القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 263
ناشدتك اللَّه في قَدري ومنزلتي
ناشدتك اللَّه في قَدري ومنزلتي / لديك لا يتطرَّقْ منهما العبثُ
من صاحبٍ خلطَ الحسنى بسيِّئةٍ / وما الدهاءُ دهاهُ لا ولا اللَّوَثُ
لكن مُزَاحٌ قبيحُ الوجهِ كالِحُهُ / أولى به من بروزِ الصفحة الجَدَثُ
يا من إلى وصله الإسراعُ مُفترضٌ / ومن على وُدّهِ التعويجُ واللَّبَثُ
إن كنتُ عندك قبل اليوم من ذهب / فذلك الصفو لم يعرض له الخَبَثُ
أمرَّ حبلي صَناعُ الكفِّ ماهرُها / فما لمرَّة ذاك الحبل مُنتكَثُ
أنا الذي أقسمت قِدماً خلائقُهُ / ألَّا يشيعَ له سُخفٌ ولا رفَثُ
وحُرمتي بك إن اللَّه عظَّمها / وما أديميَ مما تَقرضُ العُثُثُ
إن الكلام الذي رُعِّثتَهُ شَبَهُ / تستنكف الأُذنُ منه حين تُرتعَثُ
ما كان لي في الذي أنهاهُ زاعِمُهُ / إليك رُقيةُ محتالٍ ولا نَفَثُ
وما سكتُّ اعترافاً بالحديث لهُ / لكن كظمتُ وبي من حرّهٍ لَهثُ
وخِلتُ جبهِيَ بالتكذيبِ ذا ثقةٍ / عُنفاً وإن قال قولاً فيه مُكتَرَثُ
لاسيما ولعلَّ الهزلَ غايتُهُ / لا غيرُهُ ولبذر الجدِّ مُحتَرثُ
ولم أزل سَبِطَ الأخلاق واسعَها / وإن غدوتُ امرأً في لحيتي كَثَثُ
آبائِيَ الرومُ توفيلٌ وتُوفَلِسٌ / ولم يلدنيَ رِبعيٌّ لا شَبَثُ
وما ذهبتُ إلى فخرٍ على أحدٍ / لكنه القول يجري حين يُبتعَثُ
شُحّي عليك اقتضاني العذرَ لا ظمَأٌ / مني إلى مدح أسبابي ولا غَرَثُ
فاحفظ عليَّ مكاني منك واسمُ بهِ / عمّا تُعابُ به الأرواح الجُثَثُ
لا يَحْدُثَنَّ على ما كان لي حَدَثٌ / فإنّ جارك مضمونٌ له الحدثُ
وارفُقْ بخصميَ والمُمْهُ على شَعَثٍ / لا زلتَ ما عشتَ ملموماً بك الشَعَثُ
فإن ذلك أجدى من تشاغلها
فإن ذلك أجدى من تشاغلها / بحفظ مدحك يا علجَ الفلاليجِ
خذ من دنانيرنا وبِعْنَا
خذ من دنانيرنا وبِعْنَا / نيكا ودعنا من اللَّجاجَهْ
وأنت يا سيدي رخيصٌ / بخلْعِ كسرى عليك تاجَهْ
عَرِّجْ علينا نُصِب غَدَاءً / ونُعْمِلِ العود والزجاجَهْ
يا حسنَ الوجه لا تَسَمَّجْ / فَتُفسِدَ الحسْن بالسَّماجَهْ
هل مانعي حاجتي مليحٌ / خِلْوٌ من البغْض والفجَاجَهْ
وإنما حاجتي إليه / حاجة ديك إلى دجاجَهْ
أما الزمانُ إلى سلمى فقد جَنَحا
أما الزمانُ إلى سلمى فقد جَنَحا / وعاد معتذراً من كل ما اجْتَرَحا
وليس ذاك بصُنْعي بل بصنع فتى / ما زال يُدني بلطف الصنع ما نزحا
مباركُ الوجه ميمونٌ نقيبتُهُ / يُوري الزنادَ بكفَّيه إذا قدحا
به غدوتُ على الأيام مقتدراً / فقد صفحتُ عن الأيام أن صَفحا
رفعت منه رفيع الذكر ممتدَحاً / ألفى أباه رفيع الذكر ممتَدحا
مُعطىً لسانَ فمٍ معطىً لسان يدٍ / إنْ أجملا فصّلا أو فسَّرا شرَحا
لو أن عبد الحميد اليوم شاهدَه / لطان بين يديه مُذعِناً وسَحا
ضربتُ شعري عن الكتَّاب قاطبةً / صفحاً إليه ومثلي نحوَه جَنحا
إياه كانت تراعي همتي وله / كانت تصون أديم الوجه والمِدَحا
أَتأَرْتُ عيني سوادَ الناس كلِّهِمِ / فما رأيتُ سواه فيهمُ وضَحَا
يَفْدي أبا الصقر إن قاموا بفديته / قومٌ إذا مَذقوا أفعالَهم صَرحا
فرعٌ تفرَّع من شيبانَ شاهقةً / مَنْ ساورتْها أماني نفسِه نجحا
واهتزّ في نَبْعة صمّاء ما عَرفت / سهلاً ولا رَئِمت سيلاً وإن طَفحا
لا تشربَ الماءَ إلا من ذؤابتها / إذا الغمام عليها من علٍ نَضحا
فات المذاكيَّ في بدءٍ وفي عَقِب / سبْقاً إلى الغاية القصوى وما قرِحا
فتىً إذا شئت لا جهْلاً ولا سفهاً / كهلاً إذا شئت لا شيباً ولا جَلَحَا
فَتَّاهُ شرخٌ شبابيٌّ وكهَّله / حِلمٌ إذ شال حلمٌ ناقصٌ رجَحا
في وجهه روضة للحسن مونِقةٌ / ما راد في مثلها طرفٌ ولا سَرحا
طَلُّ الحياءِ عليها واقع أبداً / كاللؤلؤ الرطب لو رقرقتَه سَفحا
وجهٌ إذا ما بدت للناس سُنَّتُهُ / كانت محاسنُهُ حَوْلاً لهم سُبَحَا
أنا الزعيم لمكحولٍ بغُرَّتِهِ / ألّا يرى بعدها بؤساً ولا ترحا
ممن إذا ما تعاطى نيل مكرمة / نالت يداه مَنال الطرف ما طمحا
لو يخطِبُ الشمسَ لم ترغب ببهجتها / عن خير من خطب الأزواجَ أو نكحا
مهما أتى الناسُ من طَول ومن كرمٍ / فإنما دخلوا الباب الذي فتحا
لاقى الرجالُ غبوقَ المجد فاغتبقوا / منه ولاقَى صبوحَ المجد فاصطبحا
خِرقٌ به نشوةٌ من أريحيَّتِهِ / هيهات من منْتشيها أن يقال صحا
يعطي المزاحَ ويعطي الجد حقَّهما / فالموتُ إنْ جدَّ والمعروف إن مزحا
ممن إذا كان لاحِي البخلِ يَعذِره / فما يبالي بِلاحي الجود كيف لحى
إن قال لا قالها للآمرين بها / ولم يقلْها لمن يستمنِح المِنحا
يا بُعْد معناه من معنى اللئام إذا / شَحَوْا بلفظة لا أفواههم وشَحا
لو لم يزد في بسيط الأرض نائلُهُ / لضاق منها علينا كلُّ ما انفسحا
أضحت بجدواه أرضُ الله واسعةً / أضعافَ ما مدَّ منها ربُّها ودَحا
فلاقحاتُ الأماني قد نُتِجْنَ به / وحائلات الأماني قد طوت لَقَحا
