المجموع : 68
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ / بَلِ الصَّدِيقُ الَّذِي تَزْكُو شَمَائِلُهُ
إِنْ رَابَكَ الدَّهْرُ لَمْ تَفْشَلْ عَزَائِمُهُ / أَوْ نَابَكَ الْهَمُّ لَمْ تَفْتُرْ وَسَائِلُهُ
يَرْعَاكَ فِي حَالَتَيْ بُعْدٍ وَمَقْرَبَةٍ / وَلا تُغِبُّكَ مِنْ خَيْرٍ فَوَاضِلُهُ
لا كَالَّذِي يَدَّعِي وُدّاً وَبَاطِنُهُ / بِجَمْرِ أَحْقَادِهِ تَغْلِي مَرَاجِلُهُ
يَذُمُّ فِعْلَ أَخِيهِ مُظْهِراً أَسَفاً / لِيُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ الْحُزْنَ شَامِلُهُ
وَذَاكَ مِنْهُ عِدَاءٌ فِي مُجَامَلَةٍ / فَاحْذَرْهُ وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَاذِلُهُ
مَنْ ظَنَّنِي مَوْضِعَاً يَوْماً لِحَاجَتِهِ
مَنْ ظَنَّنِي مَوْضِعَاً يَوْماً لِحَاجَتِهِ / كُنْتُ الْحَرِيَّ بِأَنْ أُعْطِيهِ مَا سَأَلا
لَهُ عَلَيَّ بِحُسْنِ الظَّنِّ مَأْثُرَةٌ / لا يَسْتَقِلُّ بِهَا شُكْرِي وَإِنْ جَمُلا
عَاتَبْتُهُ لا لأَمْرٍ فِيهِ مَعْتَبَةٌ
عَاتَبْتُهُ لا لأَمْرٍ فِيهِ مَعْتَبَةٌ / عَلَيْهِ لَكِنْ لأَرْعَى وَرْدَةَ الْخَجَلِ
فَأَلْبَسَتْ يَاسَمِينَ الْخَدِّ خَجْلَتُهُ / وَرْدَاً جَنِيَّاً جَنَاهُ رَائِدُ الْمُقَلِ
دَعِ الْمَخَافَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهَا
دَعِ الْمَخَافَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَهَا / وَإِنْ تَحَصَّنَ لا يَنْجُو مِنَ الْغِيَلِ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عِلْمٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ / عَلَى الْعَوَاقِبِ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى الْحِيَلِ
بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ
بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ / فَالْحُكْمُ فِي الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ
كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ / وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ
لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ / بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لا بِسَفْكِ دَمِ
فَاعْكِفْ عَلَى الْعِلْمِ تَبْلُغْ شَأْوَ مَنْزِلَةٍ / فِي الْفَضْلِ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِزِّ وَالْكَرَمِ
فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً / مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ / سَبْقُ الرِّجَالِ تَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقِيَمِ
وَلِلْفَتَى مُهْلَةٌ فِي الدَّهْرِ إِنْ ذَهَبَتْ / أَوْقَاتُهَا عَبَثَاً لَمْ يَخْلُ مِنْ نَدَمِ
لَوْلا مُدَاوَلَةُ الأَفْكَارِ مَا ظَهَرَتْ / خَزَائِنُ الأَرْضِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْعَلَمِ
كَمْ أُمَّةٍ دَرَسَتْ أَشْبَاحُهَا وَسَرَتْ / أَرْوَاحُهَا بَيْنَنَا فِي عَالَمِ الْكَلِمِ
فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ / غَرَائِباً لا تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ
صَرْحَانِ مَا دَارَتِ الأَفْلاكُ مُنْذُ جَرَتْ / عَلَى نَظِيرِهِمَا فِي الشَّكْلِ وَالْعِظَمِ
تَضَمَّنَا حِكَماً بَادَتْ مَصَادِرُهَا / لَكِنَّهَا بَقِيَتْ نَقْشاً عَلَى رَضَمِ
قَوْمٌ طَوَتْهُمْ يَدُ الأَيَّامِ فَانْقَرَضُوا / وَذِكْرُهُمْ لَمْ يَزَلْ حَيّاً عَلَى الْقِدَمِ
فَكَمْ بِهَا صُوَر كَادَتْ تُخَاطِبُنَا / جَهْراً بِغَيْرِ لِسَانٍ نَاطِقٍ وَفَمِ
تَتْلُو لِهِرْمِسَ آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى / فَضْلٍ عَمِيمٍ وَمَجْدٍ بَاذِخِ الْقَدَمِ
آيَاتِ فَخْرٍ تَجَلَّى نُورُهَا فَغَدَتْ / مَذْكُورَةً بِلِسَانِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ
وَلاحَ بَيْنَهُمَا بَلْهِيبُ مُتَّجِهاً / لِلشَّرْقِ يَلْحَظُ مَجْرَى النِّيلِ مِنْ أَمَمِ
