المجموع : 51
قُل للأساةِ أسأتُمْ في علاجِكُمُ
قُل للأساةِ أسأتُمْ في علاجِكُمُ / فمُمْرِضي من ضَنى جسمي هو الآسي
ولو وَجَدتُ مزَاجَ القلب معتدلاً / ببرد أنفاسها في حرّ أنْفاسي
للّه ما رُضْتُ منها بالخضوع وما / ألامنيهِ لقلبي إلّا قلبِيَ القاسي
خَدَعْتُ قِرْنَ الهوى حتَّى فتكت به / باللّه قل هل بخدع القِرْنِ من باسِ
حَمى حِمى المُلْكِ منه صارمٌ ذَكَرٌ
حَمى حِمى المُلْكِ منه صارمٌ ذَكَرٌ / مُقَابل الجود بالعلياءِ في الباسِ
يرعى الرّعايا بعينٍ من حفيَظتِهِ / ويبسطُ العدلَ منه ليّنٌ قاسِ
كأنّ سَوْرَةَ كسرى عِنْد سَوْرَتِهِ / سكونُ صورةِ كسرى وهو في الكاسِ
لو أنّ رَبْعَ غيرُ مُنْدَرِسِ
لو أنّ رَبْعَ غيرُ مُنْدَرِسِ / ما بتّ أُوحَشُ من جوْرِ المها الأنُسِ
من كلّ روضةِ حُسْنٍ زَهْرُها أرِجٌ / تُهْدي الهوى ليَ في لحظٍ وفي أنَسِ
لمّا تَظَلّمَ من أطرافِها عَنَمٌ / فاسحل أقحوان الظَّلْمِ واللَّعَسِ
تديرُ بالسّحْرِ عَيْنيْ أمّ شادِنَةٍ / بفاترِ اللحظ للألبابِ مُخْتَلسِ
وما رأيْتُ مهاةً قبلها وُصِفَتْ / في السرب بالشمَم المعشوق لا الخَنَسِ
لها محاسنُ من غبنِ الشباب غدت / محاسِنُ الغيدِ منها وهي كالدلَسِ
تُصبي الحليمَ وتَسْبيهِ فَمُبْصِرُها / كمنتشً في خَبَالِ السّكْرِ مُنْغَمسِ
شَمسٌ شَموسٌ عنِ الشيب الذي جمحتْ / عنه وذاتُ عنانٍ للصبا سَلِسِ
إنّي لأعجبُ والآرام مُجْبَنَةٌ / من رِئمِ خِدْرٍ لليثِ الغيل مفترسِ
لاح القتيرُ فأقمارُ البراقعِ لم / تَطْلُعْ عليّ وقصب البانِ لم تمسِ
حتى كأنّ بَياضَ الشيب منتقلٌ / إلى سوادِ عُيُونِ الخُرّدِ الأنسِ
إن فاتني قَنَصُ الغزلان نافرةً / فقد ترى من خيول الهمِّ ما فرسي
كم أشهبٍ صادَ غزلان الصوارِ فما / لأشْهبي راسخُ الأرساغِ في دَهَسِ
ستّ وستونَ عاماً كيف تُدرك بي / مَن عُمْرُها يَنْتهي منها إلى السدسِ
للَّه دَرّ شبابٍ لستُ ناسِيَهُ / لو أنّهُ كان إنساناً لقلتُ نَسي
يَسقْي محاسنَ ذاتِ الربعِ مُعْطِشُها / سَحّاً بكل ضَحُوكِ البرق مُنبَجِسِ
وداخِلاتٍ على الظّلْماءِ سَبْسَبَها / بكل خِرْقٍ عريقٍ في العلى نَدِسِ
كَأَنَّها وهيَ تَرمي المقفِراتِ بهم / مِنَ الوجيفِ نِبالٌ والهزالِ قِسي
مِثلُ الحواجِبِ لاذَتْ وهيَ ظامِئَةٌ / بأعينٍ بالفلا مطموسةٍ دُرُسِ
لا يُحْبَسُ الماءُ إلّا في ثَمائِلها / تيهاً فتحرس نقطاً بالكبود حسي
من كلّ دامِيةِ الأخفافِ مرْقلةٍ / ترتاعُ مِنْ صَوْتِ حادٍ خَلْفها شرِسِ
مستوحشٍ من كلام الإنسِ تُؤنِسُهُ / من جُوَّعٍ من ذئابِ المهمهِ الطُّلُسِ
