المجموع : 34
فيما مَضى كُنتَ بِالأَعيادِ مَسرورا
فيما مَضى كُنتَ بِالأَعيادِ مَسرورا / فَساءَكَ العيدُ في أَغماتَ مَأسورا
تَرى بَناتكَ في الأَطمارِ جائِعَةً / يَغزِلنَ لِلناسِ ما يَملِكنَ قَطميراً
بَرَزنَ نَحوَكَ لِلتَسليمِ خاشِعَةً / أَبصارُهُنَّ حَسراتٍ مَكاسيرا
يَطأنَ في الطين وَالأَقدامُ حافيَةٌ / كَأَنَّها لَم تَطأ مِسكاً وَكافورا
لا خَدَّ إِلّا تَشكّى الجَدبَ ظاهِرهُ / وَلَيسَ إِلّا مَعَ الأَنفاسِ مَمطورا
أَفطَرتَ في العيدِ لا عادَت إِساءَتُهُ / فَكانَ فِطرُكَ لِلأكبادِ تَفطيرا
قَد كانَ دَهرُكَ إِن تأمُرهُ مُمتَثِلاً / فَرَدّكَ الدَهرُ مَنهيّاً وَمأمورا
مَن باتَ بَعدَكَ في مُلكٍ يُسرُّ بِهِ / فَإِنَّما باتَ بِالأَحلامِ مَغرورا
أَنباءُ أَسرك قَد طَبّقن آفاقا
أَنباءُ أَسرك قَد طَبّقن آفاقا / بَل قَد عَمَّمن جِهاتِ الأَرضِ إِقلاقا
سارَت مِن الغَربِ لا تُطوى لَها قَدَمٌ / حَتّى أَتَت شَرقَها تَنعاكَ إِشراقا
فَأَحرَقَ الفَجعُ أَكباداً وَأَفئِدَةً / وَأَغرَقَ الدَمعَ آماقاَ وَأَحداقا
قَد ضاقَ صَدرُ المَعالي إِذ نُعِيَت لَها / وَقيل إِنَّ عَلَيكَ القَيدَ قَد ضاقا
أَنَّى غُلبتَ وَكُنتَ الدهر ذا غَلبٍ / لِلغالِبين وَلِلسباق سَبّاقا
قُلتُ الخُطوبُ أَذَلَتني طَوارِقُها / وَكانَ عَزميَ لِلأَعداءِ طَرّاقا
مَتى رَأَيتَ صُروفَ الدهرِ تارِكَةً / إِذا اِنبَرَت لِذَوي الأَخطارِ أَرماقا
غربانَ أَغماتَ لا تَعدَمْنَ طَيّبةً
غربانَ أَغماتَ لا تَعدَمْنَ طَيّبةً / مِنَ اللَيالي وَأفناناً مِن الشَجرِ
تُظِلّ زُغبَ فِراخٍ تَستَكِنُّ بِها / مِنَ الحَرورِ وَتَكفيها أَذى المطرِ
كَما نعبتُنَّ لي بالفألِ يُعجِبُني / مُخبِّراتٍ بِهِ عَن أَطيَبِ الخبرِ
أَنَّ النُجومَ الَّتي غابَت قَد اِقتَرَبَت / مَنّا مَطالِعُها تَسري إِلى القَمَرِ
عَليَّ إِن صَدّق الرَحمانُ ما زَعمَت / أَلّا يُرَوَّعنَ مِن قَوسي وَلا وَتَري
وَاللَهِ وَاللهِ لا نفَّرتُ واقعَها / وَلا تَطَيَّرَتِ الغِربانُ بِالعوَرِ
وَيا عَقارِبَها لا تَعدَمي أَبَداً / شَجّا وَعقراً وَلا نوعاً مِنَ الضَرَرِ
كَما ملأتُنَّ قَلبي مُذ حَلَلتُ بِها / مَخافَةً أَسلَمَت عَيني إِلى السَهَرِ
ماذا رمتكَ بِهِ الأَيّامُ يا كبِدِي / مِن نَبلهِنَّ وَلا رامٍ سِوى القَدَرِ
أَسرٌ وَعسرٌ وَلا يُسرٌ أُؤمَلُهُ / أَستَغفِرُ اللَهُ كَم لِلَّهِ مِن نظرِ
لَو أَستَطيعُ عَلى التَزويدِ بِالذَهَبِ
لَو أَستَطيعُ عَلى التَزويدِ بِالذَهَبِ / فَعَلتُ لَكِن عَداني طارِقُ النُوَبِ
يا سائِلَ الشعرِ يَجتابُ الفَلاةَ بِهِ / تَزويدُكَ الشِعرَ لا يُغني عَن السَغَبِ
