القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 174
هذِهْ رسالةُ صَبٍّ دائمِ القَلقِ
هذِهْ رسالةُ صَبٍّ دائمِ القَلقِ / إلى حبيبٍ جميلِ الخَلْقِ والخُلُقِ
تَضمَّنتْ نارَ شَوقٍ بينَ أضلُعهِ / فاعَجبْ لهُ كيفَ يُهدِي النَّارَ في الوَرَقِ
عليلةٌ اللفظِ والمعنى مجرَّدةٌ / صحيحةُ العَزْم في الأسفارِ والطُرُقِ
راحت تَخوضُ إليهِ البحرَ خائفةً / من نَقدِهِ إذ يَراها لا من الغَرَقِ
هذا الصَّديقُ الذي تَبقَى مَوَدَّتُهُ / للدَّهرِ خالصةً من شُبهةِ المَلَقِ
تَمضي الليالي ولا تُلقِي بها أثراً / إلاّ كما أثَّرَ الصمْصامُ في الدَّرَقِ
محمدُ العاقلُ المشهورُ تسميةً / بالحمدِ والعقلِ طِبْقَ الذَّاتِ في النَسَقِ
يتلو لنا سورةَ الإخلاصِ مَنطِقُهُ / وَوجهُهُ ظَلَّ يتلو سُورةَ الفَلَقِ
لَئِنْ تكُنْ عينُ تلكَ الشَّمسِ غائبةً / فقد أقامَت علينا رايةَ الشَفَقِ
رسالة كبياضِ العينِ رُقعتُها / وذلك الخط فيها أسود الحدق
تِجارَةٌ بينَنا واللهِ قد رَبحتْ / ممَّن أرَى فضلَهُ كالطَوقِ في عُنقي
يُهدِي اللآلي ويُهدَى بعدَها خَرَزاً / منا فلا زالَ رَبَّ الفَضلِ والسَبَقِ
قِفْ بالدِّيارِ إذا الليلُ البهيمُ سَجا
قِفْ بالدِّيارِ إذا الليلُ البهيمُ سَجا / وقُلْ طريدٌ إلى نارِ الفريقِ لَجا
تَرَى الصَوارِمَ شُهباً تَستضئُ بِها / فإن بَدَتْ ميّةٌ فالصُّبحُ قد بلَجا
يا دارَ ميَّةَ حَيَّاكِ الحياءُ وإن / لم نَرتشِفْ منكِ قَطراً يُنعِشُ المُهَجا
إن يَمنَعِ القومُ إلمامي فما مَنَعوا / أنْ أنظُرَ الحيَّ أو استَنشِقَ الأرَجا
لي فيكِ فتَّانةٌ لام العَذُولُ بها / جَهلاً فقُلتُ هو الأعمى فلا حَرَجا
أجلَلتُ عينيَّ كبراً بعدَ رُؤْيتها / عن رؤْيةِ الغيرِ حتَّى البدرِ جِنحَ دُجَى
خَوْدٌ لها طِيبُ أنفاسٍ إذا ارتجَزَت / غَنَّت لها الوُرقُ في عِيدانِها هَزَجا
معسولةُ الثَغْر في لألآئهِ فَلَجٌ / دمعي النَضِيدُ يُباهِي ذلكَ الفَلَجا
شَكَوتُ من ضِيقِ تلك العينِ ظالمةً / قالت إذا اشتَدَّ ضيقٌ فانتَظِرْ فرَجا
وإن أردتَ نجاةَ الرَّأيِ من سَفَهٍ / فاذهَبْ ونادِ بأعلى الصَّوتِ يا ابنَ نَجَا
ذاك الذي لا يَرُوعُ الوَجدُ مُهجَتَهُ / ولا يُناظِرُ طَرْفاً للمَهَى غَنجِا
ذاك المُحبُّ بياضَ الصُحْفِ لا نَعَجاً / في عارضٍ وسَوادَ الحِبر لا الدَّعَجا
ذاك الإمامُ الحصيفُ الكاملُ العَلَمُ ال / فَرْدُ الذي لا تَرَى في خُلقِهِ عِوَجا
مُستجمِعُ الفضلِ في عِلمٍ وفي عَمَلٍ / تألَّفا فيهِ كالبَحْرَينِ قد مُرِجا
هانت على قلبهِ الأيَّامُ صاغِرةً / إذ كانَ يعرِف ما في طَيّها دُرِجا
فلا تَراهُ لَدَى الإيسارِ مُبتهِجاً / ولا تَراهُ لَدَى الإعسار مُنزَعِجا
وَداعةٌ في وَقارٍ عَزَّ جانِبُهُ / كالماءِ بالرَّاحِ في الأقداحِ قد مُزِجا
وهِمَّةٌ من بَقايا الدَّهرِ قد أخَذَتْ / سَبْعَ الطِّباقِ إلى مِحرابِها دَرَجا
تُدَبِّجُ الصُّحْفَ بالأقلامِ راحتُهُ / فتلكَ بيضُ خُدُورٍ تَلْبَسُ السَّبجَا
قد أزهرَ الأزهرُ الضَّاحي بطلْعتهِ / كالبدرِ من مَشرقِ الأفلاكِ قد خَرَجا
لِقاؤُهُ في عُيونِ الكاشِحينَ قَذىً / ولَفظُهُ في صُدُورِ الحاسِدينَ شَجا
طَوْدٌ تَرَى في ضواحي مِصرَ مَوْقِفَهُ / وظِلُّهُ في رُبَى لُبنانِ قد نُسِجا
عَهدِي بها النِيلُ يَسقي رِيفَها تُرَعاً / فصارَ آخَرُ يَسقي أرضَنا خُلُجا
يا كَعبةَ العلمِ لم تَحجُجْ لها قَدَمي / لكنَّ قلبي قَضَى في خَيْفها حِجَجا
إنْ كانَ قد جاءَ منكِ الخيرُ مُنفرِداً / فطالما جاءَ منكِ الخيرُ مُزْدَوِجا
مَنْ كان مِنكِ أميراً أيُّها الرِّمَمُ
مَنْ كان مِنكِ أميراً أيُّها الرِّمَمُ / ومَن هُمُ الجُندُ والأتباعُ والخَدَمُ
ومَن هُوَ البَطلُ الحامي الدِّيارِ ومن / كانت لهُ الخُطَبُ الغرَّاءُ والحِكَمُ
أينَ الذي كانتِ الدُنيا تَضِجُّ بهِ / رُعباً وكان عليهِ الجيشُ يَزدَحمُ
مَن كانَ يَهزِمُ أبطالَ الرِّجالِ تُرَى / هل كانَ من وَجهِ ذاكَ الدُّودِ يَنهزِمُ
الكُلُّ صاروا تُراباً لا قِوامَ لهُ / يَدُوسُهُ في الطَّريقِ الخُفُّ والقَدَمُ
قَدِ استَوَى العَبدُ والمَولى على نَسَقٍ / وضاعَ بين التُرابِ السَّيفُ والقَلَمُ
بئسَ الحَياةُ التي مَوجودُها عَدَمٌ / يا لَيتَ لا كانَ موجودٌ ولا عَدَمُ
حُلمٌ رآهُ الفتى في طَيِّ رَقدتهِ / لَيلاً فأصبحَ لا نَومٌ ولا حُلُمُ
كم غَرَّتِ النَّاسَ واستَهوتْ أفاضِلَهُمْ / فَتاهَ في قَفْرِها العَلاّمة العَلَمُ
زاغت عن الرُّشدِ فيها كلُّ باصرةٍ / واستهلَكَت في هواها العُرْبُ والعَجَمُ
لا أوحَشَ اللهُ داراً مِن أحبَّتنا / كانت معَاهِدُها بالأُنس تَبتَسِمُ
بَلى قد استَوحَشَتْ منهم ونحن على / آثارهِم نُؤْنسُ الأجداثَ حَيثُ هُمُ
هيهاتِ ما للمَنايا هُدنةٌ أبَداً / كَلاّ ولا عِندَهُنَّ الأشهُرُ الحُرُمُ
هُنَّ الأبِيَّاتُ لا يَطمعَنَ في سَلَبٍ / فما لَهُنَّ سِوى الأرواحَ مُغتَنَمُ
وَيلاهُ قد هُدِّمَتْ أركانُنا عَبثاً / وهل على الأرضِ رُكنٌ ليسَ يَنهدِمُ
نرجو من الدَّهرِ أنْ يَرعَى لنا ذِمماً / يا وَيحَنا ومَتَى كانت لهُ ذِمَمُ
ماتَ الحبيبُ الذي ماتَ السُرورُ بهِ / منَ القُلوبِ وعاشَ الحُزنُ والضَرَمُ
من بعدِهِ صارَ صَوتُ النَّوحِ يُطرِبُنا / وَجداً وتُزعِجُنا الأوتارُ والنَغَمُ
مَضَى وفي كلِّ قلبٍ بعدَهُ كَمَدٌ / يَبقَى وفي كل جِسمٍ بَعدَهُ سَقَمُ
كأنَّهُ من قُلوبِ الناسِ مُقتَطَعٌ / فكلُّ قلبٍ بهِ من فَقْدهِ ألَمُ