ماذا تقولُ وَلَجُّ البحرِ يَسحَبه / إنَّ السفينة لا تجري على اليبسِ
قفْ بالتفكرِ يا هذا على زَمَنٍ / جمّ الخطوبِ وَمَثّلْ صَرْفَه وَقِسِ
ولا تكنْ عنده للسلمِ ملتمساً / فالأريُ في فم صلٍّ غيرُ مُلْتمَسِ
إنَّ الفتى في يَدَيهِ المالُ عاريَةٌ / كالثوب عُرّي منه غَيْرُهُ وَكُسي
وإنّه ليُنَمِّيهِ ويُودِعُهُ / من الصبابة بين الحِرْصِ وَالحَرَسِ
إن الهوا لمحيطٌ بالنفوسِ فقُلْ / هل حظّها منه غيرُ الفوْتِ بالنفَسِ
إنّي امرؤ وطباعُ الحقِّ تَعْضُدُني / مُطَهَّرُ العِرْضِ لا أدْنو من الدّنَسِ
ألِفْتُ حُسْنَ سكوتٍ لا أُعابُ به / ولي بيانُ مقالٍ غير مُلتْبَسِ
فما أُحرِّكُ في فكّيّ عن غَضَبٍ / لسانَ مُنْتَهِشِْ الأعْراض منتهسِ
قد يَعْقِلُ العاقلُ التحريرُ مَنْطِقَهُ / وربّ نُطْقٍ غدا في الغيِّ كالخرسِ
والجهلُ في شِيمِة الإنسان أقتلُ من / تخلخل النّبْضِ في بُحرانِ مُنتَقسِ
أَسلَمَني الدّهُر للرّزايا
أَسلَمَني الدّهُر للرّزايا / وَغَيّر الحادثاتُ قَفْشي
وكنْتُ أمشي ولستُ أعْيَا / فَصِرتُ أعيا ولستُ أمشي
كأنّني إذْ كبرتُ نَسْرٌ / يُطعِمُهُ فَرْخُهُ بِعُشِّ
خُذْ بالأشَدّ إذا ما الشَّرعُ وافَقَهُ
خُذْ بالأشَدّ إذا ما الشَّرعُ وافَقَهُ / ولا تمِلْ بك في أهوائكَ الرُّخَصُ
ولا تَكُنْ كَبَني الدُّنْيا رأيتُهُمُ / إن أدْبَرَتْ زَهِدوا أو أقبلَتْ حَرَصوا
ولّى شبابي وَرَاعَ شَيبْي
ولّى شبابي وَرَاعَ شَيبْي / مِنّيَ سِرْبَ المَها وَفَضّهْ
كَأَنَّما المشطُ في يَميني / تَجُرُّ مِنهُ خُيوطَ فِضّه
وأخْضَرٍ حَصَلَتْ نفسي به وَنَجَتْ
وأخْضَرٍ حَصَلَتْ نفسي به وَنَجَتْ / وما تفارقُ منه روعةٌ رُوعي
رغا وأزبدَ والنكباءُ تُغْضِبُهُ / كما تَعَبَّثَ شيطانٌ بِمصرُوعِ
سِرْ تحْظَ باليُسر إن كابدت في أُفقٍ
سِرْ تحْظَ باليُسر إن كابدت في أُفقٍ / عُسْراً فقد يجدُ الدرياقَ مَنْ لُسِعا
وربّما ضاقَ رزقُ المرء في بلدٍ / حتَّى إذا سارَ عَنْهُ دَرّ واتَّسعا
يا باقةً في يميني للرّدى بُذِلَتْ
يا باقةً في يميني للرّدى بُذِلَتْ / أذابَ قَلبي عَلَيكِ الحُزْنُ والأسَفُ
أَلَم تَكوني لِتاجِ الحُسْنِ جَوهرةً / لَمّا غَرِقْتِ فَهَلّا صَانَكِ الصّدفُ
وذات خلق تُريبُ الخَلْقَ صُورَتُهُ
وذات خلق تُريبُ الخَلْقَ صُورَتُهُ / فكلّ ناظِرِ عَيْنٍ ليس يألفهُ
كأنّ شوكةَ عُنّابٍ بِمِبضَعِها / يُجَرَّعُ السمّ منه مَنْ يصادِفُهُ
وقد تَشُقّ بنا الأهوالَ جاريةٌ
وقد تَشُقّ بنا الأهوالَ جاريةٌ / تجري بريح متى تسْكُنْ لها تقفِ
لها شراعٌ ترى الملّاحَ يلحَظُهُ / ككاهنٍ يقسِمُ الألحاظ في كَتِفِ
