القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ نُباتَة المِصْري الكل
المجموع : 281
لله خال على خدِّ الحبيب له
لله خال على خدِّ الحبيب له / في العاشقين كما شاء الهوى عبث
أورثته حبَّة القلب القتيل به / وكان عهديَ أنَّ الحالَ لا يرِث
واحيلتي بظلام الطرَّة الدَّاجي
واحيلتي بظلام الطرَّة الدَّاجي / واشقوتي بنعيم الملمس العاجي
ويا ضلالَ رشادِي في هوَى صنمٍ / لا شيء أهتك لي من طرفه الساجي
يثجُّ ماء دموعِي خطّ عارضه / ويلاه من عارضٍ للدَّمع ثجَّاج
إيهاً عذولي وباعدْ فيهِ عن بصرِي / فما أظنُّك من سيلِ البكى ناجي
قد اسرجَ الحسن خدَّيه فدونكَ ذا / سراج خدٍّ على الأكباد وهَّاج
وألجمِ العذل وارْكض في محبَّته / طرف الهوى بعد إلجامٍ وإسراج
وقسِّم الشعر فاجْعل في محاسنهِ / شذر القلائد واهدِ الدُّرَّ للتاج
الواصل الجود فينا غير منقطعٍ / والفارج الحال منَّا بعدَ إرتاج
بحر ترى المالَ سارٍ من أناملهِ / كأنَّه زبدٌ من فوق أمواج
وأصبحتْ هذه الآفاق آمنةً / بعدلهِ بعدَ إرهابٍ وإرهاج
كأنَّ أراءه بينَ الدِّيار بها / كواكبٌ تتجلَّى بين أبراج
في كفِّه قلمٌ ناهيك من قلمٍ / للمالِ مجرٍ وللغماء فرَّاج
سهمٌ لمن رامَ تنفيذَ الأمور به / لكنَّه هدفٌ للطالب الرَّاجي
إذا انْتحى الأمر فانْظر في الطروسِ إلى / محرِّكٍ لسكونِ الخلق مزعاج
لا يعدم الفضل منه أيّ متجرٍ / ولا رقومَ المعاني أيّ نساج
يا قالةَ الشعر في الأقطارِ طالبةً / مرادَ قصدٍ إليه يلتجي اللاَّجي
سعياً لأبوابِ تاج الدِّين إنَّ لها / منهاج فضلٍ بريء الفضل من هاجي
يممته والغلا والفقرُ قدْ جمعا / لحالتي بين طاعونٍ وحجَّاج
مجاوباً منه في سرٍّ وفي علنٍ / ودًّا ورفداً ينادِي كلَّ محتاج
لما دعَا الدَّعوةَ الأولى فأسْمعني / لبستُ بُردَيَّ واسْتمررتُ أدراجِي
فاسْتقبلتْ جدبَ أحوالي غمائمهُ / وبدَّلت حزنَ أفكارِي بإبهاج
وتابعَ الرَّفد حتَّى ما ظننت إذاً / أنِّي من السيلِ في أبوابهِ ناجي
ذاكَ الذي يحمل المهدِي مدائحهُ / جواهراً من حلاه بين إدراج
ملكت شعرِي على الأشعارِ حينَ حوَى / ذكر اسمه فهو ربُّ الملك والتَّاج
مدَّت إليك المعالي طرفَ مبتهجٍ
مدَّت إليك المعالي طرفَ مبتهجٍ / وأعربتْ بلسانِ المادح اللهج
وأشرق المنبرُ المسعودُ طالعهُ / بخير بدرٍ بدا في أشرفِ الدّرج
خطبت بالشامِ لما أن خطِبتَ له / فاهنأ بمتفق اللفظين مزْدَوِج
يا حبَّذا أفقٌ عطرتَ جانبه / حتَّى اسْتدلَّ بنو الآمال بالأرَج
صدر العلى فتمكن بالجلوس به / فقد جلست بصدرٍ غير ذي حرج
وأصدَع برأيك لا لفظ بمحتبسٍ / إذا خطبت ولا فكرٌ بمنزعج
تصبو الورى لسواد قد ظهرت به / كأنَّما من حكته أسود المهج
