المجموع : 201
بَحثَت عَن علة التأخير في زَمَني
بَحثَت عَن علة التأخير في زَمَني / وَالجدّ من شيمي وَالمَجد يعرفني
فَقُلت يا قَوم ها نطقي وَها قَلَمي / كِلاهُما شاهِدي في السر وَالعَلَنِ
فَأَيّ ذَنب بِهِ الدُنيا تعاقبني / وَأَيّ نَقص سِوى فَضلي يُؤخّرني
فَقيلَ إِن العُلا أَخطأت سُلَّمها / إِذ لَم تَكُن ذا نفاق للوَرى وَدني
وَعادة الدَهر أَن يَصفو لجاهله / وَلم يَزل كَدِراً للماجد الفَطن
إِني أُحوّل أَحوالي لتجهلها
إِني أُحوّل أَحوالي لتجهلها / مِن حَيث تعلمها ما بين إِخواني
أَحتال في مجلسي كَالشَمس في فلك / وَكُل فَرد يَرى ما يُنكر الثاني
وَها أَنا وَهيَ لَو حققت حالتنا / لا شَكَ واحدة فَاللون كَالشان
حَمراءُ مُشرقةً بَيضاءُ ضاحيةً / صَفراءُ غاربةً وَالكُل في آن
كَما تَراني مَهموماً وَمنشرحاً / فَتزدريني وَتَرجوني وَتَخشاني
بشراك أَوطاننا باليمن فابتهجي
بشراك أَوطاننا باليمن فابتهجي / وَاستقبلي من زَمان الانس ما منحا
فَهَكذا الفَوز وَالعليا تؤرّخه / مصر بعز أَفندينا همت مرحا
الدَهر أَقبل بالإِقبال مَسرورا
الدَهر أَقبل بالإِقبال مَسرورا / وَالملك عز وَأَضحى الأَمر مَيسورا
وَلاحَ بَدرُ التَهاني في سَما شَرَفٍ / يَمحو بِشامل هَذا النور دَيجورا
فَروّح الفَرْحُ رُوحاً طالَ ما حزنت / وَواصل الجفن غمضاً كان مَهجورا
وَجمّع النَصر شَملاً كانَ مفترقاً / فَرُدَّ عَنهُ العِدا صَرعى مداحيرا
وَأَيد اللَه تَوفيق المَليك عَلى / رَغم الألى دمّروا الأَوطان تَدميرا
فَالحَمد لِلّه إِذ والى نعائمَه / وَأَصبَح اليَوم سَعيُ المَجد مَشكورا
فَالآن عززنا المَولى بنصرته / وَالآن قَد قارن التَدبير تَقديرا
فَيا زَمان التَهاني دم لَنا فَلَقد / عادَت أَعاديك في خزي مخاسيرا
وَيا مُنى النَفس عادَ الأنس فاحْظَ بِهِ / وَيا صَفا القَلب قَد فارقت تَكديرا
هَذا الخديو الَّذي يَسمو الزَمان بِهِ / وَافى وَيقدمه الإِجلال مَوفورا
هَذا الَّذي سرّت الدُنيا بطلعته / فَكرّرِ الشُكرَ للرحمن تَكريرا
قَدمت مَولاي بالرحمن منتَصِراً / ودامَ ملكُك بِالتَعزيز مَعمورا
مُرِ الزَمانَ وَأَهليه فَقَد خَضعت / لَكَ العِداةُ جَماهيراً جَماهيرا
وَاحكم بما شئت فيما رمت محتكماً / بحكمة تترك الصَنديد مَذعورا
وَاستعمل السَيفَ في رَأس علا فَطَغى / حَتّى غَدا بخمور الغَيّ مَخمورا
فَكَم رَأفتَ بهم حلماً وَلنتَ لهم / فَضلاً وَأَصبَح ذاكَ العرف مَنكورا
وَكَم منحتهم من نعمة فَأَبوا / شكرانَها وَغدا ما جدتَ مَكفورا
أَوليتَهم ما رعوا أَحسنتَ ما عَرفوا / رحمتَهم أَجرموا حَتّى اِغتَدوا بورا
فَاشدد لأعناقهم أَغلال ذلتهم / فَطالَ ما طوّقت فَضلاً وَتيسيرا
لا تجعلنَّ لهم في العفو مطمعةً / وَاجعل جزاءهم قتلاً وَتَتبيرا
عرّفهمُ بلسانِ السيف ما جلهوا / من الحدود التي جازوا لها سورا
وَطهر الأَرض منهم إِنَّهُم نجسٌ / وَاجعل لهم من ذُباب السيف تطهيرا
وَاجعلهم عبرةً للسائرين فكم / كانوا بفضلك في الدُنيا مشاهيرا
هذا جزا فئةٍ خانَت بما فجرت / لم تَخشَ حَقاً وَلم تلزمه توقيرا
هَذا جزاءٌ وفاقٌ طبق ما اجترموا / فَطال ما اجترحوا من سيِّئٍ جورا
كم رمّلوا من مصوناتٍ مخدّرةٍ / أَضحت محاجرها غرقى محاسيرا
كَم روّعوا من قُلوب لا قَرار لها / كَم فَجَّروا أَعيُناً بالحزن تَفجيرا
لَم يرقبوا اللَه في دينٍ وَلا وَطَنٍ / بغياً وَغيّاً وَإعداماً وَتغريرا
لَو أَنهم انصفوا الأَوطان ما جلبوا / حرباً وَلا اتّبعوا للحرب شرّيرا
لا تبق منهم وَلا ترأف بذلتهم / وَمر بهم وَاجعل الصمصام مأمورا
أَذقهم اليوم ما بالأَمس قَد فعلوا / وَاذكر لهم سيئاً جمّاً موازيرا
وَاجعل لبيض المواضي في رقابهمُ / صَدى نداهم ليبكي اليَوم زنجيرا
فَطالَ ما بتُّها سَوداء مظلمة / أَنادم الغيظ تعريفاً وَتنكيرا
وَطالما طاف بي هَولٌ أَهوّنه / وَأتبع الظن تصديقاً وَتَصويرا