أحرَقْتُ فضلَةَ مِسْوَاكٍ لها حَسَداً
أحرَقْتُ فضلَةَ مِسْوَاكٍ لها حَسَداً / له على لثم دُرٍّ في اللمى يَقَقِ
وما علمتُ بجهلٍ أنَّ ريقتها / تُعْطي السلامةَ ريَّ المندل العبقِ
لا عدتُ أُحرِقُ عوداً من سواكِ فمٍ / يزيدُ إحراقُه في شِدّةِ الحُرَقِ
وسابحٍ لاعبٍ في بحره مَرَحاً
وسابحٍ لاعبٍ في بحره مَرَحاً / تُشيرُ كفّاهُ تعويذاً من الغَرَقِ
يدعو ولم يكُ مضطرّاً خُذوا بيدي / وعنده الفرق بين الأمْنِ والفَرَقِ
فَإن بَكَيتُ فإنّي قد ذَكَرْتُ به / مَن جُرِّعَتْ مِنهُ كأسُ الموتِ بالشرَقِ
رُدّتْ على البحرِ مِن كفَّيَّ جوهرَةٌ / ثُمَّ انْقلَبْتُ بِقَلبٍ دائِمِ الحُرَقِ
يا ليلُ هل لِصباحي فيكَ إِشراقُ
يا ليلُ هل لِصباحي فيكَ إِشراقُ / فَقَد نَفى النومَ عن عَينَيَّ إِيراقُ
عَساكِرُ البقِّ نَحوي فيكَ زاحِفَة / كأنّما بُثّ وَسْطَ البيت سمّاقُ
مِن كُلِّ طاعِنَةِ الخُرطومِ ساريةٍ / كَأَنَّ لَسعَتَها بالنارِ إِحراقُ
ما للوشاةِ عليها أذكَتِ الحَدَقَا
ما للوشاةِ عليها أذكَتِ الحَدَقَا / أما عَلا النورُ من إِسرائِها الغَسَقا
أَما تَضَوّعَ من أرْدانِها أرَجٌ / كأنّما مسكُ دارينٍ به فُتِقا
أما تألّقَ من سِمْطَيْ تَبَسُّمها / برقٌ إذا ما رآهُ ناظرٌ برقا
هَيفاءُ يَقْلَقُ في الخصرِ الوِشاحُ لها / كَأَنَّ قَلبِيَ مِنه عُلِّمَ القَلقا
كأنّما مالَ خُوطٌ في مُلاءتها / بالشَّمسِ واهتزَّ مِنها في كَثيبِ نَقا
باتت على عُقَبِ الشكوى تَمَلّقُني / وكُلُّ دُميَةِ حُسنٍ تُحسِنُ المَلَقا
واستَوثَقَت من نقابٍ فَوقَ وَجنَتِها / وَإِنَّما أَشْفَقَتْ أَنْ أَلثُمَ الشَّفَقا
يا هَذهِ تَدَّعينَ الوجدَ عاريَةً / مِنَ الضنى فَدَعي الشكوى لِمَن عَشِقا
وأَجمِلي قَتْلَ نَفسٍ لا يُتارِكُها / بَرْحُ الغرامِ وإلّا رَمِّقي الرَّمَقا
ما أَحْسَنَ العطف من تَأنيسِ نافِرَةٍ / كَأَنَّما رُضْتَ مِنها شادِناً خَرِقا
فبتّ أُحمي بأنفاسي حصى دررٍ / بِبَردِها في التراقي تَعرِفُ الفَلقا
وأَجتَني مُستَطيباً ما حَواهُ فمٌ / مِن ماءِ ظَلْمٍ بَرُودٍ يُطفِئُ الحَرَقا
وللوشاةِ عيونٌ غير واقعةٍ / عَلى ضَجيعَينِ مِنَّا في الكرى اعتَنَقا
مَن زارَ في سنةِ الأَجفانِ في خَفَرٍ / لم يخش غيرانَ مرهوبَ الشذا حَنِقا
قَنَعتُ بِالطيفِ لَمَّا صَدَّ صاحبُهُ / وَالطيبُ إِن غابَ أَبقى عِندَكَ العبقا
لولا هلالٌ أعير الطرف زورقُهُ / في خَوضِهِ لجةُ الظلماءِ ما طَرَقا
مِن أَينَ لي في الهَوى نَومٌ فَيَطرُقني / خيالُ مَنْ نَومُها يُغري بيَ الأَرَقا