لو أن أفعاله الحسنى غدت شِيَةً / للمجد ما عَدَتِ التَّحْجيل والقُرحا
لا تحمدنَّ بليغاً في مدائحه / أفعالُه فسحت في مدحه الفُسَحا
ولو تجاوزه المُدَّاحُ لم يجدوا / في الأرض عنه ولا في القول مُنتدَحا
بُزُرْجُمُهْرُ بني العباس رُسْتُمهم / جلمود خَطْبَيْن ما صكُّوا به رَضحا
ماضي الأداتين من سيف ومن قلم / كبش الكتابة كبش الحرب إن نطحا
وافى عُطاردَ والمريخَ مولدُه / فأَعطَياه من الحظَّينِ ما اقترحا
لهُ من البأسِ حدٌّ لو أشار به / إلى الحديد على علّاتِهِ فلَحا
ويُمن رأيٍ ورفقٍ لو مشى بهما / بين الأنيس وبين الجنَّة اصطلحا
في كفّه قلم ناهيك من قلم / نُبْلاً وناهيك من كف بها اتشحا
يمحو ويثبت أرزاقَ العباد به / فما المقادير إلا ما وحى ومحا
كأنما القلم العُلْويُّ في يده / يُجريه في أيِّ أنحاء الأمور نحا
هذا وإن جمحَت هيجاءُ أَقمحها / نِكْلاً من الشرِّ ما يَكْبَحْ به انكَبحا
يغشَى الوغى فترى قوساً ونابلها / إذ لا تزال ترى قوساً ولا قُزَحَا
ذو رميتين مفدَّاتين واحدة / تصمي الرمايا وأخرى تُوصل المِنحا
يغلغل النبل في الدرع التي رُتقت / رتقاً فلو صُبَّ فيها الماءُ ما رشحا
ويطعن الطعنة النجلاء يتبعها / شخبٌ دَرير إذا لاقَى الحصى ضَرحا
ويضرب الهام ضرباً لا كِفاءَ له / ترى لما طار منه موقعاً طرَحا
لمثل ذلك في الهيجاء من عملٍ / أنحى على الأدواتِ القينُ واجْتَنَحا
يصول منه بمن عادَى خليقتَهُ / وَرْدُ السِّيالِ ترى في لونه صَبَحَا
ليثٌ إذا زأر الليث الهِزَبْر له / لم يحسب الليثَ إلا ثعلباً ضَبحا
عادَى فبادى العدا فيه عداوتَه / ولم يُخافتْ بها نجواه بل صدحا
وقال إذ قعقعوا شَنَّ الوعيد له / لن يرهبَ الليثُ ضأناً قعقعت وذحا
يا من إذا ضاقت الأعطانُ في هَنَةٍ / زادت شدائدُها أعطانَه فَيَحا
ليَهْنَأ الملكَ أن أصلحتَ فاسده / وأن حرست من الإفساد ما صلحا
رددتَهُ جعفريَّ الرأي بعد هوىً / في الواثقيَّة لو لم تثنه جمحا
بِيَارَشوخٍ وفتيانٍ لهم قَدَمٌ / فيمن وَفَى لمواليه ومن نصحا
يا رُبَّ رأيٍ صوابٍ قد فتحتَ لهم / لولاك يا فاتح الأبواب ما انفتحا
ولم تزل معهم في يوم وقعتهم / بالحائنين ونابُ الحرب قد كَلحا
حتى أدِلْتُمْ وهبّتْ ريح نصركمُ / وخاب وجه عدو الحق وافتضخا
وما بغيتم ولكن كنتمُ فئةً / سقيتمُ من بَغى الكأس التي جَدَحا
شهدتُ أن عظيم الترك يومئذٍ / بِيُمنِكَ افتتح الفتحَ الذي فتحا
ما كان إلا كسهمٍ سدَّدته يدٌ / فما تلعثم ذاك السهمُ أن ذبحا
بَصَّرْتَهُ رشْدَه في نصر سادته / بضوء رأيك حتى بان فاتضحا
فليشكروا لك أن كابدتَ دونهمُ / تلك الغمارَ التي تُودي بمن سبحا
نصرتَهُمْ بلسانٍ صادقٍ ويدٍ / قولاً وصَولاً ولقَّيتَ العدا تَرحا
حتى أفأتَ عليهم ظلَّ نعمتهم / عَوداً كما فاء ظلٌّ بعدما مَصحا
ببعض حقك أنْ أصبحت عندهُمُ / مُشاوَرَاً في جسيم الأمر مُنْتَصَحا
أنت الذي ردَّ بعد الله دولتَهم / فليُوفَ كادحُ صدقٍ أجرَ ما كدحا
لولاك ما قام قطب في مُرَكَّبِهِ / أُخرى الليالي ولا دارت عليه رحى
بك استقادتْ مطايا الملك مذعنةً / وأردف الصعبُ منها بعدما رَمَحا
نفسي فداؤك يا من لا مؤمِّله / أكْدى ولا مستظِلٌّ في ذَراه ضَحا
لولاك أصبح في بدوٍ وفي حضرٍ / ديوانُ أهلك بين الناس مطَّرَحا
أضحى بك الشعر حيّاً بعد مِيتَتِهِ / إلا حُشاشةَ نفسٍ عُلِّقت شبحا
لا يسلب الله نعمى أنت لابِسُها / فما مشيتَ بها في أرضه مرحا
كم كاشح لك لا تُجدي عداوته / عليه ما عاش إلا الوَريَ والكَشَحا
ممن ينافس في العلياء صاحبَها / ولو تحمَّل أدنى ثِقْلِها دَلحا
تُعْشِي بضوئك عينيه فَيَنْبَحُهُ / ليَنبَحِ الكلبُ ضوءَ البدر ما نبحا
لما تبسم عنك المجدُ قلت له / قهقِهْ فلا ثَعَلاً تُبدي ولا قلحا
أجراك مُجرٍ فما أخزيت حلبته / بل وجه أيِّ جوادٍ سابقٍ سبحا
قال الإمام وقد درَّت حلوبته / بمثلك استغزَرَ المستغزِرُ اللَّقحا
أتاك راجيك لا كفٌّ له مَرِنت / على السؤال ولا وجه له وَقُحا
على قَعودٍ صحيح الظهر تامِكِهِ / ما كَلَّ من طولِ تَرْحالٍ ولا طَلحا
فانظر إليه بعينٍ طالما ضَرَحتْ / عنها قذى خَلَّة المختل فانضرحا
فما يُجلِّي الذي تكنى به قنصاً / كما تُجَلِّي ابنَ حاجات إذا سنحا
بل طرفُ عينيك أذكى حين تَثْقُبُهُ / للمجد من طرف عينيه إذا لمحا
بك افْتَتحْتُ ونفسي جدّ واثقةٍ / ألا أقول بغبٍّ ساء مفتَتحا
أمطِرْ نداك جنابي يكسُه زهراً / أنت المُحَيَّا بريَّاه إذا نفحا
إن أنت أنهضت حالي بعدما رزَحتْ / فأنت أنهضت ملكاً بعدما رزحا
لا بِدْع أن تُنْهِضَ الرَّزْحَى وتُنْعِشَهُمْ / وأن تَحمَّل عنهم كل ما فدحا
كأنني بك قد خوّلتني أملي / وأنت جذلانُ مملوءٌ به فرحا
أثني عليك بنُعماك التي عَظُمت / وقد وجدت بها في القول منفسَحا
أقول فيما أجيب السائلين به / أيَّانَ ذلك والبرهان قد وضحا
