المجموع : 96
إن رمت بالمثل التقريب مقتصدا
إن رمت بالمثل التقريب مقتصدا / فخذ مقالة من للحق قد وجدا
هذا مثالٌ ولم أقصد حقيقته / لديك فافهم مرادي واترك النكدا
إذا تعارجت تحكي اعرجاً فلقد / فعلت فعلاً وذاك الفعل منك بدا
وإنه عرضٌ بل صورة ظهرت / وأنت قيومها تبقى لديك مدى
وما لها من وجود غير فاعلها / والفاعل الحق لا تعدل به أحدا
قامت به الخلق طراً حيث هم عرض / وهم حجاب عليه دائماً أبدا
وكلهم فعله والوهم يجعلهم / أغياره وهو فعال كما وردا
لذاك عن كل ما الفعال يفعله / فليس يُسأَلُ بل هم يُسألون غدا
وما الإله بجسم لا ولا عرض / فافهم كلاميَ ذا وامدد إليه يدا
إن العوالم أعراض بأجمعها / كأنها في كلام الحق رجع صدى
والكل فان وللحق الظهور بهم / ظهور ملتبس تلقاه متحدا
قام الجميع به والكل منه له / أعراضه الفانيات الطالبات ندا
وهم يقولون بالأجسام قائمة / أعراضه يوهمونا مذهبا فسدا
وعند تعريفهم للجسم قد ذكروا / مجموع أعراض أمر عندهم قصدا
قالوا هو الجسم أعني ما تركب من / جواهرٍ فردةٍ قولاً لأهلِ هدى
والجوهر الفرد فيه الإختلاف وقد / نفاه قوم وقوم أثبتوه سدى
وقال قوم بأن الجسم ذلك ذو / طول وعرض وعمق قولُ أهلِ رَدى
وكل ذلك غير الحق قد وصلوا / إليه بالعقل لا بالشرع مستندا
مقالة عند أقوام فلاسفة / قد تابعوهم بها رأياً ومعتقدا
وإنما قولنا هذا ومشبهه / دين النبي ابن عبد الله للسعدا
ومن تأمل في الأقوال أجمعها / رأى الذي قد رأينا فاطلب المددا
وراء هذا الوجود عندي
وراء هذا الوجود عندي / وجود حقٍّ قديم عهدِ
مقدس الذات عن كلامي / بكل ما عنه كنت أبدي
وعن إشاراتي اللواتي / بها تحريت كل قصد
فلا تظنوا بأن هذا ال / وجود ذاك الوجود عندي
لأن هذا الوجود شيءٌ / له حدوثٌ من بعد فقد
وذاك غيب وغيب غيب / وذا عيان لكل عبد
والعقل عن ذاك في ضلال / وليس يدري طريق رشد
إلا بإيمانه بغيب / وكل ما الشرع جاء يهدي
وما أتانا به كتاب / وسنة للكمال يجدي
وترك عقل وحفظ نقل / لفرط سعيٍ له وجدِّ
فكن بهذا على يقين / وحدك إني بذاك وحدي
ولا تبالي بكل داع / إلى سواه أتى برد
هذا الوجود وهذا الواحد الأحدُ
هذا الوجود وهذا الواحد الأحدُ / ولا يشاركه في وصفه أحدُ
وكل من عنده دعوى الوجود طغى / يشارك الله وهو الله لا يلد
من أين جاء له هذا الوجود ألم / يكن له نظر في عين ما يجد
بكل شيء محيط قال خالقنا / وقد أحاط بهذا المدعي الصمد
وظالم هو في دعوى الوجود مع ال / لَه الذي هو نور دائماً يقد
وهو القريب المجيب الرب ليس له / حد ولا أزل معْهُ ولا أبد
وإنما الله هذا وحده وبه / أفعاله ظهرت منه لها المدد
وهو الوجود بلا شيء يخالطه / إذ كل شيء هو الفاني له سند
والظاهر الحق لا شيءٌ بدا معه / والباطن الحق فِقْ يا من له رشد
وكن بلا أنت كشفاً بالوجود ولا / تكن بنفسك كن ظلاً له عمد
