المجموع : 41
إِلَيكَ أُنسي بِناسي زادِ إيحاشي
إِلَيكَ أُنسي بِناسي زادِ إيحاشي / وَمِنكَ قُربِيَ عَنّي أَبعَدَ الواشي
وَفيكَ جَمعُ العِدى عَنّي اِنثَوا فِرقاً / لَمّا اِستَجاشوا بِما لاقوهُ مِن جاشي
وَإِذ بِكَ أَضحى اِتِّقائي في لِقائِهِم / لَم أُرمَ مِنهُم بِسَهمٍ غَير طَيّاشِ
وَلا وَما مِنكَ لي قَد راحَ نافِلَةً / لَم أَلقَ فيكَ المَنايا غَيرَ بَشّاشِ
وَفي اِمتِحانِكَ لي أَخلَصتُ مُتَّبِعاً / أَهلَ اِختِصاصِكَ في نَفسي لِإِنعاشي
مَشوا وَطِرتُ إِلى عَلياكَ مُنفَرِداً / وَأَينَ يَدرِكُ إِثرَ الطائِرِ الماشي
وَإِذا وَنوا عَنكَ في قَصدٍ بِطَشتُ إِلى / رِضاكَ إِذا لَم يَنَلهُ غَيرُ بِطّاشِ
وَحاوَلوا بِيَ عَدلاً عَنكَ إِذ عَذَلوا / وَهَل يُميلُ لَبيباً قَولُ أَوباشِ
وَمُستَحيلٌ خَلُوّي مِن هَواكَ وَلَم / يَنفَكُّ في جُملَتي مِن نَشأَتي ناشي
وَما نَشَرتُ فَمَطوِيٌّ وَمُظهِرُهُ / فَمُضمِرٌ لا تَراهُ مُقلَةُ العاشي
وَفي الزَوايا خَبايا لَيسَ يُدرِكُها / مِمَّن تَعاطى الخَفايا غَيرُ فَتّاشِ
إِن كانَ فِعلي لَهُ مُراداً
إِن كانَ فِعلي لَهُ مُراداً / فَلَم بِما قَد أَرادَ يُعصى
وَلَم دَعاني إِلى أُمورٍ / مِنّي لَها الخُلفُ لَيسَ يُحصى
مَتى اِدَّعَيتُ وُصولاً بِالغَرامِ وَلي
مَتى اِدَّعَيتُ وُصولاً بِالغَرامِ وَلي / فِيَّ اِختِيارٌ فَإِنّي عَنهُ مُنقَطِعُ
وَهَل يَنالُ مَقامُ الواصِلينَ بِهِ / صَبٌّ وَلَم يَفنَ مِنهُ اليَأسُ وَالطَمَعُ
لِواجِبِ الوَجدِ في كُلّي لِكُلِّكُم
لِواجِبِ الوَجدِ في كُلّي لِكُلِّكُم / مِكانُ صَبرِيَ عَنهُ راحُ مُتَّسِعا
وَما تَصَوَّرَ عِلمي عالِمٌ بِكُم / إِلّا اِنثَنى شِيَعُ التَصديقِ لي تَبَعاً
ما كابَرَ الحَسَّ مِثلُ قَومٍ
ما كابَرَ الحَسَّ مِثلُ قَومٍ / قالوا بانا نَحنُ الجَماعَه
وَكُلُّ فَردٍ مِنهُمُ يُرينا / خِلافَ مَن أَظهَرَ اِتِّباعَه
وَلَيسَ مِنهُم إِلّا عَلى مَن / خالَفَهُ يُبدي الشَناعَه
حَثَّ الرِكابُ بِنا وَالقَومُ قَد وَقَفوا
حَثَّ الرِكابُ بِنا وَالقَومُ قَد وَقَفوا / دونَ الحِمى وَعَلى ضالِ الغَضا عَكَفوا
ظَنّوا سَرابَ الفَلا ماءً فَمالَ بِهِم / عَن مَورِدِ الرَيِّ في الوَعساءِ فَاِعتَسَفوا