لاقيتُ من لا أبالي بعده أبداً / من ضنَّ عني بمعروفٍ ومن سمحا
ألقيتُ سَجْلِيَ منه إذ مَتَحْتُ به / إلى كريم يُرَوِّي سَجْلَ من مَتَحا
فاضت يداه إلى أن خلتُ سَيْبَتها / بحرين جاشا لحين المدِّ فانتطحا
وجاد جودين أما الكفُّ فانبسطت / بما أنالَ وأما الصدرُ فانشرحا
ورُبَّ معطٍ إذا جادْت أنامله / ضنَّ الضمير بما أعطى وما منحا
عَفَّى كلومَ زماني ثم قلَّمه / عني فأحفاه ثم اقتصّ ما جرحا
وما تصامم عني إذ هتفتُ به / كالناظرين بصوت الهاتف البَحَحا
يا عائفَ الطيرِ من طلّاب نائله / لايُثْنِيَنَّك عنه بارحٌ بَرَحا
عِفِ الثَّناء الذي تُثني عليه به / ولا تَعِف باكراتِ الطير والرَّوَحَا
فإن قَصْرك أن تلقى بعَقْوته / بحراً من العُرف لا كَدْراً ولا نزحا
إذا الوَنَى قيَّد الحَسْرى وعقَّلها / فيمَّمَتْهُ استفادت في الخطا رَوَحا
غصنٌ من البان في وشاحِ
غصنٌ من البان في وشاحِ / ركَّب في مَغْرِس رَداحِ
يهتز طوعاً لغير ريح / والغصن يهتز للرياحِ
غصن ولكنه فتاة / بديعة الشكل في الملاحِ
زينتْ بوجه عليه فرع / يحكي ظلاماً على صباحِ
ينفسح الطرف حين تبدو / غُرتُه أيَّما انفساحِ
يا حسنَ خد لها رقيقٍ / يكاد يَدمى بلا جراحِ
ترنو بطرف لها مريض / بين جفون لها صحاحِ
لم يدَّكرها المحبُّ إلا / طار اشتياقاً بلا جناحِ
مثِّلْهما آخذَيْ نصيب / من الفكاهات والمزاحِ
في عض خدٍّ ولثم ثغرٍ / ورشف ريقٍ وشرب راحِ
بلا نِفارٍ ولا نقارٍ / ولا ضِرارٍ ولا تلاحي
ولا لجاَجٍ ولا ضِجاجٍ / ولا حِرانٍ ولا جماحِ
ذوِي سرورٍ ذوي حبورٍ / ذوي نشاطٍ ذوي مراحِ
بحيث لا لغو فيه إلا / غناء طيرٍ به فصاحِ
طير تغني إذا تغنَّت / مهما أرادا بلا اقتراحِ
محلُّ صدقٍ يحل فيه / أهل السعادات والفلاحِ
طاب فما يبرحان منه / ولا يريدان من بَراحِ
يا حسن قول الفتاة حِبَّى / أنجحتَ أقصى مدى النجاحِ
تفعل ما تشتهي هنيئاً / ليس على الصبِّ من جناحِ
حقُّك أن تستبيح منِّي / ما ليس منِّي بمستباحِ
ما زلت لا تستريح حتى / حللت في خير مُستراحِ
أنت الذي كان في طلابي / أخا غدو أخا رَواحِ
أنت الذي كان في طلابي / معرَّضِ النحر للرماحِ
كم من سلاح حملت حتى / سبيتَ قلبي بلا سلاحِ
لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ
لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ / مُقَبَّحٌ ظاهر قُبُوحُهْ
يعلوه بُغْضٌ له شديد / على قلوب الورى طُفُوحُه
بغض تَراهُ ولا يراه / ولم يُقَصِّرْ به وُضُوحُه
لولا عَمَى نَاظِرَيْهِ عنه / لَذابَ حتى يَخِفَّ رُوحُه
لم يضْحك الشَّيبُ في فَوْدَيهِ بل كلَحَا
لم يضْحك الشَّيبُ في فَوْدَيهِ بل كلَحَا / سَمِّ القبِيحَ من الأسْماءِ ما قَبُحَا
قالت علا النّاسُ إلا أنتَ قلتُ لها / كذاك يسْفُلُ عند الوزن من رَجَحَا
عَلا سليمانُ بعد اليوم فاتَّئبي / أنْ لا تَرَيْني بدارِ الهُونِ مُطَّرَحَا
الطَّرْفُ يقْطِفُ من خدَّيْكَ تُفَّاحَا
الطَّرْفُ يقْطِفُ من خدَّيْكَ تُفَّاحَا / والثَّغْرُ منك يَمُجُّ المسْكَ والرَّاحا
أصبحْتَ للشَّمسِ شمْساً غير آفلةٍ / حُسْناً كَمَا قمراً تُمْسِي ومِصْبَاحا
لا عذَّبَ اللّه ذاك الوجْهَ منكَ وإنْ / عَذَّبْتَ بالهجْرِ أجساماً وأرواحا
يا مُغْلِقاً كلَّ بَابٍ منْه عن فَرَجِي / تركتَ للسُّقْمِ في أحْشَايَ مفْتَاحا
نارُ الرَّويَّة نارٌ جِدُّ مُنْضجةٍ
نارُ الرَّويَّة نارٌ جِدُّ مُنْضجةٍ / وللبديهَةِ نارٌ ذَاتُ تَلْويحِ
وَقَدْ يَفضِّلُهَا قَوْمٌ لِعَاجِلِها / لكنَّهُ عاجِلٌ يَمْضي مع الريحِ
يا صَارِخاً في جُمُوعٍ ليس تُصْرِخُهُ
يا صَارِخاً في جُمُوعٍ ليس تُصْرِخُهُ / لِلظَّالمينَ غداً في النَّار مُصْطَرَخُ
قَوْمٌ أفاعِيلُهم من قُبْحِها ضَرِطٌ / كَمَا مَوَاعِيدُهُمْ من إفْكِها نُفَخُ
أقولُ لابْنِ غِيَاثٍ إذ رأيتُ له / شَيْخاً خَسَاسَتُه تُخْزِيهِ لا الشَّيَخُ
لِمْ أنْتَ أصْيَدُ تَزْهَاهُ نظافته / ولِمْ أبُوكَ عليهِ الذُّلُّ والوَسَخُ
فقال لا تَلْحَيَنَّا في تَفَاوُتِنَا / فَإنَّنَا كُتُبٌ آباؤُنا نُسَخُ
وقَالَ أيْضاً وفي الأمثالِ متَّسَعٌ / قدْ يُخرِجُ النَّخْلَةَ الموصُوفَةَ السَّبَخُ
قالوا هجاك أبو حفص فقلت لهم
قالوا هجاك أبو حفص فقلت لهم / بذاك أمكنني من قَفْدِ يافُوخِهْ
أقطعتُ عرضي أبا حفص وأقطعني / أن أنزِل الدهْرَ أنَّى شئتُ في كُوخِهْ
هل يُخْلِفُ الحرُّ وعْداً خُلْفُهُ خطرٌ
هل يُخْلِفُ الحرُّ وعْداً خُلْفُهُ خطرٌ / يُخَافُ منه هَلاَكُ الروحِ والجسدِ
جازَ المِطَالُ بأشْيَاءٍ ولم أرَهُ / يجوز بالغوْثِ والملهوفُ في كَبَدِ
لَنْمْتَ عنِّي وبات الدهر في رصَدٍ / وليس يُقْرَنُ ذو نوم بذي رَصَدِ
لا تَبْخَلَنَّ على منْ لستَ كافِيَهُ
لا تَبْخَلَنَّ على منْ لستَ كافِيَهُ / بأنْ تقولَ تَزحْزَحْ غير مطرودِ
فإن خَشِيتَ هجائي فاخْشَ حينئذٍ / من كلِّ شيء مُحَالِ الكَوْنِ مفقودِ