واترك أقاويل أرباب العقول وخذ / بما به الله في القرآن معتمد
ولا تؤول نصوصاً عن ظواهرها / ولا تحرِّف وخذ طبقَ الذي يرد
يا من على الباب لا يردُّ
يا من على الباب لا يردُّ /
كيف عن الله فيك صدُّ /
فانظر كما أنت مستعدُّ /
مظاهر الحق لا تعدُّ / والحق فيها فلا يحدُّ
إن رمت أن لا يكون كربٌ /
ولم يزل في الفؤاد قربٌ /
كن عارفاً والفناء شربٌ /
إن بطن العبد فهو ربٌّ / وإن بدا الرب فهو عبد
ذب في التجلي ذاتاً ووصفا /
وكن من الروح فيه أصفى /
وإن ترم تعرف المصفَّى /
فظاهر لا يكاد يخفى / وباطن لا يكاد يبدو
هذا الوجود الحقيقيْ الواحد الأحدُ
هذا الوجود الحقيقيْ الواحد الأحدُ / يشف عنه لدينا الروح والجسدُ
أستغفر الله لا روح يشف لنا / عنه ولا جسد ما للعديم يد
والكل أجمعه عنه يشف كذا / لا والد خارج عنه ولا ولد
أستغفر الله عنه لا يشف لنا / شيء وغير وجود الله لا نجد
أنا العديم به كلي لأنيَ قد / ظهرت عن علمه بي فيه أتحد
والكائنات جميعاً فيه فانية / معدومة ليس منها دائماً أحد
الله أكبر رب الخلق أجمعهم / هذا الوجود الذي فيهم له مدد
والله خالقهم يعني مقدرهم / كما لنا جاء في القرآن يعتمد
وذاك في أزل الآزال ليس لنا / بداية فيه فهو الخالق الصمد
فاشهده فيك ولا تشهد لنفسك مع / شهوده أنت معدوم ومفتقد
وكلنا لم نزل في علمه أبداً / وعلمه ذاته بل علمه الأبد
هو الوجود ومعلوماته ظهرت / من علمه فيه لا يحصى له عدد
وإنه الحق فردٌ واحدٌ وبه / كل الخلائق منه دائماً جدد
فينظرون سريعاً بالوجود فهم / بأمره الحق مثل البرق يتقد
وأمره واحد وهو الوجود لهم / ذات هي الغيب لم تولد ولا تلد
أصابع الغيب فينا حركت عودَهْ
أصابع الغيب فينا حركت عودَهْ / وحرقت تحت أذيال الحجا عودَهْ
العقل أول مخلوق به وردت / أخبار طه رسول الله مقصوده
وليس ثم سواه واحد هو في / عين الحقيقة لاحت بيضه سوده
وذاك عقل وجود الحق قد ظهرت / عنه التصاوير بالتقدير محدوده
وفيه قوة تصوير الحقائق من / حس ومعنى مدا الأوقات مشهوده
وكل شيء من الأشياء أجمعها / قامت فمذمومة فيه ومحموده
والحق صوَّرها حتى تصورها / فيه فصارت بهذا الأمر موجوده
فالعقل في كل شيء ظاهر أبداً / بمقتضى الشيء يعطي نفسه جوده
وحقق القول أن الشيء منه له / رقيقة هي بالتحقيق ممدوده
مثل الأشعة عنه الكل قد ظهروا / قبضاً وبسطاً ليبدي الكل مجهوده
إنا فتحنا عليهم باب معرفة / وما سواه من الأبواب مسدوده
يا طلعة الشمس أو يا طلعة القمرِ
يا طلعة الشمس أو يا طلعة القمرِ / يختال في حلل الأشباح والصورِ
في القلب أنت وما في القلب أنت كما / إن أنت في بصري ما أنت في بصري
أنا وأنت كلانا واحد ظهرا / على البرية في بدو وفي حضر
وأنت أنت على ما أنت فيه كذا / أنا أنا مثل حالي أول العمر