وَأَوهَموا الناسَ رُشداً في الضَلالِ فَكَم / وَجهٍ إِلى الغَيِّ عَن نَهجِ الهُدى صَرَفوا
قالوا فَمانوا فَلَمّا أَنَّهُم نُدِبوا / إِلى القِياسِ أَبانوا العَجزَ وَاِعتَرَفوا
تَواجَدوا في هَوا لَيلى وَما وَجَدوا / وَجدي وَلا كَلَفي في حُبِّها كَلِفوا
وَعَيَّروني بِذُلّي في مَحَبَّتِها / وَبِالَّذي عَيَّروني تَمَّ لي الشَرَفُ
هاموا بِأَوصافِها بِالغَيبِ وَاِطَّرَحوا / عِندَ الشَهادَةِ مِعناها الَّذي وَصَفوا
وَبِاللِوى عَرَفوها وَهيَ سافِرَةٌ / وَأَنكَروا بِالمُصَلّى عَينُ ما عَرَفوا
كانوا عَلى الشِركِ يولونَ الجِزيلَ وَيَح
كانوا عَلى الشِركِ يولونَ الجِزيلَ وَيَح / مونَ النَزيلَ وَيَرعَونَ المَواثيقا
حَتّى إِذا ما نَفى التَوحيدُ شِركَهُمُ / بِأَحمَدٍ وَاِستَبانوا الحَقَّ تَحقيقا
وَلّوا غَداةَ تُوَلّوا عَن مَكارِمِهِم / وَمَزَّقوا عَدلَهُ بِالجَورِ تَمزيقا
يا مَيُّ مَلَّ الهَوى إِلّا مَعناكِ
يا مَيُّ مَلَّ الهَوى إِلّا مَعناكِ / وَحالَ صَبٌّ صَبا إِلَا لِمَعناكِ
وَغَيَّر اللَومُ مَن يَهوى سِواكِ وَلَم / تُحَل صُروفَ الرَدى مَن كانَ يَهواكِ
وَأَصبَحَ الناسُ مَسروراً بِسِرِّكِ عَن / عِلمٍ وَآخِرِ مَغروراً بِأَسماكِ
يَغتالُهُ مِن سَرابِ الآلِ خَلَّبَهُ / فَيَنثَني عَن بَروقٍ مِن ثِناياكِ
وَيوهِم الناسَ جَهلاً مِنهُ مَعرِفَةً / بِكَنَهِ مَعنى الهَوى عَن ضَعفِ إِدراكِ
وَكَنهُ مَعنى غَرامي لَيسَ يَشهَدُهُ / بِكَنَهِ حُسنِكَ إِلّا مَن تَمَعناكِ
وَلَستُ مَن يَدَّعي وَصلاً بِلا سَفَرٍ / إِلى حِماكِ وَقُرباً دونَ لُقياكِ
فَكَم عَقَرتُ عَلى البَيداءِ مِن بَدَنٍ / أَكَلَهُ السَعيُ في قَصدي لِمَغناكِ
وَكَم سَلَكتُ رُبى الوَعساءِ مُجتَهِداً / عَلَيَّ أُرَوّي صَدى قَلبي بِرَيّاكِ
وَالعِزُّ مِنكِ وَذُلّي فيكِ قَد ضَمِنّا / بِاليَأسِ مِن طَمَعي بِالوَصلِ إِهلاكي
وَكَيفَ يَطمَعُ مِثلي في وِصالِكِ أَو / بِأَن تَرى عَينُهُ مَرعى مَطاياكِ
لَكِن ظُهورِكَ بِالتَأنيسِ جَسِّرَني / حَتّى تَفَوَّهتُ في سِرّي بِذِكراكِ
يا رَبَّةِ السَترِ هَل لِلكَشفِ مِن أَمَدٍ / يُقضى فَيُجلى قَذى عَيني بِرُؤياكِ
