القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 85
وَزائِرٍ زارَني وَهْناً يُغالِطُني
وَزائِرٍ زارَني وَهْناً يُغالِطُني / وَلَو لَبست ثيابَ الصّبحِ لم يزُرِ
تَمّت لَهُ وَستورُ الليلِ مُسْبَلَةٌ / بيني وبين يقيني والكَرَى سكري
وَلَو أَراد خِداعي غير ذي وَسَنٍ / لَكانَ مِن نيل ما يبغي على غَرَرِ
المَرءُ يَجمع والدّنيا مفرّقةٌ
المَرءُ يَجمع والدّنيا مفرّقةٌ / والعمرُ يذهب والأيّامُ تُختَلَسُ
ونحن نَخبِطُ في ظلماءَ ليس بها / بدرٌ يضيءُ ولا نجمٌ ولا قَبَسُ
فَكم نرتّقُ خَرْقاً ليس مُرْتَتِقاً / فيها ونحرسُ شيئاً ليس ينحرسُ
وَكَم نَذِلُّ وَفينا كلُّ ذي أَنَفٍ / ونستكينُ وفينا العِزُّ والشَّوَسُ
وَكيفَ يَرضى لبيبٌ أنْ يكون له / ثوبٌ نقيٌّ وعِرْضٌ دونه دَنِسُ
أَم كَيفَ يُطْبَقُ يوماً جَفنُ ذي دَنَسٍ / وَخلفهُ فاغِرٌ لِلمَوتِ مفترسُ
تَقولُ لي وَأَماقيها مُطفّحةٌ
تَقولُ لي وَأَماقيها مُطفّحةٌ / مَن ذا أَبانَ على صبغِ الدُّجى قَبَسا
مَن ذا الّذي عَلَّ مِن فَوْدَيك لونَهما / وَسلّ حسنك فيما سلَّ أو خَلَسا
ما لي أَراكَ ونورُ البدر منكسفٌ / في وجنيتك وخطٌّ فيهما طُمِسا
كَأنَّما أَنتَ رَبْعٌ ضلّ ساكنُهُ / أَو مَنزلٌ عَطَلٌ من أهله دَرَسا
ما ضَرَّ شَيباً وَقَد وافى بِمَنظرهِ / تقذَى النّواظرُ لَو أَبطا أَو اِحتَبسا
أَما عَلمتَ بأنّا معشرٌ جُزُعٌ / نقلِي الصَّباحَ وَنَهوى دونه الغَلَسا
فَقلتُ ما كان مِن شَيءٍ عصيتُ به / رَبّي وإنْ ساءَ منّي القلبُ محترسا
وَما الشّبيبة إلّا لُبْسَةٌ نُزِعَتْ / بُدِّلتُ منها فلا تستنكري اللُّبَسا
وَفيَّ كلُّ الّذي تهوين من جَلَدٍ / فما أبالي أقام الشّيبُ أم جلسا
لا تَطلبي اللّهوَ منّي وَالمشيبُ علا / رأسي فإنّ قعودَ اللّهو قد شَمسا
وَلا ترومي الّذي عُوِّدتِ من مَلَقٍ / فكلُّ ما لان مِن قلبي الغَداة قسا
لَمّا أَتاني ودُرٌّ في مقلَّدِهِ
لَمّا أَتاني ودُرٌّ في مقلَّدِهِ / وَاِفتَرَّ يَبسم عَن مثلِ الّذي لَبِسا
عَطفتُ منهُ عَلى ضَعْفِي فظاظَتَهُ / فَلم يَلِنْ لِي على رِفْقِي به وقسا
فَظلّ يهتك منّي كلّ مُكتتَمٍ / جوىً ويسفح دمعاً كان مُحْتَبَسا
وَقال لي أنتَ مسلولٌ فقلت له / ما كان ذاك ولكنْ ربّما وعسى
صَدّتْ وَما صدّها إلّا على ياسِ
صَدّتْ وَما صدّها إلّا على ياسِ / مِن أَن ترى صِبغَ فَوْدَيها على راسي
أَحبِبْ إِليها بليلٍ لا يضيء لها / إلّا إِذا لَم تَسر فيه بمقباسِ
وَالشّيبُ داءٌ لربّاتِ الحِجالِ إذا / رَأينَهُ وَهْوَ داءٌ ما لهُ آسي
يا قُربَهُنّ وَرَأسي فاحمٌ رَجِلٌ / وبُعدَهنّ وشيبي ناصعٌ عاسي
ماذا يُريبك مِن بَيضاء طالعةٍ / جاءتْ بحلمي وزانتْ بين جُلّاسي
وَما تبدّلتُ إلّا خَير ما بَدَلٍ / عُوِّضْتُ بالشّيبِ أنواراً بأنقاسِ
هَيهاتِ قَلبُك مِن قلبٍ ذهبتِ به / هَذا الضّعيف وَذاكَ الجلمد القاسي
تجزين وَصْلي بهجرٍ منك يمزج لي / كَأسَ المُنى وَهْيَ صِرْفُ الطّعم بالياسِ
وَنابحٍ بِيَ دلَّتْهُ غَباوتُهُ / حتَّى فَرَتْهُ بأنيابي وأضراسي
عَوى وَلَم يدرِ أنّي لا يُروِّعُنِي / مِن مثلِهِ جَرْسُهُ من بين أجراسي
فَقُل لِمَن ضَلَّ عَجزاً أن يسامِيَنِي / يا بُعْدَ أَرضِكَ من طَوْدٍ لنا راسِ
وَأَينَ فرعُك مِن فَرعي وَمُنشَعَبي / وأين أصلُك من أصلي وآساسي
يا قومُ ما لي أرى عِيراً مُعَقَّلَةً / يُثيرهنَّ اِعتِسافاً نخسُ نخّاسِ
وَالشرُّ كالعُرِّ يُعدي غيرَ صاحبِهِ / وَالكأس يَنزعها من غيره الحاسي
وَقَد عَلِمتمْ بِما جرّتْ وما شعرتْ / على العشائر دهراً كفُّ جسّاسِ
وَأنّه واحدٌ شبّتْ جنايتُهُ / ناراً تَضَرّمُ في كُثْرٍ من النّاسِ
وَإنّما هاج في عَبْسٍ وقومِهُمُ / بني فزارةَ حَرْباً سَبْقُ أفراسِ
وَالزِّبرقانُ اِنتَضى قول الحُطَيئةِ في / أعراضِهِ خدعةً من آلِ شَمّاسِ
كَم تَنبذونَ إِلَينا القولَ نحسِبُهُ / ترمي إِلينا به أعجاسُ أقواسِ
