المجموع : 263
النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا
النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا / ولا يُدافع كفّاً حاولت رُطبا
ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ
ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ / على اختلاف صُروفِ الدهر والعُقُبِ
يومَ انتحتْنا بسهميها مُسَالمةً / تأتي جُدَيْدَاتُها من أوجه اللعبِ
تُدْوي الرجالَ وتشفيهم بمُبتسمِ / كابن الغمامِ وريقٍ كابنة العنبِ
عَيْنَاءُ في وَطَفٍ قَنْوَاءُ في ذَلفٍ / لفَّاءُ في هيفٍ عجزاءُ في قَببِ
جاءت تَدَافَعُ في وشي لها حَسَنٍ / تدافُعَ الماء في وشيٍ من الحببِ
ليستْ من البحتُرياتِ القصارِ بُنىً / والشَّاربات مع الرُّعيان بالعُلبِ
ولم تلد كوليدِ اللؤم فالِقَةً / عن رَأْس شَرِّ وليدٍ شرَّ ما رُكَبِ
قد قلتُ إذ نحلوهُ الشعرَ حَاشَ له / إنَّ البُرُوكَ به أولى من الخبَبِ
البُحْتُريُّ ذَنُوبُ الوجهِ نعرفُهُ / وما رأينا ذَنُوبَ الوجه ذا أدبِ
أَنَّى يقولُ من الأقوال أَثْقَبَهَا / من راح يحملُ وجهاً سابغَ الذَنَبِ
أوْلى بِمَنْ عظمتْ في الناس لحيتُهُ / من نِحلة الشعر أن يُدْعَى أبا العجبِ
وحسبُه من حِباءِ القوم أن يهبوا / له قفاهُ إذا ما مَرَّ بالعُصَبِ
ما كنت أحسِبُ مكسوَّاً كَلحيته / يُعفَى من القَفْدِ أو يُدْعى بلا لقبِ
لهفي على ألفِ مُوسَى في طويلته / إذا أدَّعى أنه من سادة العربِ
أو قال إني قَريعُ الناسِ كلِّهِمِ / في الشعر وهو سقيم الشعر والنسبِ
الحظُّ أعمى ولولا ذاك لم نَرَهُ / للبحتريِّ بلا عقلٍ ولا حسبِ
وَغْدٌ يَعافُ مديحَ الناسِ كلّهمِ / ويطلبُ الشَّتْمَ منهم جاهدَ الطلبِ
داءٌ من اللْؤم يستشفي الهجاءَ لهُ / كَذَلِكَ الحَكُّ يَستَشفيه ذو الجَرَبِ
أَراكَ لَم تَرضَ ما أَهدى لَهُ نَفَرٌ / مِن شَتمِ أُمٍّ لَئيمٍ خيمُها وَأَبِ
فارضَ الَّذي أَنا مُهديهِ إِلَيهِ لَهُ / من مُرْمِضِ القَذع وارضَ النار للحطَبِ
قُبْحاً لأشياءَ يأتي البحتريُّ بها / من شعره الغَثِّ بعد الكدّ والتَعَبِ
كأنها حين يُصْغي السامعون لها / ممن يُمَيِّزُ بين النَّبع والغَرَبِ
رُقَى العقاربِ أو هذْرُ البُناةِ إذا / أضحوا على شَعَفِ الجدران في صخبِ
وقد يجيءُ بِخَلْطٍ فالنُّحاس لَه / وللأوائلِ صافيه من الذهبِ
سَمِينُ ما نحلوه من هُنا وهنا / والغَثُّ منهُ صَرِيحٌ غير مجتَلَبِ
يُسيءُ عَفًّا فإن أكْدَتْ وسائلُهُ / أجادَ لِصّاً شديدَ البأس والكَلَبِ
إنَّ الوليدَ لمغوارٌ إذا نَكَلتْ / نفسُ الجبان بعيدُ الهمِّ والسُرَبِ
عبدٌ يُغير على الموتى فيسلبُهُمْ / حُرَّ الكلامِ بجيشٍ غير ذي لَجبِ
ما إن تزالُ تراهُ لابساً حُللاً / أسلابَ قومٍ مضوا في سالف الحِقَبِ
شِعْرٌ يُغير عليه باسلاً بطلاً / ويُنشدُ الناسَ إياهُ على رِقَبِ