فَالحَمد لِله يا مَولاي عدتَ لَنا / وَقَد نَظمت من الأَلباب مَنثورا
وَالعذر لي عَن قُصوري في مَديحك إِذ / طُول الهُموم أَعار الذهن تَقصيرا
وَاسلم وَدُم وَاحتكم وَاحكم فَأَنتَ لَنا / رُوحٌ نَعيش بِها دَوماً أَداهيرا
فذا قدومك وَالعليا تؤرّخه / تَوفيق عاد مَكين الملك مَنصورا
بَدا الهنا وَالمُنى في حسن تَنسيقِ
بَدا الهنا وَالمُنى في حسن تَنسيقِ / وَاللَه عزز آمالي بِتَحقيقِ
وَالنَصر وَالفَتح وَافانا فَعززنا / لَما رَمى اللَه أَعدانا بِتَمزيق
وَالعَصر وَالمَصر ذا زاه وَذي فَرحت / وَاستبشرت بَين تَزيين وَتَأنيق
فَتلك لَيلاتنا بِالنُور مسفرة / تَزهو وَأَيامنا أَيام تَشريق
وَذي القُلوب اطمأنت وَالعُيون غَفت / مِن بَعد طُول جَوى فيها وَتَأريق
وَذي الجَماهير في أُنس مجمعة / لَما اِنمَحى جَمع من عادى بِتَفريق
وَذي دَعائم بَيت الملك قَد رَسخت / عَلى قَرار مَكين الأس مَوثوق
وَالحُكم للدور فيما قلته قِدَماً / وَرُبَّ توسعة مِن بَعد تَضييق
فَكَم لَيال أَجنّتنا غياهبُها / وَالحَزم أَعينه في غمض ترنيق
وَكَم صَباح نَرى حرّ الهجير بِهِ / وَما لَنا من ضياه بَعضُ تَأليق
نُمسي حَيارى وَتمسي الأَرض واجفة / وَنصبح الصبح في رَجف وَتخفيق
يُعالج الحرُّ ذوقَ المرّ يجرعه / عَبّاً وَرشفاً إِلى أَن مَلّ مِن ريق
يَمشي العَزيز ذَليلاً في مَناكبها / وَالهام خافضة في رفعة السوق
أَيام ما يعرف الإِنسان يُنكرُه / من الدنا بين مَكروه وَمَعشوق
حَيث اكفهرّ ظَلامُ الظُلم تتبعه / سُحبُ العَنا بَين تَفتيق وَتَرتيق
حَيث الوُجود تَشهّى أَهلُه عدماً / وودّ لَو كانَ فيهِ غَير مَخلوق
يا بئسها فئةً بالغيّ طاغيةً / بطيئها في ضلالٍ غَير مَسبوق
أَذاقَت الأَرض بُؤساً وَالسَماء أَسىً / وَكدّرت صَفو ذي قَيد وَمَطلوق
وَعممت وَيلَها الأَوطانَ إِذ فجرت / وَخصصت أَهلَها للجور وَالضيق
لَم تُبقِ عَيناً بِلا سهدٍ وَلا تَركت / قَلباً بسهم جَفاها غَير مَرشوق
تجمهرت وَجَرت في غَيها وَبَغَت / وَدمّرت بَين تَغريق وَتَحريق
جارَت بِما اِرتكبت جالَت لما ركبت / تاهَت بِما اِنتَهَبَت أَغرت بِتَلفيق
لَم يَحفظوا حرماً لم يَرحموا أُمماً / لَم يَشكروا نعماً شكران مَرزوق
فَجرّدوا القهر سَيفاً أَيّ منصلتٍ / وَفوّقوا الغَدر سَهماً أَي تَفويق
جابوا البِلاد كَما خانوا العباد وَهم / يَستطلعون طَريقاً غَير مَطروق
فَكُلُّ بابِ ذمارٍ غَيرُ مفتتح / وَكُل بابِ دَمارٍ غَير مَغلوق
كَم حرّموا مِن مباح القَول وَاحتجروا / كَم حللوا من دَم بِالظُلم مَهروق
عَصوك بَعد الأَيادي الغرّ إذ جحدوا / نعماك شيمة كَفّار وَزنديق
مدّوا يَداً طالما أَوسعتها كرَماً / فَردّها اللَه في غلٍّ وَتَوثيق
تاهوا بِأَثواب آلاءٍ فجرّدهم / عَنها الجَزاءُ وَبزّوها بِتخريق
أَرويتَهم من بحار الجُود فابتدروا / طامى الخضمّ فأرداهم بتغريق
وَمَن يَكن يَجحد النَعماء يحرمها / مَهما صفت وَضفت تُلهى بِتشويق
أَلم تَر اليَوم أنَّ اللَه نكّلهم / فَشُهِّروا بَين أَوربّي وَأفريقي
دَهتهمو منك شَعواءٌ مزلزلةٌ / فَدكدكوا بَين مَثبور وَمَمحوق
عَموا عَن النُور حَتّى جاوزوه وَقَد / أَصلاهمُ النار عَدلاً حُكم تَطبيق
كانَت ظلالك تَحميهم وَكُنت بهم / برّاً رَؤوفاً وَكانوا بئس مشفوق
كانَت أَياديك بِالأَلطاف تشملهم / شقوا عصا الدين فارتدّوا بتشقيق
كانَت عَواطفك الحُسنى لَهُم كنفاً / لَكن بَغوا فاغتدوا في خزي تَعويق
سَقاهُم الغيّ أَقداحاً بِها سكروا / فَأَتبعوها براووق وإبريق
لَو أَنَّهُم حَفظوا النَعماء ما جحدوا / وَبايَنوا بَين مَفهوم وَمَنطوق
وَالحَمد لِلّه ردّ اللَه كَيدهمُ / فَأَصبَحوا حطباً في نار تَرهيق
وَعَدت باليمن وَالإِقبال مُنتَصِراً / معززاً بَين تَشريف وَتَشريق
فَعمّنا الأَمن في أَهل وَفي وَطَن / وَجادَنا الغَيث ذا طل وَتَوديق
وَاستبشرت مَصر إِذا وافيتها فَرحا / فَأَعرب القَول عَنها كُل منطيق
