المجموع : 44
قَد عاودَ القَصْفَ والنَدمانَ والقَدَحا
قَد عاودَ القَصْفَ والنَدمانَ والقَدَحا / وكانَ نَشوانَ من كأسِ التُّقى فَصَحا
شَيخٌ غدا في رباطِ النُّسك مرتبكاً / فَيا لَها سُبَحاً كانَتْ لهُ شَبَحا
لاقاه إبليس في الماخورِ صاحِبُه / وكانَ غَضْبانَ لمّا تابَ فاصطَلَحا
وقالَ يا بأبي أَفديكَ مِن وَلَدٍ / لغيرِ ما سُمعتُه في الفِسقِ ما صَلُحا
إذا تَرَكْتُكَ مَنْ في النّاس يخْلفُني / وأَنتَ لي أَكبَر الأعوان والنُّصَحا
وَتُنْعِش اللّهوَ بالألحانِ مُغْتَبقاً / وتوقِظ العِشْقَ بالأَنغامِ مُصْطَبَحا
دَعِ التَستُّرَ لا تَرْدَعْكَ لائمةٌ / وَخُذْ مِنَ العيشِ ما وافاكَ أو سَنَحا
ما لذَّةُ القَصْفِ أنْ تأتيهِ مُسْتَتِراً / بلْ لذَّة العِشقِ أنْ تأتيهِ مُفْتَضَحا
واقصُدْ عُمَيْرَةَ للتزويجِ إنَّ لها / بيتاَ غَدَتْ في سماء الحُسْنِ شَمسَ ضُحى
وقد هَجينَكَ وأمشِ الرَّمْلَ ذا عَنَقٍ / وانزِل بهِ حَيْثُما دارتْ لَدَيْكَ رَحَى
ذاتُ القِوامِ الذي يَهْتَز غُصنَ نَقا / لو مرَّ يوماً عليه طائرٌ صَدَحا
تُبدي على الدُّفِّ كالجمّارِ مِعْصَمَها / لِنَقْررَةٍ بِبَنَانٍ يُشبِهُ البَلَحا
غِناؤها برَقيقِ الغِنجِ مُمْتَزجٌ / فَما يُنَقِّطُ إلاّ كلَّ مَنْ رَشَحا
واجمَعْ مَعَ الصُّبحِ واحْصُدْ ما زَرَعْتَ بهِ / مَع المساءِ وكن في الحرمِ مثل جحا
ولُذ بعنقِ التّقي العطارِ مُنبَسِطاً / للسّكِّ بالكفِّ أنىّ طابَ وانشرحا
وبالْجَرَنْعِ وَعامْلهُ على ثِقَةِ / منَ الوفاء ولا تَصْفحْهُ إن صَفَحا
ثَورانِ كم سكّةٍ للحرث قد دَرَسا / لولا معاقَرَةُ الأَقداح لانتَطَحا
فَخُذْ وَصِيّةَ شيخٍ مُدْبرٍ وأبٍ / لو وازنوكَ بهِ في الفِسْقِ ما رَجحا
قالَ السميطُ لَقَد حَمُصت تقلِيَةً / لو قالَ ذا القول تَيْسٌ قَطُّ ما ذُبِحا
أفدي الذي زارني عندَ الضُّحى بالخورْ
أفدي الذي زارني عندَ الضُّحى بالخورْ / ونحنُ في ظِلِّ بانات النّقا والحَورْ
وقام للسّاقية يَبغي هناكَ الدّور / فقلتُ إنَّ القَمَرْ يُشرِفْ بِبُرج الثّورْ
لاموا على عِشْقِ مَن فيهِ الورى حارَتْ
لاموا على عِشْقِ مَن فيهِ الورى حارَتْ / وقالوا أعورْ بقى إذْ مُقلتوا ثارَتْ
فَقُلتُ عَيناهُ تُهوى كيفما صارتْ / ذي ضُرَّتينِ وذي مِن حُسنِها غارتْ
كم تحمّلْ خاطري هذا المعنى أنكادْ
كم تحمّلْ خاطري هذا المعنى أنكادْ / في عشقِ كُلِّ مُهفهفٍ كالقَنامَيّادْ
رأَيتُ للقَيمَرِيّةِ هاهُنا أَولادْ / لكنْ رأيتو كما قيلَ النُّجومْ أكرادْ
قُلْ لِلفَتى الماجدِ السِّراجي
قُلْ لِلفَتى الماجدِ السِّراجي / وَقَدْ غَدا عونَ كُلِّ راج
عِندَكَ إليكَ فَضلاً / تراهُ منْ أَملَحِ الأحاجي
دجاجةٌ تَغْتَذي من / في جملةِ الدجاجِ
تنقُرُ فَهَلْ تَراها / وقفاً لِما يَقتضي مزاجي
أَفدي طبيباً فاقَ البرايا
