القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 96
إن رمت بالمثل التقريب مقتصدا
إن رمت بالمثل التقريب مقتصدا / فخذ مقالة من للحق قد وجدا
هذا مثالٌ ولم أقصد حقيقته / لديك فافهم مرادي واترك النكدا
إذا تعارجت تحكي اعرجاً فلقد / فعلت فعلاً وذاك الفعل منك بدا
وإنه عرضٌ بل صورة ظهرت / وأنت قيومها تبقى لديك مدى
وما لها من وجود غير فاعلها / والفاعل الحق لا تعدل به أحدا
قامت به الخلق طراً حيث هم عرض / وهم حجاب عليه دائماً أبدا
وكلهم فعله والوهم يجعلهم / أغياره وهو فعال كما وردا
لذاك عن كل ما الفعال يفعله / فليس يُسأَلُ بل هم يُسألون غدا
وما الإله بجسم لا ولا عرض / فافهم كلاميَ ذا وامدد إليه يدا
إن العوالم أعراض بأجمعها / كأنها في كلام الحق رجع صدى
والكل فان وللحق الظهور بهم / ظهور ملتبس تلقاه متحدا
قام الجميع به والكل منه له / أعراضه الفانيات الطالبات ندا
وهم يقولون بالأجسام قائمة / أعراضه يوهمونا مذهبا فسدا
وعند تعريفهم للجسم قد ذكروا / مجموع أعراض أمر عندهم قصدا
قالوا هو الجسم أعني ما تركب من / جواهرٍ فردةٍ قولاً لأهلِ هدى
والجوهر الفرد فيه الإختلاف وقد / نفاه قوم وقوم أثبتوه سدى
وقال قوم بأن الجسم ذلك ذو / طول وعرض وعمق قولُ أهلِ رَدى
وكل ذلك غير الحق قد وصلوا / إليه بالعقل لا بالشرع مستندا
مقالة عند أقوام فلاسفة / قد تابعوهم بها رأياً ومعتقدا
وإنما قولنا هذا ومشبهه / دين النبي ابن عبد الله للسعدا
ومن تأمل في الأقوال أجمعها / رأى الذي قد رأينا فاطلب المددا
وراء هذا الوجود عندي
وراء هذا الوجود عندي / وجود حقٍّ قديم عهدِ
مقدس الذات عن كلامي / بكل ما عنه كنت أبدي
وعن إشاراتي اللواتي / بها تحريت كل قصد
فلا تظنوا بأن هذا ال / وجود ذاك الوجود عندي
لأن هذا الوجود شيءٌ / له حدوثٌ من بعد فقد
وذاك غيب وغيب غيب / وذا عيان لكل عبد
والعقل عن ذاك في ضلال / وليس يدري طريق رشد
إلا بإيمانه بغيب / وكل ما الشرع جاء يهدي
وما أتانا به كتاب / وسنة للكمال يجدي
وترك عقل وحفظ نقل / لفرط سعيٍ له وجدِّ
فكن بهذا على يقين / وحدك إني بذاك وحدي
ولا تبالي بكل داع / إلى سواه أتى برد
هذا الوجود وهذا الواحد الأحدُ
هذا الوجود وهذا الواحد الأحدُ / ولا يشاركه في وصفه أحدُ
وكل من عنده دعوى الوجود طغى / يشارك الله وهو الله لا يلد
من أين جاء له هذا الوجود ألم / يكن له نظر في عين ما يجد
بكل شيء محيط قال خالقنا / وقد أحاط بهذا المدعي الصمد
وظالم هو في دعوى الوجود مع ال / لَه الذي هو نور دائماً يقد
وهو القريب المجيب الرب ليس له / حد ولا أزل معْهُ ولا أبد
وإنما الله هذا وحده وبه / أفعاله ظهرت منه لها المدد
وهو الوجود بلا شيء يخالطه / إذ كل شيء هو الفاني له سند
والظاهر الحق لا شيءٌ بدا معه / والباطن الحق فِقْ يا من له رشد