فَاستأصل الداء حَتّى لا تُعالجه / وَامحق رَماد دَمار غَير مَمحوق
فَالداء يعضل إِن طالَ الزَمان بِهِ / أَمر تصوّره بُرهان تَصديق
سَلسل رِقاباً كَما طوّقتها نعماً / لَم تَرع وَليَجْزِ تَطويق بِتطويق
وَدم فَأَنتَ جَمال القطر عزته / وَدام ملكك في عز وَتنسيق
إِن العَنايات قَد قالَت مؤرّخة / مَجد الزَمان بِتاج الملك تَوفيق
الحَمد لِلّه جاد الدَهر فابتسمت
الحَمد لِلّه جاد الدَهر فابتسمت / أَيامه وَصفت للكل أَنعمُهُ
وَالملك إعزازه بالصفو أَرّخه / عز الخديو وَنصر اللَه يَقدمُهُ
نادى الهَناء فَدانى الأُنسُ نادينا
نادى الهَناء فَدانى الأُنسُ نادينا / وَزار غَيث المُنى فاخضرّ وادينا
وَجاد عَصر التَلاقي بَعد فرقتنا / فَأَقبل الصَفو في الدُنيا يُوالينا
يا حَبَّذا ما يَروق العَينَ مَنظرُه / مِن الزَمان الَّذي أَحيى أَمانينا
وَحَبذا ما يسرّ القَلب مِن فَرَح / جاهٍ يَعزُّ وَإقبالٍ يُوافينا
فَيا بَني مصر سودوا غبطةً وَصفاً / وَاستبشروا واجعلوا البُشرى أَفانينا
وَانسوا هموم نُفوس كاد يوئسها / مِن الحَياة وَأَهليها المضلونا
وَاستقبلوا الدَهر بساماً به طربٌ / يَروقنا وَيُحَيّينا فيُحْيينا
فلتغفُ أَجفانُنا من بَعد ما سهرت / وليَسهر الليلَ من لم يسهروا حينا
وَليرغد العيش في أَهل وَفي وَطَن / وَلتزدهي مصر تَوطيداً وتَوطينا
وَليبذخ الملك وليصفو الوجود فَقَد / وافى وَشرّف وادينا أَفَنْدينا
لذاك أَصبحت الأَيام مسفرةً / نَضيرةً وتصافيها ليالينا
فَالأَرض مزدانةٌ وَالجَوّ مبتسمٌ / وَالصَدر بَينهما يَلقى تَهانينا
اللَه أَكبر ما أَبهى الزَمان بِهِ / إِذ عَمَّنا فضلُه عَزّاً وَتَمكينا
مَولاي لا زلتَ بالإِقبال محتكماً / تَحمي بِأَحكامك الأَوطان وَالدينا
إِن الأُلى خالفوا التَوفيق قَد خُذلوا / إِلى السُجون وَقَد يَلقون سِجّينا
فَأَشفِ أَكبادَنا مِنهُم بِما اجترحوا / وَاَفرِحْ بتعذيبهم سَيفاً وَقانونا
فَأَنتَ أَنتَ أَبو العَليا وَناصرُها / لا زلت مالكها وَالمعتلي فينا
أَدامك اللَه في عز وَفي شَرَف / فَإِن هَذا من الأَيام يَكفينا
راق الزَمان وَقَد رَقّت سَجاياهُ
راق الزَمان وَقَد رَقّت سَجاياهُ / وَالبشر أَسفر بِالبُشرى مَحيّاهُ
وَالقَلب قَد شاقه صَفوُ الوُجود كَما / جَلى العُيون تَجلّى حسنُ مرآه
اللَه أَكبر ما أَبهى تَناوُلَنا / كَأس السُرور وَما أَحلى حميّاه
فَجَمعُنا آنسٌ وَالصَدر منشرحٌ / وَكلنا فاخر بِالمَجد تيّاه
بَين المنى وَالتَهاني كُلنا فَرِحٌ / يَضمنا كنفٌ نسمو بعلياه
يقلُّنا من وَطيد الأَمن منبسطٌ / يُظلُّنا شاملٌ وَالعز وَالجاه
فقم بنا نغتنم فالدَهر مبتسمٌ / وَالعَصر وَالمصر صفو النصر حَيّاه
فَاليَوم عيد جلوس الشَهم ذي المنن ال / قصوى الخديويّ أَعلا شَأنه اللَه
ذاك الخديو الَّذي مصرٌ بِهِ عرفت / أَمنَ الجَناب لِما يَرعى رَعاياه
بِالحَزم في عَزمه أَجرى الأُمور كَما / يُسابق الجدّ ما توحي نَواياه
برقةٍ وَاعتدالٍ في حكومته / لا عدل تبكي وَلا ظلم فتخشاه
للدين حكمٌ عليه نافذٌ أبَداً / وَحكمه نافذ في أَمر دُنياه
فَحبذاك خديوينا الجَليل لَقَد / بَرَّا بِنا جدُّه فينا وَجَدواه
فَهَنِّ مصرَ وَمن فيها بعيد عُلاً / أَعاده اللَه في عز وَأَبقاه
وَدام ما دامَت الدُنيا وَبهجتُها / كَما يَشاء مِن الدُنيا وَيَهواه
المَجد يَعرفُ مَن يَسمو بخدمتهِ
المَجد يَعرفُ مَن يَسمو بخدمتهِ / وَالحُكم يعلم من يَسمو بحكمتهِ
وَصالح الأَمر يَدعو من يَقوم لَهُ / بِالقسط فيهِ فَلم يُهمِل وَلم يته
وَالعَدل للفضل مُشتاق فإن بعدت / لقياه عَنه سَعى في نَيلِ وُصلته
وَللحقوق يَدٌ يا طالما بُسطت / تَرجو معزّاً لَكي تَحظى بمنعته
حَتّى استجيب لَها وَالدَهر ساعدها / وَحاد في مكرهٍ عن سُوء نيته
وَأَنجز السعد وَالتَوفيق عزّزها / بذي كَمال وَحيد في سجيته
وَأَصبَحت بجزيل الشكر قائلة / قَدري جليل وَلي علم بقدرته
