المجموع : 84
هارونُ يا خَيرَ مَن يُرَجّى
هارونُ يا خَيرَ مَن يُرَجّى / لَم يُطِع اللَهَ مَن عَصاكا
لَو كانَ بَعدَ النَبِيِّ وَحيٌ / إِلى وَلِيٍّ لَكُنتَ ذاكا
فَحواكَ عَينٌ عَلى نَجواكَ يا مَذِلُ
فَحواكَ عَينٌ عَلى نَجواكَ يا مَذِلُ / حَتّامَ لا يَتَقَضّى قَولُكَ الخَطِلُ
وَإِنَّ أَسمَجَ مَن تَشكو إِلَيهِ هَوىً / مَن كانَ أَحسَنَ شَيءٍ عِندَهُ العَذَلُ
ما أَقبَلَت أَوجُهُ اللَذّاتِ سافِرَةً / مُذ أَدبَرَت بِاللِوى أَيّامُنا الأُوَلُ
إِن شِئتَ أَلّا تَرى صَبراً لِمُصطَبَرٍ / فَاِنظُر عَلى أَيِّ حالٍ أَصبَحَ الطَلَلُ
كَأَنَّما جادَ مَغناهُ فَغَيَّرَهُ / دُموعُنا يَومَ بانوا وَهيَ تَنهَمِلُ
وَلَو تَراهُم وَإِيّانا وَمَوقِفَنا / في مَأتَمِ البَينِ لِاِستِهلالِنا زَجَلُ
مِن حُرقَةٍ أَطلَقَتها فُرقَةٌ أَسَرَت / قَلباً وَمِن غَزَلٍ في نَحرِهِ عَذَلُ
وَقَد طَوى الشَوقَ في أَحشائِنا بَقَرٌ / عَينٌ طَوَتهُنَّ في أَحشائِها الكِلَلُ
فَرَغنَ لِلسِحرِ حَتّى ظَلَّ كُلُّ شَجٍ / حَرّانَ في بَعضِهِ عَن بَعضِهِ شُغُلُ
يُخزي رُكامَ النَقا ما في مَآزِرِها / وَيَفضَحُ الكُحلَ في أَجفانِها الكَحَلُ
تَكادُ تَنتَقِلُ الأَرواحُ لَو تُرِكَت / مِنَ الجُسومِ إِلَيها حَيثُ تَنتَقِلُ
طُلَّت دِماءٌ هُريقَت عِندَهُنَّ كَما / طُلَّت دِماءُ هَدايا مَكَّةَ الهَمَلُ
هانَت عَلى كُلِّ شَيءٍ فَهوَ يَسفِكُها / حَتّى المَنازِلُ وَالأَحداجُ وَالإِبِلُ
بِالقائِمِ الثامِنِ المُستَخلَفِ اِطَّأَدَت / قَواعِدُ المُلكِ مُمتَدّاً لَها الطِوَلُ
بِيُمنِ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ لا أَوَدٌ / بِالمُلكِ مُذ ضَمَّ قُطرَيهِ وَلا خَلَلُ
يَهني الرَعِيَّةَ أَنَّ اللَهَ مُقتَدِراً / أَعطاهُمُ بِأَبي إِسحاقَ ما سَأَلوا
لَو كانَ في عاجِلٍ مِن آجِلٍ بَدَلٌ / لَكانَ في وَعدِهِ مِن رِفدِهِ بَدَلُ
تَغايَرَ الشِعرُ فيهِ إِذ سَهِرتُ لَهُ / حَتّى ظَنَنتُ قَوافيهِ سَتَقتَتِلُ
لَولا قَبولِيَ نُصحَ العَزمِ مُرتَحِلاً / لَراكَضاني إِلَيهِ الرَحلُ وَالجَمَلُ
لَهُ رِياضُ نَدىً لَم يُكبِ زَهرَتَها / خُلفٌ وَلَم تَتَبَختَر بَينَها العِلَلُ
مَدى العُفاةِ فَلَم تَحلُل بِهِ قَدَمٌ / إِلّا تَرَحَّلَ عَنها العَثرُ وَالزَلَلُ
ما إِن يُبالي إِذا حَلّى خَلائِقَهُ / بِجودِهِ أَيَّ قُطرَيهِ حَوى العَطَلُ
كَأَنَّ أَموالَهُ وَالبَذلُ يَمحَقُها / نَهبٌ تَعَسَّفَهُ التَبذيرُ أَو نَفَلُ
شَرَستَ بَل لِنتَ بَل قانَيتَ ذاكَ بِذا / فَأَنتَ لا شَكَّ فيكَ السَهلُ وَالجَبَلُ
يَدي لِمَن شاءَ رَهنٌ لَم يَذُق جُرَعاً / مِن راحَتَيكَ دَرى ما الصابُ وَالعَسَلُ
صَلّى الإِلَهُ عَلى العَبّاسِ وَاِنبَجَسَت / عَلى ثَرىً حَلَّهُ الوَكّافَةُ الهُطُلُ
ذاكَ الَّذي كانَ لَو أَنَّ الأَنامَ لَهُ / نَسلٌ لَما راضَهُم جُبنٌ وَلا بَخَلُ
أَبو النُجومِ الَّتي ما ضَنَّ ثاقِبُها / أَن لَم يَكُن بُرجُهُ ثَورٌ وَلا حَمَلُ
مِن كُلِّ مُشتَهَرٍ في كُلِّ مُعتَرَكٍ / لَم يُعرَفِ المُشتَري فيهِ وَلا زُحَلُ
يَحميهِ لَألاؤُهُ أَو لَوذَعِيَّتُهُ / مِن أَن يُذالَ بِمَن أَو مِمَّنِ الرَجُلُ
وَمَشهَدٍ بَينَ حُكمِ الذُلِّ مُنقَطِعٌ / صاليهِ أَو بِحِبالِ المَوتِ مُتَّصِلُ
ضَنكٍ إِذا خَرِسَت أَبطالُهُ نَطَقَت / فيهِ الصَوارِمُ وَالخَطِّيَةُ الذُبُلُ
لا يَطمَعُ المَرءُ أَن يَجتابَ غَمرَتَهُ / بِالقَولِ ما لَم يَكُن جِسراً لَهُ العَمَلُ
جَلَّيتَ وَالمَوتُ مُبدٍ حُرَّ صَفحَتِهِ / وَقَد تَفَرعَنَ في أَوصالِهِ الأَجَلُ
أَبَحتَ أَوعارَهُ بِالضَربِ وَهوَ حِمىً / لِلحَربِ يَثبُتُ فيهِ الرَوعُ وَالوَهَلُ
آلُ النَبِيِّ إِذا ما ظُلمَةٌ طَرَقَت / كانوا لَنا سُرُجاً أَنتُم لَها شُعَلُ
يَستَعذِبونَ مَناياهُم كَأَنَّهُمُ / لا يَيأَسونَ مِنَ الدُنيا إِذا قُتِلوا
قَومٌ إِذا وَعَدوا أَو أَوعَدوا غَمَروا / صِدقاً ذَوائِبَ ما قالوا بِما فَعَلوا
أُسدُ عَرينٍ إِذا ما الرَوعُ صَبَّحَها / أَو صَبَّحَتهُ وَلَكِن غَابُها الأَسَلُ
تَناوَلُ الفَوتَ أَيدي المَوتِ قادِرَةً / إِذا تَناوَلَ سَيفاً مِنهُمُ بَطَلُ
لِيَسقَمِ الدَهرُ أَو تَصحِح مَوَدَّتُهُ / فَاليَومَ أَوَّلَ يَومٍ صَحَّ لي أَمَلُ
أَدنَيتُ رَحلي إِلى مُدنٍ مَكارِمَهُ / إِلَيَّ يَهتَبِلُ اللَذ حَيثُ أَهتَبِلُ
يَحميهِ حَزمٌ لِحَزمِ البُخلِ مُهتَضِمٌ / جوداً وَعِرضٌ لِعِرضِ المالِ مُبتَذِلُ
فِكرٌ إِذا راضَهُ راضَ الأُمورَ بِهِ / رَأيٌ تَفَنَّنَ فيهِ الرَيثُ وَالعَجَلُ
