القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 50
يا صاحِبيَّ أعينانِي على سَكَنٍ
يا صاحِبيَّ أعينانِي على سَكَنٍ / إِذا شكوتُ إليه زادَني مرَضَا
ظبيٌ غريرٌ إِذا حاولتُ غِرَّتَهُ / أرسلتُ طرفيَ سَهْماً وانثَنى غَرَضا
ما لي وللبرقِ مُجْتَازاً على إِضَمٍ / يسري ويمري جفوني كُلَّما وَمَضَا
بَرْقٌ يلوحُ بنجدٍ والحِمى وطني / يهفو بلبِّي وقلبي كلما عَرَضَا
مَنْ مبلغُ الحيّ شطّتْ دارهُم ورضُوا / بالجارِ جاراً وما أرضَى بهم عِوَضَا
ما طابَ عنكم فؤادٌ طاب قبلكُمُ / عن الرَّضاعِ تقضَّى والشبابُ مضَى
إِنّ الزمانَ الذي كانت بشاشَتُه / للقلبِ والعين ملهىً بانَ وانقرضَا
فإِن يئِسْتُ فيأسٌ لم يدعْ طَمَعاً / وإِن ذكَرتُ فِعْرقٌ ساكِتٌ نَبَضَا
حكَّمْتُ في مهجتِي من ليس يُنصِفُنِي / ولست أبلُغُ من تحكيمِه غَرَضَا
سِيَّاِن عندِي وأمري صار في يَدِهِ / قضَى عليَّ بجَوْرٍ أو عليَّ قضَى
حتَّامَ أُنْهِضُ جَدِّي وهو يعثر بي / أخافُ ألّا يرانِي الجَدُّ إِنْ نَهَضَا
أقولُ للقلبِ لمَّا فاتني جَزَعا
أقولُ للقلبِ لمَّا فاتني جَزَعا / ياقلبُ ويحَكَ إِنْ لم تَسْلُ فانصَدِعِ
أكلَّما منعَ الأيام جانبَها / لانتْ حصاتُك بين الخوف والطَمَع
تسَلَّ عمَّا مضَى إِذ ليس مرتجعاً / وأَقلِلِ الفكرَ فيما بعدُ لم يقَعِ
مَن مُنصِفي مِن ظَلومٍ صارَ في يَدِهِ
مَن مُنصِفي مِن ظَلومٍ صارَ في يَدِهِ / حُكمي فَأَنكَرَ حَقّي وَهوَ يَعرِفُهُ
وَكَيفَ يَرجو فَلاحاً في حُكومَتِهِ / مَن أَمرُهُ في يَدَيْ مَن لَيسَ يُنصِفُهُ
يُسِيءُ بي عندَ إحساني إليه فلا / شَكوايَ تُجْدي ولا بَلوايَ تُعْطِفُهُ
إني وإياهُ في برّي وجفوتِه / كالشمعِ والنار يُحييهَا وتُتْلِفُهُ
تشبهت بيَ طولَ الليلِ ناحِلَةٌ
تشبهت بيَ طولَ الليلِ ناحِلَةٌ / صفراءُ أفنَى قُواهَا الدمعُ والأرقُ
لها من النارِ روحٌ فوقَ مَفْرِقِهَا / تدِبُّ فيها ولا يبقَى لها رَمَقُ
تكابدُ الليلَ تُفْنِيه ويأكُلُها / والليلُ يضحكُ إذْ تبكِي وتحتَرِقُ
فقلتُ ما أنتِ مثلي أنتِ في دَعَةٍ / طولَ النهارِ ويومي كلُّهُ قَلقُ
لي هِمَّةٌ فوق هامِ النَّجْمِ أخمَصُها
لي هِمَّةٌ فوق هامِ النَّجْمِ أخمَصُها / وإن تطامنَ تحتَ العُدم مَفْرِقُها
وما ملأتُ يدي من ثروةٍ أبداً / إلّا وأصفرَها جُودٌ يُفرِّقُها
وأتعبُ الناسِ ذو مالٍ يرقِّعُها / يدُ التجمُّلِ والإقتارُ يخرِقُهَا
لا تيأسَنَّ إِذا ما كنتَ ذا أَدبٍ
لا تيأسَنَّ إِذا ما كنتَ ذا أَدبٍ / على خمولِكَ أنْ ترقَى إِلى الفَلَكِ
بينَا تَرى الذهبَ الإبرِيْزَ مُطَّرَحاً / في الأرضِ إذ صار إكليلاً على مَلِكِ
إن العُلَى لم تزلْ تبغِي الكَفِيَّ لها
إن العُلَى لم تزلْ تبغِي الكَفِيَّ لها / حتَّى اطمأَنَّتْ إِلى معمورِ ناديكا
رحبُ المساربِ مخضَلٌّ مذانِبهُ / يرودُ منه جِنانَ الخلد عافيكا
بَعُدتَ عن مطرحِ الآمالِ مُرتفعاً / فمَنْ يُراميكَ أم مَنْ ذا يُدانِيكا
يأبَى لك العِزُّ أن تثوي بمنزلةٍ / حتى تُغَشِّي رداءَ الخِزي شانِيكا
ما بالُ بحرِك لا تسجُو غواربُه / وكيف تسجو ولم تبلغ مغازيكا