وكن بلا أنت كشفاً بالوجود ولا / تكن بنفسك كن ظلاً له عمد
واترك أقاويل أرباب العقول وخذ / بما به الله في القرآن معتمد
ولا تؤول نصوصاً عن ظواهرها / ولا تحرِّف وخذ طبقَ الذي يرد
يا من على الباب لا يردُّ
يا من على الباب لا يردُّ /
كيف عن الله فيك صدُّ /
فانظر كما أنت مستعدُّ /
مظاهر الحق لا تعدُّ / والحق فيها فلا يحدُّ
إن رمت أن لا يكون كربٌ /
ولم يزل في الفؤاد قربٌ /
كن عارفاً والفناء شربٌ /
إن بطن العبد فهو ربٌّ / وإن بدا الرب فهو عبد
ذب في التجلي ذاتاً ووصفا /
وكن من الروح فيه أصفى /
وإن ترم تعرف المصفَّى /
فظاهر لا يكاد يخفى / وباطن لا يكاد يبدو
هذا الوجود الحقيقيْ الواحد الأحدُ
هذا الوجود الحقيقيْ الواحد الأحدُ / يشف عنه لدينا الروح والجسدُ
أستغفر الله لا روح يشف لنا / عنه ولا جسد ما للعديم يد
والكل أجمعه عنه يشف كذا / لا والد خارج عنه ولا ولد
أستغفر الله عنه لا يشف لنا / شيء وغير وجود الله لا نجد
أنا العديم به كلي لأنيَ قد / ظهرت عن علمه بي فيه أتحد
والكائنات جميعاً فيه فانية / معدومة ليس منها دائماً أحد
الله أكبر رب الخلق أجمعهم / هذا الوجود الذي فيهم له مدد
والله خالقهم يعني مقدرهم / كما لنا جاء في القرآن يعتمد
وذاك في أزل الآزال ليس لنا / بداية فيه فهو الخالق الصمد
فاشهده فيك ولا تشهد لنفسك مع / شهوده أنت معدوم ومفتقد
وكلنا لم نزل في علمه أبداً / وعلمه ذاته بل علمه الأبد
هو الوجود ومعلوماته ظهرت / من علمه فيه لا يحصى له عدد
وإنه الحق فردٌ واحدٌ وبه / كل الخلائق منه دائماً جدد
فينظرون سريعاً بالوجود فهم / بأمره الحق مثل البرق يتقد
وأمره واحد وهو الوجود لهم / ذات هي الغيب لم تولد ولا تلد
أصابع الغيب فينا حركت عودَهْ
أصابع الغيب فينا حركت عودَهْ / وحرقت تحت أذيال الحجا عودَهْ
العقل أول مخلوق به وردت / أخبار طه رسول الله مقصوده
وليس ثم سواه واحد هو في / عين الحقيقة لاحت بيضه سوده
وذاك عقل وجود الحق قد ظهرت / عنه التصاوير بالتقدير محدوده
وفيه قوة تصوير الحقائق من / حس ومعنى مدا الأوقات مشهوده
وكل شيء من الأشياء أجمعها / قامت فمذمومة فيه ومحموده
والحق صوَّرها حتى تصورها / فيه فصارت بهذا الأمر موجوده
فالعقل في كل شيء ظاهر أبداً / بمقتضى الشيء يعطي نفسه جوده
وحقق القول أن الشيء منه له / رقيقة هي بالتحقيق ممدوده
مثل الأشعة عنه الكل قد ظهروا / قبضاً وبسطاً ليبدي الكل مجهوده
إنا فتحنا عليهم باب معرفة / وما سواه من الأبواب مسدوده
يا طلعة الشمس أو يا طلعة القمرِ
يا طلعة الشمس أو يا طلعة القمرِ / يختال في حلل الأشباح والصورِ
في القلب أنت وما في القلب أنت كما / إن أنت في بصري ما أنت في بصري
أنا وأنت كلانا واحد ظهرا / على البرية في بدو وفي حضر
وأنت أنت على ما أنت فيه كذا / أنا أنا مثل حالي أول العمر
