المجموع : 72
عَادَ وكَمْ قالَ لا أَعودُ
عَادَ وكَمْ قالَ لا أَعودُ / كأَنَّما وَعْدُهُ وَعِيدُ
أَحسنُ ما نحنُ في وصالٍ / يَعْرِضُ ما بيننا الصُّدُودُ
وكَمْ تَجَلَّدْتُ لا لِأَنِّي / عَلى عذابِ الهَوى جَليدُ
لكِنَّني طالِبٌ رِضاهُ / وهكذا تفعلُ العَبيدُ
يا غائِباً لم يَغِبْ هَواهُ
يا غائِباً لم يَغِبْ هَواهُ / عنْ قلبِ صَبٍّ به عَميدِ
قد صارَ يومُ الفِراقِ عندي / أَظلمَ منْ ظُلمَةِ الصُّدودِ
وكلُّ أُنْسٍ تَغيبُ عنهُ / فإِنَّهُ وحشةُ الجُحودِ
لَوْ فَجَعَ البَيْنُ قلبَ صَبٍّ / ذابَ ولوْ كانَ مِنْ حَديدِ
لَوْ مَرَّ لي نَفَسٌ بالنَّارِ أَحْرَقَها
لَوْ مَرَّ لي نَفَسٌ بالنَّارِ أَحْرَقَها / بِحَرِّهِ ولو أَنَّ النَّارَ مِنْ بَعَدِ
وَلَوْ هَوِيتُ حِمامي فيهِ فارقني / من قبلِ فُرقتِهِ روحي من الجَسَدِ
وما أُطيقُ لما أَلقاهُ مِنْ كَمَدٍ / أَقُولُ واكَبِدي مِنْ شِدَّةِ الكَمَدِ
ودَّعتُها وَلَهيبُ الشَّوقِ في كبدي
ودَّعتُها وَلَهيبُ الشَّوقِ في كبدي / والبينُ يُبْعِدُ بينَ الروحِ والجَسَدِ
وَدَاعَ صَبَّيْنِ لم يُمكِنْ وَدَاعُهُما / إِلا بِأَلْحاظِ عَيْنٍ أَوْ بَنانِ يَدِ
وحاذَرَتْ أَعْيُنَ الواشِينَ فانصرفَتْ / تَعَضُّ مِن غيظِها العنَّابَ بِالبَرَدِ
وكانَ أَوَّلُ عهدِ العينِ يَوْمَ نَأَتْ / بِالدَّمْعِ آخِرَ عَهْدِ القَلْبِ بِالْجَلَدِ
اُنْظُرْ وإِنْ كانَ حَتفي منكَ في النَّظَرِ
اُنْظُرْ وإِنْ كانَ حَتفي منكَ في النَّظَرِ / تَنْظُرْ إِلى شَبَحٍ أَخْفى مِنَ الفِكرِ
يا منْ لَواحِظُهُ أَمْضى إِذا لَحَظتْ / مِن الصَّوارِم بلْ أَمْضى مِن القَدَرِ
يَكفيكَ ما أَبْقتِ الأَسْقامُ من بَدَنٍ / لَمْ يُبْقِ جَوْرُ الهَوى فيهِ ولَمْ يَذَرِ
ما عَرَّسَ الوَجْدُ بي في رَبْعِ لَوْعَتِهِ / إِلا رَأَيْتُ بِهِ دَمعي عَلى سَفَرِ
إِنِّي لَأُخْفي اشْتِياقي وهْوَ مُشْتَهِرٌ / مِنْ أَينَ يخفى ودَمْعي صَاحِبُ الخَبَرِ
سِرِّي عن النَّاسِ سِرٌّ غيرُ مُسْتَتِرِ
سِرِّي عن النَّاسِ سِرٌّ غيرُ مُسْتَتِرِ / وَحَتْفُ قَلْبِيَ مَجْلوبٌ عَنِ النَّظَرِ
يا منْ إِذا لَحَظَتْني مِنْهُ لَحْظَتُهُ / كَانَتْ عَلى مُهْجَتي أَمْضى مِنَ القَدَرِ
كَتَمْتُ ما بي فَنَمَّتْهُ الدُّموعُ وكمْ / حَذِرْتُ منها وما وُقِّيتُ مِنْ حَذَرِي
أَما لِتَطْويلِ هذا اللَّيلِ تقصيرُ
أَما لِتَطْويلِ هذا اللَّيلِ تقصيرُ / مَنْ شَفَّهُ الشَّوْقُ في شكواهُ معذورُ
بانَ الحَبيبُ فَإِلمامي بِهِ لَممٌ / بعدَ البِعادِ وزَوْراتي لَهُ زُورُ
