المجموع : 96
قف جانب الدير سل عنها القساسيسا
قف جانب الدير سل عنها القساسيسا / مدامة قدستها القوم تقديسا
بكراً إذا ما انجلت في الكأس تحسبها / من فوق عرش من الياقوت بلقيسا
رقت فراقت وطابت فهي مطربة / كأنها بيننا دقت نواقيسا
مالت بها القوم صرعى عندما برزت / بها البطارق تسقيها الشماميسا
كأنها وهي في الكاسات دائرة / صافي الزلال حوى فيه طواويسا
صِرفٌ صفت وَصَفَتْ دارَ النعيم لنا / وآدماً والذي يحكي وإبليسا
عجنا على ديرها والليل معتكر / حتى زجرنا لدى حاناتها العيسا
مستخبرين سألنا عن مكامنها / توما ويوشا ويوحنا وجرجيسا
نأتي الكنائس والرهبان قد عكفوا / لدى الصوامع يدعون النواميسا
طفنا بها واستلمنا دنها شغفاً / فلم نخف عندها عيبا وتدنيسا
حيث القساقس قاموا في برانسهم / يومون بالرأس نحو الشرق عن عيسى
والكل في بحر نور اليثربي حكى / موجاً أرته رياح القرب تأنيسا
روح تغذت بتقوى الله طيبة
روح تغذت بتقوى الله طيبة / قوية ولها الرحمن حرّاسُ
وجثة نبتت مما يحل لها / من المآكل ما في ضعفها باس
كالغصن ماس به طوراً نسيم صباً / وقام طوراً به والغصن مياس
اجعل طعامك من غير الحرام على / مقدار علمك واترك ما به الباس
وابشر فإنك إن تحيا مناك تنل / وإن تمت لك من مولاك إيناس
والحل ينبت في الأعضا موافقة / أما الحرام فعصيان وأرجاس
يا شمعة هي في كل الفوانيسِ
يا شمعة هي في كل الفوانيسِ / يخالف العقل هذا في التقايسِ
وهو المحقق عند العارفين به / كشف بكشف وتلبيس بتلبيس
لم يبق مني به شيء سواه ولم / يظهر كما هو لي في وصف تقديس
فزلت عني وزال الكون أجمعه / عندي كما وحشتي زالت وتأنيسي
وكان هذا بسر لاح لي زمناً / هو الوجود وتفريعي وتأسيسي
من كل شيء تبدى لي فحققه / قلبي فزال بتحقيقي وتطميسي
فصرت لا هو عن ذوق ولست أنا / وطهر الغيب بالأغيار تدنيسي
وقد بدا سر ذاك السر يخبرني / عن آدم العلم بالأسما وإبليس
فيا حقيقة كوني أنت شمس ضحى / عليك غيمة تنويعي وتجنيسي
أو كالسواد الذي في العين يظهر من / قرص الأشعة في تحديق تحييس
كالعنكبوت بنت نفس لها خيماً / حتى بها وهنت من طول تعنيس
كيس تقدر من شتى الشئون له / والسر أجمعه في ذلك الكيس
طرقت دير الهوىدارت دوائره / على الرهابين فيه والقساقيس
نفوس أغيار عين في برانسها / مزخرفات كأذناب الطواويس
حتى نظرت بعين العين فانكشفت / موتَى الشماميس منها في النواميس
وأكبر الحق في واهي أباطله / وقد تعالى على كل الوساويس
وكل ما كان عند العقل أدرسه / درسته وتلاشى أمر تدريسي
وأصبح الواحد المعروف مشتهراً / عندي ولا عند لي من فرط تفليسي
ولم يكن غيره الثاني له ونفى / تثليث ظني وتربيعي وتخميسي
بالله قف أيها الساري بنا وبه / يبدي مراتب إدلاج وتعريس