واللّه لا قلتُ فيكم ما أكيدُ به / نفْسِي وقد كنتُ في سِرْبَال محسودِ
ولا أفَضْتُ بحرْفٍ في ملامكُمُ / يا آل وهْبٍ طَوَال البِيضِ والسُّودِ
إنِّي لأعْلَمُ أنِّي لا أفُوتُكُمُ / على مَطَايَا سُليْمان بن داودِ
ولَوْ أمِنْتُكُمُ أَمْنِي يَدي وفمي / لَمَا نَشَدتُمْ وفائي غيْرَ مَوْجودِ
لَكُمْ عَلَى منْطقي سلطانُ مُرْتَقبٍ / أضحَى يؤيِّدُهُ سُلطانُ مَوْدُودِ
فَمَا وفائي بِمَدْخُولٍ لكم أبداً / لكنَّه كَوَفَاءِ العِرقِ لِلْعُودِ
سَدَّ السَّدَادُ فَمي عَمَّا يُرِيبُكُمُ / لكنْ فَمُ الحالِ مني غيرُ مسدودِ
وفي ضَميرِيَ نُصحٌ لستُ أغمدُهُ / عنكم وما نصح ذي نصح بمغمودِ
حلي تصيح بما أوليْت مُعْلِنَة / وكلُّ ما تدَّعيه غيرُ مَرْدودِ
وقصَّتي معَكُمْ نارٌ على عَلَمٍ / لا فطنةٌ بطَنَتْ في قلْب جُلْمُودِ
فكَيفَ يخْفَى وأُخفي ما جرى لكُمُ / عَلَيَّ من طول ظلمٍ غير معدودِ
وألسُنُ الناس شتَّى لستُ أمْلكُها / إذا رأَوْا مُحْسناً في حال مَصْفودِ
منْ يبْذُلُ العُذْرَ في مثْلي لمثلِكُمُ / أوْ يَذْخَرُ النُّصحَ عن لهْفَانَ مجهودِ
بَلْ من يرى فضْلَ مسْكين على مَلكٍ / فلا يقولُ مقالاً غيْرَ محمودِ
كم آنِفٍ لكُمُ من أن تُرَى مِدَحي / مَنْقُودَةً وَجَداكم غيْر مَنْقُودِ
كُلِّي هجاء وقتْلِي لا يَحلُّ لَكمْ / فما يُداويكُمُ منِّي سوى الجُودِ
ورُبَّ ذَمٍّ أتى من غَيْرِ مُجْتَرمٍ / ورُبَّ قذْفٍ جرى من غير محْدُودِ
صَدَقْتُكُمْ وجوابُ الصِّدقْ يَلزَمُكُمْ / وما جَوابُ أخي صدقٍ بمردودِ
فأحسنُوا بي كإحْسان الإله بكُمْ / مُلِّيتُمُ حَظَّ مَحْقُوقٍ ومَجْدُودِ
أَجدُوا جَداً غيْرَ منكودٍ لأشْكُره / أو صَرِّحُوا لي بيَأسٍ غير منكودِ
وبَيِّنُوا ليَ أمْرِي إنَّني مَعكُمْ / في سَرْمَدٍ من ظلام الشكِّ ممدودِ
وما انْصِرافيَ عنكم إنْ حُرِمْتُكُمُ / إلا انْصرافُ شقيٍّ غير مَسْعودِ
مُدَفَّعٍ حين يغْشَى النَّاسَ مُجْتَنَبٍ / مُخَيَّبٍ حين يَبْغي الخيْرَ محدودِ
ومَنْ قَبِلتُمْ فَمَقْبُولٌ لكمْ أبداً / ومنْ أبَيْتُمْ فَبِلْوٌ غَيْرُ معهودِ
إنْ كان حيّا أباهُ كلُّ مضْطَربٍ / أو كان مَيْتَاً أباهُ كلُّ مَلْحُودِ
لَكنَّ في اليأس لي عَفْواً وعافية / واليأْسُ رفْدٌ لِعافٍ غَيْرُ مَرْفودِ
بَلْ لا أغُرُّكَ منْ خِيمي ولا شيَمي / إنِّي لَجَلْدٌ صبُورٌ غير مهدودِ
قُلْ ما تَشَاءُ فإنِّي منهُ مُعْتَصمٌ / بِمُدْمَجٍ من حبال العزِّ ممْسُودِ
لا والذي قَدُمَتْ عنْدي صنَائِعه / لا بِتُّ إلّا على صَبْرٍ ومجلودِ
ما أنْتَ رزْقي ولا عُمْري وعافيتي / فاجْهَدْ بِصُرْمكَ إني غيْرُ معمودِ
منْ رَدَّني غير مَصْفُودٍ فإنَّ له / عندي عَفَافاً وعزْماً غيْرَ مَصْفُودِ
في رَاحة اليأس لي من بُغْيَتِي عوَضٌ / وحسْبيَ اللَّهُ مَدْعَى كلِّ مَنْجودِ
فلَنْ أرَى اليأس نَعْياً حين يُؤيسُنِي / من سَيْب كفِّك بل بشرى بمولودِ
ولستُ أوَّلَ صادٍ صَدَّهُ قَدَرٌ / فذيد عن رود صافي الماء مورودِ
وقَبْلَ برِّك بي ما بَرَّني مَلكٌ / لا تملِكُونَ عليه حَلَّ معْقُودِ
مازال يَضمَنُ رزْقي منذ أَنْشأَني / بفضله وهْو حَيٌّ غير مَأْمودِ
هذا على أنَّ سُخْطي لا يُخَلِّفُني / عن مشْهَدٍ من مَآل الخير مشهودِ
وما أَحَارُ على أنِّي تُحَيَّرني / أطْبَاقُ ليل كَثيف السُّد مَنْضُودِ
أشْيَاء منك تحرَّاني لتُورطَني / والحزُم يعْدل بي عن كل أُخْدُودِ
مُشكِّكاتٌ تُعَنِّيني وتُتْعبُني / ما زالَ دائيَ منها داءَ مفئودِ
مَنْعٌ ومَنْحٌ وإصْغارٌ وتكرِمةٌ / وشَدُّ عَقْد وطوْراً نقْضُ مَشْدُودِ
فإنَّما أنا في لَبْسٍ وذَبْذَبَةٍ / وخَوْف جانٍ بمُرِّ النَّقْم مَرْصُودِ
حتى كأني وما أسْلَفْتُ سيِّئَةً / مُطَالَبٌ تحْت حقدٍ منْك محقودِ
يُعانُ المُسْتَعينُ بِكَ البعيدُ / وحَظِّي من مَعُونتك الزَّهيدُ
وما ذنبي إليكَ سوَى جِوَارٍ / قَريبٍ مثْلَما قَرُبَ الوريدُ
وَوُدٍّ بين شَيْخَيْنَا قَديم / على الأيام مَعْقدُهُ وَكيدُ
وَقُرْبَى نِحْلَتْي أدبٍ ورأْيٍ / بأبعدَ منهما قَرُبَ البعيدُ
وأنِّي لمْ يزل أمَلي قديماً / عَقيدَكَ ما تقدَّمَهُ عقيدُ
سَبَقْتُ به إليكَ لدنْ كلانا / وَليدٌ أوْ يُضارعه الوليدُ
وكان القلب يُؤنِسُ منك رُشْداً / ولَيْسَ بِكَاتِم الرشد الرَّشيدُ
ويشهدُ أنْ سَتَسْمُو للمعالي / فتبلُغَها فما كذب الشَّهِيدُ
فَمَالَكَ حَادَ عُرْفُ يديك عني / وما للعرف عن مثْلي مَحيدُ
ومَالي لا أزال لديْكَ أُحْبَى / حَباءً يُجْتَوَى منْه المزيدُ
دَهَانِي منْ جفائك ما دهاني / ولم يَكُ للزَّمَان به وَعيدُ
عذْرتُكَ لوْ عرفْتُكَ خارجيَّاً / طَريفَ المجْد ليس له تليدُ
فقلتُ رأى قَديمي فيه نَقْصٌ / فلست أحبُّه ما عادَ عيدُ
فَكَيْفَ ولستَ تَعْلَمُنِي عَلِيماً / بنقْص في قديمكَ يا سعيدُ