يَحُزُّ في الجلد منّا ثمّ نَحملُهُ / بُقياً عليكمْ على العينين والرّاسِ
فَكم تَدرّون شرّاً كلّ شارقةٍ / وإنّما الشرُّ يُستَدنى بإبساسِ
وَتَحمِلونَ لَنا خَيلاً على جَددٍ / مِنَ الطريقِ على مُستَوعِرٍ جاسِ
وَكَيفَ يصلحُ قومٌ لَم يَصِخُ لهمْ / سمعٌ إلى عَذْلِ قُوّامٍ وسُوّاسِ
ضلّوا كما ضلّتِ العَشْواءُ يُركِبُها / جُنْحُ الدُّجى ظهْرَ أجراعٍ وإرهاسِ
لمّا حماها سوادُ الليل عن نظرٍ / يهدي الطّريقَ تقرّتْهُ بأنفاسِ
أما علمتُمْ بأنّا معشرٌ صُدُقٌ / وأنّنا في التّلاقي غيرُ أنكاسِ
وإنْ مشينا نجرّ الزَّغْفَ تحسَبُنا / آسادَ بِيشَةَ تمشي بين أخياسِ
وَأنّنا لا يَمَسُّ الذّمُّ جانبَنا / ولا يَهُمُّ لنا ثوبٌ بأدناسِ
وَتَحسب الجارَ فينا من نزاهتِهِ / مُعرِّساً في الثريّا أيَّ إعراسِ
إِنّي أَخافُ وَقد لاحتْ دلائلُهُ / طلوعَ يومٍ بوَدْقِ الموتِ رجّاسِ
يُلْفى حَليمكُمُ غيرَ الحليم به / وَكيّسو القوم فيهِ غيرَ أكياسِ
والرُّمحُ يَنْطِفُ في خدّ الثّرى عَلَقاً / نَطْفَ المزابرِ في حافاتِ قِرطاسِ
يومٌ يَرى منكُمُ فيه عدوُّكُمُ / ما شاء من قَطْع أرحامٍ وأَمراسِ
لا تطرحوا النُّصْحَ مِنِّي وهْو مُتَّبَعٌ / طَرْحَ المُبِنِّ بأرضٍ سُحْقَ أحلاسِ
وَلا تَكونوا كَمَن لَم يدرِ في مَهَلٍ / مِن ساعةِ الأمن عُقْبى ساعةِ الباسِ
فَإنّما يذكر الإنسانُ حاضرَهُ / وكلُّ أمرٍ بما يمضِي به ناسِ
قَد زرتَ لَيلةَ هوّمنا عَلى العيسِ
قَد زرتَ لَيلةَ هوّمنا عَلى العيسِ / ونحن نطوِي الفَلا من غير تعريسِ
زِيارةً إِنْ تكنْ زوراً فقد نفعتْ / ونفَّسَتْ من خِناقٍ أيِّ تنفيسِ
وَمُتعةٍ لم يسر فيها الملامُ ولا / أُطيعَ أمرٌ بها يوماً لإبليسِ
أمسكتُ نفسي بها والهمُّ يَحفزُها / حَفْزَ الرّياح ثرى البِيدِ الأماليسِ
ماذا أَردتَ بما أولَيْتَنِيهِ فقدْ / أنِستُ من جَزْعِ وادٍ غير مأنوسِ
وَكَيفَ عاجَ شبابٌ لا اِزوِرارَ بهِ / وَلا اِعوِجاجَ على شَيْبٍ وتقويسِ
وَما ظَننتُ طَليقاً ما لَهُ أرَبٌ / يأتي بجُنْحِ اللّيالي رَبْعَ محبوسِ
حَلفتُ بِالبيتِ مَلْقى اللّائذين بهِ / هُناكَ ما بينَ تَسبيحٍ وتقديسِ
أَتَوْه مثرِيَّةً ذنباً أكفُّهُمْ / وفارقوه بأَيْمانٍ مفاليسِ
والمَوْقِفَين ومن ضحّوا على عجلٍ / عند الجمِار من الكُوم المقاعيسِ
وما أراقوه من جاري دمٍ بمنىً / وأنشروا من نَجيعٍ ثَمَّ مَرْموسِ
للمالُ أبذُلُهُ للطّالبين له / جزءٌ من المال مغموماً به كيسي
والذّكرُ منّي وإنْ رُحِّلْتُ تنقله / نجوىَ الرّجال وأسطارُ القراطيسِ
وَإنْ بقيتُ فَللعلياءِ أَركبها / وَالمَجد ما بين تصبيحٍ وتغليسِ
وَلِلمآربِ وَالحاجاتِ أَبلغُها / في المَأثُراتِ عَلى رَغمِ المَعاطيسِ
وَإِنْ هُدِمْتُ كما شاءَ العدا بردىً / فما تهدّم بنيانِي وتأسيسي
وإنْ فُقِدْتُ فلم يُفقَدْ كما علموا / قهري الأساودَ والآسادَ في الخِيسِ
فَلَيسَ تَعريسُ مَن يرمي به قدرٌ / قعرَ الحَفيرةِ إلّا كالتّعاريسِ
وَما حَنينِيَ إلّا لِلعَلاءِ إِذا / حنّ الرّجالُ إلى هذي الطّراميسِ
وَسيّرتْ سيرتي صحفُ الرُّواة وكم / من الأحاديث ملقىً غير مطروسِ
أغدو وعِرْضيَ محروسٌ بلا أَمَلٍ / يَسمو إليه ومالي غيرُ محروسِ
عَزَّ الّذي لا يبالي أين مسكُنُه / ولا يفرّق بين الخَفْضِ والبوسِ
يا للرّجالِ لهمٍّ باتَ يَصحَبُني / أَنّى أَقمتُ وفي سيري وتعريسي
كَأنّني راكبٌ منهُ عَلى حَذَرٍ / قَرا طريقٍ خفيّ الأثْرِ مطموسِ
لَم يُعيِني بعد أن أعيا الرّجال معاً / من بين شُمٍّ كنجم الأُفق أو شُوسِ
ولم يَرُعْنِي وقد راعت صواعقُهُ / وسْط العرينِة أحشاءَ العنابيسِ
وَلا مزيّةَ لَولا ما يَجيء بهِ / فضلُ الفتى بين مسعودٍ ومنحوسِ
ولم أكنْ قبلُ في فضلٍ بمتَّبِعٍ / ولم أكنْ قطُّ في حيٍّ بمدموسِ
سَلْ عن ضِرابي وَعَن طَعني لدَى رَهَجٍ / نحرَ الكميِّ وهاماتِ الكراديسِ
وَالسُّمرُ تترك في كفّي نحورَهُمُ / مقسومةً بين معضوضٍ ومنهوسِ
وَالبيضُ تُسْمِعُ في هام الرّجال وفي / أعضائهمْ مثلَ أصواتِ النّواقيسِ