واعطف على العيس لا تجذب أعنتها / إلا إليك وجد واعطف على العيس
تبارك الله لي وجه الحبيب بدا / وقد تبسم لي من بعد تعبيس
عرشي أتى من سباغيٍّ لقدس هدى / ومع سليمانه إسلام بلقيس
وعاد ما كان مني بالغداة مضى / وأذّن الظهر بي في وقت تغليس
وللبداية قد عادت نهايتنا / وأخلصت عندنا كل الجواسيس
والكل أصبح نوراً بعد ظلمته / وقد تطهّر منه كل تنجيس
وقد رأى الكل في تغيير فطرتهم / مذاهباً أدركوها بالمقاييس
وعين ما أنا مفطور عليه وهم / مثلي هو الحق عندي دون تنفيس
فاكشف ولا تخترع ما أنت فيه تفز / بدين طه وداود وجرجيس
وقل وما أنا ممن بالتكلف قد / أتى إليكم خلافا للمناحيس
وما الكمال سوى علم يريك به
وما الكمال سوى علم يريك به / ما أنت فيه فأنت الكامل الناقصْ
فلا ترم غير ما بالحس تشهده / في حالك الآن يا ذا الساكن الراقص
عسى يحل عقال العقل عاقده / عسى شعور شعور يرسل العاقص
قد فاض نور الإله فيضا
قد فاض نور الإله فيضا / لما وصلنا إلى البويضا
وأقبل السعد والتهاني / وجاء فرط السرور أيضا
وقد بدا بارق التجلي / وشام قلبي له وميضا
وغاب حبي فصار عندي / شوقي طويلاً به عريضا
وصرت ولهان في هواه / أنظم في حسنه القريضا
وقام داعي الغرام يدعو / وماء صبري عليه غيضا
وإنني للحبيب أبغي / وعاذلي يلزم النقيضا
وأوجهٌ لا تزال سوداً / وأوجهٌ لا تزال بيضا
تجمَّع القوم للأضرار واختبطوا
تجمَّع القوم للأضرار واختبطوا /
ما بينهم وبساطُ السوء قد بسطوا /
فجاءهم قول محيي الدين ينضبطُ /
يا سطوة الله حلِّي عقد ما ربطوا / وشتتي شملَ أقوامٍ بنا اختلطوا
إبليسُ للشرِّ داعيهم وجامعهم /
وما لهم عن هواهم من يمانعهم /
ناديت لما بدا للعكس طائعهم /
الله أكبر سيف الله قاطعهم / وكلما قد علوا في ظلمهم هبطوا
يا مؤمنون بأن الله خالقكم
يا مؤمنون بأن الله خالقكم / وخالق لكم الأعمال أجمعها
أما سمعتم به وهو المحيط بكم / كما لكم هو في القرآن أسمعها
جل المهيمن عما لا يليق به / وقال عن كل نفس أنه معها
جئنا إلى الحَسَنِ المعروف بالراعي
جئنا إلى الحَسَنِ المعروف بالراعي / نزور في قَطَنا منه الفتى الراعي
يرعى بهمته من زاره وبما / يريد منه يوافيه بإسراع
وجه تبدى كبدر بل كشمسِ ضحىً / إلى محبته قلب الشجي داعي
يميط سترَ تراب الكون عن قمر / تحت البراقع عند الناظر الواعي
إليك يا كوكب القدس الذي سطعت / أنواره غيب أمر منه لماع
قوم أتيناك نبغي من علاك قرى / نمد فيه بأجناس وأنواع
نمحو عن القلب ما تنجي خواطره / من العلائق عن ذل وأطماع
وصاحب الحال لا تختفي الحوائج عن / إدراكه وهو فيها القائم الساعي
بأمر رب قديم لا حدوث له / إني مددت إليه في الهوى باعي
أخصه في رجال الغيب أقصد لا / أعمه في سواهم وهو إجماعي
يا طالب الكيمياء علمي
