المجموع : 50
ما عن هوى الرشأ العذري أعذار
ما عن هوى الرشأ العذري أعذار / لم يبق لي مذ أقر الدمع إنكار
لي في القدود وفي ضم النهود وفي / لثم الخدود لبانات وأوطار
هذا اختياري فوافق إن رضيت به / أو لا فدعني وما أهوى وأختار
وغر غيري ففي أسري ودائرتي / من المها دُرة صدري لها دار
لمني جزافاً وسامحني مصارفة / فالناس في درجات الحب أطوار
لا عتبها من سموم القيظ معتصر / ولا عتابي لها إن فهت إعصار
تبيت دائرة الإنصاف دائرة / على صفاء هوى ما فيه أكدار
يميل بي وبها والريح ساكنة / للوصل والهجر إقبال وإدبار
هذا هو الغزل المنسوج من كلم / في العقل منهن صهباء وأوتار
تغزل طال ما حل الإزار به / ظبي وحلت عن الأجياد أزرار
منزه العرض لا يزري بقائله / مع الدماثة لا إثم ولا عار
وصلته في مديحي في على ملك / أفعاله سير تتلى وآثار
متوج من بني أيوب عاش به / حظي وأصبح للأشعار إشعار
إن قلت ساحته للوقد منتجع / فقل وراحته للوفد مدار
كأن راحلهم عنها ونازلهم / فيها مدى العمر حجاج وعمار
وكلما حط رحل في أباطحها / حطت به من ذنوب الفقر أوزار
عالي السجية لا ينأى لطارقه / من اليسار ولا يدنيه إعسار
لو أثرت قبل الأفواه في يده / لبان منها على كفيه آثار
أنامل تبذل الدينار واهبة / ولا يباشرها للمس دينار
ترجي وتردي وفي صفح المهند / تدري وتعلم وهو الماء والنار
إذا تأملت أو أملت طلعته / تهللت لك أنواء وأنوار
أغر لا يمتري ظن ولا أمل / إن الغنى من ندى كفيه يمتار
يلوي حبال الليالي منه فوق يد / بنانها لبقاع الأرض أمطار
جود الحوادث موتور بصولته / لكن له عند بيت المال أوتار
يهفو رجال فيعفو وهو مقتدر / حتى تبين العطايا وهي أعمار
لا يرتضي واحد الآلاف في صلة / حتى يكون مع الآحاد أعشار
دعوى شهودي عليها غير غائبة / والقابضون ألوف المال حضار
تأتي إليهم عطاياه مكررة / حسن العوارف ترداد وتكرار
يبتاع بالجود أحرار الرجال فهم / عبيد نعمته والقوم أحرار
لا فخر إلا لفخر الدين وانقطعت / عرى الدعاوى فلا يغررك إكثار
سلني به فلساني فيه يحفظ ما / أقول وهي تواريخ وأخبار
قيدتها وهي في الآفاق مطلقة / سيارة وحديث المجد سيار
أقول والقول مأثور وأشرفه / ما عبرت خطب عنه وأشعار
لا تخدعن فتورنشاه أكرم من / حطت سروج بناديه وأكوار
أما وشمس بني أيوب ضامنة / هدايتي فنجوم السعد أقمار
إن الليالي أساءت غير عالمة / أن ابن أيوب لي من جورها جار
أما الزمان فقد وافى في رحابك بي / مهاجراً فليكن لي منك أنصار
وابخل بمعدن هذا الدر وهو فمي / فالبخل بي كرم محض وإيثار
واطرب على خطراتي فهي مطربة / لا بل على قطراتي فهي أنهار
إن شئت وداً فسلمان و عمار / أو رمت حمداً فبشار ومهيار
لبحتري وديعي وهو أسبق من / يضمه في رهان الفضل مضمار
أنت فوق ابن خاقان ندى ويدا / تبنى على قطرها المنهل أقطار
فامنن علي بنصف الألف راتبةً / فقدر ودك لا يحويه مقدار
مقسومة في شهور العام تحمل لي / أقساطها كل شهر وهي أدوار
وإن عزمت على تسيير مكرمة / فهذه الكلمات الغر أطيار
يا من أدل ببسط العذر من جارا
يا من أدل ببسط العذر من جارا / ومد سبقاً إلى العلياء من جارى
رتب على الباب إنساناً له أدب / وعشرة يلتقي بالبشر من زارا
ومجلباً خالياً باسم الجلوس ولا / يرى علينا إذا جئناه إنكارا
فلي ثلاثة أيام أعود على الدهليز / أبسط عند الناس أعذارا
وللدهاليز أرباب الظلامة لا / أهل الكرامة إجلالاً وإقدارا
واستخبر ابن عريف والرشيد تجد / لديهما نبآ مني وإخبارا
صفو الحياة وإن طال المدى كدر
صفو الحياة وإن طال المدى كدر / وحادث الموت لا يبقي ولا يذر
وما يزال لسان الدهر ينذرنا / لو أثرت عندنا الآثار والنذر
فلا تقل غرة الدنيا مطامعها / فبائع الموت لا غش ولا غرر
كم شامخ العز ذاق الموت من يدها / ما أضعف القدر إن ألوى به القدر
أودى علي وعثمان بمخلبها / ولم يفتها أبو بكر ولا عمر
خافوا من الأجل المحتوم ما نطقت / بذكره أحرف القرآن والسور
ومن أراد التناسي في مصيبته / فللورى برسول الله معتبر
لا قدست ليلة كادت صبيحتها ال / أكباد حزناً على أيوب تنفطر