وَهَل لِلَيلِ الجَفا صُبحٌ فَيَرقُبُهُ / مَن لا يُرى الصُبحَ إِلّا مِن مُحَيّاكِ
وَما اِختَفى الصُبحُ عَنّي يا مُنى أَمَلي / لَكِنَّما السَقمُ عَن عَينَيَّ أَخفاكِ
سِفِرتِ فَاِحتَجَبَت عَنكِ العُيونُ فَفي / حَجبِ العُيونِ كَمالُ اللُطفِ أَبداكِ
حَكيتِ بِالعَينِ أَعياناً شَهِدنَكِ كَال / مَحكِيِّ وَاِحتَجَبوا عَن رُؤيَةِ الحاكي
حَتّى رَأى كُلُّ شَخصٍ مِنكَ طاقَتَهُ / في حَدِّهِ فَاِنتَفى تَحديدُ مَعناكِ
وَلَم يَنَل أَحَدٌ عِلمَ الإِحاطَةِ بِالغَي / بِ المَشاهِدَ في الأَكوانِ إِلّاكِ
فَإِن أَقُل غَيرَ هَذا فيكِ وَاِخجَلي / مِن الغَرامِ وَواكُفري وَإِشراكي
اِستَعلَموا الرَأيَ فيما لا مَجالَ لَهُ
اِستَعلَموا الرَأيَ فيما لا مَجالَ لَهُ / فيهِ فَبَآؤا بِبُعدٍ عَن تَعَقُّلِهِ
وَحاوَلوا الدينَ بِالدُنيا فَأَذهَلَهُم / أَدنى تَفاصيلَهُ عَن فَصلِ مُجمَلِهِ
النَفسُ في العَقلِ إِذ تَصفو لِرُؤيَتِهِ
النَفسُ في العَقلِ إِذ تَصفو لِرُؤيَتِهِ / لَهُ مِثالٌ تَراهُ فَاِعقِلِ المَثَلا
كَالعَينِ تَشهَدُ في المِرآةِ صورَتَها / وَما اِستَحلا وَلا حالا وَلا اِنتِقِلا
لَو كانَ ما زَخَرفوا وَقالوا
لَو كانَ ما زَخَرفوا وَقالوا / لِلدينِ تَبدو بِهِ الأُصولُ
وَكانَ يَهدي إِلى صِراطٍ / لِم تَختَلِ مِنهُم العُقولُ
وَكانَ أَوَّلُ داعٍ إِلَيهِ / بِهِ إِلى دينِهِ الرَسولُ
تَوَهَّمَ الجاهِلُ المَغرورُ عَن سَفَهٍ
تَوَهَّمَ الجاهِلُ المَغرورُ عَن سَفَهٍ / أَنَّ الفَضيلَةَ في الإِثراءِ لِلرَجُلِ
وَظَنَّ أَنَّ لِباسَ الزُهدِ مَنقَصَةٌ / إِذا غَدا المَرءَ عَرياناً مِنَ الحُلَلِ
وَما دَرى لِتَعاميهِ وَغَرَّتهُ / بِأَنَّ حِليَةَ أَهلِ الفَضلِ في العَطَلِ
أَشكو إِلى اللَهِ جَهلَ قَومٍ
أَشكو إِلى اللَهِ جَهلَ قَومٍ / قَد سَخِطَت ما اِرتَضى العُقولُ
قالوا لَنا قَولُ ما أَرَدنا / وَما لَكُم فيهِ أَن تَقولوا
وَمَن بِحَقَقٍّ أَحَقُّ مِنّا / وَمُدَّانا لَنا الدَليلُ
وَفي خُطانا لَنا ثَوابٌ / وَاللَهُ فينا بِنا الفَعولُ
لَمّا دَعاني الهَوى مِن رَبَّةِ الكِلَلِ
لَمّا دَعاني الهَوى مِن رَبَّةِ الكِلَلِ / صَرفتُ عَمَّن سِواها نَحوَها أَمَلي