هيهات أين الثريا والثرى ولقد / لاح المؤثر لي من كوَّة الأثر
ونحن يا معشر العشاق عادتنا / طوراً وطوراً وليس الخبر كالخبر
شدوا المناطق تعظيماً لخدمته / مزنِّرين على الأوساط بالأزر
يستنشقون رياح الموت قد ركبوا / خيل الردى أسرجت بالبؤس والضرر
باعوا الشفاء بسقم والهنا بعناً / والعز بالذل والإغفاء بالسهر
وإن صفا الماء أبدى ما يقابله / ولا حلول ولا تغيير فاعتبر
يا ذا الذي لامني جهلاً رويدك بي / فأنت عندي محسوب من البقر
أمري عظيم وشأني لا تحيط به / ما لم يرق منك ماء الروح من كدر
فانظر لنفسك وافرغ من نصيحتها / ثم انصح الغير وابدي الفضل وافتخر
ويلي من العاذل المغرور في عذلي / يظن باعي عن العلياء في قصر
حتى غدا زاعماً من فرط طاعته / وزهده أنه من أفضل البشر
وليس يعلم ما تجنى عبادته / من الحجاب له عن لذة النظر
ومن إلى الزهد والطاعات ينظر عن / مولاه أعمى ومن بالعكس ذو بصر
ونحن قوم عن الأغيار همتنا / ترفعت لعزيز الأمر مقتدر
لا الزهد عمن سواه عنه يحجبنا / ولا بطاعته عنا بمستتر
قمنا به لا بنا حيث الوجود له / والظل ليس بموجود من الشجر
افتح عيونك في الآيات والسورِ
افتح عيونك في الآيات والسورِ / واحذر غرورك بالأشباح والصورِ
واعلم بأن جميع الكون مغلطة / واقبل على العين لا تقبل على الأثر
إن التقلب للقلب الذي هو ما / بين الأصابع فيما صح في الأثر
فتارة هو في غيبٍ يحار به / وتارة في شهود غير مستتر
ومنه لي نفس الرحمن منهبط / لم يبق من جملتي شيئاً ولم يذر
وزاد جسمي المسوَّى نفخُه طرباً / حتى تعشقت صوت الناي والوتر
وقد سمعت ومن بعض النداء أنا / صوت المنادي بإيمان على البشر
هو الوجود له منه الرسول أتى / مبشراً ونذيراً صادق الخبر
إن السماع سماع الناي والوترِ
إن السماع سماع الناي والوترِ / يسقي أراضي نفوس الناس كالمطرِ
فإن يكن في النفوس الخبث أنبته / وبالشقاء له نوع من الثمر
وإن يكن في النفوس الطيب فاح له / بين البرية ريا عنبرٍ عطِر
فاكشف بعقلك عما أنت فيه وكن / من التباس أمور النفس في حذر
وكل من قال بالتحريم مقصده / تحذير ذي الطيب للتذكار والفكر
ومن يقل فيه بالتحليل فهو على / إرشاد ذي الخبث من مستحكم الشرر
ومقصد الكل في الإسلام منفعة / حاشا بأن يقصدوا للناس من ضرر
ولا تسئ في الورى ظناً بجهلك من / حاز الكمال وعنه كنت في قصر
أقم على نفسك الميزان معترفاً / بالجهل عن كل من لم تدر في البشر
فإن لله في طي الوجود على / مر الزمان زكيات من الفطر
هلا غنيتم بما غنّى به الوترُ
هلا غنيتم بما غنّى به الوترُ / فتسمعوا منه يا عشاقه وَتَروا
فإن في نغمة الطنبور بارقة / من البروق التي في القلب تستعر
واستنطقوا الدفَّ ينطقْ بالإشارة عن / معنىً بدا وهو في الأكوان مستتر
وهي المعاني تراءت في السماع لنا / عنها لقد كان محجوباً بها البصر
