المجموع : 54
يا راحلينَ وهم في القَلب سكّانُ
يا راحلينَ وهم في القَلب سكّانُ / هَل غَيرُ قَلبي لكم مأوى وأَوطانُ
خذوا من الأَرض أَنّى شئتم نُزُلاً / فأَنتم في سويدا القَلب قُطّانُ
وأَنتَ يا حاديَ الظُعن الَّتي ظعنت / فيها العشيَّةَ أَقمارٌ وأَغصانُ
باللَه إِن لم يكن بدٌّ لمن ظعنوا / من منزل بالحِمى تأويه أَظعانُ
فعُج بشرقيِّ وادي الرَمل من إضم / حيثُ الغضا والأَضى والرندُ والبانُ
لعلَّهم أَن يَحلّوا منه منزلةً / كانوا يحلُّونها والدهرُ جَذلانُ
أَيّامَ أَختالُ في برد الصِبا مَرَحاً / والعمرُ غضٌّ وصفو العيش فَينانُ
لا أَوحشَ اللّهُ من ناءٍ تؤرِّقُني / ذكراه وهو خليُّ البال وَسنانُ
أَذوى وَريق شَبابي بعدَه ظمأٌ / وَغصنُه من مياهِ الحُسن ريّانُ
حَيّا به اللَهُ يَوماً روحَ عاشقه / فإنَّما هو للأَرواح رَيحانُ
قد جلَّ في حُسنه عن أَن يقاسَ به / ظبيٌ وَبَدرٌ وأَغصانٌ وكثبانُ
لِلَّه كَم فيه مِن حُسنٍ يُدِلُّ به / لو كانَ يشفعُ ذاك الحسنَ إِحسانُ
يا عاذلي في هَواه لا ترم شططاً / دَعني فعذلُك شانٌ والهوى شانُ
وَاللَه ما جادَل العذالَ عاشقُه / إلّا وقام له بالحسنِ بُرهانُ
وأَين من سمعيَ اللاحي وزُخرفُهُ / ولي من الحُبِّ سُلطانٌ وَشيطانُ
وَلَيلةً بات بَدري وهو مُعتنقي / فيها سُروراً وبدرُ الأُفق غَيرانُ
فظلَّ يَنقَعُ من قَلبي غَليلَ جوىً / إذ كانَ من قبل إِعراضٌ وهجرانُ
حتّى بدا الفَجرُ فاِرتاعت كواكبُها / كأَنَّها نَقَدٌ وَالفَجرُ سرحانُ
فَقامَ يَثني قواماً زانَه هَيَفٌ / كأَنَّه بِمُدام الوصل نَشوانُ
وَراحَ وَالدَمعُ من أَجفانِه دُرَرٌ / وَرحتُ والدَمعُ مِن جفنيّ عِقيانُ
لِلَّه أَزمانُ وَصلٍ قد مَضَت وقضت / أَن لا تَعودَ بها ما عشتُ أَزمانُ
مرَّت فَلَم يَبقَ لي إلّا تذكُّرُها / وذكرُ ما قد مَضى للوجد عنوانُ
فَيا زَمانَ اللِوى حيِّيتَ من زَمَنٍ / ولا أَغبَّ اللِوى وَالسَفحَ هتّانُ
أَمعلنَ النَوح في أَغصانِه شجناً
أَمعلنَ النَوح في أَغصانِه شجناً / خفِّض عليك فقد أَودى بك الشجنُ
هَذي غصونُك لا تنفكُّ مائسةً / وَذاكَ إِلفُكَ لم يَعصِف به الزَمَنُ
فَكَيفَ بي لا أَزالُ الدهرَ منفرداً / جافي المضاجِع لا إِلفٌ ولا سَكَنُ
ألوى بحادثِ عَهدي حادِثٌ جللٌ / وَشفَّني مِن زَماني الهمُّ والحَزَنُ
وَاللَّه لَو رمتُ في غَرامي
وَاللَّه لَو رمتُ في غَرامي / إِلزامَ من عنه قد نَهاني
أَقمتُ من حاجبَي حبيبي / عليه بُرهانا اِقتراني
يَقول تفّاحُنا الزاهي بنضرته
يَقول تفّاحُنا الزاهي بنضرته / وَقَد جنته يَدُ الجاني من الفَنَنِ
وَقلَّدته يدُ الحسناءِ عاتقَها / ما أبتُ من غُصنٍ إلّا إلى غصنِ
نأى ففرَّق بين الطَرف والوسن
نأى ففرَّق بين الطَرف والوسن / وَأَلَّف البينُ بين القَلب والحزنِ
فَيا رفيقيَّ لا أَعداكما شجني / بِاللَه ربِّكما عُوجا على سكني
وَعاتباه لعلَّ العتبَ يعطفُهُ /
وأَنشدا من نسيبي أَو نسيبكما / وكنّيا عن غَرامي في نشيدكما
فإن صَبا فاِذكراني لا رُزئتكما / وعرِّضا بي وقولا في حديثكما
ما بالُ عبدك بالهجران تُتلفُهُ /
اِرحَمه من عبرات فيك واكفةٍ / ومهجة بغليل الوَجدِ لاهفة
شَوقاً لأَيّام أنس منك سالفةٍ / فإن تبسَّم قولا في ملاطفَة