يقولُ مستمعوه الجاهلون به / أحسنتَ يا أشعر الحُضَّار والغَيَبِ
حتى إذا كفَّ عن غاراته فَلَهُ / شعرٌ يئنُّ مُقاسيه من الوَصَبِ
كأنه الغَرِقُ الشَّتْويُّ مَصرَدُهُ / بغير روحٍ وما للرَّوحِ والشَّجبِ
قل للعلاء أبي عيسى الذي نَصَلَتْ / به الدواهي نُصولَ الألِّ في رجَبِ
وآمنَ اللَّهُ ليلَ الخائفين بهِ / بَلْهَ النهارَ وضَمَّ الأمر ذا الشعبِ
أيسرقُ البحتريُّ الناسَ شعرَهُمُ / جهراً وأنت نَكالُ اللصِّ ذي الرِّيَبِ
وتارةً يُترِزُ الأرواحَ مَنْطِقُهُ / فالخَلقُ ما بين مقتولٍ ومُغتصبِ
نَكِّلْهُ إن أناساً قبله ركبوا / بدون ما قد أتاهُ باسقَ الخَشبِ
والحكُم فيه مُبينٌ غيرُ ملتبسٍ / لو رِيمَ فيه خلافُ الحقِّ لم يُصَبِ
إذا أجاد فأوجِبْ قطع مقوله / فقد دهى شعراء الناس بالحَرَبِ
وإن أساء فأوجِبْ قتلَهُ قَوَداً / بمن يُميتُ إذا أبقى على السلبِ
سلِّطْ عليه عُبيد الله إنَّ له / سيفين ذو خُطَبٍ تَتْرى وذو شُطَبِ
ما زال قِدماً وآباءٌ له سلفوا / أُسداً بها غَلَبٌ معتادة الغلَبِ
كم فيهمُ من مُقيمٍ كلَّ ذي حَدَبٍ / من الأمور على الإسلام ذي حَدبِ
قوم يَحلُّون من مجد ومن شرف / ومن عُلُّوٍ محلَّ البَيْض واليَلَبِ
حَلُّوا محلَّهما من كلِّ جُمجمةٍ / دفعاً ونفعاً وإيفاءً على الرُّتَبِ
وما يكن من حديثٍ صالحٍ لهُمُ / فصادرٌ عن قديمٍ غير مُؤتَشبِ
لهْفي لهزّ عبيد الله حربتَهُ / لثُغرةِ الثَّورِ ذي القرنين والغَبَبِ
وقد رماه بشُؤبوبٍ فأحْصَنَهُ / جَدٌّ وأَنجاه شؤبوبٌ من الهربِ
يا أيها السائلي عما أحلَّ به / مكروهَ بأسي لقد نقَّرت عن سببِ
عمىً من الجهل أدَّاهُ إلى عَطَبٍ / وغيرُ بدْعٍ عمىً أدى إلى عَطَبِ
يرى المَوارِطَ ذو عينٍ فيحذَرُها / والعُميُ فيها إلى الأذقان والرُّكبِ
يعيب شعري وما زالت بصيرتُه / عمياءَ عن كلِّ نورٍ ساطعِ اللَّهبِ
وما يزال طَوالَ الدهرِ مُنتخِباً / من كلِّ أمرين أمراً غير مُنتخبِ
بُرهانُ ذلك أَنْ لا شحمَ يعجبُهُ / وأن شهوتَهُ وَقْفٌ على العَصَبِ
ما أسمجَ ابنَ عُبيدٍ حين تفجؤهُ / والرِّدفُ في صعدٍ والرأسُ في صَبَبِ
مُجَبِّياً لِغَوِيٍّ قد تجلَّلَهُ / والعَرْدُ من ثَفَرٍ منهُ إلى لَببِ
وقد تعفَّرتِ الشمطاءُ فاكتسبتْ / لونين من غُبرةٍ فيها ومن شَهَبِ
والفحلُ يطعَنُ فيهِ غيرَ مُحتشمٍ / ولا مُجِلٍّ مكانَ الشِّعرِ والخطَبِ
بلى لَهُ حَبْضةٌ من خوفِ سلحتهِ / كحبضةِ الصَّقرِ يخشى سلحةَ الخَرَبِ
يا بُحتريُّ لقد أقبلتَ مُنقلباً / يوم اكتسبتَ هجائي شرَّ منقلبِ
أقسمت بالمانِحِي وجهاً أضنُّ به / عن السؤال وعِرضاً غيرَ مُنتهَبِ
ونُهيةً عصمتْني أن أُرى حَمِقاً / من باعةِ الرَّوحةِ الروحاءِ بالنصبِ
ما مُشتهٍ قُربَك المكروهَ ذا رَشَدٍ / يا قِربةَ النفطِ لا قُدِّستَ في القِربِ