كَأَنَّهُ رَابِضٌ لِلْوَثْبِ مُنْتَظِرٌ / فَرِيسَةً فَهْوَ يَرْعَاهَا وَلَمْ يَنَمِ
رَمْزٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعُلُومَ إِذَا / عَمَّتْ بِمِصْرَ نَزَتْ مِنْ وَهْدَةِ الْعَدَمِ
فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ وَانْتَصِبُوا / لِلْعِلْمِ فَهْوَ مَدَارُ الْعَدْلِ فِي الأُمَمِ
وَلا تَظُنُّوا نَمَاءَ الْمَالِ وَانْتَسِبُوا / فَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مَا يَحْوِيهِ ذُو نَسَمِ
فَرُبَّ ذِي ثَرْوَةٍ بِالْجَهْلِ مُحْتَقَرٍ / وَرُبَّ ذِي خَلَّةٍ بِالْعِلْمِ مُحْتَرَمِ
شِيدُوا الْمَدَارِسَ فَهْيَ الْغَرْسُ إِنْ بَسَقَتْ / أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضّاً مِنَ الْنِّعَمِ
مَغْنَى عُلُومٍ تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَةً / عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْحَرَمِ
مِنْ كُلِّ كَهْلِ الْحِجَا فِي سِنِّ عَاشِرَةٍ / يَكَادُ مَنْطِقُهُ يَنْهَلُّ بِالْحِكَمِ
كَأَنَّهَا فَلَكٌ لاحَتْ بِهِ شُهُبٌ / تُغْنِي بِرَوْنَقِهَا عَنْ أَنْجُمِ الظُّلَمِ
يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَةً عَبِقَتْ / بِنَفْحَةٍ تَبْعَثُ الأَرْوَاحَ فِي الرِّمَمِ
فَكَمْ تَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ شَاعِرٍ لَسِنٍ / أَوْ كَاتِبٍ فَطِنٍ أَوْ حَاسِبٍ فَهِمِ
وَنَابِغٍ نَالَ مِنْ عِلْمِ الْحُقُوقِ بِهَا / مَزِيَّةً أَلْبَسَتْهُ خِلْعَةَ الْحَكَمِ
وَلُجِّ هَنْدَسَةٍ تَجْرِي بِحِكْمَتِهِ / جَدَاوِلُ الْمَاءِ فِي هَالٍ مِنَ الأَكَمِ
بَلْ كَمْ خَطِيبٍ شَفَى نَفْسَاً بِمَوْعِظَةٍ / وَكَمْ طَبِيبٍ شَفَى جِسْمَاً مِنَ السَّقَمِ
مُؤَدَّبُونَ بِآدَابِ الْمُلُوكِ فَلا / تَلْقَى بِهِمْ غَيْرَ عَالِي الْقَدْرِ مُحْتَشِمِ
قَوْمٌ بِهِمْ تَصْلُحُ الدُّنْيَا إِذَا فَسَدَتْ / وَيَفْرُقُ الْعَدْلُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْغَنَمِ
وَكَيْفَ يَثْبُتُ رُكْنُ الْعَدْلِ فِي بَلَدٍ / لَمْ يَنْتَصِبْ بَيْنَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ عَلَمِ
مَا صَوَّرَ اللَّهُ لِلأَبْدَانِ أَفْئِدَةً / إِلَّا لِيَرْفَعَ أَهْلَ الْجِدِّ وَالْفَهَمِ
وَأَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ أَفْضَى إِلَى أَمَدٍ / فِي الْفَضْلِ وَامْتَازَ بِالْعَالِي مِنَ الشِّيَمِ
لَوْلا الْفَضِيلَةُ لَمْ يَخْلُدْ لِذِي أَدَبٍ / ذِكْرٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَدَمِ
فَلْيَنْظُرِ الْمَرْءُ فِيمَا قَدَّمَتْ يَدُهُ / قَبْلَ الْمَعَادِ فَإِنَّ الْعُمْرَ لَمْ يَدُمِ
قَالَتْ أَرَاكَ عَلِيلَ الْجِسْمِ قُلْتُ لَهَا
قَالَتْ أَرَاكَ عَلِيلَ الْجِسْمِ قُلْتُ لَهَا / مَنْ شَفَّهُ الْحُبُّ أَبْلَى جِسْمَهُ السَّقَمُ
قَالَتْ فَهَلْ مِنْ دَوَاءٍ يُسْتَطَبُّ بِهِ / قُلْتُ الْوصَالُ فَرَاحَتْ وَهْيَ تَبْتَسِمُ
فَبِتُّ فِي حَيْرَةٍ لا الْقَلْبُ مُصْطَبِرٌ / وَلا الْوُصُولُ إِلَى مَا يَشْتَهِي أَمَمُ
وَمَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ / بِمَا يَكُونُ فَعُقْبَى أَمْرِهِ نَدَمُ
مَا لِي بِوُدِّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلْمَامُ
مَا لِي بِوُدِّكَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلْمَامُ / فَاذْهَبْ فَأَنْتَ لَئِيمُ الْعَهْدِ نَمَّامُ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرَكْتُ مَأْرُبَةً / مِنَ الْمُنَى فَإِذَا مَا خِلْتُ أَحْلامُ
هَيْهَاتَ مِنِّي الرِّضَا مِنْ بَعْدِ تَجْرِبَةٍ / إِنَّ الْمَوَدَّةَ بَيْنَ النَّاسِ أَقْسَامُ
فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي إِنَّنِي رَجُلٌ / يَأْبَى لِيَ الْغَدْرَ أَخْوَالٌ وَأَعْمَامُ
كُلُّ امْرِئٍ تَابِعٌ أَعْرَاقَ نَبْعَتِهِ / وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ أَنْسَابٌ وَأَرْحَامُ