وما امتشقتَ شَباةَ الطعنِ عن كَبدٍ / وعن فُؤادٍ وَتورٍ طالَ ما شِيكا
أَبشِرْ بنيلِ المُنَى تهدي عرائسَها / إليك مُصحبةً فيها أمانيكا
لقد شككتَ ظهورَ الخيلِ متعبةً / وإن شكت فَكَّهُنَّ المالُ شاكيكا
ترمي بها البِيدَ منشوراً صحائفُها / فلا تمَلُّ ولا تبغي تعنِّيكا
تَحارُ شُهب السَّواري في مجاهلِها / والريحُ تلعبُ فيها أو تجارِيكا
إِذا العواطفُ في أشواطِها نهضتْ / كلّتْ ركائبُها من قبل تُعييكا
تحثُّ والشمسُ في حوض الدُّجَى كرعتْ / وتَنْتَحي وظلام الليل يؤويكا
حتى تَشُقَّ سَبِيبَ الليل عن فَلَقٍ / طَلْقٍ مُحَيَّاهُ وضَّاحٍ يُحيِّيكا
إِذا النجومُ تراءتْ أبصرتْ عَجَباً / وقد رأينَ قُصوراً عن معالِيكا
تراكَ أبعدَ منها رُتبةً ومدَىً / وشأوَ عِزٍّ ومجدٍ إذ تُساميكا
وما رأتْ في غِطاء الغرب أيديَها / حتى رأتْ فوق مثواها مساعِيكا
تلثَّمَتْ بقناعِ الغَرْبِ من خَجَلٍ / إِذ لم تَنَلْ بمَداها بعضَ ما فِيكا
إِذا الجيادُ طوتْ ما بينَ أربُعنا / حتى تَبلَّ صدى شوقي تلاقيكا
أنعلتهنَّ حماليقي وقلَّ لها / حملاقُ عَينَيَّ نعلاً حين نثنيكا
أفني سنابكَها لثماً وأُفرِشُها / خدّي إِذا أنت تَثنيها فتُدنيكا
كم ليلةٍ كسوادِ الليلِ غيهَبُها / جَناحُه الوحْفُ فَضفاضٌ تُرويكا
ضافي الحِداد حرونُ النجم حائرُه / يحنو عليك بأذيالٍ تواريكا
لولا اتِّقادُ شِهابِ العزمِ ما شغفتْ / قلبَ الدُّجَى بالسُّرى فيها نواحيكا
للشهبِ وقفةُ خوفٍ في مدارجها / ولم يَقِفْكَ ارتياعٌ في مجاريكا
غضبان ترمي بأمواجٍ فواقِعُها / كواكبٌ في سَناءِ المجدِ تَحكيكا
والبدرُ يرتَجُّ في الخضراء من فَرَقٍ / كأنه قلبُ مذعورٍ يُنادِيكا
آليتَ ألّا يحطَّ النومُ أرحُلَه / حتى تنالَ على رُغمٍ أقاصيكا
ألفتَ كورَ المَهارَى القُود تَسكُنُهُ / وعِفْتَ ربعَكَ معموراً وأهلِيكا
عريكةٌ لا يُلينُ الدهرُ شِدَّتَها / تقيكَ قالةَ حُسَّادٍ وتحميكا
وافاكَ بالسعدِ نيروزٌ قضَى عجباً / لما تراءتْ له شتَّى معانيكا
يروقُه نَقَيانُ الدُّجْنِ طافَ به / أذيالُ غيثٍ هَمُولٍ من تسخِّيكا
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ / وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ / والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني / بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ / كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي / ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي / ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما / يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها / على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني / من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ / لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ / بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه / والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ / صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي / وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ / وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ / والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ
