المجموع : 136
منصورُ دارُكَ أضْحَتْ منكَ مُوحِشَةً
منصورُ دارُكَ أضْحَتْ منكَ مُوحِشَةً / قد أقْفرتْ بعد سُكّانٍ وجِيرانِ
أضحَى الّذي كان منها أمسِ أضْحَكَني / وسرّني هاجَ أشْجانِي وأبكاني
عهدْتُها نادِياً للّهوِ مجتَمَعاً / للأُنْسِ مَلْعَبَ أترابٍ وَوِلدانِ
فأصبحَتْ ما بِها مما عهِدتُ بِهَا / سِوَى صدىً كُلّما ناديتُ لبّانِي
بُكاءُ مِثليَ من وَشْكِ النّوى سَفَهُ
بُكاءُ مِثليَ من وَشْكِ النّوى سَفَهُ / وأمرُ صَبْرِيَ بَعد البَين مُشْتَبِهُ
فَما يُسَوِّذفُنِي في قُربِهمْ أملٌ / ولَيس في اليأْسِ لي رَوْحٌ ولاَ رَفَهُ
أُكاتِمُ الناسَ أشْجَانِي وأحْسَبُها / تَخْفَى فَتُعلِنُها الأسقامُ وَالوَلَهُ
كأنّنِي من ذُهولِ الهمِّ في سِنَةٍ / ونَاظِرِي قَرِحُ الأجفانِ مُنْتَبِهُ
أذْنبتُ ثُمّ أحلْتُ الذّنْبَ من سَفَهٍ / عَلَى النّوى ولَبِئسَ العادَةُ السّفَهُ
أقمتُ طوعاً وسَارُوا ثُمَّ أنْدُبُهم / ألا صَحِبْتُ نَواهُم حيثُما اتّجَهُوا
أضرَّ بي نَاظِرٌ تَدْمَى مَحَاجِرُهُ / وخَاطرٌ مُذْ نأوْا حيرانُ مُنْشَدِهُ
فَما يُلائِمُ ذَا بعدَ النّوى فَرَحٌ / ولا يَرُوق لِهذَا مَنظَرٌ نَزِهُ
سَقْياً لِدَهرٍ نَعمنَا في غَضَارَتِه / إذْ فِي الحَوادِثِ عمّا سَاءَنَا بَلَهُ
وعَيْشُنَا لَم يُخَالِطْ صَفوَهُ كَدَرٌ / وودُّنا لم تَشُبْ إخلاصَهُ الشُّبَهُ
مَضَى وجَاء زمانٌ لا نُسَرُّ بِهِ / كُلُّ البرِيَّة مِنهُ في الّذِي كَرِهُوا
يا قلبُ رفقاً بما أبْقَيتَ منْ جَلَدِي
يا قلبُ رفقاً بما أبْقَيتَ منْ جَلَدِي / كَم ذَا الحنينُ إلى مَن أنتَ مَثْواهُ
ما غابَ عنّي فأنْسَاهُ ولستُ أرَى / في الخَلْقِ لي عِوَضاً عنهُ فأسلاَهُ
قد كنتُ في القُربِ أرعاهُ وأحفظُهُ / ومُذْ بَعُدتُ تَولّى حفظَهُ اللهُ
يا مَن به سَلْوَتي عن كُلِّ مُفْتَقَدٍ
يا مَن به سَلْوَتي عن كُلِّ مُفْتَقَدٍ / ومَن مودَّتُهُ أدنَى من النَّسَبِ
شَكوتَ همَّكَ بي لمَّا اشتكيتُ فَلا / زلتَ المُوقّى من الآلامِ والنّوَبِ
أبَّلَ جسمِيَ مِن أوصَابِه وأَرَى / قَلبي مِن الهمِّ لا ينفَكُّ ذَا وَصبِ
وداؤُه باطنٌ لا طِبَّ يبلُغُهُ / إن لَمْ يُدارِكْهُ لطفٌ غيرُ مُحتَسَبِ
وما الّذِي نَالَه من دائِه عَجبُ / لكنْ سلامَتهُ من أعجَبِ العَجَبِ
لأشكرَنَّ اهتماماً منك يَذكُرُنِي
لأشكرَنَّ اهتماماً منك يَذكُرُنِي / فِي البعد حتّى كأنِي مُصقبُ الدّارِ
بعُدتُ عنه فما أنكرتُ خُلّتَهُ / مع التّنائي وكم أنكرتُ من جَارِ
واُبتزَّني رأْيَ عزّ الدّينِ مُستلِباً