تمخض الدست عن أم النوائب عن / كبيرة صغرت في جنبها الكبر
نجم هوى في سماء الدين منكدراً / والنجم من أفقه يهوي وينكدر
منظومة أنجم الجوزاء من جزع / لها وعقد الثريا منه منتثر
يا أيها الحرم المهجور أين مضى / وفد إليك لهم حج ومعتمر
وكيف صدت وجوه كنت قبلتها / وأغلقت دونها الأبواب والحجر
وكيف تنسى محياك الكريم ومن / نعماك في كل شيء صالح أثر
وإن صورة ذاك الوجه ماثلة / في العين والنفس مهما زالت الصور
هانت بوادر دمع العين في ملك / يا طال في جوده ما هانت البدر
يردي العطايا ويسمو قدر همته / على الخطايا ويعفو وهو مقتدر
جددت من أسد الدين الشهيد لنا / حزناً به يتوافى الصبر والصبر
قد كان للدين والدنيا بعزمكما / عزم يعبر عنه الصارم الذكر
نهر الفرات ونهر النيل بينهما / أسرى بخيلكما والنقع يعتكر
يا زائراً مشهد القبرين نادهما / إن أسمعت صوتك الأجداث والحفر
وأقر السلام عن الإسلام قاطبة / على جسوم بها الأثواب تفتخر
فهل يخبر أكناف البقيع بها / أم يستبد عليها الحجر والحجر
إن فاح مسكاً فلاما تمزجان به / مسكاً ذفيرة أيوب هي العبر
تخفى ذبال مصابيح إذا طلعوا / صبحاً وينسى ملوك الأرض إن دثروا
كأنما صور الله الكمال به / شخصاً وشنف منه السمع والبصر
إذا الليالي تجافت عن حشاشته / فالجرح مندمل والجرم مغتفر
الناصر الناصر الدين الذي فتحت / له الثغور ولم ينبت له ثغر
لا شوبك منه معصوم ولا كرك / ولا خليل ولا قدس ولا زعر
لم يرتحل قافلاً إلا وساكنها / إما مباح حماه أو دم هدر
يا ناصر الحق والأيام خاذلة / إن العزيز بغير الدمع ينتصر
هب الليالي أماناً من سطاك فقد / تصاحبت في الفلاة الشاة والنمر
إن يجن صرف الردى ذنباً وفاقرة / فإنه بصلاح الدين يغتفر
إن جل أمر فأنتم قائمون به / أو قل صبر فأنتم معشر صبر
وما الحياة كما لا تجهلون سوى / صحيفة شرحها بالموت مختصر
ما مات أيوب إلا بعد معجزة / في الخلق لم يؤتها من جنسه بشر
مضى حميداً من الدنيا وليس له / في رتبة طرب منها ولا وطر
وأشرف العمر ما امتدت مسافته / في صحة أخواها العقل والكبر
ومن سعادته أن مات لا سأم / يضج منه معانيه ولا ضجر
صلى الإله على نجم أضاء لنا / من نسله النيران الشمس والقمر
قل للمكرم والألقاب واقعة
قل للمكرم والألقاب واقعة / على علاه وقوع النقش في الحجر
يا كعبة للندى لو كنت ذا أمل / غدا إلى بابها حجي ومعتمري
إن كنت أزمعت مختاراً على سفر / فالله يحمد عقبى ذلك السفر
أين المحلة من وال محلته / من المعالي محل النور في البصر
أثني عليه بما يبقي مناقبه / مذكورة بلسان الصارم الذكر
وسوف تنظم أشعاري وقد فعلت / له من المدح عقداً فاخر الدرر
لك الأمانة في ودي أبا حسن / محمولة فأقم إن شئت أو فسر
فقد منحتك وداً مثل عرضك لا / تسمو إلى صفوه الأيام بالكدر
أقول لابني وقد قال الطبيب له
أقول لابني وقد قال الطبيب له / لم يبق إلا رجاء الخالق الباري
رضيت بالله مرجواً إذا اعترضت / وساوس اليأس في ظني وأفكاري
لأرفعن إلى الرحمن مبتهلاً / يد الضراعة في جهري وإسراري
مجهزاً من دعائي كل هاجمة / بغير إذن على حجب وأستار
نزهتها عن لساني أن يفوه بها / فما يعبر عنها غير إضماري
تسري إلى الله من دمعي ومن حرقي / بين النقيضين من ماء ومن نار
فإن يهبه لآمالي فذلك ما / رجوت أو لا فقد أبليت أعذاري
أثمت يا من هجا السادات والخلفا
أثمت يا من هجا السادات والخلفا / وقلت ما قلته في ثلبهم سخفا
جعلتهم صدفاً حلوات بلؤلؤة / والعرف مازال سكنى اللؤلؤ الصدفا
وإنما هي دار حل جوهرهم / فيها وشف فأسناها الذي وصفا
فقال لؤلؤة عجباً ببهجتها / وكونها حوت الأشراف والشرفا
فهم بسكانها الآيات إذ سكنوا / فيها ومن قبلها قد أسكنوا الصحفا
والجوهر الفرد نور ليس يعرفه / من البرية إلا كل من عرفا
لولا تجسمه فيهم لكان على / ضعف البصائر للأبصار مختطفا
فالكلب يا كلب أسنى منك مكرمة / لأن فيه حفاظاً دائماً ووفا
من كان لا يعشق الأجياد والحدقا
من كان لا يعشق الأجياد والحدقا / ثم ادعى لذة الدنيا فما صدقا
