المجموع : 26
ميلو إِلى الدارِ مِن ذاتِ اللَمى ميلوا
ميلو إِلى الدارِ مِن ذاتِ اللَمى ميلوا / كَحلاءَ ما جالَ في أَجفانِها ميلُ
هَذا بُكائي عَليهِما وَهِيَ حاضِرَةٌ / لا فَرسَخٌ بَينَنا يَوماً وَلا ميلُ
مَمشوقَةُ القَدِّ ما في شَنفِها خَرَسٌ / وَلا تَضُجُّ بِساقَيها الخَلاخيلُ
كَأَنَّما قَدُّها رُمحٌ وَمَبسِمُها / صُبحٌ وَحَسبُكَ عَسّالٌ ومَعسولُ
في كُلِّ يَومٍ بِعَينَيها وَقامَتِها / دَمي وَدَمعي عَلى الأَطلالِ مَطلولُ
إِن يَحسُدوني عَليها لا أَلومُهُمُ / لِذاكَ جارَ عَلى هابيلَ قابيلُ
إِنّي لَأَعشَقُ ما يَحويهِ بُرقُعُها / وَلَستُ أُبغِضُ ما تَحوي السَراويلُ
وَرُبَّ ساقٍ سَقانيها عَلى ظَمَأٍ / مُهَفهَفٍ مِثلَ خوطِ البانِ مَجدولُ
حَتّى إِذا ما رَشَفنا راحَ راحَتِهِ / وَهناً وَاِنقالَنا عَضٌ وَتَقبيلُ
جاءَت عَلَيَّ يَدُ الساقي وَمُقلَتُهُ / لَكِنَّني بِزِمامِ العَقلِ مَعقولُ
فَكيفَ أَخشى صُروفَ الدَهرِ إِن وَثَبَت / وَسَيفُ مَولايَ سَيفِ الدينِ مَسلولُ
مَلكُ عَنِ المَجدِ يَوماً لَيسَ يَشغَلُهُ / كَأسٌ دِهاقٌ وَلا حَسناءُ عُطبولُ
وَهَل يَقصُرُ عَن بَأسٍ وَعَن كَرَمٍ / وَقَد تَجَمَّعُ فيهِ الطَولُ وَالطولُ
كُحلٌ بِعَينَيهِ أَم ضَربٌ مِنَ الكُحلِ
كُحلٌ بِعَينَيهِ أَم ضَربٌ مِنَ الكُحلِ / وَردٌ بِخَدَّيهِ أَم صَبغٌ مِنَ الخَجَلِ
قَضيبُ بانٍ إِذا ما ماسَ مَيَّلَهُ / دَعَصٌ مِنَ الرَملِ أَو صَوتٌ مِنَ الرَمَلِ
يَفتُرُ عَن سِمطِ دُرٍّ في عَقيقِ فَمٍ / عَذبِ المَراشِفِ مَمنوعٍ مِنَ القُبَلِ
كَشَعرِهِ حَظُّ شِعري مِن مَحَبَّتِهِ / وَكيفَ تَتَّهِمُ الغُزلانَ بِالغَزَلِ
أَقسَمتُ ما رَوضَةٌ بِالنَيرَبَينِ إِذا / سَحَّت عَلَيها شُئونُ العارِضِ الهَطِلِ
شَقَّت شَقائِقَها أَيدي الرَبيعِ وَقَد / ماسَت حَدائِقَها كَالشارِبِ الثَمِلِ
يَوماً بِأَحسَنَ مِن وَردِ الخُدودِ عَلى / بانِ القُدودِ وَلا مِن نَرجِسِ المُقَلِ
وَقائِلٍ وَشُموسِ الراحِ آفِلَةٌ / فينا وَشَمسُ مُديرِ الراحِ لَم تَقِلِ
هَذا هُوَ الحُبُّ لَولا كَثرَةَ الرِقَبا / وَلَذَّةُ العَيشِ لَولا سُرعَةَ الأَجَلِ
لا تَأسَفَنَّ عَلى مالٍ فَقُلتُ لَهُ / عَلِيُّ بنُ مامينَ بَعدَ اللَهِ مُتَّكَلي