اني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ / وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ / سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً / بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ / حول الكناس لها غاب من الأسل
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت / نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها / ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ / حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها / وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ
يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ / بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ
لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً / يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ
لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ / برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ
ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني / باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ
ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها / ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ
حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه / عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت / نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على / ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه / والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً / معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ
إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ / في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً / لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً / والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ / لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها / ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ / فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتِها / فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ
وعادةُ النصلِ أن يُزْهَى بجوهرِه / وليس يعملُ إلّا في يدَيْ بَطَلِ
ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زمني / حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ
تقدَّمتني أناسٌ كان شَوطُهُمُ / وراءَ خطويَ إذ أمشي على مَهَلِ
هذا جَزاءُ امرئٍ أقرانُه درَجُوا / من قَبْلهِ فتمنَّى فُسحةَ الأجلِ
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت / نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
فاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَجِرٍ / في حادثِ الدهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ
أعدى عدوِّكَ أدنى من وَثِقْتَ به / فحاذرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَلِ
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها / من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ
وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ / فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ / مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ
وشانَ صدقَك عند الناس كِذبُهمُ / وهل يُطابَقُ معوَجٌّ بمعتَدِلِ
إن كان ينجعُ شيءٌ في ثباتِهم / على العُهودِ فسبَقُ السيفِ للعَذَلِ
يا وارداً سؤْرَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ / أنفقتَ عُمرَكَ في أيامِكَ الأُوَلِ
فيمَ اعتراضُكَ لُجَّ البحرِ تركَبُهُ / وأنتَ تكفيك منه مصّةُ الوَشَلِ
مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا / يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ
ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها / فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ
ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً / اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ / فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ
ولا تشيرا بنُصحٍ فيه معجزةٌ
ولا تشيرا بنُصحٍ فيه معجزةٌ / فالنصحُ ليس بناهٍ عزمةَ البطلِ
وساعدانيَ في غيّي وفي رَشَدي / وشارِكانيَ في صابي وفي عَسَلي
فإِنْ بلغتُ مُرادي فهو أرفقُ لي / وإنْ لقِيتُ حِمَامي فهو أروحُ لي
يستخبرُ الريحَ عنها ثم يُنكِرُها
يستخبرُ الريحَ عنها ثم يُنكِرُها / لفقدِ ما اعتادَ من بِرٍّ وإفضالِ
وبؤسَ منفردٍ عمَّنْ يُضاجِعُهُ / مشرّدِ النومِ بين الأهلِ والمالِ
يزيدُ حَرَّ حشاهُ بَردُ مضجَعِهِ / ويملأ القلبَ شجواً ربعُه الخالي
يبكي ويندُبُ طولَ الليلِ أجمعِهِ / فما يَقَرُّ ولا يهدَا على حالِ
ثُكلٌ وفُرقةُ أحبابٍ ومَرزأةٌ
ثُكلٌ وفُرقةُ أحبابٍ ومَرزأةٌ / في المالِ والأهل والأتباع والخَوَلِ
فبينَ غفوةِ عينٍ وانتباهتِها
فبينَ غفوةِ عينٍ وانتباهتِها / يُقلَّبُ الدهرُ من حالٍ إِلى حالِ
مثلُ العُقَابِ رأى نصلا يُركَّبُ في
مثلُ العُقَابِ رأى نصلا يُركَّبُ في / قِدْحٍ لطيفٍ قويمِ الحدِّ معتدلِ
فقال لا بأسَ ما لم يأتِه مدَدٌ / منّي يكون له عَوناً على العَملِ
فأَلبسَ القِدحَ وحفَاً من قوادِمِهِ / لمَّا تطايرَ رامٍ من بني ثُعَلِ
رماه رشْقَاً فلم يُخطئْ مقاتِلَهُ / فخرَّ منتكساً من ذِروةِ الجبَلِ
فقال والسهمُ تحدوهُ قوادمُهُ / من ذا ألومُ وحتفي جاء من قِبَلي
حيَّا ثراكِ حَياً من عبرتي حَدِبُ
حيَّا ثراكِ حَياً من عبرتي حَدِبُ / ولا عَداكِ صباً من زفرتي غزِلُ
وصبَّحتكِ من الأرآمِ جازيةٌ / ترعى رُباكِ وترعَى حسنَها المقلُ
ويا نسيماً عليلاً زارني سَحَراً / هيَّجتَ ما بيَ لا اهتاجتْ بك العِلَلُ
روَّحْتَ جمرَ حشىً لم يبقَ منهُ سِوى / شرارةٍ فهو مذ روحتها شُعَلُ
ووقفةٍ في جَنانِ الليلِ خافيةٍ / عن الوشاةِ فلا رُقْبَى ولا عَذَلُ