وأيُّ نفطٍ كرشْح أنت راشحُهُ / سوادَ لونٍ ونَتْناً غيرَ مكتَسبِ
كم قائلٍ لك إذ مَسّتك قارعتي / دع السكونَ فهذا حينُ مضطَربِ
أصبحتَ تُدعى شقي الأشقياء لها / وأصبحتْ بك تُدعى ذِربةَ الذِّرَبِ
أبا عُبادةَ ذَرْ ما كنتَ تَنْسُجُهُ / وخذ لنفسك يا مسكينُ في النَّدبِ
قد كنت تعرفُ مني في الرضا رجلاً / حلو المذاقةِ فاعرفني لدى الغضبِ
تَعرِفْ فتى فيه طوراً مُجتَنى سَلَعٍ / للمُجتنينَ وطوراً مُجتنى رُطَبِ
هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني
هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني / فالشاعرُ العالم الأديبُ
ولابنِ بورانَ وجهُ عذرٍ / لأنه مُطرِبٌ مُصيبُ
وخالدٌ فهو قَحْطبيٌّ / مثلهما هاهَ أو قريبُ
ورَّاقُ ساباطَ لِم هجاني / عُثنونُهُ في استه خضيبُ
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا / غِنىً بما فيه من ذهن ومن أدبِ
لو استعنتَ بنفسٍ غيرِ أنفُسنا / أو غيرِ نفسك قابلناك بالغضبِ
لكن غَنيتَ بنفسٍ لا كِفاءَ لها / في النظم والنثر من شعر ومن خطبِ
ولا ملامَ على مُرتادِ مصلحةٍ / باع اللُّجينَ بضعفَيهِ من الذهبِ
فاعذِرْ على حسنِ ما ابتعت الخيارَ به / كما عذرناك يا ابن المجد والحسبِ
عُذراً بعذر وإلا رُحتَ مُحتقِباً / لوماً بلوم ولومي شرُّ مُحتقَبِ
وهاك دَرْجَكَ إنّا نابذون به / كما نَبذتَ بما قلناه من كَثَبِ
قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم
قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم / قُلتم بظنٍّ وبعضُ الظنِّ مكذوبُ
قالوا ألستَ تراهُ يا أبا حسنٍ / فَخْماً له قَصَبٌ ريّانُ خُرعوبُ
في جثةِ الفيلِ مَكْنياً بكنيتِهِ / ولا محالةَ أن الفيلَ مركوبُ
لا سيما وله وجهُ به قحةٌ / وعارضٌ كجبين الطير مَهْلوبُ
وحوله غِلمةٌ شُقْرٌ طَماطمةٌ / كلٌّ طويلُ قناةِ الظهر مَعْصوبُ
فقلت في دون هذا الأمر بيِّنةٌ / للمُستدِلِّ وعلمُ الغيب محجوبُ
ويحَ ابنِ يوسفَ ليت الويحَ عاجَلَهُ / فما يُدانيه في بلواهُ أيوبُ
الحرُّ يضربُهُ والعبدُ يضربُهُ / إن الشقاءَ على الأشقَيْن مصبوبُ
مَسَّاه بالضرب عبداهُ وصَبَّحهُ / بالضرب حرٌّ من الفتيان مشبوبُ
للَّه درُّ ابن بسطامٍ وصولتِهِ / يوم استهلَّ عليه منه شُؤبوبُ
مازال يضرب منه يوم صادَفَهُ / زيداً وزيدٌ بحكم النحو مضروبُ
ضرباً وجيعاً سوى ضربِ العبيد لهُ / والضرب ضربان مكروه ومحبوبُ
لا قُدِّستْ من أبي العباس جاعرةٌ / ماء الفَياشل منها الدهر مسكوبُ
فاضت مَنِيّاً وسلحاً يوم عزَّرها / سوطُ ابن بسطامَ حتى السوطُ مخضوبُ
يا من يُحاذرُ منه فَرْطَ بادرةٍ / عند الخطاب لها حَرُّ وأُلهوبُ
إذا تطاوَل يوماً في مُطالبةٍ / فكَنِّهِ يتطامنْ وهو مرعوبُ
وذاك أن أبا العباس غادَرَهُ / وقلبُه أبداً ما عاش منخوبُ