ما ضرَّ لو بوصالٍ منك تسعفهُ /
وَهُوَ الَّذي بك طولَ الدهر مكتئبُ / وَقَلبُه بسعير الهجر يلتَهِبُ
فإن تعطَّف فهو القصد والأربُ / وإِن بدا لكما من وجهه غَضَبُ
فغالِطاهُ وَقولا لَيسَ نعرفُهُ /
اِنظر إِلى الفَحم فيه الجَمرُ متَّقدٌ
اِنظر إِلى الفَحم فيه الجَمرُ متَّقدٌ / كأَنَّه بحرُ مسكٍ موجُه الذهبُ
الحَمدُ لِلَّه حَمداً دائماً أَبَدا
الحَمدُ لِلَّه حَمداً دائماً أَبَدا / عَلى اِجتماعٍ به صُبح الرَجاءِ بَدا
ما كُنتُ أَحسبُ أَنَّ الشملَ مُنتظمٌ
ما كُنتُ أَحسبُ أَنَّ الشملَ مُنتظمٌ / حتّى أَتيتُ نظامَ الدين والجودِ
أَهَكَذا دَوحةُ العَلياء تَنقصِفُ
أَهَكَذا دَوحةُ العَلياء تَنقصِفُ / وَهَكَذا الشَمسُ في الآفاقِ تنكسِفُ
وَهَكَذا ظُبَةُ الماضي تُفلُّ شَباً / من بعد ما زانَها الإمضاءُ والرَهفُ
وَهَكَذا بهجةُ العليا وَنضرَتها / يزري بمُشرقِها الإظلامُ والسَدَفُ
وَهَكَذا دُرَّةُ المجد الأثيل غَدَتِ / يضمُّها بعدَ حُسنٍ الحليةِ الصَدفُ
لِلَّه أَيَّةُ روحٍ فارقَت جَسَداً / وأَيُّ جثمانِ عزٍّ ضمَّه جَدَفُ
يا قُرَّةً لعيونِ المجد قد سَخنَت / بَكى لَها الأَشرَفان المَجدُ والشرفُ
نَفسي الفِداءُ لمقتولٍ على ظمأٍ
نَفسي الفِداءُ لمقتولٍ على ظمأٍ / لَم يُسقَ إلّا بحدِّ البيضِ والأَسلِ
نَفسي الفداءُ له من هالكٍ هلكت / له الهدايةُ من علمٍ ومن عملِ
قَرَّت به أَعينُ الأَعداءِ شامتةً / وأسخِنَت أَعينُ الأَملاكِ والرُسلِ
أَفديه مستنصراً قد قلَّ ناصرُه / وَمُستَضاماً قَليلَ الخيل والخَولِ
يا صرعةً صُرِعَت شمُّ الأنوف بها / وأَصبحَ الدينُ منها عاثِرَ الأَمَلِ
قد أثكلَت بضعةَ المختارِ فاطمةً / وأَوجَعت قلب خَيرِ الأوصياءِ علي
تاريخُ خَتمي لأنوار الرَبيع أَتى
تاريخُ خَتمي لأنوار الرَبيع أَتى / طيبُ الخِتام فَيا طُوبى لمُختَتمِ
يا متعباً بنقوشِ الخَطِّ أَنملَه
يا متعباً بنقوشِ الخَطِّ أَنملَه / وَساهرَ اللّيلِ لَم يَرقُد وَلَم يَنَمِ
دَع عَنكَ ما راحَت الأَقلام تنقشُهُ / في صَفحةِ السيفِ ما يُغني عنِ القلمِ
فارقتُ مكّةَ والأقدارُ تُقحِمُني
فارقتُ مكّةَ والأقدارُ تُقحِمُني / وَلي فؤادٌ بها ثاوٍ مَدى الزَمنِ
فارقتُها لا رضىً منّي وقد شهدَت / بذاكَ أَملاكُ ذاك الحِجر والرُكُنِ
فارقتُها وبودّي إذ فَرَقتُ بها / لَو كانَ قد فارَقت روحي بها بَدَني
قامَت تُديرُ سُلافاً من مُراشِفها
قامَت تُديرُ سُلافاً من مُراشِفها / حَبابُها لؤلؤ الثَغرِ الجمانيِّ
في لَيلَةٍ من أَثيثِ الشعر حالكةٍ / منها دَجا حندسُ اللَيل الدَجوجيِّ
تُريك إِن أَسفرَت غرّاءَ مائسةً / بدرَ السماء على أَعطافِ خَطيِّ
من أَينَ للظَبي أَن يَحكي ترائِبَها / وَلَو تشبَّه ما حاكٍ بمحكيِّ
كَم لَوعَةٍ بتُّ أُخفيها وأُظهِرُها / فيها وسِرُّ التَصابي غيرُ مَخفيِّ
أَما وَصَعدَةِ قدٍّ مِن مَعاطِفها / وعَضبِ لَحظٍ نضَتهُ هِندوانيِّ
ما إِن عذلت على حُبّي الفؤادَ لها / إلّا وَجاءَ بعُذرٍ فيه عُذريِّ
وافَت فأَذكَت هُموماً غير خامدة / وأذكرتني عَهداً غيرَ مَنسيِّ
يا حبَّذا نظرةً هام الفؤادُ بها / أَزرَت وعينيكَ بالظَبي الكناسيِّ
لَقَد نعمتُ بِوَعدٍ منك مُنتَظَرٍ / وَنائِلٍ مِن نظامِ الدين مَقضيِّ