لم تخلُ من صَوبِ دمعٍ بَعدَ مَصرَعِهِ / عَينٌ ولم يَخلُ من ذِكراهُ قَطُّ فَمُ
ولم نجِدْ قبلَهُ من أُمَّةٍ رَجُلاً / بَكَتْ عليهِ شُعوبُ الناسِ والأُمَمُ
قد كنتُ أشكو بِعادَ الدَّارِ من قِدَمٍ / فَحبَّذا اليومَ ذاك البُعدُ والقِدَمُ
وكانت الدَّارُ ترجو أن تَراهُ غَداً / أنتَ الغَريبُ إذا ما عُدَّتِ الشِيَمُ
ما أنصَفتْكَ جُفوني وَهْيَ باكيةٌ / دَمعاً فمثِلُكَ مَن يُبكَى عليهِ دَمُ
أيُّ الفضائلِ ليستْ فيكَ كاملةً / وأيُّ عيبٍ نراهُ فيكَ يُتَّهَمُ
فيكَ التُّقَى والنَقا والعِلمُ مجتمعٌ / والحِلمُ والحَزْمُ والإحسانُ والكَرَمُ
نَرثيكَ بالشِّعرِ يا نَقَّاشَ بُردتِهِ / والشِّعرُ يرثيكَ حتى تَنفْدَ الكَلِمُ
تبكي عليك القوافي والمَحابرُ وال / أقلامُ والصُحْفُ والآراءُ والهِمَمُ
وكلُّ دِيوانِ شِعرٍ كُنتَ تَنظِمُهُ / وكلُّ ديوانِ قومٍ فيكَ ينتظِمُ
وكلُّ طالبِ عِلمٍ فاتَهُ مَدَدٌ / وكلُّ طالبِ رفدٍ فاتَهُ نِعَمُ
حَقٌّ علينا رِثاءٌ فيك نُنشِدهُ / لكن أحَبُّ إلى أسماعِنا الصَّمَمُ
أكادُ من فَرْطِ لَهْفي حينَ اكتُبهُ / أمحو المِدادَ بدَمعِي وَهْوَ يَنْسَجِمُ
قُصِفتَ يا غُصنَ بانٍ في الصِّبَى أسَفاً / لمَّا انثَنيَتَ وقد مالَتْ بكَ النَّسَمُ
كُنَّا نُرَجّي ثِماراً منك يانعةً / فسابَقتْنا المنايا وهْيَ تَقْتَحِمُ
ويَحي تُرى هل لنا في الأرضِ مُجتَمعٌ / وهل تُرَى شَمْلُنا في الدَّهرِ يَلتئِمُ
وهل نَرَى ذلكَ الوجهَ الذي نَسَخَتْ / أنوارَهُ تحتَ أطباقِ البِلَى الظُلَمُ
إن كُنتَ قد سِرتَ عن دار الفَناءِ فقد / نِلتَ البقا حيثُ لا شَيبٌ ولا هَرَمُ
إن السَّعيدَ الذي كانت عواقبُهُ / بالخيرِ في طاعةِ الرحمنِ تُختَتَمُ
شَوقٌ يَهيجُ وقلبٌ طالما خَفَقا
شَوقٌ يَهيجُ وقلبٌ طالما خَفَقا / ومُقلةٌ في الدُّجَى علَّمتُها الأرَقا
ومُهجةٌ في الهَوَى العُذْرِيِّ ذائبةٌ / إذا جَرَى الدَّمعُ زادَتْ نارُها حَرَقا
مَن مُنصفي يا لَقومي في المحَبَّةِ مِن / ظَبْيٍ أنا عَبدُهُ وَهْوَ الذي أبَقَا
لمَّا تَوارَى مُحيَّاهُ بَكيتُ دَماً / كالشَّمسِ غابَتْ فأبْقَتْ بعدهَا شَفَقا
مُهَفهَفُ القَدِّ لَدْنُ العِطْفِ مُعتدِلٌ / كالغُصنِ قد حَمَلَ الدِّيباجَ لا الوَرقا
خَطَّتْ يدُ الحُسنِ في مَصقولِ جَبْهتهِ / سَطراً مُلخَّصُهُ سُبحانَ مَنْ خَلَقا
جَرَحتُ خَدَّيهِ بالألحاظِ عن خَطأٍ / فاقتَصَّ من كَبِدي ظُلماً وما رَفَقا
وطالما سَرَقَتْ عينايَ نَظرَتَهُ / فقالَ لا بُدَّ لي من قَطعِ مَنْ سَرَقا
لمَّا رأى سِحرَ عينيهِ العِذارُ طَوَى / كَشحاً وخَطَّ لهُ في عارِضيهِ رُقَى
تلك الأساطيرُ شاقتْني مَحاسِنُها / حتى رأيتُ سُطوراً تَبْهَرُ الحَدَقا
قلائدٌ خِلْتُها حبراً على وَرَقٍ / فكانتِ الدُرَّ لا حِبراً ولا وَرَقا
منظومةٌ بيدٍ كالبَحرِ زَاخرةٍ / مَن خاضَ لُجَّتَها لا يأمَنُ الغَرَقا
بنفسي الفِداءُ لعبدِ اللهِ من رَجُلٍ / كالغيثِ مُندَفِقاً والصُّبحِ مُنبَثِقا
أصَحُّ من خَطَّ قِرطاساً وأبلَغُ مَن / أملَى وأفصَحُ مَنْ بالضَّادِ قد نَطقَا
هُوَ المُصِيبُ الذي لم يُخطِ مَنطِقُهُ / إلاّ بمدحٍ أتاني منهُ مختَلَقا
لَئنْ تَسَربلتُ من عُجْبي بهِ حُللاً / فقد تَعلَّمتُ من ألطافِهِ خُلُقا
سَقى الحَيا أرضَ زَوارءِ العِراقِ كما / سَقَت رُبَى الشَّامِ منها وابلاً غَدَقا
عَلِمتُ أنَّ الصَّبا من نَحوِها خَطَرتْ / لَمَّا رأيتُ شَذا أنفاسِها عَبِقا
شَوقي إلى رَبعها الميمونِ طائرُهُ / شوقُ العَليلِ إلى ما يُمسِكُ الرَّمَقَا
رَبعٌ هو الفَلَكُ الأعلَى فقد طَلَعتْ / فيهِ النُجومُ اللواتي تَصدَعُ الغَسقَا
يا حَبَّذا نَهلةٌ تُرِوي الحُشاشةَ مِن / نهر السَّلامِ الذي قَلبي بهِ عَلِقا
إن لم أنَل جُرْعةً منهُ فوا ظَمئي / ولو سَقاني هَتُونُ الغَيثِ مُندفِقا
أرِثي ويا ليتَ شِعري مَنْ سَيَرْثيني
أرِثي ويا ليتَ شِعري مَنْ سَيَرْثيني / قد حانَ ذلكَ أم يَبقَى إلى حِينِ
كُلٌّ أسِيرُ المَنايا لا فِدَاءَ لهُ / فيُحسَبُ الحَيُّ مَيتاً غيرَ مدفونِ
قُلْ للذي تاهَ في دُنياهُ مُفتخراً / ضاع افتخارك بين الماء والطينِ
إذا تفقَّدتَ في الأجداث معتبِراً / هناك تنظرُ تيجانَ السلاطينِ
وَيلاهُ من هذِهِ الدُّنيا على خَطَرٍ / فتلكَ أضعفُ مِن زهرِ البساتينِ
نُمسي ونصبحُ في الدُّنيا على خطرٍ / فليسَ يومٌ ولا ليلٌ بمأمونِ
قد مَلَّ قلبي حَياةً لا جَمالَ لها / إلاّ مَشُوباً بتَشويهٍ وتَهْجينِ
قَلبٌ أرَى في دِيارِ الشَّامِ مَنزِلَهُ / وصَبرَهُ في دِيارِ الهِندِ والصِّينِ
في كلِّ يومٍ بَلاءٌ غيرُ مُحتَسَبٍ / ولَوعةٌ بفِراقٍ غيرِ مظنونِ
لم يَترُكِ الدَّهرُ عيناً مِنْ أحبَّتِنا / لكِنَّهُ تَرَك الآثارَ تُشجيني
لَهْفي على ذلكَ البدرِ الذي كَسَفَتْ / جَمَالهُ الأرضُ ولو يَبقَى كعُرْجونِ
من بعِدهِ أظلَمَتْ أبصارُنا فرَأتْ / نهارَ أيلُولَ فيها ليلَ كانونِ
وَيلاهُ كم في صُروفِ الدهرِ من عَجَبٍ / وأنتَ في البحثِ عنها غيرُ مأذونِ
يُعطي ويمَنَعُ لا حَمْدَ الكريمِ ولا / عُذْرَ البَخيلِ ولا حِفظَ القوانينِ
كم سادَ في الدِّينِ والدُّنيا بحوزتَهُ / من ليس يَصلَحُ للدنيا ولا الدِّينِ
ومات من تشتهي الدُّنيا سلامتَهُ / وعاشَ مَن موتُهُ أشْهَى الرَياحينِ
هذا قَضاءُ الذي في عَرشِ قُدْرَتِهِ / يُصرِّفُ الأمرَ بينَ الكافِ والنونِ
فاصبِرْ وَإنْ شِئتَ فاجزَعْ إنْ قَدَرْتَ على / دفعِ البَلاءِ وتَعدِيلِ الموازينِ
عُنوانُ كلِّ مديحٍ راسخِ القَدَمِ