ألستَ المرْءَ والدُه حُميدٌ / وحسْبُكَ من سناءٍ لا أزيدُ
إذا هُمُ عَيَّدُوا عِيديْن في سَنَةٍ
إذا هُمُ عَيَّدُوا عِيديْن في سَنَةٍ / كانت بوجهك لي أيامُ تَعْييدِ
قالوا اسْتَهَلَّ هِلالُ الفطْر قلتُ لهم / وجْهُ الأمير هلالٌ غيرُ مفْقُودِ
بدا الهلالُ الذي اسْتقبْلتُ طَلْعَته / مُقابَلاً بهلالٍ منك مَسْعودِ
أجْدِدْ وأخْلِقْ كلا العيديْنِ في نِعَمٍ / تأبَى لهنَّ الليالي غير تجديدِ
إن قاد صنُوُكَ جَيْشَ العيدِ عُقْبَتَهُ / فما اخْتَلَلْتَ لفقْدِ الجيش في العيدِ
بلْ لوْ تَوَحَّدْتَ دون النَّاسِ كُلّهمُ / كنتَ الجميع وكانوا كالمواحِيدِ
عليك أُبَّهَةُ التأمِيرِ واقِعَةٌ / لا بالجنود ولا بالضُّمَّرِ القُودِ
أنتَ الأميرُ الذي ولَّتْهُ هِمَّتُهُ / بغير عهدٍ من السلطان معْهُودِ
ولايةً ليس يجْبي المالَ صاحِبُها / بل الرَّغِيبَيْنِ من حَمْدٍ وتَمجيدِ
هل الأميرُ سِوَى المُعْدِي بنائله / على عَداءِ صُرُوفِ البيض والسُّودِ
وأنتَ تُعْدِي عليها كلَّما ظَلَمَتْ / يا ابْنَ الكرام بِرِفْدٍ منك مَرْفُودِ
فَلْيصنع العَزْلُ والتَّأميرُ ما صنعا / فأنت ما عشْتَ والي إمْرَةِ الجُودِ
تِلْكَ الإمارةُ أعْلاها مُؤَمِّرُهَا / أنْ يملِكَ الناسُ منها حَلَّ مَعْقُودِ
عَطيَّةُ اللّه لا يَبْتَزُّهَا أحَدٌ / ليستْ كشيء مُعادٍ ثمَّ مَردُودِ
لو كنتَ أزمانَ وَأْدِ الناسِ ما وَأَدُوا / أحْيا سَماحُك فيهمْ كُلَّ مَوْؤودِ
فما يضرُّك ما دار الزمانُ به / وأنت حَالَيْكَ في سِرْبالِ مَحْسُودِ
هذا على أنه لا فَرْقَ بينكما / وَحُقَّ ذلك والعُودانِ من عُودِ
أضْحى أخوكَ على رَغْمِ العِدَا جَبَلاً / ينُوءُ منك بركْنٍ غير مَهْدودِ
تَظاهَرَانِ على تَقْوَى إلهِكُما / كلا الظَّهيرَيْنِ مَعْضُودٌ بمعضُودِ
فالشَّمْلُ مُجْتَمِعٌ والشِّكْلُ مؤْتَلِفٌ / والأزْرُ بالأزر مَشْدُودٌ بمشدودِ
والمِرتَّانِ إذا ما الْتَفَّتا وَفَتا / بمُسْتَمِرٍّ من الأمْراسِ مَمْسُودِ
ما زادَ كلُّ ظَهِيرٍ أمْرَ صاحِبهِ / بأمْرِهِ غير تَثْبِيتٍ وتأْبيدِ
كَلاً ولا زاد كلٌ مَجْدَ صاحبه / بمجدِهِ غير تَوْطِيدٍ وتشْيِيدِ
فالعِزُّ عِزُّكما والمجْدُ مَجْدُكما / ومَنْ أبَى ذاك مَوْطُوءُ اللَّغَاديدِ
كُلٌّ يرى لأخيه فَضْلَ سُؤْددِهِ / وكنْتُما أهْلَ تفْضِيلٍ وتَسْويدِ
مات التَّحاسُدُ والأضغانُ بَيْنَكما / فماتَ كلُّ حَسُودٍ موْتَ مَكْمُودِ
وَرُدَّ كلُّ تَميمٍ كان ينْفُثُهُ / راقي الوُشاةِ فَعَضُّوا بالجلاميدِ
لا زال شمْلَ اجْتِمَاعٍ شَمْلُ أمرِكما / وشمْلُ أمْر الأعادِي شَمْلَ تَبْدِيدِ
إن قِيلَ سَيْفَان يأبى الغِمْدُ جمْعَهُما / فأنْتُما مُنْصَلا سَلٍّ وتجْريدِ
لا تُحْوَجانِ إلى غِمْدٍ يضُمُّكما / كِلاكُما الدَّهرَ سَيْفٌ غير مغْمُودِ
مُجَرَّدانِ على الأعْداءِ قد رَغِبا / عن الجفُون إلى هامِ الصَّناديدِ
مُؤلَّفَان لنصر الله قد شُغِلا / عن التَّباغي بطاغُوتٍ ومِرِّيدِ
ما في الحُسَامَيْن مأمُورٌ بصاحبه / عليكما بِرِقابِ العُنَّدِ الحِيدِ
للسَّيْفِ عن قَطْعِ سَيْفٍ مثْلِهِ ذَكَرٍ / مَنْدُوحَةٌ في رقاب ذاتِ تَأْوِيدِ
فَلْيُعْنَ بِالمَثلِ المضْرُوب غَيْرُكما / فليس مَعْناكُما فيه بموْجُودِ
لا تَعْجَبَا من خِصَامي عنْكُما مَثَلاً / قدْ أبَّدَتْهُ الليالِي أيَّ تأبيدِ
هذا لِذاك وهذا بعْدهُ قَسَمٌ / بِمَشْهَدٍ من جَلال اللّه مشْهودِ
ما اليومُ يمْضي وعيني غَيْرُ فائزةٍ / بِحَظِّهَا منْك في عُمْري بِمعْدُودِ
لكِنْ تطاوَلَتِ الشكْوى بِقائدَتي / فكنتُ شهْراً وحالي حالُ مَصْفُودِ
شُغِلْتُ عنك بِعُوَّارٍ أكابِدُهُ / لا بالملاهي ولا ماءِ العَناقيدِ
ولو قَعَدْتُ بلا عذْرٍ لَمَهَّدَ لي / جَميلُ رَأيك عُذْري أيَّ تَمْهِيدِ
قاسيْتُ بعدَك لا قاسيَت مِثْلَهُما / نَهارَ شكْوى يُبَاري ليْلَ تَسْهِيدِ
أُمْسِي وأُصْبِحُ في ظَلْماءَ من بَصَري / فَما نَهَارِيَ مِنْ لَيْلي بمَحْدُودِ
كَأَنَّني منْ كِلا يَوْمِي وليْلَته / في سَرْمَدٍ من ظلام الليل ممدودِ
إذا سَمعتُ بِذِكْرِ الشمْسِ آسَفَنِي / فَصَعَّدَتْ زَفَراتي أيَّ تصْعِيدٍ
وليس فَقْدُ ضِياء الشمس أَجْزَعَني / بل فَقدُ وجهك أوْهَى رُكْنَ مَجْلُودي
لا يَطْمَئنُّ بجْنبِي لِينُ مُضْطَجَعٍ / وما فراشُ أخي شكْوى بممهودِ
أرْعى النُّجومَ وأنَّى لي بِرِعْيَتِهَا / وطَرَفُ عيْني في أسْرٍ وتَقْيِيدِ
وإنَّ مَنْ يَتَمَنَّى أن يُوَاتِيَهُ / رَعْيُ النُّجوم لَمَجْهُودُ المجاهيدِ
وضاقَت الأرْضُ بي طُرَّاً بما رَحُبَتْ / فصارَ حَظِّي منْها مِثْلَ مَلْحُودي
فلم تَكُنْ راحَتي إلا مُلاحَظَتي / إيَّاكَ عن فكْر قلْب جدِّ مَجْهُودِ
وكمْ دَعَوْتُك والعَزَّاءُ تَعْصبُني / وأنتَ غايةُ مَدْعَى كلِّ منْجُودِ
وقد تبدلتُ من بَلْواي عافيةً / بحمْد رَبٍّ على الحاليْنِ مَحْمُودِ