في العشق معنى لطيف ليس يعرفه / من البرية إلا كل من عشقا
لا خفف الله عن قلبي صبابته / في الغانيات ولا عن طرفي الأرقا
يا حبذا غرر من فوقها طرر / تجلو على ناظري الصبح والغسقا
إذا سرقت إليهن الخطا سحبت / أذيالهن على آثاري السرقا
من كل شمس إذا قابلتها التثمت / كأنما أشفقت أن ألثم الشفقا
وكل فاترة الألحاظ فاتنة / إذا رمقن محباً فارق الرمقا
بين الحدوج التي سارت محجبة / لولا فراقي لها لم أعرف الفرقا
يا هذه ولك الأمر المطاع صلي / ولا تسدي طريق الطيف إن طرقا
ما أطيب الريح تهديها وقد عبقت / منها بعرف يفوق العنبر العبقا
رفقاً على خاطر لولا حلولك في / أرجائه لم يخف وجداً ولا حرقا
لو كنت أملك روحي وارتضيت بها / بذلتها لك لازوراً ولا ملقا
وإنما الصالح الهادي تملكها / بفيض جود رعى آمالها وسقى
واقتادها الحظ حتى جاورت ملكاً / تمسي ملوك الليالي عنده سوقا
سامي المحل يبيت النجم يرمقه / ويستعير سناه كلما رمقا
تغدو المقادير أعواناً لقدرته / في الخلق إن فتق الأحكام أو رتقا
قد علمتنا سطاه أن عزمته / مخلوقة وحديد الهند ما خلقا
موسع الحلم لم تخفق أسنته / إلا على صدر خصم أضمر الحنقا
لا يهجر الرأس جسماً كان يحمله / إلا إذا عانقت أسيافه عنقا
إذا انتضين فكم روح تروح هبا / عند اللقاء وكم جسم تراه لقى
كأن هام الأعادي وهي تفلقها / ليل صبيب على ظلمائه فلقا
مزجي الكتائب إن تكتب أسنتها / كانت صدور أعاديه لها ورقا
جرد يريك سواد الليل عثيرها / ومرهفات تريك الصبح مؤتلقا
خوارق لصدور النقع لو صدمت / صدورها سد ذي القرنين لا نخرقا
ضاقت بهيبتها الآفاق واصطلمت / أهل النفاق فلم تترك لهم نفقا
كأنها من دخان النقع خارجة / موارق النبل ممن خان أو مرقا
تغزو ثغور العدى منها مسومة / تأبى العليق إلى أن تشرب العلقا
لا يشتكي بلد حلت به ظمأ / والركض يمطر من أعطافها عرقا
كم معرك عركت فرسان حومته / ومأزق تركت أبطاله مزقا
ينصها كل مغوار إذا سئمت / إعناقها السير زاد النص والعنقا
يسري إذا ترك النجم السرى فترى / جرد الجياد على آثاره حزقا
يجتاب صافية الأنهار صافنة / تلفى الشوارع منها مشرعاً رنقا
ملساء لولا التغالي قلت مختصراً / إذا النسيم مشى من فوقها زلقا
يا خالعاً ربقة الإملاق عن أملي / وملبسي من أيادي جوده ربقا
ليهنك العام قد دلت بشائره / على بقائك ألفاً بعده نسقا
مضت لملكك أعوام أعدت بها / شمل العلى ونظام الملك متسقا
سبع تليت على السبع الشداد بها / قواعداً للمعالي فاقت الأفقا
فالبس ثياب المعالي غضة جدداً / واخلع على الدهر منها كل ما خلقا
واستقبل العمر لازالت سعادته / موصولة لك في عز وطول بقا
وعشت للناصر المحيي الذي نطقت / أفعاله في علاه قبل من نطقا
المحرز السبق الأوفى ولا عجب / إذ كنت والده أن يحرز السبقا
لو سابقته إلى بأس ومكرمة / أسد الشرى وشآبيب الحيا سبقا
لا يخجل الغيث يوماً أن يقر له / ويرى الليث عاراً منه إن فرقا
بخدمة الصالح الهادي الكفيل / لي اتفاق سعيد قل ما اتفقا
علقت بالعروة الوثقى وعصمتها / لما غدوت بحبل منه معتلقا
أهديت أبكار أفكاري إلى ملك / بار المديح فلما زرته نفقا
أثني عليه وأقوالي مقصرة / والمرء يعطي على مقدار ما رزقا
يا ساقياً بكؤوس الحمد مسمعه / سقيت مصطحباً منها ومغتبقا
يا ناظم التاج والعقد الثمين أجد / فقد وجدت الجبين الطلق والعنقا
متوج من بني رزيك مذ جمعت / كفاه شمل الندى والبأس ما افترقا
ما هبت مجلسه إلا وآنسني / بحسن ملقى كفاني عنده الملقا
ولا استظل رجائي دوح نعمته / إلا وجدت لديه الظل والورقا
كتبي إليك على مقدار ما اتفقا
كتبي إليك على مقدار ما اتفقا / مثل الحوادث لا صفواً ولا رنقا
فاصفح بفضلك عنها في تصفحها / فما تروقك لا ملقاً ولا ملقا
تقبل الله صوماً أنت واصله
تقبل الله صوماً أنت واصله / من الصلاح بأعمال تشاكله
صوم تولى وقد أثنت فرائضه / عليك خيراً كما أثنت نوافله
إن فارقت نيلك الأسنى أواخره / فقد تلقتك بالحسنى أوائله
لم يلق عندك غير البر قادمة / ولا تزود غير البر راحلة