عُنوانُ كلِّ مديحٍ راسخِ القَدَمِ / تَرْكُ التَغَزُّلِ والتمويهِ في الكَلِمِ
فإن مَدَحتَ الأمينَ المُستغَاثَ بهِ / فالهَجْ بلَيثِ الشَّرَى لا ظَبْيِ ذي سَلَمِ
قلْ للأمِير جَزاكَ اللهُ مكَرُمةً / فأكرَمُ النَّاسِ عِندَ اللهِ ذو الكَرَمِ
والنَّاسُ ضَربانِ ذو سَيفٍ وذو قَلَمٍ / وأنتَ تجمَعُ بينَ السَّيفِ والقَلَمِ
أُثني عليكَ بلَفظٍ لستُ أحسَبُهُ / مَدحاً لكم بل حديثاً عنكَ في الأُمَمِ
وأحسَنُ المَدحِ ما صَحَّ الحديثُ بهِ / وصَدَّقتْهُ شُهودُ الفِعلِ والشِّيَمِ
وأفضَلُ الحاكِمينَ القائمِينَ فتىً / ذو حِكمةٍ فيَزِينُ الحُكْمَ بالحِكَمِ
قدِ اعترَكتَ صُروفَ الدَّهرِ مُخترطاً / سيفَ العَزائمِ والآراءِ والهَمَمِ
فكُنتَ مَعقِدَ تاجٍ فَوقَ هَامَتِها / بَعدَ الجهادِ وكانتْ موطِئَ القَدَمِ
مَدَدتَ راحةَ قَنَّاصٍ يُعاضِدُها / حَظُّ سَعيدٌ يَصيدُ الصَقْرَ بالرَخَمِ
فما هَمَمْتَ بأمرٍ غيرَ مُقتدرٍ / ولا بَدَأتَ بأمرٍ غيرَ مخُتَتِمِ
يا أثبتَ النَّاسِ في قولٍ وفي عَمَلٍ / على التَمادِي وأوفَى الناسِ بالذِمَمِ
بَيني وبينَكَ عهدٌ في عَشائِرِنا / يَجري على سُنَّةِ المَخدُومِ والخَدَمِ
أنا على عادةِ الأجنادِ من قِدَمِ / فكُنْ على عادةِ الساداتِ من قِدَمِ
إلى المَغاربِ تَسعَى الشَّمسُ والقَمَرُ
إلى المَغاربِ تَسعَى الشَّمسُ والقَمَرُ / فذاكَ فَخرٌ بهِ تَزهُو وتَفتَخِرُ
أرضٌ مُبارَكةُ الأقطارِ صالحةٌ / إذا أتَى الرِّيحُ منها أقبَلَ المَطَرُ
سل أرضَ مصرَ إذا ما جئتَ ساحتَها / من أينَ فيضُ مياهِ النِّيلِ يُنتَظرُ
إن كان في مِصرَ نَهرٌ شابَهُ كَدَرٌ / فضمِنَ تُونُسَ بَحرٌ ما بهِ كَدَرُ
هُوَ الوزيرُ الذي أضحَى يُشَدُّ بهِ / أزْرُ الكرامِ ويُرجَى عِندَهُ الوَطَرُ
تَهْوي على ذَيلِهِ الأفواهُ لاثِمةً / كأنَّهُ رُكنُ بيتِ اللهِ والحَجَرُ
مُحمَّدُ الأحمَدُ المحمودُ نائلُهُ / وسَعْيُهُ حيثُ يَرضَى اللهُ والبَشَرُ
الباسِمُ الثغَرِ والأبطالُ عابِسةٌ / والثابتُ القلبِ والأكبادُ تَنفطِرُ
إذا انتَضَى يوم حربٍ صارماً ذَكراً / فلَيسَ أفتَكَ منهُ الصَّارِمُ الذَكَرُ
أعَزُّ شيءٍ عليهِ مَتْنُ سابحةٍ / تَجرِي وأهوَنُ شيءٍ عندَهُ البِدَرُ
مُؤَيَّدٌ بِيَمينِ اللهِ مُقتدرٌ / يَرعَى العِبادَ بعينٍ نَومُها السَّهَرُ
لو لَمْ يكن صدرُهُ بحراً لما بَرزتْ / لمشهدِ النَّاسِ من ألفاظِهِ الدُّرَرُ
كَرامةٌ في بِلادِ الغربِ مُشرِقةٌ / ونِعمةٌ للرَّعايا ساقَها القَدَرُ
تُهدَى إليهِ القوافي وَهْيَ سافرةٌ / مِن مَشرِقِ الأرْضِ يجلوَ وَجهْهَا السَفَرُ
يا ناسِخَ الظُّلمِ مِن أقطارِ دَولتِهِ / كظُلمةِ الليل يمحو جِنْحَها السَحَرُ
قد قُمتَ بالبِرِّ والعدلِ القويمِ بها / كأنَّما أنتَ عبدُ اللهِ أو عُمَرُ
لَكَ التهانِي بما أوتيتَ من ظَفَرٍ / بل للرَعايا التي أولَى بِها الظَفَرُ
أنَلْتُهمْ زَهرةَ الدُنْيا فكانَ لهُمْ / عَرْفُ النَّسيمِ وفي الأُخرَى لَكَ الثَمَرُ
آسُ العِذارِ على خَدَّيهِ قد كَتَبا
آسُ العِذارِ على خَدَّيهِ قد كَتَبا / حَديثَ فتنَتِهِ الكُبرَى فما كَذَبا
ما زالَ يخضَرُّ ذاك الآسُ مُزدهياً / وكيفَ يَخضَرُّ نبتٌ جاوَرَ اللهَبا
فَتىً منَ العَرَبِ العَرْباء مَنطِقُهُ / لكنِ شَمائِلهُ لا تَعرِفُ العَرَبا
غَضُّ الصِّبا لَيِّنُ الأعطافِ مُعتَدلٌ / لهُ فَكاهةُ رَيحانٍ ولُطفُ صَبَا
ما زالَ وَجدي بهِ يَنقادُ عن سَبَبٍ / حَتَّى رأيتُ لزُهدي في الهَوَى سَبَبا
لَهَوْتُ عن غَزَلٍ فيهِ بعارضةٍ / من النَّسيبِ بخَوْدٍ تَفتِنُ الأُدَبا
رِسالةٌ من ضواحي مِصرَ قد وَرَدَتْ / كأنَّها فَلَكٌ قد ضُمِّنَ الشُّهُبا
بديعةُ النَّظمِ خُطَّتْ بالمِدادِ ولو / أصابَ كاتِبُها أجرَى لها الذَهَبا
للهِ من كاتبٍ أقلامُهُ نَظَمَتْ / عِقْدَ اللآلي بلا سِمطٍ فواعَجبَا
يَفْتَنُّ في فِتنةِ الألبابِ مُبتدعاً / إذا قَضَى أو رَوَى أو خَطَّ أو خَطَبا
مُهذّبٌ تَرفَعُ الأوهامُ حِكمَتَهُ / حَزْماً إذا قامَ للتَّدريسِ مُنتصِبا
يَقضى لهُ حينَ يُفتي في مَجالِسِهِ / بالسَّبْقِ مِمَّن رأى في كَفِّهِ القَصَبا
عبدٌ أُضيفَ إلى الهادي فَنالَ هُدىً / منَ المُضافِ إليهِ كانَ مُكتَسَبا
أقوَى الوَرَى سَنداً أعلى الذُرَى عُمُداً / أنَدى الكِرامِ يداً خيرُ الأنامِ أبا
طَلْقُ اليَراعةِ طَلْقُ الوَجهِ طَلْقُ يَدٍ / طَلْقُ اللِسانِ إذا السَّيفُ الصَقيلُ نبا
كالبحرِ مُندَفِقاً والصُبحِ مُنبَثقاً / والسَهمِ مُنطلقاً والغيثِ مُنسكبا
سَهْلُ الخلائِقِ لا يَهْتاجُهُ غَضَبٌ / حتى تَوهَّمتُهُ لا يَعرِفُ الغَضبَا
يُغضِي عن الجَهلِ من حِلمٍ ومَكرُمةٍ / عَيناً لها لَحَظاتُ تَخرُقُ الحُجُبا
أرادَ للنفسِ وَضعاً من وَداعتِهِ / يوماً فطارَتْ بها فوقَ العُلَى رُتَبا
لا يَبرَحُ المَرْءُ حيثُ اللهُ يَجعَلُهُ / ومَنْ رأى النَّجْمَ تحتَ الماءِ قد رَسَبا
مَتَى تَزُرْ شَيخَنا المُفتِي الكبيرَ تَرَى / أبا حَنيفةَ في مِحرابهِ انتَصَبا
تَرَى التلامِيذَ تَستملي فوائِدَهُ / كأنَّهُ البحرُ يَسقِي ماؤُهُ السُحُبا
كَنْزُ العُلومِ الذي يَغنَى الفقيرُ بهِ / منَ العطَايا ويَبقَى فوقُ ما ذَهَبا
بحرٌ على أرضِ مِصرٍ مَدَّ لُجّتَهُ / فنالَتِ الشَّامَ حتى جاوَزَتْ حَلَبا
أهدَى إلينا بُيوتاً كُلَّما ضَرَبتْ / طَيَّ الحَشا وَتداً مَدّت لهُ سَبَبا
بتنا نتوقُ إلى مصر لرؤيته / ونرصد الرِّيح تأتي لنا بِنَبَا
يمثِّلُ الوهمُ هاتيكَ الديارَ لنا / حتى كأنَّا وَرَدْنا نيلَها العَذِبا