قَد جاءَ مِن وَصفِكَ التَفسيرُ مُعتَذِراً / بِالعَجزِ إِن لَم يُغِثني اللَهُ وَالجُمَلُ
لَقَد لَبِستَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها / حَلياً نِظاماهُ بَيتٌ سارَ أَو مَثَلُ
غَريبَةٌ تُؤنِسُ الآدابُ وَحشَتَها / فَما تَحُلُّ عَلى قَومٍ فَتَرتَحِلُ
قُل لِاِبنِ طَوقٍ رَحى سَعدٍ إِذا خَبَطَت
قُل لِاِبنِ طَوقٍ رَحى سَعدٍ إِذا خَبَطَت / نَوائِبُ الدَهرِ أَعلاها وَأَسفَلَها
أَصبَحتَ حاتِمَها جوداً وَأَحنَفَها / حِلماً وَكَيِّسَها عِلماً وَدَغفَلَها
مالي أَرى الحُجرَةَ الفَيحاءَ مُقفَلَةً / عَنّي وَقَد طالَما اِستَفتَحتُ مُقفَلَها
كَأَنَّها جَنَّةُ الفِردَوسِ مُعرِضَةً / وَلَيسَ لي عَمَلٌ زاكٍ فَأَدخُلَها
لا نالَكَ العَثرُ مِن دَهرٍ وَلا زَلَلُ
لا نالَكَ العَثرُ مِن دَهرٍ وَلا زَلَلُ / وَلا يَكُن لِلعُلا في فَقدِكَ الثُكَلُ
لا تَعتَلِل إِنَّما بِالمَكرُماتِ إِذا / أَنتَ اِعتَلَلتَ تُرى الأَوجاعُ وَالعِلَلُ
تَضاءَلَ الجودُ مُذ مُدَّت إِلَيكَ يَدٌ / مِن بَعضِ أَيدي الضَنى وَاِستَأسَدَ البَخَلُ
لَم يَبقَ في صَدرِ راجي حاجَةٍ أَمَلٌ / إِلّا وَقَد ذابَ سُقماً ذَلِكَ الأَمَلُ
بَينا كَذَلِكَ وَالدُنيا عَلى خَطَرٍ / وَالعُرفُ فيكَ إِلى الرَحمَنِ يَبتَهِلُ
وَأَعيُنُ الخَلقِ تُعطي فَوقَ ما سُئِلَت / عَلَيكَ وَالصَبرُ يُعطى دونَ ما يَسَلُ
حَبا بِكَ اللَهُ مَن لَولاكَ لَاِنبَعَثَت / فيهِ اللَيالي وَمِنها الوَخدُ وَالرَمَلُ
سُقمٌ أُتيحَ لَهُ بُرءٌ فَذَعذَعَهُ / وَالرُمحُ يَنآدُ حيناً ثُمَّ يَعتَدِلُ
وَحالَ لَونٌ فَرَدَّ اللَهُ نَضرَتَهُ / وَالنَجمُ يَخمِدُ شَيئاً ثُمَّ يَشتَعِلُ
أَجرٌ أَتاكَ وَلَم تَعمَل لَهُ وَبَلاً / فِكرُ المُقيمِ عَلى تَوحيدِهِ عَمَلُ
ما لي بِعادِيَةِ الأَيّامِ مِن قِبَلِ
ما لي بِعادِيَةِ الأَيّامِ مِن قِبَلِ / لَم يَثنِ كَيدَ النَوى كَيدي وَلا حِيَلي
لا شَيءَ إِلّا أَباتَتهُ عَلى وَجَلٍ / وَلَم تَبِت قَطُّ مِن شَيءٍ عَلى وَجَلِ
قَد قَلقَلَ الدَمعَ دَهرٌ مِن خَلائِقِهِ / طولُ الفِراقِ وَلا طولٌ مِنَ الأَجَلِ
سَلني عَنِ الدينِ وَالدُنيا أُجِبكَ وَعَن / أَبي سَعيدٍ وَفِقدَيهِ فَلا تَسَلِ
مَن كانَ حَليَ الأَماني قَبلَ ظَعنَتِهِ / فَصِرتُ مُذ سارَ ذا أُمنِيَّةٍ عُطُلِ
نَأيُ النَدى لا ثَنائي خُلَّةً وَهَوىً / وَالفَجعُ بِالمَجدِ غَيرُ الفَجعِ بِالغَزَلِ
لَئِن غَدا شاحِباً تَخدي القِلاصُ بِهِ / لَقَد تَخَلَّفتُ عَنهُ شاحِبَ الأَمَلِ
مُلقى الرَجاءِ وَمُلقى الرَحلِ في نَفَرٍ / الجودُ عِندَهُمُ قَولٌ بِلا عَمَلِ
أَضحَوا بِمُستَنِّ سَيلِ الذَمِّ وَاِرتَفَعَت / أَموالُهُم في هِضابِ المَطلِ وَالعِلَلِ
مِن كُلِّ أَظمى الثَرى وَالأَرضُ قَد نَهِلَت / وَمُقشَعِرِّ الرُبا وَالشَمسُ في الحَمَلِ
وَأَخرَسِ الجودِ تَلقى الدَهرَ سائِلَهُ / كَأَنَّهُ واقِفٌ مِنهُ عَلى طَلَلِ
قَد كانَ وَعدُكَ لي بَحراً فَصَيَّرَني / يَومُ الزِماعِ إِلى الضَحضاحِ وَالوَشَلِ
وَبَيَّنَ اللَهُ هَذا مِن بَرِيَّتِهِ / في قَولِهِ خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلِ
لِلَّهِ وَخدُ المَهاري أَيَّ مَكرُمَةٍ / هَزَّت وَأَيَّ غَمامٍ قَلقَلَت خَضِلِ
خَيرُ الأَخِلّاءِ خَيرُ الأَرضِ هِمَّتُهُ / وَأَفضَلُ الرَكبِ يَقرو أَفضَلَ السُبُلِ
حُطَّت إِلى عُمدَةِ الإِسلامِ أَرحُلُهُ / وَالشَمسُ قَد نَفَضَت وَرساً عَلى الأُصُلِ
مُلَبِّياً طالَما لَبّى مُنادِيَهُ / إِلى الوَغى غَيرَ رِعديدٍ وَلا وَكَلِ
وَمُحرِماً أَحرَمَت أَرضُ العِراقِ لَهُ / مِنَ النَدى وَاِكتَسَت ثَوباً مِنَ البَخَلِ
وَسافِكاً لِدِماءِ البُدنِ قَد سُفِكَت / بِهِ دِماءُ ذَوي الإِلحادِ وَالنِحَلِ
وَرامِياً جَمَراتِ الحَجِّ في سَنَةٍ / رَمى بِها جَمَراتِ اليَومِ ذي الشُعَلِ
يَردي وَيُرقِلُ نَحوَ المَروَتَينِ كَما / يَردي وَيُرقِلُ نَحوَ الفارِسِ البَطَلِ
تُقَبِّلُ الرُكنَ رُكنَ البَيتِ نافِلَةً / وَظَهرُ كَفِّكَ مَعمورٌ مِنَ القُبَلِ
لَمّا تَرَكتَ بُيوتَ الكُفرِ خاوِيَةً / بِالغَزوِ آثَرتَ بَيتَ اللَهِ بِالقَفَلِ
وَالحَجُّ وَالغَزوُ مَقرونانِ في قَرَنٍ / فَاِذهَب فَأَنتَ زُعافُ الخَيلِ وَالإِبِلِ
نَفسي فِداؤُكَ إِن كانَت فِداءَكَ مِن / صَرفِ الحَوادِثِ وَالأَيّامِ وَالدُوَلِ
لا مُلبِسٌ مالَهُ مِن دونِ سائِلِهِ / سِتراً وَلا ناصِبُ المَعروفِ لِلعَذَلِ
لا شَمسُهُ جَمرَةٌ تُشوى الوُجوهُ بِها / يَوماً وَلا ظِلُّهُ عَنّا بِمُنتَقِلِ
تَحولُ أَموالُهُ عَن عَهدِها أَبَداً / وَلَم يَزُل قَطُّ عَن عَهدٍ وَلَم يَحُلِ
