حزن ولا أسف
هذا هو الرجل المرفوع جانبه / عند الإلَه وفي الدنيا له الشرف
الروح كالريح إن جازت شذا النطفِ
الروح كالريح إن جازت شذا النطفِ / تزكو وتخبث إن مرت على الجيفِ
وليس تحكم في جسم تكون له / إلا على مقتضى ما فيه فاعترف
وإنما هي من أمر الإله أتت / في خسة هي من جسم وفي شرف
فتارةً في شقاء منه قدَّره / ربي وطوراً بسعد غير منصرف
فالجأ إلى الله إن رمت النجاة بها / واسلك سبيل أولي التقوى ولا تقف
يا فاضلاً فضلُه يسمو على الفُضَلا
يا فاضلاً فضلُه يسمو على الفُضَلا /
ومن على كل مجد في الأنام علا /
أصبحت أهواك لا أبغي السوى بدلا /
بالله أقسم لا بالعاديات ولا / بالذاريات ولا بالنجم والفلقِ
صبٌّ عليك ولو بالروح ما بخلا /
وقلبه لم يزل بالشوق مشتعلا /
وقد أجبت الذي عن حالتي سألا /
إني أحبك لا أرجو نداك ولا / أخشى أذاك ولا ألقاك بالملقِ
عيشي برؤياك عيش لم يزل رغدا /
وصدق حاليَ لا يخفى وفيك بدا /
وهل أحبك عمري ساعتي وغدا /
إلا محبة عبد يرتجي أبداً / أن لا يفارق معنى وجهك الطلقِ
أسقي نداماي من كاسي وأشرب ما
أسقي نداماي من كاسي وأشرب ما / أبقوه في الكاس لي من خمري الباقي
فكنت آخرهم شرباً وأولهم / سكراً بما تركوا من بهجة الساقي
بقية الله خير قال خالقنا / فحققوا القول يا قومي وأرفاقي
وهذه يد من أهواه وهي يدي / بلمسها نال كلي عهد خلاقي
قولوا لمن قد أبى عن مجلسي ونبا / من ذا يوقّيك في العقبى من الواقي
هذا المدام وهذا الكاس ممتلئٌ / من المدام إلى أطراف أطواقي
ترقى وتسقط من أعلى مقامك في / حضيض جهلك بي يا خيبة الراقي
عطشان يحمل ماء في أداوته / وليس يدري به من سوء أخلاق
إن الكرام بحسن الظن قد شربوا / وسوء ظنك حرمانٌ لرقراق
لا بد أن تغلق الباب الذي فتحت / يد الإله فتبقى خارج الطاق
في الكون للحق أمثالٌ بها نطقا
في الكون للحق أمثالٌ بها نطقا / مضروبة منه للعبد الذي صدقا
فقال تلك هي الأمثال نضربها / للناس يعقلها من في الكمال رقى
وأغفل الله عنها من يشاهدهم / أهل السعادة في الدنيا وأهل شقا
فمؤمن هو ناج دون معرفة / إيمانه النور كالبرق الذي برقا
وجاهل ليس يدري ما يقال له / تكذيبه رزقه ذاك الذي رزقا
كن مسلماً مؤمناً بالحق تعرفه / أو لست تعرفه واتبع لأهل تقى
وإن ترد تعرف الله الذي ظهرت / آياته فاتبع الأصحاب والرُفقا
وهم أولوا العلم علم الله سادتنا / وكن بهم مؤمناً تلحق بمن سبقا
وانظر إلى الوقت وقت الفجر ليس له / علامة غير نور يملأ الأفقا
ونوره غيره والوقت يحضر إن / أبدى له الله ذاك النور والشفقا
والوقت طلق بلا قيد يقيده / في نفسه فاعتبره واشهد الفلقا
واشهد علامته تشهده حيث بدا / والله غيب ومشهود بمن خلقا
والوقت في كل أرض حاضر فخذوا / منه اعتبار الوجود الحق منطلقا
ونزهوه وقولوا عنه خالقنا / ما إن له غيبة فاليوم يوم لقا
والله عنه جميع الكون منتشر / كالضوء يبدو عن الضوء الذي انفتقا
