المجموع : 28
اللّه أكبر ما ذا الحادث الجللُ
اللّه أكبر ما ذا الحادث الجللُ / فقَد تزلزلَ سهلُ الأرض والجبلُ
ما هذهِ الزفرات الصاعدات أسىً / كأنّها شُعل يَرمي بها شعلُ
ما للعيونُ عيون الدمع جارية / منها تخرّ خدوداً حين تنهملُ
ما ذا النواح الّذي حطّ القلوب وما / هذا الضجيج وذي الضوضاء والزجلُ
كأنّ نفحةَ صدر الحشر قد فُجِئت / فالناسُ سَكرى ولا سكر ولا ثملُ
وإنّ عاشور لو عمّ الهلال بهِ / كأنّما هو من شؤمٍ به زحلُ
قامَت قيامة أهل البيت واِنكَسَرت / سفنُ النجاة وفيها العلم والعملُ
واِرتجّت الأرضُ والسبع الشداد وقد / أصابَ أهل السماوات العلى الأجلُ
واِهتزّ مِن دهشٍ عرش الجليل فلو / لا أنّه ماسك أوهى به الميلُ
جلّ الإلهُ فليس الحزن بالغه / لكنّ قلباً حواه حزنه جللُ
قَضى المصابُ بأن تقضي النفوس به / لكن قَضى اللّه أن لا سبّق الأجلُ
بسيّد عادَ ثغرُ الشعبِ مُبتسما
بسيّد عادَ ثغرُ الشعبِ مُبتسما / وفيهِ أصبحَ شملُ العربِ مُلتَئِما
وَالروض قد أينَعَت أزهارهُ وزَهَت / بالنورِ والوردِ فيها صار مُنتظما
وَقَد أُديرَت كؤوسٌ بالهنا مُزِجَت / وَطافَ بالبشرِ ساقيها على النُدَما
والورقُ قد غرّدت فوق الغصون وقد / أضحَت تردّد مِن ألحانِها نَغما
غداةَ سيّدنا المحبوب قَد سَطَعَت / أنوارهُ وَسناه قد جَلا الظُلَما
زين الشبابِ وَمَولاها وسيّدها / أكرِم بهِ مِن جليل يُقتدى وحِمى
لقد تغذّى بثديِ الفخرِ مُرتضعاً / مِن صفوِ درّ العلى حتّى ربى ونما
كَسا العروبة فَخراً من مفاخرهِ / وقَد أفاضَ على نُعمائها نِعَما
فَتىً عليه لواءُ النصر منعقدٌ / واللّه شادَ لهُ من فضلهِ علَما
فتىً نَمته إلى العلياءِ مكرمة / فهوَ الّذي فاقَ آساد الشرى هِمَما
مِن هاشم قَد زكى في الدهر عنصرهُ / وأصلهُ طابَ مِن آبائهِ القدما
هو الزعيمُ المفدّى من نؤمّله / يكونُ كَهفاً لنا دوماً ومُعتصما
ميلادهُ عيدُنا والأمّة اِبتَهَجت / بهِ وأذهبَ عنّا الكربَ والغمما
كلُّ البلادِ بهذا المولدِ اِحتَفَلت / وفيه سرَّت بنو عمرو العلى كرما
فليَحيَ سيّدنا المقدامُ في رغدٍ / لولاه ما كان أمرُ الأمّة اِنتَظما
وَلَم يزَل للواءِ الحقّ حارسه / سموّه جلّ في الدنيا وقد عَظُما
لا زالَ يَسعى لحفظ الشعبِ مُجتهداً / وللعروبَةِ يَرعى العهدَ والذِمَما
وَما توقّف يوماً عن إرادتهِ / مهما أرادوا وَمَهما شاءَ لو عَزما
فذاكَ شبلُ عليّ مَن سَما شَرفا / وكان شخصاً عظيمَ الجاهِ مُحترما
ذو هيبةٍ تُرهِبُ الأبطالَ سطوتهُ / وَدونه تضع الهامات والغمما