وأخبرتنا إشارات الصنوج بها / فهيَّم القلبَ منا ذلك الخبر
حتى انعطفنا على السنطير نسأله / عن عينه فتبدى منه لي أثر
وقال لي الناي إني من إشارته / ونفخ روحي منه تبعث الصور
والعود عاد بصوت في الغناء شجٍ / وقال نحن وأنتم كلنا عبر
ونسبة الأمر منا في الوجود سوا / ومن مشى في ظلام غره القمر
وما السماع بهادي العاشقين له / ما لم يكن حاصلاً من قبله النظر
تبارك الله ما في الدار ديّارُ
تبارك الله ما في الدار ديّارُ / وإنما هي نيران وأنوارُ
وقد أماطت سليمى عن براقعها / فوجهها مشرق والطرف سحّار
وما الجميع سوى إشراق بهجتها / دوائرٌ كلهم عنها وأدوار
إن أومأت كانت الأكوان ظاهرة / عنها وإلا ففيها الكل أسرار
جلت عيون بها منها لها نظرت / في صبغة الكون حيث الكون أطوار
يا مالك الملك منا قد ظهرت لنا / وأنت أعياننا والإسم أغيار
ملكتنا فملكنا ما ملكت وعن / ذواتنا قد أميطت منك أستار
وإنما هي ذات بالورى كثرت / فقل شموس وقل إن شئت أقمار
رنات أوتار أسماء لذاتك لا / كما يقولون رنات وأوتار
بها طربنا وفيها أنت مطربنا / وما لغيرك أسماع وأبصار
سقيتنا أيها الساقي بأكؤسنا / خمر التجلي وفينا دب إسكار
ونحن كأس وأنت الخمر تشربه / وكل معنى أتانا منك خمّار
كتبتنا بك في ألواح نشأتنا / فنحن عنك أحاديث وأخبار
صرف الوجود به عنه الشؤن بدت / كما الدخان له قد أبدت النار
وما كذلك نفس الأمر في نظري / وإنما الكل في أقوالهم حاروا
نحن العبيد وإن وصلتنا كرماً / فإنما نحن يا مولاي أحرار
وإننا أنت لا شيء سواك هنا / ولكن الحكم هتّاكٌ وستار
إيماء جفنك يا ذا العين يظهرنا / فأشقياء كما شاءت وأبرار
وأنت أنت على ما أنت من قدم / ونحن نحن فلا نقص ولا عار
وهذه نسب أنت اعتبرت لها / فيها فكان لهم كتمٌ وإظهار
وحاصل الأمر أن الأمر حاصله / هذا ولكنه بالغير غرّار
الله أكبر لا يدري مقالتنا / في كوننا غيرنا والكل محتار
الله أكبر نحن الغائبون به / عنا وليس لنا في ذاك آثار
ولا سوانا من الأكوان يعرفنا / والغيب نحن وهذا القول إضمار
الله أكبر عزت ذاته وعلت / فليس تدرك آراء وأنظار
وهو العليم به في الكل ليس له / عنه خفاء فذو لطف وجبار
بدا فقالوا هي الأرواح قد حكمت / على جسوم لها في الكون أعمار
وهو الخفي فلا أرواح تعرفه / ولا جسوم وحارت فيه أفكار
فإن يشأ يهتدي كل إليه بما / قد ضل فيه وعنه زال إكفار
وإن يشأ فبما قد آمنت كفرت / قوم وإن شاء فالإقلال إكثار
حقيقة ما اقتضى شيء لها أثراً / ترومه فهي إيرادٌ وإصدار
ولم نقل مثل ما قد قال شاعرهم / وإنما هي إقبال وإدبار
أنا الذي قول محيي الدين قلتُ به / بيتين ضمنُهما للناس تذكار
البحر بحرٌ على ما كان من قدمٍ / إن الحوادث أمواج وأنهار
ولا أقول بتكرار الوجود ولا / عود التجلي فما في الأمر تكرار
قد صرت كلي قلوباً فيه تحتار