عَزَّ اللقاءُ فرَدَّدْنا رَسائِلَنا / كمن تَيَمَّمَ حيثُ الماءُ قد نَضبَا
من ليسَ يقدِرُ في وَصلِ الأحبَّةِ أنْ / يَستَخِدمَ الخيلَ فَلْيَستخْدِمِ الكُتبُا
سَل ابنْةَ القَومِ هل تَدري بما صَنَعتْ
سَل ابنْةَ القَومِ هل تَدري بما صَنَعتْ / ألحاظُها بفُؤادٍ فيهِ قد رَتَعَتْ
مَليحةٌ قَطَعَتْ من مُهجتي طَرَفاً / ولَيْتَها حاسَبَتْني بالذي قَطَعَتْ
صُبحٌ إذا سَفَرَتْ غُصنٌ إذا خَطَرَتْ / ظَبْيٌ إذا نَفَرَتْ مِسكٌ إذا سَطَعَتْ
أجفانُها خَلَعَتْ سُقْماً علَيَّ ولا / لَوْمٌ عليها فمِن أثوابِها خَلَعتْ
لَئنْ تَكُنْ عن سَوادِ العينِ غائبةً / فإنَّها في سَوادِ القلبِ قد طَلَعَتْ
وإن أتى من شِهابِ الدِّينِ مُقتَبَساً / كِتابُ أنُسٍ وقد غابَتْ فلا رَجَعتْ
حَيَّا الحَيا أرْضَ زَوْراءِ العِراقِ ضُحىً / فتِلكَ أرضٌ لأهلِ الفضلِ قد جَمَعَتْ
لَئنْ مَضَت دَولةُ المُلكِ القديم بها / فدَولةُ العِلمِ منها قَطُّ ما انقَطَعتْ
فيها الرِّجالُ المَشاهِيرُ الذينَ بهِمْ / مَنارةُ العِلمِ فوقَ النَّجمِ قد رُفعتْ
من كُلِّ أبلَجَ واري الزَّنْدِ في يَدهِ / أقلامُ صِدقٍ بأمرِ اللهِ قد صَدَعَتْ
كلُّ البِلادِ وإن جَلَّتْ مَحاسِنُها / عِقْدٌ فَريدَتُهُ بغدادُ قد وُضِعَتْ
تَسَعى إليها القوافي السَّائراتُ كما / تَسعَى إلى الكَعْبةِ الحُجَّاجُ حينَ سَعَتْ
أرضٌ تَتُوقُ إلى مَرأى مَحاسِنها / عيني لكَثْرةِ ما أُذْني بها سَمِعَتْ
حَسِبتُها فَلَكاً إذْ قِيلَ إنَّ بِها / ذاكَ الشِّهابَ الذي أنوارُهُ لَمَعَتْ
ماذا أقرِّظُ من ذاكَ المقَامِ على / تَقريظِهِ لمقاماتي التي طُبعَتْ
ليسَ الشَهادةُ من ضُعفي بنافعةٍ / لكن شَهادَتهُ تلكَ التي نَفَعَتْ
لَمَّا رأيتُكَ تَرعَى ذِمَّةَ العَرَبِ
لَمَّا رأيتُكَ تَرعَى ذِمَّةَ العَرَبِ / عَلمتُ أنَّكَ منها خالصَ النَسَبِ
وكيفَ تُنكَرُ في الأعرابِ نِسبتُهُ / فتىً لهُ عُمَرُ الفاروقُ خيرُ أبِ
يا حافظَ العهدِ في سرٍّ وفي علَنٍ / وحافظَ الوُدِّ عن بُعدٍ وعن كَثَبِ
أرَى رَسائلَكَ البَيضاءَ لو عُصِرَت / منها المَوَدَّةُ سالتْ بالنَّدَى الرَّطِبِ
بَيني وبينَكَ عَهدٌ لا يُغيِّرُهُ / بُعدُ الدِّيارِ وهَولُ الحَرْبِ والحَرَبِ
إن لم يَكُنْ بَينَنا في قَومِنا نَسَبٌ / قِدْماً فقد جَمَعَنا نِسبةُ الأدَبِ
ما لي وللدَّارِ إنْ شَطَّت فَمغرِسُنا / طَيُّ التَرَائبِ لا مَطويَّةُ التُرَبِ
إذا ظَفِرتُ بقَلبٍ غيرِ مُبتعِدٍ / فما أبالي برَيعٍ غيرِ مُقتَربِ
لا أوحشَ اللهُ مِمَّن ظَلَّ يُؤْنسُني / طُولَ المدَى بورُودِ الرُسْلِ والكُتُبِ
لو كُنتُ أدري لهُ شَخصاً أُمثّلُهُ / لكانَ في الوَهْمِ عن عَينيَّ لم يَغِبِ
يا عاقلاً عَقلَتْ قَلبي مَوَدَّتُهُ / لا أطلَقَ اللهُ هذا الأسرَ في الحِقَبِ
مَلَكْتَني ببديعِ اللُطفِ منكَ فإنْ / بَغَى سِواكَ اقِتناصي كنتُ كالسَّلَبِ
يا حَبَّذا أرضُ مِصرٍ والذينَ بها / وحَبّذا نَهلةٌ من نيلها العَذِبِ
وحبَّذا نَسَماتٌ طابَ عُنصُرُها / وإن يكُنْ عُنصُرُ الأيَّام لم يَطِبِ
صَبراً على نَكَدِ الدُّنيا التي طُبِعَت / على مُعاقَبَةِ الأحداثِ والنُوَبِ
والصَبرُ أنفَعُ ما داوَى الجريحُ بهِ / جُرحَ الفُؤَادِ وأهدَى الطُرْقِ للأرَبِ
ما ليسَ تَقطَعُهُ الأسيافُ يَقَطعُهُ / مَرُّ الزمانِ كقَطعِ النارِ للحَطبِ
قد عاهَدَ الدهرُ أهليهِ فما غَدَرا
قد عاهَدَ الدهرُ أهليهِ فما غَدَرا / أنْ لا يُديمَ لَهُم صَفْواً ولا كَدَرا
دَهرٌ يُقلِّبُ أحوالَ العِبادِ ومَن / رأى تَقلُّبَهُ في نفسِهِ عَذَرا
شمسٌ تغيبُ ويَبدُو بَعدَها قمَرٌ / وتارةً لا نَرى شَمساً ولا قَمَرا
والناسُ بين نزيلٍ إثْرَ مُرتحلٍ / وراحلٍ يَقتفي الباقي لهُ أثَرا
يا ذاهباً حيثُ لا نَدري لهُ خَبَرا / تَفِدي لنا ذاهباً نَدرِي لهُ خَبَرا
قد أوحشَ الشَرقَ لَمَّا غابَ عنهُ كما / ألقَى على الغَربِ أُنساً حيثُما حَضَرا
هو الحبيبُ المُحِبُّ الصادقُ الثِّقَةُ ال / وافي الذي بين أهلِ الحُبِّ قد نَدَرا
فُؤَادُهُ الماءُ لِيناً غيرَ أنَّ بهِ / عهداً كنَقشٍ قدِ استَوْدَعْتَهُ حَجَرا
يَزيدُ مَرُّ الليالي في مَوَدَّتِهِ / كالغُصنِ يوماً فيوماً طالَ وانتَشَرا
وإن غَفَلتُ لضُعفي هَبَّ مُنتبِهاً / وإن نَسيتُ مواثيقَ الهَوَى ذَكرا
جاءت رِسالتُهُ الغرَّاءُ يَحمِلها / فُلكُ الدُخانِ كغيمٍ يَحِملُ المَطَرا
أرْوَت ظَمَا القلبِ لكنّي غرِقتُ بها / في بحرِ مِنتَّهِ الطامي الذي زَخرا
هيَ الكتابُ الذي سَمَّيتُهُ صَدَفاً / فيها الكَلامُ الذي سَمَّيتُهُ دُرَرا
قامت تُمثِّلُ لي أُنسَ اللقاءِ بهِ / من حيثُ كانت تَسُرُّ السَّمْعَ والبَصَرا
يا أيُّها الرَّاحِلُ الميمونُ طائِرُهُ / أَرَى وِدَادَكَ لا يَستَعمِلُ السَّفَرا
لكَ المُطَوَّلُ من شَوقِ المُحِبِّ وإِنْ / كانَ الكِتابُ الذي يُهدِيهِ مُختَصَرا
هل للَّذي في حَشاهُ حُزنُ يعقوبِ
هل للَّذي في حَشاهُ حُزنُ يعقوبِ / من حُسنِ يُوسُفَ يُرجَى صبرُ أَيُّوبِ
وكيفَ صَبرٌ بلا قَلب يقومُ بهِ / فقلبُ كلِّ مُحِبٍّ عِندَ محبوبِ
مضى الزَّمانُ على أهلِ الهَوى عَبَثاً / فلم يَكُفُّوا ولا فازوا بمطلوبِ
تَطيبُ أَنفُسُهُمْ تحتَ الظَّلامِ على / وَعدِ الخَيالِ وتَنسَى وَعدَ عُرقوبِ
كلُّ المِلاحِ فِدَى خَودٍ ظَفَرتُ بها / تخلو عُذُوبتُها من كُلِّ تَعذيبِ
يَزينُها الحِبرُ فوقَ الطِرْسِ لا حِبَرٌ / تحت الحِلَى وَطِرازٌ في الجَلابِيبِ