فَانْظُرْ لفِعْلِ الْفَتَى تَعْرِفْ مَنَاسِبَهُ / إِنَّ الْفِعَالَ لأَصْلِ الْمَرْءِ إِعْلامُ
وَلا يَغُرَنَّكَ وَجْهٌ رَاقَ مَنْظَرُهُ / فَالنَّصْلُ فِيهِ الْمَنَايَا وَهْوَ بَسَّامُ
مَا كُلُّ ذِي مِنْسَرٍ فَتْخَاءَ كَاسِرةً / كَلَّا وَلا كُلُّ ذِي نَابَيْنِ ضِرْغَامُ
فَإِنْ يَكُنْ غرَّنِي حِلْمِي فَلا عَجَبٌ / إِنَّ الْحُسَامَ لَيَنْبُوا وَهْوَ صَمْصَامُ
ظَنَنْتُ خَيْراً وَلَمْ أُدْرِكْ عَوَاقِبَهُ / فَكَانَ شَرّاً وَبَعْضُ الظَّنِّ آثَامُ
فَيَا لَهَا ضِلَّةً مَا إِنْ أَبَهْتُ لَهَا / حَتَّى تَرَدَّتْ بِهَا فِي الشَّرِّ أَقْدَامُ
آلَيْتُ أَكْذِبُ نَفْسِي بَعْدَهَا سَفَهَاً / إِنَّ الْمُنَى عِنْدَ صِدْقِ النَّفْسِ أَوْهَامُ
فَيَا بْنَ مَنْ تَزْدَرِيهِ النَّفْسُ مِنْ ضَعَةٍ / فَمَا يُحَسُّ لَهُ وَجْدٌ وَإِعْدَامُ
دَعِ الْفَخَارَ وَخُذْ فِيما خُلِقْتَ لَهُ / مِنَ الصَّغَارِ فَإِنَّ الطَّبْعَ إِلْزَامُ
وَاذْكُرْ مَكَانَكَ مِنْ عَبَّاسَ حَيْثُ مَضَتْ / عَلَيْكَ فِي الدَّارِ أَعْوَامٌ وَأَعْوَامُ
تَبِيتُ مُرْتَفِعَاً فِي ظِلِّ دَسْكَرَةٍ / لِكُلِّ بَاغٍ بِهَا وجْدٌ وَتَهْيَامُ
وَفَوْقَ ظَهْرِكَ لِلأَنْفَاسِ مُعْتَرَكٌ / وَفِي حَشَاكَ لِنَارِ الْفِسْقِ إِضْرَامُ
وَيْلُمِّهَا خَزْيَة طارَتْ بِشُنْعَتِها / صَحَائِفٌ وَجَرَتْ بِالذَّمِّ أَقْلامُ
فَاخْسَأْ فَمَا الْكَلْبُ أَدْنَى مِنْكَ مَنْزِلَةً / وَاخْسَأْ لِمِثْلِكَ إِعْزَازٌ وَإِكْرَامُ
هَذَا الَّذِي تَكْرَهُ الأَبْصَارُ طَلْعَتَهُ / فَحَظُّها مِنْهُ إِيذَاءٌ وَإِيلامُ
فِي وَجْهِهِ سِمَةٌ لِلْغَدْرِ بَيِّنَةٌ / وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ أَحْقَادٌ وَأَوْغامُ
لَهُ عَلَى الشَّرِّ إِقْدَامٌ وَلَيْسَ لَهُ / إِلَّا عَنِ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ إِحْجَامُ
كَأَنَّمَا أَنْفُهُ مِنْ طُولِ سَجْدَتِهِ / فِي حَانَةِ اللَّهْوِ حَرْفٌ فِيهِ إِدْغَامُ
كَعَقْرَبِ الْمَاءِ يَمْشِي مِشْيَةً صدَداً / فَخَلْفُهُ عِنْدَ جِدِّ الأَمْرِ إِقْدَامُ
أَبْدَى بِعَاتِقِهِ الْمنْدِيلُ سِيمتَهُ / وَحتَّ مَوْضِعَهُ مِنْ كَفِّهِ الْجَامُ
وَكَيْفَ يَصْلُحُ أَمْرُ النَّاسِ فِي بَلَدٍ / حُكَّامُهُ لِبناتِ اللَّهْوِ خُدَّامُ
قَدْ يَمَّمَتْهُ الْمَخَازِي فَهْيَ نَازِلَةٌ / مِنْهُ بِحَيْثُ تَلاقى اللُّؤْمُ وَالذَّامُ
مَا إِنْ أَصَبْتُ لَهُ خُلْقاً فَأَحْمَدهُ / فَكُلُّ أَخْلاقِهِ لِلنَّفْسِ آلامُ
فَظٌّ غَلِيظٌ مِقيتٌ سَاقِطٌ وَجِمٌ / وَغْدٌ لَئِيمٌ ثَقِيلُ الظِّلِّ حَجَّامُ
جَاءَتْ بِهِ عَجُزٌ لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ / لَهَا بِمَدْرَجَةِ الْفَحْشَاءِ أَزْلامُ
مُسْتَيْقِظٌ لِلْمَخَازِي غَيْرَ أَنَّ لَهُ / طَرْفاً عَنِ الْعِرْضِ وَالأَوْتَارِ نَوَّامُ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا مِنْ عَدَاوَتِهِ / فَإِنَّهَا لِجَلالِ اللَّهِ إِعْظَامُ
فَاذْهَبْ كَمَا ذَهَبَ الطَّاعُونُ مِنْ بَلَدٍ / تَقْفُوهُ بِاللَّعْنِ أَرْوَاحٌ وَأَجْسَامُ
وَهَاكَ مَا أَنْتَ أَهْلٌ فِي الْهِجَاءِ لَهُ / فَالْهَجْوُ فِيكَ لِنَقْضِ الْحَقِّ إِبْرَامُ
مِنْ كُلِّ قَافِيَةٍ فِي الأَرْضِ سَائِرَةٍ / لَهَا بِعِرْضِكَ إِنْجَادٌ وَإِتْهَامُ
شِعْرٌ لِوَجْهِ الْمَخَازِي مِنْهُ سَافِيَةٌ / بِحَاصِبٍ وَلأَنْفِ الْجَهْلِ إِرْغَامُ
تَبْلَى الْعِظَامُ وَيَبْقَى ذِكْرُهُ أَبَدَاً / فِي كُلِّ عَصْرٍ لَهُ سَجْعٌ وَتَرْنَامُ
سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي
سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي / فَأَنْتَ أَوْلَى بِهَذَا الدُّرِّ مِنْ كَلِمِي
يَا رَائِدَ الْوُدِّ قَدْ صَادَفْتَ مُنْتَجَعَاً / بَيْنَ الْجَوَانِحِ فَانْزِلْهُ وَلا تَرِمِ
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ فَضْلاً قَدْ مَلَكْتَ بِهِ / قَلْبِي فَهَاكَ يَدِي فِي الْوُدِّ فَاحْتَكِمِ