صوم تبسم عن قطر كما ابتسمت / عن غرة الفجر من ليلى عياطله
ودعت هذا وداع المحسنين كما / قابلت هذا بما الرحمن قابله
لما أظلك عيد الفطر وافتقرت / أسماع قوم إلى ما أنت قائلة
زرت المصلى ولولا ما خلعت على / رحابه من غراب خف آهله
واهتز شوقاً فلو يسطيع منبره / مادت أعاليه وارتجت أسافله
حتى إذا ضاق بالأشهاد واستمعت / فصل الخطابة من قرب محافله
لم يبق فصلك في الأفهام من صدأ / إلا وعقلك بالإفهام صاقله
عرفتهم من طريق الرشد ما جهلوا / حتى تنبه غاوي القلب غافله
وعدت نحو مقر العز في لجب / كالسيل فارسه والليل راجله
مثل الغمام ومن برق صوارمه / تحت القتام ومن رغد صواهله
ترنو إليك عيون الخلق شاخصة / والأجر والفخر أدنى ما تحاوله
وفي المظلة وجه لم يزل أبداً / بشر القبول على وجه يقابله
وراية الملك والإسلام يحملها / لك اللواء الذي جبريل حامله
أشبهت هدي رسول الله حين بدت / على شمائلك الحسنى شمائله
وفي جبينك نور من نبوته / وشاهد الحق لا تخفى دلائله
قد أيد الله ديناً أنت عاضده / والناصر الذخر كافيه وكافله
الكاشف الكرب لما عز كاشفه / والفارج الخطب لما ضاق نازله
لما أعز الهدى قرت قواعده / وامتد ساعده واشتد كاهله
ماضي الأوامر إلا أن قدرته / يضيق ذرعاً بها قدر يماثله
عزت به دولة أضحت محافظة / عنها يجالد خصماً أو يجادله
وكف بالأمس من كفي معاندها / حتى تلاشى بنور الحق باطله
ومن أراد بهذا البيت غائلة / فالنصر عاذله والنصر خاذله
فتح مبين ونصر عن يدي ملك / روض الهدى ذابل لولا ذوابله
يا عادل الحكم قل للدهر لا عجب / أن يفقد الجور لما قام عادله
جادت بنانك مصراً وهي ذاوية / فاليوم طل الندى فيها ووابله
رويت بالقطر قطريه على ظمأ / ولا سحاب سوى ما أنت باذله
أصفاك ساكنها حباً ولا عجب / حسب الأنام لمن تندى أنامله
فاشكر نداك على ما أنت سامعه / من الثناء فإن الجود قائله
لا تلزمن القوافي فوق طاقتها / فالقول يقصر عما أنت فاعله
أثني عليك أمير المؤمنين بما / يغنيك عاجله فخراً وآجله
أضحت سجلاته في كل مجتمع / تتلو مديحك فانظر من يساجله
فاسلم لدولته حتى تبلغها / أضعاف ما يتمناه ويأمله
خذ يا زمان أماناً من يدي أملي
خذ يا زمان أماناً من يدي أملي / لا روعت سربك الأطماع من قبلي
ولا لبستك مطوياً على دخن / إلا نشرتك ملبوساً على دخل
ولا مددت إلى أيدي بنيك يدي / إذا فلا وألت كفي من الشلل
متى اشتفى سقم آمالي بعلتهم / فلا شفى الله آمالي من العلل
وإن غشيت إلى سقيا ثمارهم / فلا سقى الله لي قلباً سوى الغلل
صانوا بأعراضهم أعراضهم فغدا / شعري وسعري مصوناً غير مبتذل
وكيف أتركه من غير نافلة / مسيباً بينهم كالسي والنفل
تركت من كنت أطريه وأطربه / فلا ثقيلي يغنيهم ولا رملي
وكيف أنشط في أوصاف ذي كرم / كسلان يرمي نشاط المدح بالكسل
حليت جيد حلاه وهي عاطلة / وجاءني منه جيد المدح بالعطل
أثني وتثني رجال ضمني معهم / وزن الكلام وليس الكحل كالكحل
وليس يحفظ إلا ما نطقت به / حتى كأن سوى ما قلت لم يقل
ذنبي إلى الدهر فضل لو سترت به / عيب الحوادث لم تنسب إلى الزلل
إن آثرت ثروة الدنيا مجانبتي / فإنها ابنة أم الغي والخطل
ولي إذا شئت من تاج الخلافة من / أرى به شرف الأفعال في رجل
ومن حملت له عهد الأمانة في / ود إذا حال عهد الحر لم يحل
ومن يصرف صرف النائبات له / آراء مكتهل في سن مقتبل
إن جاد أو كاد في يومي ندى وردى / فاضت أنامله بالرزق والأجل
يهوى الحبيبين من بأس ومن كرم / على النقيضين من جبن ومن بخل
ولا يحل بثغر حله أبداً / سوى النقيضين من أمن ومن وجل
لك العزائم والآراء إن نصبت / بالقول والفعل لم تفلل ولم تفل
ورب معضلة لما دعيت لها / كففت ما ناب من أنيابها العضل
ومورد تتحامى الأسد مشرعه / وردته بصدور الشرع الذبل
أقدمت فيه ونار الموت جامحة / وخضت بحر بلاياه ولم تبل
أطلعت فيه سنا بيض جعلت لها / سود الجماجم أبدالاً من الحلل
وغارة لا يشق الطيف شقتها / طويت فيها بساط الريث بالعجل
حتى هجمت هجوم الريح في طفل / من العجاجة مستغن عن الطفل
باشرتها بحسام غير منثلم / أبا الحسام ولم تسأل عن الأسل