قد صرت كلي قلوباً فيه تحتار / لما تجلى وما يختار نختارُ
والكل مني له الآذان مصغية / وإن نظرت فكلي فيه أبصار
غيب تحجب في الأكوان فهو بها / نور ونار ولا نور ولا نار
وهو الوجود النزيه الصرف عز فلا / شيء سواه وعنه الكل آثار
إذا أراد بدا ذاك المراد به / كما يريد وكانت منه أغيار
والكل في علمه لكن إرادته / تخفى وتبدي فكتمان وإظهار
جل المهيمن في تقديس حضرته / عمن سواه به كل الورى حاروا
لا ذنب للعقل هذا قدر طاقته / وذاك منه تسابيح وأذكار
لكنه إن يكن بالعجز معترفاً / فمؤمن هو أو لا فهو كفّار
إذ ليس للحق مع شيء مناسبة / ولا بوجه فكالتصديق إنكار
وجه الحبيبِ بدا في الكائنات لنا
وجه الحبيبِ بدا في الكائنات لنا / ونحن بالشوق في همٍّ وأكدارِ
وقد تحير من يدري بحالتنا / فالعين في جنة والقلب في نارِ
لا فرق عندي بين الوتر والوترِ
لا فرق عندي بين الوتر والوترِ / وليلة القدر عندي ليلة القدرِ
قد قال يفرق فيها قول خالقنا / من كل أمر حكيم حكم مقتدر
فانهض بذوقك للطنبور تسمعه / والنايِ فالخُبْرُ يُستوفَىمن الخبر
وإنها حركات من يد وفم / ومن يراع ومن رق ومن وتر
وما المحرك إلا واحد هو في / غيب الغيوب تعالى مظهر الأثر
وأنت تعرف هذا لست تنكره / لكن بفهمك مفتون وبالفكر
ليس المغنى وليس الدف في يده / غير المصور فينا سائر الصور
وكلها عدم يبدو الوجود بها / ويختفي عند مغرور ومعتبر
هي التصاوير شاءتها الإرادة من / خير وشر ومن نفع من ضرر
فافطن لها واسمها الأشياء عندك في / حكم الكتاب كتاب الله فاعتبر
وخذ إشارة إلا وجهه لتفز / بما به فاز أهل الجانب الخطر
ونحن أهل الصفا لا نقبل الكدرا
ونحن أهل الصفا لا نقبل الكدرا / أقبل علينا صفيّاً واسمع الخبرا
وكن بأوصافنا في القرب متصفاً / تنل مرادك منا كيف منك جرى
واستعمل الصبر فيما كنت تطلبه / فإنما يبلغ الآمال من صبرا
واقصد إلهك لا تقصد سواه تفز / ويذهب الله عنك السوء والضررا
إياك إياك لا تشرك به أحداً / مما سمعت وما عيناك فيه ترى
فإنه واحد فرد تنزه عن / كل الحوادث بل لا يشبه الصورا
وقد تكفل بالأرزاق من أزل / لا الأغنيا هو ينساهم ولا الفُقرا
غيب عن العقل حق والسوى عدم / فحقق الأمر واترك كل ما خطرا
واقنع به حيثما وليت معترفاً / بفضله فاز من للفضل قد شكرا
ولا تكن يائساً منه وإن كثرت / منك الذنوب لعل الذنب قد غفرا
لا أنت تدري ولا يدري سواك وإن / جل المقام فإن السر قد سترا
واحذر من الأمن أيضاً فهو مهلكة / والله يمكر فاحسب أنه مكرا
ثم استقم دائماً ترجو مواهبه / وتختشي منه تقضي عنده الوطرا
إن الغنيَّ إلى المولى من افتقرا
إن الغنيَّ إلى المولى من افتقرا / في كل حال وعن أغياره نفرا
وما له رغبة في غير سيده / بحكمه هو راض منه كيف جرى
يا أغنياء بدرس العلم مطلبكم / مال وجاه وتقريب إلى الأُمَرا