إِنَّ الْمَوَدَّةَ إِنْ صَحَّتْ غَدَتْ نَسَباً / بَيْنَ الأَبَاعِدِ تُغْنِيهِمْ عَنِ الرَّحِمِ
فَثِقْ بِذِمَّةِ عَهْدٍ فِيكَ صَادِقَةٍ / فَلَيْسَ كُلُّ خَلِيلٍ صَادِقَ الذِّمَمِ
وَاعْذِرْ إِذَا لَمْ أَجِدْ فِي الْقَوْلِ مُتَّسَعاً / فَالْمَرْءُ لا يَبْلُغُ الأَفْلاكَ بِالْهِمَمِ
لا زِلْتَ تَرْفُلُ فِي أَثْوَابِ عَافِيَةٍ / مَوْشِيَّةٍ بِطِرَازِ الْحَمْدِ وَالنِّعَمِ
لا تَعْذِلَنِّي عَلَى وَفْرٍ سَمَحْتُ بِهِ
لا تَعْذِلَنِّي عَلَى وَفْرٍ سَمَحْتُ بِهِ / لِلْمُعْتَفِينَ فَإِنِّي مَاجِدُ الشِّيَمِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى جُودٌ يَسُدُّ بِهِ / مَفَاقِرَ الصَّحْبِ فَالْمَثْرَاةُ كَالْعَدَمِ
فَإِنْ يَكُنْ قَلَّ مَالِي بَعْدَ وَفْرَتِهِ / فَإِنَّ مَالِيَ لا يَقْوَى عَلَى كَرَمِي
فِي قَائِمِ السَّيْفِ إِنْ عَزَّ الرِّضَا حَكَمُ
فِي قَائِمِ السَّيْفِ إِنْ عَزَّ الرِّضَا حَكَمُ / فَالْحُكْمُ لِلسَّيْفِ إِنْ لَمْ تَصْدَعِ الْكَلِمُ
تَأْبَى لِيَ الضَّيْمَ نَفْسٌ حُرَّةٌ وَيَدٌ / أَطَاعَهَا الْمُرْهَفَانِ السَّيْفُ وَالْقَلَمُ
وَعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمَّةٌ شَهَرَتْ / بِهَا عَلَى الدَّهْرِ عَضْباً لَيْسَ يَنْثَلِمُ
وَفِتْيَةٌ كَأُسُودِ الْغَابِ لَيْسَ لَهُمْ / إِلا الرِّمَاحُ إِذَا احْمَرَّ الْوَغَى أَجَمُ
كَالْبَرْقِ إِنْ عَزَمُوا وَالرَّعْدِ إِنْ صَدَمُوا / وَالْغَيْثِ إِنْ رَحِمُوا وَالسَّيْلِ إِنْ هَجَمُوا
إِنْ حَارَبُوا مَعْشَرَاً فِي جَحْفَلٍ غَلَبُوا / أَوْ خَاصَمُوا فِئَةً فِي مَحْفِلٍ خصمُوا
لا يَرْهَبُونَ الْمَنَايَا أَنْ تُلِمَّ بِهِمْ / كَأَنَّ لُقْيَ الْمَنَايَا عِنْدَهُمْ حَرَمُ
مُرَفَّهُونَ حِسَانٌ فِي مَجَالِسِهِمْ / وَفِي الْحُرُوبِ إِذَا لاَقَيْتَهُمْ بُهَمُ
مِنْ كُلِّ أَزْهَرَ كَالدِّينَارِ غُرَّتُهُ / يَجْلُو الْكَرِيهَةَ مِنْهُ كَوْكَبٌ ضَرِمُ
لا يَرْكَنُونَ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا / إِذَا هُمُ شَعَرُوا بِالذُّلِّ أَوْ نَقِمُوا
قَدْ حَبَّبَ الْمَوْتَ كُرْهُ الضَّيْمِ فِي نَفَرٍ / لَوْلاهُمُ لَمْ تَدُمْ فِي الْعَالَمِ النِّعَمُ
مَاتُوا كِرَامَاً وَأَبْقَوْا لِلْعُلا أَثَراً / نَالَتْ بِهِ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ الأُمَمُ
فَكَيْفَ يَرْضَى الْفَتَى بِالذُّلِّ يَحْمِلُهُ / وَالذُّلُّ تَأْنَفُهُ الْعُبْدَانُ وَالْخَدَمُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى فَضْلٌ وَمَحْمِيَةٌ / فَإِنَّ وِجْدَانَهُ فِي أَهْلِهِ عَدَمُ
فَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَةٍ خَوَرٌ / وَالصَّبْرُ فِي غَيْرِ مَرْضَاةِ الْعُلا نَدَمُ
فَارْغَبْ بِنَفْسِكَ عَنْ حَالٍ تُضَامُ بِهَا / فَلَيْسَ بَعْدَ اطِّرَاحِ الذُّلِّ مَا يَصِمُ
وَلا تَخَفْ وِرْدَ مَوْتٍ أَنْتَ وَارِدُهُ / مَنْ أَخْطَأَتْهُ الرَّزَايَا غَالَهُ الْهَرَمُ
إِنَّ الْعُلا أَثَرٌ تَحْيَا بِذُكْرَتِهِ / أَسْمَاءُ قَوْمٍ طَوَى أَحْسَابَهَا الْقِدَمُ
أَعِدْ عَلَى السَّمْعِ ذِكْرَ الْبَانِ وَالْعَلَمِ
أَعِدْ عَلَى السَّمْعِ ذِكْرَ الْبَانِ وَالْعَلَمِ / وَاعْذِرْ شَآبِيبَ دَمْعِي إِنْ جَرَتْ بِدَمِ
مَلاعِبٌ لِلصِّبَا أَقْوَتْ وَمَا بَرِحَتْ / مَلاعِبَاً لِلأَسَى وَالأَعْيُنِ السُّجُمِ
كَانَتْ لَنَا سَكَناً حَتَّى إِذَا قَوِيَتْ / مِنَّا غَدَتْ سَكَناً لِلرِّيحِ وَالدِّيَمِ
لَمْ أَتَّخِذْ بَعْدَهَا دَارَاً أُقِيمُ بِهَا / إِلَّا تَذَكَّرْتُ أَيَّامِي بِذِي سَلَمِ
وَكَيْفَ أَنْسَى دِيَارَاً قَدْ نَشَأْتُ بِهَا / فِي مَنْبِتِ الْعِزِّ بَيْنَ الأَهْلِ وَالْحَشَمِ
يَا مَنْزِلاً لَمْ يَدَعْ وَشْكُ الْفِرَاقِ بِهِ / إِلَّا رُسُوماً كَوَحْيِ الْخَطِّ بِالْقَلَمِ
أَيْنَ الَّذِينَ بِهِمْ كَانَتْ نَوَاظِرُنَا / تَرْعَى الْمَحَاسِنَ مِنْ فَرْعٍ إِلَى قَدَمِ
وَدَّعْتُ شَطْرَ حَيَاتِي يَوْمَ فُرْقَتِهِمْ / وَصَافَحَتْنِي يَدُ الأَحْزَانِ وَالْهَرَمِ