جاؤوا صحاحاً بلا جُرحٍ ولا أثرٍ / ثُمّ اِنثنَوا بين مضروبٍ ومدعوسِ
وإِنَّنِي كلَّ من شاغبتُ أفرِسُهُ / ولم أزلْ في الأعادي غيرَ مفروسِ
لا أَوحشَ اللّهُ منّي كلَّ مُضطَجَعٍ / منَ الفخارِ ولا رَحْلي ولا عِيسي
وَلا رأَتْنِيَ عينٌ قطّ مرتدياً / عاراً ولا كان من شنعاء ملبوسي
بُخِسْتُ دونَ الورى ظلماً وما نظرتْ / عينايَ ذا مأثُرَاتٍ غيرَ مبخوسِ
وَقَد قبستُ جميلاً دونَهم بيَدي / وأيُّ خيرٍ لفضلٍ غير مقبوسِ
كُن مالِكاً قمَم السّاداتِ كلِّهمُ / أو لا فكن مفرداً في قِمّة القُوسِ
إِنْ كانَ بَيتُك خِلْواً لا جميلَ به / فإنّ بيتِيَ منه غيرُ مكنوسِ
وَإِن تَكُن في مَلامِ القومِ منغمساً / فإنّني في ملامٍ غيرُ مغموسِ
وَإِنْ تَوقّفتَ عَن مَغْنَى العُلا فعلى / وادي الفَضيلة تَوقيفي وتَحبيسي
وَما دَنِستُ بعارٍ في الرّجال وما / لَمْسُ الكَواكب إلّا دونَ تَدنيسي
لا تُسكِننّي وكَيْسي أنتَ تعرفُهُ / إلّا جوارَ المناجيب الأكاييسِ
كَأنّ أَوجههمْ مِن نورها غَصَبَتْ / ضوءَ الصّباح وأنوارَ المقاييسِ
ولا تُعجْ بِي على وادي الخمول ولا / شِعْبِ اللّئامِ وأجزاعِ الضَّغابيسِ
فَليسَ منكَ جَميلاً أنْ تجاورَ بِي / مع الطّهارةِ أبياتَ الأراجيسِ
لَولايَ لَم يهتد الأَقوام كلُّهُمُ / سُبْلَ الكلامِ ولا طُرْقَ المقاييسِ
درستُهُ فهْو مِلْءُ العين تُبصره / غضّ النّواحي جديداً غيرَ مدروسِ
وبِتُّ أُوضحُهُ حتّى جعلتُ بما / كشفتُ ما كان مظنوناً كمحسوسِ
فَما مَشوا فيه إلّا تُبَّعاً أثري / ولا جنوا غيرَ أشجاري ومغروسي
وَكانَ مِن قبل أن محّضتُ صفوتَهُ / مردّداً بين تلبيسٍ وتدليسِ
وَبائراً لا يزالُ الدّهرِ حِليَتهُ / وعاثِرَ الحظّ لولا فَرْطُ تحبيسي
قلْ للألى أطمعوني في وصالِهُمُ
قلْ للألى أطمعوني في وصالِهُمُ / حتّى طمعتُ فألقوني على الياسِ
وقد غُرِرْتُ بهمْ دهراً بلا سببٍ / وأغبنُ النّاسِ مَن يغترّ بالنّاسِ
همْ عوّضونِيَ هجراً من مواصلةٍ / وأبدلونِيَ إيحاشاً بإيناسِ
ولو علمتُ بما لي في صدورهُمُ / قطعتُ منهمْ قُبيلَ اليوم أمراسي
فما قرعتُ لهمْ باباً لأدخلَهُ / ولا رفعتُ إليهمْ مرّةً راسي
لكنْ جنيتُ على نفسي بذاك وكم / تجني اليدان على العينين والرّاسِ
قد كان لِي غَلَسٌ لا فجرَ يمزِجُهُ
قد كان لِي غَلَسٌ لا فجرَ يمزِجُهُ / فالآن فجري بلا شيء من الغَلَسِ
قالوا تَسلَّ فشيباتُ الفتى قَبَسٌ / فقلت ذاك ولكنْ شرُّ ما قبسِ
وزارنِي لم أردْ منه زيارتَهُ / شيبٌ ولم يُغنِ أعواني ولا حرسي
يضيءُ بعد سوادٍ في مطالعِهِ / لفاغرٍ من ردَى الأيّامِ مفترسِ
طَوى قَناتيَ وَاِغتالَت أَظافرهُ / نَحضي وَردّ إِلى تَقويمِهِ شوسي
وَصدّ عَنّي قُلوبَ البيضِ نافرةً / وَساقَني اليومَ مِن نُطقٍ إِلى خرسِ
إِن كانَ شَيبي نقاءً قبلهُ دنسٌ / فَقَد رَضيت بذاكَ المَلبسِ الدنسِ
فَغالَطوني وَقالوا الشيبُ مَطهرةٌ / وَما السوادُ بِهِ شَيءٌ مِنَ النجسِ
وَالعمرُ في الشيبِ مُمتدٌّ كَما زَعَموا / لَكنّه لَم يَدَع شَيئاً سِوى النفسِ
كم ذا تَذِلّ بهذا الأمر أرؤُسُنا
كم ذا تَذِلّ بهذا الأمر أرؤُسُنا / وما لنا فيه إلّا الرِّيُّ والشِّبَعُ
لم يَبعُد المرءُ فِتْراً مِن مَذَلَّتِهِ / بين الرّجالِ وفي حَيْزومِهِ الطَّمعُ
لا تَطلب النَّفْعَ في الدّنيا فكم طلب الر / رجالُ نفعاً من الدّنيا فما اِنتَفَعوا
إنْ لم يكنْ في طلابِ الوَفْرِ مُنْتَجعٌ / ففي طِلابِ جميل الذِّكرِ مُنتَجَعُ
واِنظر إلى النَّاسِ قاضٍ لا يُطيق لما / عراهُ دفعاً وماضٍ ليس يُرتَجَعُ
كأنَّهمْ بعد أنْ شطّ الفراقُ بهمْ / لم يلبثوا بيننا يوماً ولا اِجتَمعوا
تقاسَمَ اللّيلُ والإصباحُ بينهما
تقاسَمَ اللّيلُ والإصباحُ بينهما / عمري فمن حاصدٍ طوراً ومن زَرِعِ
أعطى نَهاري وليلي جُلَّ صُنعِهِما / فنسجُ أيدي الدُّجى ثمّ الضّحى خِلَعِي
لِلّيلِ سودِي وللصّبحِ المنيرِ إذا / جَلاهُ شيبي فلُومِي فيه أوْ فَدَعِي