هذا الهمام الَّذي الأَيام تحمده / وَالعلم وَالحلم فيهِ بَعض شهرته
بحار أَقلامه سكرى بِما سُقيت / مِن المَحابر أَو مَعنى رويته
وَيَعجب الدست مِن هَذا الوَقار كَما / يفاخر الحَزم في مَعنى عَزيمته
حَسبُ النظارةِ هذا الشَهم ناظرها / لا شَك في أَنَّها سادَت بنظرته
فَاليَوم قَد بشرت بِالمَجد إِذ حظيت / بِأَمره وَاغتدت تَزهو بإمرته
فَإِنَّها بِالصَفا قالت مؤرّخة / قَدري سَما بِسَنا قَدري وَهمته
رَوض الهَنا اليَوم قَد حيّتك زهرتُهُ
رَوض الهَنا اليَوم قَد حيّتك زهرتُهُ / وَالسَعد أَقبل فيما شئتَ نضرتُهُ
وَأَشرق الكَوكب الوَضاح في شَرَفٍ / البَدر يَزهو بهِ وَالشَمس غرّتهُ
وَالأنس أَسفر عَن وَجه السُرور وَفي / مَغنى الحبور تَجليه وَجلوته
إِذ أَنعم اللَه بِالنُعمى لشاكره / وسرّه الدَهر لا زالت مسرّته
وَأَقبل اليمن وَالإِقبال يُنشدُه / هَذا زَمان الصَفا وَافتك صَفوته
فَيا نَديميَ هَذا الدَهر جاد لنا / وَذي لياليه زانتها أَهلّته
وَالعين في قرةٍ وَالصَدر مُنشرحٌ / وَالكُل في فَرح وافته مَنيته
فقم لنغنم حسو الأنس إِذ جليت / أَكوابه وَصفت فيها أَشعته
فَهَذِهِ النَفس تَزهو راقَها طَرَبٌ / وَالقَلب نَحو الهَنا تَدعوه صَبوته
وَشاكر قَد حَباه اللَه شبلَ علا / ميلاده لا تَزال الدَهر بهجته
فَيا أَخا الجاش حَيث الجاش في وَجل / وَذا اليراع مَتّى تَدعوه حكمته
وَيا فَتى الجدّ وَالجاري عَلى سننٍ / من الفتوّة لا تَنبو رويته
إِني أَهنيك بِالمَولود في شَرف / السَعد إقباله وَالعز شيعته
شبل العرين سَيبدو بعد لَيث وَغَى / هِلال مَجد سَترقى السَبع عزته
فَدُم بِهِ واقتبل مِن يُمن طالعه / بُشرى السُرور الَّذي تَلقاك زَهوته
هَذا الهَنا بِالَّذي تَهواه أَرّخه / محمد شارف الأَكوان طَلعته
جاد الزَمان بِما نَرجوه مِن منحِ
جاد الزَمان بِما نَرجوه مِن منحِ / فَروّح الرُوح بَين الراح وَالقدحِ
فَإِنّ أَهنا مَساء لَيلُ مغتبقٍ / وَإِنّ أَجلى صَباحاً صبح مصطبحِ
قُم نجلو ياقوتةً حَمراءَ ما جليت / عَلى فُؤاد وَأَضحى غير منشرحِ
في كَأسها لهبٌ دارَت بِهِ شهبٌ / نَرمي بِها الهَمَّ بَين الأنس وَالملَح
يَسعى بِها قمرٌ تَهوى لَهُ زمرٌ / لَولاه لَم أَغد مخموراً وَلم أَرُح
رُوحي الفِداء لَهُ جسمي الهباء بِهِ / إقبالُه فَرحي إعراضُه تَرحي
جلّ المصوّرُ كلُّ الحسن لازمه / ما بَين مِنكتمٍ مِنهُ وَمتضح
يَقول خذها هَنيئاً وَهيَ صافية / وَقرّ قَلباً وَعَن عبء العَنا أَرح
أَما تَرى الأنس قَد شيدت قَواعده / وَنادى فيهِ مُنادي البشر بالملح
وَمن سَماء المَعالي لاح كَوكبها / وَكان من قبل لم يشرق وَلم يلُح
وَرَوضة الفَل قَد جادَت بزهرتها / فَقام طير التَهاني رافع الصدح
يَقول يا نعم مَولود نسرّ به / فَنَحنُ ما بين مَمنون وَممتدح
كريمة لعزيز ما له مثل / من رام يَحكيه في عَلياه يَفتضح
لذلك الصَفو عَن أَنس يؤرّخها / زكية شرّفت باليمن وَالفَرح
راحُ الهَنا راقَ في نادي المُنى وَصفا
راحُ الهَنا راقَ في نادي المُنى وَصفا / وَأَنجز المَجدُ وَالإقبالُ ما وَصفا
وَأَقبل الطالع المَيمون طائرُهُ / فَاخضر أَيكُ الرضا فيما نشا وَضفا
وَللمسرّة بِالأَحباب كُلُّ بَهاً / وَللحبور بذاك الجَمع جُلُّ صفا
فَالعين في قِرّةٍ وَالقَلب في فَرحٍ / توافقا في سعودٍ نوعُه اختلفا
العين حائرةٌ في حسن ما نظرت / وَالقَلب مبتهجٌ من حسن ما أَلفا
فَيا نَديميَّ هَذا الجَمع مُشرِقَةٌ / أَقمارُه وَدراريه رَقَت شَرَفا
فَبادرا واغنما صفوَ الزَمان فَما / نَرجوه وَالَى وَما نَخشى بِهِ سَلفا
وَعاطياني رَحيقاً يَستهيمُ بِهِ / قَلبُ الحَليم وَيَعشو نَحوه الظُرَفا
حَيث الرِياضُ زَهَت حَيث النَهورُ جَرت / حَيث الحَمام عَلى أَغصانه هَتفا
حَيث الأَهلة تَسعى بِالشُموس عَلى ال / أَملاك في فلكٍ كلَّ المُنى اِكتَنَفا
ساقٍ يسلسل قَبل الشُرب منطقَه / مدامةً وَنَديمٌ بِالنُهى عُرفا