واُبتزَّني رأْيَ عزّ الدّينِ مُستلِباً / من بعدما عمّنِي إحسانُه وضَفَا
أضَافَنِي عتبهُ همّاً شَجِيتُ بهِ / أبانَ عن نَاظِري طِيبَ الكَرى ونَفَى
أتَتهُ عَنِّي أحاديثٌ مُزَخرفَةٌ / ما إنْ بِها عنهُ وهْو الألمَعيُّ خَفَا
لكنّها وافَقتْ من قَلبِهِ مَلَلاً / لم يَسْتبِنْ صحّةَ الدّعوَى ولا كَشَفَا
وما الرِّضَا ببعيدٍ من خَلائِقِهِ / وهي السّلافَةُ راقتْ رقّةً وصَفَا
يا مَن حَوَى قصَباتِ السّبقِ أجمعَها / فما يُرى اُثْنانِ في تفضيلِهِ اُختلَفَا
أَنفقْتُ مُذهَبَ عُمرِي في رضاكَ وما / رأيتُ مُنفِقَ عُمرٍ واجداً خَلَفَا
لَكِنّني اُعتضْتُ منه حُسنَ رأيِكَ لي / فَنِلتُ منه العُلا والعزَّ والشّرفَا
حتّى إذَا أنَا ماثَلْتُ النجومَ عُلاً / وقلتُ قَد نِلتُ من أيامِيَ الزُّلَفَا
أريتَنِي بَعد بِشْرٍ هجرةً وقِلىً / وبَعد بِرٍّ ولُطفٍ قَسوةً وجَفَا
فَعُدتُ صِفَر يدٍ ممّا ظَفِرتُ بهِ / كأنَّ ما نِلْتُهُ من كَفّيَ اخْتُطِفَا
هبْنِي أتيتُ بِجَهلٍ ما قُذِفتُ به / فأَين حِلمُكَ والفضلُ الّذِي عُرِفَا
ولاَ ومَن يعلمَ الأسرارَ حِلْفَةَ من / يَبَرُّ فيما أتَى إن قَال أو حَلَفَا
ما حدّثَتْنِيَ نَفسي عندَ خَلوتِها / بما تُعَنِّفُنِي فيهِ إذا اُنكَشَفَا
لكنّها شِقوةٌ حَانَتْ وأَقضِيَةٌ / حَبَتْنِيَ الهمَّ مذُ عَامَينِ والأَسفَا
تداولَتْنِي أمورٌ غيرُ واحدةٍ / لو حُمِّلَ الطَّوْدُ أدنَى ثِقْلِهَا نُسِفَا
وأقْصَدَتْني سهامُ الحاسِدِيّ عَلَى / فَوزِي بقُربِكَ حتى قَرطَسُوا الهَدَفا
وبعدَ مَا نَالني إن جُدتَ لي برضاً / فقد غفرتُ لدَهرِي كلَّ مَا سلَفَا
وذاكَ ظَنّي فإن يَصدُقَ فأنت لِما / رجوتُ أهلٌ وإنْ يُخفِقْ فوا أسفَا
حاشَاكَ تَغدُو ظُنوني فيكَ مُخفِقَةً / أو يَنثني أمَلي باليأسِ مُنْصرَِفاً
وجُنَّتِي من زماني حُسنُ رأيكَ بي / أكرِمْ بها جُنّةً لا البِيضَ والزَّغَفَا
أَلِفتُ منكَ حُنُوَّاً منذ كنتُ وقَد / فقدتُهُ وشديدٌ فقدُ ما أُلِفَا
وغيرُ مُستنكَرٍ منكَ الحُنُوُّ علَى / مثِلي ولو زَاغَ يوماً ضَلّةً وهَفَا
فَعُدْ لأحسَن ما عَوَّدتَ مِن حَسَنٍ / يا مَن إذا جَادَ وفَّى أو أذَمَّ وَفَى
واُسلَمْ لنا ثالِثاً للنَّيِّرَينِ عُلاً / وزِدْ إذا نَقصَا واُسرُفْ إذا كُسِفَا
أيّامُنا بك أعيادٌ بأجمعِهَا / فدُم لنا ما دَجَا ليلٌ وما عَكَفَا
إِيهاً بحقِّكَ مجدَ الدّينِ تعلّمُ أَنْ
إِيهاً بحقِّكَ مجدَ الدّينِ تعلّمُ أَنْ / نَ الصبرَ عنكَ أو السُّلوانَ من خُلُقِي
أَو أَنّنِي بَعد بُعدِي عنْكَ مُغْتَبِطٌ / بالعيشِ إِنّي به لاَ تُكذَبَنَّ شَقِي