يُضحي ويمسي قراعاً من قَوارعه / كأنه بترات الخلق مطلوبُ
يُكْنَى فيرتاع من تمثيل كنيتِهِ / له ابن بسَطام إن الشرّ مرهوبُ
وسائلٍ ليَ عنهُ قلتُ مختلقٌ / لكنّهُ بهناتٍ فيه مثلوبُ
طولٌ وعرضٌ بلا عقلٍ ولا أدبٍ / فليس يَحْسنُ إلّا وهو مصلوبُ
ولي ينفع إلّا وهو منبطحٌ / تحت الغواة لِحُرِّ الوجهِ مكبوبُ
رمحٌ طويل ولكن في جوانبه / شتّى وُصُومٍ فخيرٌ منه أُنبوبُ
فيلٌ وأَوْزَنُ منه لو يُوازِنُهُ / في الحلم والعلم لا في الجسم يَعسوبُ
وَدَّ ابنُ يوسفَ لو جُبَّتْ مذاكِرهُ / وأنها باب نيك فيه منقوبُ
ياليتَ ثَفْرَ التي أدَّتْهُ كان له / وأنَّ أير أبي العباس مجبوبُ
كيما يكونُ له بابان تدخلُهُ / عُجرُ الفِياشِ من البابين والحوبُ
سيعلم الفَدمُ أني غيرُ تاركهِ / إلا وخُرْطومُهُ بالشتم معلوبُ
عرضتُ حمدي عليه فاستخفّ به / وإن حمديَ في قومٍ لمخطوبُ
وما المحامدُ ممن جُلُّ همّتِهِ / أيرٌ غليظٌ ومأكولٌ ومشروبُ
زيدٌ يظل عبيدُ اللَّه يخفضُهُ / أعجِبْ بذلك والمفعول منصوبُ
هل سُبّةٌ يا أبا العباس تعلمُها / إلا وأنت بها في الناس مسبوبُ
أم نُدبَةٌ يومَ تلقى اللَّه أنت بها / عند اصطبارك للتطعان مندوبُ
سُمِّيتَ أحمدَ مظلوماً ولستَ به / كلّا ولكنْ من الأسماء مقلوبُ
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا / ولن يدومَ على العصرَين ما اعْتقبا
أعزِرْ عليَّ بأن أضحتْ مناسبُهْ / بُدِّلنَ فيه وفي أيامهِ نُدَبا
سَقياً لأزمانَ لم استسقِ من أسفٍ / لمَّا تولّى ولا بكَّيت ما ذهبا
أيام أستقبلُ المنظورَ مبتهجاً / ولا أَحنُّ إلى المذكور مكتئبا
للَّه درُّك من عهدٍ ومن زمنٍ / لا يَبْعُدا بَعُدا بالرغم أو قَرُبا
إذ أصحبُ الدهرَ مغترّاً بصحبته / إذا أعارَ متاعاً خِلْتُهُ وهَبَا
لا أحسب العيشَ يَبلَى ثوبُ جِدَّتهِ / ولا إخالُ زماني يُعقِبُ العُقَبا
أغدو فأجني ثمار اللهو دانيةً / مثلَ الغصون وأرمي صيدَه كَثَبَا
بينا كذلك إذ هبّت مُزَعزِعةٌ / أضحى لها مُجتَنى اللذَّات مُحتَطَبَا
يا ظبيةً من ظباءٍ كان مسكنُها / في ظلِّ غُصني إذا ظلُّ الضحى الْتَهبا
فيئي إليكِ فقد هزَّته مُعْصفةٌ / لم تَتركْ وَرِقاً منهُ ولا هَدَبَا
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهةٌ / يدعونني البيضُ عمَّا تارة وأبا
وتلك دعوة إجلالٍ وتكرمةٍ / ودَدْتُ أنِّيَ معتاض بها لَقَبا
قد كنتُ أدعَى ابنَ عمٍّ مرّةً وأخاً / حتَّى تقلَّب صرفُ الدهر فانقلبا
واهاً لذلك في الأنساب من نسبٍ / لكنَّ يا عمِّ لا وَاهاً ولا نسبا
عجبت للمرء لا يحمي حقيقتَهُ / مسلوبةً كيف يحمي بعدها سلبا
قالوا المشيبُ نذيرٌ قلت لا وأبي / لكنْ بشيرٌ يجلِّي وجهُهُ الكُربَا
أليسَ يخبر مَنْ أرسى بساحتِهِ / أن اللَّحاق بحبِّ النفس قد قَرُبا