هيهات أين الثريا والثرى ولقد / لاح المؤثر لي من كوَّة الأثر
ونحن يا معشر العشاق عادتنا / طوراً وطوراً وليس الخبر كالخبر
شدوا المناطق تعظيماً لخدمته / مزنِّرين على الأوساط بالأزر
يستنشقون رياح الموت قد ركبوا / خيل الردى أسرجت بالبؤس والضرر
باعوا الشفاء بسقم والهنا بعناً / والعز بالذل والإغفاء بالسهر
وإن صفا الماء أبدى ما يقابله / ولا حلول ولا تغيير فاعتبر
يا ذا الذي لامني جهلاً رويدك بي / فأنت عندي محسوب من البقر
أمري عظيم وشأني لا تحيط به / ما لم يرق منك ماء الروح من كدر
فانظر لنفسك وافرغ من نصيحتها / ثم انصح الغير وابدي الفضل وافتخر
ويلي من العاذل المغرور في عذلي / يظن باعي عن العلياء في قصر
حتى غدا زاعماً من فرط طاعته / وزهده أنه من أفضل البشر
وليس يعلم ما تجنى عبادته / من الحجاب له عن لذة النظر
ومن إلى الزهد والطاعات ينظر عن / مولاه أعمى ومن بالعكس ذو بصر
ونحن قوم عن الأغيار همتنا / ترفعت لعزيز الأمر مقتدر
لا الزهد عمن سواه عنه يحجبنا / ولا بطاعته عنا بمستتر
قمنا به لا بنا حيث الوجود له / والظل ليس بموجود من الشجر
افتح عيونك في الآيات والسورِ
افتح عيونك في الآيات والسورِ / واحذر غرورك بالأشباح والصورِ
واعلم بأن جميع الكون مغلطة / واقبل على العين لا تقبل على الأثر
إن التقلب للقلب الذي هو ما / بين الأصابع فيما صح في الأثر
فتارة هو في غيبٍ يحار به / وتارة في شهود غير مستتر
ومنه لي نفس الرحمن منهبط / لم يبق من جملتي شيئاً ولم يذر
وزاد جسمي المسوَّى نفخُه طرباً / حتى تعشقت صوت الناي والوتر
وقد سمعت ومن بعض النداء أنا / صوت المنادي بإيمان على البشر
هو الوجود له منه الرسول أتى / مبشراً ونذيراً صادق الخبر
إن السماع سماع الناي والوترِ
إن السماع سماع الناي والوترِ / يسقي أراضي نفوس الناس كالمطرِ
فإن يكن في النفوس الخبث أنبته / وبالشقاء له نوع من الثمر
وإن يكن في النفوس الطيب فاح له / بين البرية ريا عنبرٍ عطِر
فاكشف بعقلك عما أنت فيه وكن / من التباس أمور النفس في حذر
وكل من قال بالتحريم مقصده / تحذير ذي الطيب للتذكار والفكر
ومن يقل فيه بالتحليل فهو على / إرشاد ذي الخبث من مستحكم الشرر
ومقصد الكل في الإسلام منفعة / حاشا بأن يقصدوا للناس من ضرر
ولا تسئ في الورى ظناً بجهلك من / حاز الكمال وعنه كنت في قصر
أقم على نفسك الميزان معترفاً / بالجهل عن كل من لم تدر في البشر
فإن لله في طي الوجود على / مر الزمان زكيات من الفطر
هلا غنيتم بما غنّى به الوترُ
هلا غنيتم بما غنّى به الوترُ / فتسمعوا منه يا عشاقه وَتَروا
فإن في نغمة الطنبور بارقة / من البروق التي في القلب تستعر
واستنطقوا الدفَّ ينطقْ بالإشارة عن / معنىً بدا وهو في الأكوان مستتر
وهي المعاني تراءت في السماع لنا / عنها لقد كان محجوباً بها البصر