عينُ الزمان تحلى في ملابسه / وإنَّما تتحلَّى العينُ بالدَّعج
أعظم بها من مساعٍ عنك سائرةً / فقد سلكت طريقاً غير ذي عوج
ولَجتَ للعلمِ أبواباً متى خطرت / بها العزائم أبوابَ العلى تلج
ودافعت يدك الآمال جائدة / تدَافعَ السيل في أثناءِ منعرج
مناقبٌ يهتدي وفدُ الثنا لها / بواضحٍ من ضياءِ البدر منبلج
كأنَّ نغمةَ عافيهِ بمسمعه / أصواتُ معبدَ في الثاني من الهزج
يا طالباً منه جوداً أو مباحثةً / رد بحرهُ العذب واحْذر سورة اللَّجج
بحرُ الندى والهدى إن شمت مورده / شمتَ النجاةَ وإن هيَّجته يهجِ
مبصر الرَّأي مأخوذٌ بفطنته / إلى المراشد مدلولٌ على النهج
هذا دليل الشباب الجون منسدل / فكيف لما يضيء الشيب بالسرج
إيهٍ بعيشك بدرَ الدِّين سدْ فلقدْ / أدلجت للفضلِ فينا كلّ مدّلج
أنتَ الذي فضلَ الأخبارَ شاهده / فيممتهُ بنو الآمال بالحجج
من فيضِ جودك جادَ الفائضون ندى / كأنَّك البحرُ يُروَى عنه بالخلج
لا زالَ بابك للمغلوب جانبه / وواجد الهمّ باب النصر والفرَج
أقسمت من فرعها المسبول بالداجي
أقسمت من فرعها المسبول بالداجي / كالآبنوس بمشط الرجل في العاج
لقد تورَّط قلبي في حبائلِها / فما أرى أنَّه من حبِّها ناج
لو أنسَ يوم النوى دمعاً بوجنتِها / كما نثرت لآلٍ فوق ديباج
وناظرِي حينَ أخلى الجزع ساكنه / كعارضٍ بعقيقِ الدمعِ ثجاج
محجوبة إن أقل عمرِي انْقضى فبِها / قضى حجايَ ولم يقض اللقا حاجي
لا عيبَ فيها سوى ريق على بَرد / مبرِّد في الشتا والصيف ثلاَّج
قسمت أغزالَ شعري والمديح لها / نظم الشذور ونظم الدر في التاج
يحيي الندى جعفر والفضل قد فنيا / وظله لا عدِمنا ظله ساج
ذو الجود كم جملٍ من وفر راحته / قد عوجلت قبل تحصيلٍ بإخراج
والبر والمكرمات الغرّ كم هرعت / إليه أفواجُ قصدٍ بعد أفواج
كم من بناتٍ وأبناءٍ قد اجْتمعوا / على قراه وزوجاتٍ وأزواج
كم بين أبيات أمداحِي له شيمٌ / كأنَّهنَّ نجومٌ بين أبراج
بحر أرى مقبلات الخير أكثر من / ماضي سرَاها فما عدٌّ لأمواج
في كفِّه القلمان الرَّاجحان على / سواهما بين كفاتٍ وأدراج
يا حبَّذا قلمُ التصريف مع قلم ال / إنشاءِ من سابقٍ في الطرسِ هملاج
وحبَّذا الطرس منشوراً بنفعِ رجا / وملتقي كلّ ذي همٍّ بإفراج
وحبَّذا من حباسيّ وأنعمهُ / فرّاجة لمثارِ الخطب مهتاج
في الحمدِ والأجرِ ذو فكرٍ وذو نظرٍ / إلى صميمِ العلى والفضل ولاَّج
قضى له الله أن تعلو مراتبهُ / وأن يكون ملاذ القاصد اللاجي
مهنأ الجود مدلول النوال على / أهل المقاصدِ دارٍ حالَ محتاج
إذا أراد قبولَ البرِّ خالقنا / هيا نوافلهُ في وقت إحواج
يا مذكري من كريمِ الدِّين أنعمه / بمصر دُمْ أنت تاجيُّ العلى ناجي