وَجِئتُ أَقصِدَها في أَوضِحِ السُبُلِ / حَتّى إِذا شارَفَت بي قادَةُ الإِبِلِ
نَجداً بَدَت نارُها عَن يُمنَةِ الجَبَلِ /
فَظَنَّ صَحبي أَن دونَ الضِرامِ رَدى / فَهَوَّموا وَقَصَدتُ النارَ مُنفَرِدا
وَقَد تَيَقَنتُ في تَأميمِها رَشَداً / وَفي اِقتِرابي لَها مِنها سَمِعتُ نِدا
عَن جانِبِيَّ وَمِن خَلفي وَمِن قُبَلي /
فَأَكثَرُ الصَحبَ مِن دونِ الحِمى وَقَفوا / وَأَنكَروا بِاللِوى ما البَنقا عَرَفوا
وَموهوا بِهَوى لَيماءَ وَاِنحَرَفوا / عَنِ الطَريقِ وَلَم يَدروا بِمَن كَلِفوا
فَعَوَّضوا بَعدَ طولِ الكَدِّ بِالقَفلِ /
وَأَصبَحوا في مَدارٍ كُلَّما اِحتَمَلوا / داروا وَفي دارِهِم دونَ الصَفا نَزَلوا
دارٌ بِها الهَونُ وَالأَلآمُ وَالخَبَلُ / لِأَنَّهُم عَن مَصاعي عَدلِها عَدَلوا
مِن حَيثُ ضَلّو عَن الإِتيانِ في الظُلَلِ /
راموا الوِصالَ وَعَن أَبوبِها اِنقَطَعوا / وَجاحَدوا ما رَأَو مِنها وَما سَمِعوا
فَغودِروا فِرَقاً مِن بَعدِ ما اِجتَمَعوا / وَبِالدَعاوي عَلَيها ضَلَّةً رَجِعوا
يُغوونَ عَن نَهجِها السُلّاكَ بِالحِيَلِ /
فَاِبعِد بِهِم وَبِنَهجي في هَواكَ لُذِ / وَبِاِسمِ وَجدي مِن شَرِّ الغُواةِ عُذِ
وَاِصحَب لِمَن بِلَبّانِ الواجِدينَ غُذي / وَخُذ أَوامِرَها في الحُبِّ مُتَّخِذي
تُشهِدكَ شَمسُ ضُحاها الظُهرُ بِالطَفَلِ /
فَتَغتَدي بِنَهارٍ لَيسَ يَغشاهُ / لَيلٌ بِظِلٍّ لِلَيلى طابَ مَأواهُ
لَم يَضحَ عَبدٌ بِهِ أَضحى وَمَولاهُ / بِاللُطفِ مِنهُ تَوَلّاهُ وَوَلّاهُ
وِلايَةً لَم يَكُن عَنها بِمُنعَزِلُ /
سَرَت بِرحي إِلَيها بَعدَ ما أَسرَت / وَسَرَّتِ الهَمَّ عَن قَلبي غَداةَ سَرَت
وَمِن طَوِيِّ الثَرى لي في العُلى نَشَرَت / وَأَظهَرَتني بِها لي عِندَما ظَهَرَت
وَبِالمُنى آمَنتُ نَفسي مِن الوَجَلِ /
في بَرقِ مَبسِمِها لَمّا أَضاءَ مَشَوا / وَحينَ أَظلَمَ عَن نَهجِ السَبيلِ عَشوا
وَاِستَغشَأوا مِن دُعاها ما عَلَيهِ نَشوا / مِن رَفضِها وَبِمُستَنِّ الغَرامِ وَشوا
إِلى عَداها بِزَورِ القَولِ وَالخَطَلِ /
قالوا بِأَرخَصِ قَولي في هَواهُ غَلا / جَهلاً بِمَن عَن مَقالِ الواصِفينَ عَلا
وَلَو رَأَوا بَعضَ ما مِنهُ عَلَيَّ جَلا / في لا وَلا ما رَأَوا إِلّا وَلّاهُ وَلّا