فَنَوبةُ اللّيل قد ولَّتْ كما نَزَلتْ / ونوبةُ الصّبحِ من هذا المشيبِ معي
مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي
مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي / أو الرّفيق على همّي وأزماعي
قد كنتُ جَلْداً ولكنْ رُبَّ أقضِيَةٍ / خَلَطْن جَلْداً على البلوى بمُلتاعِ
يا صاحبي يوم رام الدّهرُ منقصتِي / وراع منّي جَناناً غيرَ مرتاعِ
قم سلِّ قلبِيَ عمّا في بَلابِلِهِ / ففيه ما شئتَ من سَقْمٍ وأوجاعِ
ليس اللّسانُ وإن أوْفَتْ براعتُهُ / مترجماً عن جوىً ما بين أضلاعي
إِذا سقَى اللّهُ أجزاعاً على ظمأٍ / فلا سقَى اللّهُ هذا العامَ أجزاعي
ولا رَمَيْنَ على جَدْبٍ بأَنْدِيةٍ / ولا صَبَبْنَ على مَحْلٍ بإمراعِ
إنّي مُقيمٌ على كُرهٍ بناحيةٍ / غرثَى المسالك من طِيبٍ وإمتاعِ
في معشرٍ ما لجانٍ منهمُ أدبٌ / كهَجْمَةٍ ما لها في القاعِ من راعِ
كم حمّلونِيَ ثِقْلاً لا نهوضَ به / وكلّفونِيَ فعلاً غيرَ مُسطاعِ
بدّلْ بلادَك إِمّا كنتَ كارهها / داراً بدارٍ وأجراعاً بأجراعِ
كم ذا المقامُ على هُونٍ ومَهْضَمَةٍ / وقارصٍ من يدِ الأقوامِ لذّاعِ
وأسهُمٍ من مقالٍ ما يحصّنُ مِن / خدوشهنّ بجلدي نسجُ أدراعي
أأحملُ الضّيمَ والبيداءُ مُعْرِضَةٌ / وفي قَرا النّابِ أقتادي وأنساعي
ومِلْءُ كفّي طويلُ الباع معتدلٌ / أو مِقبَضٌ لرقيقِ الحدّ قطّاعِ
إنْ لم أثِرْهنّ عن وادي الخنا عجلاً / فلا دعاني إلى يوم الوغى داعِ
لِمَنْ خَبَأْتُ إذا لم أنجُ عن سَعَةٍ / ما في النّجائبِ من حثٍّ وإيضاعِ
إِنْ لم يُنجّك سعيٌ عن مقرّ أذىً / فَيا لَحا اللَّهُ ما يَسعى له السّاعي
قالوا قنعتَ بدون النَّصفِ قلت لهمْ / هَيهات ما باِختياري كان إقناعي
ما زال صرفُ اللّيالِي بي يطاولني / حتّى رخصتُ على عمدٍ لمبتاعِ
خيرٌ من الذّلِّ في قصرٍ نمارِقُهُ / مبثوثةٌ منزلٌ للعزّ في قاعِ
إنْ كنتَ حرّاً فلا تَدنَسْ بذي طمعٍ / ولا تَبِتْ بين آمالٍ وأطماعِ
ولا تَعُجْ بيسارٍ دونه مِنَنٌ / تَجنيه من كفّ إخضاعٍ وإضراعِ
لا أَشبعَ اللَّه مَن أُلْهُوا وما علموا / عن المعالِي بإرواءٍ وإشباعِ
غُرّوا بحبلٍ من السَّرّاء مُنْتَكِثٍ / وبارقٍ من غِنَى الأيّامِ لمّاعِ
وكلّما طمِعوا في النَّيلِ أو حذروا / تطارحوا بين ضرّارٍ ونفّاعِ
حلفتُ بالبيت طافتْ حوله زُمَرٌ / جاؤوه أنضاءَ إعجالٍ وإسراعِ
وبالمُحَصَّبِ حطّ المُحْرِمون به / والبُدْنُ ما بين إلقاءٍ وإضجاعِ
ومَن بجَمْعٍ وقد ألقى الكلالُ بهمْ / هناكَ أجسادَ طُلّاحٍ وضُلّاعِ
والقومُ في عرفاتٍ يُرسلون إلى / محو الجَرائِرِ منهم دعوةَ الدّاعي
لأُمْطِرنّ على الآفاقِ عن كَثَبٍ / من عارضٍ بدمِ الأجوافِ لمّاعِ
بكلِّ نَدْبٍ عن العَوْراءِ منقبضٍ / نزاهةً وعلى الأهوالِ طَلّاعِ
يهوي إلى الذِّكرِ ولّاجاً مخارِمَهُ / هوِيَّ نجمٍ من الخضراء مُنصاعِ
قلْ للعِدا قد مضى رفقي بهمْ زمناً / فحاذروا الآن غِبَّ الحكم إيقاعي
لم تشكروا من نسيمي ما هببتُ به / وليس بعد نسيمي غيرُ زَعزاعِ
أبَعدَ حيٍّ على الجَرْعاء كنتُ به / مَلآنَ من دافعٍ سوءاً ومنّاعِ
عُميٌ عن الفحش صُمٌّ عن مقالتهمْ / على ثواقب أبصارٍ وأسماعِ
طاروا فطالتْ بهمْ كفّي إلى وَطَرِي / ونال ما لم ينله قبله باعي
أُمنى بمن ليس من عِدِّي ولا ثَمَدي / ولا يكيل بمُدّي لا ولا صاعي
لولا اِحتقارِيَ فيه أن أُعاقبه / أطَرْتُهُ بين تيّاري ودفّاعي
حتّى متى أنتَ يا دهري تُسابقني / بعاثِرٍ وتسامينِي بدَعْدَاعِ
من كلّ عارٍ من المعروفِ منكبُهُ / هاعٍ إذا غِرْتَ في تفتيشه لاعِ
أَستودعُ اللَّهَ مَنْ شطّ الفراقُ به / عنّي ولم يقضِ تسليمي وتَوْداعي
لَولا المصيبة فيه ما اِهتدتْ أبداً / هذِي الخطوبُ لإحزاني وإجزاعي
تقول مِن بعده عينِي وقد أرِقَتْ / يا قومُ أين مضى غُمضِي وتَهجاعي
يا نفسُ إمّا مَقِيلٌ رأسَ شاهقةٍ / أو قَعْصَةٌ بالعوالِي فوق جَعْجَاعِ