لقد منحت كثيراً من قليلك إذ / قليله في كثير الوفر رَوَّاج
فأنتَ عندِي وعند الناس أكرم من / ذاك الممكن يا نعم الفتى الراجي
مولايَ مولاي تاج الدِّين ممتدحاً / حاشا لمنهاج ذاك الباب من هاج
أحسنْ بها جبةً قد فرَّجتْ كربِي / عودية أطربتني بعد إزعاج
شكراً لنسَّاجها بل للجواد بها / مستفتحاً باب شعري بعد إرتاج
إن يكسِي ما سيبليه الزمان فقدْ / كساه ما ليسَ يبلى نسج نساج
لأجعلنَّ لشعرِي عنده ملكاً / على الرواةِ سنيّ الملك والتاج
أسرت في الحبِّ يا ينجو فمن ينجي
أسرت في الحبِّ يا ينجو فمن ينجي / يا طفلةَ الترك من هجرانك الكرجي
هل لثمةٌ منك مثل الرَّاح عند فَمي / وعند عاذليَ الغيرانِ كالبنج
كالشهد لفظ علاء الدِّين نرقبه / والسمّ عند عداة الدِّين نسترجي
أهلاً بمقدم ون وَدّ الهلال بأن / يمسي لمركوبه المسعود كالسرج
ملك الكتابة أي الأرض واصلها / مسعاه كانَ سعيد الوصل والدّرْج
إن بتُّ في مزْج ذكراه فإنيَ من / همِّ التباعد في هرْجٍ وفي مرْج
قد فقعتْ بالتنائِي مهجةٌ نسبت / في الخاص قدماً وقد عادت من الجرج
مولاي مولاي نجم الدِّين دعوة من
مولاي مولاي نجم الدِّين دعوة من / في قصدِ جودِك لا يحتاج للحجج
ومن إذا أبصرت عيناه عبدكُم / في البابِ أبصرَ ما يرجوه من فرج
هذا رجا الدجن كم أرسى وكم لك من / عقد من المنّ عندي واضح النهج
درّ المقال وتبر الجود تبعثه / فابعث لكانوننا شيئاً من السبج
أشكو السقام وتشكو مثله امرأتي
أشكو السقام وتشكو مثله امرأتي / فنحن في الفرش والأعضاء نرتجُّ
نفسان والعظم في نطعٍ يجمعنا / كأنَّما نحنُ في التمثيلِ شطرَنجُ
أخربت قلبي الذي صيَّرته وطناً
أخربت قلبي الذي صيَّرته وطناً / أيام لم تكُ ذا زيغٍ ولا عوج
فكدتُ بالرغمِ أخلي منك جانبه / خوفاً عليك من المستوطن الحرج
وأهيف القدِّ فتَّان العيون قضى
وأهيف القدِّ فتَّان العيون قضى / على الجوانحِ واسْتولى على المهج
لثغرهِ ولخديهِ وطرَّته / شبهٌ من الدُّرِّ والياقوت والسبج
يا لائمِي في رشيقِ القدِّ معتدلٍ
يا لائمِي في رشيقِ القدِّ معتدلٍ / أقصرْ فإنَّ غرامي غيرُ ذي عوج
أشكو الشدائدَ من وجدٍ أكابِده / ولستُ أيأسُ في شكوايَ من فرَج
لتهن عين إلى مرآك قد طمحتْ
لتهن عين إلى مرآك قد طمحتْ / ومهجةٌ فيك بالأشجان قد صلحت
يا من إذا باعت الأبصار أسودها / بحبةٍ فوق خديهِ فقد ربحت
لا أشتكِي فيكَ أشجاني وإن مكثت / ولا أكفكف أجفانِي وإن نزحت
أنا الذي كرمت أنفاس صبوته / وكلَّما مسَّ ناراً ندّها نفحت
يزيدني العذل تبريحاً ألذّ به / فليت عذَّال حبِّي فيكَ ما برحت
ويعجبُ الدمعُ حين حينَ يجرحها / وما العدَالة إلا حيثما جرحت
ما أدمعي في هواك السمح باخلة / وكيف وهي التي بالعينِ قد سمحت