ساري الهُمومِ طَموحُ العَزمِ صادِقُهُ / كَأَنَّ آراءَهُ تَنحَطُّ مِن جَبَلِ
أَبقى عَلى جَولَةِ الأَيّامِ مِن كَنَفَي / رَضوى وَأَسيَرُ في الآفاقِ مِن مَثَلِ
نَبَّهتَ نَبهانَ بَعدَ النَومِ وَاِنسَكَبَت / بِكَ الحَياةُ عَلى الأَحياءِ مِن ثُعَلِ
كَم قَد دَعَت لَكَ بِالإِخلاصِ مِن مَرَةٍ / فيهِم وَفَدّاكَ بِالآباءِ مِن رَجُلِ
إِن حَنَّ نَجدٌ وَأَهلوهُ إِلَيكَ فَقَد / مَرَرتَ فيهِ مُرورَ العارِضِ الهَطِلِ
وَأَيُّ أَرضٍ بِهِ لَم تُكسَ زَهرَتَها / وَأَيُّ وادٍ بِهِ ظَمآنُ لَم يَسِلِ
مازالَ لِلصارِخِ المُعلي عِقيرَتَهُ / غَوثٌ مِنَ الغَوثِ تَحتَ الحادِثِ الجَلَلِ
مِن كُلِّ أَبيَضَ يَجلو مِنهُ سائِلُهُ / خَدّاً أَسيلاً بِهِ خَدٌّ مِنَ الأَسَلِ
أَصغى إِلى البَينِ مُغتَرّاً فَلا جَرَما
أَصغى إِلى البَينِ مُغتَرّاً فَلا جَرَما / أَنَّ النَوى أَسأَرَت في قَلبِهِ لَمَما
أَصَمَّني سِرُّهُم أَيّامَ فُرقَتِهِم / هَل كُنتَ تَعرِفُ سِرّاً يورِثُ الصَمَما
نَأَوا فَظَلَّت لِوَشكِ البَينِ مُقلَتُهُ / تَندى نَجيعاً وَيَندى جِسمُهُ سَقَما
أَظَلَّهُ البَينُ حَتّى إِنَّهُ رَجُلٌ / لَو ماتَ مِن شُغلِهِ بِالبَينِ ما عَلِما
أَما وَقَد كَتَمَتهُنَّ الخُدورُ ضُحىً / فَأَبعَدَ اللَهُ دَمعاً بَعدَها اِكتَتَما
لَمّا اِستَحَرَّ الوَداعُ المَحضُ وَاِنصَرَمَت / أَواخِرُ الصَبرِ إِلّا كاظِماً وَجِما
رَأَيتَ أَحسَنَ مَرئِيٍّ وَأَقبَحَهُ / مُستَجمِعينَ لِيَ التَوديعَ العَنَما
فَكادَ شَوقِيَ يَتلو الدَمعَ مُنسَجِماً / لَو كانَ في الأَرضِ شَوقٌ فاضَ فَاِنسَجَما
صُبَّ الفِراقُ عَلَينا صُبَّ مِن كَثَبٍ / عَلَيهِ اِسحاقُ يَومَ الرَوعِ مُنتَقِما
سَيفُ الإِمامِ الَّذي سَمَّتهُ هِمَّتُهُ / لَمّا تَخَرَّمَ أَهلَ الكُفرِ مُختَرِما
إِنَّ الخَليفَةَ لَمّا صالَ كُنتَ لَهُ / خَليفَةَ المَوتِ فيمَن جارَ أَو ظَلَما
قَرَّت بِقُرّانَ عَينُ الدينِ وَاِنشَتَرَت / بِالأَشتَرَينِ عُيونُ الشِركِ فَاِصطُلِما
وَيَومَ خَيزَجَ وَالأَلبابُ طائِرَةٌ / لَو لَم تَكُن ناصِرَ الإِسلامِ ما سَلِما
أَضحَكتَ مِنهُم ضِباعَ القاعِ ضاحِيَةً / بَعدَ العُبوسِ وَأَبكَيتَ العُيونَ دَما
بِكُلِّ صَعبِ الذُرا مِن مُصعَبٍ يَقِظٍ / إِن حَلَّ مُتَّئِداً أَو سارَ مُعتَزِما
بادي المُحَيّا لِأَطرافِ الرِماحِ فَما / يُرى بِغَيرِ الدَمِ المَعبوطِ مُلتَثِما
يُضحى عَلى المَجدِ مَأموناً إِذا اِشتَجَرَت / سُمرُ القَنا وَعَلى الأَرواحِ مُتَّهَما
قَد قَلَّصَت شَفَتاهُ مِن حَفيظَتِهِ / فَخيلَ مِن شِدَّةِ التَعبيسِ مُبتَسِما
لَم يَطغَ قَومٌ وَإِن كانوا ذَوي رَحِمٍ / إِلّا رَأى السَيفَ أَدنى مِنهُمُ رَحِما
مَشَت قُلوبُ أُناسٍ في صُدورِهِمُ / لَمّا تَراءَوكَ تَمشي نَحوَهُم قُدُما
أَمطَرتَهُم عَزَماتٍ لَو رَمَيتَ بِها / يَومَ الكَريهَةِ رُكنَ الدَهر لَاِنهَدَما
إِذا هُمُ نَكَصوا كانَت لَهُم عُقُلاً / وَإِن هُمُ جَمَحوا كانَت لَهُم لُجُما
حَتّى اِنتَهَكتَ بِحَدِّ السَيفِ أَنفُسَهُم / جَزاءَ ما اِنتَهَكوا مِن قَبلِكَ الحُرَما
زالَت جِبالُ شَرَورى مِن كَتائِبِهِم / خَوفاً وَما زُلتَ إِقداماً وَلا قَدَما
لَمّا مَخَضتَ الأَمانِيَّ الَّتي اِحتَلَبوا / عادَت هُموماً وَكانَت قَبلَهُ هِمَما
بَدَّلتَ أَرؤُسَهُم يَومَ الكَريهَةِ مِن / قَنا الظُهورِ قَنا الخَطِّيِّ مُدَّعَما
مِن كُلِّ ذي لِمَّةٍ غَطَّت ضَفائِرُها / صَدرَ القَناةِ فَقَد كادَت تُرى عَلَما
راحَ التَنَصُّلُ مَعقوداً بِأَلسُنِهِم / لَمّا غَدا السَيفُ في أَعناقِهِم حَكَما
كانوا عَلى عَهدِ كِسرى في الزَمانِ وَلَن / يَستَشرِيَ الخَطبُ إِلّا كُلَّما قَدُما
في كُلِّ جَوشَنِ دَهرٍ مِنهُم فِئَةٌ / تُرجى رَحى فِتنَةً قَد أَشجَتِ الأُمَما
حَتّى إِذا أَينَعَت أَثمارُ مُدَّتِهِم / أَرسَلَكَ اللَهُ لِلأَعمارِ مُصطَرِما
أَطَعتَ رَبَّكَ فيهِم وَالخَليفَةَ قَد / أَرضَيتَهُ وَشَفَيتَ العُربَ وَالعَجَما
تَرَكتَهُم سِيَراً لَو أَنَّها كُتِبَت / لَم تُبقِ في الأَرضِ قِرطاساً وَلا قَلَما
ثُمَّ اِنصَرَفتَ وَلَم تَلبَث وَقَد لَبِثَت / سَماءُ عَدلِكَ فيهِم تُمطِرُ النِعَما
لَو كانَ يَقدَمُ جَيشٌ قَبلَ مَبعَثِهِم / لَكانَ جَيشُكَ قَبلَ البَعثِ قَد قَدِما
وَلَّت شَياطينُهُم عَن حَدِّ مَلحَمَةٍ / كانَت نُجومُ القَنا فيها لَهُم رُجُما
تَرَكتَهُم جَزَراً في يَومِ مَعرَكَةٍ / أَقمَرتَ فيها وَكانَت فيهِم ظُلَما
قَد بَيَّضَت رَخَمُ الهَيجا جَماجِمَهُم / حَتّى لَقَد تَرَكَتها تُشبِهُ الرَخَما