نِعْمَ الحُلِيُّ عَلَيْكَ الدَّلُّ والخَفَرُ
نِعْمَ الحُلِيُّ عَلَيْكَ الدَّلُّ والخَفَرُ / والنَّيِّرانِ ضِياءُ الشَّمْسِ والقَمَرُ
يا ذا الَّذي تُخْجِلُ الأَغْصَانَ قامَتُهُ / ومَنْ لَهُ البَدْرُ وَجْهٌ والدُّجى شَعَرُ
ومَنْ إِذا قِيلَ إِنَّ البَدْرَ يُشْبِهُهُ / حُسْناً أَتى البَدْرُ مِمَّا قِيلَ يَعْتَذِرُ
رُوحي فِدى شادِنٍ وافى عَلى حَذَرِ
رُوحي فِدى شادِنٍ وافى عَلى حَذَرِ / إِليَّ مُسْتَتِراً عَنْ أَعْيُنِ البَشَرِ
أَتى وأَحْشاؤُهُ بالخوفِ خافِقَةٌ / حَتَّى تَزَوَّدْتُ مِنْهُ لَذَّةَ النَّظَرِ
وكادَ يَفْضَحُهُ ضَوْءُ الهِلالِ وقَدْ / بَدا لِخَمْسِ لَيالٍ مِنْهُ في الشَّهَرِ
رُضْ يا غُلامُ عَلى الرَّوضِ النَّضِيرِ لَنا
رُضْ يا غُلامُ عَلى الرَّوضِ النَّضِيرِ لَنا / كأْسَ المُدامِ وَدَاوِمْ رَنَّةَ الزِّيرِ
أَما تَرى النَّرْجِسَ المَيَّاسَ يلحظنا / لِحاظَ ذي جَذَلٍ بِالغَيْثِ مَسْرورِ
كأَنَّ أَحْداقَهُ في حسنِ صُفْرَتِهِ / مَداهِنُ التِّبرِ في أوراقِ كافورِ
كَأنَّ طَلَّ النَّدى فيهِ لِمُبصِرِه / دمعٌ تَحَيَّرَ في أَجْفانِ مَهْجُورِ
يا ساكِتاً عَن كلامي لا يكلمُني
يا ساكِتاً عَن كلامي لا يكلمُني / تِيهاً أَلا كلُّ فعلٍ منكَ مَبْرُورُ
إِذا سَكَتَّ فمنكَ الدُّرُّ مُنْتَظِمٌ / وإِنْ نَطَقْتَ فمنكَ الدُّرُّ مَنْثورُ
صِلْني فَقَدْ والهَوى يا أَحْسَنَ النَّاسِ
صِلْني فَقَدْ والهَوى يا أَحْسَنَ النَّاسِ / وَصَلْتَ بِالهَجْرِ لي تَقْطيعَ أَنْفاسي
أَثْبَتَّ سَهْمَكَ في قَلْبي فَكانَ لَهُ / لَمَّا تَعَمَّدْتَهُ في حالِ بُرجاسِ
كَمْ قَدْ شَرِقْتُ بِرَدِّي دَمْعَةً بَدَرَتْ / لَمَّا تَرَكْتُ رَجائِي في يَدِ القاسي
سالَتْ فَلَمَّا خَشِيتُ الوَجْدَ يُظْهِرُها / فَيَغْتَدي كَلَفِي قَدْ شاعَ في النَّاسِ
سَتَرْتُ بِالكَأسِ لَحْظي عَنْ لَواحِظِهِ / عَمْداً وغَيَّضْتُها في لُجَّةِ الكاسِ
يا مَنْ تَجَنَّبَ دَمْعي مِنْهُ حِينَ وَشَى
يا مَنْ تَجَنَّبَ دَمْعي مِنْهُ حِينَ وَشَى / سُلْطانُ حُبِّكَ لمْ يَقْبَلْ عَلَيَّ رُشا
وكَمْ شَكاني اشْتِكائي من هوى قَمَرٍ / مُحَكَّمٍ في قُلوبِ الخَلْقِ كَيفَ يَشا
يا خَاضِباً مِنْ دَمِي أَسْيافَ ناظِرِهِ / وَمَنْ عَبَدْتُ غَرامِي فِيه حينَ نَشا
هذا فُؤاديَ طَوْعاً لَوْ هَمَمْتَ بِهِ / يَمْشي إِلَيْكَ إِذا اسْتَمْشَيْتَهُ لَمَشى
وَهذهِ مُهْجَتي جَرْحى جَوَارِحُها / يَزِيدُها رِيُّها مِنْ وِرْدِها عَطَشا
قَدْ آنَ لِلْوَصْلِ نَحْوَ الهَجْرِ يَنْتَهِضُ