خلوا المساكين في علم الإله ولا / تكلفوهم يزيلوا حالة الفُقرا
تحقيركم والأذى منكم لهم حسد / بل ذاك بغض وتقبيح بكم ظهرا
هم تاركون لكم ما تفخرون به / فلتتركوهم وكفوا عنهم الخبرا
خذوا التقدم في الدنيا بأجمعه / على الفقر وخلّوه يكون ورا
فكم تسيئون ظناً تغلبون به / فيظهر القهر والدنيا لمن قهرا
علومكم كلها في الله منشأها / من العقول على مقدار ما خطرا
أتحسبون بأن الدين أجمعه / ما عندكم من علوم من أراد قرا
دين النبي ابن عبد الله بحر هدى / أمواجه كل بحرٍ إن بدا بهرا
لا بالعقول ولا بالفكر يطلبه / من قد أراد وإن طول الدجى سهرا
وإنما هو في تقوى القلوب وما / في الوسع من طاعة بالصدق منك ترى
وبانكسار وذل في الطريقة مع / ذوق الفناء بوجدان لديك سرى
والذكر بالله لا باللفظ تورده / مع غفلة منك عنه كلما ذكرا
وراقب الله في الأحوال أجمعها / واحضر لديه به قد فاز من حضرا
غيب الغيوب بأسرار القلوب له / معاملات توالت تتبع القدرا
ما هذه عندنا الأجسام والصورُ
ما هذه عندنا الأجسام والصورُ / وإنما هذه الآيات والسورُ
كلام خالقنا كن أمره فيكو / ن الخلق أجمعهم يا من له بصر
حس فعقل فرب ليس يدركه / حس وعقل وفيه حارت الفكر
مراتب هي عين تلك واحدة / دنياك فالبرزخ الأخرى هي العبر
وقل هو الغير ثم الفصل منه له / فالذات وانظر به يكشف لك النظر
والحق حق قديم في مراتبه / عين المراتب والفاني هو الأثر
والأول الله لا ثان له أزلاً / والآخر الله لا تبقى له أخر
والظاهر الله والأغيار باطلة / والباطن الله لا يدرَى له خبر
كن عارفاً مثلنا بالله لا بك في / ما قلته لك واصدق أيها البشر
فإن قولي من القرآن مأخذه / وسنة المصطفى والقهر معتبر
فهم من الله لا مِنّا به ظهرت / لنا الحقائق لا يبقي ولا يذر
نور على النور يهدي الله خالقنا / لنوره من يشا حيث اقتضى القدر
فراشتي رأت النور الذي ظهرا
فراشتي رأت النور الذي ظهرا / نور الوجود الحقيقيْ يخطف البصرا
وهاجها النفخ في الناي الرخيم وقد / بدا الجمال من الوجه الذي بهرا
فألقت النفس منها فيه فاحترقت / فلم تغادر لها عيناً ولا أثرا
والناس قد جهلونا في فراشتنا / على اختلاف لهم في حقنا اشتهرا
فقال بعض هوت للنار تعبدها / والبعض قال عليها وَهْمُها قهرا
وقال بعض لها عشق يهيج بها / فتحسب النار نوراً والهوى غدرا
وكلهم أخطأوا فيها الصواب ولم / يشعر بها غير حرٍّ يعرف القمرا
يدري التجلي من الغيب الفريد على / من كان للفاعل الحق الحقيق يرى
هذا ومن عجب أن الفراشة لا / تبقى على حالها لما قضت وطرا
وكلما سقطت في الأرض محرقة / عادت كما هي داعي سرِّها جهرا
حتى تعود إليه وهو يحرقها / وباطل هي وهو الحق قد ظهرا
نحن الفراش جميعا حول شعلته / نطوف لكن درت عشاقنا الخبرا
كما أتى في كتاب الله يوم يكو / ن الناس هم كالفراش البث منه طرا