غادَرتَ بِالجَبَلِ الأَهواءَ واحِدَةً / وَالشَملَ مُجتَمِعاً وَالشَعبَ مُلتَئِما
جَدَدتَ غَرسَ المُنى مِنهُم بِذي لَجَبٍ / أَبقى بِهِم مِن أَنابيبِ القَنا أَجَما
لَو كانَ في ساحَةِ الإِسلامِ مِن حَرَمٍ / ثانٍ إِذاً كُنتَ قَد صَيَّرتَهُ حَرَما
تَغدو مَعَ الحَربِ لِلأَرواحِ مُغتَنِماً / فَإِن سُئِلتَ نَوالا رُحتَ مُغتَنَما
فَالمَجدُ طَوعُكَ ما تَعدوكَ هِمَّتُهُ / أَكُنتَ مُهتَضِماً أَو كُنتَ مُهتَضَما
كَم نَفحَةٍ لَكَ لَم يُحفَظ تَذَمُّمُها / لِصامِتِ المالِ لا إِلّا وَلا ذِمَما
مَواهِبٌ لَو تَوَلّى عَدَّها هَرِمٌ / لَم يُحصِها هَرِمٌ حَتّى يُرى هَرَما
فَخراً بَني مُصعَبٍ فَالمَكرُماتُ بِكُم / عادَت رِعاناً وَكانَت قَبلَكُم أَكَما
نَقولُ إِن قُلتُمُ لا لا مُسَلَّمَةً / لِأَمرِكُم وَنَعَم إِن قُلتُم نَعَما
ما مِنكُمُ أَحَدٌ إِلّا وَقَد فُطِمَت / عَنهُ الأَعادي بِسيما المَجدِ مُذ فُطِما
أَبو الحُسَينِ ضِياءٌ لامِعٌ وَهُدىً / ما خامَ في مَشهَدٍ يَوماً وَلا سَئِما
إِذا أَتى بَلَداً أَجلَت خَلائِقُهُ / عَن أَهلِهِ الأَنكَدَينِ الخَوفَ وَالعَدَما
مَن يَسأَلِ اللَهَ أَن يُبقي سَراتَكُمُ / فَإِنَّما سالَهُ أَن يُبقِيَ الكَرَما
قَد قُلتُ لِلناسِ إِذ قاموا بِشُكرِكُمُ / الآنَ أَحسَنتُمُ أَن تَحرُسوا النِعَما
سَلِّم عَلى الرَبعِ مِن سَلمى بِذي سَلَمِ
سَلِّم عَلى الرَبعِ مِن سَلمى بِذي سَلَمِ / عَلَيهِ وَسمٌ مِنَ الأَيّامِ وَالقِدَمِ
ما دامَ عَيشٌ لَبِسناهُ بِساكِنِهِ / لَدناً وَلَو أَنَّ عَيشاً دامَ لَم يَدُمِ
يا مَنزِلاً أَعنَقَت فيهِ الجَنوبُ عَلى / رَسمٍ مُحيلٍ وَشِعبٍ غَيرِ مُلتَئِمِ
هَرِمتَ بَعدِيَ وَالرَبعُ الَّذي أَفَلَت / مِنهُ بُدورُكَ مَعذورٌ عَلى الهَرَمِ
عَهدي بِمَغناكَ حُسّانَ المَعالِمِ مِن / حُسّانَةِ الوَردِ وَالبَردِيِّ وَالعَنَمِ
بَيضاءُ كانَ لَها مِن غَيرِنا حَرَمٌ / فَلَم نَكُن نَستَحِلُّ الصَيدَ في الحَرَمِ
كانَت لَنا صَنَماً نَحنو عَلَيهِ وَلَم / نَسجُد كَما سَجَدَ الأَفشينُ لِلصَنَمِ
زارَ الخَيالُ لَها لا بَل أَزارَكَهُ / فِكرٌ إِذا نامَ فِكرُ الخَلقِ لَم يَنَمِ
ظَبيٌ تَقَنَّصتُهُ لَمّا نَصَبتُ لَهُ / في آخِرِ اللَيلِ أَشراكاً مِنَ الحُلُمِ
ثُمَّ اِغتَدى وَبِنا مِن ذِكرِهِ سَقَمٌ / باقٍ وَإِن كانَ مَشغولاً عَنِ السَقَمِ
اليَومَ يُسليكَ عَن طَيفٍ أَلَمَّ وَعَن / بِلى الرُسومِ بَلاءُ الأَينُقِ الرَسُمِ
مِنَ القِلاصِ اللَواتي في حَقائِبِها / بِضاعَةٌ غَيرُ مُزجاةٍ مِنَ الكَلِمِ
إِذا بَلغنَ أَبا كُلثومٍ اِتَّصَلَت / تِلكَ المُنى وَأَخَذنَ الحاجَ مِن أَمَمِ
بَنى بِهِ اللَهُ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ / لِوائِلِ سورَ عِزٍّ غَيرَ مُنهَدِمِ
رَأَتهُ في المَهدِ عَتّابٌ فَقالَ لَها / ذَوو الفِراسَةِ هَذا صَفوَةُ الكَرَمِ
خُذوا هَنيئاً مَريئاً يا بَني جُشَمٍ / مِنهُ أَمانَينِ مِن خَوفٍ وَمِن عَدَمِ
فَجاءَ وَالنَسَبُ الوَضّاحُ جاءَ بِهِ / كَأَنَّهُ بُهمَةٌ فيهِم مِنَ البُهَمِ
طِعانُ عَمرِو كُلثومٍ وَنائِلُهُ / حَذوَ السُيورِ الَّتي قُدَّت مِنَ الأَدَمِ
لَو كانَ يَملِكُ عَمرٌو مِثلَهُ شَبَهاً / مِن صُلبِهِ لَم يَجِد لِلمَوتِ مِن أَلَمِ
بَنانُهُ خُلُجٌ تَجري وَغَيرَتُهُ / سِترٌ مِنَ اللَهِ مَمدودٌ عَلى الحُرَمِ
نالَ الجَزيرَةَ إِمحالٌ فَقُلتُ لَهُم / شيموا نَداهُ إِذا ما البَرقُ لَم يُشَمِ
فَما الرَبيعُ عَلى أُنسِ البِلادِ بِهِ / أَشَدَّ خُضرَةَ عودٍ مِنهُ في القُحَمِ
وَلا أَرى ديمَةً أَمحى لِمَسغَبَةٍ / مِنهُ عَلى أَنَّ ذِكراً طارَ لِلدِيَمِ
لِتَغلِبٍ سُؤدَدٌ طابَت مَنابِتُهُ / في مُنتَهى قُلَلٍ وَمِنها وَفي قِمَمِ
مَجدٌ رَعى تَلَعاتِ الدَهرِ وَهوَ فَتىً / حَتّى غَدا الدَهرُ يَمشي مِشيَةَ الهَرِمِ
بَناهُ جودٌ وَبَأسٌ صادِقٌ وَمَتى / تُبنَ العُلى بِسِوى هَذَينِ تَنهَدِمِ
وَقفٌ عَلى آلِ سَعدٍ إِنَّ أَيدِيَهُم / سَمٌّ لِمُستَكبِرٍ شُهدٌ لِمُؤتَدِمِ
لا جارُهُم لِلرَزايا في جِوارِهِم / وَلا عُهودُهُمُ مَذمومَةَ الذِمَمِ
أَصفَوا مُلوكَ بَني العَبّاسِ كُلَّهُمُ / ذَخيرَةً ذَخَروها عَن بَني الحَكَمِ
مَهلاً بَني مالِكٍ لا تَجلُبُنَّ إِلى / حَيِّ الأَراقِمِ دُؤلولَ اِبنَةِ الرَقِمِ
فَأَيُّ حِقدٍ أَثَرتُم مِن مَكامِنِهِ / وَأَيُّ عَوصاءَ جَشَّمتُم بَني جُشَمِ
لَم يَألُكُم مالِكٌ صَفحاً وَمَغفِرَةً / لَو كانَ يَنفُخُ قَينُ الحَيِّ في فَحَمِ
لا بِالمُعاوِدِ وَلغاً في دِمائِكُمُ / وَلا إِلى لَحمِ خَلقٍ مِنكُمُ قَرِمِ