قَدْ آنَ لِلْوَصْلِ نَحْوَ الهَجْرِ يَنْتَهِضُ / كذا وعَيْشِكَ كلُّ الأَمْرِ ينْتَقِضُ
مَادامَ شَيءٌ مِن الدُّنْيا عَلَى أَحَدٍ / خَيْرٌ وشَرٌّ كذا الأَيامُ تَنْقَرِضُ
صَبْراً عَليكَ ولا صَبْرٌ يُطاوِعُني / وكيفَ يَصْبِرُ مَن في قَلبِهِ مَرَضُ
كَمْ زفراتٍ وكم دُمُوع
كَمْ زفراتٍ وكم دُمُوع / هذا لَعَمري هُوَ القُطُوعُ
لَوْ أَعْشَبَ الخَدُّ مِنْ دُمُوعٍ / لَكانَ في خَدِّيَ الرَّبيعُ
يا قَمَراً غَابَ عَنْ عِياني / بِاللَهِ قُلْ لي مَتى الطُّلوعُ
بِنْتَ فَما بِنْتَ عَنْ فُؤادي / فَبَانَ مِنْ بَيْنِكَ الهُجُوعُ
لَوْ كانَ يَعْلَمُ عُذَّالي بِما صَنَعُوا
لَوْ كانَ يَعْلَمُ عُذَّالي بِما صَنَعُوا / لَأَقْصَرُوا عَنْ مَلامي فيكَ وَارْتَدَعُوا
زَادُوكَ عِنْدِيَ إِذْ عَابُوكَ مَنْزِلَةً / كَأَنَّهُمْ رَفَعُوا مِنْكَ الَّذي وَضَعُوا
فَمَنْ يَكُنْ فيهِ عَنْ عُذَّالِهِ صَمَمٌ / فَإِنَّني فيكَ لِلْعُذَّالِ مُسْتَمِعُ
حُبّاً لِذِكْرِكَ أَنْ يَجْري عَلَى أُذُني / فَلْيُقْصِروا عَنْ مَلامِي فِيكَ وَليَدَعُوا
يا مَنْ إِذا رُمْتُ عَنْهُ الصَّبْرَ يَمْنَعُني
يا مَنْ إِذا رُمْتُ عَنْهُ الصَّبْرَ يَمْنَعُني / شَوْقٌ يُجيبُ وَدَمْعٌ لَيْسَ يَمْتَنِعُ
هَبْني أُخادِعُ طَرْفي عَنْ تأَمُّلِهِ / فَكَيْفَ أَخْدَعُ قَلْباً لَيْسَ يَنْخَدِعُ
اخْضَعْ إِذا عَزَّ مَنْ تَهْوى وَذِلَّ لَهُ / فَودُّ أَهْلِ الهَوى أَبْقَى إِذا خَضَعُوا
سَقْياً لِطَيْفِ خَيَالٍ زارَني جَزِعاً
سَقْياً لِطَيْفِ خَيَالٍ زارَني جَزِعاً / يَسْتَقْبِلُ اليَأْس مِنْهُ بالرَّجا طَمَعا
حَتَّى إِذا بَذَلَ المَوْعودَ مِنْ صِلَتي / وَخافَ مِنْ مَلَلي إِذْ قَالَ لِي وَلعا
لا تَطْمَعَنَّ بِغَيْرِ الوَعْدِ مِنْ صِلَتي / أَحَبُّ شَيْءٍ إِلى الإِنْسانِ ما مُنِعا
لِحاظُهُ تَجْلِبُ الحُتُوفا
لِحاظُهُ تَجْلِبُ الحُتُوفا / وَطَرْفُهُ لَمْ يَزَلْ ضَعِيفا
لَمْ يَبْدُ لِلْبَدْرِ قَطُّ إِلا / أَخْجَلَهُ فَاكْتَسى كُسُوفا
مَلَّكَهُ حُبُّهُ قِيادِي / فَصَارَ في مُلْكِهِ عَنِيفا
أَصْبَحْتُ في حُبِّهِ إِماماً / وَالنَّاسُ خَلْفي غَدَوا صُفوفا
بِاللَهِ رَبِّكُما عُوجَا عَلَى سَكَنِي
بِاللَهِ رَبِّكُما عُوجَا عَلَى سَكَنِي / وَعَاتِباهُ لَعَلَّ العَتْبَ يَعْطِفُهُ
وَعَرِّضا بي وَقولا في كلامِكُما / مَا بالُ عَبْدِكَ بِالهِجْرانِ تُتْلِفُهُ
فَإِنْ تَبَسَّمَ قُولا عَنْ مُلاطَفَةٍ / مَا ضَرَّ لَوْ بِوِصالٍ مِنْكَ تُسْعِفُهُ
وإِنْ بَدا لَكُما مِنْ سَيِّدي غَضَبٌ / فَغَالِطاهُ وَقولا لَيسَ نَعْرِفُهُ