وافتَ وفوقَ لآلي الثغرِ من لَعَسٍ / ختامُ مسكٍ ففضّت ختمَها القُبَلُ
كأنما ثمِلتْ من خمرِ ريقتِها / جُفونُها إذ تثنَّى قدُّها الثَّمِلُ
محفوفةٌ بقصيراتِ الخُطَى خُرُدٍ / أقدامُها بالقرون السودِ تنتعِلُ
بتنا وباتَ التُّقَى يقظانَ يحرُسُنَا / ودينُنا في الهوى قولٌ ولا عملُ
ثم انثنينا وجيبي ما تعلَّقَهُ / غيرُ العَفافِ ورُدنِي من دَمِي خَضِلُ
مظاهرٌ بين أثوابِ الجمال وقد
مظاهرٌ بين أثوابِ الجمال وقد / أغناهُ ذلك عن حَلْيٍ وعن حُلَلِ
كأنه بين أطمارٍ له قطعٍ / بدرٌ بدا من شقوقِ الغيم في سَمَلِ
قد قلتُ لما نبتْ عنه عيونُهُمُ / وهُم بطِمرَيْهِ عن خَدَّيهِ في شُغُلِ
لا تنظروا يا مجانينَ العقول إِلى / خُبْثِ الإناء فإنَّ الطِيبَ في العَسَلِ
الوجهُ أزهرُ لم يعرِضْ له كَلَفٌ
الوجهُ أزهرُ لم يعرِضْ له كَلَفٌ / والعِرضُ أملسُ لم يحلمْ له أدَمُ
والمالُ أُتلِفُهُ حيناً وأُخْلِفُهُ / فما على فوتِه حُزْنٌ ولا نَدَمُ
أبرَّ عِلمي على علمِ الأُلى سلفوا / لولا فضيلةُ سبقٍ حازَها القِدمُ
والجهلُ للنفسِ رقٌّ وهي إنْ ظَفِرَتْ / بالعِتق فالناسُ والدنيا لها خَدَمُ
عرفتُ ظاهرَ أيامي وباطنَها / فلا أُبالي بما شادُوا وما هَدَمُوا
لم يبقَ لي أرَبٌ في العيشِ أطلُبُهُ / قدِ استَوى عندِيَ الوجدانُ والعَدَمُ
ما ساءَني نقصُ جُهَّالٍ تَنَقَّصُني / سيَّانِ عنديَ أنْ يأسوا وأن كَلِمُوا
لا بَوْنَ بين الرِضَا والسخطِ عندَهُمُ / فلا تُبَالِ بما شادُوا وما هَدَمُوا
هل نكبتي رفعَتْهُمْ فوقَ قدرِهِمُ / فيستوي في مساعينا بنا قدُمُ
لا تُشْمِتَنَّ الأعادي صدمةٌ وقعتْ / لي بغتةً ولصرفِ الدهر مصطَدَمُ
فإنما سطوةُ السلطانِ ليس لها / عارٌ وإن نِيْلَ عِرضٌ أو أُرِيقَ دَمُ
فقلتُ كُفِّي فليس العُدْمُ منقصةً
فقلتُ كُفِّي فليس العُدْمُ منقصةً / وإنما المرءُ بالأخلاقِ والشِيَمِ
إن ضاقَ خُطَّةُ حالي لم يضِقْ خُلُقي / أو قصَّرَ المالُ لم تقصُرْ له هممي
أما علمتِ وخيرُ العلم أنفعُه / أن الغِنى غيرُ محسوبٍ من الكرمِ
أأحسبُ العسرَ جاراً لا يُفارقُني / وضامنُ اليُسْرِ عندي غيرُ متَّهَمِ
يا صاحبِيَّ أعيناني على كَلَفِي
يا صاحبِيَّ أعيناني على كَلَفِي / بمن تناومَ عن ليلي ولم أنَمِ
كيف السبيلُ إليه وهو مُذْ عَلِقَتْ / به الحُبالةُ صيدٌ لاذَ بالحَرمِ
ليت المجيرَ لهُ لما ظفِرتُ بهِ / أجارني منهُ لمَّا رامَ سفكَ دمِي
سربٌ من الأنسِ ركَّبنَ الغصونَ على / حِقفِ النَّقا وسترنَ الوردَ بالعنمِ
عنَّتْ عواطلَ لاحَلْيٌ لهنّ سِوى / حُسنٍ ترددَ بين الفَرعِ والقدمِ
بخلنَ حتى بإهداءِ السلام لنا / والبخلُ فيهنَّ محسوبٌ من الكرمِ
ورحن وهْنَاً عن التجميرِ راشقةً / قلوبَنا بنبالٍ حُلوةِ الألمِ
رمينَ بالجمرِ قلبي إذ جمرنَ ولو / كلَّمْنَنا لشفَيْنَ الكَلْمَ بالكَلِمِ
وليلةِ السفحِ والركبُ الهجودُ ثنَوا / على الأكُفِّ مثاني الجدْلِ واللُّجُمِ
بِتنا وباتَ الصَّبا وهْنَاً يُغَازِلُنَا / وفَرشُنا الرملُ رشَّتْهُ يدُ الدِّيَمِ
والليلُ يكتُمُ سِرِّي والصَّبا كَلِفٌ / بنَشْرِ ما كادَ تَطْويهِ يَدُ الظُلَمِ