أَخرَجتُموهُ بِكُرهٍ مِن شَجِيَّتِهِ / وَالنارُ قَد تُنتَضى مِن ناضِرِ السَلَمِ
أَوطَأتُموهُ عَلى جَمرِ العُقوقِ وَلَو / لَم يُحرَجِ اللَيثُ لَم يَبرَح مِنَ الأَجَمِ
قُذِعتُمُ فَمَشَيتُم مَشيَةً أُمَماً / كَذاكَ يَحسُنُ مَشيُ الخَيلِ في اللُجُمِ
إِذ لا مُعَوَّلَ إِلّا كُلُّ مُعتَدِلٍ / أَصَمَّ يُبرِئُ أَقواماً مِنَ الصَمَمِ
مِنَ الرُدَينِيَّةِ اللاتي إِذا عَسَلَت / تُشِمُّ بَوَّ صَغارِ الأَنفِ ذا الشَمَمِ
إِن أَجرَمَت لَم تَنَصَّل مِن جَرائِمِها / وَإِن أَساءَت إِلى الأَقوامِ لَم تُلَمِ
كانَ الزَمانُ بِكُم كَلباً فَغادَرَكُم / بِالسَيفِ وَالدَهرُ فيكُم أَشهُرُ الحُرُمِ
أَمِن عَمىً نَزَلَ الناسُ الرُبا فَنَجَوا / وَأَنتُم نَصبُ سَيلِ الفِتنَةِ العَرِمِ
أَم ذاكَ مِن هِمَمٍ جاشَت فَكَم ضَعَةٍ / أَدّى إِلَيها عُلُوُّ القَومِ في الهِمَمِ
تَنبونَ عَنهُ وَتُعطَونَ القِيادَ إِذا / كَلبٌ عَوى وَسطَكُم مِن أَكلُبِ العَجَمِ
قَدِ اِنثَنى بِالمَنايا في أَسِنَّتِهِ / وَقَد أَقامَ حَياراكُم عَلى اللَقَمِ
جَذلانَ مِن ظَفَرٍ حَرّانَ إِن رَجَعَت / مَخضوبَةً مِنكُم أَظفارُهُ بِدَمِ
دينٌ يُكَفكِفُ مِنهُ كُلَّ بائِقَةٍ / وَرَحمَةٌ رَفرَفَت مِنهُ عَلى الرَحِمِ
لَولا مُناشَدَةُ القُربى لَغادَرَكُم / حَصائِدَ المُرهَفَينِ السَيفِ وَالقَلَمِ
لَأَصبَحَت كَالأَثافي السُفعِ أَوجُهُكُم / سوداً مِنَ العارِ لا سوداً مِنَ الحُمَمِ
لا تَجعَلوا البَغيَ ظَهراً إِنَّهُ جَمَلٌ / مِنَ القَطيعَةِ يَرعى وادِيَ النِقَمِ
نَظَرتُ في السِيَرِ الأولى خَلَت فَإِذا / أَيّامُهُ أَكَلَت باكورَةَ الأُمَمِ
أَفنى جَديساً وَطَمساً كُلَّها وَسَطا / بِأَنجُمِ الدَهرِ مِن عادٍ وَمِن إِرَمِ
أَردى كُلَيباً وَهَمّاماً وَهاجَ بِهِ / يَومُ الذَنائِبِ وَالتَحلاقِ لِلِمَمِ
سَقى شُرَحبيلَ مِن سَمِّ الذُعافِ عَلى / أَيديكُمُ غَيرَ رِعديدٍ وَلا بَرِمِ
بَزَّ التَحِيَّةَ مِن لَخمٍ فَلا مَلِكٌ / مُتَوَّجٌ في عَماماتٍ وَلا عَمَمِ
يا عَثرَةً ما وُقيتُم شَرَّ مَصرَعِها / وَذَلَّةُ الرَأيِ تُنسي ذَلَّةَ القَدَمِ
حينَ اِستَوى المُلكُ وَاِتَّزَت مَضارِبُهُ / في دَولَةِ الأُسدِ لا في دَولَةِ الخَدَمِ
طائِيَّةٌ لا أَبوها كانَ مُهتَضِما / وَلا مَضى بَعلُها لَحماً عَلى وَضَمِ
لا توقِظوا الشَرَّ مِن قَومٍ فَقَد غَنِيَت / دِيارُكُم وَهيَ تُدعى مَوطِنَ النِعَمِ
هَذا اِبنُ خالِكُمُ يُهدي نَصيحَتَهُ / مَن يُتَّهَم فَهوَ فيكُم غَيرُ مُتَّهَمِ
أَبا سَعيدٍ وَما وَصفي بِمُتَّهَمٍ
أَبا سَعيدٍ وَما وَصفي بِمُتَّهَمٍ / عَلى الثَناءِ وَلا شُكري بِمُختَرَمِ
لَئِن جَحَدتُكَ ما أَولَيتَ مِن حَسَنٍ / إِنّي لَفي اللُؤمِ أَولى مِنكَ في الكَرَمِ
أَنسى اِبتِسامَكَ وَالأَلوانُ كاسِفَةٌ / تَبَسُّمَ الصُبحِ في داجٍ مِنَ الظُلَمِ
كَذا أَخوكَ النَدى لَو أَنَّهُ بَشَرٌ / لَم يُلفِ طَرفَةَ عَينٍ غَيرَ مُبتَسِمِ
رَدَدتَ رَونَقَ وَجهي في صَحيفَتِهِ / رَدَّ الصِقالِ بِماءِ الصارِمِ الخَذِمِ
وَما أُبالي وَخَيرُ القَولِ أَصدَقُهُ / حَقَنتَ لي ماءَ وَجهي أَو حَقَنتَ دَمي
أَبا سَعيدٍ تَلاقَت عِندَكَ النِعَمُ
أَبا سَعيدٍ تَلاقَت عِندَكَ النِعَمُ / فَأَنتَ طَودٌ لَنا مُنجٍ وَمُعتَصَمُ
لازالَ جودُكَ يَخشى صَولَتَهُ / وَزالَ عودُكَ تَسقي رَوضَهُ الدِيَمُ
أَشرَفتُ مِنكَ عَلى بَحرَصِ الغِنى وَيَدي / يَجولُ في مُستَواها الفَقرُ وَالعَدَمُ
فَسَوفَ يُثبِتُ رُكنَ المَدحِ فيكَ أَخٌ / لَولا رَجاؤُكَ لَم يَثبُت لَهُ قَدَمُ
أَحرَمتُ دونَكَ خَوفَ النائِباتِ فَما / شَكَكتُ إِذ قُمتَ دوني أَنَّكَ الحَرَمُ
إِلياسُ كُن في ضَمانِ اللَهِ وَالذِمَمِ
إِلياسُ كُن في ضَمانِ اللَهِ وَالذِمَمِ / ذا مُهجَةٍ عَن مُلِمّاتِ النَوى حَرَمِ
سَلامَةً لَكَ لا تَهتاجُ نَضرَتُها / وَدَعدَعاً وَلَعاً في النَعلِ وَالقَدَمِ
اللَهُ عافاكَ مِنها عِلَّةً عَرَضاً / لَم تُنحِ أَظفارَها مِن سَقَمِ
تَكَشَّفَت هَبَواتُ الثَغرِ مُذ كَشَفَت / آلاءُ رَبِّكَ ما اِستَشعَرتَ مِن سَقَمِ
فَإِن يَكُن وَصَبٌ عايَنتَ سَورَتَهُ / فَالوِردُ حِلفٌ لِلَيثِ الغابَةِ الأَضِمِ
إِنَّ الرِياحَ إِذا ما أَعصَفَت قَصَفَت / عيدانَ نَجدٍ وَلَم يَعبَأنَ بِالرَتَمِ
بَناتُ نَعشٍ وَنَعشٌ لا كُسوفَ لَها / وَالشَمسُ وَالبَدرُ مِنهُ الدَهرَ في الرَقِمِ
وَالحادِثاتُ عَدُوُّ الأَكرَمينَ فَما / تَعتامُ إِلّا اِمرَاً يَشفى مِنَ القَرَمِ
فَليَهنَكَ الأَجرُ وَالنُعمى الَّتي عَظُمَت / حَتّى جَلَت صَدَأَ الصَمصامَةِ الخَذِمِ
