المجموع : 58
بحرٌ يسيرُ على بحرٍ بجاريةٍ
بحرٌ يسيرُ على بحرٍ بجاريةٍ / للبحرِ حاملةٍ بالبحرِ تُحتَملُ
كأنها جبلٌ في الماء منتقلٌ / يا مَن رأى جبلاً في الماءِ يَنْتقِلُ
تحكي العروسَ تَهادَى في تَأوُّدِها / وقد أطافَتْ بها الدّاياتُ والخَوَلُ
إليكَ يا غُرَّةَ الهلالِ
إليكَ يا غُرَّةَ الهلالِ / وبِدعةَ الحُسنِ والجَمالِ
مدَدتُ كفّاً بها انْقباضٌ / فأَينَ كفّي منَ الهلالِ
شكَوتُ ما بي إليكَ وَجْداً / فلم تَرِقَّ ولم تُبالِ
أعاضَكَ اللَّهُ عَن قريبٍ / حالاً من السُّقم مثلَ حَالي
نفسي فداؤك والأَبطالُ واقفةٌ
نفسي فداؤك والأَبطالُ واقفةٌ / والموتُ يقسِمُ في أرواحِها النِّقَما
شاركتَ صرفَ المنايا في نُفوسهمُ / حتى تحكَّمتَ فيها مثلَ ما احتَكما
لو تستطيعُ العُلا جاءَتْك خاضعةً / حتى تُقبِّلَ منكَ الكفَّ والقَدَما
ظالمتي في الهوى لا تَظلمي
ظالمتي في الهوى لا تَظلمي / فتَصْرمي حَبلَ مَنَ لم يصْرِمِ
أَهكذا باطلاً عاقَبتنِي / لا يَرحمُ اللَّهُ مَن لم يَرحمِ
قَتلتِ نفساً بلا نفسٍ وما / ذنبٌ بأعظمَ من سَفكِ الدّمِ
لمثلِ هذا بكَتْ عيني ولا / للمنزلِ القفرِ وللأرْسُمِ
ماذا وُقوفي على رسمٍ عَفا / مُخلَوْلقٍ دارِسٍ مُسْتعجمِ
يَخرُجْنَ من فُرُجاتِ النَّقعِ داميةً
يَخرُجْنَ من فُرُجاتِ النَّقعِ داميةً / كأنَّ آذانَها أَطرفُ أَقلامِ
لا بَيتَ يُسْكنُ إلا فَارَقَ السَّكَنا
لا بَيتَ يُسْكنُ إلا فَارَقَ السَّكَنا / ولا امْتَلا فَرحاً إلا امْتَلا حَزَنا
لهْفاً على ميِّتٍ ماتَ السرورُ بهِ / لو كان حَياً لأَحْيا الدِّينَ والسُّنَنا
واهاً عليك أَبا بكرٍ مُردَّدةً / لو سكَّنَتْ وَلَهاً أو فتَّرتْ شَجَنا
إذا ذكرتُكَ يوماً قلت واحَزَنا / وما يَرُدُّ عليكَ القولُ واحَزَنا
يا سَيِّدي ومراحَ الرُّوحِ في بَدَني / هَلا دَنا الموتُ منّي حيثُ مِنكَ دنا
حتى يعودَ بنا قَعرِ مُظلمةٍ / لحْدٌ ويُلبسَنا في واحدٍ كَفَنا
يا أطيبَ الناسِ رُوحاً ضمَّهُ بَدَنٌ / أَستودعُ اللَّهَ ذاك الروحَ والبَدَنا
لو كنتُ أُعطَى به الدُنيا مُعاوَضَةً / منهُ لما كانتِ الدُّنيا له ثَمَنا
قالوا شبابُكَ قد ولَّى فقلتُ لهُمْ
قالوا شبابُكَ قد ولَّى فقلتُ لهُمْ / هل من جَديدٍ على كرِّ الجَديدينِ