يا طالب الكيمياء علمي / إكسيرك الخالص المصفَّى
ذب والْقِ منه عليك جزءاً / يصبغ في الحال منك ألفا
يحيلُ قزديرَكَ انقلاباً / بذهب عنك ليس يخفى
والعين فالغين تلك لكن / تركت وصفاً ونلت وصفا
إن القناعة في الدنيا هي الشرفُ
إن القناعة في الدنيا هي الشرفُ / وغيرها عندنا التبذير والسرفُ
وهي التدبر في القرآن تقرؤه / وفي حديث رسول الله تعترف
واجعل معاشك من خبز الشعير ومن / ماء وإن لم يكن عذباً فتغترف
وخرقة الصوف طول العمر تلبسها / مع صاحبٍ أو صحاب أنت تأتلف
دنيا الورى عندهم نصف الشعيرة لم / تعدل علت همم منهم فلا تقف
وهذه هذه تلك السعادة في / دنياك فاقنع بها بالعز تتصف
وبالفخار على كل الملوك أولي ال / تيجان ممن مضى في معشر سلفوا
كمثل كسرى أنوشروان من ملكت / يمينه الفرس يرعاها فتنتصف
وقيصر الروم والقوم الذين حووا / شرقاً وغرباً من الأرض التي عرفوا
وبعد ذلك فاشكر من حباك بها / رباً كريماً فتكفى عنده الكلف
ولا تعرِّج على مالٍ يكون ولا / جاه وكن رجلاً ما عنده أسف
فالكل فانٍ وكل الناس عن كثبٍ / هم التراب وأقوام هم الجيف
العين واحدة والحكم مختلفُ
العين واحدة والحكم مختلفُ / فمنه مفترق بل منه مؤتلفُ
هي الحوادث لا عين لها أبداً / قديمها درُّها والحادث الصدف
إياك تفهم من قولي الحلول بها / لأن قولي رموز صاغها السلف
وأنت تجهل علماً نحن نورده / من بحر حق عليه الناس ما وقفوا
فقف علينا وسلم بالأمور لنا / فإن عارفنا بالغيب معترف
الله أكبر لا شيء يشابهه / وكل حرف عن الإدراك منحرف
ظهورنا عنه بالتقدير من عدم / هو الظهور له في كل ما نصف
لأنه الغيب غيب الغيب من يره / ير الحوادث تبدو عنه لا تقف
كأنها البرق وهي الأمر لاح بها / يريده الله وهو الخلق منقذف
وأمره القدر المقدور آخره / ياء الحروف بدت والأول الألف
فانظره أنت ودع ما أنت ناظره / فإنه فعله والفعل منحذف
وكن له مظهراً لا عنه محتجباً / فإن شمس الضحى بالبدر تنكسف
بكل شيءٍ محيطٌ قال خالقنا / فافهم فبالفهم سر الغيب ينكشف
جل الإله وقد عزت مظاهره / يراه قلب عن الأغيار مختلف
فتضمحل رسوم الكائنات ولا / عقل هناك ولا حس فيغترف
ولا يراه سواه دائماً أبداً / والكل فان كما قد قال يا نطف
من كان من نطف الأقذار أولهم / ماذا يرون هنا والآخر الجيف
الله الله رب العالمين فمن / به رأه رأى الأكوان تنعطف
وزال عنه ضلال في بصيرته / وما بقى عنده حزن ولا أسف
هذا هو الرجل المرفوع جانبه / عند الإلَه وفي الدنيا له الشرف
الروح كالريح إن جازت شذا النطفِ
الروح كالريح إن جازت شذا النطفِ / تزكو وتخبث إن مرت على الجيفِ
وليس تحكم في جسم تكون له / إلا على مقتضى ما فيه فاعترف
وإنما هي من أمر الإله أتت / في خسة هي من جسم وفي شرف
فتارةً في شقاء منه قدَّره / ربي وطوراً بسعد غير منصرف