ما كان غدر بني أردن محتسباً / كم حادث جلل في الفكر لم يجل
ما ضر مجدك غدر جاء من نفر / أعزك الحول فاغتالوك بالحيل
إن أمهلتنا الليالي وهي فاعلة / فسوف نسقيهم مثلاً على مهل
لو ناضلوك على الإنصاف عرفهم / مواقع الرمي رام من بني ثعل
لكم مشوا لك مغتالي في خمر / وعادة الأسد أن تأتى من الغيل
قد كان قصد الأعادي أن تخف لها / وأن ينالك فيها ألسن العذل
فصدك العزم عن إدراك ما طلبوا / حاشا خلالك أن تؤتى من الخلل
لا يحسبوا أنك الموهون جانبه / وأن جرحك جرح غير مندمل
فإن عزك أقوى أن يضيعه / فقد اليسيرين من خيل ومن خول
يفديك يا ورد قوم ما ذكرت لهم / إلا علت كل خد وردة الخجل
إن يستجدوا على أبليت جدتها / فما يقاس جديد المجد بالسمل
وإن أكبر غبن أن تقاس بهم / ما كل غبن من الدنيا بمحتمل
لو كان حظ على مقدار منزلة / لم ينزل المشتري عن مرتقى زحل
أما ترى الفلك العلوي قد جعلوا / فيه سميك بعد الثور والحمل
أوليت أرض بني نصر وما معها / والطير لا يلتقي فيها من الوجل
فخيم الأمن فيها مذ نزلت بها / حتى لضج الكرى من صحبة المقل
قد كنت فتحت أبواب الأمان بها / فكيف أقفلتها في ساعة القفل
ما أنت بالرجل المنقوص منزلة / إذا عزلت ولا المزداد بالعمل
وكيف يعزل ملك جود راحته / على المكارم وال غير منعزل
فاسلم ودم وابق واسعد واعل واسم وسد / وقل وجد واقتدر واحلم وفز ونل
واسمع محبرة الأوصاف خاطبة ال / إنصاف طالت معانيها ولم تطل
جاءت جزالتها رقاً ورقتها / معنى بما شئت من سهل ومن جبل
إن كان عطفك للإعجاب يختال
إن كان عطفك للإعجاب يختال / فإن طرفك للألباب يغتال
قلوبنا بين هجر منك أو صلة / يقتادها لك إعراض وإقبال
أخلفت يا جمل زجر الفأل فاعتمدي / فعل الجميل عسى أن يصدق الفال
ما كان أدنى مراد الوصل لو كسلت / على النشاط إلى الهجرات كسال
عصية العهد والميثاق يحملها / على الهوى في الهوى دل وإدلال
ترنحت بنسيم العذل ناعمة / ملت فمالت وغصت البان ميال
سكرى ولا خمر إلا عذب ريقتها / كأن ريق لماها العذب جريال
داوت بصحة جسمي سقم مقلتها / فما أبل ومالي منه إبلال
في روضة الحسن منها كلما سنحت / من رائق الحسن أشباه وأمثال
للأقحوانة منها حسن مبسمها / وللشقائق منها الخد والخال
لا تسحبي أنني أصغي إلى عذل / ضلت بصيرة من يهديه عذال
ملكت قاصيتي لبي وناصيتي / حبي ففي البال من جراك بلبال
بالكامل بن أبي الفتح الوزير لنا / عن النسيب لبانات وأشغال
أبو الفوارس طعان الفوارس إن / تقاصرت بخطى الخطي أبطال
يشقى بثعلب رمح أنت حامله / أبا الفوارس يوم الروع رئبال
تكفلت لصدور الخيل عزمته / أن لا يصاب لها في الحرب أكفال
وإن طائشة الأرماح إن هديت / براحتيه وإلا فهي ضلال
سمر تشق جفون النقع نافذة / كأنها لجفون النقع أميال
مرواد من نحور الدارعين لها / مكاحل ودم الأوداج إكحال
كأن في كل نحر من تشرعها / يوم الوغى عسلاً يجنيه عسال
للسيف والضيف في يومي ندى وردى / منه نزال إذا حلا وإنزال
تختط بيض طلاه كل عامرة / من الطلى فتراها وهي أطلال
إذا غدت من سحاب النقع بارقة / فاللمع والنقع أوجال وآجال
لله عزمك من قوص ومورده / فسطاط مصر ودون الورد أهوال
نازعتم آل رزيك على شرف / لو لم تزيلهم عنه لما زالوا
برأيك انفتلت تلك الحبال لهم / وأنت بالرأي نقاص وفتال
إن لم تهاجر إلى جيرون ممتطياً / جرداً يصاحبها قود وشملال
فقد أقمت مقاماً كان موقفه / برداً على كبد العلياء سلسال
حزت الشجاعة أفعالاً وتسمية / إذ لم يروعك آساد وأصلال
وما مضى بك يوم ليس فيه على / أيام ضرغام تدبير وأعمال
وإن أيام بلبيس لعالمة / منك الغناء وإن لم يدر جهال
أبليت فيها بما سيرت من عدد / ومن عديد إلى الأعداء ينثال
لولا بيوت من الأموال جدت بها / على عساكرهم لم يستقم حال
وقد سحبت إلى يحيى ململمة / لها من الحلق الماذي أذيال
قارعته فتشظى عود صعدته / ضعفاً وهل يتساوى النبع والضال
وافى إلى شاطئي مصر وصحبته / ممن فللت شبا حديه أفلال
حملت عن شاور أثقال دولته / حتى لخفت مهمات وأثقال