سقياً لأوقاتك اللآتي إذا ذكرت / حلتْ على أنَّها بالحسنِ قد ملحت
حيث الصبا بشذَا الأزهار نافحة / في فحمة الليل والأقداح قد قدحت
وللقيان بوُرقِ الطير مشتبهٌ / هذي وتلكَ على العيدانِ قد صدحت
والزهر كالضيف أمسى وهو مبتسم / على زِقاقٍ من الصهباءِ قد ذُبحت
والرَّاح في يدِ ساقيها مشعشعة / كأنَّ وجنة ساقِيها بها نضحت
ساقٍ إذا اغْتبقت ندمان قهوتهِ / أضاء مبسمه الصبحيّ فاصطبحت
لدن المعاطف يمناه ومقلته / تسقيكَ إن حملت راحاً وإن لمحت
ذو ناظرٍ بالحيا والسحر مكتحل / فالموت إن غضت الأجفان أو فتحت
كم قابلته لكي تحكيه نرجسة / فصح أن عيون النرجس انفتحت
إذا اعتبرت معاني من كلفت به / عجبت من حسن ما دقت وما وضحت
تلك التي خلَّفت عيناي غارقة / ترعى نجوم الليالي كلما سبحت
آهاً لذكرِ ليالٍ ما فطنت لها / حتَّى أناخَ عليها الدهر فانتزحت
كم يقصد الدهر إغضابِي بقادحةٍ / في الحال لكنَّها في الصبرِ ما قدحت
إن عاب رونق ألفاظي ذوو إحَنٍ / ففي السماءِ بدور طالما نُبحت
دع الليالي إني قد غفرت لها / بالأفضل الملك ما كانت قد اجترحت
جاءت به مغرب الأوصاف مشرقها / مثال ما اقترح العليا وما اقترحت
ملك لهاهُ عن الآمال قد فصحت / وراحتاه عن الأيام قد صفحت
له خطىً جازت العليا وما فخرت / وأنمل كفت الدنيا وما بجحت
تندي حياءً غداةَ الجود طلعته / كأنما منعت كفاه ما منحت
كانت بنو الدهر غضبى مع زمانهمُ / لكن على يده الفيّاضة اصطلحت
كم منطق فصَّحته بالثناءِ وكم / نحوٍ من الجود في أهل الرجاءِ نحت
كم نعمة سبحت عن بيت سؤدده / في الخافقين وكم من مدحة سرحت
لا عيبَ في مجده العالي سوى أذُنٍ / في الجود لا تسمع العذَّال إن نصحت
أما الرعايا فقد ردَّت بدولته / لها وجوه الأماني بعد ما جمحت
كل البيوت من الأموال باسمة / إلا بيوتاً من الأموال قد كلحت
بين الصوارم والأقلام فكرته / إن دبرت أفلحت أو صاولت فلحت
سجية في بني أيوب قد نفرت / وبين آل تقيّ الدين قد رجحت
يمدُّ زنداً إلى العلياءِ واريةً / أنوارها وهي ما عيبت وما قدحت
إذا أطال كريم وعده اختصرت / وإن طوى قلب باغ غلها شرحت
يا ابن الملوك جلت أنوار غرتهم / غياهب الإفك عن طرق الهدى ومحت
لو لم يكن لك حق الملك من قدم / لكن حقك بالنفس التي طمحت
لو خط بعض اسمك العالي على علم / وقابلته حصون الأرض لافتتحت
أنت الذي قدمت أمداحه فكري / فخراً على فكرٍ من بعد قد مدحت
أنت الذي فسَّحت نعماء والده / حالي وفكرتيَ الغماء فانفسحت
وأودعتنَى جدوى كفه منناً / كأنها بعدُ من جفنيّ قد رشحت
كم مدحة لي من آثار أنعمه / سيّارة لنجوم الليل قد فضحت
بطالع السعد لا جدْيٌ ولا حملٌ / جازت مدى الشهب والغفران ما انتطحت