فالجأ إلى الله إن رمت النجاة بها / واسلك سبيل أولي التقوى ولا تقف
يا فاضلاً فضلُه يسمو على الفُضَلا
يا فاضلاً فضلُه يسمو على الفُضَلا /
ومن على كل مجد في الأنام علا /
أصبحت أهواك لا أبغي السوى بدلا /
بالله أقسم لا بالعاديات ولا / بالذاريات ولا بالنجم والفلقِ
صبٌّ عليك ولو بالروح ما بخلا /
وقلبه لم يزل بالشوق مشتعلا /
وقد أجبت الذي عن حالتي سألا /
إني أحبك لا أرجو نداك ولا / أخشى أذاك ولا ألقاك بالملقِ
عيشي برؤياك عيش لم يزل رغدا /
وصدق حاليَ لا يخفى وفيك بدا /
وهل أحبك عمري ساعتي وغدا /
إلا محبة عبد يرتجي أبداً / أن لا يفارق معنى وجهك الطلقِ
أسقي نداماي من كاسي وأشرب ما
أسقي نداماي من كاسي وأشرب ما / أبقوه في الكاس لي من خمري الباقي
فكنت آخرهم شرباً وأولهم / سكراً بما تركوا من بهجة الساقي
بقية الله خير قال خالقنا / فحققوا القول يا قومي وأرفاقي
وهذه يد من أهواه وهي يدي / بلمسها نال كلي عهد خلاقي
قولوا لمن قد أبى عن مجلسي ونبا / من ذا يوقّيك في العقبى من الواقي
هذا المدام وهذا الكاس ممتلئٌ / من المدام إلى أطراف أطواقي
ترقى وتسقط من أعلى مقامك في / حضيض جهلك بي يا خيبة الراقي
عطشان يحمل ماء في أداوته / وليس يدري به من سوء أخلاق
إن الكرام بحسن الظن قد شربوا / وسوء ظنك حرمانٌ لرقراق
لا بد أن تغلق الباب الذي فتحت / يد الإله فتبقى خارج الطاق
في الكون للحق أمثالٌ بها نطقا
في الكون للحق أمثالٌ بها نطقا / مضروبة منه للعبد الذي صدقا
فقال تلك هي الأمثال نضربها / للناس يعقلها من في الكمال رقى
وأغفل الله عنها من يشاهدهم / أهل السعادة في الدنيا وأهل شقا
فمؤمن هو ناج دون معرفة / إيمانه النور كالبرق الذي برقا
وجاهل ليس يدري ما يقال له / تكذيبه رزقه ذاك الذي رزقا
كن مسلماً مؤمناً بالحق تعرفه / أو لست تعرفه واتبع لأهل تقى
وإن ترد تعرف الله الذي ظهرت / آياته فاتبع الأصحاب والرُفقا
وهم أولوا العلم علم الله سادتنا / وكن بهم مؤمناً تلحق بمن سبقا
وانظر إلى الوقت وقت الفجر ليس له / علامة غير نور يملأ الأفقا
ونوره غيره والوقت يحضر إن / أبدى له الله ذاك النور والشفقا
والوقت طلق بلا قيد يقيده / في نفسه فاعتبره واشهد الفلقا
واشهد علامته تشهده حيث بدا / والله غيب ومشهود بمن خلقا
والوقت في كل أرض حاضر فخذوا / منه اعتبار الوجود الحق منطلقا
ونزهوه وقولوا عنه خالقنا / ما إن له غيبة فاليوم يوم لقا
والله عنه جميع الكون منتشر / كالضوء يبدو عن الضوء الذي انفتقا
تبارك الله لا شيء يشابهه / فالحس والعقل في تنزيهه اتفقا
والله قد ضرب الأكوان أمثلة / بالفعل لا نحن فاترك عنك ذا السلقا
ونحن نعقلها لا نحن نضربها / فنودع الطرس ما ندريه والورقا