يا ويحَ قلبيَ من شوقٍ يُقَلْقِلُهُ / إلى لِقَائِكَ ماذا من نَواك لَقِي
ونَاظِرٍ قُرِّحَتْ أجفَانُه أسَفاً / عليكَ في لُجَّةٍ من دمعه غَرقِ
وبعدَ ما بِي فإشفاقِي يُهدّدُني / بشَوبِ رأيِك بالتكديرِ والرَّنَقِ
وأنَّ قلبَكَ قد رَانت عليه من ال / واشين بي جفوةٌ يهماءُ كالغَسَقِِ
ونافَسُونِيَ في حُسنى ظُنونِك بي / حتّى غدوتُ وسوءَ الشّكِّ في نَسَقِِ
بهم تباريحُ أشواقي إليكَ وما / أُجَنُّ من زفَراتٍ بالجَوى نُطُقِِ
أمَا كَفاهُم نَوَى دارِي وبعدُكَ عن / عَينِي وفُرقَةُ إخوانِ الصِّبا الصُّدُقِ
وأَنَّني كلَّ يومٍ قطبُ معرَكةٍ / دريئَةُ السُّمرِ والهنديّةِ الذّلُقِِ
أغشَى الوغى مفرداً من أُسرتي وهمُ / هُمُ إذا الخيلُ خاضت لُجّةَ العَلَقِِ
هم المحامُون والأشبالُ مُسلَمَةٌ / والملتقُون الرّدَى بالأوجهِ الطّلُقِِ
وموضِعي منكَ لا تسمُو الوُشاةُ له / ولا يُغيّرُه كَيْسي ولا حُمُقِي
وإنّما قالةٌ جاءَت فضاقَ لها / صدرِي ولو غيرُكَ المعنيُّ لم يَضِقِِ
كذّبتُها ثُمَ ناجتني الظّنونُ بأَنْ / نَ اُلدَّهْرَ ليس بمأمونٍ فلا تَثِقِِ
كم قد أغَصَّ بما تَمرِي مذاقَتُه / ونَغَّصَ الباردَ السلسالَ بالشَّرَقِ
توقَّع الخوفَ ممَّن أنت آمِنُهُ / قد تنكأُ الكَلْمَ كفُّ الآسِيِ الرّفِقِ
فقلتُ مالي وكَتمِي ما تُخالِجُني / فيه الظّنونُ كفعلِ المُغضَبِ المَلِقِ
أدعو لما بي صَدَى صوتي وموضعَ شَكْ / وايَ وحاملَ ثِقْلي حيث لم أُطِقِ
فإن يكن ما نَمى زُوراً وأحسَبُهُ / فعندَه العفوُ عن ذي الهَفوةِ العُقُقِ
وإن يكن وأحاشي مجده ثَلَجت / عُتباه حرَّ حشاً بالهمِّ مُحترِقِ
هو الأبيُّ الذي تُخشى بوادِرُهُ / ويُرتَجَى عَفوُهُ في سَوْرةِ الحَنَقِِ
عُتباهُ تلقَى ذُنوبي قبل معذرتي / وماءُ وجهِي مَصُونٌ فيه لم يُرَقِ
لا غيَّرتْ رأيَهُ الأيّامُ فيَّ ولا / نالت مكانيَ منه لَقعَةُ الحدَقِ
وافى كتابُكَ مفتوحاً فبشّرنِي
وافى كتابُكَ مفتوحاً فبشّرنِي / بِفتحِ سبُلِ الّلقاءِ الزَّجرُ والفَالُ
فقلتُ أحبِبْ بِهَا بُشرى إليَّ وإِن / تَعَرّضَتْ دونَ ما نَرْجُوهُ أهوالُ
ثمّ اعتَرَتْنِيَ أشواقٌ تُجَهِّلُنِي / كيفَ اطمأنَّتْ بِقَلْبي بعدَك الحالُ
وكيفَ يَبقَى وما يَنفَكُّ ذَا وَجَلٍ / خوفاً عليكَ وفي الأوجالِ آجالُ
يا خيرَ مَن عَلِقَت كَفّي مودّتَه / وصُدَّقَتْ لِيَ في عَلْياهُ آمالُ
ماذا أقُولُ وقلبي قد تخلَّفَ عني / جِسْمِي وزُمّتْ لوشْكِ البين أجمالُ
وكم فُجِعتُ بروْعاتِ الفِراقِ ولا / كَهذه لم يُرْعِني قطُّ تَرحالُ
وقبلَ وشْكِ النّوَى قد كنتُ أحذَرُهَا / كأنَّ ذاكَ التّوقِّي قبلَها فَالُ