يا حُسْن هاتيك بشرى عند ذي أسفٍ / على الشبيبة والعيش الذي نضبا
لم يرعَ حقَّ شَبَابٍ كان يصحبُهُ / من لم يُحَبِّبْ إليه فَقْدُهُ العَطَبا
لو لم يجب حفظُهُ إلّا لأنَّ لهُ / حقَّ الرضاع على إخوانه وجبا
أخي وإلفي وتربي كان مولدُنا / معاً وربَّتْني الأيامُ حيث رَبَا
يضمُّنا حجْرُ أُمٍّ في رضاعتنا / وملعبٌ حيث نأتي بيننا اللَّعبا
إن الشباب لمَألوفٌ لصُحْبَتِهِ / تلك القديمة مَبْكيٌّ إذا ذهبا
والشيب مُسْتَوْحَشٌ منه لغربته / والشيْءُ مستوحشٌ منه إذا اغتربا
دع الخلافةَ يا مُعْتَزُّ من كثبٍ / فليس يكسوك منها اللَّهُ ما سَلَبَا
أترتَجي لُبْسَها من بعد خَلْعَكها / هيهات هيهات فات الضرعَ ما حُلِبَا
تاللَّه ما كان يرضاك المليك لها / قبلَ احتقابِك ما أصبحتَ مُحتَقِبا
حتى أدالك عنها ثم أبدلها / كفؤاً رضيّاً لذات اللَه مُنتَجَبا
فكيف يرضاك بعد الموبقات لها / لا كيف لا كيف إلا المينَ والكذبا
هذي خراسان قد جاشت غواربُها / تُزْجي لنصر أخيها عارضاً لَجِبَا
كالبحر ألقى عليه الليلُ كَلْكَلَهُ / وزَعْزَعَتْ جانبيه الريح فاضطربا
خيلٌ عليهنّ آساد مدرّبةٌ / تأجَّموا الأسَلَ الخطِّيَّ لا القَصَبَا
مُسْتَلْئِمُونَ حصيناتٌ مقاتلُهم / مُكَمَّمُونَ حبيكَ البَيضِ واليَلبا
والمصعبيّونَ قومٌ من شمائلهم / قتلُ الملوكِ إذا ما قتلهُمْ وجبا
هم الأُلى يَنصُرُون الحقَّ نُصْرَتَهُ / ولا يبالون فيه عَتْبَ من عتبا
الأوفياءُ إذا ما معشرٌ نَكَثُوا / والجاعلون الرضا للَّه والغضبا
قد جرّب الناسُ قبل اليوم أنَّهُمُ / مُعَوَّدُونَ إذا ما حاربوا الغلبا
يا من جَنَى لأبيه القتل ثم غدا / حرباً لِثَائِرِهِ صدَّقْتَ مَنْ ثلبا
يا أولياءَ عهودِ الشرِّ هَوْنَكُمُ / منْ غالبَ اللَّهَ في سلطانه غُلِبَا
لقد جزيتم أباكم حين كرَّمَكُمْ / بالعهد أسْوَأ ما يجزي البنون أبا
أضحى إمام الهدى أولى به صِلةً / منكم وإن كُنتُمُ أولى به نَسَبَا
هو الذي سلَّ سيفَ الثأر دونكمُ / لا يأتلي للذي ضيَّعْتُمُ طلبا
أقام في الناس عصراً لا يُخيل لها / ولا يُرشِّحُ من أسبابها سببا
وكان للَّه غيبٌ فيه يَحْجُبُهُ / عنَّا وعنه مع الغيب الذي حَجَبا
حراسةً من عدوٍّ أن يكيدَ لَهُ / كيداً يحرِّقُ في نيرانه الحطبا
بل عصمةً من وليِّ الصالحاتِ لهُ / كيلا يُجَشِّمَهُ حِرْصاً ولا تعبا
حتى إذا مهَّدَ اللَّهُ الأمورَ لهُ / وراضَ منْ جَمَحات الملك ما صَعُبا
تبلَّجتْ غُرَّةٌ غَرَّاءُ واضحةٌ / مثلُ الشهاب إذا ما ضَوْؤُه ثَقَبَا
أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها
أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها / جفاءُ مِثلك مثلي في نوائبِها
أما عجائبُ دنيانا فقد خَلُقتْ / والظلمُ منك جديدٌ من عجائبِها
قل لأبي القاسم المُرَجَّى