لله درك من ملك له شرف / ثنى قرائحنا عنه وإن كدَحت
دامت لملكك أوقات الحبور إذا / تقلدت من حُلى إقبالها اتشحت
وجاد قبرَ الشهيد الغيث ينشده / يا ساكني السفح كم عين بكم سفحت
سلبت عقلي بأحداقٍ وأقداح
سلبت عقلي بأحداقٍ وأقداح / يا ساجيَ الطرف أو يا ساقيَ الرَّاح
سكران من قهوة الساقي ومقلته / فاترك ملامك في السكْرين يا صاحي
واطرح بعيشك أثقالَ الملام فما / حملت وزْري ولا كلفت إصلاحي
دعني إذا صح نجمي في هوى قمري / ببيت ماليَ أنشي بيت أفراحي
بجوهر الكأس يجلو لي بها عرضاً / ظبيٌ يفدَّى بأشباحٍ وأرواح
وفارسيّ من الأتراك تكملتي / في نحو خدّيه قد صحت بإيضاح
يردي الفوارس منه ملتقى رشاءٍ / باللحظ والقدّ سياف ورماح
قلبي أبو طالبٍ منه الوصال فما / ينفكّ من نار شجو وسط ضحضاح
يا مثريَ الخدّ بالمحمر من ذهبٍ / دارِك ضرورة محتاجٍ ومجتاح
يا فاضحي في الهوى خط بعارضه / لقد نسخت على عشقي بفضّاح
ما أنس لا أنس لقيانا وقد غفلت / عينُ الهوى عن قريرِ العين طماح
قابلت شعرك بعد الوجه ملتفتاً / فأنعمَ الله إمسائي وإصباحي
حيث الرضى في جبين الصب مكتئب / أيام لم يمح أسطار الصبى ماح
وحامل الكأس تحت الدجن يعملها / كأنه مدلجٌ يمشي بمصباح
والغيم دان لكأس الراح يمزجها / يكاد يمسكه من قام بالراح
والآن كاسي دموعي والتذكر إنْ / أعي التذكر تشدو شدو مفصاح
يا عنبرَ الخال في ريحان سالفه / هل بابُ عيشيَ مسرورٌ بمفتاح
وهل إلى أرض مصر زورةٌ لشجٍ / بسائل من دموع الشوق ملحاح
وهل أباكِرُ بحرَ النيل منشرحاً / فأشرب الحلوَ من أكواب ملاح
وأشتكي النأيَ في باب العلاءِ إلى / نعم المليّ بأنجائي وإنجاحي
ذاك الذي قال شعري أي ممتدح / تدعو وقالت علاه أي مداح
أما زمان عليّ مع شذا كلمي / فقد تجانس نفاع بنفاح
أغرّ طامي بحور الفضل ناسبها / بغائص في بحور الشعر سباح
من آل يحيى كتاب الفضل متصل / فيهم بكفٍّ قويّ العزم طماح
أنأى البرية عن آمال ملتمح / تلك المعالي وأدناهم لممتاح
قام الكفاة له طوعاً ولو قعدوا / قامت عليهم نواحيهم بأنواح
ذو الرأي والقلم الهادي فواصف ذا / وذاك ما بين منصور وسفاح
مدبر الملك في سرِّ وفي علن / ومحكم الأمر من خاف ومن ضاحي
ومتبع البرّ للعافي بتهنئةٍ / وسائق الهلك للعادي بإسجاح
فيا لها من يدٍ بالجود فائضةٍ / وزَندِ رأيِ لداجي الرأي قداح
لا عيب فيه سوى علياء مخجلة / بمعرب البرّ نطق اللاّحن اللاحي
وسحر لفظ بأدنى ما ينمقه / عقاد ألسنة نفاث أرواح
وبذل جاهٍ ومالٍ مع توفرهِ / أربى وزاد فقلنا بذل مزّاح
نجل الخلائف نبه عندها عمراً / وافخر بكل عمير البيت جحجاح
المترِعين جفاناً كل داجية / والمفزعين جفوناً عند إصباح