خافي ملاماً بلا عذرٍ لصاحبهِ / ولا تخافي الّذي ينعى به النّاعي
فإنّما المرءٌ في الأيّامِ مُحتَبَسٌ / على الرّدى بين أطباقٍ وأنساعِ
أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ
أبَي الزّمان سوى ما يكره الشّرفُ / والدّهرُ صَبٌّ بإسخاطِ العُلا كَلفُ
لو كان شخصٌ تفوت الحزنَ مهجتُهُ / لكنتَ ذاك ولكنْ ليس تنتصفُ
إذا بَقِيتَ فمن يعدوك مُحتَسبٌ / في الشّمسِ ما أشرقت عن كوكبٍ خَلَفُ
إذا تيقَّنتِ الأرواحُ بِعْثَتَها / إلى الحِمامِ فماذا ينفع الأسفُ
وَكيف تُخطِي سهامُ الموت مُفْلِتَةً / مَنْ نَحرُهُمْ لحنِيّاتِ الرّدى هدفُ
يسعى الفتى وخيولُ الموت تطلبه / وإنْ نوى وقفةً فالموتُ ما يقفُ
نَلقى من الدّهر ما يُدمِي محاجرَنا / وما لنا عن هوَى رؤياه مُنْصَرَفُ
أفعالُنا للرَّزايا فيه مُنكِرةٌ / ونطقُنا باِرتحالٍ عنه معترِفُ
إِنْ لم توفِّ لياليه مكارهَها / فقد تقدّم في أرزائها سَلَفُ
كلُّ المواطن من كفّ الرّدى كَثَبٌ / وكلُّ أرضٍ على هول الرّدى شَرَفُ
لا دَرَّ دَرُّ اللّيالِي أخذُها فُرَصٌ / ومنعُها غُصَصٌ بل جودها سَرَفُ
إذا حزنتَ فقلبُ المجد مكتئبٌ / وإنْ قُذِيتَ ففي وجه الضُّحى سَدَفُ
ولو علمتَ ببسطِ الدّهرِ قبضتَهُ / إلى فِنائِك ما طالتْ له كَتِفُ
لكنّه سارقٌ يُخفِي زيارتَه / وليس من سطوةِ السّرّاقِ مُنتَصَفُ
إنْ كل أطلق فيك الدّهرُ منطقَه / فقد دعاك لسانٌ حشوُهُ كَفَفُ
أو كان ألْهَبَ في مَغناك سابقَهُ / فقد ثناه برجلٍ ملؤُها حَنَفُ
يُهدِي العزاءَ إلى المفقودِ مُفتَقِدٌ / مؤزَّرٌ بثيابِ الموتِ مُلتحفُ
ويصرف الهمَّ عن قلبٍ أطاف به / مَن قلبُهُ لنواصي الهمّ مكتنفُ
إنّ الّتي أضرمتْ أحشاءَنا جَزَعاً / تلقاك منها غداً في الجنّةِ الزُّلفُ
ولن يُذكّرك المُسلون موعظةً / وأنت تعلم منها فوق ما وصفوا
يَهون عندكُمُ أنّي بكم أَرِقُ
يَهون عندكُمُ أنّي بكم أَرِقُ / وأنّ دمعاً على الخدّين يستبقُ
وأنّ دَيْناً عليكمْ لا قضاءَ له / وأنّ رَهْناً عليكمْ تائِهٌ غَلِقُ
وكيف ينفعنا صدقُ الحديثِ وقد / قبلتُمُ قول أقوامٍ وما صدقوا
وهلْ دنُوُّكُمُ مُسلٍ ونحن إذا / كنّا جميعاً بطولِ الصَّدِّ نفترقُ
كلُّ المودّةِ زورٌ غيرَ وُدِّكُمُ / وكلُّ حبٍّ سوى حبّي لكمْ مَلَقُ
يا صاحِبَيَّ اِمتِحاني من عيونكما / فأنّ لِي مُقْلَةً إنسانُها غَرِقُ
واِستَوضحا هل حمولُ الحيِّ زائلةٌ / والرَّكْبُ عن جَنَباتِ الحيِّ منطلقُ
وفي الحدوج الّتي حفّ القَطينُ بها / ظبْيٌ بما شاء من أَلبابنا عَلِقُ
ودِدْتُ منه وَقد حَفّ الوشاةُ بنا / أنّا بعِلّةِ قرْبِ البينِ نعتنِقُ
قُل للّذي بات محروماً يُثبّطُهُ / عن مطمحِ العزِّ منه الرُّعْبُ والشَّفَقُ
يرعى الهشيمَ مُلِظّاً قعرَ أوديةٍ / غرثَى المسالكِ لا ماءٌ ولا ورقُ
إنّي علقتُ بفخر الملكِ في زمنٍ / ما كان لِي منه في الأقوامِ مُعتَلِقُ
مردّدٌ كلَّ يومٍ في مواهبِهِ / متوَّجٌ منه بالنعماءِ مُنْتَطِقُ
يا صَفْونا في زمانٍ كلُّهُ كَدَرٌ / وفجرَنا في زمانٍ كلُّه غَسَقُ
وحامِلَ العِبْء كلّتْ دونه مُنَنٌ / وقائدَ الجيشِ ضاقتْ دونه الطُّرُقُ
ورابطَ الجأْشِ والأبطالُ هائبةٌ / والهامُ بين أنابيب القنا فَلِقُ
في موقفٍ حَرِجٍ يُلقَى السّلاحُ به / والقِرْنُ من ضيقه بالقرن معتنقُ
قد كان قبلك قومٌ لا جميل لهمْ / كأنّهمْ من خمول الذّكرِ ما خُلِقوا
فوتُ الأمانِيَ ما شادوا ولا كرموا / نُكْدُ السّحائبِ ما اِنهلّوا ولا بَرِقوا
فَما نَفَقنا عَليهم من غَباوَتهمْ / وما علينا بشيءٍ منهُمُ نفقوا
وأين قبلك يا فخرَ الملوك فتىً / مُستَجْمَعٌ فيه هذا الخَلْقُ والخُلُقُ
ومَنْ إذا دخل الجبّارُ حضرتَهُ / يزداد عزّاً إذا ذَلّتْ له العُنُقُ
وأيُّ مُخْتَرِقٍ يُضحِي وَلَيس بهِ / إلى الفضيلةِ منك النَّصُّ والعَنَقُ
وأيُّ مُقصىً عن المعروف ليس له / مُصْطَبحٌ بين ما تُولِي ومُغْتَبَقُ
شِعْبٌ به لذوي الأنضاء مُرتَبَعُ / وجانبٌ فيه للمحروم مُرتَزَقُ