قَد يُنعِمُ اللَهُ بِالبَلوى وَإِن عَظُمَت / وَيَبتَلي اللَهُ بَعضَ القَومِ بِالنِعَمِ
حُبِستَ فَاِحتَبَسَت مِن أَجلِكَ الدِيَمُ
حُبِستَ فَاِحتَبَسَت مِن أَجلِكَ الدِيَمُ / وَلَم يَزَل نابِياً عَن صَحبِكَ العَدَمُ
يابنَ المُسَيَّبِ قَولاً غَيرَ ما كَذِبٍ / لَولاكَ لَم يُدرَ ما المَعروفُ وَالكَرَمُ
جَلَّلتَني نِعَماً جَلَّت وَأَحرِ بِأَن / يَحِلَّ شُكرِيَ إِذ جَلَّت لِيَ النِعَمُ
يا مَن إِذا قَعَدَت بِالقَومِ هِمَّتُهُم / عَنِ اِكتِسابِ العُلى قامَت بِهِ الهِمَمُ
رَأَيتُ عودَكَ مِن نَبعٍ أَرومَتُهُ / ما في جَوانِبِهِ لينٌ وَلا وَصَمُ
أَنتَ السَليلُ فَسُلَّ السَيفُ مُنتَصِراً / لِذِمَّةِ الشِعرِ إِذ ضاعَت لَهُ الذِمَمُ
عَلَوتَ مِن مَجدِ قَيسٍ في الوَرى عَلَماً / أَعيا الوَرى وَعَلا مَجداً بِكَ العَلَمُ
جادَتكَ عَنّي عُيونُ المُزنِ وَالدِيَمُ
جادَتكَ عَنّي عُيونُ المُزنِ وَالدِيَمُ / وَزالَ عَيشُكَ مَوصولاً بِهِ النِعَمُ
أَصبَحتَ لا صَقَباً مِنّي وَلا أَمَماً / فَالصَبرُ لا صَقَبٌ مِنّي وَلا أَمَمُ
وَلَّيتَ عَنّي فَدَمعُ العَينِ مُنسَجِمٌ / يَبكي التَلاقي وَماءُ القَلبِ مُنسَجِمُ
إِنّي لَمِن أَن أُرى حَيّاً وَقَد بَرَحَت / بِكَ النَوى يا شَقيقَ النَفسِ مُحتَشِمُ
إِن لَم أُقِم مَأتَماً لِلبَينِ أُشهِدُهُ / أَهلَ الوَفاءِ فَوُدّي فيكَ مُتَّهَمُ
شِبهاكَ في كُلِّ يَومٍ عَزَّ جانِبُهُ / لَيثُ العَرينَةِ وَالصَمصامَةِ الخَذِمُ
ما جادَ جودَكَ إِذ تُعطي بِلا عِدَةٍ / ما يُرتَجى مِنكَ لا كَعبٌ وَلا هَرِمُ
ما اليَومُ أَوَّلُ تَوديعٍ وَلا الثاني
ما اليَومُ أَوَّلُ تَوديعٍ وَلا الثاني / البَينُ أَكثَرُ مِن شَوقي وَأَحزاني
دَعِ الفِراقَ فَإِنَّ الدَهرَ ساعَدَهُ / فَصارَ أَملَكَ مِن روحي بِجُثماني
خَليفَةُ الخِضرِ مَن يَربَع عَلى وَطَنٍ / في بَلدَةٍ فَظُهورُ العيسِ أَوطاني
بِالشامِ أَهلي وَبَغدادُ الهَوى / وَأَنا بِالرَقَّتَينِ وَبِالفُسطاطِ إِخواني
وَما أَظُنُّ النَوى تَرضى بِما صَنَعَت / حَتّى تُطَوِّحَ بي أَقصى خُراسانِ
خَلَّفتُ بِالأُفُقِ الغَربِيِّ لي سَكَناً / قَد كانَ عَيشي بِهِ حُلواً بِحُلوانِ
غُصنٌ مِنَ البانِ مُهتَزٌّ عَلى قَمَرٍ / يَهتَزُّ مِثلَ اِهتِزازِ الغُصنِ في البانِ
أَفنَيتُ مِن بَعدِهِ فَيضَ الدُموعِ كَما / أَفنَيتُ في هَجرِهِ صَبري وَسُلواني
وَلَيسَ يَعرِفُ كُنهَ الوَصلِ صاحِبُهُ / حَتّى يُغادى بِنَأيٍ أَو بِهِجرانِ
إِساءَةَ الحادِثاتِ اِستَبطِني نَفَقاً / فَقَد أَظَلَّكَ إِحسانُ اِبنِ حَسّانِ
أَمسَكتُ مِنهُ بِوُدٍّ شَدَّ لي عُقَداً / كَأَنَّما الدَهرُ في كَفّي بِها عانِ
إِذا نَوى الدَهرُ أَن يودي بِتالِدِهِ / لَم يَستَعِن غَيرَ كَفَّيهِ بِأَعوانِ
لَو أَنَّ إِجماعَنا في فَضلِ سُؤدُدِهِ / في الدينِ لَم يَختَلِف في الأُمَّةِ اِثنانِ
أَلقَت عَلى غارِبي حَبلَ اِمرِئٍ عانِ
أَلقَت عَلى غارِبي حَبلَ اِمرِئٍ عانِ / نَوىً تُقَلِّبُ دوني طَرفَ ثُعبانِ
تَواتَرَت نَكَباتُ الدَهرِ تَرشُقُني / مِن كُلِّ صائِبَةٍ عَن قَوسِ غَضبانِ
مَدَّت عِنانَ رَجائي فَاِستَقَدتُ لَهُ / حَتّى رَمَت بِيَ في بَحرِ اِبنِ حَسّانِ
بَحرٌ مِنَ الجودِ يَرمي مَوجُهُ زَبَداً / حَبابُهُ فِضَّةٌ زينَت بِعِقيانِ
لَولا اِبنُ حَسّانَ ماتَ الجودُ وَاِنتَشَرَت / مَناحِسُ البُخلِ تَطوي كُلَّ إِحسانِ
لَمّا تَواتَرَتِ الأَيّامُ تَعبَثُ بي / وَأَسقَطَت ريحُها أَوراقَ أَغصاني
وَصَلتُ كَفَّ مُنىً بِكَفِّ غِنىً / فارَقتُ بَينَهُما هَمّي وَأَحزاني
حَتّى لَبِستُ كُسىً لِليُسرِ تَنشُرُها / عَلى اِعتِساري يَدٌ لَم تَسهُ عَن شاني
يَدٌ مِنَ اليُسرِ قَدَّت حُلَّتي عُسُري / حَتّى مَشى عُسُري في شَخصِ عُريانِ
وَصالَحَتني اللَيالي بَعدَما رَجَحَت / عَلى سُروري غُمومي أَيَّ رُجحانِ
فَاليَومَ سالَمَني دَهري وَذَكَّرَني / مِنَ المَدائِحِ ما قَد كانَ أَنساني
ثُمَّ اِنتَضَت لِلعِدا الأَيّامُ صارِمَها / وَاِستَقبَلَتها بِوَجهٍ غَيرِ حُسّانِ
سَأَبعَثُ اليَومَ آمالي إِلى مَلَكٍ / يَلقى المَديحَ بِقَلبٍ غَيرِ نَسيانِ
تَفاءَلَت مُقلَتي فيهِ إِذا اِختَلَجَت / بِالخَيرِ مِن فَوقِها أَشفارُ أَجفاني
يا مَن بِهِ بَدُنَت مِن بَعدِما هَزُلَت / مِنّي المُنى وَأَرَتني وَجهَ خُسراني
كُن لي مُجيراً مِنَ الأَيّامِ إِنَّ لَها / يَداً تُفَحِّصُ عَن سِرّي وَإِعلاني
يابنَ الأَكارِمِ وَالمَرجُوِّ مِن مُضَرٍ / إِذا الزَمانُ جَلا عَن وَجهِ خَوّانِ
إِلَيكَ ساقَتنِيَ الآمالُ يَجنُبُها / سَحابُ جودِكَ مِن أَرضي وَأَوطاني