وَإنَّما الفكرُ في الأجفانِ مَثَّلَها / فَما كَذَبتُ على جَفني ولا صَدَقا
اللَّه أَعطى لِقَومٍ في تَعَشُّقِهم / سَعادةً وَلِقَومٍ آخَرينَ شَقا
واللَّه أَحيا بِيَحيى كُلَّ مَكرُمَةٍ / لِلمُعتَفينَ وَأَجرى نائِلاً غَدقا
مَلْكٌ تَناوَلَ أَسبابَ العلا بيدٍ / قَد أَودَع اللَّه فيها رِزقَ مَن خَلقَا
سُميذِعٌ تبسطُ الآمالَ هِمَّتُه / ويقبضُ الحلمُ منه الغيظَ والحنقا
أعلى الملوكِ مناراً في ذرى شَرَفٍ / لا يَرتقي كَوكَبٌ في الجوِّ حَيثُ رقا
وأَثبَتُ الأُسدِ في جَوفِ العدى قَدَماً / إِذا جَناحُ لِواءٍ فَوقَهُ خفَقَا
إِن ضَنَّ بِالجودِ مَقبوضُ اليَدَينِ سَخا / وَإِن عَتا ظالِمٌ في مُلكِهِ رَفَقا
كَم من عَدوين في دينٍ قَدِ اختَلَفا / حَتّى إِذا أَخَذا في فَضلِهِ اتَّفَقا
وَكَم نَديمَينِ لَولا لذّةٌ لَهُما / في ذِكرِ سيرَتِهِ الحسناءِ لافتَرَقا
كَأَنَّما النّاسُ مِن أطواقِ أَنعُمِهِ / حَمائِمُ تَتَغنَّى مَدْحَهُ حَزِقَا
كَأَنَّما يَعتَري أَموالَهُ وَلَهٌ / فَما لَهُما غَيرُ أَصواتِ العُفاةِ رُقى
تُجاوِدُ الكفَّ مِنهُ الكفَّ مُغنِيَةً / فَقَلَّما تُبقِيانِ العَيْنَ والوَرِقا
مَن أوْهَنَ اللَّه كيدَ الناكِثينَ بِه / إِذا قَذَفتَ بِحَقٍّ باطِلاً زَهقا
مَن لا يَصولُ الهدى حَتَّى يَطولَ بِهِ / لا يَضرِبُ السيفُ لَولا الضّاربُ العَنقا
تَكبو السوابِقُ عَن أَدني مَداهُ فَلو / يُسابقُ الريحَ في أُفقِ العُلا سَبقا
ذِمْرٌ إذا عَلِقَتْ بالحرب عَزْمتُهُ / روّى القواضِبَ فيهِ وَالقنا عَلقا
كَأَنَّما العَضْبُ في يُمْناهُ صَاعِقَةٌ / إِذا عَلا رأسَ جَبَّارٍ بِهِ صَعَقا
يكادُ لولا تلظّي الروع ذابلُهُ / في كَفِّه مِن نَداهُ يَكتسي ورقا
كأنّما يُودِعُ اليمنى له قلماً / يَخُطُّ خَطَّ المَنايا كُلَّما مَشقا
وَما رَأى ناظِرٌ مِن قَبلِهِ أَسَداً / قَد أَكملَ اللّهُ فيه الخَلْقَ والخُلُقا
ويومِ حربٍ ترى الأبطال مُورِدةً / فيها حياضَ المنايا شُزَّباً عُتُقا
تَروقُ ذا الجهلَ زَيناً ثم تَذْعَرُهُ / خَوفاً إذا شامَ مِن أَنيابِها رَوَقا
تَرى السوابِغَ عَن أَذمارِ مَأزِقِها / تُوَاقِعُ الأَرضَ من وَقعِ الظبا فَرَقا
إِذا انتَحَتكَ مُدمّاةٌ لَها حَلَقٌ / خِلتَ اليعاقيبَ فيها فتّحَتْ حدقا
شَكَّ القلوبَ بِصِدقِ الطعنِ لَهذَمُهُ / وغادرَ الهامَ فيها سيفُه فِلَقا
إِلَيك يا ابن تَميمٍ أُعْمِلتْ قُلُصٌ / تَحتَ الرحائِلِ تَبْري الوخدَ والعَنَقا
كَأَنَّ مَثواكَ لِلبيتِ العتيقِ أَخٌ / وَاليَعمُلاتُ إليهِ تَملأ الطّرُقا