وَبِالبَرا بانَتِ العُذّالُ عَن عَذَلي /
إِن غابَ بِيَ الطَرفَ عَنهُ في تَحَجُّبِهِ / فَالقَلبُ مِنّي لَهُ أَضحى الشَهيدَ بِهِ
وَلا وَبَردٍ حَمى صَدري بِمَشرَبِهِ / ما زاغَ قَلبي عَنهُ في تَقَلُّبِهِ
لِناظِري في خِيامِ الحَيِّ بِالحِلَلَ /
حَديثُ وَجدي قَديمٌ في مَحَبَّتِهِ / وَسامِراً لي غَدا في لَيلِ غَيبَتِهِ
وَلَم يَزَل ذاكِراً لي عَهدَ صُحبَتِهِ / مُنَعِّماً في الكَرى طَرفي بِرُؤيَتِهِ
فَلَيتَهُ يَقظَةً لي جادَ بِالأَمَلِ /
لَم يَستَزِر طَيفَهُ لَيلاً سِوى سَهَري / وَلا جِلاهُ عَلى عَيني سِوى فِكَري
وَغَيبُ قَلبي الَّذي أَهواهُ بِالخَبَرِ / هُوَ حاضِرٌ بِعِياني وَهوَ مُنتَظِري
لِرَدِّ بالي بِإِبلالي مِنَ العِلَلِ /
دَعِ الجِدالَ وَخَلِّ الفِسقَ وَالرَفَثا / إِذا حَجَجتَ إِلَيهِ وَاِغسُلِ الحدَثا
وَاِحرِم بِرَفضِ غَوِيٍّ بِالفَسادِ عَثا / وَاِجدُد إِلى الجَدِّ وَاِترُك دونَهُ العَبَثا
تَفُز بِحَلٍّ وَوَصلٍ غَيرِ مُنبَتِلِ /
طَريقَتي في غَرامي لَيسَ يَعرِفُها / عَلى الحَقيقَةِ إِلّا مَن تَعَرَّفَها
مِمَّن لَهُ رَبُّها في البَدو عَرَّفَها / وَلَم يُذِعها إِلى غَمرٍ يُحَرِّفَها
عَن عَينِها ثُمَّ يُلقيها إِلى السُفَلِ /
طاروا إِلَيها فَلَمّا أَن عَلَوا هَبَطوا / وَفي الصَوابِ بِظَنٍّ مِنهُمُ غَلِظوا
وَعِندَما عَدَّلوا عَن نَهجِها قَسَطوا / فَأَصبَحوا تَحتَ قَبضٍ بِعدَما اِنبَسَطوا
في الجاهِ وَالمالِ وَالأَخدانِ وَالخُوَلِ /
أَنسى بِذِكرِكَ مِن ناسيكَ أَوحَشَني
أَنسى بِذِكرِكَ مِن ناسيكَ أَوحَشَني / وَفيكَ عايَنتُ فَقدي عَينُ وِجداني
فَيا بَقائي لِنَفسي في الفَناءِ بِهِ / أَدَمَ عَلَيَّ فَناءً فيكَ أَبقاني
فَإِنَّني لَم أَجِد نَفذاً لِقَطرِ سَماً / صارَت لِأَرضِكَ لَولا صِرتُ سُلطاني
لِذا عَلى كُلِّ إِنسِيٍّ عَلَوتُ وَدا / نَت لي بِدينِكَ طَوعاً عُصبَةُ الحاني
بِنُطقِ سَمعي جَرى لِساني
بِنُطقِ سَمعي جَرى لِساني / وَعَن فُؤادي رَوى عَياني
وَفي خَفاهُ عَنّي إِلَيهِ / لَمّا بَدى لي مِنّي دَعاني
فَصارَ بَسطُ الوَرى بِقَبضي / وَالخُلُقُ وَالأَمرُ في كِياني
فَلا وُجودٌ سِوى وُجودي / وَكُلُّ باقٍ سِواهُ فانِ