فافتح لعبدك بابَ العُذْر إنَّ لهُ / قدْماً بلُطفكَ باباً غير مسدُودِ
يا من إذا البابُ أعْيا فتْحُ مُقْفَلِهِ / ألقى الدُّهاةُ إليْه بالمقاليدِ
بنَجم رَأْيك تُجْلَى كُلُّ داجيةٍ / يُبَلَّدُ النجْمُ فيها كُلَّ تَبْلِيدِ
فإنْ تماريْتَ في عُذْري وَصحَّتِه / فاجْعَلْه غُفْرَانَ ذنْب غير مجْحُودِ
وما تعاقبُ إنْ عاقبْتَ من رَجُلٍ / بسَوْطه دُونَ سَوْط النَّقْم مَجْلُودِ
حسْبي بجُرْمي إلى نفْسي مُعاقبةً / إن كنتُ أطردْتُ نفسي غير مطرودِ
فإنْ عَفَوْتَ فما تنْفَكُّ مُرْتَهناً / شكْراً بتقليد نُعْمَى بعْدَ تقليدِ
تُطَوِّقُ المَنَّ يُوهي الطَّود مَحْملُهُ / وإنَّهُ لَخَفيفُ الطوْق في الجِيدِ
تَمُنُّ ثم تَفُكُّ المنَّ مجْتَهِداً / عن الرَقابِ فيأبى غيْرَ تَوْكِيدِ
وإن سطوْتَ فكَمْ قَوَّمْتَ ذا أَوَدٍ / تَقْوِيمَ لَدْنٍ من الخطِّيِّ أمْلُودِ
يا ابْنَ الأكارم خذْها مِدْحَةً صدرَتْ / عن موْرِدٍ لك صَافٍ غيْرِ موْرُودِ
لا فضْل فيه سِوَى ما أنْت مُفْضِلَهُ / فَشُرْبُ غيرك منْه شُرْبُ تَصْرِيدِ
مَكْنُونُ وُدٍّ تَوَخَّاك الضَّمِيرُ به / ولم يزاحِمْكَ فيه شِرْكُ مَوْدُودِ
تَوْحِيدُ مَدْحِك دون الناس كلِّهمُ / سِيَّانِ عنْدي وإخْلاصي وتوْحِيدي
وما قَصَدْتُ سِوَى حَظِّي ومَسْعَدَتي / ولسْت في ذاك محْفُوفاً بتَفْنِيدِ
أنت الذي كلَّما رُمْتُ المديح له / أجابني وضميري غيْرُ مَكْدُودِ
بَحْرِي بِبَحْرِك مَمْدُودٌ فحُقَّ له / ألّا يُرى الدَّهْرَ إلا غير مَثْمُودِ
أمْدَدْتَ شِعْري بأَمْدَادٍ مظاهَرَةٍ / من المناقب لا تُحْصَى بِتعديدِ
وما رَمَيْتُكَ من وُدِّي بخاطئةٍ / مِنِّي ولا فَلْتَةٍ عن غير تَسْدِيدِ
هذا الأميرُ أَتَتْهُ وهْو في كَنَفٍ
هذا الأميرُ أَتَتْهُ وهْو في كَنَفٍ / كاللَّيْل من عُدَدٍ ما شئْتَ أو عَدَدِ
من كلِّ مُسْتَعْذِبٍ لِلْموتِ دَيْدَنُهُ / بَزُّ الكُماة ولُبْسُ البيض والزَّرَدِ
مُعْتَادَةٌ قَنَصَ الأبْطال شِكَّتُهُ / يرى الطِّرادَ غداة الرَّوعِ كالطَّرَدِ
كأّنه اللَّيْث لا تَثْنِي عَزيمَتَهُ / إلّا عَزِيمتُهُ أو جُرْعةُ النَّفَدِ
ولم تزلْ طوْعَ كَفَّيْهِ يُصَرِّفُها / بين الأنام ولا تعْصِيه في أَحَدِ
حتى أتاه رسولُ الموت يُؤْذِنُهُ / أن البقاء لوَجْه الواحِد الصَّمَد
للَّه من هالِكٍ وافَى الحِمامُ بِهِ / أُخرَى الحياةِ وأخْرَى المجدِ في أمدِ
كم مُقْلَةٍ بعدَه عَبْرَى مُؤَرَّقَةٍ / كأَنما كُحِلَتْ سَمَّاً على رمدِ
جادتْ عليه فأغْنَتْ أن يُقال لها / يا عيْنُ جُودِي بدَمْعٍ منك مُطَّردِ
إنْ لا يكن ظُفُرُ الهَيْجَا مَنِيَّتَهُ / فأَكْرَمُ النَّبْتِ يَذْوِي غير مُحْتَصَدِ
أما ترى الغَرْسَ لا تَذْوي كَرائمُهُ / إلا على سُوقِها في سائر الأبدِ
لِمِيتةِ السِّيْفِ قَوْمٌ يشْرُفُونَ بها / لَيْسوا من المجْدِ في غاياتِه البُعَدِ
عزُّ الحياة وعزُّ الموْت ما اجْتَمعا / أسْنَى وأَبْنَى لِبَيْت العِزِّ ذي العُمُدِ
مَوْتُ السَّلامة للإنسان نَعْلَمُهُ / وإنَّما القِتْلةُ الشَّنْعاءُ للأَسَدِ
لم يُعْمِل السَّيْفَ ظُلماً في ضَرائبه / فلم يُسَلَّطْ عليه سيفُ ذي قَوَدِ
لا تَبْعَدَنَّ أبا العباس من مَلِكٍ / وإنْ نأيْتَ وإن أصْبحتَ في البَعَدِ
غادَرْتَ حوْضَ المنايا إذْ شَربْتَ بِهِ / عذْبَ المذاق كذوب الشَّهْد بالبَردِ
وإنَّ فَضْلَةَ كأْسٍ أنتَ مُفْضِلُها / لَذاتُ بَرْدٍ على الأحْشَاء والكَبدِ
ما متَّ بل مات أهلُ الأرْض كلُّهمُ / إذ بنتَ منْهم وكنت الروح في الجسدِ
فأنت أولى وإن أصْبحت في جَدَثٍ / بأن تُعَزَّى بأهل الوَعْث والجَدَدِ
كم من مصائبَ كان الدهرُ أخْلَقَها / أضحى بك النَّاسُ في أثوابها الجُدُدِ
من بين باكٍ له عينٌ تساعده / وبين آخر مَطْويٍّ على كمدِ
فَعَبْرَةٌ في حُدُور لا رُقُوء لها / وزفْرةٌ تملأ الأحْشاء في صَعَدِ
سوَّيْتَ في الحُزْن بين العالَمينَ كما / سوَّيْتَ بينهُم في العيشَة الرَّغَدِ
بثَثْتَ شَجْوَكَ فيهم إذ فُقدْتَ كما / بثثت رفْدَكَ فيهم غَيْر مُفْتَقَدِ
عَدْلا حياةٍ وموْتٍ منْك لو وُزِنا / هَذَا بهذَاك لم يَنْقُصْ ولم يَزدِ
قدْ كنتَ أَنْسَيْتَهُمْ أن يذْكُروا حَزَناً / فَاليوم ينْسَوْن ذكْرَ الصبْر والجلدِ
نَكَأْتَ منهم كُلُوماً كان يَكلِمُها / رَيْبُ الزمان فتأسوها بخَيْرِ يَدِ
عجبتُ للأرض لم تَرْجُفْ جوانبُها / وللجبال الرَّواسِي كيْفَ لمْ تَمِدِ
عجِبتُ للشمس لم تُكْسَفْ لمهْلِكِهِ / وهْوَ الضِّياء الذي لولاه لم تَقِدِ
هَلّا وَفَتْ كوفاء البدر فادَّرَعَتْ / ثوبَ الكُسُوف فلم تُشْرقْ على بلدِ
لا ظُلْمَ لَوْ شَاهَدَتْ من حال مَصْرَعه / ما شاهَدَ البدرُ لم تشرق ولم تَكَدِ
لك الهناء بمولودٍ أقَرَّ بهِ
لك الهناء بمولودٍ أقَرَّ بهِ / عَيْنَيْ أبي النَّجْم مَوْلَى كُلِّ تمجيدِ