والفاتحينَ بأقلام لهم وطناً / ممالكاً لم يحلها عزم فتاح
فإنْ حموا بيضةَ الإسلام إنهمُ / من سادةٍ في صميم العرب أمحاح
أو كلموا بمواضيهم وألسنهم / فإنهم أهل إبلاغ وإفصاح
أحييتهم يا ابن يحيى فابقَ مستبقاً / للفضل ذا غرر فيه وأوضاح
فرعاً تلافي العلى أصلاً لقد سجعت / سواجعُ الحمد فيكم بين أدْواح
يا من له القلم المنهلُّ بارقه / بوابلٍ في الوغى والسلم سحَّاح
يا ذا البلاغة أسلاكاً على حلل / فالفضل ما بين وشّاء ووشَّاح
لا غرْ وإن نشأت منشأ الرياض وفي / يمناك كلّ نمير الوَدق دلاّح
إني لأشهد منها غير ما شهدت / أفكار كل حسير الفكر لمّاح
فليت شعريَ توفي حقها مدحاً / وليت شعري متى بالقرب أرباحي
طال اطّراحي وإبعادي فهل سبب / لممسكٍ بشباك اللغو طرّاح
يا سيداً سرّ حسادي عليه فقد / تمكنوا من قصيّ الغوث ملتاح
قد كنت أروي لهم عن جابر زمناً / عنكم وها أنا أرويها لجرَّاح
وليتني عارفاً ذنبي فأجعله / باب التقاضي لسهل العفو مرْتاح
إن كنت أعرف ذنباً أستحقّ به / فراق عطفك لا فارقت أتراحي
فالعفو منك لقد سد الصدود على / ذهني مذاهب ينحو مثلها الناحي
أرويتَ أرض نبات لو عنيتَ به / كنتَ المحيّا بزهرٍ منه نفّاح
من غير سمعك يدري ما أرجعه / في الخصب من مستطاب الحمد صداح
بباهر البرّ جدّد يا عليّ قوى / شعرٍ تجدْ خيرَ عمارٍ لأمداح
وليهنك العام ساعي العامِ منشرحاً / بمجمل اليمن لم يحتج لشراح
عام حلفنا بمسطور الثلاث به / بأنه عامُ إقبال وأفراح
للملتجي لك فيه سعدُ أخبيةٍ / من الأذى ولباغي البعد ذبّاح
يا سيدي وابن ساداتي الذين على
يا سيدي وابن ساداتي الذين على / أبوابهم صحّ عندي باب أفراحي
قد كنت في الباب مع ياقوت متحداً / فعوَّضوا عبدَ أبواب بمفتاحٍ
طلبت سكنى مكانٍ أو كرَاهُ عسى
طلبت سكنى مكانٍ أو كرَاهُ عسى / يسكّنُ الحالُ قلباً ظلّ مجتاحا
فقال اسكنْ إمامٌ قد درى طلبي / وكيفَ يسكنُ من لم يلقَ مفتاحا
أستودع الله أحبابي الذين نأوا
أستودع الله أحبابي الذين نأوا / وخلفوني في نيران تبريح
أستنشق الريح من تلقاءِ أرضهمُ / لقد قنعت من الأحباب بالريح
ما لي نديمٌ سوى ورقاءَ ساجعة
ما لي نديمٌ سوى ورقاءَ ساجعة / من بعد مغتبقي فيكم ومصطبحي
إذا أدار ادكارَ الوصلِ لي قدحاً / من أحمرِ الدمع غناني على قدحي
يا صاحباً لي بل يا سيِّداً يدهُ
يا صاحباً لي بل يا سيِّداً يدهُ / يدُ الخلائف في برِّي وإصلاحي
إن كانَ جاهك مهديّ المصير إلى / قصدي فإنَّ ندَى كفَّيك إصلاحي
طمعتُ بالعدلِ والإحسانِ منكَ معاً
طمعتُ بالعدلِ والإحسانِ منكَ معاً / فكنتَ عنديَ بالإحسانِ غيرَ سخي
وقلتُ يكفِي فقامَ العدلُ ينشدُني / حاشاهُ يفرقُ ما بيني وبين أخي