فإن تمادَتْ بِنا أيّامُ فُرقَتِنَا / وكلُّ ساعاتِ بُعدي عنك آجالُ
فاحفَظ فؤاداً مقيماً في ذُرَاك ولا / تُسْلِمْهُ للشَّوقِ إنَّ الشّوقَ قتَّالُ
أيْن سَمعِي عمّا يقولُ العذولُ / أنا بالهَجرِ والنّوى مَشغولُ
وسبيلُ السُّلوِّ بادٍ لِعَينيْ / يَ ولكنْ مالِي إليه سَبيلُ
مَا قَليلُ الغرامِ يا مستريحَ ال / قَلبِ ممَّا يلقَى المحبُّ قَليلُ
بِالهَوى هَامَ في الفَلاَ قيسُ ليلَى / وبه ماتَ عُروةٌ وجَميلُ
فَاعفِ من لَومكَ المحبَّ كفاهُ / مِن جَواهُ تَسهيدُهُ والنُّحولُ
لا تَظنَّنَ وجدَ مَن فارقَ الأظ / عانَ يحتَثُّهُنَّ حادٍ عَجولُ
تقطَعُ البيدَ حاملاتٍ شُموساً / ما لَها في سِوَى الخُدورِ أُفولُ
كلُّ شمسٍ تُنيرُ فَوق قَضيبٍ / يَتهادَى به كثيبٌ مَهيلُ
لاَ ولاَ وجْدَ نازِحٍ فارَق الأو / طانَ يَهتاجُه الضُّحَى والأصيلُ
كلّما لامَهُ العذولُ مَرَى دمْ / عاً تُبَاِريه زَفرةٌ وعَويلُ
مثلَ وجْدِي لِفُرقةِ الملِكِ الصا / لِحِ وهْو المرجُوُّ والمأمولُ
يا أميرَ الجيوشِ يا أعدلَ الحُك / كَامِ في فِعلِه وفيما يَقولُ
أنتَ تَقضِي بالحَقّ لستَ وإن زا / لَتْ جِبَالُ الأرضِينَ عنه تَزولُ
فَبِماذَا قضيتَ يا سيّدَ الحك / كَامِ طُرًّا عليَّ أنّي مَلُولُ
مَن يَملُّ الحياةَ أمْ مَنْ عَليهِ / مِن تَوالي أنفاسهِ تَثْقيلُ
لا تَرُعْني بالعَتْبِ فهو على قَطْ / عِ رسُومِ التّشريفِ عَنّي دليلُ
لي رسومٌ منها مواصلَةُ الكُتْ / بِ وأنتَ البَرُّ الكريمُ الوَصولُ
وسِواهَا أغْنَيْتَنِي عنه بالإنْ / عامِ حتّى لم يبقَ لي تَأميلُ
فَأَعذْنِي من قَطعِها فهي لي فخ / رٌ به أُدركُ العُلا وأطُولُ
فبِوُدّي لو اُطَّلعتَ على قلْ / بي فيبدُو لك الوَلاءُ الدخيلُ
وتَرى أنَّ ما زَرعتَ من الإنْ / عامِ لم يُحصِ رَيعَه التجميلُ
وكيفَ أشكرُ مَن أسدَى إليّ يداً
وكيفَ أشكرُ مَن أسدَى إليّ يداً / سرَتْ سُرَى الطّيفِ من مصرٍ إلى الشّامِ
رأى مكانِي علَى بُعدِي وقد عَشِيَتْ / عنّي عيونُ أخِلاَّئِي وأيَّامِي
مُحافِظاً لعُهودي حين أفردَنِي / ظِلّي وأعرَضَ عنّي طيفُ أحلاَمي
قَصّرْتَُ في خِدَمي تقصيرَ مُعترفٍ
قَصّرْتَُ في خِدَمي تقصيرَ مُعترفٍ / وما كذَا يَفعلُ الإِخوانُ والخَدمُ
حتّى تعصفَرَ لونُ الطِّرسِ من وجَلٍ / فإن صفحتَ جرَى في وجنَتَيْهِ دَمُ
ولو تجافتْ ليَ الأيّامُ عن وطَرِي / لنابَ عن قَلَمِي في سَعيِهِ القَدَمُ
وبعد عُذري فقد أقرحتُ من أسَفٍ / جفْني وأدمَى بنائي بعدكَ النّدمُ
أطعتُ حُكم الليالِي في فراقِيَ مَن / وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بعدَه عدَمُ
