تُخفي الصَبابَةَ وَالأَلحاظُ تُبدِيها
تُخفي الصَبابَةَ وَالأَلحاظُ تُبدِيها / وَتُظهِرُ الزُهدَ بَينَ الناسِ تَمويها
وَتَستُرُ الحُبَّ كَيما لا يُقالُ صَبا / شَيخاً فَتُعلِنُهُ الأَنفاسُ تَنويها
يا عاشِقاً تَلِفَت في العِشقِ مُهجتُهُ / كِتمانُكَ الحُبَّ في الأَحشاءِ يُؤذِيها
بُح بِالهَوى وَاِصحَب العُشّاقَ مُنهَتِكاً / وَلا تُطِع غَيرَ غاويها وَمُغوِيها
وَاِضرِب عَن التِيهِ صَفحاً وَاِلغِ صُحبَتَهُ / ما أَحمَقَ العاشِقَ المُستَصحِبَ التِيها
وَباكِر الراحَ فَاِشرَبها مُعتَّقَةً / صِرفاً تُحَدِّثُ عَن حِجرٍ وَبانيها
وَداوِ نَفسَكَ مِن داءِ الهُمومِ بِها / فَما سِوى مَوتَةٍ بِالكاسِ تُحييها
مِن كَفِّ خَرعبَةٍ حُوٍّ مَراشِفُها / بِيضٍ سَوالِفُها سُودٍ مَآقيها
أَو فاتِرِ الطَرفِ مَعسُولِ الرُضابِ لَهُ / دَلٌّ يُنَبِّهُ وَسني الباهِ تَنبِيها
فَإِن لَحَوكَ فَقُل كُلٌّ لَهُ شَجَنٌ / وَوِجهَةٌ هُوَ عَن قَصدٍ مُوَلِّيها
وَلا تَلَفَّت إِلى قَولٍ يَزيِدُ ضَنىً / لا تَحرِقُ النارُ إِلّا رِجلَ واطيها
لَيسَ الخَلِيُّ بِباكٍ لِلشَجِيِّ أَسىً / وَلا يَحِسُّ الحُمَيّا غَيرُ حاسيها
يا منزِلَ الحَيِّ بِالجَرعاءِ لا بَرِحَت / تَهمي بِكَ المُزنُ مُنهَلّاً عَزالِيها
كَم لِي بِمَغناكَ مِن يَومٍ نَعِمتُ بِهِ / وَلَيلَةٍ تَعدِلُ الدُنيا وَما فيها
وَاهاً لَها مِن لَيالٍ لَو تَعُودُ كَما / كانَت وَأَيُّ لَيالٍ عادَ ماضيها
لَم أَنسَها مُذ نَأَت عَنّي بِبَهجَتِها / وَأَينَ غُرٌّ مِنَ الأَيّامِ تُنسِيها
فاقَت جَميعَ اللَّيالي في البَهاءِ كَما / فاقَ البَرِيَّةَ تاجُ الدّينِ تَشبيها
الواهِبُ الخِطرَ عَفواً وَهوَ مُعتَذِرٌ / إِذا تعاظَمَ قَدرَ الشاةِ مُعطِيها
وَالرابِطُ الجَأشَ وَالأَبطالُ قَد جَعَلَت / قُلُوبُها تَشتَكي مِنها تَراقيها
وَالقائِلُ القَولَ لَم يَخطُر عَلى خَلَدٍ / في حينِ يَدعُو المَنايا الحُمرَ داعيها
لِسانُهُ الذَربُ أَقضى مِن أَسِنَّتِها / وَرَأيُهُ العَضبُ أَمضى مِن مَواضيها
ذَوُو السِيادَةِ أَكفاءٌ فَإِن نَظَرَت / إِلَيهِ زالَ بِمَرآهُ تَكافيها
إِذا المُلوكُ تَناجَت وَهيَ تَرمُقُهُ / فَإِنَّما في مَعاليهِ تَناجيها
لَو اِنّ لِلهِندُوَانياتِ عَزمَتَهُ / في الرَوعِ لَم تُطِقِ الأَغمادُ تَحويها
وَلَو يَكُونُ لِقَرنِ الشَمسِ غُرَّتُهُ / تاهَت فَلَم يَستَطِع شَيءٌ يُواريها
وَلَو تُقَسَّمُ في الآسادِ نَجدَتُهُ / لَم يُضحِ مَسكَنُها إِلّا ضَواحيها
وَالبَحرُ لَو حازَ جُزءاً مِن شَمائِلِهِ / لَصارَ أَعذَبَ ماءً مِن سَواريها
مُفتي الفَريقَينِ في كُلِّ العُلومِ فَما / تَلقاهُ مُذ كانَ إِلّا صَدرَ ناديها
ما سُيِّرَت حِكمَةٌ في الناسِ مُنذُ نَشا / تَجلُو صَدى القَلبِ إِلّا وَهوَ مُنشيها
وَما أُمِيتَت عَلى الأَيّامِ مَكرُمَةٌ / مِنَ المَكارِمِ إِلّا وَهوَ مُحيِيها
لَو أَدرَكَ الفُصحَاء العُرب أَفحَمَها / وَقَصَّرَت عَن مَعانيهِ مَعانيها
وَلَو جَرى عِندَ أَهلِ السَبقِ في طَلقٍ / مِنَ البَلاغَةِ أَجلى عَن مُجَلِّيها