لِلناسِ عَن مَشهَدي مَغيبٌ / أَضَلَّهُم عَن هُدى بَياني
إِذ بِالأَسامي أَروا اِختِصاصاً / لِما تَخَصَّصتُ بِالمَعاني
لَو كُنتَ مِنّي ما غَبتَ عَنّي
لَو كُنتَ مِنّي ما غَبتَ عَنّي / وَلا تَغَيَّرتَ عَن كَياني
وَلَم أَزَل سامِعاً بَصيراً / أُجيبُ بِالنُطقِ مَن دَعاني
وَلَم أَجِد بِالرُقادِ فَقدي / مِنّي وَذو يَقظَةِ يَراني
وَلَم تَسِر بي نوقُ المَنايا / عَن رَبعِ سِربي دونَ الأَماني
وَكانَ مَن راحَ لي مُطيعاً / يَقهَرُ بي كُلَّ مَن عَصاني
بَل أَنا مِمَّن إِلَيَّ لَمّا / ضَلَلتُ عَنّي بِهِ هَداني
وَلِيُّ فَضلٌ عَلى البَرايا / يَنشُرُني كُلَّما طَواني
بِهِ أَراني كَما أَراهُ / فَأَثبَتُ النَقِيَّ بِالعَيانِ
وَعَن حُلولٍ وَعَن أُفولٍ / وَعَن تَناءٍ وَعَن تَدانِ
ما أَومَضَ البَرقُ بَينَ الطَلعِ وَالبانِ
ما أَومَضَ البَرقُ بَينَ الطَلعِ وَالبانِ / إِلّا وَنابَ الغَوادي دَمعي القاني
وَلا شَدَّت ساجِعاتُ الوُرقِ في وَرَقِ ال / أَغصانِ إِلّا شَجَّتني فَوقَ أَشجاني
وَذَكَّرَتني بِنُعمانِ الأَراكِ هَوى / شَبيبَةٍ سَلَفَت في ظِلِّ نُعمانِ
أَيّامَ أَركُضُ أَفارسَ المَسَرَّةٍ في / رَوضِ الأَماني وَرَوضُ اللَهوِ مَيداني
وَساكَنو الغَورَ مِن وادي الغَضا سَكَني / وَجيزَةُ العَلَمِ النَجدِيِّ جيراني
وَالدَهرُ قَد رَقَدَت عَنّا نَوائِبُهُ / وَنَبَّهَت لِلتَصابي كُلَّ وَسِنانِ
أَغَنَّ تُغني عَنِ الصَهباءِ ريقَتُهُ / وَزَهرُ خَدَّيهِ عَن أَزهارِ بُستانِ
يُديرُ من طَرفِهِ سِحراً مِن يَدِهِ / خَمراً فَسَكَرُ النَدامى مِنهُ سَكرانِ
أَطَعتُ في حُبِّهِ أَمرَ الهَوى وَعَصا / قَلبي عَلَيهِ نَهى مَن عَنهُ يَنهاني
بَدرٌ لِشَمسِ الضُحى مِن تَحتِ طِرَّتِهِ / لَيلٌ بَدا في الدَياجي مُشرِقاً ثاني
لَم أُلفَ غَيرَ حَليفٍ لِلغَرامِ بِهِ / وَلَم أَبِت مِن هَواهُ غَيرَ سَكرانِ
ما زالَ في غَفَلاتِ اللَيلِ يُتحِفُني / بِلُطفِهِ نازِحاً مَعَ وَصلِهِ الداني
حَتّى اِفتَرَقنا فيا لِلَّهِ ما سَفَحَت / بِجَفوَةِ البَينِ يَومَ السَفحِ أَجفاني
فَأَيُّ نارٍ بِها أَذكى الهَوى كَبِدي / وَأَيُّ سُقمٍ لِحيني قَد تَواخاني