مُجاهِدَ الدينِ فَالأَديانَ قاطِبَةً / وَصارِمَ الدَولَةِ الغَرّاءِ في الدُوَلِ
مَلكٌ لَهُ الرَأيَ وَالراياتِ عالِيَةٌ / يَومَ الطِرادِ عَلى العَسّالَةِ الذُبُلِ
وَفارِسٌ بَطَلٌ لَم يَلقَ طَعنَتَهُ / عِندَ الكَريهَةِ غَيرُ الفارِسِ البَطَلِ
مازالَ في قَولِهِ بَينَ الوَرى عَمَلٌ / وَغَيرُهُ في الوَرى قَولاً بِلا عَمَلِ
يَزدادُ في أَعيُنِ الأَعداءِ مَنزِلَةً / كَأَنَّهُ قَمَرٌ في عَينِ ذي حَوَلِ
كَما يَقيسُ بِهِ الحُسّادُ أَنفُسَهُم / وَأَينَ قَعرُ الثَرى مِن قُلَّهِ الجَبَلِ
فَخرَ المَعالي عَلَوتَ الناسَ مَرتَبَةً / وَلَم تَزَل مُنعِماً بِالخَيلِ وَالخَوَلِ
كَم حَملَةٍ لَكَ في الأَعداءِ صادِقَةٍ / وَطَعنَةٍ بِأَصمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ
عاجَلتَهُم فَتَرَكتَ الخَيلَ خالِيَةً / مِنهُم وَقَد خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلِ
ما أَنتَ في أُمَراءِ الدَهرِ مُفتَخَرٌ / إِلّا كَفَخرِ اِبنِ عَبدِ اللَهِ في الرُسُلِ
حَوَيتَ بِالوالِدَينِ الحَمدَ حينَ أَتى / مُحَمَّدٌ وَتَرَقَبتَ العُلى بِعَلي
مَولايَ كَم مادِحٍ تُعطيهِ مُنتَحِلٍ / وَشاعِرٍ لَم تُنِلهُ غَيرَ مُنتَحِلِ
ما يَستَوي في الوَرى دُرٌّ وَمُخَشلَبٌ / وَلا يُقايَسُ بَينَ الصابِ وَالعَسَلِ
لا تَعجَبَنَّ لِقَصري عِندَ طولِهِم / فَالفَخرُ لِلَّيثِ لَيسَ الفَخرُ لِلجَمَلِ
أَنا الَّذي حَظُهُ تَحتَ الحَضيضِ وَقَد / نَظَمتُ فيكَ بِلا شِبهٍ وَلا مَثَلِ
شِعراً تَعالى عَلى الشِعرى وَجازَ عَلى / الجَوزا وَأَصبَحَ مَحمولاً عَلى الحَملِ
قالوا حَبيبُكَ مَبذولٌ فَقُلتُ لَهُم
قالوا حَبيبُكَ مَبذولٌ فَقُلتُ لَهُم / وَقَد تَرَقرَقَ دَمعُ العَينِ وَاِنسَجَما
كَأَنَّهُ الماءُ مَبذولٌ لِشارِبِهِ / وَما يُصابُ لَهُ مِثلُ إِذا عَدَما
دَعِ اِستِماعَكَ ذِكرى دَيرِ سَمعانِ
دَعِ اِستِماعَكَ ذِكرى دَيرِ سَمعانِ / فَما أَمَرَّ النَوى عَن دَيرِ مُرّانِ
فيهِ شَماسَةً مِثلَ الشُموسِ إِذا / جاءوكَ بَينَ أَناجيلٍ وَصُلبانِ
وَكُلُّ قَسٍّ كَقُسٍّ إِن تَحَدَّثَ عَن / عيسى بنِ مَريَمَ أَو موسى بنِ عِمرانِ