وليس يدري الذي لا عشق فيه إلى / وجه المليح ولا كيف الغرام جرى
في الغيب نور حقيقيٌّ يجل فلا / يهواه إلا الذي عمن سواه سرى
له ظهور بأشكال قد اختلفت / فيعشقون له الأشكال والصورا
وهو الجميل فلا شيء يشابهه / والقلب يعرف من كل القلوب برى
يا ناظرون قفوا ما عندكم خبر / حتى تذيبوا الحشى والعقل والفكرا
فراشكم لا يرى نور المليح ولا / ذاك الجمال الذي عنكم قد استترا
وإنما جيف الدينا لكم فتن / وغيركم قلبه غيب الغيوب درى
كم من حقير له سر تضمنه
كم من حقير له سر تضمنه / وآية هي عند الله معتبرَهْ
نايٌ تلقفت الألباب نغمته / مع أنه قصب في هيئة حقره
كمثل موسى عصاه حين أرسلها / تلقفت كل ما جاءت به السحره
من أين للسعد ما ندري وللرازي
من أين للسعد ما ندري وللرازي / فيما نحاول من كشف وإبراز
هما يقولان عن إدراك عقلهما / في الله تقييس بنيان بهنداز
من عصبةٍ واجهوا بحر الشريعة مع / دعوى النفوس فنالوا مِلْءَ أكواز
وينقل البعض عن بعض ويكنز ما / يروي فهم بين نقَّال وكناز
حتى إذا فهموا أقوال من سلفوا / وحرروها بتطويل وإيجاز
قالوا الجهابذة النقاد نحن فمن / لنا يساوي وأين البوم والبازي
كبائع الخبز لا يدري العجين ولا / طحن الدقيق ولا نيران خباز
سوى التناول مع تصفيف أرغفة / والبيع للغير في شام وأهواز
وفاض نحن عليها البحر فامتلأت / به بواطننا من غير إعواز
والحق واجهنا في كل ما علمت / حواسنا ثم لم نحتج لإجهاز
وزال لبس العمى عنا بطلعته / بنا وهم أسر إلباس وإلغاز
ونحن قلنا عن الفتح المبين وعن / نطق الوجود مقالاً ليس بالخازي
لنا الحقيقة سر الغيب نكشفه / عن المعاني التي في طيِّ إعجاز
بالفقر قمنا على أبواب عزة من / عنه صدرنا بتقدير وإفراز
كالبرق نلمع عن توجيه قدرته / مصورين به فيه بإحراز
والسعد يدرك والرازي ونحوهما / جمود ما هم به كالهازل الهازي
والحق حاجبهم عنه بأنفسهم / مقيدين بألقاب وأنباز
وأمرهم عنه ممتاز بما زعموا / وأمرنا نحن عنه غير ممتاز
معلقين به في كل حالتنا / نلجا إليه بإكرام وإعزاز
وهم يظنون ما هم فيه محض هدى / وغيره قول هماز ولماز
وعلمهم قطرة من علمنا مزجوا / بها مقالات طاغي الدين غماز
من رأي فلسفة حمقى مزخرفة / بادت بسيف من الإسلام هزهاز
علم الكلام الذي باعوا به وشروا / من الكلام كثيراً بيع بزاز
وقد نهى السلف الماضون عنه وهم / لم ينتهو حيث لا يغزوهمو غازي
لو لم تكن فيه سمعياته لغدت / منه مقالاته أقوال طناز
ولقبوه أصول الدين حيث لهم / فيه مباحث سمعيات مجتاز
والدين ما أصله إلا الكتاب وما / في سنة المصطفى وعداً بإنجاز
فخذ عن الله ما جاء الكتاب به / من العقائد مع إيمانك الشاز
وما به السنة الغراء قد وردت / على مرادهما إيقان فواز
تظفر بمعنى أصول الدين أجمعها / وتسترح من كلام فيه أزّاز