هذي الوزارة قد ألبستها حللاً / قشيبة وبعهدي وهي أسمال
عادت إلى أنسها الماضي وبهجتها / فدارها اليوم دار منك محلال
أعدتها وهي معطار النسيم وقد / مضت عليها ليال وهي مبقال
أنت المشار إليه قبل أسرته / برتبة لم يشنها القيل والقال
إذا نطقت فمسموع وممتثل / وإن سكت فإعظام وإجلال
ملك يصلى إلى أفعال سؤدده / لا بل عليها لأهل المدح أقوال
تحلى بصدق سجاياه مدائحنا / جيد تحلى بغير الصدق معطال
قد استرق قلوب العالمين له / وجه جميل محياه وإجمال
فللمكارم من إشراق غرته / تهلل ولصوت الحمد إهلال
ترنو نواظرنا منه إلى ملك / على الملوك له فضل وإفضال
لم يستووا معه مذ كان في شرف / إلا كما يتساوى الماء والآل
كأن أيامه وهي التي حسنت / عندي من العمر أسحار وآصال
أنا الولي الذي صحت مودته / وليس عندك فيما قلت إشكال
وقد رأيت جميل الرأي أغفلني / وكان لي منه إحفاء وإحفال
خفضت من بعد رفع الحال منزلتي / وكان ينصبها التمييز والحال
أنت المسيح وآمالي بها سقم / وما تموت لمن يرجوك آمال
وما أريد سوى بشر وتكرمة / إن الكرامة في حقي هي المال
وليهنك القادم الميمون من رجب / يحدو ركائبه يمن وإقبال
مبشر بدوام العز ما علقت / شول ووافى عقيب الفطر شوال
هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا
هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا / والمالكون لقلبي كيفما فعلوا
فليعلموا أن ودي لا يغيره / تغير من سجاياهم ولا ملل
وليقبضوا اللوم عن قلبي ببسطتهم / فقد طويت بساطاً مده العذل
أجلهم أن يزور الغيث ساحتهم / وأن أقول لهم يا قاطعين صلوا
فكلما لاح ضوء البرق قلت له / أقصر فقلبي ببرق النيل مشتغل
فما ألام على شيء سوى كلفي / بحب من ليس في الدنيا له بدل
أحبة لهم في القلب منزلة / أضحت وفردوس أخلاقي لها نزل
يقوم بالعذر عني في محبتهم / عذر يقدسه التشبيب والغزل
رميت يا دهر كف المجد بالشلل
رميت يا دهر كف المجد بالشلل / وجيده بعد حسن الحلي بالعطل
سعيت في منهج الرأي العثور فإن / قدرت من عثرات الدهر فاستقل
جدعت مارنك الأقنى فأنفك لا / ينفك ما بين أمر الشين والخجل
هدمت قاعدة المعروف عن عجل / سقيت مهلاً أما تمشي على مهل
لهفي ولهف بني الآمال قاطبة / على فجيعتها في أكرم الدول
قدمت مصر فأولتني خلائفها / من المكارم ما أربى على الأمل
قوم عرفت بهم كسب الألوف ومن / كمالها أنها جاءت ولم أسل
وكنت من وزراء الدست حيث سما / رأس الحصان بهاديه على الكفل
ونلت من عظماء الجيش تكرمة / وخلة حرست من عارض الخلل
يا عاذلي في هوى أبناء فاطمة / لك الملامة إن قصرت في عذلي
بالله زر ساحة القصرين وابك معي / عليهما لا على صفين والجمل
وقل لأهليهما والله ما التحمت / فيكم جروحي ولا قرحي بمندمل
ماذا ترى كانت الإفرنج فاعلة / في نسل آل أمير المؤمنين علي
هل كان في الأمر شيء غير قسمة ما / ملكتمو بين حكم السبي والنفل
وقد حصلتم عليها واسم جدكم / محمد وأبوكم خير منتعل
مررت بالقصر والأركان خالية / من الوفود وكانت قبلة القبل
فملت عنه بوجهي خوف منتقد / من الأعادي ووجه الود لم يمل
أسبلت من أسفي دمعي غداة خلت / رحابكم وعدت مهجورة السبل
أبكي على ما تراءت من مكارمكم / حال الزمان عليها وهي لم تحل
دار الضيافة كانت أنس وافدكم / واليوم أوحش من رسم ومن طلل
وفطرة الصوم إن أصغت مكارمكم / تشكو من الدهر حيفاً غير محتمل
وكسوة الناس في الفصلين قد درست / ورث منها جديد عندهم وبلي
وموسم كان في يوم الخليج لكم / يأتي تجملكم فيه على الجمل
وأول العام والعيدين كم لكم / فيهن من وبل جود ليس بالوشل
والأرض تهتز في يوم الغدير لما / يهتز ما بين قصريكم من الأسل
والخيل تعرض في وشي وفي شية / مثل العرائس في حلي وفي حلل
ولا حملتم قرى الأضياف من سعة ال / أطباق إلا على الأكتاف والعجل
ولا خصصتم ببر أهل ملتكم / حتى عممتم بها الأقصى من الملل
كانت رواتبكم للذمتين وللضيف / المقيم وللطاري من الرسل
ثم الطراز بتنيس التي عظمت / منه الصلات لأهل الأرض والدول
وللجوامع من أحباسكم نعم / لمن تصدر في علم وفي عمل