يا نفحةَ الريحِ باتتْ بينَ أرحُلِنا / بالجِزْع تسلكُ بين العُذرِ واللِّمَمِ
نهبتِ طيباً وأغريتِ الوُشاةَ بنا / يا حبَّذا أنتِ لو لم تقتدي بهمِ
ظَنَّوا بنا السُوءَ وارتابُوا فنزَّهَنا / بَردُ المضاجعِ عمَّا راب من تهمِ
وآذنتنا بقربِ الفجرِ واشيةٌ / باتتْ تُحرِّشُ بين الضَّالِ والسَّلمِ
وغابَ عنَّا غُرابُ البينِ ليلتَنا / فنابَ عنهُ عُصيفيرٌ على عَلَمِ
أقولُ للقلبِ لمَّا هزَّني طَرَباً / حتى خشِيتُ عليه سورةَ اللَّممِ
يا قلبُ ما لكَ تلتذُّ العَناءَ فما / ينفكُّ من شَجَنٍ بادٍ ومكتتَمِ
تظنُّ وعْدَ الأماني وهي كاذبةٌ / حقاً وتطمعُ قبلَ النومِ بالحُلُمِ
تهوى النسيمَ عليلاً ما بهِ رَمَقٌ / وكيف يَشفيكَ ذو سُقمٍ من السَّقَمِ
أفدِي غريماً طويلَ المَطْلِ ذمَّتُه / وإنْ لوى الدين ظلماً أوثقُ الذِّممِ
طالبتُه فشكا عُدْماً فقلتُ له / مَنْ فُوه ملآنُ دُرَّاً غيرُ ذي عَدَمِ
ما زلتُ أَرقيهِ في رِفْقٍ وأسحرهُ / حتَّى تبسَّمَ عن حلوِ الجنَى شَبِمِ
ورقَّ لي قلبُه القاسي ومكَّننِي / ممّا أردتُ فلم آثمْ ولم أُلَمِ
وهِلتُ مِسْكاً ودُرَّاً من غدائرهِ / وثغرهِ بين منثورٍ ومنتظمِ
وسائلٍ عن جوى قلبي فقلتُ لهُ / ما أنتَ عندي على سِرٍّ بمتَّهَمِ
طابَ الجوى في الهَوى حتى أنِسْتُ به / فهو المرارةُ يحلو طعمُها بفَمِ
أغدُو بجُرْحٍ رغيبٍ غيرِ ملتحِمٍ / يَدمَى وشملٍ شتيتٍ غيرِ ملتئِمِ
لم يبقَ من طِيبِ عيشٍ بان منصرماً / إلّا عقابيلُ وَجْدٍ غيرِ منصَرمِ
يُريدُ أنْ أستجدَّ الحبَّ بعدَهمُ / والحبُّ وقفٌ على أحبابِنا القُدُمِ
أيكيَّةٌ صدحتْ شَجْواً على فَنَنٍ
أيكيَّةٌ صدحتْ شَجْواً على فَنَنٍ / فأشعلتْ ما خبا من نارِ أشجاني
ناحتْ وما فقدت إِلفاً ولا فُجِعَتْ / فذكّرتنيَ أوطاري وأوطاني
طليقةٌ من إِسارِ الهمِّ ناعمةٌ / أضحتْ تجددُ وجدَ الموثَقِ العاني
تشَّبهتْ بيَ في وجدي وفي طربي / هيهاتَ ما نحنُ في الحالينِ سِيانِ
ما في حَشاها ولا في جَفْنِهَا أثرٌ / من نارِ قلبي ولا من ماءِ أجفاني
يا ربَّةَ البانةِ الغنَّاءِ تحضنُها / خضراءُ تلتفُّ أغصاناً بأغصانِ
إِنْ كان نَوْحُكِ إسعاداً لمغتربٍ / ناءٍ عن الأهلِ ممنوٍّ بهجرانِ
فقارضيني إِذا ما اعتادني طَرَبٌ / وجداً بوجدٍ وسُلواناً بسلوانِ
أو لا فَقَصْرَكِ حتى أستعينَ بمنْ / يَعْنِيهِ شاني ويأسُو كَلْمَ أحزاني
ما أنتِ مني ولا يعنيكِ ما أخذتْ / مني الهمومُ وما تدرينَ ما شاني
كِلي إِلى الغيمِ إِسعادي فإِنّ لهُ / دمعاً كدمعي وإِرناناً كإِرناني
يا حاديَ الظعنِ رفقَاً إنَّك الجانِي
يا حاديَ الظعنِ رفقَاً إنَّك الجانِي / قتلي إِذا زِلْتَ عن جَيٍّ بأظعانِ
يا أريحيَّةَ شوقٍ هيَّجتْ طربي / واسترقصتني وأصحابي وكيراني
مالت برأسي فلم آمنْ يديِّ لها / على جُيوبي وأذيالي وأرداني
كتمْتُها الركب حتى نَمَّ بي طربي / تأثيرُه شاعَ في أثناءِ كتماني
أنشوةُ الخمرِ أم ذِكرى تُهَيِّجني / من أهل ودِّي وإخواني وأوطاني
باللّهِ رِفقاً بقلبي لا يَطِرْ فرحاً / وبالهوى لا يَبُح ما بين جيراني
ولي ديونٌ على الأيامِ يضمَنُ لي / قضاءَها عن قريب بعد لَيَّانِ