قل لأبي القاسم المُرَجَّى / قابلَكَ الدهرُ بالعجائبْ
مات لك ابنٌ وكان زيناً / وعاش ذو النقص والمثالِبْ
حياةُ هذا كموتِ هذا / فلستَ تخلو من المصائبْ
ومُستقرٍّ على كرسيِّه تَعِبِ
ومُستقرٍّ على كرسيِّه تَعِبِ / روحي الفداءُ له من مُنْصَبٍ نَصِبِ
رأيته سحراً يقلي زلابيةً / في رقَّةِ القِشْر والتجويف كالقَصَبِ
كأنما زيتُه المَغْليُّ حين بدا / كالكيمياء التي قالوا ولم تُصَبِ
يُلقي العجينَ لُجيناً من أناملهِ / فيستحيلُ شَبابيطاً من الذهبِ
مدحتُكُم طمعاً فيما أؤمِّلُهُ
مدحتُكُم طمعاً فيما أؤمِّلُهُ / فلم أنل غيرَ حظِّ الإثمِ والوصَبِ
إن لم تكن صلةٌ منكم لذي أدبٍ / فأجرة الخط أو كفارةُ الكذبِ
لله خالدٌ الطائيُّ من رجلٍ
لله خالدٌ الطائيُّ من رجلٍ / ثَبْتِ المقام إذا ما حُجّةٌ عَزَبَتْ
ناظرتُهُ في استِهِ يوماً فقلتُ لهُ / يا شيخُ ويحك أجْمِمها فقد تَعبتْ
خَرَّبتَها بالأيور النازلاتِ بها / فقال أخطأت بل لو عُطِّلت خَربتْ
الإست دارُ خراجٍ إن هي اجتُبِيتْ / خَرْجاً ولا دخل يأتيها فقد عطِبَتْ
فقلتُ شأنكَ والمحْجُوجُ معترفٌ / إن لم يُعانِد إذا ما حُجَّةٌ وجَبَتْ
يا حامدَ الله إذ لم يَكسُهُ نِعَماً
يا حامدَ الله إذ لم يَكسُهُ نِعَماً / إلا لأوحدَ وقَّاع على النُّكَتِ
يَهْنَئْكَ أنك لم تُنْعِم عليك يَدٌ / دُونٌ وأنكَ لم تُسْلَمْ إلى العَنَتِ
وأنَّ شكرك مرصودٌ بعارفةٍ / أخرى ستأتيك لم تُبخَس ولم تُلَتِ
وكيْفَ يُبخس من أضحى وليس لَه / إلّا إلى وجهِ بِرٍّ وجهُ مُلْتَفَتِ
أعني العلاء الذي لم يجرِ في أمدٍ / إلَّا وفات إلى القصوى ولم يُفَتِ
فَتىً كليلٌ عن الفحشاء مُنْصَلتٌ / على ابتناء المعالي كلّ مُنْصَلَتِ
كم مُفلِتٍ بالعلاءِ الخيرِ من عطبٍ / من بعد ما قَالَ إنِّي غير مُنْفَلتِ
وكلَّحَ الدهرُ من نابيْهِ عنْ عَصَلٍ / فيه المنايا ومن شِدْقيْهِ عن هَرَتِ
فالله يجزيه في دنيا وآخرةٍ / ذِكراً إذا ما أُميت الذكر لم يَمُتِ
يا من يشكُّ إذا عُدَّتْ مَنَاقِبُهُ / يكفيك ما قدَّمَتْ كفَّاه من ثبتِ
قل للأمير أدامَ اللهُ دولتَهُ
قل للأمير أدامَ اللهُ دولتَهُ / وزادَهُ في علوِّ القدرِ والصيتِ
ماذا يقول امرؤ قال الإلهُ لهُ / من اجتبيتَ لتجديد المواقيتِ
من ذا نُقيمُ مواقيتَ الصلاة به / حتى يقومَ على رغم الطواغيتِ
أترتضي لحقوقي رعي ذي عَوَرٍ / وقد جعلتك رَجماً للعفاريتِ
وقد فتحتُ عليك الشرقَ متصلاً / بالغرب لم تخلُ من نصر وتثبيتِ
ألم يكن قدرُ حقي أن توفِّيَهُ / إلّا أُعَيْوِرَ لا يُهدَى لتوقيتِ
لو كان حقلك ما راعيت موقِفَهُ / إلّا بأعين نُظَّام اليواقيتِ
لكنَّ حقِّيَ خسَّسْتَ الرقيبَ له / فَوَقْتُهُ الدهرَ مأخوذٌ بتنحيتِ
راعيتَ حقي بذي عينٍ مُقَوَّتةٍ / أجريت رزقي عليه غير تقويتِ