مَحجوبةٌ تحتَ أَستارٍ تَغيبُ بها / ونُورُها كالدَّراري غيرُ محجوبِ
عَلِمتُ أَنَّ عَرُوساً ضِمنَ هَودَجِها / لَمَّا تَنَسَّمتُ منه نَفحةَ الطِيبِ
هَديَّةٌ جادَ مُهديها عَليَّ كما / تُهدى عِطاشُ الرُّبى قَطْرَ الشَّآبِيبِ
جاءت على غَيرِ ميعادٍ لزَورَتِها / وأعذَبُ الوَفْدِ وَفدٌ غيرُ محسوبِ
كريمةٌ من كريمٍ عَزَّ جانِبُهُ / يا حبَّذا كاتِبٌ منهُ كمكتوبِ
أَثنى عَلَيَّ بما لا أستطيعُ لهُ / شكُراً فأُلقي إليهِ عُذرَ مغلوبِ
حَيَّا الصَّبا أَرضَ مصرَ والَّذينَ بها / وجادَها كلُّ هَتَّانِ الأَساكيبِ
في أَرضِها غابةُ العِلمِ التي سَمَحَتْ / لِغيرِها بالشَّظايا والأَنابيبِ
على الخليلِ سَلامُ اللهِ تَقرَأُهُ / ملائِكُ العَرْشِ من أعلى المَحاريبِ
ومَن لَنا بسَلامٍ نَلتَقيهِ بهِ / وبَردِ شوقٍ كتِلكَ النَّارِ مشبُوبِ
هو الأَديبُ الذي رَقَّتْ شَمائِلُهُ / وصانَهُ اللهُ من لومٍ وتَثْريبِ
مُنَزَّهٌ عن فُضولِ القولِ مَنطِقُهُ / في النَّظمِ والنَّثرِ مقبولُ الأساليبِ
وأَحسَنُ الشِّعرِ ما رَاقَتْ مَوارِدُهُ / مستَوفياً حَقَّ تهذيبٍ وتأْديبِ
ومن أَقامَ على ألفاظِهِ حَرَساً / مِثلَ السكَائِمِ للجُرْدِ السَّراحِيبِ
ومن إذا عَرَضَتْ في الناسِ تَجرِبَةٌ / أَغنَتهُ عن شَقِّ نَفسٍ في التَجارِيبِ
إليكَ يا ابن سِراجِ الدين قد وَفَدَتْ / تَبغي الضياءَ فَتاةٌ للأَعاريبِ
خَطَّارةٌ في سخيفِ البُرْدِ عاطلةٌ / مَدَّت إليكَ بَناناً غيرَ مخضوبِ
رَفَعتَ قَدري بمَدحٍ قد خَفَضْتُ لهُ / رأْسي فناظَرَهُ سَمْعي بمنصوبِ
عليَّ شُكرُكَ مفروضٌ أَقومُ بهِ / يا مَن عليهِ مَديحي غيرُ مندوبِ
للشِعرِ في كُلِّ عصرٍ مَرْكبٌ خَشِنُ
للشِعرِ في كُلِّ عصرٍ مَرْكبٌ خَشِنُ / لا يَستَقِلُّ عليهِ الرَّاكبُ الوَهِنُ
يَغُرُّ بالفارسِ الطاغي فيرَكَبُهُ / لكنْ تَرَدِّيِهِ عنهُ لَيسَ يُؤْتَمَنُ
غارَ الرِّجالُ على أبياتِهِ طَمعَاً / فكانَ أكثرَهُم من حَظِّهِ الدِمَنُ
نَعُدُّ منهم ألوفاً ما بها حَسَنٌ / حَتَّى يُصادَفَ منهم واحدٌ حَسَنُ
إنَّ الجميلَ قليلٌ عَزَّ مَطلَبُهُ / من كُلِّ ما تَشتهيهِ العينُ والأُذُنُ
فلا تَرى مِن حَصَى الياقُوتِ واحدةً / حَتَّى تَرَى ألْفَ صَخْرٍ ما لهُ ثَمَنُ
هذا هُوَ الأمَدُ الأقَصى الذي قَصُرَت / عنهُ الجِيادُ وكَلَّتْ دُونَهُ الهُجُنُ
في كلِّ فَنٍّ سِواهُ كُلُّ طائفةٍ / قَلَّ التَّفاوُتُ فيها حينَ تَقْتَرِنُ
أنا الخبيرُ بما في القَومِ من سَخَفٍ / لا يَجهَلُ السُّقمَ مَن بالسُّقمِ يُمتَحَنُ
واللهُ يَعلمُ أنَّ الصَمْتَ أجمَلُ بي / لولا حُقوقٌ بِهِنَّ القَلبُ مُرْتَهَنُ
عَلَيَّ مالا أُكافيهِ بصُنعِ يدٍ / فقد أُكافيهِ مِمَّا تَصَنعُ اللُسُنُ
مَدائحٌ هيَ فرضٌ لا انفِكاكَ لهُ / عِندي وما دُونَها الأنفالُ والسُنَنُ
أسُوقُها نحوَ بابٍ شادَ دَولَتهُ / مُلْكُ العِراقِ وشادَت مَجدَهُ اليَمَنُ
غريبةٌ حُيثُما حَلَّت فإنْ نَزَلَتْ / بِدارِهِ فهُناكَ الأهلُ والوَطَنُ
تَلقَى الأميرَ الذي تَلقَى بِساحتِهِ / شَخصاً هُوَ الرُوحُ في أرضٍ هيَ البَدَنُ
ذاكَ الأمينُ الذي يَرعَى رَعيَّتَهُ / بِعَينِ يَقْظانَ لا يَلهُو بها الوَسَنُ
قد جَدَّدَتْ لِبني رَسْلانَ هِمَّتُهُ / في أرضِ لُبنانَ ما لم تَنْسَهُ عَدَنُ
ألْقَتْ لهُ الدَولةُ العُظمَى بِعِصمتِها / فليَسَ من هَمِّهِ قيسٌ ولا يَمَنُ
مُهذَّبُ الخُلقِ ما في خُلقِهِ أوَدٌ / مُطهَّرُ العِرْضِ ما في عِرْضِهِ دَرَنُ
في صَدرِهِ إذْ تَحِلُّ النَّائباتُ بهِ / بحرٌ منَ الرَّأيِ فيهِ تَغرقُ السُّفُنُ
لي كُلَّ يومٍ بهِ في الشِّعرِ قافيةٌ / فلَيسَ يَنْفَدُ حَتَّى يَنْفَدَ الزَّمَنُ
خَرائدٌ مِنْ نَباتِ العُربِ سافرةٌ / قَبُولُها مِنَّةٌ مِمَّنْ لهُ المِنَنُ
ما زلتُ أمدحُ نفسي حينَ أمدَحُهُ / بأنَّني صادقٌ في القَوْلِ مُؤتَمَنُ
إنّي تَعَوَّدتُ قولَ الصِّدقِ مُلتزِماً / حَتَّى تَطابَقَ عِندي السِرُّ والعَلَنُ
لا أمدَحُ المَرْءَ مَهْما عَزَّ جانِبهُ / إلا بما فيهِ كالقُسْطاسِ إذ يَزِنُ
عَيبٌ عَلَيَّ وعيبٌ أن يُصَدِّقَني / إذا كَذَبتُ عليهِ الحاذقُ الفَطِنُ
إن لم لكَ يَكُنْ في نَقْدِ الرِّجالِ يَدُ
إن لم لكَ يَكُنْ في نَقْدِ الرِّجالِ يَدُ / فانظُرْ إلى الموتِ كيفَ الموتُ ينتَقِدُ
يَدورُ في الأرض حولَ النّاسِ مُلتمساً / كريمَ قومٍ ولا يَرضَى بما يَجِدُ
جَبَّارُ صَيدٍ يريدُ الصَّقْرَ مُفتخِراً / بهِ فإن لم يَجِدهُ يُرْضهِ الصُرَدُ
إذا انتضَى سَيفَهُ فالرأسُ مَورِدُهُ / وإن رَمَى السَّهْمَ فليَستهِدِفِ الكَبِدُ
يا أيُّها المَلِكُ المرهوبُ جانبُهُ / هذا هُوَ المَلِكُ المرهوبُ إذ يَفِدُ
يا أيُّها الأسدُ الجاني بسَطْوتِهِ / على ضَواري الفَلا هذا هُوَ الأسَدُ
يا أيُّها البَطَلُ الشَّاكي السِلاحِ تُرَى / أينَ السِّلاحُ وماذا يَمنَعُ الزَّرَدُ
قد خانَ عَهْدُكَ ما تَرجُوهُ من عُدَدٍ / إذا أتى الموتُ يوماً ماتتِ العُدَدُ
ما زالَ كلُّ ابنِ أثنَى مُنذُ فِطرَتِهِ / فَريسةً بينَ أيدي الموتِ تَرتِعدُ
يا مَنْ يقولُ غداً دَعْ عنكَ ذِكرَ غَدٍ / فلَيسَ للمَرْءِ في هذا الزَّمانِ غَدُ
للموتِ كلُّ أبٍ فوقَ التُّرابِ مَشَى / وكلُّ أُمٍّ وما رَبَّتْ وما تَلِدُ
إلى تُرابٍ جُبِلْنا منهُ مَرجِعُنا / نظيرَ ماءٍ إليه يَرجِعُ البرَدُ
نَهتَمُّ في خِصبِ أجسامٍ نُنَعِّمُها / ويَشكُرُ الدُودُ مِنَّا ما بهِ نَعِدُ
مَناحةٌ في دِيارِ المَيْتِ قائِمةٌ / ودُعوةٌ في دِيارِ القبرِ تَحتَشِدُ