مُستَمْطَرُ الجود لا فقرٌ ولا جَهَدٌ / ومُستجارٌ فلا خوفٌ ولا فَرَقُ
ومشهدٌ ليس فيه من هوىً جَنَفٌ / ولا يُطاشُ به طيشٌ ولا خُرُقُ
لا يألف الحِقْدُ مَغْنىً من مساكنِهِ / ولا يُلَبِّثُ في أبياتِهِ الحَنَقُ
قد قلتُ للقومِ لم يخشوا صَريمَتَهُ / وربّما خاب بغياً بعضُ مَنْ يَثِقُ
حذارِ من غَفَلاتِ اللّيث يَخْدَرُ في / رأي العيونِ وفي تاموره النَّزَقُ
يُغضِي كأنَّ عليه من كرىً سِنَةً / وإنّما حشُوه التّسهيدُ والأَرَقُ
ولا تراه وإنْ طال المِطالُ به / إلّا مُكِبّاً على الأوصال يعترِقُ
أوْ مِن ضئيلٍ كجُثمانِ الفظيعِ له / في كلّ ما ذَرَّ نجمٌ أوْ هوى صَعِقُ
أُرَيْقِطٌ غيرَ أرفاغٍ نَجَوْنَ كما / مسّ الفتى من نواحي جلده البَهَقُ
تراه في القيظِ مُلتفّاً بسَخْبَرَةٍ / كأنّما هو في تدويره طبَقُ
فاِفخَرْ فما الفخرُ إِلّا ما خُصصتَ به / وفخرُ غَيرك مكذوبٌ ومُختَلَقُ
فالمجدُ وَقْفٌ على دارٍ حللتَ بها / وما عداك فشيءٌ منك مُستَرَقُ
وَاِسعَدْ بِذا العيد والتّحويلِ إنّهما / توافقا والسّعودُ الغُرُّ تتَّفقُ
عيدانِ هذا به فِطْرُ الصّيامِ وذا / زار البسيطةَ فيه الوابلُ الغَدَقُ
وقتٌ به السّعدُ مقرونٌ ومُلتبسٌ / وطالعٌ وَسْطَه التوفيقُ مُرتِفقُ
وليلةٌ صقل التحويلُ صبغتَها / فإنّما هي للسَّاري بها فَلَقُ
ومن رأى قبل أنْ ضوّأتَ ظُلمَتَهُ / ليلاً له في الدّآدي منظرٌ يَقَقُ
ضاقَ القَريضُ عن اِستيفاء فضلك يا / ربَّ القريض وعَيَّتْ ألسُنٌ ذُلُقُ
وإنّما نشكر النُّعمى وإِنْ عظمتْ / فكم أُناسٍ بما أُولُوهُ ما نطقوا
فَاِسلَمْ ودُمْ فزِنادُ الملك وارِيةٌ / وكلُّ مختلفٍ في الخلقِ مُتّسِقُ
وعشْ كما شئتَ عمراً ما لنائبةٍ / به محالٌ ولا فيه لها طُرُقُ
لأَنتُمُ آلُ خير النَّاسِ كلِّهِمُ
لأَنتُمُ آلُ خير النَّاسِ كلِّهِمُ / المنهلُ العَذْبُ والمستوردُ الغَدَقُ
وليس للّهِ دينٌ غير حبّكُمُ / ولا إليه سواكمْ وحدَكمْ طُرُقُ
وَإِنْ يَكُن من رسول اللَّه غيركُمُ / سوى الوجود فأنتمْ عنده الحدَقُ
رُزِقتُمُ الشّرفَ الأعلى وقومُكُمُ / فيهمْ غضابٌ عليكمْ كيف ما رُزقوا
وأنتمُ في شديداتِ الورى عُصُرٌ / وفي سواد الدّياجي أنتمُ الفَلَقُ
ما للرّسول سوى أولادكمْ وَلَدٌ / ولا لنَشْرٍ له إلّا بكمْ عَبَقُ
فَأَنتمُ في قُلوب النَّاس كلّهمُ / السَّمْتُ نقصده والحبلُ نَعْتَلِقُ
هل يَستوي عند ذي عينٍ رُبىً ورُبىً / أو الصّباح على الأوتادِ والغَسَقُ
وُدّي عليه مقيمٌ لا بَراحَ له / من الزَّمان ورَهْني عندكم عَلِقُ
وثقتُ منكمُ بأن تستوهبوا زَلَلِي / عند الحساب وحسبي مَنْ به أثقُ
لو كنت أملك للأقدار واقيةً
لو كنت أملك للأقدار واقيةً / دفعتُ عنك أبا الخطّاب ما طرقا
إنّ الزّمانَ ولا عَدْوَى على زمنٍ / سقانِيَ المُرَّ مِن فقدِيك حين سقى
كم ذا كسيتَ غصوناً وهي ذاويةٌ / الماءَ من جاهك المبسوط والورقا
وكم أجَرْتَ بلا مَنٍّ ولا كدرٍ / مستمسكاً بك في خوفٍ ومُعْتَلِقا
قد نال قومٌ وحلّوا كلَّ عاليةٍ / ومثلَ ما نلته في النّاسِ ما اِتّفقا
وما ذخرتَ سوى حَمْدٍ ومَكرُمةٍ / وإنّما يذخرون العين والوَرَقا
حكمتَ في الدّهرِ لا رزقاً أصبتَ به / والأمرُ بعدك في الدنيا لمن رُزقا
فلم تعرِّجْ على لهوٍ ولا لَعِبٍ / ولا بعثتَ إلى حاجاتك المَلَقا
سُستَ الملوكَ وودّ القومُ أنّهُمُ / ساسوا وما بلغوا تلك المُنى السُّوَقا
وإنّما كنتَ باباً للملوك ومذْ / ذُقتَ الرّدى سُدّ ذاك الباب واِنغلقا
وما تركتَ من الدّنيا وزينتها / مِن بعدِ فقدك إلّا رَثَّها الخَلَقا
وحالكٍ شَحِبِ القُطرين مُلتبسٍ / أَطلعتَ فيه برأيٍ واضحٍ فَلَقا
وموقفٍ حَرِجِ الأرجاءِ قمتَ به / والبَيْضُ تنثرها ما بينهما فِلَقا
طَعنتَ بالرّأي فيه والقنا قَصِدٌ / والطَّعنُ يفتقُ بالأجساد ما اِرتَتقا
فقد رأوا منك ماذا كنتَ تعملهُ / في ضالعٍ شذّ أو في مارقٍ مَرَقا
ناموا عن الملك إِهمالاً لنصرتِهِ / وأنت تكرع فيه وحدَك الأَرَقا