وَهَبتُهُ ساعَةَ التَوديعِ ما مَلَكَت / بِالوَهمِ نَفسِيَ مِن صَبرٍ وَسُلوانِ
فَاِستَخلَفَ السَقمَ في جِسمي وَغادَرَني / بِغَدرِهِ مِن دُموعي بَينَ غُدرانِ
فَبَلَّ وابِلُ دَمعي ما عَدا كَبِدي / وَمَزَّقَ السُقمُ إِلّا ثَوبَ أَحزاني
وَسارَ وَالحَيُّ يَتلوهُ عَلى مَهَلٍ / وَأَقفَرَ الرَبعُ إِلّا مِن جَوٍ عانِ
وَقَفتُ بِالمَعهَدِ الباقي أُناشِدُهُ / عَنهُم وَأَندُبُ فيهِ عَهدَنا الفاني
وَأَشتَكيهِ صَباباتٍ لَبُعدِهِم / وَشَأنُ أَطلالِهِ مَن بُعدِهِم شاني
وَلَم أَزَل بِوِشاحِ السُقمِ مُتَّشِحاً / أَغشى فُنونَ الأَسى طَوراً وَتَغَشّاني
حَتّى اِنتَهَيتُ بِأَصحابي إِلى حَرَمٍ / حُماتُهُ سادَةٌ مِن آلِ حَمدانِ
قَومٌ أَقاموا حُدودَ اللَهِ وَاِعتَصَموا / بِحَبلِهِ مِن طُغاةِ الإِنسِ وَالجانِ
وَاِستَأنَسوا بِالدُجى النارَ الَّتي ظَهَرَت / بِطَورِ سيناءَ مِن أَجبالِ فارانِ
لَم يُنسِهِم عَهدَها تَبديلُ مَعهَدِها / كَلّا وَلَم يَثنِهِم عَن حُبِّها ثانِ
وَفّوا لِعُلُوَةِ الميثاقِ وَاِتَّحَدوا / عَلى الحِفاظِ وَجافوا كُلَّ خَوّانِ
هُمُ الجِبالِ الرَواسي في عُلُوِّهِم / وَأَنجُمُ اللَيلِ تَهدي كُلَّ حَيرانِ
سَمّوا فَلَوا تَرَهُم عَينُ الجَهولِ بِهِم / إِلّا كَما نَظَرَت مِن شَخصِ كيوانِ
هُم عِياذي إِذا ما مَسَنّي وَصَبٌ / وَذِكرُهُم في صَلاةِ اللَيلِ قُرآني
وَقَصدُ بابِهِمُ حَجّي وَقُربُهُم / مَنّي أَراهُ إِلى الرَحمَنِ قُرباني
صَلّى الإِلَهُ عَلى أَرواحِهِم وَكَسا / أَشباحَهُم حُلَلاً مِن رَوضِ رَضوانِ
بَدرٌ سَبى الناسَ حَتّى الشَمسُ قَد كَلِفَت
بَدرٌ سَبى الناسَ حَتّى الشَمسُ قَد كَلِفَت / بِحُسنِهِ وَتَعَنَّت في مَعانيهِ
تَبدو إِذا ما تَبَدّى وَجهُهُ وَإِذا / ما غابَ غابَت بِعَيني في مَغانيهِ
فَلا أَرى اللَيلَ إِلّا في تَباعُدِهِ / وَلا أَرى الصُبحَ إِلّا في تَدانيهِ
أَطَعتُ أَمرَ الهَوى فيكُم بِمَعصِيَتي
أَطَعتُ أَمرَ الهَوى فيكُم بِمَعصِيَتي / مِن غَيرِ ما غِرَّةٍ عَنكُم نُهى الناهي
المالُ وَالجاهُ عِندي في مَحَبَّتِكُم / مَن ذا يَزهَدُني في المالِ وَالجاهِ
وَهَل يُغَيِّرُ لُبّي عَنكُم سَفَهُ ال / لاحي وَحُبّي لَكُم وَاللَهِ في اللَهِ