فَيَا أَخَا الْعَذْلِ لا تَعْجَلْ بِلائِمَةٍ / عَلَيَّ فَالْحُبُّ مَعْدُودٌ مِنَ الْقِسَمِ
أَسْرَفْتَ فِي اللَّوْمِ حَتَّى لَوْ أَصَبْتَ بِهِ / مَقَاطِعَ الْحَقِّ لَمْ تَسْلَمْ مِنَ التُّهَمِ
فَارْحَمْ شَبَابَ فَتَىً أَلْوَتْ بِنَضْرَتِهِ / أَيْدِي الضَّنَى فَغَدَا لَحْماً عَلَى وَضَمِ
تَاللَّهِ مَا غَدْرَةُ الْخُلَّانِ مِنْ أَرَبِي / وَلا التَّلَوُّنُ فِي الأَخْلاقِ مِنْ شِيَمِي
فَكَيْفَ أُنْكِرُ وُدّاً قَدْ أَخَذْتُ بِهِ / عَلَى الْوَفَاءِ عُهُوداً بَرَّةَ الْقَسَمِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى عَقْلٌ يَصُونُ بِهِ / عَلائِقَ الْوُدِّ ضَاعَتْ ذِمَّةُ الْحُرَمِ
وَأَيْنَ مَنْ تَمْلِكُ الأَحْرَارَ شِيمَتُهُ / وَالْغَدْرُ فِي النَّاسِ دَاءٌ غَيْرُ مُنْحَسِمِ
فَانْفُضْ يَدَيْكَ مِنَ الدُّنْيَا فَلَسْتَ تَرَى / خِلاً وَفِيّاً وَعَهْدَاً غَيْرَ مُنْصَرِمِ
هَيْهَاتَ لَمْ يَبْقَ فِي الدُّنْيَا أَخُو ثِقَةٍ / يَرْعَى الْمَوَدَّةَ أَوْ يُلْقِي يَدَ السّلَمِ
فَلا يَغُرَّنْكَ مِنْ وَجْهٍ بَشَاشَتُهُ / فَالنَّارُ كَامِنَةٌ فِي نَاخِرِ السَّلَمِ
تَغَيَّرَ النَّاسُ عَمَّا كُنْتُ أَسْمَعُهُ / وَاسْتَحْكَمَ الْغَدْرُ فِي السَّادَاتِ وَالْحَشَمِ
وَظَلَّ أَعْدَلُ مَنْ تَلْقَاهُ مِنْ رَجُلٍ / أَعْدَى عَلَى الْخَلْقِ مِنْ ذِئْبٍ عَلَى غَنَمِ
مِنْ كُلِّ أَشْوَهَ فِي عِرْنِينِهِ فَطَسٌ / خَالٍ مِنَ الْفَضْلِ مَمْلُوءٍ مِنَ النَّهَمِ
سُودُ الْخَلائِقِ دَلَّاجُونَ مَاطُبِعُوا / عَلَى الْمَحَارِمِ هَدَّاجُونَ فِي الظُّلَمِ
لا يُحْسِنُونَ التَّقَاضِي فِي الْحُقُوقِ وَلا / يُوفُونَ بِالْعَهْدِ إِلَّا خِيفَةَ النِّقَمِ
صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ الأَحْقَادِ تَحْسِبُهُمْ / وَهُمْ أَصِحَّاءُ فِي دِرْعٍ مِنَ السَّقَمِ
فَلا ذَمَامَةَ فِي قَوْلٍ وَلا عَمَلٍ / وَلا أَمَانَةَ فِي عَهْدٍ وَلا قَسَمِ
بَلَوْتُ مِنْهُمْ خِلالاً لَوْ وَسَمْتَ بِهَا / وَجْهَ الْغَزَالَةٍ لَمْ تُشْرِقْ عَلَى عَلَمِ
لَمْ أَدْرِ هَلْ نَبَغَتْ فِي الأَرْضِ نَابِغَةٌ / أَمْ هَذِهِ شِيمَةُ الدُّنْيَا مِنَ الْقِدَمِ
لا يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلَّا مَنْ إِذَا نَهَضَتْ / بِهِ الْحَمِيَّةُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَغَمِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ / فَضْلُ الرِّجَالِ تَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقِيَمِ
فَأَيُّ غَامِضَةٍ لَمْ تَجْلُهَا فِطَنِي / وَأَيُّ باذِخَةٍ لَمْ تَعْلُهَا قَدَمِي
وَكَيْفَ لا تَسْبِقُ الْمَاضِينَ بَادِرَتِي / وَالسَّمْهَرِيَّةُ تَخْشَى الْفَتْكَ مِنْ قَلَمِي
لِكُلِّ عَصْرٍ رِجَالٌ يُذْكَرُونَ بِهِ / وَالْفَضْلُ بِالنَّفْسِ لَيْسَ الْفَضْلُ بِالْقِدَمِ
أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ
أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ / فَيَلْتَقِي الْجَفْنُ بَعْدَ الْبَيْنِ وَالْوَسَنُ
أَشْتَاقُ رَجْعَةَ أَيَّامِي لِكَاظِمَةٍ / وَمَا بِيَ الدَّارُ لَوْلا الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
فَهَلْ تَرُدُّ اللَّيَالِي بَعْضَ مَا سَلَبَتْ / أَمْ هَلْ تَعُودُ إِلَى أَوْطَانِهَا الظُّعُنُ
أَهَنْتُ لِلْحُبِّ نَفْسِي بَعْدَ عِزَّتِهَا / وَأَيُّ ذِي عِزَّةٍ لِلْحُبِّ لا يَهِنُ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَى سِرٌّ لَمَا ظَهَرَتْ / بِوَحْيِ قُدْرَتِهِ فِي الْعَالَمِ الْفِتَنُ
فَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَمَا عَلِقَتْ / بِيَ الصَّبَابَةُ حَتَّى شَفَّنِي الْوَهَنُ
لَوْلا جَرِيرَةُ عَيْنِي مَا سَمَحْتُ بِهَا / لِلدَّمْعِ تَسْفَحُهُ الأَطْلالُ وَالدِّمَنُ
دَعَتْ إِلَى الغَيِّ قَلْبِي فَاسْتَبَدَّ بِهِ / شَوْقٌ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَمُّ وَالشَّجَنُ