للدَّهرِ في كلِّ عينٍ دَمعَةٌ قَطَرَتْ / منهُ وفي كلِ قلبٍ جَمْرةٌ تَقِدُ
مَتَى تُرِدْ أن تَعُدَّ السالِمينَ فضَعْ / صِفراً على الطِّرسِ حتى يحدُثَ العَدَدُ
أستَودعُ اللهَ مَن بالأمسِ وَدَّعَني / كُرهاً فَوَدَّعَ قلبي الصَّبرُ والجَلَدُ
ما زالَ يَصحبُنا دَهراً ويُؤُنِسُنا / فما لهُ صارَ عنا اليومَ يَنفرِدُ
قد نازَعتْنا المنايا شَخصَهُ حَسَداً / وَيلاهُ حتَّى المنايا عِندَها الحَسَدُ
تَسطُو علينا بلا كَفٍّ ولا عَضُدٍ / وليسَ يَنفَعُ مِنَّا الكَفُّ والعَضُدُ
قد غابَ في الشَّرقِ بدرٌ في الضُّحَى عَجَباً / فأبصَرَ النّاسُ منهُ غيرَ ما عَهِدوا
لو أنصفتْهُ دَراري الأُفْقِ ما طَلَعتْ / حُزْناً عليه وغَشّى أُفْقَها الكَمَدُ
يا أيُّها المضجَعُ الميمونُ طالعُهُ / هل ضَمَّ كمنْ تحويهِ أو بَلَدُ
أكرِمْ لَكَ اللهُ ضَيفاً قد ظَفِرتَ بهِ / فطالما أكرَمَ الضِيفانَ إذ وَفدوا
واعرِفْ جَلالَة شخصٍ فيك قد عَرَفتْ / مَقامَهُ كُبراءُ الناسِ والعُمَدُ
واحرِصْ على كلِّ عَظمٍ من مَفاصلِهِ / فذاك من أشرَفِ الآثارِ يُعتَقدُ
يا مَنْ سَكِرتَ وليسَ السُّكْرُ عادتَهُ / بخَمْرةٍ لم يُفِقْ من سُكرِها أحَدُ
أراكَ بالقُرْبِ منِّي غيرَ مُبتعِدٍ / وأنتَ أبعَدُ مَنْ في الأرضِ يَبتِعدُ
ما نومةٌ لَكَ يومُ الحَشْرِ مَوعِدُها / ويحي وما غيبةٌ ميعادُها الأبَدُ
ما بالُ عينيِكَ لا تَنفَكُّ مُغمضَةً / جُفُونُها وبِعيني لا بها الرَمدُ
هذِهْ هيَ النَظْرَةُ الأخرى نُزوَّدُها / فهل بِزادِ حُدِيثٍ منكَ نُفتَقَدُ
وهل تُرَدُّ على بُعدٍ تحيِتُّنا / وهل تُؤَدَّى رِسالاتٌ لنا تَرِدُ
عَلوتَ يا أيُّها العالي إلى فَلَكٍ / قد طالَ منكَ إلى ما فَوقَهُ الرَّصَدُ
أنتَ الغريبُ ومَنْ لي أن يكُونَ لنا / غرائبٌ في أساليبَ الرِّثا جُدُدُ
جادَتْ على قَبرِكَ الأنواءُ باكيةً / كأنَّما قد عراها الغَمُّ والنَكَدُ
هذا هُوَ المَنزِلُ الباقي وعُدَّتُهُ / هي الذَّخيرةُ لا مالٌ ولا وَلَدُ
دَعْ يومَ أمسِ وخُذْ في شأنِ يومِ غَدِ
دَعْ يومَ أمسِ وخُذْ في شأنِ يومِ غَدِ / واعدِدْ لِنفسِك فيهَ أفضَلَ العُدَدِ
واقنَعْ بما قَسَمَ اللهُ الكريمُ ولا / تَبسُطْ يَديَكَ لنَيلِ الرِّزقِ من أحَدِ
والبَسْ لكُلِّ زمانٍ بُرْدةً حَضَرَت / حتى تُحاكَ لك الأُخرى من البُرَدِ
ودُرْ مَعَ الدَّهرِ وانظُرْ في عَواقبِهِ / حِذارَ أن تُبتَلى عَيناكَ بالرَّمَدِ
مَتَى تَرَ الكلبَ في أيَّامِ دَوْلتِهِ / فاجَعلْ لرِجْليكَ أطواقاً من الزَرَدِ
واعمْ بأنَّ عليكَ العارَ تَلْبَسُهُ / من عَضَّةِ الكلبِ لا من عضَّةِ الأسَدِ
لا تأمُلِ الخيرَ من ذي نعمةٍ حَدَثَت / فَهْوَ الحريصُ على أثوابهِ الجُدُدِ
واحرِصْ على الدُرِّ أن تُعطِي قلائدَهُ / مَن لا يُميِّزُ بينَ الدُرِّ والبَرَدِ
أعدَى العُداةِ صَديقٌ في الرَّخاءِ فإن / طَلَبْتَهُ في أوانِ الضِّيقِ لم تَجِدِ
وأوثَقُ العهدِ ما بينَ الصِّحابِ لِمَنْ / عاقَدتَ قلباً بقلبٍ لا يَداً بيَدِ
عليكَ بالشُّكرِ للُمعطي على هِبةٍ / ودَعْ حَسُودَكَ يَشوي فِلْذَة الكَبِدِ
لو كانَ يَفَعلُ في ذي نِعمةٍ حَسَدٌ / لم ينجُ ذو نعمةٍ من غائلِ الحَسَدِ
مَحَضْتُك النُّصحَ عن خُبرٍ وتجرِبةٍ / واللهُ سُبحانَهُ الهادي إلى الرَشَدِ
فاخَترْ لنفسِكَ غيري صاحباً فأنا / شُغِلتُ عنكَ بما قد جدَّ في البَلَدِ
قد شَرَّفَ اليومَ إبراهيمُ بلَدتَنا / كأنَّهُ الرُوحُ قد فاضَتْ على الجَسَدِ
اهدَت إلينا ضَواحي مِصرَ جَوْهرةً / من مالِنا فهي قد جادَتْ ولم تَجُدِ
ما زالتِ الشَّامُ تشكو طُولَ وَحْشتِهِ / كالأمِّ طالتْ عليها غُربةُ الوَلَدِ
سُرَّتْ بزَوْرتِهِ يوماً ونَغَّصَها / خوفُ الفِراقِ فلم تَسلَمْ من الكَمَدِ
عليلةٌ من دواعي الشَّوقِ حينَ دَرَى / من لُطفِهِ ما بها وافَى كمُفتقِدِ
لئنْ يكُنْ من حِماها غيرَ مُقترِبٍ / فقلبُهُ عن هَواها غيرُ مُبتعِدِ
كريم نفسٍ يُراعي عهدَ صاحبهِ / فلا يُقصِّرُهُ طُولٌ منَ المُدَدِ
مُهذَّبٌ ليسَ في أقوالِهِ زَلَلٌ / وليسَ في فِعلِهِ عَيبٌ لمُنتَقدِ
يقومُ بالأمرِ بينَ النَّاسِ مُنفرِداً / والغيرُ قد كَلَّ عنهُ غيرَ مُنفرِدِ
ويَحطِمُ المَنكِبَ الأعلى بهمَّتِهِ / من قُوَّةِ الرأي لا من قُوَّةِ العَضُدِ
منَ الرِّجالِ رجالٌ عَدُّهم عَبَثٌ / وواحدٌ قد كَفَى عن كَثْرةِ العَدَدِ
مالي وما لنُجوم الليلِ أحسُبُها / إذا ظَفِرتُ بوجهِ البَدرِ في الجَلَدِ
أهديتُهُ بِنتَ فكرٍ قد فتحتُ لها / من حُسنِ أوصافهِ كَنْزاً بلا رَصَدِ
تَمكَّنت بعدَ ضُعفٍ من نَفائسِهِ / حتَّى ابتَنَتْ كُلَّ بيتٍ شامخِ العُمُدِ
كلُّ الملابِسِ تَبلَى مثلَ لابِسِها / ومَلبَسُ الشِّعرِ لا يبلى إلى الأبدِ
وأفضَلُ المدحِ ما وازَنْتَ صاحبَهُ / وزْنَ العَروض فلم تَنْقُص ولم تَزِدِ
مَنْ يقرَبِ النَّارَ لا يَسلمْ منَ الحَرَقِ
مَنْ يقرَبِ النَّارَ لا يَسلمْ منَ الحَرَقِ / فابعُدْ عنِ النَّاسِ واحذَرْهم ولا تَثِقِ
واُصبرْ على نَكَدِ الدُّنيا وكُنْ بطَلاً / يَلقَى السُّيُوفَ غَداةَ الحربِ بالدَرَقِ
إن كنتَ قد ضِقْتَ ذَرْعاً عن نوائِبها / فلا تَخَفْ إن لُطفَ اللهِ لم يَضِقِ
يَستدرِكُ المرْءُ ما يَبدُو لناظِرهِ / واللهُ يَصنعُ ما يَخَفى على الحَدَقِ
كم أرَعَدَ الجَوُّ فاهَتزَّتْ جَوانِبُهُ / ثُمَّ انتَهَى الرَّعدُ لم يفَعَلْ سَوَى القَلَقِ
ورُبَّما أطبَقَتْ سُحْبٌ فما قَطَرَتْ / إلا كما يَنقضِي البُحرَانُ بالعَرَقِ