زادٌ مِنَ الريحِ لا ريٌّ وَلا شِبَعٌ / غَدا لَهُ مُوثِراً ذو اللبِّ وَالأَدَبِ
أَصبَحتُ صِفراً يدي مِمّا تَجودُ بِهِ / ما أَعجَبَ الحادِثَ المَقدورَ في رَجبِ
ذُلٌّ وَفَقرٌ أَزالا عِزّةً وَغِنىً / نُعمى اللَيالي مِنَ البَلوى عَلى كثبِ
قَد كانَ يَستَلِبُ الجَبّارَ مُهجَتَهُ / بطشي وَيَحيا قَتيلُ الفَقرِ في طَلَبي
وَالمُلكُ يَحرُسُهُ في ظِلِّ واهِبهِ / غُلبٌ مِنَ العُجم أَو شُمٌّ مِنَ العَرَبِ
فَحينَ شاءَ الَّذي أَتاهُ يَنزِعُهُ / لَم يجِد شَيئا قراعُ السّمرِ وَالقُضُبِ
فَهاكَها قِطعةً يَطوي لَها حَسَداً / السَيفُ أَصدَقُ إِنباءً مِنَ الكُتُبِ
اِقنَع بِحَظِك في دُنياكَ ما كانَا
اِقنَع بِحَظِك في دُنياكَ ما كانَا / وَعَزِّ نَفسِكَ إِن فارَقت أَوطانا
في اللَه مِن كُلِّ مَفقودٍ مَضى عِوَضٌ / فأشَعر القَلبَ سُلوانا وَإِيمانا
أَكُلَّما سنحت ذِكرى طَربتَ لَها / مَجَّت دُموعكَ في خدّيكَ طوفانا
أَما سَمِعتَ بِسُلطانِ شبيهكَ قَد / بَزَّتهُ سودُ خُطوب الدَهر سُلطانا
وَطِّن عَلى الكُرهِ وَاِرقُب إِثرَهُ فَرجاً / وَاِستَغفِر اللَهَ تَغنَم مِنهُ غُفرانا
قَبرَ الغَريب سَقاكَ الرائِحُ الغادي
قَبرَ الغَريب سَقاكَ الرائِحُ الغادي / حَقّاً ظَفَرتَ بِأَشلاء ابن عَبّادِ
بِالحِلمِ بالعِلمِ بِالنُعمى إِذِ اِتّصلَت / بِالخَصبِ إِن أَجدَبوا بالري لِلصادي
بالطاعِن الضارِب الرامي إِذا اِقتَتَلوا / بِالمَوتِ أَحمَرَ بالضرغمِ العادي
بالدَهر في نِقَم بِالبَحر في نِعَمٍ / بِالبَدرِ في ظُلمٍ بِالصَدرِ في النادي
نَعَم هُوَ الحَقُّ وَافاني بِهِ قَدَرٌ / مِنَ السَماءِ فَوافاني لِميعادِ
وَلَم أَكُن قَبلَ ذاكَ النَعشِ أَعلَمُهُ / أَنَّ الجِبال تَهادى فَوقَ أَعوادِ
كَفاكَ فارفُق بِما اِستودِعتَ مِن كَرَمٍ / رَوّاكَ كُلُّ قَطوب البَرق رَعّادِ
يَبكي أَخاهُ الَّذي غَيَّبتَ وابِلَهُ / تَحتَ الصَفيحِ بِدَمعٍ رائِح غادي
حَتّى يَجودَكَ دَمعُ الطَلّ مُنهَمِراً / مِن أَعيُن الزَهرِ لم تَبخَل بِإِسعادِ
وَلا تَزالُ صَلاةُ اللَهِ دائِمَةً / عَلى دَفينكَ لا تُحصى بِتعدادِ
لَو كانَ قَلبي عَنِ الأَشغالِ مُنتَزِحاً
لَو كانَ قَلبي عَنِ الأَشغالِ مُنتَزِحاً / نادى لِفَقدِ حَبيبِ النَفسِ وَاِحرَبا
لَكِنَّما شُغلُهُ بِالمَجدِ مُجتَهِداً / يُلهيهِ عَن حُبِّهِ من بانَ أَو قَرُبا
ذِكراكَ في فيَّ قَد شيبَت بِتَسبيحي
ذِكراكَ في فيَّ قَد شيبَت بِتَسبيحي / أَفديكِ يا فِتنَةَ الجِسمانِ وَالروحِ
اللَهُ يَعلَمُ أَنّي لَستُ أَهجُرُكُم / دَهري وَلا تَنقَضي فيكُم تَباريحي
إِن كُنتُ أَشرَحُ مَعنى حُبِّكُم شَغَفا / فَإِنَّ سيركِ عِندي غَيرُ مَشروحِ