وكان أهلاً لما يُولاهُ من حَسَن / بدرُ البدُور وصنْديدُ الصَّناديدِ
بدرٌ حباه بنَجمٍ من حباهُ بكمُ / يا آل وَهب بَني الغُرِّ الأماجيدِ
أعدَيْتَهُ بَرَكاتٍ منكَ في شُعَب / شتَّى من الأمْر حتَّى في المواليدِ
لما توالى لك النَّجْمان في نَسَقٍ / وافاهُ نجمٌ هَدى السَّارين في البيدِ
وكان دهراً عن الأذْكار مُنْغَلِقاً / فكان فَألُكَ من خير المقاليدِ
طَرَّقْتَ بابنيك لابْن جاءه سُرُحاً / واليُمْنُ صاحب تَطْريق وتمْهيدِ
كما تُطَرِّقُ بالآراء تَقْدَحُها / برأْيه فَتُلَقَّى كلَّ تَسديدِ
لقد جُمِعْتَ وإياه على قَدَرٍ / والحمدُ للّه أنْواعَ التَّحاميدِ
أضحى التَّلاؤم في الخيْرات بينكما / مثْلَ التلاؤم بين الرأس والجيدِ
فالجَدّ بالجدِّ مُؤْتَمٌّ يُماثِلُه / والرأْيُ بالرأي في نقْض وتَوْكيدِ
لا زال شَمْلَ اجتماع شَمْلُ أمرِكما / وشمْلُ أمْرِ الأعادي شمْلَ تبديدِ
وكلُّكُمْ فأدام اللّه نِعْمَتَهُ / إدامَةً بين إعْزاز وتأيِيدِ
فكلُّكُم يا بني وهْبٍ ذَوُو كرم / مُرَدَّدٌ في المعالي أيَّ تَرْديدِ
من كان أهْلاً لإمتاعٍ بدوْلَتِه / فأنْتُمُ أهْلُ إمتاع وتخليدِ
أصلحتُم الدين والدنيا بيُمْنِكُمُ / من بعد ما طال إفسادُ المناكيدِ
فالملْك في روضَةٍ منكمْ وفي عُرُسٍ / والدين في جُمْعَةٍ منكم وفي عِيدِ
لا تَحْمَدُوني أن جَوَّدْتُ مَدْحَكُمُ / فإنما قام تَشْييدٌ بِتوطيدِ
جوَّدْتُ فيكم كما أجْوَدْتُ أيدِيَكُمْ / ما حَمْدُ مُتْبِعِ أَجْوادٍ بِتَجوِيدِ
تُحكَى المكارمُ عنكمْ وهي شاهدةٌ / ليسَتْ بغَيب ولا تُحصى بتعديدِ
وما حِكاية شيْءٍ لا خَفاء به / جاء العيانُ فألْوَى بالأسانِيدِ
بل إنما قلتُ قَوْلي فيكُمُ مِقَةً / مِنِّي لكُمْ قبل شُكْرِي للمَرافيدِ
لاَ تَحْسَبُوني لشيء غيْرِ أنفُسِكُمْ / أُغْرَى بتجديدِ مَدْح بعْدَ تَجْدِيدِ
لكنْ كما راقَت القُمْرِيَّ جَنَّتُهُ / فظلَّ يُتْبِعُ تغْرِيداً بتغْريدِ
أحِبُّكمْ لحُلاكُم لا لأنْعُمِكُمْ / كلّا وإن أصبَحَتْ غوْثَ المجاهيدِ
ولينبَسِطْ لي عذري إن سألتُكُمُ / فإن دِينيَ فيكم دينُ توَحِيدِ
أفسدتُمُونِيَ لا إفْسَادَ تَنْحِيَةٍ / للخير عنِّيَ بلْ إفساد تَعْويدِ
وزهَّدتْني أياديكُمْ وفضْلُكُمُ / في كل شيء سواها كل تزهيدِ
تاللّه أسألُ قوماً غيركم صَفَداً / يا أعْيُنَ الماء في دهْر الجلاميدِ
وما اعْتَفَيْتُكُمُ إلا بِتَجْربَةٍ / إذا اعتفى القومَ عافيهِمْ بتقليدِ
نِسْبَتُهُ كاذبةٌ كاسْمِهِ / سُمِّيَ بالخلْدِ ولن يَخْلُدا
كذاك قالوا قحْطَبِيٌّ ولمْ / يولد لطائيٍّ ولنْ يُولدا
عيدٌ تَنافستِ الأيامُ زينَتَه
عيدٌ تَنافستِ الأيامُ زينَتَه / واستشرفتْه بأبصارٍ وأجيادِ
طلعْتَ فيه طلوع البدر وافقه / طلوعُ سعدٍ فوافاه لميعادِ
في موكب ظلَّت الدنيا تَشيم به / مَخيلةٌ ذات إبراقٍ وإرعادِ
وقْعُ الكرُاعِ ولمْعُ البيض يوقِدُهُ / لألاءُ وجهك فيه أيَّ إيقادِ
للّه ذلك من عيدٍ لقد وثِقتْ / فيه النفوس بركنٍ غير مُنْآدِ
في مِثله عَلِم الجُهّال بعد عمىً / أن الخلافة مُرساةٌ بأوتادِ
أرْهبْتَ فيه عُداة المُلك فانقلبوا / منه بأقلق أحشاءٍ وأكبادِ
فاسْعدْ به وبأعيادٍ تُعمّرها / في ظل عيشٍ ورَيقِ العُود مَيَّادِ
يا أكرم الناس دون الناس كُلِّهمُ / وليس ذلك من قِيلي بإبعادِ
نفسي فداؤك بل نفسي وأسْرَتُها / بل كلُّ نفس وما أَغلى بك الفادي
من كان يُهدِي على العمياء مِدْحَتَهُ / إهداءَ مستسلم للظن منقادِ
فما امتدحتُك إلا بعد ألسنةٍ / ولا انتجعتُك إلا بعد رُوَّادِ
إليك ساقَ تِجَارُ الحمد عِيرهُمُ / يُنْفدْنَ أسدادَ ليلٍ بعد أسدادِ
لهم بوجهِك هادٍ من أمامِهِمُ / ومن رجائك حادٍ أيُّما حادي
على سَوَاهِمَ يذرَعْنَ الفلا عَنقَاً / بأذرعٍ شَدَنِيَّاتٍ وأعضادِ
تَطْنِي الفلا مُثْقَلاتٍ وُسْعَ طاقتها / من الثناء مُخِفَّاتٍ من الزادِ
مُعَوّلاتٍ على غيثٍ تَيَمَّمُهُ / ما آب رائدُهُ إلا بإحمادِ
كلتا يديك يمينٌ لا شمال لها / مخلوقتان لأمجادٍ وإنجادِ
يدانِ لا يَفْتُرانِ الدهرَ من صفدٍ / يغني فقيراً ولا مِن فَكِّ أصفادِ
إن دام جودُك أنْزَفْنا قَرائحنا / بعد الجُمُوم وآذَنّا بإنفادِ
تُعْطِي الجزيل بلا وعدٍ تُقدِّمه / ولا تعاقبُ إلا بعد إيعادِ
تبني مكارم مُرْساةً قواعدها / على مكارم آباءٍ وأجدادِ
يا آل طاهرٍ الأعلين مَرْتبةً / لازلتُمُ رغم أعداءٍ وحسّادِ
أمسى مُجاوركم يأوِي إلى جبل / صعبِ المراقي ويرعى جانبَيْ وادي
من عاث في الأرض إفساداً فإنكُمُ / بدَّلتُمُ الأرض إصلاحاً بإفسادِ
أنتم بنو ذي اليمينين الذي هَجْعَتْ / به السيوفُ وعادت ذات أغمادِ
مُسَوَّمينَ بسيما اليُمْنِ في غُررٍ / مولودةٍ بنجومٍ غير أنكادِ
أجْلت لنا منكُمُ الأيام عن خَلَفٍ / حُكَّامِ فصلٍ وأبطالٍ وأجوادِ
من نجم رأيٍ ومن بحرٍ له فجرٌ / على العفاةِ ومن ضِرغامةٍ عادي