لِمْ لاَ تَصامَمتْ عن داعِي الفِراقِ ومَا / بَالِي صَلِيتُ لَظَاهُ وهو يَحتدِمُ
فإن تُقِلنِي اللّيالِي عَثْرتِي وأفُز / بالقُربِ منكَ فميعادُ اللّقا الرّدَمُ
يا راكباً تقطُع البيداءَ همّتُه
يا راكباً تقطُع البيداءَ همّتُه / والعِيسُ تعجِزُ عما تُدرِك الهِمَمُ
بلِّغ أميرِي مُعينَ الدّين مألُكَةً / مِن نازحِ الدّارِ لكن وُدُّه أَمَمُ
وقل له أنت خيرُ التّركِ فضَّلكَ ال / حياءُ والدّينُ والإِقدامُ والكرمُ
وأنت أعدلُ من يُشكَى إليه ولِي / شَكِيّةٌ أنت فيها الخَصم والحكمُ
هل في القضيّة يا من فضلُ دولتِه / وعدلُ سِيرتِه بين الورَى عَلَمُ
تَضييعُ واجبِ حقّي بعد ما شَهِدَتْ / به النّصيحةُ والإخلاصُ والخِدَمُ
وما ظننتُكَ تَنسى حقَّ معرفتِي / إنّ المعارفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ
ولا اعتقدتُ الذي بيني وبينَك مِن / وُدٍّ وإنْ أجلبَ الأعداءُ ينصرِمُ
لكن ثِقاتُك ما زالوا بِغِشِّهِمُ / حتى استوتْ عندَكَ الأنوارُ والظُّلَمُ
باعُوكَ بالبَخِس يبغُون الغِنَى ولهُم / لو أنّهم عَدِمُوك الويلُ والعدَمُ
واللهِ ما نَصَحُوا لمَّا استَشرتَهُمُ / وكُلُّهم ذُو هوىً في الرّأْيِ مُتَّهَمُ
كم حرَّفُوا من مقالٍ في سِفَارَتهم / وكم سَعَوْا بفسادٍ ضَلَّ سعيَهمُ
أينَ الحميّةُ والنّفسُ الأبيّةُ إذ / سامُوك خُطّةَ خسْفٍ عارُها يَصِمُ
هلاّ أنِفْتَ حياءً أو محَافظَةً / مِن فعلِ ما أنكرَتْهُ العُرْبُ والعَجَمُ
أسلمتَنَا وسيوفُ الهندِ مُغمدةٌ / ولم يُروِّ سِنانَ السمهرِيِّ دَمُ
وكنتُ أحسَبُ مَن والاَك في حَرَمٍ / لا يَعترِيه به شيبٌ ولا هَرَمُ
وأنَّ جارَك جارٌ للسِّمَوءَلِ لا / يَخشَى الأعادِي ولا تَغتالُه النِّقَمُ
وما طُمانُ بأولى من أُسَامَةَ بال / وفاءِ لكنْ جرى بالكائِن القَلمُ
هَبنا جَنَيْنا ذُنوباً لا يُكَفِّرُها / عُذرٌ فماذَا جَنى الأطفالُ والحُرُمُ
ألقيتَهُم في يَد الإفرِنج مُتَّبِعاً / رِضَا عِدىً يُسخِطُ الرحمنَ فِعلُهُمُ
هُمُ الأعادي وقَاكَ اللُهُ شَرَهُمُ / وهُم بِزعْمهِمُ الأعوانُ والخدَمُ
إذا نهضْتَ إلى مجدٍ تؤثِّلُه / تقاعَدُوا فإذا شيَّدْتَهُ هَدَمُوا
وإن عَرَتْكَ من الأيامِ نائبةٌ / فكلّهمْ للّذي يُبكِيكَ مُبْتَسِمُ
حتّى إذا ما انجلَتْ عنهم غَيابَتُها / بحدِّ عزمِكَ وهو الصّارِمُ الخَذِمُ
رشَفْتَ آجِنَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ / ووِردُهم من نَداك السَلسلُ الشّبِمُ
وإن أتاهُم بقولٍ عنك مُختَلَقٍ / واشٍ فذاكَ الذي يُحْبَى ويُحتَرمُ