أَفدي طبيباً فاقَ البرايا / إذْ كُحلُهُ في العيونِ حُسْنُ
أسيافُ لحظِ الحبيبِ كَلّتْ / فَهْيَ بأسيافهِ تُسَنُّ
لأَجلهِ إذْ غَدَتْ سُيوفاً / كُلُّ طَبيبٍ لهُ مِسَنُّ
قَلبي بِعَزَّةَ ذاتِ العزِّ مفتون
قَلبي بِعَزَّةَ ذاتِ العزِّ مفتون / متَيّمٌ في الهوى العُذري مَحزونُ
وما كَلِفْتُ بِحُبي عزَّة سَفَعاً / إلاَّ وعِزِّيَ في أمر الهوى هونُ
بيضاءُ مصقولةُ الخدَّينِ ناعِمةٌ / كأنّها لؤلؤٌ في الخدر مَكنونُ
حُسنٌ جرى قَلَمُ الباري فابَدَعهُ / خَطّاً تَحارُ لَمِرآهُ الدَّواوينُ
وَقَدُّها ألفٌ حُسناً وَمَبْسِمُها / ميمٌ وحاجِبُها في شَكْله نونُ
وَصَدْغُها عِطفُه واوٌ وَمُقْلَتُها / صادٌ وَطُرَِّتُها من شَعِرها سين
حَسناءُ قَد كَمُلَتْ في حُسن صورَتها
حَسناءُ قَد كَمُلَتْ في حُسن صورَتها / فَحُسْنُها لم يَحزهُ قطُّ تَحسين
فالخدُّ والصّدغُ إذ تبدو وَمَبْسمُها / وردٌ وآس وريحانٌ وَنَسرينُ
الغُصنُ يُعْهَدُ في البُستان مَغْرِسُه / وهذه غُصُنٌ فيه بَساتينُ
راشت لواحِظُها نَبلاً فَحاجِبُها / قوسٌ على أنّهُ بالموت مَقرونُ
ضاهى الخلائفَ في الأحكام مُقتَدراً
ضاهى الخلائفَ في الأحكام مُقتَدراً / بينَ الخلائقِ عَدْلاً وهو مأمونُ
قد طالَ جامعُ طولونَ بذلكَ أو / نَسى به إذ نشا للِحُسْنِ طولونُ
أينَ المناظِرُ منْ تلكَ المنائر إذْ / للدِّينِ تِلكَ وللهْوِ المَيادينُ
صَعِدتُها فَغَدت أصدافَ جوْهرةٍ / وكانَ أشباهَها قبلُ الحلازينُ
فانظُرْ إليَّ بِعيْنٍ منكَ مُغنية / فَلَيْسَى عِندِيَ لاأقجاولا الطونُ
كأنّها الأرضُ من بَرْدِ الهواءِ بها
كأنّها الأرضُ من بَرْدِ الهواءِ بها / وَيَبْسِهِ تَسْتَمِدُّ البردَ منِ زُحَلِ
والشَمسُ في أولِ الأبراجِ قد خَرِفتْ / فليسَ تفرُقُ بين الجَدْي والحملِ
حبّيَ ما عابَهُ أصفرارُ
حبّيَ ما عابَهُ أصفرارُ / كلاَّ ولا شانَهُ انسطال
وما أرتعى الحشيش إلاَّ / لتَعلموا أنّه غَزالُ
إذا تَذّكرتُ إخواناً صَحِبْتُهُمُ
إذا تَذّكرتُ إخواناً صَحِبْتُهُمُ / في طول عمري وما بالعَهْد من قِدَمِ
وَجَدتُ قلبي وما زالَ الوفيَّ لَهُم / في طولِ صُحْبَتهمْ لم يخلُ مِن أَلَمِ
إنَّ ابن رُزَّيكَ ذقنُ
إنَّ ابن رُزَّيكَ ذقنُ / جوف أصل رحمِ أمِّهِ وأُمّي
أنا واسُمه وجيهٌ / فاعجَبُ لَجمعِ اسمهِ معَ اسمي
مقالةٌ لا أُلامُ فيها / قَد جَمَعَتْ شَتْمَهُ وَشَتْمي
مَدَحْتُه وَهْوَ لَمْ يُفَرِّقْ / ما بينَ مَدْحي لهُ وذَمِّي
حتّى إذا ما دَنَوْتُ منهُ / من ساعَتي مُعْلِناً بِنَظمي
قَلّصَ لي أنفَهْ كأنّي / في عُبهِ بِكُمي
لا تَعْجَبوا من حَرامِ وَصلٍ
لا تَعْجَبوا من حَرامِ وَصلٍ / غادَرتُه بالعَفافِ خِلاَّ
خمرْ غَرامي استحالَ خلاً / فَصارَ عندَ الوصالِ حِلا
قد قامَ ناعي الدُّجى على ساق
قد قامَ ناعي الدُّجى على ساق / يا حاسيّ الكاس نَبِّهِ السّاقي