تبارك الله لا شيء يشابهه / فالحس والعقل في تنزيهه اتفقا
والله قد ضرب الأكوان أمثلة / بالفعل لا نحن فاترك عنك ذا السلقا
ونحن نعقلها لا نحن نضربها / فنودع الطرس ما ندريه والورقا
وإن ترد أوضح الأمثال أجمعها / فانظر إلى صفحة المرآة مستبقا
من الزجاج أو الفولاذ ليس بها / شيء وفيها يلوح الشيء متسقا
ولا ترى جرم مرآة بك استترت / وبالجميع فلا تتعب به الحدقا
كما تلوح لك الأكوان تظهر في / مرآة عين الوجود المنتمي لبقا
وليس فيه سواه دائماً أبداً / والكل فانٍ به فيه قد انسحقا
وهو القريب ولكن لست تدركه / لأنه بك مستور وأنت وِقا
بحر الوجود الحقيقيْ لا تزال به / ترى الظهور هنا الأكوان والفرقا
والكل فانٍ وهذا واحد أحد / لا غيره معه للغير قد محقا
فاسلك على أثري وانظر إلى نظري / وثق بما قلته يا فوز من وثقا
واشتم رائحتي من مسك نافجتي / فإنني لك عطر في الورى عبقا
كل الكلام الذي يبدو وكل سنا
كل الكلام الذي يبدو وكل سنا /
يفني سريعاً وفقر هكذا وغنى /
فاحفظ مقالي وخل عنك فرط عنا /
الملك لله من يظفر بنيل منى / يردّ قسراً ويضمن دونه الدركا
إني رضيت فلم أحفل بمسئلة /
أمر المهيمن يجريه بمعدلة /
حتى قنعت برزق منه لي صلة /
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة / من البسيطة كان الأمر مشتركا
الكل حق والكل باطلْ
الكل حق والكل باطلْ / والكل مستعملٌ وعاطلْ
والكل ينبوع ماء عين / والكل غيث المغيث هاطل
وعدتنا أن نراك يا من / في وعده الحق غير ماطل
وقد رأيناك بين حق / سما وجوداً وبين باطل
ذواتنا فيك حاليات / وما الحوالي مثل العواطل
وكل من لم يكنك خاطي / وكل من لم تكنه خاطل
وأنت أنت الوجود حقاً / ولا مماري ولا مماطل
ونحن لا نحن غير أنا / لماء إيجادنا قساطل
دمعي لخوفك يا مولاي صار دما
دمعي لخوفك يا مولاي صار دما /
والقلب مما به قد شارف العدما /
فاغفر ذنوب امرئ يرجوك مكتتما /
يا من علا فرأى ما في الغيوب وما / تحت الثرى وظلام الليل منسدلُ
عبدٌ ذليل فقير الصبر ذاهبه /
جور الزمان وفرط البين ناهبه /
يا من على الخلق لا تحصى مواهبه /
أنت الغياث لمن ضاقت مذاهبه / أنت الدليل لمن حارت به الحيلُ
يرجوك حيث خطوب الدهر طارقةٌ /
وحيث ألسننا بالحمد ناطقةٌ /
فالطُفْ فعاداتُ خيرٍ منك سابقةٌ /
إنا قصدناك والآمال واثقةٌ / والكل يدعوك ملهوف ومبتهلُ
كن غافراً يا إلهي ذنب مجترمٍ /
يقضي الليالي بدمع فيك منسجمٍ /
وقد أتيتك والأوزار في عظمٍ /
فإن غفرت فذو منٍّ وذو كرمٍ / وإن سطوت فأنت الحاكم العدِلُ
عبد الغني له الأيام رائمةٌ /
من الصبى وعيون الحظ نائمةٌ /
فاسعفه يا من به الألباب هائمةٌ /
ثم الصلاة على المختار دائمةٌ / ما عطر الروضَ صوب لديمة الهطلُ
يا قلب أحبابنا جسمي بهم بالي
يا قلب أحبابنا جسمي بهم بالي /
بغيرهم لا تبالي بل بهم بالي /
ويا كراماً سواهم زال من بالي /
لا تحسبوا أنني عن حبكم سالي / وحقكم لم يزل حالي بكم حالي