وَدُونَ مَا تَبْتَغِيهِ النَّفْسُ مِنْ أَرَبٍ / بَيْدَاءُ تَصْهَلُ فِي أَرْجَائِهَا الْحُصُنُ
وَفِي الأَكِلَّةِ آرَامٌ تُطِيفُ بِهَا / أُسْدٌ بَرَاثِنُهَا الْخَطِّيَّةُ اللُّدُنُ
مِنْ كُلِّ حَوْرَاءَ مِثْلِ الظَبْيِ لَوْ نَظَرَتْ / لِعَابِدٍ لَشَجَاهُ اللَّهْوُ وَالدَّدَنُ
فِي نَشْوَةِ الرَّاحِ مِنْ أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ / وَفِي الْجَآذِرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا غُنَنُ
دَقَّتْ وَجَلَّتْ وَلانَتْ وَهْيَ قَاسِيَةٌ / كَذَاكَ حَدُّ الْمَوَاضِي لَيِّنٌ خَشِنُ
طَوَتْ بِهِنَّ النَّوَى عَنِّي بُدُورَ دُجَىً / لا يَسْتَبِينُ لِعَيْنِي بَعْدَهَا سَنَنُ
أَتْبَعْتُهُمْ نَظَرَاتٍ كُلَّمَا بَلَغَتْ / أُخْرَى الْحُمُولِ ثَنَاهَا مَدْمَعٌ هُتُنُ
يَا رَاحِلِينَ وَفِي أَحْدَاجِهِمْ قَمَرٌ / يَكَادُ يَعْبُدُهُ مِنْ حُسْنِهِ الْوَثَنُ
مُنُّوا عَلَيَّ بِوَصْلٍ أَسْتَعِيدُ بِهِ / مِنْ مُهْجَتِي رَمَقَاً يَحْيَا بِهِ الْبَدَنُ
أَوْ فَاسْمَحُوا لِي بِوَعْدٍ إِنْ وَنَتْ صِلَةٌ / فَالْوَعْدُ مِنْكُمْ بِطِيبِ الْعَيْشِ مُقْتَرِنُ
لَمْ أَلْقَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَوْماً أُسَرُّ بِهِ / كَأَنَّ كُلَّ سُرُورٍ بَعْدَكُمْ حَزَنُ
يَا جِيرَةَ الْحَيِّ مَا لِي لا أَنَالُ بِكُمْ / مَعُونَةً وَبِكُمْ فِي النَّاسِ يُعْتَوَنُ
مَاذَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ بَادِرَةٍ / إِذَا تَرَنَّمَ فِيكُمْ شَاعِرٌ فَطِنُ
أَفِي السَّوِيَّةِ أَنْ يَبْكِي الْحَمَامُ وَلا / يَبْكِي عَلَى إِلْفِهِ ذُو لَوْعَةٍ ضَمِنُ
يَا حَبَّذَا مِصْرُ لَوْ دَامَتْ مَوَدَّتُهَا / وَهَلْ يَدُومُ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى سَكَنُ
تَاللَّهِ مَا فَارَقَتْهَا النَّفْسُ عَنْ مَلَلٍ / وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ لَهَا إِحَنُ
فَلا يَسُرَّ عُدَاتِي مَا بُلِيتُ بِهِ / فَسَوْفَ يَفْنَى وَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْحَسَنُ
ظَنُّوا ابْتِعَادِيَ إِغْفَالاً لِمَنْقَبَتِي / وَذَاكَ عِزٌّ لَهَا لَوْ أَنَّهُمْ فَطَنُوا
فَإِنْ أَكُنْ سِرْتُ عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِي / فَالنَّاسُ أَهْلِي وَكُلُّ الأَرْضِ لِي وَطَنُ
لا يَطْمِسُ الْجَهْلُ مَا أَثْقَبْتُ مِنْ شَرَفٍ / وَكَيْفَ يَحْجُبُ نُورَ الْجَوْنَةِ الدَّخَنُ
قَدْ يَرْفَعُ الْعِلْمُ أَقْوَامَاً وَإِنْ تَرِبُوا / وَيَخْفِضُ الْجَهْلُ أَقْوَاماً وَإِنْ خَزَنوا
فَرُبَّ مَيْتٍ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ نَسَمٌ / وَرُبَّ حَيٍّ لَهُ مِنْ جَهْلِهِ كَفَنُ
فَلا تَغُرَّنْكَ أَشْبَاهٌ تَمُرُّ بِهَا / هَيْهَاتَ مَا كُلُّ طِرْفٍ سَابِقٌ أَرِنُ
فَلا مَلامَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ حَدَثٍ / فَكُلُّنَا بِيَدِ الأَقْدَارِ مُرْتَهَنُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَصَرُّفِهِ / لَعَاشَ حُرّاً وَلَمْ تَعْلَقْ بِهِ الْمِحَنُ
وَأَيُّ حَيٍّ وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ / يَبْقَى وَأَيُّ عَزِيزٍ لَيْسَ يُمْتَهَنُ
كُلُّ امْرِئٍ غَرَضٌ لِلدَّهْرِ يَرْشُقُهُ / بِأَسْهُمٍ لا تَقِي أَمْثَالَهَا الْجُنَنُ
فَلْيَشْغَبِ الدَّهْرُ أَوْ تَسْكُنْ نَوَافِرُهُ / فَلَسْت مِنْهُ عَلَى مَا فَاتَ أَحْتَرِنُ
غَنِيتُ عَمَّا يُهِينُ النَّفْسَ مِنْ عَرَضٍ / فَمَا عَلَيَّ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى مِنَنُ
لَكِنَّنِي بَيْنَ قَوْمٍ لا خَلاقَ لَهُمْ / إِنْ عَاقَدُوا غَدَرُوا أَوْ عَاشَرُوا دَهَنُوا
يُخْفُونَ مِنْ حَسَدٍ مَا فِي نُفُوسِهِمُ / وَيُظْهِرُونَ خِدَاعَاً غَيْرَ مَا بَطَنُوا
يَا لَلْحُمَاةِ أَمَا فِي النَّاسِ مِنْ رَجُلٍ / وَارِي الضَّمِيرِ لَهُ عَقْلٌ بِهِ يَزِنُ
أَكُلَّ خِلٍّ أَرَاهُ لا وَفَاءَ لَهُ / وَكُلَّ قَلْبٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مُضْطَغِنُ