وَفي الشَعانينَ مِن أَولادِ جَفنَةَ لي / ظَبيٌ يُناشِدُني أَشعارَ حَسّانِ
لِلَّهِ لَيلَةَ بِتنا وَهوَ ثالِثُنا / مِن مُسلِمٍ وَيَهودِيٍّ وَنَصراني
وَراحَنا مِن ثَلاثٍ أَبيَضٍ يَقَقٍ / وَأَصفَرٍ فاقِعٍ أَو أَحمَرٍ قاني
وَقالَ هَيّا فَقَد لاحَ الصَباحُ وَقَد / طابَ الصَبوحُ عَلى رَوحٍ وَرَيحانِ
ما بَينَ سَطرا وَمَقرا جَنَّةٌ سَرَحَت / أَنهارُها في ظِلالِ الآسِ وَالبانِ
يَظَلُّ مَنثورُها وَالرَوضُ مُنتَثِراً / كَأَنَّما صيغَ مِن دُرٍّ وَمُرجانِ
وَالطَيرُ تُنشِدُ في أَغضانِها سَحَراً / هَذا هُوَ العَيشُ إِلّا أَنَّهُ فانِ
يا غُصنَ بانٍ تَثَنّى وَهُوَ نَشوانُ
يا غُصنَ بانٍ تَثَنّى وَهُوَ نَشوانُ / وَبَدرَ تِمٍّ لِحَظّي فيهِ نُقصانُ
إِلامَ تَصَدعَ قَلبي بِالصَدودِ قِلىً / وَلَيسَ يَسكُنُهُ إِلّاكَ إِنسانُ
مَن لي بِذي شَنَبٍ يَفتَرُّ عَن بَرَدٍ / ما إِن يَذوبُ وَفي خَدَّيهِ نيرانُ
أَخشى عَلى كَتِفَيهِ مِن ذُؤابَتِهِ / وَكيفَ لا تَخشى وَهُوَ ثُعبانُ
وَكَم كَتَمتُ هَواهُ عِندَ عاذِلَتي / وَصاحِبُ الدَمعِ لَم يَنفَعُهُ كِتمانُ
ولَيلَةٍ بِتُّ أَرعى طَيفَهُ فَأَبَت / عَيني وَقَد قيلَ إِنَّ النَومَ سُلطانُ
وَكَيفَ يَهجَعُ مَهجورٌ يُؤَرِّقُهُ / مُهَفهَفُ القَدِّ سَهلُ الخَدِّ فَتّانُ
مُنِعتُ رَشفَ ثَناياهُ وَريقَتِهِ / وَكَيفَ يُمنَعُ وِردَ الماءِ ظَمآنُ
وَفَرَّقَت بَينَنا الواشونَ فَاِفتَرَقَت / مِنّي لِفُرقَتِهِ في اللَيلِ أَجفانُ
عَذبُ التَعَذُّبِ أَحوى العارِضينَ حَوى / خَلقاً وَخُلُقاً وَحُسناً فيهِ إِحسانُ
فَلَو تَأَمَّلَ قُسٌّ ما وَصَفتُ بِهِ / لَقالَ أَحسَنَ مِمّا قالَ حَسّانُ
يا مَعشَرَ الناسِ حالي بَينَكُم عَجَبٌ
يا مَعشَرَ الناسِ حالي بَينَكُم عَجَبٌ / وَليسَ يَعلَمُ إِلّا اللَهُ كَيفَ أَنا
أُحِبُّ سُمرَ القَنا مِن أَجلِ مُشُبِهِها / لَونان وَأَحسُدُ حَتّى مَن بِها طُعَنا
عَجِبتُ مِن حملِهِ لِلسَيفِ مُنتَصِراً / وَقَد حَوَت مُقلَتاهُ الهِندَ وَاليَمَنا
تَنامُ أَجفانُهُ المَرضى وَقاد زَعَموا / بِأَنَّ كُلَّ مَريضٍ يَعدِمُ الوَسَنا
يَهوى خِلافي كَما أَهوى رِضاهُ فَإِن / دَنَوتُ مِنهُ تَناءى أَو نَأَيتُ دَنا