وَكَيفَ تُعْقَلُ أَيدي العيسِ عَن ملكٍ / بكفّ نعماهُ معقولُ النّدى انطَلَقا
تُقَبّلُ السحبُ مِنهُ لِلسَّماحِ يداً / لوْ أُلْقيَ البحرُ في مَعروفِها غَرِقا
إنَّ الليالِيَ والأيّامَ يُدْرِكُها
إنَّ الليالِيَ والأيّامَ يُدْرِكُها / شَيبٌ وَيعقبها مِن بَعْدِهِ هُلُكُ
فَشَيبُ لَيلِكَ مِن إِصباحِهِ يَقَقٌ / وَشَيبُ يَومِكَ مِن إِمسائِهِ حلَكُ
وَالعَيشُ وَالمَوتُ بَينَ الخلقِ في شُغُلٍ / حَتّى يُسكَّنَ مِن تَحريكِهِ الفلكُ
ويَبعثَ اللَّه مِن جَوْفِ الثَّرى أُممَاً / كانتْ عظامُهُمُ تبلى وتَنتَهكُ
في موقِفٍ ما لِخَلقٍ عنه من حِوَلٍ / ولا يُحَقِّرُ فيهِ سَوقَةً ملكُ
عَوِّلْ على العَزْمِ إنّ العزْمَ منقطعٌ
عَوِّلْ على العَزْمِ إنّ العزْمَ منقطعٌ / عنه الخمولُ وموصولٌ به الأمَلُ
لو لم تُسَلّ سيوفُ الهندِ ما ضُرِبَتْ / يومَ القراعِ بها الأجيادُ والقُلَلُ
متى ينال لديكم ما يُؤمّلُهُ
متى ينال لديكم ما يُؤمّلُهُ / مُتيَّمٌ ذو تباريحٍ تُبَلبِلُهُ
ما ظَنَّ مَن قَبِلَ تَعذيبِ الهوى أسَدٌ / أَنَّ التَّدَلُّلَ من رئمٍ يُذَلّلُهُ
ولا درى أن سهم الخيف يقصدُهُ / حتَّى رَأَى ساحرَ الأَلحاظِ يُرْسِلُهُ
مُضنىً رَماهُ بِكَربٍ كُلُّ ذي فَرَحٍ / كَأَنَّما ناقِلٌ عَنهُ يُنَقِّلُهُ
فالطبّ يُسْقِمُهُ والماءُ يُعطشُهُ / والقربُ يبعدُهُ والصّوْنُ يَبذُلُهُ
مُلاعِبَ البيض بين البيض والأسَلِ
مُلاعِبَ البيض بين البيض والأسَلِ / تلاعبتْ بك حُورُ الأعينِ النُّجُلِ
فَخُذْ من الرّمْحِ في حرْبِ المها عِوَضاً / فالطعنُ بالسّمْرِ غيرُ الطّعْنِ بالمقلِ
كم للعلاقةِ من هيجا رأيتَ بها / ضراغمَ الغيل قَتْلى من مها الكللِ
وكم غزالةِ إنْسٍ أنْحلَتْ جسدي / بِالهجرِ حَتَّى حَكى ما رقّ من غَزَلِ
ممشوقةً ملْتُ عن حِلْمي إلى سَفَهي / منها بقدّ مقيمِ الحسن في المَيَلِ
تصدّ بالنفس عن سلوانها بهوى / عينٍ تكحّل فيها السحرُ بالكحلِ
خداعةُ الصبّ بالآمالِ مرسلةٌ / إليّ بالعضّ في التفّاحِ والقُبَلِ
وناطقُ الوجدِ منّي لا يكلِّمُهُ / منها إذا ما التقينا ساكتُ المللِ
يا هَذِهِ ونِدائي دُمْيَةً طَمَعٌ / في نطقها من فقيدِ اللبِّ مُخْتَبِلِ
أرى سِهامَ لحاظٍ منكِ تَرْشُقُني / أفي جُفونكِ رامٍ من بني ثُعَلِ
بل ضَعْفُ طرفك في سفكِ الدماءِ له / أضعافُ ما للظُّبا والنّبْلِ والأسَلِ
إِنِّي امرؤٌ في ودادي ذو محافظةٍ / فما يَرَى في وفائي الخلُّ من خلَلِ
وعارِضٍ مَدّ عَرْضَ الجوِّ وانسَبَلَتْ / في وجنةِ الأرضِ منه أدْمُعُ السَّبلِ
ثرِّ الشّآبيبِ أَصواتُ الرعودِ بِهِ / كَأَنَّهُنَّ هَديرُ الجُلَّةِ البُزُلِ