ذلّت لهُ الأسدُ خوفاً من عزيمتهِ / وَحينَ يسطو يردّ الخصم مُنهَزِما
ردّ العداة وهُم لا يُبصرون هدى / وكلّهم خابط في عشوةٍ وعمى
عنِ الحقيقةِ قد ضلّوا وقَد بَعُدوا / عَن نهجهِ فأصابوا الخُسرَ والنَدَما
وفازَ قومٌ على أوطانِهِم سَهِروا / وقاصروها وشدّوا دونَها الجزما
وعن مودّة أهل البيتِ ما اِنجَرَفوا / فإنّ مَن حادَ عنهم أنفهُ رغما
في كربلا حفلة الميلاد قد عُقِدَت / بروضةٍ جمَعت أبناءَها العُظَما
هذي الحديقةُ تزهو وهيَ زاهرة / بأحمد مَن حَوى الأخلاقَ والشمما
مِن آل بابان شهمٌ قَد زَكى نَسباً / وَحطّ فَخراً على هامِ السهى قدما
هو الإداريّ دستُ الحكم فيه خلا / بِعَدلهِ قرَنَ الأحكامَ والحكما
فيا بَني العرَبِ الأمجاد مَن لهمُ / مَفاخر بعُلاها طالت الأمما
لَقَد تقدّمتم في كلّ مكرمةٍ / لأنّكم خيرُ قومٍ سادة كرما
صبراً لنيلِ العلى والمجد واِحتفلوا / بفيصل وعليه فاِنشُروا العلما
للّه درّ اِبن حسّون وفكرته
للّه درّ اِبن حسّون وفكرته / وَما أتى من بديعِ النظمِ والحكمِ
جادَت قريحَتهُ مُذ صارَ يبذُلها / في مدحِ أبناءِ طه سادة الأممِ
وفي فَضائلهم تتلو مناقبهم / هيَ الّتي ليسَ تُحصى قطّ بالقلمِ
وكَم أتى بعجيبٍ في رثائهمُ / أجرى الدموعَ كغيثٍ جدّ منسجمِ
له قصائدُ جلّت أن يقابلها / أهلُ الفصاحة من عربٍ ومن عجمِ
فاِنظر لديوانهِ المسطور إنّ بهِ / شِعراً كعقد يجيد الخود منتظمِ
لكاظمٍ عند أهلِ البيت منزلة / لأنّه لهم من جملة الخدمِ
أرجو الإله يُجازيه ويسعدهُ / وأن يُفيضَ عليه وافر النعمِ
يا اِبنَ الرِسالة يا اِبن البيت والحرمِ
يا اِبنَ الرِسالة يا اِبن البيت والحرمِ / وَيا سليلَ العلى والمجد والكرمِ
يا كَوكبَ الشرق يا مَن قد أضاءَ لنا / سنا مُحيّاه في داجٍ من الظلمِ
يا سيّد العرب يا مَن قد حوى شرفاً / مِن أشرف الخلق طه سيّد الأمَمِ
وجدّه المُصطفى المختار أحمد مَن / جبريلُ كان لهُ مِن أطوعِ الخدمِ
يا اِبنَ الأكارمِ والسادات من مضرٍ / ومَن همُ للبرايا خير معتصمِ
قد عادَ عيد الهنا لمّا طلعتَ على / هذي البلاد بثغرٍ منك مبتسمِ
إليكَ أبصارُنا يا اِبنَ الهُدى شَخصت / لأنّك اليوم فينا خير محتكمِ
يَفديكَ قومُك إذ أنت لهم / وأنتَ باريه في حكم وفي حكمِ
أنتَ الأمينُ وفيك العزّ قد ثبتت / منهُ القواعد بالإقدامِ والهممِ
قد رحّبَت بكَ أرضُ الطفّ شاكرة / ما قَد أفاض عليها بارئ النسمِ
فها هيَ اليوم تزهو فيك حيث لها / تمَّ السرور ونالت أكبرَ النعمِ
وأنتَ جامع شملَ العربِ قائدها / إلى السعادة تدعى صاحب العلَمِ