وكلُّ من مِلْتَ عنهُ قرّبُوه ومَن / والاَكَ فهو الذي يُقْصَى ويُهْتَضَمُ
بغياً وكفراً لِمَا أوليتَ من منَنٍ / ومرتَعُ البغِي لولا جهلُهم وَخِمُ
جرِّبْهمُ مِثلَ تَجريبِي لِتَخبرُهُم / فللرّجالِ إذا ما جُرِّبُوا قِيَمُ
هل فيهِمُ رجلٌ يُغني غَنَاي إذَا / جَلاَ الحوادثَ حدُّ السّيفِ والقَلَمُ
أم فيهمُ مَن له في الخطْبِ ضَاقَ به / ذَرعُ الرجالِ يَدٌ يَسطو بها وفَمُ
لكنَّ رأيَكَ أدنَاهُم وأبْعَدَني / فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقْتَسِمُ
وما سَخِطتُ بِعادِي إذ رضِيتَ به / وما لِجُرحٍ إذا أرضاكُمُ أَلَمُ
ولست آسَى على التَّرحالِ عن بلَدٍ / شُهْبُ البزاةِ سواءٌ فيه والرِّخَمُ
تعلّقَتْ بحبالِ الشمسِ منه يَدِي / ثمّ انثَنَت وهي صِفرٌ ملؤُها ندَمُ
لكنْ فراقُكَ آسانِي وآسَفَنِي / ففي الجوانحِ نارٌ منه تَضطرمُ
فاسْلم فما عشتَ لِي فالدهرُ طوعُ يدي / وكلُّ ما نالنِي من بؤسه نِعَمُ
يا ناصرَ الدّينِ يا بنَ الأكرمين ومَن
يا ناصرَ الدّينِ يا بنَ الأكرمين ومَن / يُغني نَدَى كفّه عن وابِل الدّيَمِ
ومَن حوَى السّبْقَ في فضلٍ وفي ورَعٍ / وفي عفافٍ وفي دينٍ وفي كَرَمِ
أنت العَيِيُّ على مَا فيكَ من لَسَنٍ / عَن لاَ وأفصحُ خلقِ اللهِ في نَعَمِ
تُولي الجميلَ بِلا مَنٍّ تكدِّرُهُ / لا كدَّرَ اللهُ ما أولاكَ من نِعَمِ
هذا ابنُ عمِّكَ في أسرِ الفِرَنجِ له / حولٌ تجرَّم في الأغْلاَلِ والظُّلَمِ
يدعُوكَ لا بل أنا الدّاعِي نداكَ له / يا خيرَ من عَلِقَتْهُ كفُّ معتصمِ
وأنت أكرمُ مَن تَثْنَيه عاطفةُ ال / قُربَى ويرجوه للجُلَّى ذُوَو الرَّحِمِ
ومَن تكنْ أنتَ مولاهُ وناصرَهُ / فكيف تسطو عليه كفُّ مهتضِمِ
لا تُحْوِجَنِّي إلى منِّ الرجال فما / حمْلُ الأيادِي وإن أعسرْتُ من شِيمِي
ولا تظنَّنِي أدعو سِواك ولا / يفوهُ مجتدِياً إلا إليكَ فَمِي
علامَ أرتشفُ الرّنْقَ الأُجَاجَ وقد / رَوَّيتَ كلَّ صدٍ من بحرِك الشَّبِمِ
أنا ابنُ عمِّكَ فاجعلني بفكِّ أخي / من أسرِه لك عبداً ما مشتْ قَدَمِي
فمِلكُ مثليَ لا يغلُو بما بَذَلَ ال / مبتاعُ فيه ولا يُستام بالقِيَمِ
إن ألَقَهُ سرَّهُ قُربي وآنسَهُ
إن ألَقَهُ سرَّهُ قُربي وآنسَهُ / وإن أغِبْ صَدّ عَنّي مُعرِضاً ولَهَا
كأَنّنِي مَيِّتٌ في النّوم يُبهجُهُ / لقاؤُهُ ثمَّ ينْسَاه إذا انْتَبهَا
أعجبْ لمحتجِبٍ عن كلِّ ذِي نَظَرٍ
أعجبْ لمحتجِبٍ عن كلِّ ذِي نَظَرٍ / صحِبْتُهُ الدَّهرَ لم أسبُرْ خَلائِقَهُ
حتى إذا رابَنِي قَابلتُه فَقَضَى / حَياؤهُ وإِبائِي أن أفَارِقَهُ