لا يَيْأسَنَّ مريضٌ من سَلامِتهِ / ما دامَ في جِسمهِ شيءٌ من الرَّمَقِ
كم ماتَ من كانَ يُرجَى عَيشُهُ فقَضَى / وعاشَ من كانَ يَخَشى موتُهُ فبَقِي
لِكلِّ لَيلٍ صَباحٌ نستَضيءُ بهِ / فلا تَدوُمُ علينا ظُلمةُ الغَسَقِ
وآخرُ الأمرِ في ضُعفٍ كأوَّلِهِ / كما نَرى الشِبْهَ بينَ الصُّبحِ والشَفَقِ
تَخالَفَ النَّاسُ في الدُنيا فما اتَّفَقوا / إلاّ على حُبِّها الخالي من المَلَقِ
تَسابَقَت نحو كَسْبِ المالِ أنفسهم / ورِفعةِ الجاهِ مثلَ الخيلِ في الطَلَقِ
والفَقرُ أفضلُ من مالٍ حَمَلتَ بهِ / ثِقْلاً من الهَمِّ يُبلِي العينَ بالأرَقِ
والذُلُّ أحسَنُ من مجدٍ لَبِستَ بهِ / ذَمّاً منَ النَّاسِ مثلَ الطَّوق في العُنُقِ
لا خيرَ في خَمرةٍ تَحلُو لِشارِبها / طَعْماً ولكن تَلِيها غُصَّةُ الشَرَقِ
من لا يُقلِّبُ طَرْفاً في عَواقِبهِ / فليسَ تأمنُ رِجلاهُ من الزَّلَقِ
قُلْ للذي مَزَّقَ الدِّيباجَ مُعتمِداً / وبات يرقَعُ منهُ باليَ الخِرَقِ
لا تفتحِ البابَ للضِّرغامِ محترزاً / من البعوض فهذا أعظمُ الحُمٌقِ
شَرُّ الجَهالةِ ما كانَتْ على كِبَرٍ / تُسَوِّدُ الشَيْبَ مِثْلَ الحِبْرِ على الوَرَقِ
وأيسَرُ الجَهلِ ما يَرتَدُّ صاحِبُهُ / عنهُ كمن هَبَّ مُنتاشاً منَ العُمُقِ
لا تَعجَبَنَّ لِسَكرانٍ تَراهُ صَحا / لكنْ لِمَنْ غاصَ في سُكرٍ فلم يُفِقِ
إن الثَباتَ على عَيبٍ أقمْتَ بهِ / عيبٌ جَديدٌ سِوَى المَغرُوسِ في الخُلُقِ
النَّاسُ بالوَضعِ أشباهٌ وقد نَشِبتْ / فيهم مُبايَنةٌ من أكثرِ الطُرُقِ
ماذا نُؤَمِّلُ من نَفعٍ إذا اتَّفَقَتْ / أسماؤُنا والمُسمَّى غيرُ مُتَّفِقِ
يا ليتَ لي بحرَ شُكرٍ كي أخُوضَ بهِ / لكنْ أخافُ على نفسي من الغَرَقِ
شُكرُ الذي ما بِهِ عيبٌ سِوَى نِعَمٍ / تَتابَعَتْ منهُ مثلَ العطفِ ذي النَّسق
ذاكَ الذي كُلَّما رُمتُ اللحاقَ بهِ / في الحُبِّ ألفَيتُهُ قد جَدَّ في السَبَقِ
وكُلَّما كَدِرَتْ عينُ الزَّمانِ صَفا / وكُلَّما دَنِسَتْ نَفسُ الزَّمانِ نَقِي
دَلَّتْ على وُدِهِ الصَّافي صَنائِعُهُ / كالمِسكِ دَلَّتْ عليهِ نَفْحةُ العَبَقِ
والحُبُّ إنْ كانَ لا يأتي بفائدةٍ / فَذاكَ كالغُصنِ لا يُجنِي سِوَى الوَرَقِ
نَرَى منَ النَّاسِ أقواماً مَوَدَّتُهُمْ / تُرضي الفَتَى بلسانٍ خادِعٍ مَلِقِ
تِلكَ الجَرادةُ في بحرٍ وليِمتُنا / مَن فاتَهُ اللحمُ فليِشْبعْ منَ المَرَقِ
الناسُ لولا سجايا النفسِ أشباهُ
الناسُ لولا سجايا النفسِ أشباهُ / فإنّما كُلُّهُمْ تُرْبٌ وأمواهُ
والبعضُ يُفرَقُ عن بعضٍ بجَوهرهِ / كاللفظِ يُفرَقُ عن لفظٍ بمَعناهُ
هذا الذي دارَ بينَ النَّاس من قِدَمٍ / وهكذا قد أقامَ اللهُ دُنياهُ
لو كانتِ النَّاسُ خَلْقاً واحداً بَطَلتْ / مَصالحُ العيشِ واندَكَّتْ زَواياهُ
لولا السَّماحةُ ضاع الحُسنُ مُنكسِراً / فلم يكن لمليحٍ في الوَرَى جاهُ
للهِ في الخَلْقِ سِرٌّ ليسَ نُدرِكُهُ / وكيفَ يُدرِكُ عبدٌ سِرَّ مَوْلاهُ
لكلِّ أمرٍ رِجالٌ يَصْلُحُونَ لهُ / وكلُّ مَرْءٍ لهُ أمرٌ تَوَلَّاهُ
نالَ الرِئاسةَ مَولانا الرئيسُ ولو / رأى لها غيرَهُ المُعطِي لأعطاهُ
سيفٌ إذا ما فَرَى عُنقاً سِواهُ بهِ / فَرَتْ بهِ الصَخرَ عِندَ الضَّربِ يُمناهُ
يَقضِي الحوائجَ إفراداً وتَثْنيةً / ولا يُثَنِّي المُنادي حينَ ناداهُ
وتنقُضُ البُؤُس بعدَ العَقْدِ راحتُهُ / وتنظُرُ السِّرَّ قبلَ الجَهرْ عيناهُ
ما زالَ يجلو ظَلامَ الظُّلمِ مُجتهِداً / كالليلِ حينَ ضِياءُ الصُّبحِ يَلْقاهُ
وينصُرُ العدلَ حتماً وَهْوَ يَحْسَبُهُ / دَيناً لدُنياهُ أو دِيناً لأُخراهُ
يُمسِي الأمانُ ويُضِحي تحتَ رايتِهِ / كأنَّما في حِماها كانَ مَنْشاهُ
مرفوعةٌ بعَمُودٍ تحتَ أجنِحةٍ / منَ المَلائكِ رَفَّتْ فوقَ أعلاهُ
جِئنا نُهنِّيهِ بالفَوْز الجليلِ ومَنْ / أصابَ في الرَّأيِ هَنَّانا وهنَّاهُ
فلا يزالُ قريرَ العينِ مُبتهِجاً / يَرعَى العِبادَ وعينُ اللهِ تَرْعاهُ
وقَفْتُ مَدحي فلا يَطْمَعْ بهِ أحَدٌ
وقَفْتُ مَدحي فلا يَطْمَعْ بهِ أحَدٌ / على الذي مِثلَهُ في النَّاسِ لا أجِدُ
وليسَ مدحي لهُ حُبّاً وتَكْرِمةً / لكنّني غيرَ وِرْدِ الحَقِّ لا أرِدُ
عَيبٌ عليَّ إذا أنشدتُ قافيةً / في غيرهِ أو جَرَتْ لي باليَراعِ يَدُ
ومن تَيَمَّمَ حيث الماءُ مُندِفقٌ / فذاكَ قد ضاعَ منهُ الحَزمُ والرَّشَدُ
هذا الذي عِندَهُ للشِّعرِ من أدَبٍ / جاهٌ وعِندَ سواهُ حَظُّهُ الكَمَدُ
هل يَستوي من يَظُّنُ الشِّعرَ طَلْسَمةً / ومَن يروضُ معانيهِ وينتقِدُ
إذا كَتَبْنا لهُ في الطِّرْسِ قافيةً / كادَتْ تَطيرُ إليهِ وَهْيَ تَجتهدُ
وإنْ سَعينا على بُعدٍ لزورتهِ / خِلنا منَ القُربِ يَسعَى نحوَنا البَلَدُ
يَذِلُّ عِندَ أميرِ النَّاسِ أكبرُهُمْ / وعِندَهُ يُرفَعُ الأدنَى الذي يَفِدُ
تُنسي مكارِمُهُ الأضيافَ مَنزِلَهم / فلا يَشوقُهُمُ أهلٌ ولا وَلَدُ
مُبارَكُ الوَجهِ بادي اللُطفِ باهِرُهُ / تَكادُ تنحَلُّ من ذِكرِ اسمهِ العُقَدُ
إنْ حاضَرَ النَّاسَ قُلْنا إنَّهُ مَلَكٌ / أو باشَرَ الحربَ قُلْنا إنَّهُ أسَدُ
قد مارسَ الصَّبرَ في الأيَّام عن جَلَدٍ / حَتَّى تَعجَّبَ منهُ الصَّبرُ والجَلَدُ
فنالَ ما تَشتهيهِ النَّفسُ مُقتدراً / ولم تَنَلْ منهُ ما يُشفَى بهِ الكَبِدُ
قد جَدَّدتْ لبَني رَسْلانَ دَوْلتَهُم / يَدُ الأمينِ التي باللهِ تَعتَضِدُ
من كان من أمراءِ النَّاس مولِدُهُ / فإِنَّهم مِن مُلوكِ النَّاسِ قد وُلِدوا