صدقتَ في نصره حتَّى أقمتَ له / دِعامَه والفتى في الأمر مَن صدقا
يا حِلْفَ قصرٍ مشيدٍ فوق نُمْرُقةٍ / على الأريكة قد أصبحتَ حِلْفَ نَقا
ويا مبيناً على الأطواد من عِظَمٍ / كَيفَ اِرتَضيت بوَهدٍ هَبْطَةٍ نَفَقا
راموا لِحاقك في علياءَ شاهقةٍ / وهل ترى لمحلّ النَّجمِ مَن لحقا
وثِقتُ فيك بما لم أخشَ نَبْوَتَه / وطالما عاد بالإخفاقِ مَن وثقا
وطالما كنتَ لي في كلّ مُعضلةٍ / حصناً حصيناً وماءً بارداً غَدَقا
فأىُّ عينٍ عليك الدّمعَ ما قَطرتْ / وأيُّ قلبٍ بنار الهمِّ ما اِحترقا
ولو نظرتَ إلينا بعد فُرقتنا / رَأيتَ منّا الّذي رتّقتَ مُنفتِقا
أَعزِزْ عليَّ بِأن تُضحِي على شَحَطٍ / منّا ورهنُك في كفِّ الرّدى غُلِقا
وأنْ يراك فريداً وسْطَ مُقفرةٍ / مَن لو خطرتَ له لاقى الرَّدى فرَقا
إنْ تُمسِ مرتفقاً بالتّربِ جَنْدَلَةً / فطالما كنت بالعَيّوقِ مرتفقا
وإنْ لمستَ الثَّرى مَيْتاً فما رضيت / منك التَّرائبُ ديباجاً ولا سَرَقا
وإنْ سكنتَ مُصيخاً للرّدى فبِما / أصبحتَ من قبل أعلا ناطقٍ نطقا
وإنْ أقمتَ مقاماً واحداً فبما / شَنَنْتَ نحو المعالي النَّصَّ والعَنقا
وإنْ مضيتَ فماضٍ خلَّفَتْ يدُه / فينا الجميلَ الّذي لَم يمضِ واِنطلقا
فَما لَنا صِحّةٌ من بعد مصرعهِ / ولا دواءٌ لشاكٍ يمسِكُ الرَّمَقا
ولم يكن غيرَ نجمٍ غاب من أفقٍ / وغيرَ سَجْلٍ جلالٍ للورى دَفَقا
وقد مضى مالكُ الرِّبْقاتِ قاطبةً / فاِنسوا بمصرعه مَن يملك الرِّبَقا
فلا لقيتَ من الضَّرّاءِ لاقيةً / ولا سقاك البِلى طَرْقاً ولا رَنِقا
اِذهبْ فزادك إنعامٌ ملكتَ به / رِقَّ الرّجال وقد زوّدتني حُرَقا
ولا يزلْ جَدَثٌ أُسكِنْتَ ساحتَه / ملآنَ ريّانَ مِن وَكْفِ الحَيَا عَبِقا
وإنْ مررتُ على قبرٍ حللتَ به / لَوَيتُ بعد اِجتِيازي نحوك العُنُقا
لذْ بالعَزاءِ فلا خِلٌّ تَضِنُّ به
لذْ بالعَزاءِ فلا خِلٌّ تَضِنُّ به / ولا مقيمٌ على دار الحفاظِ لكا
ولا وفيٌّ إذا أعطيتُه مِقَتِي / أعطَى المحبّةَ أو تاركتُه تركا
ولا لبيبٌ يعاطيني نصيحتَه / ويُسلك الرَّحْلَ منّي حيثما سلكا
إنْ كان خبّ بِيَ الدّهرُ العثورُ إلى / بُغضِ الّذي كنتُ أهواه فقد بركا
أما ترانِيَ في ظلماءَ داجيةٍ / ضاع الصّباحُ بها للقومِ أو هَلَكا
وقد شكوتُ فلم أرجعْ بنافعةٍ / لكنْ شكوتُ إلى مَن مثل ذاك شكى
في كلّ يومٍ أخو غدرٍ يقلّبنِي / على الحَضيضِ وقد ألْمَسْتُهُ الفَلَكا
يبغي خِلافي فإنْ لايَنتُه خشنتْ / منه الخلائقُ أو باكيته ضحكا
وكم مصرٍّ على مَقْتٍ وتَقْلِيَةٍ / أعطيتُه طَرَفَ البُقْيا فما اِمتسكا
ما ضرّني مالكاً نفسي ومأرَبتي / أنْ لا أكون على أعوادهمْ مَلِكا
ما دام عِرْضُك لم تثلِمْهُ ثالمةٌ / بين الرّجالِ فخلِّ المالَ مُنتَهكا
وَاِحقِنْ حَياتك في خدّيك مبتذلاً / من دونه لدمِ الأرواحِ مُنْسَفِكا
أما ترى الرّزقَ يأتي المرءَ ممتلئاً / من الكرى فدعِ الإيجافَ والرَّتَكا
ودع حِذاراً فكم حِذْرٍ تقوم به / ما كان رِدْءاً لمكروهٍ يَحُلُّ بِكا
والمرءُ يَعْطَبُ مدلولاً على طَرَفٍ / إلى الصّواب وينجو المرءُ مرتبكا
كم حائدٍ عن رداه غيرِ ذي عُدَدٍ / وكارعٍ مِن رداه يحمل الشِّكَكا
ولي صديقُ الضّواحي وهو مضطبِعٌ / من العداوة أثواباً له سَلَكا
إذا سَهُلْتُ عليه بات يَحزَنُ لي / وإنْ تضوّأتُ يوماً عنده دَلَكا
وكلّما اِندملتْ منّي جوائفُهُ / قَرّفَ منها بأظفارٍ له ونكا
يَذرِي دُموعاً على الخدّين يوهمني / منه الودادَ وما إنْ للودادِ بكى
وكلّما كان عندي أنّه بيدي / وجدته في يد الأقوامِ مشتركا
وصاحبٍ خدعتْ عينَيَّ نظرتُه / ما كان تِبْراً ولا مالاً إذا سُبِكا
أخذتُه وبقيتُ الدّهرَ أجمعه / أودّ أنّي له أمسيتُ مُتَّرِكا
بيني وبين الورى سِتْرٌ أُرقّعُهُ / ولو تغافلتُ عن ترقيعه اِنتهكا
فقل لحسّادِ فضلٍ بتّ أملِكُهُ / الفضلُ يا قومُ في الدّنيا لمن ملكا
زَكَتْ غُروسي فما ذنبي إلى نَفَرٍ / ما كان يوماً لهمْ غرسي نما وزكي