كَأَنَّما الأَرضُ تَجلو مِن حَدائِقها / عرائساً في ضُرُوبِ الحَلْي والحللِ
أَحيا الإِلهُ بها التربَ المَواتَ كما / أحيا سفاقسَ يحيى بالهمام علي
كفؤٌ كَفَى اللَّه في الدهرِ الغشيمِ به / خَطْباً يخاطبُ منه ألْسُنَ العُضَلِ
أَقرَّ فيها أُناساً في مَواطِنِهم / لمّا تَنادَوْا لِتَوْديعٍ ومرتحلِ
وَأَثبَتَ اللَّه أَمْناً في قلوبِهِمُ / بَعدَ التقلُّبِ في الأحشاءِ من وجلِ
بِيُمْنِ أكبرَ لا عابٌ يُنَاطُ به / يُمنَاهُ منشأُ صوبِ العارضِ الهطِلِ
قومٌ تسوس رعاياه رعايتهُ / بالرّفْقِ والعدلِ لا بالجوْرِ والعَذَلِ
من يُتْبِعُ القولَ من إحسانه عملاً / والقولُ يورقُ والإثمارُ للعمَلِ
له رَجاحَةُ حِلْمٍ عند قُدْرَتِهِ / أرسَى إذا طاشتِ الأحلامُ من جَبَلِ
في دولةٍ في مقرِّ العزِّ ثابتةٍ / تُمْلي العلى من سجاياهُ على الدوَلِ
أغرّ كالبدر يعلو سرجَهُ أسَدٌ / أظفارُهُ حُمْرُ أطرافِ القَنَا الذبلِ
بادي التبسم والهيجاءُ كالحةٌ / لا يتّقي العضّ من أنيابها العصلِ
تَرى السلاهِبَ من حولَيهِ ساحبةً / ذيلَ العجاج على الأجسادِ والقلَلِ
مِن كلِّ ذي ميعةٍ كالبحرِ تَحسبُ منْ / أزبادِهِ سُرِدَتْ ماذيَّةُ البطلِ
تَنضو بِهِ مِلَّةُ الإِسلامِ مرهَفَةً / بِضَربِهِنَّ الطلى تَعلو على المللِ
قَديمةٌ طَبَعَتْهُنَّ القيونُ على / ماضي العزائم من آبائه الأولِ
من كلّ أبيضَ في يمناهُ سَلّتُهُ / كالبرقِ يخطفُ عُمْرِ القِرْن بالأجلِ
جداولٌ تَرِدُ الهيجا فهل وَرَدَتْ / ماءَ الطلى عن تباريحٍ من الغُلَلِ
نَدبٌ تُدَاوي مِنَ الأَقوامِ شيمتُهُ / بالبأس والجود داءَ الجُبنِ والبَخَلِ
مستهدَفُ الرَّبع بالقصّادِ تقصدُهُ / في البحرِ بالفُلكِ أو في البرِّ بالإبلِ
مُنَزَّهُ النّفسِ سمحٌ ما لَهُ أمَلٌ / إلّا مَكارِمُ يَحويها بنو الأملِ
أَطاعَني زَمَني لَمّا اعتَصَمتُ بِهِ / حَتّى حَسِبتُ زَماني عادَ مِنْ خولي
وما تيَقّنتُ أنّي قبل رُؤيَتِهِ / ألْقَى كرامَ البرايا منه في رجلِ
يا صاحبَ الحلمِ والسيفِ الَّذي خمدتْ / نارُ المنيّة فيه عن ذوي الزللِ
لو أنّ عزمك حدٌّ في الكَهَام لما / قدّ الضرائبَ إلّا وهوَ في الخللِ
كأنّ ذكرَكَ والدنْيا به عَبَقَتْ / في البأس والجودِ مخلوعٌ عَنِ المثَلِ
فَاسلَمْ لِمَدحِكَ واقنَ العزَّ ما سَجَعَتْ / سواجعُ الطير بالأسحارِ والأُصُلِ
حرِّر لمعناكَ لفظاً كي تُزَانَ به
حرِّر لمعناكَ لفظاً كي تُزَانَ به / وقلْ من الشعرِ سحراً أو فلا تَقُلِ
فالكحلُ لا يفتنُ الأبصارَ منظرُهُ / حتى يُصَيَّرَ حَشْوَ الأعينِ النُّجُلِ