أميرُنا زاهدٌ والنّاسُ قد زَهِدُوا
أميرُنا زاهدٌ والنّاسُ قد زَهِدُوا / لَه فكلّ على الطّاعاتِ مُنكمِشُ
أيّامُه مثلَ شَهر الصّوْمِ طاهرةٌ / من المعَاصِي وفيهَا الجوعُ والعطَشُ
عابُوا هَوَى شادِنٍ في رجله قِصَرٌ
عابُوا هَوَى شادِنٍ في رجله قِصَرٌ / من سُكْرِ ألحَاظِه في مَشْيِه ثَمَلُ
وما هَوَى خُوطِ بانٍ مَاسَ من هَيَفٍ / عَيْبٌ وإنْ كان عيباً فهو مُحْتَمَلُ
يَا ساكني جَنَّةٍ رِضوانُ خَازنُها
يَا ساكني جَنَّةٍ رِضوانُ خَازنُها / هُنّيتُمُ العيشَ في رَوحٍ ورَيْحَانِ
مُرُوا النّسِيمَ إذا مَا الفجرُ أيقظَه / بحملِهِ طيبَ نَشرٍ مِنهُ أَحياني
أو فَابعَثُوا نَغْمَةً منه يعيشُ بها / قَلبي فقد مَات مُذْ حِينٍ وأَزمانِ
ظَبيٌ أغَنُّ تردَّى بالدُّجَى وَجَلاَ / شَمْس النّهارِ على غُصْنٍ من الْبانِ
في فِيهِ مَا في جِنَانِ الخُلدِ من دُرَرٍ / ومن رَحِيقٍ ومن مسْكٍ ومَرْجَانِ
إذا بَدَا وشَدَا في مَجلسٍ ظَفِرُوا / بمُنية النّفسِ من حُسنٍ وإحسَانِ
لا تَنْسَنِي يا أبا نَصرٍ إذا حَضَرتْ / قُلوبُكم بين مَزمُومٍ وطَرخاني
كُن لي وكيلاً على الرّؤيِا ووكّلْ لِي / سواكَ يَسمعُ عَنّي شَدوَ رضْوانِ
وقُل له يَتَغَنّى من قلائِده / صوتاً يُجدّدُ لي شَجْوي وأشْجَاني
نسيمُه يتلقّاني بزوْرَتِهِ / مُبَشِّراً لي بهِ من قَبلِ يَلقانِي
وصَفُوا لي بغدادَ حيناً فلمّا / جئتُها جئتُ أحسنَ البُلدانِ
منظرٌ مبهِجٌ وقومٌ سَراةٌ / قد تحَلَّوْا بالحُسنِ والإحسَانِ
ليس فيهمْ عيبٌ سوى أنّ في كُلْ / لِ بنانٍ علاّقَةَ الميزانِ
وسمِعْنَا وما رأينَا سوَى / أمِّ ظَلومٍ فيها من النّسوانِ
وهْي جِنِّيَّةٌ كأَقبحِ ما شَوْ / وَهَهُ ربّنَا من الغيلانِ
إنّ فيها من الصّبَايا شُموساً / في غُصونٍ تهتَزُّ في كُثبانِ
شغلَتْنَا السَبعونَ والحجُّ عَنهُنْ / نَ فقلنَا بالسَّمْعِ دُونَ العَيانِ
يا مُنتهَى الأمَلِ امتدَّتْ مَطارِحُهُ
يا مُنتهَى الأمَلِ امتدَّتْ مَطارِحُهُ / ويا حِمَى مَن إليهِ في الخُطوب لَجَا
هَذيِ نتيجةُ فِكرٍ كان في الزّمنِ ال / ماضِي عَقِيماً ولولا أنتَ مَا نُتِجَا
أتَتْكَ تَحمِلَُ شكراً لو قرنتَ به / لَطِيمَةً لاكتَسَتْ من نَشرِه أرَجَا
فَيا أخَا العزمِ يَطوِي البيدُ مُنصَلِتاً
فَيا أخَا العزمِ يَطوِي البيدُ مُنصَلِتاً / في سَيرِه عن مَسير العَاصفاتِ وَحَى
قل للمهذَّبِ في فَضلٍ وفي خُلُقِ / وللبليغِ إذا مَا جدَّ أو مَزَحَا
من ينثُرُ الدُّرَّ في نَثرِ الكتابَةِ إنْ / شاءً وينظمُهُ في النَّظمِ إن مَدَحَا