ويا نسيمَ الصَّبا في الطِيب منغمِسَاً / أنفاسُه ونسيمُ المِسْكِ والبانِ
أُمْرُرْ على الروضةِ الغنَّاءِ مرتكِضَاً / منها على الطِيب من رَوْحٍ وريحانِ
وغازلِ الوردَ قد بلَّتْ معاطفَهُ / مدامعُ الغيمِ تهمي ذاتَ تهنانِ
حتى إِذا حزتَ من طِيبٍ ومن أرَجٍ / لطيمةً ذاتَ أنواعٍ وألوانٍ
فالثمْ ثرى جَيَّ إنْ وافيتَها سَحَراً / واقْرَأْ سلامي على أهلي وجيراني
وقلْ لهم إنَّ طِيبَ العيشِ بعدَكُمُ / بُدِّلت منهُ جَوى همٍّ وأحزانِ
وقد جفَا مقلتِي نومي جفاءَكم / فما يذوقُ حثاثَ النوم أجفاني
أبيتُ مستنجداً عوناً على زمني / وليس إلّا دموعَ العينِ أعواني
أشتاقُ من شِعبِ بوَّانٍ إِلى وطنٍ / وأينَ من شِعبِ جَيٍّ شِعبُ بَوَّانِ
وكم بجَيٍّ شريدُ النوم مقلتُه / يراقبُ البرقَ من أطرافِ كرمانِ
إِذا تغنَّى حمامُ الأيكتينِ هفا / بلُبِّه سجعُ بادي الشجوِ مِرنَانِ
وآنساتٍ إِذا لاح الوميضُ لها / نصَّتْ إِلى لمعِها أجيادَ غِزلانِ
يرقُبْنَ أوبةَ عصَّاءٍ عواذِلَهُ / في طاعةِ المجدِ محلالٍ ومظعانِ
حانٍ على الوجدِ أضلاعاً تُثَقِّفُها / أنفاسُهُ إنْ علتْ تثقيفَ مُرَّانِ
يطاردُ النومَ طولَ الليلِ عن مُقَلٍ / إنسانهُنَّ غريقٌ بين طُوفانِ
تعرَّقتْهُ الليالِي غيرَ عَزْمتِه / ولوَّحتْه الفيافي غيرَ عُنوانِ
كأنه في رداء الليل منصلتاً / عن طيِّه بِسُراه رجمُ شيطانِ
لم يُنْسِه الحبُّ قطعَ البِيدِ عن عُرُضٍ / ولا رمَى الخوفُ ذِكراهُ بنسيانِ
كأن طيبَ هواكمْ في حماطتِهِ / ترنيقَةُ النومِ في أجفانِ وسنانِ
يا صاحبيَّ أجيزا الكأسَ عن ثَمِلٍ / معاقِرٍ لكؤوسِ الهمِّ نشوانِ
وأيقِنِا أنَّ قلبي ضَلَّ بينَكُما / فساعِداني ولو قولاً بنشدانِ
وأقرضانيَ دمعاً أستريحُ به / إنْ لم تجودَا بإسعافٍ وإحسانِ
وبلِّغا ظبيةً في جَيَّ مسكنُها / ظِلُّ النعيمِ وتأبَى ظِلَّ أفنانِ
تأبَى مراتعُ روضِ القاعِ معرضةً / إلّا جوانِحَ آسادٍ وفُرسانِ
لمّا توهَّمْتُ أني صِدتُها شردتْ / فقطَّعتْ عقدَ أشراكِي وأرساني
واستصحبتْ من فؤادي قطعةً نفرتْ / وحشيّةً بين آجالٍ وصِيرانِ
ألا بعثتِ لنا طيفاً يُلِمُّ على / شُعْثٍ نشاوَى من الإدلاجِ خُمصانِ
أَخِفْتِ أنْ تلجِي غُدْرانَ أدمُعِنا / فما جشمتِ وُلوجاً بين غُدرانِ
أم عاق مسراكِ بيدٌ بات أرحُلُنا / يخفقنَ منهنَّ فيما بينَ أحضانِ
وليلةٍ باللوى باتتْ تُضاجعُني / ما بينَ بُردَيْ عَفافٍ بات يَنْهانِي
تمحو خِضابَ يديها مقلتي وأرى / أن ليسَ لثمُ لآلي الثغرِ من شاني
وكم وراءَ لآلِي الثغرِ من كُرَعٍ / عذبِ المشارعِ فيه ريُّ ظمآنِ
بِتنا وباتَ نسيمُ الحيِّ يجذِبُنَا / إِذا التزمنا عناقاً جَذبَ غيرانِ
فلم نزلْ تحتَ جُنْحِ الليلِ في عُلَقٍ / من العِناقِ ولم نَهْمُمْ بعدوانِ
حتى وشى الصبحُ والطيبُ النَّمُومُ بنا / وصدَّقَ الحَلْيُ ما قالا بتِبيانِ
البس عزاءً على العزَّاء إنَّ بها / تبَدُّلَ الصعبِ إذعانا بعصيانِ
ولا تبالِ بصرفِ الدهر كيفَ جرى / فإنما الدهرُ غُولٌ ذاتُ ألوانِ
يومٌ سرورٌ ويومٌ بعدَهُ تُرَحٌ / كلاهُما مضمحلٌّ ظِلُّهُ فاني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025