ماذا يكون جوابُ المرء حينئذٍ / أعاذك الله من لومٍ وتبكيتِ
طهِّر ثيابك ممن لا يؤهِّلُهُ / عند العُطاس ذوو التقوى لتشميتِ
طهِّر ثيابك ممن لا ثيابَ له / من ذنبه غيرُ أطمارٍ مَهاريتِ
سَيِّرْه عنك إلى رُسْتاق معجلةٍ / أو قفرةٍ من قفار الأرض سختيتِ
معادِنُ الزفت أولى أن تلائمَهُ / يا معدن المسك فانبُذْهُ إلى هِيتِ
أبا عليٍّ وظُلماً ما كُنيتَ بها / لقد ضَللْتَ بأَتياهٍ سباريتِ
كيف النجاة وقد أوغلتَ معتسفاً / ولست بين فيافيها بِخرِّيتِ
أقبلت أعورَ عُوَّاراً تحاربني / وما العواوير أكفاءُ المصاليتِ
ماذا دعاك بلا أجرٍ تطالبُهُ / إلى قتالك قُدَّامَ التوابيتِ
نبَّهتَ حربي وكانت عنك راقدةً / فاصبر لأنكرِ تصبيحٍ وتنبيتِ
كأنني بك قد قابلتَ نائرتي / بالخَرْق تخبط فيه خبطَ عمِّيتِ
كمُتَّقٍ لفحَ نارٍ يستعدُّ لها / بالجهلِ درعينِ من نفطٍ وكبريتِ
فكان عوناً عليه ما استعانَ به / وشتَّتَتْه يداهُ أَيَّ تشتيتِ
أصبحتَ أعيا أخي عِيٍّ وأهذَرَهُ / قُبحاً لكلّ غبيٍّ غير سكِّيتِ
يُلقيك في الغَيِّ عَيٌّ ناطق أبداً / ويسلم المرءُ ذي العِيّ الصَّميميتِ
خُذها تَبوعاً لمن ولَّى مُسوَّمةً / كأنها كوكبٌ في إثر عِفريتِ
إلفٌ لنا بارعُ الصفات
إلفٌ لنا بارعُ الصفات / غرابُ بَيْنِ المُغنِّياتِ
مُكدَّحٌ شهرَنا بكيٌّ / مطفَّلٌ فائقُ الثباتِ
لا يؤمنُ الناسُ من غُدُوٍّ / ولا رواحٍ ولا بياتِ
قد اشترى الدورَ من ذويها / وطالبَ القومَ بالبَتاتِ
يا مسلمونَ انفروا جميعاً / إليه أوْ اِنْفروا ثُباتِ
ذو رُقيةٍ من رُقى طُفيلٍ / يأخذُ بالعين كالسُّباتِ
أُغريَ بالمُحسنينَ وصفي / وهمُّهُ وصفُ محسناتِ
ووجهُ مظلومة هواهُ / وهمُّها في بني الفُراتِ
يصطبحُ الخمرَ كلَّ يومٍ / ولو على الريق والفُتاتِ
قد كنتُ أبكي على من ماتَ من سَلَفي
قد كنتُ أبكي على من ماتَ من سَلَفي / وأهلُ وُدِّي جميعٌ غيرُ أشتاتِ
فاليوم إذ فرَّقَتْ بيني وبينَهُمُ / نوىً بكيْتُ على أهل المودَّاتِ
وما حياةُ امرئٍ أَضحَتْ مَدَامِعُهُ / مقسومةً بين أحيَاءٍ وأمواتِ
بَنَفْسَجٌ جُمِعَتْ أوراقُه فحَكى
بَنَفْسَجٌ جُمِعَتْ أوراقُه فحَكى / كُحْلاً تشرَّبَ دمْعاً يومَ تَشْتِيتِ
ولازَوَرْدِيَّةٍ تزهُو بزُرْقَتِهَا / وسطَ الرياض على حُمْرِ اليواقيتِ
كأَنَّها وضِعافُ القُضْب تحملها / أوائلُ النَّار في أطرافِ كِبْريتِ
يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً
يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً / لقد سلكتَ إليه مسلكاً وَعِثا
لن يَقْلِبَ العيب زَيْناً من يُزَيِّنُهُ / حتى يَرُدَّ كبيراً عاتياً حدثا
قد أبرم اللّه أسبابَ الأمورِ معاً / فلن ترى سبباً منْهنَّ منتكثا
يا دافنَ الحقد في ضِعْفَيْ جوانِحِهِ / ساء الدفينُ الذي أمستْ له جدثا