إِنَّ الأَميرَ حِمامُ الجارِعِ الجاني
إِنَّ الأَميرَ حِمامُ الجارِعِ الجاني / وَمُستَرادُ أَماني الموثَقِ العاني
إِذا ثَوى جارُ قَومٍ في بِلادِهِمِ / فَجارُهُ نازِلٌ في رَأسِ غُمدانِ
كَم صامِتٍ صامِتِيِّ الضَربِ فُزتُ بِهِ / مِنهُ وَحَليٍ مِنَ المَعروفِ حَلّاني
يُعطى فَيَكسِبُني حَمداً بِنائِلِهِ / وَتالِدي وافِرٌ باقٍ وَقُنياني
فَمَن رَآني مِنَ الأَقوامِ كُلِّهِمِ / فَقَد رَأى مُحسِناً مِن غَيرِ إِحسانِ
جاني نَخيلٍ سِواهُ كانَ أَلَّفَها / غَرساً وَساكِنُ قَصرٍ غَيرُهُ الباني
هَل أَنتَ صائِنُ عِرضي لي وَمُفلِتي / بِماءِ وَجهي سَليماً مِن سُلَيمانِ
فَتى فَتاءٍ وَفِتيانِيَّةٍ وَأَخو / نَوائِبٍ وَمُلِمّاتٍ وَأَزمانِ
مِسَنُّ فِكرٍ إِذا كَلَّت مَضارِبُهُ / يَوماً وَصَيقَلُ أَلبابٍ وَأَذهانِ
ذو الوُدِّ مِنّي وَذو القُربى بِمَنزِلَةٍ / وَإِخوَتي أُسوَةٌ عِندي وَإِخواني
لا تُخلِقَن خُلُقي فيهِم وَقَد سَطَعَت / ناري وَجَدَّدَ مِن حالي الجَديدانِ
في دَهرِيَ الأَوَّلِ المَذمومِ أَعرِفُهُم / فَالآنَ أُنكِرُهُم في دَهرِيَ الثاني
لاقى إِذَن غَرسُهُم أَكدى ثَرىً وَجَرَت / مِنّي ظُنونُهُم في شَرِّ مَيدانِ
عِصابَةٌ جاوَرَت آدابُهُم أَدَبي / فَهُم وَإِن فُرِّقوا في الأَرضِ جيراني
أَرواحُنا في مَكانٍ واحِدٍ وَغَدَت / أَبدانُنا في شَآمٍ أَو خُراسانِ
وَرُبَّ نائي المَغاني روحُهُ أَبَداً / لَصيقُ روحي وَدانٍ لَيسَ بِالداني
أَفي أَخٍ لِيَ فَردٍ لا قَسيمَ لَهُ / في خالِصِ الوُدِّ مِن سِرّي وَإِعلاني
تُرَدُّ عَن بَحرِكَ المَورودِ راجِعَةً / بِغَيرِ حاجاتِها دَلوي وَأَشطاني
مُسَلَّطٌ حَيثُ لا سُلطانَ لي وَيَدي / مَغلولَةُ النَفعِ وَالسُلطانُ سُلطاني
كَالنارِ بارِدَةً في عودِها وَلَها / إِن فارَقَتهُ اِشتِعالٌ لَيسَ بِالواني
ما أَنسَ لا أَنسَ قَولاً قالَهُ رَجُلٌ / غَضَضتُ في عَقبِهِ طَرفي وَأَجفاني
نَلِ الثُرَيّا أَوِ الشِعرى فَلَيسَ فَتىً / لَم يُغنِ خَمسينَ إِنساناً بِإِنسانِ
إِن شِئتَ أَتبَعتَ إِحساناً بِإِحسانِ
إِن شِئتَ أَتبَعتَ إِحساناً بِإِحسانِ / فَكانَ جودُكَ مِن رَوحٍ وَرَيحانِ
فَقَد لَعَمري فَتَقتَ الماءَ مِن حَجَرٍ / في هَضبَةٍ وَهَصَرتَ الغُصنَ لِلجاني
فَاِسأَل سُلَيمانَنا تَفديهِ أَنفُسُنا / يا مَن سُلَيمانُهُ يَرعى سُلَيماني
وَحَسبُهُ بِكَ إِلّا أَنَّ هِمَّتَهُ / أَن يَقتَني مَعَ رَضوى طَودَ ثَهلانِ
لَو كانَ وَصماً لِراجٍ أَن يَكونَ لَهُ / رُكنانِ ما هُزَّ رُمحٌ فيهِ نَصلانِ
وَلَم يُعَدَّ مِنَ الأَبطالِ لَيثُ وَغىً / زُرَّت عَلَيهِ غَداةَ الرَوعِ دِرعانِ
أَراكَ أَكبَرتَ إِدماني عَلى الدِمَنِ
أَراكَ أَكبَرتَ إِدماني عَلى الدِمَنِ / وَحَملي الشَوقَ مِن بادٍ وَمُكتَمِنِ
لا تُكثِرَنَّ مَلامي إِن عَكَفتُ عَلى / رَبعِ الحَبيبِ فَلَم أَعكُف عَلى وَثَنِ
سَلَوتُ إِن كُنتُ أَدري ما تَقولُ إِذَن / مَجَّت مَقالَتَها في وَجهِها أُذُني
الحُبُّ أَولى بِقَلبي في تَصَرُّفِهِ / مِن أَن يُغادِرَني يَوماً بِلا شَجَنِ
حَلَبتُ صَرفَ النَوى صَرفَ الأَسى وَحَداً / بِالبَثِّ في دَولَةِ الإِغرامِ وَالدَدَنِ
فَما وَجَدتُ عَلى الأَحشاءِ أَوقَدَ مِن / دَمعٍ عَلى وَطَنٍ لي في سِوى وَطَني
صَيَّرتُ لي مِن تَباري عَبرَتي سَكَناً / مُذ صِرتُ فَرداً بِلا إِلفٍ وَلا سَكَنِ
مَن ذا يُعَظِّمُ مِقدارَ السُرورِ بِمَن / يَهوى إِذا لَم يُعَظِّم مَوضِعَ الحَزَنِ
العيسُ وَالهَمُّ وَاللَيلُ التِمامُ مَعاً / ثَلاثَةٌ أَبَداً يُقرَنَّ في قَرَنِ
أَقولُ لِلحُرَّةِ الوَجناءِ لا تَهِني / فَقَد خُلِقتِ لِغَيرِ الحَوضِ وَالعَطَنِ
ما يُحسِنُ الدَهرُ أَن يَسطو عَلى رَجُلٍ / إِذا تَعَلَّقَ حَبلاً مِن أَبي حَسَنِ
كَم حالَ فَيضُ نَداهُ يَومَ مُعضِلَةٍ / وَبَأسُهُ بَينَ مَن يَرجوهُ وَالمِحَنِ
كَأَنَّني يَومَ جَرَّدتُ الرَجاءَ لَهُ / عَضباً أَخَذتُ بِهِ سَيفاً عَلى الزَمَنِ
فَتىً تَريشُ جَناحَ الجودِ راحَتُهُ / حَتّى يُخالَ بِأَنَّ البُخلَ لَم يَكُنِ
وَتَشتَري نَفسُهُ المَعروفَ بِالثَمَنِ ال / غالي وَلَو أَنَّها كانَت مِنَ الثَمَنِ
أَموالُهُ وَعِداهُ مِن مَواهِبِهِ / وَبَأسُهُ يَطلُبونَ الدَهرَ بِالإِحَنِ
يُقَشِّعُ الفِتَنَ المُسوَدَّ جانِبُها / وَمالُهُ مِن نَداهُ الدَهرَ في فِتَنِ
إِذا بَدا لَكَ مُرٌّ في كَتائِبِهِم / لَم يُحجَبِ المَوتُ عَن روحٍ وَلا بَدَنِ
كَم في العُلى وَالمَجدِ مِن بِدَعٍ / إِذا تُصُفِّحَت اِختيرَت عَلى السُنَنِ