أنوار خير الأنام الطهر قَد سَطَعَت / فأذهَبَت ما على الأبصار من غممِ
معظّم طيّبَ الرحمنُ عنصره / آباؤهُ اِشتَهروا بالطيب من قدمِ
وَالهاشميّون أبناء النبيّ لهم / مكارم سجّلت في اللوح والقلمِ
أخلصتُ ودّي لأبناء الحسين فمِن / بُحورِ فضلهمُ وِردي ومغتنمي
الشعبُ أضحى له في فيصل أملٌ / وإن يَكُن بعد لم يبلغ إلى الحلمِ
فهوَ الكريم المرجّى فيض نائله / دَوماً ومَن داس هام الفخر بالقدمِ
صغير سنّ ولكن نفسه كَبُرت / وَقَد ترعرع في عزٍّ وفي شممِ
أصلاً وفَرعاً زكا مِن هاشمٍ نَسبا / فَشبّ طِفلاً على الأخلاق والشيمِ
وَلَم تلد مثله العلياءُ من ولدٍ / عن درّ ثديِ المعالي غير منفطمِ
عاشَ العميدُ حليف النصر يرقبه / ربّ السماءِ بعينٍ منه لم تنمِ
وَعاشَ أعوانهُ والمخلصون له / بظلّه فهوَ للأوطان خير حمي
يا عينُ جودي بدمعٍ من دم هتن
يا عينُ جودي بدمعٍ من دم هتن / للقاسم اِبن الإمام المجتبى الحسنِ
أتى إِلى عمّه في حين شدّتهِ / وقد أحاطَت به عبّادة الوثنِ
والصحبُ من حولِهِ صرعى جسومهمُ / أضحّت مجزّرة في الترب كالبدنِ
فجاءَ يطلب منه رخصةً وله / قلبٌ توقّد بالأحزان والشجنِ
فمُذ رآهُ حسين فاض مدمعهُ / وقلبهُ ذابَ من وجدٍ ومن حزنِ
وقال يا نور عيني للمخيّم عُد / فأنتَ لي اليوم مثل الروح في البدنِ
فعادَ نحوَ بنات المُصطفى أسفاً / إذ لم يكُن عمّه يعطيهِ من إذنِ
بالهمّ والغمّ والأحزان مشتملٌ / وَبالكآبة والأشجان والمحنِ
هناكَ فكّر في عهدٍ أبوه به / أوصاه مرّ عليه سالف الزمنِ
فحلّ مِن كتفهِ ما شدّ والده / مِن عوذة ولذاك العهد لم يخنِ
أتى إلى عمّه فيها ليخبرهُ / بعهدِ والده ذي الفضل والمننِ
فحينَ شاهدهُ سبط النبيّ بكى / وسالَ مدمعهُ المنهلّ كالمزنِ
وضمّ مُعتنقاً حبّا لشبل أخٍ / لفرط حبّ له في القلب مكتمنِ
تعانقا وجرَت حزناً دموعهما / وقد أصابَ بها وهن على وهنِ
ومُذ أفاقَ أبو السجّاد ألبسه / ملابساً فصّلت للحرب كالكفنِ
وقال بادِر إلى توديع أمّك مع / كلّ النساء فهذا آخر الزمنِ
فَعادَ يدعو النسا هذا الوداع ألا / هل مَن يُبادر نحوي كي يودّعني
جاءَت إليهِ النسا حتّى تودّعه / وأمّه ثاكل تدعوه في شجنِ
تقول يا نور عيني كيف تتركني / وكيف مِن بعد هذا الوصل تقطعني
فقال يا أمّ عمّي اليوم منفرد / يدعو أهَل ناصر ذا اليوم ينصُرني
فكيفَ يبقى وحيداً لا معين له / وَالسيف طوع يميني لا يفارِقُني
قالت له يا بنيّ اِذهب لنصرتهِ / حتّى تحلّل ما قد ذُقتَ مِن لبني