وربما عادت الدنيا بمعقلها / منكم وعادت بكم محلولة العقل
والله لا فاز يوم الحشر مبغضكم / ولا نجا من عذاب الله غير ولي
ولا استقى الماء من حر ومن ظمأ / من كف خير البرايا سيد الرسل
ولا رأى جنة الله التي خلفت / من خان عهد الإمام العاضد بن علي
أئمتي وهداتي والذخيرة لي / إذا ارتهنت بما قدمت من عملي
تالله لم أوفهم في المد حقهم / لأن فضلهم كالوابل الهطل
ولو تضاعفت الأقوال واستبقت / ما كنت فيهم بحمد الله بالخجل
باب النجاة هم دنيا وآخرة / وحبهم فهو أصل الدين والعمل
نور الهدى ومصابيح الدجى / ومحل الغيث إن ونت الأنواء في المحل
أئمة خلقوا نوراً فنورهم / من محض خالص نور الله لم يفل
والله لا زلت في حبي لهم أبداً / ما أخر الله لي في مدة الأجل
عمارة قالها المسكين وهو على / خوف من القتل لا خوف من الزلل
لم يبق لابن دخان عند خالقه
لم يبق لابن دخان عند خالقه / أمنية يتمناها ويأملها
لأن حوصلة الملعون لو فتحت / لأغنت الناس في مصر حواصلها
وإنما فاته والله يلعنه / أن الأزبة لم تعظم فياشلها
وسوف تنتبه الأيام من سنة / حتى يسمى أبا النقصان غافلها
فاشرب عليها وكل يابن الخبيث فما / يخطيك عاجل أقوالي وآجلها
واعلم بأن قوافي الشعر ما غضبت / إلا وسود وجه الحق باطلها
هذي مقدمة يأتي أواخرها / بما كرهت كما جاءت أوائلها
مآثر لو تركنا شرح جملتها
مآثر لو تركنا شرح جملتها / غنيت فيها عن التفصيل بالجمل
منها الحميد الذي أبقيت سيرته / في آل شاور حتى سار في المثل
مازلت توسعهم بشراً وتكرمهم / حتى كأن ليالي القوم لم تزل
ولست في هذه الدعوى بملتمس / شهادة ولسان الحال يشهد لي
سجية من وفاء فيك لو خلقت / في صبغة الشعر المسود لم يحل
ليت النسيم إذا حملت عاتقه
ليت النسيم إذا حملت عاتقه / شوقاً تقصر عنه الكتب والرسل
يهدي تحية أشواقي إلى ملك / يفيض من راحتيه الرزق والأجل
كأن صدري من ضيق ومن حرج / للوافدين إلى أبوابه سبل
وجدت عن كل شيء غائب بدلاً / وليس لي عوض منهم ولا بدل
كم ليلة بات وجدي وهو مشتعل / وخاطري بسواه ليس يشتغل
إذا تذكرت أيامي بحضرته / ضاقت علي فلا سهل ولا جبل
جزنا بساحة عز الدين بابتدرت / من المباسم في أرجائها القبل
وأوهمتنا عطاياه وهيبته / حضوره فاستجد الرعب والأمل
وطال ما غاب ليث الغاب منتقلاً / والرعب في الغاب باق ليس ينتقل
الحمد للعيس بعد العزم والهمم
الحمد للعيس بعد العزم والهمم / حمداً يقوم بما أولت من النعم
لا أجحد الحق عندي للركاب يد / تمنت اللجم منها رتبة الخطم
قربن بعد مزار العز من نظري / حتى رأيت إمام العصر من أمم
ورحن من كعبة البطحاء والحرم / وفداً إلى كعبة المعروف والكرم
فهل درى البيت أني بعد فرقته / ما سرت من حرم إلا إلى حرم
حيث الخلافة مضروب سرادقها / بين النقيضين من عفو ومن نقم
وللإمامة أنوار مقدسة / تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
وللنبوة آيات تنص لنا / على الحقيقين من حكم ومن حكم
وللمكارم أعلام تعلمنا / مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
وللعلى ألسن تثني محامدها / على الحميدين من فعل ومن شيم
وراية الشرف البذاخ ترفعها / يد الرفيعين من مجد ومن همم
أقسمت بالفائز المعصوم معتقداً / فوز النجاة وأجر البر في القسم
لقد حمى الدين والدنيا وأهلهما / وزيره الصالح الفراج للغمم
اللابس الفخر لم ينسج غلائله / إلا يد الصانعين السيف والقلم
وجوده أوجد الأيام ما اقترحت / وجوده أعدم الشاكين للعدم
قد ملكته العوالي رق مملكة / تعير أنف الثريا عزة الشمم
أرى مقاماً عظيم الشأن أوهمني / في يقظتي أنها من جملة الحلم
يوم من العمر لم يخطر على أملي / ولا ترقت إليه رغبة الهمم
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها / عقود مدح فما أرضى لها كلمي
ترى الوزارة فيه وهي باذلة / عند الخلافة نصحاً غير متهم
عواطف علمتنا أن بينهما / قرابة من جميل الرأي والرحم
خليفة ووزير مد عدلهما / ظلاً على مفرق الإسلام والأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما / فما عسى يتعاطى هاطل الديم