مُقابَلٌ في بُيوتِ المَجدِ لَيسَ يُرى / إِلّا مُعِيدُ عِناياتٍ وَمُبدِيها
أَحيا المُرُوءَةَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ / مِن بَعدِ ما قامِ في الآفاقِ ناعيها
وَرَدَّ رُوحَ الأَماني بَعدما عَرَضَت / وَوُجِّهَت لِاِنتِظارِ المَوتِ تَوجِيها
سَهلُ الخَلائِقِ مَأمُونُ البَوائِقِ مَن / ناعُ الحقائِقِ هادي الخَيلِ مُهدِيها
سَبطُ الأَنامِلِ مِنعاشُ الأَرامِلِ مِن / حارُ الذَوامِلِ راضي البِيضِ مُرضيها
ضافي الحَمائِلِ نَضريُّ الشَمائِلِ فِه / رِيُّ الفَضائِلِ واري الزَندِ مُورِيها
عَفُّ السَرائِرِ صَوّانُ الحَرائِرِ حَم / مالُ الجَرائِرِ راعي القَومِ مُرعِيها
آباؤُهُ مِن قُرَيشٍ خَيرُها حَسَباً / وَعِزُّ حاضِرِها فِيهم وَباديها
الضارِبُونَ الطُلى وَالهامَ ضاحِيَةً / في الحَربِ حينَ يَهُزُّ الحَربَ جانيها
وَالطاعِنُو الخَيلِ شَزراً كُلَّ نافِذَةٍ / نَجلاءَ تَبرُقُ مِنها عَينُ آسيها
وَالمُوقِدُونَ إِذا نارُ القِرى خَمَدَت / وَعامَ بَينَ اللِقاحِ الخُورِ راعيها
قَومٌ لَهُم ذِروَةُ العَلياءِ يَعرِفُها / دانِي مَعَدٍّ إِذا عُدَّت وَقاصيها
عافُوا الظَواهِرَ مِن أُمِّ القُرى وَبَنَوا / أَبياتَهُم عِزَّةً في سِرِّ وَاديها
وَأَصبَحَت كَعبةُ اللَهِ الحَرامُ وَقَد / أَضحَت وَمِنهُم بِرَغمِ الخَصمِ وَاليها
سادُوا قُرَيشاً عُلاً في جاهِلِيَّتِها / وَمَن يُسامي قُرَيشاً أَو يُبارِيها
وَكُلُّ عَلياءَ في الإِسلامِ فَهيَ بِهِم / تُبنى وَقُطبُ الرَحى مِنهُم وَهادِيها
يا مَن يُسامي إِلى مَجدٍ بَني حَسَنٍ / عَدِمتَ رُشدَكَ هَل خَلقٌ يُسامِيها
قَبيلَةٌ مِن رَسُولِ اللَهِ عُنصُرُها / وَمِن عَليٍّ فَتى الدُنيا وَمُفتِيها
إِنَّ القُرُومَ السَوامي مِن بَني حَسَنٍ / يُحصى التُرابُ وَلا تُحصى أَيادِيها
كَم قَد كَفَوا هاشِماً في يَومِ مُعضِلَةٍ / وَأَورَدُوا السَيفَ وَلغاً في أَعاديها
وَإِنَّ في مَجدِ تاجِ الدِينِ مُفتَخَراً / لَها مِن السَلَفِ الماضينَ يَكفيها
مَن يَدعُ يَوماً أَبا زَيدٍ لِحاجَتِهِ / فَقَد دَعا دَعوَةً ما خابَ داعيها
هُوَ الَّذي خَضَعَت شُوسُ الرِجالِ لَهُ / ذُلّاً كَما تَخضَعُ الجربا لِطالِيها
مُذ قُلِّدَ الأَمرَ قالَ الناسُ كُلُّهُمُ / حَتّى المُعانِدُ أُعطي القَوس باريها
أَولى رَعِيَّتَهُ ما كانَ وَالِدُهُ / مِن الكَرامَةِ وَالإِجلالِ مُولِيها
أَعطى المُؤَمِّلَ مِنها ما يُؤمِّلُهُ / مِن نَيلِهِ وَتخَطّى ذَنبَ جانِيها
إِلَيكَ يا اِبنَ رَسُولِ اللَهِ شارِدَةً / بِكراً يَطُولُ رُواةَ الشِعرِ راويها
مِن ماجِدٍ لا يَرى فَخراً بِقافِيَةٍ / إِذ كانَ فَخرُ رِجالٍ مِن قَوافيها
وَلَو سِواكَ دَعاني لَم أُلَبِّ لَهُ / صَوتاً وَلا قامَ في ناديهِ شادِيها
لَكِنَّنا لَم نَزَل طَوعاً لِأَمرِكُمُ / هَوىً وَحُرمَةَ أَسبابٍ نُراعيها
وَنِعمَةً لَكَ عِندي لا يُقاوِمُها / شُكري وَمِن أَينَ لي شُكرٌ يُؤَدِّيها
جُزتَ المَدى وَتَحاماكَ الرَدى وَحَدا / بِذِكرِكَ العِيسَ في الآفاقِ حاديها
وَماتَ غَيظاً عَلى الأَيّامِ ذُو حَسَدٍ / ناواكَ بَعدَ بَلِيّاتٍ يُعانِيها