وبشّرَت بالصّباح ساجِعةٌ / خضيبةُ الكفِّ ذاتُ أَطواقِ
ورقاءُ تَشدو بعودِها طرباً / محجوبةٌ منه بينَ أوراقِ
وللصّبا في الرِّياضِ إذْ نَعَسَ / النّرجِسُ بالطّلِّ مَشْيُ سُرّاقِ
فاغتنم العمرَ في أَوائلهِ / فَلَسْتَ تَدري أواخرَ الباقي
يا سادةً كرُموا أصلاً وجودُهُمُ
يا سادةً كرُموا أصلاً وجودُهُمُ / عَوني وَغَوثي على الأَحداثِ في زَمَني
ما زِلتُ أسألُ رَبِّي إنْ أعانَ على / شُكري لَكُم بِمُعينِ إذْ وهى لسني
حتّى رُزِقتُ غُلاماً في مخايله / فَصاحةٌ كَمُنَتْ في مَنْظَرٍ حَسَنِ
فَخُذْهُ منِّي إليكَ اليومَ تقدُمَةً / عَبْداً ولكنّه عبدٌ بِلا ثَمَنِ
رْزِقتُه وَيَدي صفرٌ فقلتُ أسىً / يا ليتَ لا كانَ مولوداً ولم أَكُنِ
إنْ لم تُدارِكه روحُ القدسِ منك أبا / عيسى برفدٍ يَمُتْ من قِلّةِ اللبنِ
إذ أُمُّهْ لم تَجِد قوتاً ولا امتلأت / بطناً لدى شيء قط غير بعض مني
أصلحتُ مَن طبعُه الفَسادُ
أصلحتُ مَن طبعُه الفَسادُ / وَقُدتُ مَنْ شأنُهُ العنادُ
فأراَ وَهِرْاً ألفت حتى / تأكّدَ الحبُّ والودادُ
ديكي صّياح من الهنود
ديكي صّياح من الهنود / حذارِ من باسه الشّديدِ
إنْ كانَ مِنقارُهُ فطاراً / فإنَّ كفّيهِ من حَديدِ
كأنما عُرفُه عَقيقٌ / يرى على وردةِ الخدودِ
لهُ إذا هاجَهُ نِفارٌ / منْ خَصمهِ وَثبَةٌ الأسودِ
أُنظرُ إلى الفيلِ في تهويلِ خِلقَته
أُنظرُ إلى الفيلِ في تهويلِ خِلقَته / واعجَبْ لإتقانِ صُنعِ الخالق الباري
كَقُبّةٍ بُنيتْ عمداً على عَمَد / وَقُيِّرَت ظاهراً بالزّفتِ والقارِ
بل كالسّفينةِ في يمٍ قد انقَلَبتْ / وَقد رمى ظهرها رام ببتارِ
تخالُ من وَرَقِ القلقاسِ قد نَبَتَتْ / أذناهُ حينَ تراهُ غادياً ساري
أَرَثَِّ صرفُ الزَّمانِ حالي
أَرَثَِّ صرفُ الزَّمانِ حالي / فما لِدَهري تُرى وَمالي
حتى كأني لهُ عَدُو / يَرشقُني منه بالنِّبالِ
أَينَ زماني الذي تَقَضّى / وأينَ جاهي وأينَ مالي
وأَينَ خُفّي وَطَيلساني / وأينَ قيلي وأَينَ قالي
وأَينَ عَيشي وأَينَ طيشي / وأَينَ حُسْني وَحُسنُ حالي
ونحنُ في فِتيةٍ كِرامٍ / فَخارُهُم في الفخارِ عالي
ونحنُ في مَجْلس بديعٍ / جلَّ عنِ الوصفِ والمثالِ
جَمَعَ فيهِ من كُلِّ حُسْنٍ / فَتَمَّ في غايةِ الكمالِ
فالدُّفُّ دفْ دُفْ دُدُف دُدُفْ دُفْ / والزَّمرُ تَلْتَلْ تَلَلْ تَلالي
والجنكُ تِنْتِنْ تنِنْ تِتِنْتِنْ / تُصلِحُه رَبّةُ الحجالِ
غَنّت فَهامَ الفؤادُ مِنّي / وجداً إلى سِحْرها الحَلالِ
وَبَيْنَنا قهْوَةٌ كَثيرةٌ / رَصّعَها المزجُ باللآلي
يُديرها شادِنٌ رَقيقٌ / مُهَفْهَفُ القَدِّ ذو اعتِدال
جَديدَةُ الطّعمِ عَتّقَتْها / الفاً فأَلفاً يدُ الليالي
مُوَرَّدُ الوَجنتينِ حُلْوٌ / سِواهُ في النّاس ما حَلالي
قُلتُ لَهُ إذْ أَطالَ وَعدي / وَلَجَّ في العُذْر والمطال