المجموع : 27
هُو الهوى وقديماً كنتُ أَحْذَرُهُ
هُو الهوى وقديماً كنتُ أَحْذَرُهُ / السُّقْمُ مَوْرِدُهُ والموتُ مَصْدَرُه
يا لوعةً هي أحلى منْ مُنى أملٍ / الآنَ أعْرفُ شيئاً كُنتُ أنكِرُه
جدٌّ منَ الشَّوق كان الهزلُ أوَّلَه / أقلُّ شيءٍ إذا فكّرْتَ أكْثره
ولي حَبِيبٌ وإن شطَّ المَزَارُ به / وقدْ أقُولُ نأَى لولا تَذكُّرُه
ليس على لهونا مزيد
ليس على لهونا مزيد / ولا لحمامنا ضريبُ
ماءٌ وفيه لهيبُ نارٍ / كالشمس في ديمةٍ تصوب
وأبيضَّ من تحته رخامٌ / كالثلج حين ابتدا يذوب
حمامنا فيه فصل القيظ محتدم
حمامنا فيه فصل القيظ محتدم / وفيه للبرد صرٌّ غر ذي ضرر
ضدان ينعم جسم المرء بينهما / كالغصن ينعم بين الشمس والقمر
هل استمالكَ جسمُ ابنِ الأمينِ وقد
هل استمالكَ جسمُ ابنِ الأمينِ وقد / سالتْ عليه من الحمَّام أنْداءُ
كالغُصْنِ باشرَ حرَّ النارِ من كثبٍ / فظلَّ ينطفُ مِنْ أعطافِهِ الماءُ
يا قلب ذب كمداً أو لا فلا تذب
يا قلب ذب كمداً أو لا فلا تذب / ما من تحب ولو تحرص بمقترب
ركبت هول الهوى من غير تجربة / وراكب الهول محمول على العطب
قد خاب الهوى من بعدما وضحت / منه ضروب منّى أحلى من الضرب
لبيتَ داعيه الهوى ألا إلى الشحب / حتى إذا من تلك المنى جعلت
حتى إذا من تلك المنى جعلت / تدعو بطول الويل والحرب
أيا لذيذة لا واللَه مذ حجبت / عني فما لي في اللذات من أرب
تركتني يا حياتي للدرى غرضاً / تفديك أمي من صرف الردى وأبي
يصلى فؤادي سعيراً من صبابته / والعين في لجة من دمعها السرب
يا رب قد سفكت أم الوفاء دمي / وقد تخوفت أن تؤاخذ بي
وقد ذهبت لها قلبي وما خطري / حتى يعاقب ذاك الحسن من سببي
نسبت ألا تلاقينا وموقفنا / على مراقبة من أعين الرقب
لما التقينا وقد قيل المساء دنا / وغابت الشمس أو لاذت ولم تغِب
وأضلعي بين منقد ومنقصف / وأدمعي بين منهل ومنسكب
تأملتني أم المجد قائلة / بمن أراك أسير الوجد والطرب
فقلت قلبي مسبّي وأنك لو / كتمت سري لم أكتمك كيف سبي
وأعرضت ثم قالت قد أسأت بنا / ظنّاً أيجمل هذا من ذوي الأدب
فقُلت إنّي امرؤ لما لقيتكم / والمرء وقف على الأرزاء والنوب
سبتُ فؤادي ذات الخال قادرة / ولا نصيب لهُ منها سِوى النصب
اشقى بها وهي تلهو في بلهنيّة / شتان واللَه بينَ الجد واللَعبِ
أصابت القلب لما ان رمتهُ ولو / رمتهُ أخرى اذن لاشكَّ لم تصب
فقالت أشك إليها ما لقيت ولا / ترهب فلن تبلغ الآمال بالرهب
عسى هواك سيعديها فيعطفها / فقد يكون الهوى أعدى من الجرب
فقلت أعظمها بل ما أكلمها / إلا أشار إليّ الموت من كثب
قالت أنا أتولى ذاك في لطف / فقد أؤلف بين المساء واللهب
فقلت مثلك من يرجى لمعضلةٍ / لازلت في غبطة ممتدة الطنب
قالت لها يا لذيذ الحسن صاحبنا / صبا إليك فأضحى جدّ مكتئب
صليه أو فاقتليه فالحمام له / خير من الهجر في جهد وفي تعبِ
فلو تراني قد استسلمت مرتقباً / منها حنان الرضى أو جفوَة الغضب
حتى إذا ما ألانت تلك جانبها / والقلبُ مضطرم تسكينه يجب