وَجَمعُ شَملٍ وَدهرٌ طائعٌ وَهَوىً / بِالأُنس مكتملٌ حَيث الحَبيب وَفى
فَأَيُّ عذرٍ عَن اللذات يَمنعُنا / يا حلبةَ النُدَما يا عزة الخُلَفا
وَأَيُّ شهمٍ مِن الدُنيا يفاخرُنا / وَنحن نصحبُ عبدَ الخالق بنَ وفا
السَيدَ المجتبى من بيت مكرمةٍ / بَيتِ النبوّة وَالسادات وَالخُلَفا
بَيتٍ دعائمُه مجدٌ وَمَحمدةٌ / وَشَأوُه بِالندى فَوق السُهى وَكَفا
من عنصرٍ كان خَير الخَلق مسندَه / وَنسبةٍ دونَها رَبُّ العُلا وَقفا
وَسوددٍ وَجَلالٍ زانه عِظَمٌ / بقدره الدينُ وَالدُنيا قَد اِعترفا
لا يَنزل المَجد إِلا في مَنازلهم / هَذا المَقال وَسل عن سالفٍ خلفا
تِلكَ المَكارم لا عن كسبِ مكتسبٍ / هَيهات يبلغ جدٌّ ما الإلهُ أَفا
فَيا ابن بنتِ رَسول اللَه معذرةً / من ذي قصورٍ بأمداحٍ لكم كَلِفا
ماذا يقول وَجبريلٌ ممجّدُكم / وَاللَه مادحُكم في قَوله وَكَفى
أَنتُم بقيةُ نور اللَه هَديُكُمُ ال / مقصود في ظُلَم الأَهواء ليس خفا
فيكم عِنايتُه منكم هدايتُه / ما ضل غايتَه من نحوكم عكفا
الدين يشكر وَالدنيا تقرّ بما / أَوليتمو من كمالٍ ظلُّه وَرفا
لَو شاءت الشَمس أن تحكيكم انكسفت / أَو حاول البدر أن يشبهكم انخسفا
هيهات يحصي ثناكم مدحُ ممتدِحٍ / أَو ينفدَ البَحرُ مدّاً وَالفَضا صُحُفا
وَإِنَّما بِكمو تَزهى مدائحُه / فَتُرتَضَى وَلِدُرٍّ تَقصُدُ الصَّدَفا
وَهَذهِ بنتُ فكرٍٍ شاقها لكمُ / إخلاصُ ودٍّ وَقَلبٌ بِالثَنا شُغِفا
وافت تهنّيك إِذ قالت مؤرّخةً / عيدٌ كَبيرٌ بعبد الخالق بنِ وَفا
من تعل همّتُه يعلو له الشانُ
من تعل همّتُه يعلو له الشانُ / فَإِنَّما المَجد آثارٌ وَأَعيانُ
فَلَيسَ يَخفض مَن همّاتُه ارتفعت / فَلم يَرعه منَ الأَعداءِ عدوانُ
لِلّه درّ همام ماجد بَطلٍ / وَفَى العُهودَ وَجورُ الدَهر خوّان
بِالفصل قال وَبِالحَق الجليّ قَضى / وَكافح الضدّ وَالرَحمنُ معوان
أَدى النَصيحة عَن أَهل وَعن وَطَن / في مَوقف بُؤسُه للباس عُنوان
لَم تثنه عن وَلا مَولاه داهمةٌ / مِن الرِجال وَإِن شدّوا وَإن لانوا
وَهَكذا الحرّ في الصَعب الجليّ يُرَى / إِن الحَوادثَ للأَبطال ميزان
فَاكتب عَلى الدَهر آثاراً مؤرّخة / وَفَى ذمارَ جَمال الجدّ سُلطان
أَهلاً بِوافدة تُهدي الحَشا تَبَلا
أَهلاً بِوافدة تُهدي الحَشا تَبَلا / قَد أَوصلت حَبل وَجدي بَعدما انفصلا
وَافت فهِمتُ بِها حَتى نثرتُ لَها / لآلئَ الدَمع إِكراماً لِمَن نَزَلا
سَكبتُ دَمعيَ حَتّى قيل أَغرقه / وَصحتُ وَجداً إِلى أَن قيل قَد ذهلا
وَتُيِّمَت مهجةٌ حَراءُ قَد فنيت / لَولا قطينُ الأَماني خلتُها طللا
وَارحمتَا لمحبٍّ فيكمُ كمدٍ / لَو شامهُ شامتٌ في الحُب ما عَذلا
وَحسنَها آنةً بالأنسِ ما ذُكِرَت / إِلا بَكيتُ وَحَق الجفن ما انهَملا
فَكَم أَرجِّي زَماني وَهوَ يَمنعني / عوداً لفائتِ أُنسٍ بَدرُهُ أَفلا
يا مَن بِهِ همتُ حَتّى لذَّ لي وَلهي / لا كانَ يَومٌ قَضى تَفريقَنا وَخلا
فَنيتُ وَجداً فَلولا الحَزم لافتضحت / سَرائري وَأَذاع الصَدرُ ما اِحتَمَلا
أَحبابَ قَلبيَ لَو عاينتمُ وَلهي / بَكيتمُ مدنفاً أَمضى الصِّبا أَملا
يَميل إن تَسرِ أَرواحُ الصَّبا طَرباً / مِن حيِّكم فَتخال الصَبَّ قَد ثَملا
يا سادَتي وَأَنا العَبد الذَليل بِمَن / أَذلَّني أَترى ما جئته قُبِلا
إِني أَراني وَلاصَبراً أَصون بِهِ / سرَّ الغَرام وَلا حَزماً يَقيني وَلا
يَرق لي الشامت المرتاح خاطره / يا خاطراً في فُؤادي صَدّ أَو وصلا
إِن قُلت ياقَلب هَل صَبري بمنتصر / يَقول كَلا فَإِن الصَبر قَد خذلا
فَالقَلب ذابَ جَوىً وَالعَين قَد فَنيت / مِنها الدُموعُ وَقَد ضَلَّ النُهى السُبلا
فَيا أَخا الحُب قُل لي بَعدُ هَل رَضيت / عَني الصَبابة إِذ صيرتني مثلا
بِالحَزم وَالعَزم وَالأفكار وَالحِكَمِ
بِالحَزم وَالعَزم وَالأفكار وَالحِكَمِ / تَنالُ من لَم يُنَل بِالسَيف وَالقَلمِ
وَبِالتَأمّل فِيما أَنتَ آملُهُ / حسنُ العَواقب مَكفولٌ لذي الهمم