أستغفرُ الله لا مالي ولا ولدي
أستغفرُ الله لا مالي ولا ولدي / آسي عليه إذا ضمَّ الثرى جسدي
عفتُ الإقامةَ في الدنيا لو انْشرَحت / حالي فكيف وما حظِّي سوى النكد
وقد صدِئتُ ولي تحتَ الترابِ جلاً / إنَّ الترابَ لجلاَّءٌ لكلِّ صدي
لا عارَ في أدبي إن لم ينل رتباً / وإنَّما العارُ في دهري وفي بلدي
هذا كلامي وذا حظِّي فيا عجباً / منِّي لثروةِ لفظٍ وافْتقارِ يدِ
إنسانُ عينيَ أعشتهُ مكابدةٌ / وإنَّما خلِقَ الإنسانُ في كبد
وما عجبتُ لدهرٍ ذبتُ منه أسىً / لكن عجبتُ لضدٍّ ذاب من حسد
تدورُ هامتهُ غيظاً عليَّ ولا / والله ما دارَ في فكري ولا خلدي
من لي بمرِّ الرَّدى كيما يجاورني / رباً كريماً ويكفيني جوار ردي
حياةُ كل امرئٍ سجنٌ بمهجته / فأعجبُ لطالبِ طول السجن والكمد
أمَّا الهمومُ فبحرٌ خضتُ زاخرَهُ / أما ترى فوقَ رأسي فائض الزَّبد
وعشتُ بين بني الأيَّامِ منفرداً / ورُبَّ منفعةٍ في عيشِ منفرد
لأتركنَّ فريداً في التراب غداً / ولو تكثرَ ما بين الورى عدَدِي
ما نافعي سعةٌ في العيشِ أو حرجٌ / إن لم تسعنيَ رُحمى الواحدِ الصمدِ
يا جامعَ المالِ إنَّ العمر منصرمٌ / فابْخل بمالِكَ مهما شئتَ أو فجدِ
ويا عزيزاً يخيطُ العجبُ ناظرَهُ / أذكرْ هوَانك تحت الترب واتَّئدِ
قالوا ترقَّى فلانُ اليومَ منزلةً / فقلتُ ينزلهُ عنها لقاء غدِ
كم واثقٍ بالليالي مدَّ راحتهُ / إلى المرامِ فناداه الحمامُ قَدِ
وباسطٍ يدهُ حكماً ومقدِرَةً / ووارِد الموت أدنى من فمٍ ليدِ
كم غيَّرَ الدهرُ من دارٍ وساكنها / لا عن عميدِ ثنى بطشاً ولا عمُدِ
زالَ الذي كانَ للعليا به سندٌ / وزالتِ الدَّارُ بالعلياءِ فالسندِ
تباركَ الله كم تلقى مصائدَها / هذي النجومُ على الدانين والبعدِ
تجري النجومُ بتقريب الحمام لنا / وهنَّ من قربه منها على أمدِ
لا بدَّ أن يغمسَ المقدارُ مديتهُ / في لبَّة الجدي منها أو حشى الأسدِ
عجبتُ من آملٍ طولَ البقاءِ وقدْ / أخنى عليه الذي أخنى على لبدِ
يجرُّ خيط الدجى والفجر أنفسنا / للتربِ ما لا يجرّ الحبل من مسدِ
هذي عجائب تثني النفس حائرةً / وتقعد العقلَ من عيّ على ضمدِ
مالي أسرُّ بيومٍ نلتُ لذَّته / وقد ذوى معه جزءٌ من الجسدِ
أصبحتُ لا أحتوي عيش الخمول ولا / إلى المراتبِ أرمي طرفَ مجتهدِ
جسمي إلى جدثِي مهوايَ من كثب / فكيف يعجبني مهوايَ من صعدِ
لا تخدعنَّ بشهدِ العيش ترشفه / فأيُّ سمٍّ ثوى في ذلك الشهدِ
ولا تراعِ أخَا دُنيا يسر بها / ولا تمارِ أخَا غيٍّ ولا لدَدِ
وإن وجدت غَشومَ القوم في بلدٍ / حلاً فقلْ أنتَ في حلٍّ من البلد
لأنصحنك نصحاً إن مشيت به / فيالهُ من سبيلٍ للعلى جددِ