طفقت الثم كفيها وقد جنحت / إليك تضحك بين العجب والعجب
ثمَّ افترقنا وقد ساءت / ان اجتمعنا ولم تأثم ولم تخب
لِلَّه مثلى ما أدنى سجيته / من المَعالي وأنآها عن الريب
كَم مآثم مستلذ قد هممت بهِ / فلم يدعني له ديني ولا حسبي
بنتمْ فخلَّدَ عندي وَشْكُ بينكمُ
بنتمْ فخلَّدَ عندي وَشْكُ بينكمُ / شَوْقاً نَفَى جَلَدي لا بل سَبَى خَلَدي
هيهاتِ يَسْلُو فؤادي عنكمُ أبداً / أنَّى ووَجْدي بكمْ باقٍ على الأبد
أما كَفَى حَزَناً أن قد ظَمِيتُ وقد / عاينتُ عَذْبَ الحيا يَجْري على البَرَد
غَنَّتْ فلو أنَّ ميتاً كان يَسْمَعُها / لعادَ حيّاً كأنْ لم يَرْدَ يومَ رَدِي
رفقاً بقلبيَ يا قلبيْ فإنَّك قد / أسكنت منه الأسى في السَّهْل والجَلدِ
لم تَنطِقي قطُّ إلا ظَلْتُ أَفْرَقُ مِنْ / أنْ أُسْتَطَارَ فلم أُبْدِىءْ ولم أُعِد
ولا مَدَدْتِ يداً لِلْعُودِ عامدةً / إلا وضعتُ عليه أنْ يذوبَ يدي
يا حبّ لذة قد أدنفت فاتئد
يا حبّ لذة قد أدنفت فاتئد / إن كنت لست بذي بغض فلا تزد
ويا لذيذة لا واللّه ما خطرت / بالقلب ذكراك إلا فتّ في عضدي
أتحسبين فؤادي عنك منصرفاً / وقد حللت محل الروح من جسدي
بنتم فخلد عندي وشك بينكم / شوقاً نفى جلدي لا بل سبى خلدي
هيهات يسلو فؤادي عنكم أبداً / أني ووجدي بكم باق على الأبد
أم الوفاءُ لحيني ما فتنت بكم / والناس قد فتنوا بالمال والولد
اللَه يعلم أني مذ عرفتكم / لم يخلُ قلبي من خبل ومن كمد
ولا إتكال لعيني بعد فرقتكم / إلا على مفننيها الدمع والسهد
ترى جفونك أرضاها الذي صنعت / بي أنها نفثت بالسحر في عقد
أتترك الناس صرعى لا حراك بهم / ولا سبيل إلى عقل ولا قود
من كان يفظع طعم الموت في فمه / فإنه في فمي أحلى من الشهد
فإن سقمي أضحى ما له أمد / والموت أروح من سقم بلا أمد
بما بلحظك من غنج ومن حور / وما بعطفك من عطف ومن أود
مُنّي على هائم بالحب مختبل / بالشوق مرتهن بالحزن منفرد
أضحى أسير صدود بل قتيل نوى / رمته منها بسهم عنه لم يحد
يخشى على حبك الحساد يفضحه / فما يبوح به يوماً إلى أحد
وان بكى فبدا للعاذلين فعن / غير اختيار ولكن عادة الكمد
أما كفى حزناً أن قد ظميت وقد / عاينت عذب الحيا يجري على البرد
قد أرهفت دونه سيفان من دعج / بلحظ أحوى لطيف القد ذي غيد
ورد شهي حماه الموت منصلتاً / فظلت حيران لم أصدر ولم أرد
وما عجوز لها ابن واحد بصرت / به يخوض الوغى في ملتقى كبد
يوماً بأجزع مني يوم قولهم / أضحى لداعي تنائينا غداة غد
أضحت على الأحد الأنواء باكية / فلم ينل أحد ما نلت في الأحد
لقيت بعلة واللذات قد ذهبت / بنا وقد مات صرف الدهر من حسد
غنت فلو أن ميتاً كان يسمعها / لعاد حياً كأن لم يرد يومَ ردي
فهل يسكن عذالي وان جهدوا / ما حركت حركُ الأوتار في كبدي
يا لذّ ما لك في قتلي بلا سبب / وأنت سؤلي في قرب وفي بعد
رفقاً بقلبي يا قلبي فإنك قد / أسكنت منه الأسى في السهل والجلد
لم تنطقي قط الا ظلت أفرق من / أن أستطار فلم أبدىء ولم أعد
ولا مددت يداً للعود عامدة / إلا وضعت عليه أن يذوب يدي