الحقدُ داءٌ دويٌّ لا دواءَ لهُ / يَرِي الصُّدورَ إذا ما جمره حُرثا
فاسْتَشْفِ منهُ بصفحٍ أو معاتبةٍ / فإنما يبرأ المصدورُ ما نفثا
واجعلْ طلابَك للأَوتار ما عَظُمَت / ولا تكن لصغير الأمر مكترثا
والعَفْوُ أقربُ للتقوى وإن جُرُمٌ / من مجرمٍ جَرَحَ الأكبادَ أو فَرَثا
يكفيك في العفو أن اللّه قرَّظهُ / وَحْياً إلى خير من صلَّى ومن بُعِثَا
شهدتُ أنكَ لو أذنبت ساءكَ أن / تلقى أخاك حقوداً صدرُهُ شَرِثَا
إذَنْ وسرَّكَ أن ينسى الذنوبَ معاً / وأن تصادفَ منه جانباً دَمِثا
فكيف تمدح أمراً كنتَ تكرهُهُ / فَكِّرْ هُديتَ تُمَيِّزْ كلَّ ما اغتلثا
وليس يخفَى من الأشياء أقربُها / إلى السداد إذا ما باحثٌ بحثا
فارجع إلى الحقِّ من قُربٍ ومن أمَمٍ / وَلاَ تَمَنَّ مُنَى طفلٍ إذا مرثا
فمن تثاقل عن حقٍّ فبادَرَهُ / إليه خَصْمٌ سَفَى في وجهه وَحَثا
والفلْجُ للحقِّ والمُدْلي بحجَّتِهِ / إذا الخصيم هناكم للخصيم جَثَا
إني إذا خلط الإخوانُ صالحَهم / بِسَيِّئِ الفعلِ جِدّاً كان أو عبثا
جعلتُ صدري كظرف السَّبْك حينئذٍ / يَسْتخلصُ الفضَّةَ البيضاء لا الخبثا
ولست أجْعَله كالحوض أمدحُهُ / بحفظ ما طابَ من ماء وما خَبَثا
ولا أزيِّنُ عيبي كي أسوِّغَهُ / نفسي ولا أنطق البهتانَ والرَّفثا
تَغْبيبُ ذي العيب عَنْهُ كيْ تُزيِّنَهُ / حِنْثٌ وإنْ هو لم يحلفْ فقد حنثا
والعيبُ عيبان فيمن لا يقبِّحُهُ / فإن تجاهلَ عَيْبَيْهِ فقد ثَلَثَا
لا تجمعنَّ إلى عيبٍ تُعاب به / عَيبَ الخداع فلن تزداد طيبَ نَثَا
كم زخرفَ القولَ من زورٍ وَلبَّسَهُ / على العقول ولكنْ قلَّما لَبِثَا
إن القبيحَ وإن صنَّعْتَ ظاهرَهُ / يعودُ ما لُمَّ منه مرةً شَعِثَا
دعني وإيَّا أبي عليٍّ
دعني وإيَّا أبي عليٍّ / الأعورِ المُعْورِ الخبيثِ
لَيُمْطَرنَّ العذابَ حتَّى / تراهُ في حال مُستغيثِ
أهلاً وسهلاً أبا عليٍّ / نزلْتَ بالمنزلِ الدَّميثِ
عندي قِرىً غيرُ مُسْتَراثٍ / فكُن له غيرَ مُسْتريثِ
صبراً قليلاً أبا عليٍّ / تسمعْ غداً شائع الحديثِ
عندي هدايا من اللَّواتي / أهدى جريرٌ إلى البعيثِ
عندي لمن عَنَّ في سبيلي / وقام للنَّيْكِ كالنجيثِ
ما شاء من ديمةٍ رَكُودٍ / تَهْمِي ومن وابلٍ حَثيثِ
استغفر اللّه من تَرْكي علانيةً
استغفر اللّه من تَرْكي علانيةً / ذنباً هممتُ به في شادنٍ خَنِثِ
ظبي دعتْنيَ عيناهُ ومنطقُهُ / بِنيَّةٍ صدقتْ عن ظاهرٍ عبِثِ
فلم أجِبْهُ وحظِّي في إجابتهِ / لكنْ سكتُّ كأنِّي غير مُكترثِ
لا بل فررْتُ وظلَّ الصيدُ يطلبني / والله ما كنْتُ فيها بالفتى الدَّمِثِ
أقسمتُ باللَّه لمَّا قمتُ محتجِزاً / أنّي انبعَثْتُ بقلبٍ غيرِ منبعثِ
إن أنتَ صادفتَ شيخَ سُوءٍ
إن أنتَ صادفتَ شيخَ سُوءٍ / كأنما الذّقْنُ منه حِبْثَى
فاستَجر اللّه يا خليلي / وضع على حلقه الهِلَبْثا