وأخبرتنا إشارات الصنوج بها / فهيَّم القلبَ منا ذلك الخبر
حتى انعطفنا على السنطير نسأله / عن عينه فتبدى منه لي أثر
وقال لي الناي إني من إشارته / ونفخ روحي منه تبعث الصور
والعود عاد بصوت في الغناء شجٍ / وقال نحن وأنتم كلنا عبر
ونسبة الأمر منا في الوجود سوا / ومن مشى في ظلام غره القمر
وما السماع بهادي العاشقين له / ما لم يكن حاصلاً من قبله النظر
تبارك الله ما في الدار ديّارُ
تبارك الله ما في الدار ديّارُ / وإنما هي نيران وأنوارُ
وقد أماطت سليمى عن براقعها / فوجهها مشرق والطرف سحّار
وما الجميع سوى إشراق بهجتها / دوائرٌ كلهم عنها وأدوار
إن أومأت كانت الأكوان ظاهرة / عنها وإلا ففيها الكل أسرار
جلت عيون بها منها لها نظرت / في صبغة الكون حيث الكون أطوار
يا مالك الملك منا قد ظهرت لنا / وأنت أعياننا والإسم أغيار
ملكتنا فملكنا ما ملكت وعن / ذواتنا قد أميطت منك أستار
وإنما هي ذات بالورى كثرت / فقل شموس وقل إن شئت أقمار
رنات أوتار أسماء لذاتك لا / كما يقولون رنات وأوتار
بها طربنا وفيها أنت مطربنا / وما لغيرك أسماع وأبصار
سقيتنا أيها الساقي بأكؤسنا / خمر التجلي وفينا دب إسكار
ونحن كأس وأنت الخمر تشربه / وكل معنى أتانا منك خمّار
كتبتنا بك في ألواح نشأتنا / فنحن عنك أحاديث وأخبار
صرف الوجود به عنه الشؤن بدت / كما الدخان له قد أبدت النار
وما كذلك نفس الأمر في نظري / وإنما الكل في أقوالهم حاروا
نحن العبيد وإن وصلتنا كرماً / فإنما نحن يا مولاي أحرار
وإننا أنت لا شيء سواك هنا / ولكن الحكم هتّاكٌ وستار
إيماء جفنك يا ذا العين يظهرنا / فأشقياء كما شاءت وأبرار
وأنت أنت على ما أنت من قدم / ونحن نحن فلا نقص ولا عار
وهذه نسب أنت اعتبرت لها / فيها فكان لهم كتمٌ وإظهار
وحاصل الأمر أن الأمر حاصله / هذا ولكنه بالغير غرّار
الله أكبر لا يدري مقالتنا / في كوننا غيرنا والكل محتار
الله أكبر نحن الغائبون به / عنا وليس لنا في ذاك آثار
ولا سوانا من الأكوان يعرفنا / والغيب نحن وهذا القول إضمار
الله أكبر عزت ذاته وعلت / فليس تدرك آراء وأنظار
وهو العليم به في الكل ليس له / عنه خفاء فذو لطف وجبار
بدا فقالوا هي الأرواح قد حكمت / على جسوم لها في الكون أعمار
وهو الخفي فلا أرواح تعرفه / ولا جسوم وحارت فيه أفكار
فإن يشأ يهتدي كل إليه بما / قد ضل فيه وعنه زال إكفار
وإن يشأ فبما قد آمنت كفرت / قوم وإن شاء فالإقلال إكثار
حقيقة ما اقتضى شيء لها أثراً / ترومه فهي إيرادٌ وإصدار
ولم نقل مثل ما قد قال شاعرهم / وإنما هي إقبال وإدبار
أنا الذي قول محيي الدين قلتُ به / بيتين ضمنُهما للناس تذكار
البحر بحرٌ على ما كان من قدمٍ / إن الحوادث أمواج وأنهار
ولا أقول بتكرار الوجود ولا / عود التجلي فما في الأمر تكرار
قد صرت كلي قلوباً فيه تحتار