وَفي اختيارك أَسبابَ العُلا مددٌ / لِما ترجّيهِ من تحسينِ مختتم
وَفي استهانةِ صَعبِ الأَمرِ مكرمةٌ / وفي احتمال الشَقا بابٌ إِلى النعم
وَفي دفاعك كيدَ الخَصمِ محمدةٌ / وَالحَظُّ في الفَوز مَقسومٌ مِن القِدَم
فَاذكر مَقالَ عَدوٍّ وَاحتمالَ أَخٍ / وَاحفظ بجاهك رُكناً غَيرَ منهدم
وَلا تنم فَالَّذي عانيت منتبهٌ / وَأَنتَ تَعرفُ كَيدَ الخَصمِ وَالحكم
وَاجف الأَماني وَخذ بالجد واعط بِهِ / فَالجدّ بالجدّ حامي النَفس عَن نَدَم
وَسر لتبليغ ما أَمّلتَ غايتَه / وَارجع حَميداً عَزيزَ الجار ذا ذِمَم
لا يَرتضي الذلَّ من كانت سجيتُه / حُبَّ المَعالي وَيَخشى ذلة القدم
وَادفع بحزمك عن مَجدٍ وعن حَسبٍ / وَاخش التَواريخَ بَين العُرب وَالعَجَم
أَراك بادي الهَوى مَفتونَ أَشجانِ
أَراك بادي الهَوى مَفتونَ أَشجانِ / فَهل شَجاك الَّذي يا صاحِ أَشجاني
وَهَل مَررتَ قَريباً مِن ديارهمُ / فَعندك اليَوم مِن أَخبارِ جيران
وَهَل رَأَيتَ فُؤادي في ربوعهمُ / يَبكي عَلَيهم وَيُبكيني كولهان
حدّث وَقيتَ النَوى عَن حيِّهم خبراً / تُراهُ يَرعاهُ من قَد كانَ يَرعاني
فَبتُّ في غربةٍ أَشكو النَوى دَنفاً / وَبات من حيِّهم في خَير أَوطان
أَم ناصفتنا الليالي بالأسى فَأَنا / أَشكو الفراقَ وَقَلبي يَشتكي الداني
وَهَل بتلك القصورِ المشرفاتِ بَهاً / كَما عَهدناه مِن ناد وَندمان
سَهرتُ مِن بَعدهم لَيلاً وَقد هَدأت / تِلكَ العُيونُ وَتَرعى النجمَ أَجفاني
لَو كانَ لي كَبدٌ مزَّقتُها أَسفاً / أَو كانَ لي جلدٌ ما كانَ معواني
حالي لعمرُكَ مذ بنّا وَلا عَجَبٌ / حالُ امرئٍ بَينَ أَمواهٍ وَنيران
أَجب فديتُك ملهوفاً بِهِ لعبَت / أَيدي التفرّقِ من شانٍ إِلى شان
حَتّى توهَّمَ أَنَّ البين يُتلفُه / لَو كانَ ذا مهجةٍ فيهِ وَجثمان
وَهَل تَضاحك زهرٌ بالغُصون بِها / أَم تبكي أَيامُنا أَجفانَ غُدران
وَلو أَتَتني كما أَبغي مسالمةً / أَحكامُ دَهري لَما فارقتُ خلاني
صِفها فَإِني بَعيدُ العَهد ذو كمدٍ / أَرجو اللقاء وقد تأباه أَزَماني
حمدتهم فذممت الناسَ بعدهمُ / لما اختبرت سواهم كُلَّ خبران
ذاكَ الَّذي إِن بدا تعنوا الشموس لَهُ / حَتّى أَكاد أَسمّيه بكنعان
وَإِن تَكلّم أَهدى الدرَّ منتظماً / والبحر كَم فيهِ من درٍّ وَمرجان
ما كُنت أَحسبُ أَن القَلب يملكُه / من الكَمِيّ كمي وَالروح روحان
حَتّى التقينا فقلتُ الدَهرُ ذو كرمٍ / ثم افترقنا وفي كفيّ حرماني
زففت نجوى معانٍ لو توهمها / فكرُ الزمانِ وأَدناها بإمعان
لَمَا ترنّم فوقَ الأَيك ساجعُهُ / وَلا ترنَّحَ غصنٌ مادَ من بان
إِلا وَذاك لها نطقٌ تردّده / وَذاك منها يُرى في زيّ نشوان
وَافت فقمتُ لها أَسعى عَلى قدمٍ / لَم تَسعَ من قبلها يوماً لسلطان
وَكنت أَعلم أَن السحرَ في دَعَجٍ / وَاليَوم أَبصرتُ من شِعرٍ وتبيان
إليك عذري فما ذهني بمتَّقدٍ / كَفى بقلبيَ من إيقاد أَحزان
وَكَيفَ أُحسِنُ أُهدي الغَيثَ نائلَه / أو نفحةَ الوَردِ وَالريحانِ بستاني
عَليك أَزكى سَلام كلّما عبثت / ريحُ الصَّبا سحَراً في لحظِ وَسنان
أَعطى الهيامَ جمالٌ بِالَّذي أَخَذا
أَعطى الهيامَ جمالٌ بِالَّذي أَخَذا / وَاستنفد الصَبرَ لَمّا حكمُه نَفَذا
وَهَل تَرى صَحوةً مِن والهٍ دنفٍ / فُؤاده مِن حُميَّا وَجدِه جَأذا
مَن لي بِذي كَحَلٍ بِاللحظ سلّ ظُباً / وَبِالقَوام عَلى ضعف القوى ملذا
إِذا دَنى زادَني في قُربه شَغفاً / فَكَيفَ بي في الهَوى بَعد الدنوّ إِذا
وَكَم حدا ركبَ أَفكاري لطلعته / طَيفٌ أَلمّ وَقَد جازَ الغَرام حذا
كَأَنّ إِنسانَ عَيني في مدامعه / موسى الكَليم غدا في اليمّ منتَبَذا
عجبت لي كَيفَ أَحيى وَالمدامع لي / ريٌّ غَصيصٌ وَلي مُرُّ الفراق غِذا
كَأَن دَمعي عَلى خَديّ يُعجبُه / لما يَرى كَيفَ غَشَّى العظلم الهرذا
فَيا أَخا الحُبِّ ساعدني عَلى وَلهي / هَذا الجُنون فما بالُ العَذول هَذى