آلُ المناذِرَةِ القومِ الذينَ غَدَت / منهم فرائِصُ أهلِ الأرضِ تَرتعِدُ
هذا هُوَ النَّسَبُ العالي الذي شَهِدَت / بهِ الرُّواةُ فصَحَّ النَّقلُ والسَّنَدُ
أكادُ أشكوكَ يا مَنْ قد حُسِدتُ بهِ / فقد تخوَّفتُ أنْ يُؤذينيَ الحَسَدُ
رَفَعتَ قدرِي بما أبدَيتَ من عَمَلٍ / بمثلِهِ ينبغي أنْ تُرفَعَ العُمَدُ
رأيتُ نَظرةَ حُبٍّ منكَ صادقةً / لو كانَ بي رَمَدٌ لم يَلبَثِ الرَّمَدُ
ونِعمةً طَوَّقَتْ عُنقي قَلائِدُها / بالأمسِ واليومُ موصولٌ بهِ وغَدُ
أستغفرُ اللهَ قد طالَ الزَّمانُ وما / وَفيتُ شُكراً عليهِ كُنتُ أعتَمِدُ
وازَنْتُ نِعمتَكَ العُظمَى بهِ عَدَداً / حتى استَطالتْ فضاعَ الوَزْنُ والعَدَدُ
لو لم تُغِثني بما يُعطي الفَتَى مَدَداً / على الثَّنا لم يكن لي في الثَّنا مَددُ
وربَّما ساعَدَ الممدوحُ مادحَهُ / إذ كان يصلُحُ للمدحِ الذي يرِدُ
والصِّدقُ أهونُ ما يجري اللِّسانُ بهِ / مِثلَ الصِّرَاطِ أمامَ العينِ يَطَّرِدُ
تَناقضَ الرَّأيُ بينَ النَّاسِ والعَمَلُ
تَناقضَ الرَّأيُ بينَ النَّاسِ والعَمَلُ / والكُلُّ يَرضَى بما فيهِ ويقَتبِلُ
إن كانَ ذلكَ مَقبُولاً بِرُمَّتِهِ / فليسَ بينَ الوَرى عَيبٌ ولا زَلَلُ
النَّاسُ في الأرضِ كالأشجارِ قامَ بها / حُلوٌ ومُرٌّ ومُعْوجٌّ ومُعتَدِلُ
وكُلُّ صِنفٍ لهُ وَقتٌ يُرادُ بهِ / فَلا يَصِحُّ لهُ من غَيرهِ بَدَلُ
مَن كانَ في النَّاسِ مولوداً على صِفَةٍ / فليسَ للنَّاسِ في تَغْييرها أمَلُ
إذا تَمكَّنَ خُلقُ السُّوءِ في رَجُلٍ / كما إذا استحَكَمَتْ في جِسِمهِ العِلَلُ
لا يستطيعُ بخيلٌ أنْ يجُودَ ولو / حَوَى من المالِ ما لا تَحمِلُ الإبِلُ
وكُلَّما رُمتَ تَشديدَ الجَبانِ على / شجاعةٍ زادَ فيهِ الجُبنُ والفَشَلُ
إنَّ الكريمَ الذي لا مالَ في يَدهِ / مِثلُ الشُّجاعِ الذي في كَفِّهِ شَلَلُ
والمالُ مِثلُ الحَصَى ما دَامَ في يَدِنا / فليسَ يَنفَعُ إلاّ حينَ يَنتقِلُ
إنَّ الذي قسَمَ الأخلاقَ قد قَسَمَ ال / أرزاقَ تجري إلى أن يُقسَمَ الأجَلُ
يا رُبَّ قومٍ سَعَوا بالجَهلِ فانتَصَروا / ورُبَّ قومٍ سَعَوا بالعَقلِ فانخَذلوا
وقَلَّ من طابَقَتْ دُنياهُ حِكمَتُهُ / مِثلَ الأمينِ الذي اعتزَّت بهِ الدُوَلُ
ذاك الذي يَجمعُ السَيفِينِ سَيفَ يدٍ / وسَيفَ رأيٍ وكُلٌّ به كَلَلُ
بالجِدِّ قَومٌ وقَومٌ بالجُدودِ لهُم / فخرٌ وهذا على الأمرَينِ يَشتَمِلُ
من آلِ رَسْلانَ من لَخْمٍ لهُ نسَبٌ / إلى تَنُوخَ إلى قَحْطانَ يتَّصِلُ
سَقَتْ شَقائقَ نُعمانٍ بِمَنْبِتِهِ / ماءُ السَّماءِ التي يَجري بها المَثَلُ
قُلْ للخَوَرنَقِ قد أنشا الزَّمانُ لنا / مَنْ رَبُّهُ اللهُ لا منْ رَبُّهُ الهُبَلُ
مَنْ يَقرَعُ الذِّكرُ والأورادُ مِسَمعَهُ / لا ناقةُ العَطَنِ الهَوجاءُ والجَمَلُ
تِلكَ المُلوكُ أساسٌ قامَ مُنتصِباً / عليهِ قَصرٌ بَناهُ الخالقُ الأزَلُ
خُلاصةٌ قد تَصَفَّت من عَشائِرِها / كما تَصفَّى لنا من شَهدِهِ العَسَلُ
لَقد وَجدنا بني رَسلانَ طائفةً / مثلَ الأهلَّةِ بالتَّدريجِ تَكتَمِلُ
أليومَ نالت كمالَ البدرِ فاقتصَرَتْ / إذ لا كمالَ إلى ما فَوقَهُ يَصِلُ
كُنَّا نُعظِّمُ إسماعيلَ من قِدَمٍ / فصَغَّرَ الدَّهرُ ما تَستعظِمُ الأُوَلُ
قد كانَ ذلكَ فوقَ الغَربِ رابيةً / واليومَ هذا على كُلِّ الرُّبَى جَبَلُ
هُوَ الكريمُ الذي تُملى القُلوبُ بهِ / أُنساً وتُجلَى بمَرأى وَجههِ المُقَلُ
لا تَسبِقُ الفعلَ من إنجازِهِ عِدَةٌ / ويَسبِقُ السَّيفَ من إنصافِهِ العَذَلُ
رَحيبُ صَدرٍ تَضيعُ النَّائِباتُ بهِ / ولا تَضيقُ على آرائهِ السُبُلُ
تَخفَى على مِثلِنا أسرارُ حِكمتِهِ / كما تَحجَّبَ عن أبصارِنا زُحَلُ
ألبستُهُ من مديحي خاتَماً نَقَشَتْ / فيهِ شَهادَتَها الأملاكُ والرُسُلُ
نَقشٌ إلى الدَّهرِ لا يُمحَى لهُ أثَرٌ / حتى تَزُول وتُمحَى السَّبعَةُ الطُوَلُ
قُلْ للأميرِ الذي من نَقدِهِ وَجَلٌ / يَغشَى القَوافي ومن تَقصيرِها خَجَلُ
عارٌ علينا مديحٌ فيكَ مُنتحَلٌ / وأنتَ في النَّاسِ بِدْعٌ ليسَ تنتَحِلُ
يا سيفَ دولةِ قَيْسٍ تَقتَضي رَجُلاً / كابنِ الحُسَينِ وإنِّي ذلكَ الرَجُلُ
سَهَّلْتَ لي الشِّعرَ حتَّى لو نَطقَتُ بهِ / في النَّومِ جاءَ صحيحاً ما بهِ خَلَلُ
رَوضٌ تَقلَّبتُ فيهِ من شمائِلِكم / فكَيفَما مِلْتُ يَملا راحتي النَفَلُ
لو كانَ للدَّارِ نُطقٌ سَبَّحَتْ عَجَبا
لو كانَ للدَّارِ نُطقٌ سَبَّحَتْ عَجَبا / أو راحةٌ صَفَّقتْ من بَهجةٍ طَرَبا
قد زارها اليومَ مَن عزَّت بزَوْرتِهِ / كأنَّه قد طَلَى حِيطانَها ذَهَبا
كادت منَازِلُها تَلقاهُ راقِصةً / لكنَّها حَفِظَتْ قُدَّامهُ الأدَبا
هذا الأمينُ الذي لُبنانُ في يَدِهِ / أمانةُ اللهِ يَرعاها كما وَجبَا
ساسَ البِلادَ بلُطفٍ من خَلائقِهِ / واللُطفُ اقطَعُ من سَيفٍ لمَنْ ضَرَبا
مُبارَكُ الوَجهِ يأتي الخِصبُ حيثُ أتى / ويَذهَبُ السَّعدُ مَعْهُ حيثُما ذَهبا
يغزو الخُطوبَ برأيٍ غيرِ مُنثلِمٍ / لو كانَ ناراً لكانَتْ عِندَهُ حَطَبا
لئن تأخَّرَ في أيَّامِهِ زَمناً / فقد تَقدَّمَ في أجيالهِ رُتَبا
قَدِ اختباهُ إلى اليومِ الزَّمانُ كما / يَخْبا الحريصُ إلى الشَيخُوخَةِ النُخَبَا
أهدَيتُ أبياتَ شِعري مَن بهِ افتَخَرتْ / أبياتُ داري فظَّنتْ نَفْسَها شُهُبا
عَلَّقتُها اليومَ في مِحرابِ دَولتِه / فخراً فباهَيْتُ في تَعليِقها العَرَبا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025