وإن ترد أوضح الأمثال أجمعها / فانظر إلى صفحة المرآة مستبقا
من الزجاج أو الفولاذ ليس بها / شيء وفيها يلوح الشيء متسقا
ولا ترى جرم مرآة بك استترت / وبالجميع فلا تتعب به الحدقا
كما تلوح لك الأكوان تظهر في / مرآة عين الوجود المنتمي لبقا
وليس فيه سواه دائماً أبداً / والكل فانٍ به فيه قد انسحقا
وهو القريب ولكن لست تدركه / لأنه بك مستور وأنت وِقا
بحر الوجود الحقيقيْ لا تزال به / ترى الظهور هنا الأكوان والفرقا
والكل فانٍ وهذا واحد أحد / لا غيره معه للغير قد محقا
فاسلك على أثري وانظر إلى نظري / وثق بما قلته يا فوز من وثقا
واشتم رائحتي من مسك نافجتي / فإنني لك عطر في الورى عبقا
كل الكلام الذي يبدو وكل سنا
كل الكلام الذي يبدو وكل سنا /
يفني سريعاً وفقر هكذا وغنى /
فاحفظ مقالي وخل عنك فرط عنا /
الملك لله من يظفر بنيل منى / يردّ قسراً ويضمن دونه الدركا
إني رضيت فلم أحفل بمسئلة /
أمر المهيمن يجريه بمعدلة /
حتى قنعت برزق منه لي صلة /
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة / من البسيطة كان الأمر مشتركا
الكل حق والكل باطلْ
الكل حق والكل باطلْ / والكل مستعملٌ وعاطلْ
والكل ينبوع ماء عين / والكل غيث المغيث هاطل
وعدتنا أن نراك يا من / في وعده الحق غير ماطل
وقد رأيناك بين حق / سما وجوداً وبين باطل
ذواتنا فيك حاليات / وما الحوالي مثل العواطل
وكل من لم يكنك خاطي / وكل من لم تكنه خاطل
وأنت أنت الوجود حقاً / ولا مماري ولا مماطل
ونحن لا نحن غير أنا / لماء إيجادنا قساطل
دمعي لخوفك يا مولاي صار دما
دمعي لخوفك يا مولاي صار دما /
والقلب مما به قد شارف العدما /
فاغفر ذنوب امرئ يرجوك مكتتما /
يا من علا فرأى ما في الغيوب وما / تحت الثرى وظلام الليل منسدلُ
عبدٌ ذليل فقير الصبر ذاهبه /
جور الزمان وفرط البين ناهبه /
يا من على الخلق لا تحصى مواهبه /
أنت الغياث لمن ضاقت مذاهبه / أنت الدليل لمن حارت به الحيلُ
يرجوك حيث خطوب الدهر طارقةٌ /
وحيث ألسننا بالحمد ناطقةٌ /
فالطُفْ فعاداتُ خيرٍ منك سابقةٌ /
إنا قصدناك والآمال واثقةٌ / والكل يدعوك ملهوف ومبتهلُ
كن غافراً يا إلهي ذنب مجترمٍ /
يقضي الليالي بدمع فيك منسجمٍ /
وقد أتيتك والأوزار في عظمٍ /
فإن غفرت فذو منٍّ وذو كرمٍ / وإن سطوت فأنت الحاكم العدِلُ
عبد الغني له الأيام رائمةٌ /
من الصبى وعيون الحظ نائمةٌ /
فاسعفه يا من به الألباب هائمةٌ /
ثم الصلاة على المختار دائمةٌ / ما عطر الروضَ صوب لديمة الهطلُ
يا قلب أحبابنا جسمي بهم بالي
يا قلب أحبابنا جسمي بهم بالي /
بغيرهم لا تبالي بل بهم بالي /
ويا كراماً سواهم زال من بالي /
لا تحسبوا أنني عن حبكم سالي / وحقكم لم يزل حالي بكم حالي
لحسنكم لا أرى بين الورى شبهاً /
والعاذلون لقد زاد دوابكم عمهاً /