أبا علي وما من حاجة عرضت
أبا علي وما من حاجة عرضت / إلى نداك سوى عتبي على كرمك
صغرت قدر وداد كنت أكبره / حاشا اهتمامك أن يجني على هممك
نفرت بالقسم المبرور ذا ثقة / يدنو إليك وإن قعقعت من لجمك
يفديك يا بن أبي الهيجا ذوو همم / تزل أقدامهم في المجد عن قدمك
عصرت أكباد أهل العصر من أسف / علماً وحلماً ولم تبلغ مدى حكمك
أقسمت بالله خوفاً من معاملتي / وما أبالي وحق الله من قسمك
وكيف أنزل حاجاتي إذا عرضت / بكعبة الجود والبطحاء من حرمك
وما يضل ابن ليل بات يرشده / نور من العلم مشبوب على علمك
كن لي على شكر ما أوليت من نعم
كن لي على شكر ما أوليت من نعم / عوناً فإني بحق الشكر لم أقم
أولا فأرشد إلى ما تستحق فقد / أقررت بالعجز عنه غير محتشم
ولو نظمت النجوم النيرات إذاً / قلت فكيف ولم أنظم سوى الكلم
سمت ببدر بن رزيك وهمته / ذوائب المجد فاستعلت ذرى الهمم
متوج تخدم الأملاك ساحته / لثماً ويلقى الأعادي غير ملتثم
قد جرب الدهر منه في وقائعه / قرماً صوارمه تشكو من القرم
مقسم الفكر في بأس ومكرمة / موزع الرأي بين العفو والنقم
قد حالف النصر والتأييد صارمه / فما يريق دماً إلا لحقن دم
كم ظفر نائبة في الدهر قلمها / عزم المظفر بالصمصام والقلم
وموقف ينثر الهندي ما نظمت / فيه الأسنة من أشلاء كل كمي
غدوت يا فارس الإسلام فارسه ال / مشهور بالكر في مستبهم البهم
تقدمت بك فيه عزمة حلفت / لا تثني أو تلم البيض باللمم
لما رأيت الطلى والبيض قد جمعا / جمعاً به فرقة الأرواح للرمم
نادت صفاحك صفحاً عند قدرتها / والأسد تأنف من لحم على وضم
وعدت عنه ونور الفتح مشتعل / عن جانبيك ومن خلف ومن أمم
ورب نازلة شمرت مجتهداً / في كشف غمتها عن كاشف الغمم
فعل الوصي علي بالنبي وقد / همت بحرمته الكفار في الحرم
مواطن نبت فيها عند غيبته / عنها ولست على غيب بمتهم
بنيت بالسيف مجداً قال شامخه / إن العماد عماد غير منهدم
نجل كريم رأينا من نجابته / حكم الكهول ولم يبلغ مدى الحلم
شبيه مجدك في خلق وفي خلق / والشبل كالليث في بطش وفي قحم
أخو النجوم التي بالسعد طالعها / بدر يجلي سواد الظلم والظلم
ملك تظل الخطايا وهي عايذة / من عفوه بمقيل عثرة القدم
له الصوارم مازلت مضاربها / يخطبن عنه غداة الروع في القمم
وكل سابغة المضمار ما برحت / آذانها في الوغى تغني عن اللجم
والمكرمات التي ما نال أيسرها / مؤمل قط من كعب ومن هرم
قد خصه الله بالنعمى فعم بها / أثرى البرية والمثري من العدم
في وجهه ويديه من سنى وحيا / ما في الغمامة من ماء ومن ضرم
فما يريك جبيناً غير منطلق / ولا بنان يمين غير منسجم
لو أقسم الغيث يوماً أن يصافحني / نابت أنامل بدر عنه في القسم
جاورت منه كريماً لا بوائقه / تخشى ولا جاره يوماً بمنهضم
لو لم أشاهد بعيني مجد شيمته / ما كنت أعرف معنى الجد والشيم
لا عرفه ببعيد عن مؤمله / ولا معارفه مذمومة الذمم
إذا تهلل بشراً واستهل ندى / أدل قاصده إدلال ذي رحم
لم يخدم الدهر والأيام لي أملاً / حتى غدوت له من جملة الخدم
قد كثرت عدد الحساد أنعمه / عندي وما كثر الحساد كالنعم
كم رحت منه أجر الذيل من خلع / أعلامها كرياض الحزن والعلم
أختال ما بين إنعام وتكرمة / يكل عن شكرها المفروض كل فم
إن كنت أحسنت فالإحسان أنطقني / والشكر في نفحات الروض للديم
شكر القوافي على مقدار ما شربت / من خمرة عصرت من كرمة الكرم
فإن بدا لك من ألفاظها طرب / فهز عطفي معانيها فلا تلم
يا منعماً بنداه يعدم العدم
يا منعماً بنداه يعدم العدم / وينجلي بهداه الظلم والظلم
وقادراً أمطر الدنيا ندى وردى / ففاض من راحتيه البأس والكرم
هنئت عيداً تخطتني سحائبه / وقد سقى الخلق منها الوابل الردم
في روضة الحزن من فقدانها غلل / وفي سباخ الثرى من صوبها ديم
عجبت كيف تناستني علاك وقد / ظلت ضحاياك بين الخلق تقتسم
نسيان مثلي بعد الذكر محقرة / إن الغنيمة عندي ما هي الغنم
أنت الزمان فمن ترفعه يعل ومن / تخفض من الناس لا يرفع له علم
ومن تغافلت عنه فهو مطرح / ومن نظرت إليه فهو محترم