قد صرت كلي قلوباً فيه تحتار / لما تجلى وما يختار نختارُ
والكل مني له الآذان مصغية / وإن نظرت فكلي فيه أبصار
غيب تحجب في الأكوان فهو بها / نور ونار ولا نور ولا نار
وهو الوجود النزيه الصرف عز فلا / شيء سواه وعنه الكل آثار
إذا أراد بدا ذاك المراد به / كما يريد وكانت منه أغيار
والكل في علمه لكن إرادته / تخفى وتبدي فكتمان وإظهار
جل المهيمن في تقديس حضرته / عمن سواه به كل الورى حاروا
لا ذنب للعقل هذا قدر طاقته / وذاك منه تسابيح وأذكار
لكنه إن يكن بالعجز معترفاً / فمؤمن هو أو لا فهو كفّار
إذ ليس للحق مع شيء مناسبة / ولا بوجه فكالتصديق إنكار
وجه الحبيبِ بدا في الكائنات لنا
وجه الحبيبِ بدا في الكائنات لنا / ونحن بالشوق في همٍّ وأكدارِ
وقد تحير من يدري بحالتنا / فالعين في جنة والقلب في نارِ
لا فرق عندي بين الوتر والوترِ
لا فرق عندي بين الوتر والوترِ / وليلة القدر عندي ليلة القدرِ
قد قال يفرق فيها قول خالقنا / من كل أمر حكيم حكم مقتدر
فانهض بذوقك للطنبور تسمعه / والنايِ فالخُبْرُ يُستوفَىمن الخبر
وإنها حركات من يد وفم / ومن يراع ومن رق ومن وتر
وما المحرك إلا واحد هو في / غيب الغيوب تعالى مظهر الأثر
وأنت تعرف هذا لست تنكره / لكن بفهمك مفتون وبالفكر
ليس المغنى وليس الدف في يده / غير المصور فينا سائر الصور
وكلها عدم يبدو الوجود بها / ويختفي عند مغرور ومعتبر
هي التصاوير شاءتها الإرادة من / خير وشر ومن نفع من ضرر
فافطن لها واسمها الأشياء عندك في / حكم الكتاب كتاب الله فاعتبر
وخذ إشارة إلا وجهه لتفز / بما به فاز أهل الجانب الخطر
ونحن أهل الصفا لا نقبل الكدرا
ونحن أهل الصفا لا نقبل الكدرا / أقبل علينا صفيّاً واسمع الخبرا
وكن بأوصافنا في القرب متصفاً / تنل مرادك منا كيف منك جرى
واستعمل الصبر فيما كنت تطلبه / فإنما يبلغ الآمال من صبرا
واقصد إلهك لا تقصد سواه تفز / ويذهب الله عنك السوء والضررا
إياك إياك لا تشرك به أحداً / مما سمعت وما عيناك فيه ترى
فإنه واحد فرد تنزه عن / كل الحوادث بل لا يشبه الصورا
وقد تكفل بالأرزاق من أزل / لا الأغنيا هو ينساهم ولا الفُقرا
غيب عن العقل حق والسوى عدم / فحقق الأمر واترك كل ما خطرا
واقنع به حيثما وليت معترفاً / بفضله فاز من للفضل قد شكرا
ولا تكن يائساً منه وإن كثرت / منك الذنوب لعل الذنب قد غفرا
لا أنت تدري ولا يدري سواك وإن / جل المقام فإن السر قد سترا
واحذر من الأمن أيضاً فهو مهلكة / والله يمكر فاحسب أنه مكرا
ثم استقم دائماً ترجو مواهبه / وتختشي منه تقضي عنده الوطرا
إن الغنيَّ إلى المولى من افتقرا
إن الغنيَّ إلى المولى من افتقرا / في كل حال وعن أغياره نفرا
وما له رغبة في غير سيده / بحكمه هو راض منه كيف جرى
يا أغنياء بدرس العلم مطلبكم / مال وجاه وتقريب إلى الأُمَرا