فكلما نزلت بالناس نازلةٌ / ألْفَتْ لها راصداً منكم بمرصادِ
لكم مَقامان شتى طال ما ضَمِنَا / طيَّ الكُشوحِ على شكرٍ وأحقادِ
يفديكُمُ الناس إذ تفدون أنفسهم / منكُم بأفضل أرواحٍ وأجسادِ
في كلِّ هيجاء تُكنَى من فظاعتها / أمَّ الدهاريس أو تُدعى بِعصْوادِ
كم فيكُمُ من شديد الدَّرْء يومئذٍ / يَصْلى الوغى بشهابٍ منه وقادِ
يغشى صدورَ العوالي دون حوْزته / بصدر حرٍّ عن السوآت محيادِ
هذا ثنائي وهاتيكُم مناقبُكم / بأعين الناس ما أبْعدتُ إشهادي
تَحَمَّدتْ بكُمُ الأيامُ فانكفأتْ / بعد الشكاةِ بحمدٍ حاضرٍ بادي
ما حيدَ بالناس عن منهاج مكرمةٍ / إلا هَدَاكُمْ إلى منهاجِها هادِي
فابقوا بقاءَ مساعيكُمْ فقد بَقِيتْ / منهن أطوادُ مجدٍ فوق أطوادِ
قالت أَتَرحلُ والمَشْتاةُ قد حَضَرتْ
قالت أَتَرحلُ والمَشْتاةُ قد حَضَرتْ / فقلتُ مِثْليَ في أمثالها انْجَرَدَا
بُنيَّ قد قعد الدهر الخؤون بنا / وليس مثليَ في أمثاله قَعَدا
قالت أَتَنْتَجِع العباس قلتُ لها / بل الطليقَ مُحيَّاً والجَوادَ يدا
ذاك اسمُه وله معنىً يخالِفُه / إلا إذا هو سيمَ الضَّيم والضَّمَدا
هناك سَمِّيهِ عباساً إذا حَميتْ / منه الحُميَّا وكنِّيهِ إذا رفدا
ما زال لِلْفضلِ بَذَّالا كَكُنيتِهِ / لا يَرحمُ المال حتى يَبلغَ النَّقَدَا
وبالمُعادين صَوَّالا يغادرهمْ / صَرْعى وإن هو لاقَى جَمْعَهم وَحَدا
مما تراه لعافيهِ وشانئهِ / يروحُ غَيْثاً ويغدو تارة أسدا
كم من أناسٍ رَجَوا مَسْعَاته ركضوا / ثم انثنوا قد وَنَوا واستَبْعدوا الأمدا
قالت أليس الفتى القاشيّ قلتُ لها / بل الفتى الواضحُ المحمودُ منتقَدا
قالت صَدَقتَ ولكن هذه سمةٌ / مثل المَعاذةِ تَثْنِي عينَ من حسدا
معاذةُ اللّه ألقاها على رجلٍ / حفظاً له ودفاعاً عنه مُعْتَمدا
واللَّه حلّاه إياها ليحْمِيَهُ / عيناً تصيب وكفّاً تعقد العُقدا
يا من غدا مالُه في الناس مُشتَركاً / ومن توحَّد بالمعروفِ وانفردا
ومن تحلّى من الآداب أحسنها / فما يرى أحدٌ في ظَرفِهِ أحدا
أشكو إليك خطوباً قد بَعِلْتُ بها / لم تَتَّركْ سَبَداً عندي ولا لَبَدا
بيني وبينَك أسبابٌ أَمُتُّ بها / لو رُمت إحصاءها لم أحْصها عددا
وأنت أذْكَرْتنيها حين أذهلني / دهرٌ أكابدُ منه صاحباً نَكِدا
وقد وَعْدت بفكي من شدائده / وعداً فأنْجَزَ حرُّ القوم ما وعدا
إن لا يكن بيننا قُرْبى فآصِرةٌ / للدين يقطع فيها الوالدُ الولدا
مقالةُ العدل والتوحيد تجمعنا / دون المُضاهين من ثَنَّى ومن جحدا
وبين مُستطرِفَيْ غيٍّ مرافقةٌ / ترعى فكيف اللذان استطرفا رشدا
كن عند أخلاقك الزهر التي جُعلت / عليك موقوفةً مقصورةً أبدا
ما عذرُ مُعتزليٍّ مُوسِرٍ مَنَعتْ / كفَّاهُ مُعتزليَّاً مُقتراً صَفدا
أيزعمُ القَدرَ المحتومَ ثبّطه / إن قال ذاك فقد حَلّ الذي عقدا
أم ليس مستأهِلاً جدواه صاحِبُهُ / أنَّى وما حاد عن قصدٍ ولا عَنَدا
أم ليس يُمْكِنُه ما يرتضيه له / يكفي أخاً من أخٍ ميسورُ ما وَجدا
لا عُذرَ فيما يُريني الرأيَ أعلمُهُ / للمرء مثلك أن لا يأتِيَ السدَدَا
قد كنتُ مضطلعاً بالصيْف محتمِلاً / تلك السَّمومَ وطوْراً ذلك الومدا
ولا وربِّك مالي بالشتاء يدٌ / وقد أتاني يسوق الصِّرَّ والجَمدا
وخلْفَ ظهريَ من لا يرتجي أحداً / سواك للدهر إلا الواحدَ الصمدا
جاء الشتاء ولم يُعْدِدْ أخوك له / يا ابن الأكارم إلا الشمس والرِعَدا
أستغفر اللّه من حُوبٍ نطقتُ به / بل أنت لي عُدّةٌ تكفيني العُددا
فاعطف علينا وألبسْنا معاً كنَفاً / من ريشك الوَحْف تنفي البؤس والصَّردا
إني أنا المرءُ إن نفَّلتَه نَفَلاً / فلست تعدم منه الشكرَ ما خلدا
وإن أثرتَ إلى تقليده عملاً / يُعْيي الرجال بلوْتَ الحزْمَ والجلدا
لا تحرمن امرءاً ساق الرجاءُ به / وقد تَسلّف من جيرانه الحسدا
وكنتَ قدْماً يرى الراؤون كلُّهُم / رجاء راجيك مالاً حِيزَ مُنتقدا
بان الشباب حميداً ما ذممتُ له
بان الشباب حميداً ما ذممتُ له / عهداً ولا ذُمَّ ما زودتُ من زادِ
وكان واللهوُ مقرونين في قَرَنٍ / فانبتَّ حبلُهُما مني لميعادِ
وقد تخايلتُ في سرباله عُصُراً / أعود فيه من اللذات أعيادي
إذ للشباب حِبالاتٌ أصيدُ بها / وغِرَّةٌ تدَّرِي وحشي لمصطادي
أُصبي الفتاة وتُصبيني الفتاةُ به / كلا الحبيبين منقاد لمنقادِ
لكنه يستزيد منها
لكنه يستزيد منها / ما وجد السعْي مُستزادا
فعل امرىءٍ للعلا كَسوبٍ / يرى العلا خير ما استفادا
يمضي على نهج أوَّلِيهِ / مشمِّراً يطلُع النِّجادا
وما علا شأنه لِجُودٍ / كلّا ولكن علا فجادا
مثل السماء التي استقلت / فأصبحت تمطر البلادا
لم يُعلها السَّقْي بل تعالت / من قبل أن تسقي العبادا
شرَّفها بالعلوِّ بانٍ / لم يتكلّف لها عمادا
فأحدثتْ للإله شكراً / بسَقْي من تحتَها العِهادا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025