يا جاهِلَ الحُبَّ إِنَّ الحُبَّ لي سَنَدٌ
يا جاهِلَ الحُبَّ إِنَّ الحُبَّ لي سَنَدٌ / مَهما أُجَزَ عَنهُ يَوماً سَوفَ أَعتَمِدُ
أَيَجهَلُ الحُبَّ مَن أَصحَت بِهِ حُرقٌ / تَكادُ مِن حَرِّها الأَحشاءُ تَتَّقِدُ
اللَهُ يَعلَمُ أَنّي شَيِّقٌ أَبَداً / لا يَنقَضي الشَوقُ حَتّى يَنقَضي الأَبَدُ
إِن يَشرَبِ الجِسمُ بَردَ الوَصلِ مُنتَعِشاً / يُهدي إِلَيهِ فُؤادي حَرَّ ما يَجِدُ
إِنّي عَلى إِلفَتي لِلسُهدِ وَالكَمَدِ
إِنّي عَلى إِلفَتي لِلسُهدِ وَالكَمَدِ / أَدعوكَ يا مُضنيَ الأَجسامِ بالسُهُدِ
قَطَّعتَ قَلبي الَّذي أَعطاكَ جَوهَرَهُ / إِنّي وَهَبتُكَ مَحضَ النَفسِ وَالكَبِدِ
يا دُرَّةً لَم تَلُح في كَفِّ غائِصِها / إِلّا أَهَلَّ إِلَيها آخِر الأَبَدِ
قَلبي بِكَفِّكَ لا أَرجو الفَكاك لَهُ / مِثل الفَريسَةِ حَلَّت في يَدَي أَسَدِ
زُهرُ الأَسِنَّة في الهَيجا غَدَت زَهري
زُهرُ الأَسِنَّة في الهَيجا غَدَت زَهري / غَرَستُ أَشجارَها مُستَجزِلَ الثَمَرِ
ما إِن ذَكَرتُ لَها مِن مَعرَكٍ جَلَلٍ / إِلّا تَجَلَّلتُهُ بِالصارِمِ الذكرِ
حَتّى غَدَوتُ وَأَعدائي تُخاطِبُني / يا قاتِلَ الناس بِالأَجنادِ وَالفِكَرِ
هَذي السَعادَةُ قَد قامَت عَلى قَدَمِ
هَذي السَعادَةُ قَد قامَت عَلى قَدَمِ / وَقَد خَلَعتُ لَها في مَجلِسِ الكَرَمِ
فَإِن أَرَدتَ إِلَهي بِالوَرى حُسناً / فَمَلَّكَني زِمامَ الدَهرِ وَالأُمَمِ
فَإِنَّني لاعدَلتُ الدَهرَ عَن حَسَنٍ / وَلا عَدَلتُ بِهِم عَن أَكرَمِ الشِيَمِ
أُقارِعُ الدَهرَ عَنهُم كُلَّ ذي طَلَبٍ / وَأُطرِدُ الدَهرَ عَنهُم كُلَّ ذي عدمِ
لِلَّهِ ما خَلَدُ الأَمحاضِ في خَلَدي
لِلَّهِ ما خَلَدُ الأَمحاضِ في خَلَدي / لِمَن غَدا وَالنَدى كالروحِ وَالجَسَدِ
الأَوحَديّ أَبي الجَيشِ الَّذي ظَفَرَت / مِنهُ بِأَنفَسِ عِلقٍ في الأَنامِ يَدي
مُوَفِّقُ الرأي في الراياتِ لَذَّتُهُ / في الجَدِّ وَالجودِ لا في العَيشَةِ الرَغَدِ
إِذا رأتهُ العُلا نادَتهُ مُفصِحَةً / يا قُرَّةَ العَينِ بَل يا فَلذَةَ الكَبِدِ
عَرَفتُ عَرفَ الصَبا إِذ هَبَّ عاطِرُهُ
عَرَفتُ عَرفَ الصَبا إِذ هَبَّ عاطِرُهُ / مِن أُفقِ مَن أَنا في قَلبي أُشاطِرُهُ
أَرادَ تَجديد ذِكراهُ عَلى شَحَطٍ / وَما تَيَقَّنَ أَنّي الدَهرَ ذاكِرُهُ
يَنأى المَزارُ بِهِ وَالدارُ دانيَةٌ / يا حَبَّذا الفالُ لَو صَحَّت زَواجِرُهُ
ذُخري أَبا الجَيشِ هَل يُقضى اللِقاءُ لَنا / فَيَشتَفي مِنكَ جَفنٌ أَنتَ ناظِرُهُ
قُصارُهُ قَيصَرٌ إِن قامَ مُفتَخِراً / لِلَّهِ أَوَّلُهُ مَجدٌ وَآخِرُهُ