صِلْ من هَوَيتَ وإنْ أبدى مُعاتَبةً / فأَطيبُ العيشِ وصْلٌ بينَ إِلفينِ
وأقْطَعْ حَبَائلَ خلٍّ لا تُلائمُهُ / فربَّما ضاقَتِ الدُّنيا على اثْنينِ
فكَّرتُ فيكَ أَبحرٌ أنتَ أم قمرٌ
فكَّرتُ فيكَ أَبحرٌ أنتَ أم قمرٌ / فقد تَحيَّرَ فِكْري بينَ هَذينِ
إنْ قلتُ بحرٌ وجدتُ البحرَ مُنْحَسراً / وبحرُ جودِكَ ممتدُّ العُبابَينِ
أَو قلتُ بدراً رأيتُ البدرَ مُنْتقصاً / فقلتُ شَتَّانَ ما بينَ البُدَيرينِ
أهْدتْ إليكَ حُمَيّاها بكاسَينِ
أهْدتْ إليكَ حُمَيّاها بكاسَينِ / شمسٌ تَدبَّرَتْها بالكفِّ والعينِ
يسعى بتلك وهذي شادنٌ غَنِجٌ / كأنَّه قمرٌ يسعَى بنجمينِ
كأنَّه حين يمشي في تأوُّدهِ / قضيبُ بانٍ تَثنَّى بينَ ريحينِ
أَطلالُ لَهْوكَ قد أَقْوتْ مَغانِيها
أَطلالُ لَهْوكَ قد أَقْوتْ مَغانِيها / لم يَبقَ من عهدِها إِلا أثافيها
هذي المفارِقُ قد قامَتْ شَواهدُها / على فَنائِكَ والدُّنيا تُزكِّيها
الشَّيبُ سُفْتجَةٌ فيها مُعَنْونَةٌ / لم يَبقَ للموتِ إِلا أَنْ يُسحِّيها
وربَّ مُلتفَّةِ العَوالي
وربَّ مُلتفَّةِ العَوالي / يلتمعُ الموتُ في ذُراها
إِذا تَوطَّتْ حُزونُ أرضٍ / طحْطحتِ الشُّمُّ من رُباها
يقودُها منهُ ليثُ غابٍ / إذا رأى فرصةً قَضاها
تَمضي بآرائهِ سُيوفٌ / يستبقُ الموتُ في ظُباها
بيضٌ تحلُّ القلوبَ سُوداً / إذا انْتَضى عزمَهُ انْتضاها
تَتْبعُهُ الطَّيرُ في الأَعادي / تجني كَلا العشبِ من كُلاها
أقْدمَ إذ كاعَ كُلُّ ليثٍ / عن حَومةِ الموتِ إذْ رآها
فأقحمَ الخيلَ في غِمارٍ / تَفغَرُ بالموتِ لَهْوَتاها
عنتْ لهُ أوجهُ المنايا / فعافَها القومُ واشْتَهاها
يا هلالاً في تجنِّيهِ
يا هلالاً في تجنِّيهِ / وقضيباً في تَثنِّيهِ
والذي لسْتُ أُسمِّي / هِ ولكنِّي أُكنّيهِ
شادنٌ ما تَقْدرُ العيْ / نُ تراهُ من تَلاليهِ
كلَّما قابلَهُ شخ / صٌ رأى صُورتَهُ فيهِ
لانَ حتى لو مَشى الذَّرْ / رُ عليهِ كادَ يُدْميهِ
يا غافلاً ما يَرى إلا محاسِنَهُ
يا غافلاً ما يَرى إلا محاسِنَهُ / ولو دَرَى ما رأى إلا مَساوِيهِ
انظُرْ إلى باطنِ الدُّنيا فظاهرُها / كُلُّ البهائمِ يَجْري طَرفُها فيهِ
ونائحٍ في غُصونِ الأَيكِ أرَّقني
ونائحٍ في غُصونِ الأَيكِ أرَّقني / وما عُنيتُ بشيءٍ ظَلَّ يَعْنيهِ