تَغَيَّرَ النَّاسُ عَمَّا كُنْتُ أَعْهَدُهُ / فَالْيَوْمَ لا أَدَبٌ يُغْنِي وَلا فِطَنُ
فَالْخَيْرُ مُنْقَبِضٌ وَالشَّرُّ مُنْبَسِطٌ / وَالْجَهْلُ مُنْتَشِرٌ وَالْعِلْمُ مُنْدَفِنُ
لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ سَلِيماً فِي مَوَدَّتِهِ / كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ فِي قَلْبِهِ دَخَنُ
طَوَاهُمُ الْغِلُّ طَيَّ الْقدِّ وَانْتَشَرَتْ / بِالْغَدْرِ بَيْنَهُمُ الأَحْقَادُ وَالدِّمَنُ
فَلا صَدِيقَ يُرَاعِي غَيْبَ صَاحِبِهِ / وَلا رَفِيقَ عَلَى الأَسْرَارِ يُؤْتَمَنُ
بَلَوْتُهُمْ فَسَئِمْتُ الْعَيْشَ وَانْصَرَفَتْ / نَفْسِي عَنِ النَّاسِ حَتَّى لَيْسَ لِي شَجَنُ
فَإِنْ يَكُنْ فَاتَنِي مَا كُنْتُ أَمْلُكُهُ / فَالْبُعْدُ عَنْهُمْ لِمَا أَتْلَفْتُهُ ثَمَنُ
كَفَى بِحَرْبِ النَّوَى سِلْماً نَجَوْتُ بِهِ / وَرُبَّ مَخْشِيَّةٍ فِي طَيِّهَا أَمَنُ
لَعَلَّ مُزْنَةَ خَيْرٍ تَسْتَهِلُّ عَلَى / رَوْضِ الأَمَانِي فَيَحْيَا الأَصْلُ وَالْفَنَنُ
وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ بَدْءٌ وَعَاقِبَةٌ / وَكَيْفَ يَبْقَى عَلَى حِدْثَانِهِ الزَّمَنُ
خَلَعْتُ فِي حُبِّ غِزْلانِ الْحِمَى رَسَنِي
خَلَعْتُ فِي حُبِّ غِزْلانِ الْحِمَى رَسَنِي / وَبِعْتُ بِالسُّهْدِ فِي لَيْلِ الْهَوَى وَسَنِي
وَأَعْجَبَتْنِي عَلَى ذَمِّ الْعَذُولِ لَهَا / صَبَابَةٌ نَقَلَتْ سِرِّي إِلَى الْعَلَنِ
فَلْيَبْلُغِ الْعَذْلُ مِنِّي مَا أَرَادَ فَقَدْ / أَسْلَمْتُ لِلشَّوْقِ رُوحِي وَالضَّنَى بَدَنِي
تِلْكَ الْحَمَائِمُ لَوْ تَدْرِي بِمَا لَقِيَتْ / أَهْلُ الْمَحَبَّةِ لَمْ تَسْجَعْ عَلَى فَنَنِ
يَا رَبَّةَ الْخِدْرِ قُومِي فَانْظُرِي عَجَباً / إِلَى غَرَائِبَ لَمْ تُقْدَرْ وَلَمْ تَكُنِ
هَذِي يَدِي جَسَّهَا الآسِي وَخَامَرَهُ / يَأْسٌ فَغَادَرَهَا صَرْعَى مِنَ الْوَهَنِ
وَقَالَ لا تَكْتُمَنْ أَمْرَاً عَلَيَّ فَقَدْ / عَلِمْتُ مَا بِكَ مِنْ بَادٍ وَمُكْتَمِنِ
فَلَمْ أُجِبْ غَيْرَ أَنَّ الدَّمْعَ نَمَّ عَلَى / وَجْدِي وَدَلَّتْهُ أَنْفَاسِي عَلَى شَجَنِي
عَطْفاً عَلَيَّ فَلَمْ أَطْلُبْ إِلَيْكِ سِوَى / أَنْ أُمْتِعَ الْعَيْنَ مِنْ تِمْثَالِكِ الْحَسَنِ
مَا لِلْعَذُولِ رَأَى وَجْدِي فَأَحْفَظَهُ / حَتَّى أَتَاكُمْ بِقَوْلٍ مِنْ هَنٍ وَهَنِ
لا تَقْبَلِي الْعَذْلَ فِي مِثْلِي فَكُلُّ فَتَىً / حُرِّ الشَّمَائِلِ مَحْسُودٌ عَلَى الْفِطَنِ
وَالنَّاسُ أَعْدَاءُ أَهْلِ الْفَضْلِ مُذْ خُلِقُوا / مِنْ عَهْدِ آدَمَ سَبَّاقُونَ فِي الإِحَنِ
فَلا صَدِيقَ عَلَى وُدٍّ بِمُتَّفِقٍ / وَلا خَلِيلَ عَلَى سِرٍّ بِمُؤْتَمَنِ
فَلَيْتَ لِي وَدَوَاعِي النَّفْسِ كَاذِبَةٌ / خِلاً يَكُونُ سُرُورَ الْعَيْنِ وَالأُذُنِ
أُصْفِيهِ وُدِّي وَأُمْلِيهِ الْهَوَى وَأَرَى / مِنْهُ الصَوَابَ وَأَرْجُوهُ عَلَى الزَّمَنِ
هَيْهَاتَ أَطْلُبُ أَمْرَاً لَيْسَ يَبْلُغُهُ / حَيٌّ وَلَوْ سَارَ مِنْ هِنْدٍ إِلَى يَمَنِ
مَهْلاً أَخَا الْجَهْلِ لا يُغْوِيكَ مَا نَظَرَتْ / عَيْنَاكَ فِي هذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ
هذِي الْبَرِيَّةُ فَانْظُرْ إِنْ وَجَدْتَ بِهَا / غَيْرَ الَّذِي قُلْتُ فَاهْجُرْنِي وَلا تَرَنِي
أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ وَانْكَشَفَتْ / لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طُفْتُ الْبِلادَ وَجَرَّبْتُ الْعِبَادَ فَلَمْ / أَرْكَنْ لِخِلٍّ وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرّاً فَلا قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ / عِنْدَ الْمُلُوكِ وَلا عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى أَنِّي عَتَبْتُ عَلَى / دَهْرِي فَقَدَّمَ مَنْ دُونِي وَأَخَّرَنِي