خلوا المساكين في علم الإله ولا / تكلفوهم يزيلوا حالة الفُقرا
تحقيركم والأذى منكم لهم حسد / بل ذاك بغض وتقبيح بكم ظهرا
هم تاركون لكم ما تفخرون به / فلتتركوهم وكفوا عنهم الخبرا
خذوا التقدم في الدنيا بأجمعه / على الفقر وخلّوه يكون ورا
فكم تسيئون ظناً تغلبون به / فيظهر القهر والدنيا لمن قهرا
علومكم كلها في الله منشأها / من العقول على مقدار ما خطرا
أتحسبون بأن الدين أجمعه / ما عندكم من علوم من أراد قرا
دين النبي ابن عبد الله بحر هدى / أمواجه كل بحرٍ إن بدا بهرا
لا بالعقول ولا بالفكر يطلبه / من قد أراد وإن طول الدجى سهرا
وإنما هو في تقوى القلوب وما / في الوسع من طاعة بالصدق منك ترى
وبانكسار وذل في الطريقة مع / ذوق الفناء بوجدان لديك سرى
والذكر بالله لا باللفظ تورده / مع غفلة منك عنه كلما ذكرا
وراقب الله في الأحوال أجمعها / واحضر لديه به قد فاز من حضرا
غيب الغيوب بأسرار القلوب له / معاملات توالت تتبع القدرا
ما هذه عندنا الأجسام والصورُ
ما هذه عندنا الأجسام والصورُ / وإنما هذه الآيات والسورُ
كلام خالقنا كن أمره فيكو / ن الخلق أجمعهم يا من له بصر
حس فعقل فرب ليس يدركه / حس وعقل وفيه حارت الفكر
مراتب هي عين تلك واحدة / دنياك فالبرزخ الأخرى هي العبر
وقل هو الغير ثم الفصل منه له / فالذات وانظر به يكشف لك النظر
والحق حق قديم في مراتبه / عين المراتب والفاني هو الأثر
والأول الله لا ثان له أزلاً / والآخر الله لا تبقى له أخر
والظاهر الله والأغيار باطلة / والباطن الله لا يدرَى له خبر
كن عارفاً مثلنا بالله لا بك في / ما قلته لك واصدق أيها البشر
فإن قولي من القرآن مأخذه / وسنة المصطفى والقهر معتبر
فهم من الله لا مِنّا به ظهرت / لنا الحقائق لا يبقي ولا يذر
نور على النور يهدي الله خالقنا / لنوره من يشا حيث اقتضى القدر
فراشتي رأت النور الذي ظهرا
فراشتي رأت النور الذي ظهرا / نور الوجود الحقيقيْ يخطف البصرا
وهاجها النفخ في الناي الرخيم وقد / بدا الجمال من الوجه الذي بهرا
فألقت النفس منها فيه فاحترقت / فلم تغادر لها عيناً ولا أثرا
والناس قد جهلونا في فراشتنا / على اختلاف لهم في حقنا اشتهرا
فقال بعض هوت للنار تعبدها / والبعض قال عليها وَهْمُها قهرا
وقال بعض لها عشق يهيج بها / فتحسب النار نوراً والهوى غدرا
وكلهم أخطأوا فيها الصواب ولم / يشعر بها غير حرٍّ يعرف القمرا
يدري التجلي من الغيب الفريد على / من كان للفاعل الحق الحقيق يرى
هذا ومن عجب أن الفراشة لا / تبقى على حالها لما قضت وطرا
وكلما سقطت في الأرض محرقة / عادت كما هي داعي سرِّها جهرا
حتى تعود إليه وهو يحرقها / وباطل هي وهو الحق قد ظهرا
نحن الفراش جميعا حول شعلته / نطوف لكن درت عشاقنا الخبرا
كما أتى في كتاب الله يوم يكو / ن الناس هم كالفراش البث منه طرا