رفقا بقلبي الذي فيكم قضى ولهاً /
أرخصتموا في هواكم مدمعي سفهاً / وهو العزيز الذي عهدي به غالي
من ذا الذي في معاني الفضل يعد لكم /
وكل شيء من الأشياء فهو لكم /
ليست سمواتكم والأرض تشملكم /
يا ساكنين فؤادي وهو منزلكم / لا عشت يوماً أراه منكمو خالي
عنكم بدا الكون يزهو في لوائحِهِ /
والروض ينفح من ذاكي روائحِهِ /
وحرمة العهد منكم في سوانحِهِ /
أنتم بقلبيَ أدنى من جوانحِهِ / حقاً على رغم حسادي وعذالي
محبكم صادق في طيب مشربِهِ /
وأفق طلعتكم يزهو بكوكبه /
وسر تثبيت قلبي في تقلبه /
ما يلتقي مثلكم مثلي يهيم به / وكم يهيم بكم في الحي أمثالي
بكاسنا كلما ذقنا رحيقَكمو /
ملنا سكارى فشاهدنا بريقَكمو /
أحبابنا ليت أنقذتم غريقَكمو /
أوضحتمو لمحبيكم طريقَكمو / حاشاكمو تهجروني بعد إيصالي
إلى اللقا بعثتني كل باعثةٍ /
لجملتي بحجاب العز وارثةٍ /
وليلة الفوز منكم في محادثةٍ /
وحدت حبكمو عن كل حادثةٍ / وصنته عن دواعي القيل والقال
روض الجمال بأزهار الجلال هني /
في كل وجه لكم بين الورى حسن /
والله مذ جئتكم بالفقر رحت غني /
وما حدا باسمكم حادٍ فأطربني / إلا وَجُدْتُ له بالروح والمال
حقيقتي حضرة التجلي
حقيقتي حضرة التجلي / ومظهر الغيب بالتخلي
والقاب والقوس في التداني / وزينة الله في التحلي
ظهرت عنه به لديه / وقلت يا صاحبي وخلي
وفيه أطلقت بعد حبسي / وفك قيدي به وغلي
إرادة للخصوص أعطت / وقدرة أعطت التدلي
وعن بواقي الصفات مدت / حقيقتي كامتداد ظلي
إذا بدا نوره فماذا / وإن خفيْ نوره فمن لي
إن لم يكن وابل فمنه / قنعت يوم اللقا بطل
يا ويح صب عليه مضنىً / يذوب في مشهد التملي
سرى بجلد إليه بال / وجلَدٍ فيه مضمحل
رآه في كل ما رآه / فلم يقل بعده لعلِّي
له غرام بمن تجلى / به وما عنده تسلي
بشعب وادي النقا غزال / نفوره كان أصل ذلي
وغصن بان سبى فؤادي / بلين عطفٍ وحسن دل
يا قمراً طالعاً علينا / بوجهه المشرق المطل
وظلمة الكون قد تولت / والسر في ذلك التولي
نحن تقاديره قديماً / من كل بعض وكل كل
وقد تجلَّى بنا فصرنا / كبائن عنه مستقل
وهو الذي لم يزل على ما / عليه من قبل ذا التجلي
ونحن أيضا كما ذكرنا / هنا على حالنا المولِّي
ولكن الزيغ في قلوب / وفي عيون من المضل
يريك غير الذي تراه / وأنت كالساعد الأشل
فنزه الرب عن زمان / وعن مكان وعن محل
وعن معاني العقول طراً / من كل معنىً به مخل
وكل ما أدركت حواس / فعنه في المنزه الأجل
وكن به طاهراً نظيفاً / إن قمت يا أيها المصلي
واركع له عن سواه واسجد / إليه في حضرة التعلي
ودم على الصدق في الترجي / واشفق على قدرك الأقل
ولا تحل عنه وانتظره / غير سؤوم ولا مُمَلِّ
فإن جود الكريم باق / بكل غيث له مُهِلِّ
وبابه ما له انغلاق / عمن إليه أتى بذل