لحسنكم لا أرى بين الورى شبهاً /
والعاذلون لقد زاد دوابكم عمهاً /
رفقا بقلبي الذي فيكم قضى ولهاً /
أرخصتموا في هواكم مدمعي سفهاً / وهو العزيز الذي عهدي به غالي
من ذا الذي في معاني الفضل يعد لكم /
وكل شيء من الأشياء فهو لكم /
ليست سمواتكم والأرض تشملكم /
يا ساكنين فؤادي وهو منزلكم / لا عشت يوماً أراه منكمو خالي
عنكم بدا الكون يزهو في لوائحِهِ /
والروض ينفح من ذاكي روائحِهِ /
وحرمة العهد منكم في سوانحِهِ /
أنتم بقلبيَ أدنى من جوانحِهِ / حقاً على رغم حسادي وعذالي
محبكم صادق في طيب مشربِهِ /
وأفق طلعتكم يزهو بكوكبه /
وسر تثبيت قلبي في تقلبه /
ما يلتقي مثلكم مثلي يهيم به / وكم يهيم بكم في الحي أمثالي
بكاسنا كلما ذقنا رحيقَكمو /
ملنا سكارى فشاهدنا بريقَكمو /
أحبابنا ليت أنقذتم غريقَكمو /
أوضحتمو لمحبيكم طريقَكمو / حاشاكمو تهجروني بعد إيصالي
إلى اللقا بعثتني كل باعثةٍ /
لجملتي بحجاب العز وارثةٍ /
وليلة الفوز منكم في محادثةٍ /
وحدت حبكمو عن كل حادثةٍ / وصنته عن دواعي القيل والقال
روض الجمال بأزهار الجلال هني /
في كل وجه لكم بين الورى حسن /
والله مذ جئتكم بالفقر رحت غني /
وما حدا باسمكم حادٍ فأطربني / إلا وَجُدْتُ له بالروح والمال
حقيقتي حضرة التجلي
حقيقتي حضرة التجلي / ومظهر الغيب بالتخلي
والقاب والقوس في التداني / وزينة الله في التحلي
ظهرت عنه به لديه / وقلت يا صاحبي وخلي
وفيه أطلقت بعد حبسي / وفك قيدي به وغلي
إرادة للخصوص أعطت / وقدرة أعطت التدلي
وعن بواقي الصفات مدت / حقيقتي كامتداد ظلي
إذا بدا نوره فماذا / وإن خفيْ نوره فمن لي
إن لم يكن وابل فمنه / قنعت يوم اللقا بطل
يا ويح صب عليه مضنىً / يذوب في مشهد التملي
سرى بجلد إليه بال / وجلَدٍ فيه مضمحل
رآه في كل ما رآه / فلم يقل بعده لعلِّي
له غرام بمن تجلى / به وما عنده تسلي
بشعب وادي النقا غزال / نفوره كان أصل ذلي
وغصن بان سبى فؤادي / بلين عطفٍ وحسن دل
يا قمراً طالعاً علينا / بوجهه المشرق المطل
وظلمة الكون قد تولت / والسر في ذلك التولي
نحن تقاديره قديماً / من كل بعض وكل كل
وقد تجلَّى بنا فصرنا / كبائن عنه مستقل
وهو الذي لم يزل على ما / عليه من قبل ذا التجلي
ونحن أيضا كما ذكرنا / هنا على حالنا المولِّي
ولكن الزيغ في قلوب / وفي عيون من المضل
يريك غير الذي تراه / وأنت كالساعد الأشل
فنزه الرب عن زمان / وعن مكان وعن محل
وعن معاني العقول طراً / من كل معنىً به مخل
وكل ما أدركت حواس / فعنه في المنزه الأجل
وكن به طاهراً نظيفاً / إن قمت يا أيها المصلي
واركع له عن سواه واسجد / إليه في حضرة التعلي
ودم على الصدق في الترجي / واشفق على قدرك الأقل
ولا تحل عنه وانتظره / غير سؤوم ولا مُمَلِّ
فإن جود الكريم باق / بكل غيث له مُهِلِّ
وبابه ما له انغلاق / عمن إليه أتى بذل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025