فعادَ يَسطو على الأعداءِ مُرتجزاً / يدعو أنا اِبن الإمام السيّد الحسنِ
سبط النبيّ أبي أزكى الورى نسباً / على الهُدى خير مأمون ومؤتمنِ
يا قوم عمّي هذا عاد بينكمُ / فرداً بلا ناصر في زيّ مرتهنِ
فَلا رَأيتم مدى الأيّام من رغدٍ / وَلا سَقاكُم بيوم الصيّب المزنِ
حتّى إذا كضّه حرّ الظماء أتى / يريدُ ماءً بقلبٍ لاهب سخنِ
فردّهُ السبط ريّانا فعادَ إلى / حربِ الطغاة كليث ضيغم شثنِ
وبعد أن جدّل الأعدا بصارمهِ / وصالَ فيهم بذاك المقول اللسنِ
أتاهُ أشقى الوَرى والسيف في يدهِ / فشقَّ مفرقَهُ إذ خرّ للذقنِ
فصاحَ يا عمّ عجّل كي أراك فقد / جاءَت ليَ القوم بالأسياف تضربني
فجاءهُ السبط يبكيهِ ويندبه / بنيّ هان عليك اليوم تتركني
بُنيّ خلّفتني فرداً ولا أحد / يحمي حمايَ فيَرعاني ويسعدني
عليّ عزّ بأن تبقى رهين ثرى / موزّع الجسم شلو عافر البدنِ
بُشرى العراق بندبٍ من بني مضر
بُشرى العراق بندبٍ من بني مضر / في العلمِ أصبح مثل الروح للبدنِ
لهُ على صفَحات المُرشد اِنتَشرت / آيات فضلٍ من الأحكام والسننِ
على بني العلم من إيقاد فكرته / سحائبٌ هطَلَت كالعارض الهتنِ
قد قامَ يبذل للإسلامِ همّتهُ / يذبُّ عنهُ بعزمٍ قطّ لم يهنِ
فَكَم بهِ الدين قد شيدت قواعدهُ / وكَم رواق عليه للعلوم بني
فالعلم حطَّ بمغناهُ ركائبَهُ / وهو المحيطُ به في السرِّ والعلنِ
يَبغي الحياةَ إلى شعبِ العراق ومن / فيه ويرعى حقوقَ الشعب والوطنِ
مجلّة المرشد الغرّاء فيه زهَت / وطيبُها فاحَ في الأمصارِ والمدنِ
نَهضاً بني العلم إنّ العلم مرجعهُ / إليهِ وهو عليه خير مُؤتَمنِ
جلّ العلومِ بطيِّ المُرشدِ اِندَرَجت / فهوَ الجليل ولو غاليت بالثمنِ
فرد العلى هبة الدين الّذي رَسَخَت / في العلمِ أقدامهُ من سالف الزمنِ
وَالشعب لا زال يُبدي الشكرَ متّصلاً / لصالحٍ صاحب الإحسان والمننِ
عَن رُشدِها الناس ظلّت برهة فغَدَت / بالمرشد اليوم تُسقى خالصَ اللبنِ
أنا الخطيبُ وعبد اللّه مُعتمدي
أنا الخطيبُ وعبد اللّه مُعتمدي / أخلصتُ ودّي لهُ في السرّ والعلنِ
لا زلتُ أدعو لهُ دوماً وأشكره / لما أفاضَ على مولاه من مننِ
قوم دُعوا لجوارِ اللّه فاِمتثلوا
قوم دُعوا لجوارِ اللّه فاِمتثلوا / وَللنفوسُ بأرضِ الطفّ قد بَذلوا
يا سائِلي عن كرامٍ ههنا نَزَلوا / بالأمسِ كانوا معي واليوم قد رحلوا
وَخلّفوا بِسوَيدا القلب نيرانا /
بدور تمٍّ ولكن بالدِما سَطَعوا / عنّي عنوا وفُؤادي بالأَسى ترعوا
فقلتُ مُذ غربوا من بعدما طلعوا / نذرٌ عليّ لئِن عادوا وإن رجعوا
لأزرعنّ طريقَ الطفّ رَيحانا /