من لَفظُه تُسكِرُ الصّاحِي فصاحَتُهُ / ولَو وَعَى فَضلَه ذُو سَكْرَةٍ لَصَحَا
أتتكَ مُغرِبَةُ الأنباءِ مُعربَةً / عن مُخلِصٍ إن دنَا في الوُدّ أو نَزَحَا
فاسمَعْ فَلا زِلتَ للخيراتِ مُستمِعاً / أُعجُوبةً مثلُها في الكُتْبِ ما شُرِحَا
مولايَ إن سدّ عنّي بابَ أنعُمِهِ / ولم يزَل للوَرَى بالفضْلِ مُنْفَتِحَا
ولَم يَجُدْ لي بطَرفٍ من مواهِبهِ / وكم حَبانِي وكم أسْنَى ليَ المِنَحَا
فجُودُه السّكبُ إن أكْدَتْ مخَايِلُهُ / يَوماً فكم سَحَّ بالنُّعمى وكم سَفَحَا
وكم له من يَدٍ عندي تزيدُ عَلى / ما سَامَه الأملُ المشتَطُّ واقْتَرحَا
أقلّ ما نِلتُ من جَدْوَى يديهِ غِنَىً / ما ساءَني بَعدَه مَن ضَنَّ أو سَمحَا
لقد غَنِيتُ به عنه كما غَنِيَ ال / غديرُ بالسّحبِ عنْها بعد ما طَفَحَا
لكن بقلبِيَ همٌّ زاد سورَتَهُ / وهْمٌ إذا قلتُ يخبُو زَندُهُ قَدَحَا
أظَنّ بي العَجْزَ في الحربِ العَوانِ وهَل / لها سِوايَ من الأبطالِ قُطبُ رَحَى
فقُلْ له جدَّدَ اللهُ البقَاءَ لَهُ / ما شَقَّ جَيبَ الدّجَى صُبحٌ وما وَضَحَا
كم قد بَعثْتُ إلى عَلياكَ من أَمَلٍ / أنلتَنِيه وكم من مَطلَبٍ نَجَحَا
وأنتَ من لو حَبا الدّنيَا بأجمَعِها / لم يُرضِه ما حَبَا منها وما مَنَحَا
وما سَلِمْتَ فذنبُ الدَّهرِ مُغْتَفَرٌ / وصرْفُهُ ما جَنى جُرماً ولا اجْتَرَحَا
كناسُ سِرْبِ المَهَا عِرِّيسَةُ الأسدِ
كناسُ سِرْبِ المَهَا عِرِّيسَةُ الأسدِ / فكيفَ بالوَصل للمستَهْتَرِ الكَمِدِ
والبيضُ دُونَ خُدورِ البيضِ مُصلتَةٌ / حكَتْ جَداولَ ماءٍ غيرِ مُطَّرِدِ
وكلُّ أسمَرَ فيه لَهْذَمٌ ذَرِبٌ / كَجَذْوَة النّارِ لم تُقْبَس ولم تَقِدِ
إذا تَسدَّدَ دَاوَى كلَّ ذي لَدَدٍ / وإن تأَوَّد سَاوى مَيلَ ذِي الأوَدِ
والبِيضُ والسّمرُ لا تَروَى بغير دَمٍ / من كلِّ جائشةِ الأرجاءِ بالزَّبَدِ
صَدِينَ حتّى جلاَها في النّحورِ وفي ال / هاماتِ أروعُ يُروي غُلَّ كلِّ صَدِ
مَن أظهرَ الجُودَ والإقدامَ إذ عُدِمَا / إلى الوُجود بضرب الهامِ والصَّفَدِ
ونَفَّقَ العلمَ مِن بعد الكسَاد فَما / تَرَى سوى طالبٍ للعلمِ مُجتهِدِ
مَنْ عدلُه أمَّنَ الشَّاءَ المهمَّلَ في ال / عَرِينِ أن يِتوقَّى وَثبةَ الأسَدِ
مَن يلتقِي المُذنِبين المُسْلَمِينَ بما / جَنوْهُ قَصداً بعفوٍ غَيرِ مُقتَصِدِ
يُسنِي المواهبَ مَسروراً بها جَذِلاً / فَمنُّهُ غيرُ مَمنونٍ ولا نَكِدِ
وما تَذَمَّرَ مِن غَيظٍ ومن غَضَبٍ / إلاّ جَلاَ عن مُحيّا بالحياءِ نَدِ
كالمشرَفِيَّةِ فيها حُسنُ رونقِها / في السِّلمِ والحرب والهاماتِ والغُمُدِ