وَهَذِهِ شِيمَةُ الدُّنْيَا وَمِنْ عَجَبٍ / أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ / يَفِي بِقَدْرِ الَّذِي يَمْضِي مِنَ الْحَزَنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً / وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِرْبَالِكَ الْخَشِنِ
وَلا تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ إِنَّ بِهِ / شَرَّ الْحَيَاةِ وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَلا تَسَلْ أَحَداً عَوْناً عَلَى أَمَلٍ / حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
خَيْرُ الْمَعِيشَةِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً / هَوْناً وَثَوْبُكَ مَعْصُومٌ مِنَ الدَّرَنِ
وَعَاشِرِ النَّاسَ بِالْحُسْنَى فَإِنْ عَرَضَتْ / إِسَاءَةٌ فَتَغَمَّدْهَا عَلَى الظِّنَنِ
فَالصَّفْحُ عَنْ بَعْضِ مَا يُمْنَى الْكَرِيمُ بِهِ / فَضْلٌ يَطِيرُ بِهِ شُكْرٌ بِلا ثَمَنِ
هَذَا الطَّرِيقُ فَإِنْ أَخْطَأْتَ شِرْعَتَهُ / أَضَعْتَ نَفْسَكَ بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْعَطَنِ
دَارِ الصَّدِيقَ وَلا تَأْمَنْ بَوَادِرَهُ
دَارِ الصَّدِيقَ وَلا تَأْمَنْ بَوَادِرَهُ / فَرُبَّمَا عَادَ بَعْدَ الصِّدْقِ خَوَّانَا
يُفْضِي بِسِرِّكَ أَوْ يَسْعَى بِأَمْرِكَ أَوْ / يَقُولُ عَنْكَ حَدِيثَ السُّوءِ بُهْتَانَا
فَإِنْ تَنَصَّلْتَ قَالُوا فِيكَ مَعْرِفَةً / تَنْفِي المِرَاءَ مَعَ الوُدِّ الذِي كَانَا
وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مَطْبُوعٌ عَلَى ظِنَنٍ / تَقْضِي عَلَيْهِ بِلَبْسِ الْحَقِّ أَحْيَانَا
وَقَلَّ فِي النَّاسِ مَنْ جَرَّبْتُهُ فَرَأَى / بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْبُهْتَانِ فُرْقَانَا
لا تَخْشَ بُؤْسَاً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ
لا تَخْشَ بُؤْسَاً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ / وَاخْشَ الْمَكِيدَةَ مِنْ عَدوٍّ بَاطِنِ
كَمْ بَيْنَ شَرٍّ ظَاهِرٍ مُسْتَدْرَكٍ / مِنْهُ الْخَلاصُ وَبَيْنَ شَرٍّ بَاطِنِ
قَدْ عَاقَنِي الشَّكُّ فِي أَمْرٍ أَضَعْتُ لَهُ
قَدْ عَاقَنِي الشَّكُّ فِي أَمْرٍ أَضَعْتُ لَهُ / عَزِيمَةَ الرَّأْيِ حَتَّى ضَاقَ كِتْمَانِي
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ وُدّاً قَبْلَ مَعْرِفَةٍ / ثُمَّ انْثَنَيْتَ بِصَدٍّ قَبْلَ إِعْلانِ
فَسَرَّنِي مِنْكَ مَا قَدَّمْتَ مُبْتَدَأً / وَسَاءَنِي مِنْكَ مَا أَخَّرْتَ فِي الثَّانِي
فَإِنْ يَكُنْ سُوءُ رَأْيٍ أَوْ مَلالُ هَوَىً / فَإِنَّ كِلْتَيْهِمَا فِي الْقُبْحِ سَيَّانِ
فَاكْشِفْ لَنَا عَنْ قِنَاعِ الشَّكِّ نَحْيَ بِهِ / إِمَّا وِصَالاً وَإِمَّا مَحْضَ هِجْرَانِ
يَا رَاحِلاً غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ
يَا رَاحِلاً غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ / وَأَصْبَحَتْ أَسْهُمُ الأَشْوَاقِ تُصْمِينِي
إِنْ كَانَ يُرْضِيكَ مَا أَلْقَاهُ مِنْ كَمَدٍ / فِي الْحُبِّ مُذْ غِبْتَ عَنِّي فَهْوَ يُرْضِينِي
لَمْ أَلْقَ بَعْدَكَ يَوْماً أَسْتَبِينُ بِهِ / وَجْهَ الْمَسَرَّةِ إِلَّا ظَلَّ يُبْكِينِي
قَدْ كُنْتُ لا أَكْتَفِي بِالشَّمْلِ مُجْتَمِعَاً / فَالْيَوْمَ نَظْرَةُ عَيْنٍ مِنْكَ تَكْفِينِي
إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَةٍ
إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَةٍ / مِنْهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ زَلَّةٍ فَهُنِ
وَإِنْ صَفَحْتَ فَلا تَعْرِضْ بِمَعْتَبَةٍ / فَالْعَتْبُ يُفْسِدُ مَا قَدَّمْتَ مِنْ حَسَنِ
أَحْبِبْ وَأَبْغِضْ وَقُلْ بِحَقٍّ
أَحْبِبْ وَأَبْغِضْ وَقُلْ بِحَقٍّ / وَلا تُسَاهِلْ وَلا تُخَاشِنْ
فَالْحُبُّ يُعْمِي عَنِ الْمَسَاوِي / وَالْبُغْضُ يُعْمِي عَنِ الْمَحَاسِنْ
خَفِّضْ عَلَيْكَ وَلا تَجْزَعْ لِنَائِبَةٍ
خَفِّضْ عَلَيْكَ وَلا تَجْزَعْ لِنَائِبَةٍ / فَالدَّهْرُ يَعْتَرُّ بِالإِنْسَانِ أَحْيَانَا
فَكُلُّ نَاءٍ قَرِيبٌ إِنْ صَبَرْتَ لَهُ / وَكُلُّ صَعْبٍ إِذَا قَاوَمْتَهُ هَانَا