إِني لأُبصر غَيِّي في الهَوى رشداً / كَما أَرى النصحَ في عَين الفَلاح قذى
هَل مِن سَبيل إِلى سَلواي عَن رَشأٍ / بوجده في فؤادي جدّ ما وَرذا
وَهَل أُراقب إِذ أَهواه منتَقِداً / أَم أَرتَجي مِن غمار الحُبِّ منتقذا
خَفِّض عذولي فَعذري فيهِ متَّضحٌ / لَو شئتُ فصَّلتُ من إجماله نُبَذا
إِياك نَرجو سلوّاً مِن شمائل مَن / يَرى عَديمَ الوَفا بَين الدُّنا شقذا
تَاللَه ما أَظلمت لَيلاتُ طرّتهِ / إلا وكنت أخا تسهادها شقذا
ولا تبلج نوراً صبحُ غرتهِ / غلا خشيت شقي العين والشقذا
وَلا ثنى القَلبَ عَن أَعطافه مَيَدٌ / إلا دعاهُ هوىً بَعد النَوى نجذا
أَبقى بِهِ وَبِهِ أَفنى جَوىً فَلِذا / يَهون عنديَ مَهما للحشا فَلَذا
إِني لآنفُ من صدقِ النَصيحِ عَلى / علمِ النَصير وَيحلو قولُ من مَلَذا
يُهوي لطلعته قَلبي المشوقُ كَما / للأَرض أَصبح جرمُ الشَمس مُجتَبَذا
وَرَوضة الخدّ إن عزّت عَلى أَملي / نيلاً فَإِنّ فُؤادي بِالمُنى لجذا
لا ترضخنّي بلومٍ لَستُ أَحملُه / فَقَد كَفاك هيامٌ للحشا حنذا
أَو شئتَ ذاك فَإِني عَنكَ مشتغلٌ / هَيهاتَ يُفزِعُ مَيْتاً قاصدٌ وَقَذَا
أَمدمعُ الطلّ في خدّ الزهور جَرى
أَمدمعُ الطلّ في خدّ الزهور جَرى / وَقال نرجسُها يا كم أَرى وَتَرى
وَالطير في الدَوح قَد هاجَت بلابلُها / كَأَنَّها أعملت من عُودها وترا
وَللنسيم وَأعطاف الغصون هَوىً / هَذا يميل وَذا يعتلّ حين سَرى
وَللخمائل وَشيٌ سندسٌ وَعَلى / خاماتِه رونقٌ يستوقف النَظَرا
وَالنَهر منطبعٌ فيهِ الجَميع كَما / قَد يَطبع الفكر في أَلبابنا صُوَرا
وَالجَوّ فَيروزجيّ اللَون زيَّنَهُ / طَرْزُ الكَواكب مَنظوماً وَمُنتثرا
وَاللَيل قَد مَدّ مِن أَستاره سُدُلاً / وَمِن دراريه أَمسى ينثر الدررا
حَتّى إِذا ما دجى وافى بزورته / حُبٌّ أَرانيَ بَدراً في الدُجى سحرا
وَافى بوعدٍ وَوفَّى وَاِصطَفى وَصَفا / يَميل سكراً براحِ الدلّ مُذ خطرا
مَورّدُ الخَدّ في أَلحاظه دعجٌ / مقوّم القدّ مهما لاين اقتدرا
كَأَنَّما جَنة الفَردوس طَلعتُه / لَكنها بَعُدت أَن تُثمر الوَطرا
وَافى وَلي مُهجةٌ يا طالما وَجدت / وَجداً إِلَيهِ وَطَرفٌ طالَما اِنتَظَرا
مهفهفٌ أَغيدٌ رقّت شَمائلُه / حلو الحَديث مَريرُ التيه إِن نَفَرا
مجعَّد الشَعر وَضّاح الجَبين فَما / أَسجى لَكَ اللَيلَ إِلا أَطلَع القَمَرا
تَجنَّب الراح وَالكَأس الشهيّ غنىً / بِما سَقاه لَماه قَرقَفاً عَطِرا
مَهذَّبُ الطَبع عَذبُ اللَفظ يعشقه ال / لبُّ التقيُّ وَفيهِ تَصدقُ الشُعَرا
إِذا رَنا فَسيوف الهند تعبدُهُ / وَإِن تَثنَّى أَتاه الرُمحُ فاعتَذَرا
لا تسبق العَينُ قَلباً في محاسنه / إِلا كَما تسبق المقدورةُ القدرا
وَلا يَردّ هَواه ناصحٌ حذرٌ / إِلا كَما ردّ عَهنٌ يابسٌ شررا
يا صاحبيَّ سَلاه الرفقَ في تلَفي / إِن شاءَ فَالفَضلُ أَو فَالأمرُ ما أَمرا
بَين الملاحة صان اللَه نضرتَها / وَبَين عز المَعالي حيَّرَ الفِكَرا
إِن قُلتَ ظبيُ الحِمى قالَت لَواحظُه / تِلكَ العُيون وَأَين الغَنجُ إِن نَظَرا
أَو قُلتَ شَمسُ الضُحى قالَ الجَبينُ نَعم / وَأَين ما في الخُدود الزُهرِ مزدَهِرا
أَو قُلتَ غُصنُ النَقا قال القوامُ بَلى / لَولا الدَلال وَلَولا التيه كُنت أَرى
أَستغفرُ اللَهَ ما شبَّهتُه أَبَداً / بِغَيره وَعَسى إن أَعتذر عذرا
أَوّاهُ مِن مَوقفٍ وَالدَهرُ مبتسمٌ / وَقَد صَفا وَقتُنا وَالأنسُ حَيثُ جَرى
ناولتُه زَهرةً كَيما تَفوز بِهِ / وَكَيفَ أُهدي إِلى غُصنِ النَقا زَهَرا
فَاسترحموه لصبٍّ قلّ ناصرُه / وَأَيّ نَصرٍ عَلى من لحظُه انتصرا
ما أَحسنَ الآسَ فَوق الوَرد مُزدَهِرا
ما أَحسنَ الآسَ فَوق الوَرد مُزدَهِرا / يا خدَّه وَعذارٌ مُهجتي أَسرا
لِلّه أَعينُك النجلاءُ كَم فتكَت / بِمُهجةٍ وَقَوامٍ في نُهىً خَطرا
يا مَن إِذا مال قُلتَ الغُصنُ منعطفٌ / وَإِن تبدّى يُرينا وَجهُه القَمَرا