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ / كظبيةٍ أفلتتْ أثناء أشواكِ
نبكي ويضحكها منّا البكاء لها / ماذا يمرّ من المسرور بالباكي
فَقلتُ والقول قد يَشْفِي أَخا شَجنٍ / وربّما عطف المشكوُّ للشاكي
أُعطيتِ منّا الّذي لم نُعطَ منك فلو / رام الهوَى النَّصْف أعطانا وأعطاكِ
ولستِ بالرِّيمِ لكنْ فيكِ أحسنُهُ / ولستِ ظَبْيّاً وريّا الظَّبْيِ رَيّاكِ
تودّ شمسُ الضّحى لو كنتِ بهجتَها / وودّ بدرُ الدّجى لو كان إيّاكِ
قد كنتُ أحسبني جَلْداً فأيْقظنِي / مِنِّي على الضَّعفِ أنّي بعضُ قتلاكِ
لا باركَ اللَّهُ في قلبٍ قَلاكِ ولا / أبكي السّماءَ لمن بالسّوءِ أبكاكِ
ولا تولَّى الّذي ولّاكِ جانِبَهُ / وَلا عدا الخيرُ إلّا مَنْ تعدّاكِ
أشقيتِ منّا قلوباً لا نقول لها / أشقى الإلهُ الّذي بالحبّ أشقاكِ
وكنتِ ملذوذةً والمرُّ منك لنا / وما أمرَّكِ شيءٌ كان أحلاكِ
هل تذكرين وما الذكرى بنافعةٍ / مَسْرَى الرّكائب يومَ الجِزعِ مسراكِ
في ليلةٍ ضلّ فيها الرَّكبُ وجهتهمْ / لولا ضياءُ جمالٍ من مُحيّاكِ
بِتنا نَميلُ على أقتادنا طَرَباً / مُصغين نَحو الّذي بالحسن أطراكِ
مسهّدين ولولا داءُ حبِّكمُ / أكرى العيونَ لنا مَن كان أكراكِ
إنْ بتِّ آمنةً مِنّا عليك كما / شاء العَفافُ فإنّا ما أمِنّاكِ
أو كنتِ ساليةً لمّا خطاكِ هوىً / غدا علينا فإنّا ما سلوناكِ
وإِنْ ملَلْتِ فقوماً لا ملالَ بهمْ / وإنْ سَئِمتِ فإنّا ما سئمناكِ
أيُّ الشّفاءِ لداءٍ في يديكِ لنا / وأيُّ ريٍّ لصادٍ مِن ثناياكِ
لَولا الغُواةُ وخوفٌ مِن وشايتهمْ / ما كانَ مَثواي إلّا حيثُ مثواكِ
ملكْتِنا بالهوى والحبُّ مَتْعَبَةٌ / فحبّذا ذاك لو أنّا ملكناكِ
ولو أُصِبْتِ بداءٍ قد أصِبْتُ به / علمتِ ما في فؤادٍ بات يهواكِ
إِنْ تَشكري فاِشكري من لم يُذِقْكِ هوىً / ومَن بحبّك أبلانا وأبلاكِ
وكيف يصحو فؤادٌ فيكِ مختبلٌ / تسرِي سُرى دَمِهِ فيه حُميّاكِ
ولو رميتِ ورَيْعانُ الشّباب معي / أصميتِ منِّيَ مَن بالحبّ أصماكِ
كم مرّةٍ زرتِنا وَهْناً على عَجَلٍ / سريتِ فيه وما أسْرَتْ مطاياكِ
حَتّى اِلتَقينا على رغم الرُّقادِ وما / ذاك اللّقاء سوى وسْواسِ ذكراكِ
فإنْ هجرتِ وقد أخلَفْتِ واعدةً / فبالّذي زرتِ ما واعدتِنا ذاكِ
يا جامع المال كُلْهُ قبل آكلهِ
يا جامع المال كُلْهُ قبل آكلهِ / فإنّما المالُ في الدّنيا لمن أكلا
أنتَ المجارى إِلى ما بتّ تجمعه / فاِسبقْ إليه صروفَ الدَّهرِ والأجلا
إنْ تُبقِ مالَكَ حيناً لم تُبَقَّ له / إمّا بطلتَ فَناءً عنه أو بطلا
أمَّا الكريمُ فيمضِي مالُهُ معه / ويترك المالَ للأعداء مَن بَخِلا
إِنْ كنتُ أزمعتُ عن وجدى بكم هرَباً
إِنْ كنتُ أزمعتُ عن وجدى بكم هرَباً / فلا سقاني الظّما عَلّاً ولا نَهَلا
ليس التبدّلُ في الأهواءِ مِن خُلُقِي / ولو تبدّلتُ منكمْ لم أجدْ بدلا
من غير جرمٍ ولا عذرٍ لمعتذرٍ / مللتُمُ كَلِفاً لا يعرف المَلَلا
أتَارِكي أتلافى اليأس بالأملِ
أتَارِكي أتلافى اليأس بالأملِ / وراجعي أتقاضى الحزمَ بالزّلَلِ
لا تحملنِّي على وعْرٍ فأركبُهُ / ولو توسّمتَ منه طلعة الأجلِ
ولا تُعِلنّني رَنْقاً فألفظُهُ / ولو لوجهٍ يراه النّاسُ للقُبَلِ
واِستبقِ صَمتي لمغرورٍ أقمتُ له / ظهرَ الرّجاء على رِجْلٍ من العِلَلِ
دعني يغمّد حلمي ما اِنْتَضَتْ هممي / أو لا فهاك جوابي خُذْه مِن أَسَلِي
إنْ لم أذَرْك تُلاقيني فتنكرني / فلا أطاعتْ سيوفي أصعبَ القُلَلِ
ولا حملتُ القنا في يومِ معركةٍ / وصارَمَتْنِي ظهورُ الخيل عن مَلَلِ
أأنتَ أشجعُ أم دهرٌ يسالمني / ويشرئبُّ إلى بِشْرِي فدع أملي
ألقى إليَّ زَماناً كان يجعله / حِبالةً لاِقتناصِ الفارس البطلِ
وقال قُدْنِي إلى ماشئتَ أسْعَ له / يا مالكاً مالكَ الأرقابِ والدُّوَلِ
وما اِحتَفلتُ بشئٍ ظلّ يبذله / لأنّ أكثرَ منه في يديّ ولِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025