قَومٌ إِذا هَطَلَت جوداً أَكُفُّهُمُ / عَلِمتَ أَنَّ النَدى مُذ كانَ في اليَمَنِ
أَبا قُدامَةَ قَد قَدَّمتَ لي قَدَماً
أَبا قُدامَةَ قَد قَدَّمتَ لي قَدَماً / مِنَ المَكارِمِ صِدقاً غَيرَ ما مَينِ
ضِقنا بِدَينِكَ فَاِحتَجنا إِلى الدَينِ / مُذ غِبتَ عَنّا بِوَجهٍ ساطِعِ الزَينِ
وَكُنتَ عَوناً إِذا دَهرٌ تَخَوَّنَنا / عَيناً عَلَينا فَأَنتَ العَونُ بِالعَينِ
إِنَّ الجِيادَ عَلى عِلّاتِها صُبُرٌ / ما إِن تَشَكّى الوَجا في حالَةِ الأَينِ
وَالنَصلُ يَعمَلُ إِخلاصاً بِجَوهَرِهِ / لا بِاِتِّكالٍ عَلى شَحذٍ مِنَ القَينِ
لَو صَحَّحَ الدَمعُ لي أَو ناصَحَ الكَمَدُ
لَو صَحَّحَ الدَمعُ لي أَو ناصَحَ الكَمَدُ / لَقَلَّما صَحِباني الروحُ وَالجَسَدُ
خانَ الصَفاءَ أَخٌ كانَ الزَمانُ لَهُ / أَخاً فَلَم يَتَخَوَّن جِسمَهُ الكَمَدُ
تَساقُطُ الدَمعِ أَدنى ما بُليتُ بِهِ / في الحُبِّ إِذ لَم تَساقَطُ مُهجَةٌ وَيَدُ
لا وَالَّذي رَتَكَت تَطوي الفِجاجَ لَهُ / سَفائِنُ البَرِّ في خَدِّ الثَرى تَخِدُ
لَأَنفَدَنَّ أَسىً إِذ لَم أَمُت أَسَفاً / أَو يَنفَدُ العُمرُ بي أَو يَنفَدُ الأَبَدُ
عَنّي إِلَيكِ فَإِنّي عَنكِ في شُغُلٍ / لي مِنهُ يَومٌ يُبَكّي مُهجَتي وَغَدُ
وَإِنَّ بُجرِيَّةً نابَت جَأَرتُ لَها / إِلى ذُرى جَلَدي فَاِستَوهَلَ الجَلَدُ
هِيَ النَوائِبُ فَاِشجى أَو فَعي عِظَةٌ / فَإِنَّها فُرَصٌ أَثمارُها رَشَدُ
هُبّي تَرَي قَلَقاً مِن تَحتِهِ أَرَقٌ / يَحدوهُما كَمَدٌ يَحنو لَهُ الجَسَدُ
صَمّاءُ سَمُّ العِدى في جَنبِها ضَرَبٌ / وَشُربُ كاسِ الرَدى في فَمِّها شُهُدُ
هُناكَ أُمُّ النُهى لَم تودِ مِن حَزَنٍ / وَلَم تَجُد لِبَني الدُنيا بِما تَجِدُ
لَو يَعلَمُ الناسُ عِلمي بِالزَمانِ وَما / عاثَت يَداهُ لَما رَبّوا وَلا وَلَدوا
لا يُبعِدِ اللَهُ مَلحوداً أَقامَ بِهِ / شَخصُ الحِجى وَسَقاهُ الواحِدُ الصَمَدُ
يا صاحِبَ القَبرِ دَعوى غَيرِ مُثَّئِبٍ / إِن قالَ أَودى النَدى وَالبَدرُ وَالأَسَدُ
باتَ الثَرى بِأَخي جَذلانَ مُبتَهِجاً / وَبِتُّ يَحكُمُ في أَجفانِيَ السُهُدُ
لَهفي عَلَيكَ وَما لَهفي بِمُجدِيَةٍ / ما لَم يَزُركَ بِنَفسي حَرُّ ما أَجِدُ
أَنسى أَبا الفَضلِ يَعفو التُربُ أَحسَنَهُ / دوني وَدَلوُ الرَدى في مائِهِ يَرِدُ
وَيلٌ لِأُمِّكَ أَقصِر إِنَّهُ حَدَثٌ / لَم يَعتَقِد مِثلَهُ قَلبٌ وَلا جَلَدُ
عاقَ الزَمانُ رَضيعَ الجودِ لَم يَقِهِ / أَهلٌ وَلَم يَفدِهِ مالٌ وَلا وَلَدُ
حينَ اِرتَوى الماءَ وَاِفتَرَّت شَبيبَتُهُ / عَن مُضحِكٍ لِلمَعالي ثَغرُهُ بَرَدُ
وَقيلَ أَحمَدُها بَل قيلَ أَمجَدُها / بَل قيلَ أَنجَدُها إِن فُرَّتِ النُجُدُ
رودُ الشَبابِ كَنَصلِ السَيفِ لا جَعَدٌ / في راحَتَيهِ وَلا في عودِهِ أَوَدُ
سَقى الحَبيسَ وَمَحبوساً بِبَرزَخِهِ / مِنَ السَمِيِّ كَفيتُ الوَدقِ يَطَّرِدُ
بِحَيثُ حَلَّ أَبو صَقرٍ فَوَدَّعَهُ / صَفوُ الحَياةِ وَمِن لَذّاتِها الرَغَدُ
بِحَيثُ حَلَّ فَقيدُ المَجدِ مُغتَرِباً / وَمورِثاً حَسَراتٍ لَيسَ تُفتَقَدُ
أَيُّ القُلوبِ عَلَيكُم لَيسَ يَنصَدِعُ
أَيُّ القُلوبِ عَلَيكُم لَيسَ يَنصَدِعُ / وَأَيُّ نَومٍ عَلَيكُم لَيسَ يَمتَنِعُ
ما غابَ عَنكُم مِنَ الإِقدامِ أَكرَمُهُ / في الرَوعِ إِذ غابَتِ الأَنصارُ وَالشِيَعُ
بَني حُمَيدٍ بِنَفسي أَعظُمٌ لَكُمُ / مَهجورَةٌ وَدِماءٌ مِنكُمُ دُفَعُ
يَنتَجِعونَ المَنايا في مَنابِتِها / وَلَم تَكُن قَبلَهُم في الدَهرِ تُنتَجَعُ
كَأَنَّما بِهِمُ مِن حُبِّها شَرَهٌ / إِذا هُمُ اِنغَمَسوا في الرَوعِ أَو جَشَعُ
لَو خَرَّ سَيفٌ مِنَ العَيّوقِ مُنصَلِتاً / ما كانَ إِلّا عَلى هاماتِهِم يَقَعُ
إِذا هُم شَهِدوا الهَيجاءَ هاجَ بِهِم / تَغَطرُفٌ في وُجوهِ المَوتِ يَطَّلِعُ
وَأَنفُسٌ تَسَعُ الأَرضَ الفَضاءَ وَلا / يَرضَونَ أَو يُجشِموها فَوقَ ما تَسَعُ
بِوُدِّ أَعدائِهِم لَو أَنَّهُم قُتِلوا / وَأَنَّهُم صَنَعوا بَعضَ الَّذي صَنَعوا
عَهدي بِهِم تَستَنيرُ الأَرضُ إِن نَزَلوا / فيها وَتَجتَمِعُ الدُنيا إِذا اِجتَمَعوا
وَيَضحَكُ الدَهرُ مِنهُم عَن غَطارِفَةٍ / كَأَنَّ أَيّامَهُم مِن أُنسِها جُمَعُ
يَومَ النَباجِ لَقَد أَبقَيتَ نابِجَةً / أَحشاؤُنا أَبَداً مِن ذِكرِها قِطَعُ
مَن لَم يُعايِن أَبا نَصرٍ وَقاتِلَهُ / فَما رَأى ضَبُعاً في شِدقِها سَبُعُ
فيمَ الشَماتَةُ إِعلاناً بِأُسدِ وَغى / أَفناهُمُ الصَبرُ إِذ أَبقاكُمُ الجَزَعُ
لا غَروَ إِن قُتِلوا صَبراً وَلا عَجَبٌ / فَالقَتلُ لِلصَبرِ في حُكمِ القَنا تَبَعُ