مُطَوَّقٍ بعقودٍ ما يُزايلُهُ / حتى تُفارِقهُ إحدى تَراقيهِ
قد باتَ يَبكي لشجوٍ ما دَريتُ بهِ / وبتُّ أبكي بشجوٍ ليس يدريهِ
غَزالٌ مِنْ بَني العاصِ
غَزالٌ مِنْ بَني العاصِ / أَحَسَّ بِصَوتِ قَنَّاصِ
فَأَقلعَ جيْدهُ ذُعراً / وأَشخَصَ أَيَّ إِشخاصِ
أيا مَن أخلصَتْ نَفسي / هواهُ كلَّ إخلاصِ
أطاعكَ مِن صميمِ القل / بِ عَفْواً كل مُعتاصِ
اشربْ على منظرٍ أَنيقِ
اشربْ على منظرٍ أَنيقِ / وامزُجْ بريقِ الحبيبِ رِيقي
واحْلُلْ وشاحَ الكَعابِ رِفقاً / واحذَرْ على خَضرِها الرَّقيقِ
وقُل لمن لامَ في التَّصابي / إليكَ خلِّ عنِ الطَّريقِ
فصلتَ والنصرُ والتَّأييدُ جُنداكا
فصلتَ والنصرُ والتَّأييدُ جُنداكا / والعزُّ أولاكَ والتَّمكينُ أُخراكا
ورحمةُ اللَّه في الآفاقِ قد نُشرتْ / والأرضُ تُبدي تباشيراً لمبداكا
قدِ اكتستْ حُللاً من وشْيِ زَهرتِها / كأنَّ زُخرفَها في الحسنِ حاكاكا
طلعتَ بين النَّدَى والبأسِ مبتهجاً / هذا بيُمناكَ بل هذا بيُسراكا
ضِدّانِ في قَبضَتَيْ كفَّيكَ قد جُمعا / لولاهما لم يَطبْ عيشٌ ولولاكا
يَمضي أمامَكَ نصرُ اللَّهِ مُنصلتاً / بالفتح يَقصمُ مَن في الأرضِ ناواكا
والنَّاسُ يَدْعون والآمالُ راغبةٌ / والطوعُ يرجوك والعصيانُ يخشاكا
ومن يمينكَ بدرٌ ما لَهُ فَلكٌ / ولن ترى لبدورِ الأرضِ أفلاكا
يقودُ جيشاً إلى الأعداءِ مُرتجساً / عَرَمرَماً يَترُكُ الآكامَ دَكدَاكا
مِن رَحمَةِ اللَّه في الدُّنيا وَرَحمَتِهِ / لتَهْنِ رحمتُكَ الدُّنيا ونُعْماكا
يا عاجزاً ليسَ يَعْفُو حِينَ يَقْتدِرُ
يا عاجزاً ليسَ يَعْفُو حِينَ يَقْتدِرُ / ولا يُقضَّى له مِن عَيشِهِ وَطَرُ
عايِنْ بِقَلْبِكَ إِنَّ العَين غافِلَةٌ / عَنِ الحقيقَةِ وَاعْلَمْ أَنَّها سَقَرُ
سَوداءُ تَزْفرُ مِنْ غَيْظٍ إِذا سُعِرَتْ / للظالمينَ فما تُبقي ولا تَذَرُ
إنَّ الَّذينَ اشْتَرَوا دُنْيا بِآخِرةٍ / وَشِقْوَةً بِنَعيمٍ ساءَ ما تَجَروا
يا مَنْ تَلَهَّى وشَيْبُ الرأسِ يَنْدُبُهُ / ماذا الَّذي بَعْدَ شَيْبِ الرأسِ تَنْتَظرُ
لو لم يَكُنْ لكَ غيرَ المَوتِ مَوْعِظةٌ / لكانَ فيهِ عَنِ اللَّذَّاتِ مُزْدَجَرُ
أنتَ المَقُولُ لَهُ ما قُلْتُ مُبْتَدِئاً / هَلَّا ابَتكَرْتَ لِبَينٍ أَنْتَ مُبتْكِرُ