وليس يدري الذي لا عشق فيه إلى / وجه المليح ولا كيف الغرام جرى
في الغيب نور حقيقيٌّ يجل فلا / يهواه إلا الذي عمن سواه سرى
له ظهور بأشكال قد اختلفت / فيعشقون له الأشكال والصورا
وهو الجميل فلا شيء يشابهه / والقلب يعرف من كل القلوب برى
يا ناظرون قفوا ما عندكم خبر / حتى تذيبوا الحشى والعقل والفكرا
فراشكم لا يرى نور المليح ولا / ذاك الجمال الذي عنكم قد استترا
وإنما جيف الدينا لكم فتن / وغيركم قلبه غيب الغيوب درى
كم من حقير له سر تضمنه
كم من حقير له سر تضمنه / وآية هي عند الله معتبرَهْ
نايٌ تلقفت الألباب نغمته / مع أنه قصب في هيئة حقره
كمثل موسى عصاه حين أرسلها / تلقفت كل ما جاءت به السحره
من أين للسعد ما ندري وللرازي
من أين للسعد ما ندري وللرازي / فيما نحاول من كشف وإبراز
هما يقولان عن إدراك عقلهما / في الله تقييس بنيان بهنداز
من عصبةٍ واجهوا بحر الشريعة مع / دعوى النفوس فنالوا مِلْءَ أكواز
وينقل البعض عن بعض ويكنز ما / يروي فهم بين نقَّال وكناز
حتى إذا فهموا أقوال من سلفوا / وحرروها بتطويل وإيجاز
قالوا الجهابذة النقاد نحن فمن / لنا يساوي وأين البوم والبازي
كبائع الخبز لا يدري العجين ولا / طحن الدقيق ولا نيران خباز
سوى التناول مع تصفيف أرغفة / والبيع للغير في شام وأهواز
وفاض نحن عليها البحر فامتلأت / به بواطننا من غير إعواز
والحق واجهنا في كل ما علمت / حواسنا ثم لم نحتج لإجهاز
وزال لبس العمى عنا بطلعته / بنا وهم أسر إلباس وإلغاز
ونحن قلنا عن الفتح المبين وعن / نطق الوجود مقالاً ليس بالخازي
لنا الحقيقة سر الغيب نكشفه / عن المعاني التي في طيِّ إعجاز
بالفقر قمنا على أبواب عزة من / عنه صدرنا بتقدير وإفراز
كالبرق نلمع عن توجيه قدرته / مصورين به فيه بإحراز
والسعد يدرك والرازي ونحوهما / جمود ما هم به كالهازل الهازي
والحق حاجبهم عنه بأنفسهم / مقيدين بألقاب وأنباز
وأمرهم عنه ممتاز بما زعموا / وأمرنا نحن عنه غير ممتاز
معلقين به في كل حالتنا / نلجا إليه بإكرام وإعزاز
وهم يظنون ما هم فيه محض هدى / وغيره قول هماز ولماز
وعلمهم قطرة من علمنا مزجوا / بها مقالات طاغي الدين غماز
من رأي فلسفة حمقى مزخرفة / بادت بسيف من الإسلام هزهاز
علم الكلام الذي باعوا به وشروا / من الكلام كثيراً بيع بزاز
وقد نهى السلف الماضون عنه وهم / لم ينتهو حيث لا يغزوهمو غازي
لو لم تكن فيه سمعياته لغدت / منه مقالاته أقوال طناز
ولقبوه أصول الدين حيث لهم / فيه مباحث سمعيات مجتاز
والدين ما أصله إلا الكتاب وما / في سنة المصطفى وعداً بإنجاز
فخذ عن الله ما جاء الكتاب به / من العقائد مع إيمانك الشاز
وما به السنة الغراء قد وردت / على مرادهما إيقان فواز
تظفر بمعنى أصول الدين أجمعها / وتسترح من كلام فيه أزّاز

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025