أَشكو لخصرك من سقمي وَمن عدمي / فتستبيح دمى همزاته هَدرا
فَيا مليكَ الهَوى رفقاً بعبد هَوىً / تَجني عَلَيهِ وَكَم تَلقاه معتذرا
اللَهَ اللَهَ في قَلبي وَفي تَلَفي / مِن لَوعة صَدعَت أَو مدمعٍ وَجَرى
وُدّي جَميلٌ وَقَلبي في هَواك بِهِ / جُنونُ عشقٍ فَمَن لَيلَى وَمَن ذكرا
أَهواك أَهواك فَاحكم ما تَشاءُ وَلا / تَخشى التَجنّي وَسُد يا سَيِّدَ الأُمَرا
فَالأَمر ممتَثَلٌ وَالعَبدُ مبتهِلٌ / وَالعَقل منذهِلٌ وَالحال كَيفَ تَرى
وَالوَجدُ مستعِرٌ وَالدَمعُ منهمِرٌ / يا طالما قَد جَنى في جسم من سهرا
ماذا تَقول وَقَد أَفنيتَني أَسَفاً / إِن قُلت جارَ حَبيبي بَعدما اِقتَدَرا
إِني وَإِن كُنتُ أَشكو في المَحبة ما / أَلقى فَشُكري لِمَن في حبِّكم عَذَرا
تُغنيك أَلحاظُك النجلاءُ في تَلَفي / إِن شئتَه فَاقترب حَتّى أَرى وَتَرى
حيّا وَجاد وَنهجُ الودّ مَحظورُ
حيّا وَجاد وَنهجُ الودّ مَحظورُ / وَفَى ووافي وَذكرُ القُربِ مَحذورُ
جاد الزَمانُ عَلى بُخلٍ بطلعتِه / وَحثَّه خُلُقٌ بالصدق مَشكور
وَالقدّ جار عَلَينا وَهوَ معتدلٌ / وَاللحظُ فينا بكسرِ الجفن مَنصور
وَوَجنةٌ جادَها ماءُ الشَباب صَفت / تِلكَ اللَواحظ في جناتها حور
تَفيّأت فَوق نُور الوَجهِ طرّتَهُ / فَقُلت يا حَبّذا ظلٌّ وَمنظور
ناديتُه وَزَمانُ القُرب معتذرٌ / عَن بُعده وَهوَ بَعد القُرب مَغفور
بِنفسجُ اللَيل ضمَّ الوَردَ مِن شَفَقٍ / وَنَرجسُ الزَهرِ مثل الزَهر مَنثور
فَعاطني فَعَزيزُ العُمر ما سمحت / بِهِ اللَيالي وَلم يُهمله تَقصير
وَذُق لَماها حَديثاً عَن قَديم هَوى / بِكْرٍ ثَوى دونَها في العَصر سابور
تُحيي الصَفا وَتُميت الهمَّ نشأتُها ال / أَخرى وَنشأتُها الأُولى قَوارير
قانونُها حاكمٌ في عقلِ شاربِها / وَنشرُها طَيِّبٌ للشرب مَنشور
إِذا استوت فَوقَ عَرش الكأس باسمةً / فَكلُّ حَزمٍ بِملك الصَفوِ مَغرور
وَلَمعةُ الكَأسِ عَن قابوس يُخبرُنا / نُعمانُها منذرٌ وَاللَونُ كافور
كَأَنَّها حينَ رقت من لطافتها / رُوحٌ تضمَّنها رُوحٌ وَبلّور
يا حَبذا الراح إِذ تُبدي سَرائرَنا / مَع الكَمال وَقَلبُ الكُلِّ مَسرور
إِني لأَشربُها لو أنَّ مطربنا / زَأرُ الأُسود وَساقي الكَأس زئير
فَعاطينها خَليلي وَهي صافيةٌ / وَلا يَروعنْك مِن دُنياك تَكدير
وَلا تهب من غَد غَدراً تحاذره / فَكلُّ شَيء لَهُ حَدٌّ وَمَقدور
وَلا تَدَع أُنسَ يَومٍ أَنتَ مالكه / فَما وَراء الَّذي عاينتَ مَستور
وَما عَلَيك إِذا عاجلت فرصتَها / بِالجدّ تغنمها وَالجَدُّ مَأثور
إِني لَأَعجَبُ مِنها كَيفَ ضلّ بِها / قَومٌ وَمصباحُها في كَأسها نُور
فَلا يَهولنْك هَجرُ الصَحبِ زورتَنا / فَكُلُّ ذي خَطر في الناس مَهجور
وَلا يضيرنْك مَن أَلوى الزَمانُ بِهِ / إِنَّ الجَبانَ عَلى ما كانَ مَعذور
إِني لأَعلم أَن الناس خلَّتهم / ذاتُ اختلال وَأَحلى قَولهم زور
وَلَستُ أَعجَبُ مِن تَفريق جَمعهمُ / فَكُلُّ جَمعٍ عَلى التَفريق مَفطور
وَلَستُ آسفُ مِن تَحويل حالهمُ / فَكُلُّ حالٍ عَلى التَحويل مَجبور
وَهَل يَظنُّ فَتى أَنّي أَهونُ لَهُ / ما دام في غِيَرِ الأَكوان تَغيير
فَقُل لَهُم بئس ما جازيتمُ رجلاً / وَفَى لَكُم وَجنانُ الدَهر مَذعور
يا مَعشراً صدَّهم عن ودّ صاحبهم / حُبُّ الحَياة وَطَبعٌ فيهِ تَغرير
وَدَع مَقالَ صِحابٍ لا خَلاقَ لَهم / فَقلّ أن يصطفي الخلان مغدور
وَاذكر محاسنَهم وَاللَه يرحمهم / فَكلُّهم ميّتٌ بالجبن مقبور
وَاعذر فَللوقت حكمٌ يخضعون لَهُ / وَللزمان عَلى الأَخلاق تَأثير
شتان ما بين مَن أَبقى الوُجود لَنا / وَبَين من سبقت فيهِ المَقادير
إِن الرِجال الأُلى ولّوا لنا تركوا / عَهداً نَفيهِ وَتُبقيهِ الأَساطير
فَخلّ عَنّا وَفاءً لا سَبيلَ لَهُ / مات الوَفا وَتَخلّى مِنهُ مَعمور
وَخُذ بنا في حَديث الراح نَشربُها / فَأَنعمُ الناسِ بِالأَيام مَخمور