إغضاب نفسك فيما أنت فاعله / رِضى مليكك فأغضبها ولا تزِدِ
لامُ العذارِ أطالت فيك تسهيدي
لامُ العذارِ أطالت فيك تسهيدي / كأنَّها لغرامي لامُ توكيد
وخلفُ وعدك خلقٌ منك أعرفه / فليت كان التجافي منك موعودي
يا من أفنّد في وجدي عليه وما / أبقى الأسى فيّ ما يصغى لتفنيد
عاب العدى منك أصداغاً مجعدة / عيب المقصر عن نيلِ العناقيدِ
وعقد بندٍ على خصر رجعت به / ذا ناظر بنجومِ الليلِ معقود
كأنه تحت وجدان القبَا عدَمٌ / وا حيرتي بين معدوم وموجود
ردَّ الجفاءُ سؤالي فيك أجمعهُ / فما لسائلِ دمعي غير مردود
لقد خضعت إلى وجدي كما خضعت / إلى المؤيدِ أعناقُ الصناديد
داعي المقاصد في علم وفي كرم / إلى لقاءِ مليّ الفضلِ مقصود
تسري سفينُ الأماني نحو منزله / فتستوي من أياديه على الجودي
ذاكَ الذي أسعدَتْ أعمارنا يده / فما نفكرُ في حكمِ المواليد
ملكٌ إذا تليت أوصاف سؤددهِ / ألقى السراة إليها بالمقاليد
ذو العلم قلدَ طلاب الهدى منناً / حتى وصفناه عن علم وتقليد
والجود راش ذوي الجدوى وطوقهم / فما يزالون في سجع وتغريد
والجيشُ قد ألفتْ باليسر رايته / تألف الطرف في مغراه بالسيد
يبدو وقد سخر الله العبادَ له / فالطير والوحش في الآفاق والبيد
حتى يقول موَاليه وحاسده / هذا ابن أيوب أم هذا ابن داود
لا تنكر المدحة الحسنى وقد قرنت / بشاهدٍ من معاليه ومشهود
أغنى العفاة فلولا ناهيات تقًى / أستغفر الله سموه بمعبود
وَواصلَ الحرب حتى كل معركة / كأنها بيتُ معنًى ذات ترديد
يهوى الرماح قدوداً ذات منعطف / والمرهفات خدوداً ذات توريد
إذا انتشى من دم الأوداج صارمه / رمى العدى بشديد السطو عربيد
وإن أفاض حديثاً أو نوال يدٍ / وردْت من حالتيه غير مورود
جواهراً لا يحد الوصف غايتها / فاعجب لجوهرِ شيءٍ غير محدود
وأنعماً دأبها إسداءُ بكر يدٍ / لكنهنَّ أيادٍ ذاتُ توليد
لو أنَّ للبحر جدواه لفاض على / وجه الثرى بنفيس الدرّ منضود
ولو أمرّ على صلد الصفا يدهُ / لأنبت العشبَ منها كلّ جلمود
يا حبَّذا الملكُ الساري على شيم / تروى وتنقل عن آبائه الصيد
أدنيت من نارِ فكري عودَ مبعثه / عند الثناء ففاحت نفحة العود
نعم العمادُ لراجٍ مدّ رغبته / فمد نحو لقاها طرف معمود
يممت في حال مرحوم منازله / ثم انثنيت وحالي حال محسود
ورحت أنقل عن أيوب أنعمه / نحو الصّلات فمن عطف وتوكيد
إن شئت تنظرُ في زهر الربى مطراً / فانظرْ نوالَ يديهِ في أناشيدي
وإن أردت عياناً أو محادثة / فاهرع إلى سندي واسمع أسانيدي
يا من تحليت من ألفاظه وندى / كفَّيه حلية فضل ذات تجديد
إن كان لفظك مثل القرط في أذني / فإنَّ جدواك مثلُ العقد في جيدي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025