المجموع : 38
يا ظَبيَةً من ظِباءِ الأُنسِ راتِعةً
يا ظَبيَةً من ظِباءِ الأُنسِ راتِعةً / بَينَ القُصورِ تعالى اللَهُ باريكِ
هَل النَعيمُ سوى يومٍ أراك به / أو ساعةٍ بِتُّ أَقضيها بِناديكِ
وَهل يَعُدُّ عليَّ العمرَ واهبهُ / إن لم يُجَمِّله نَظمُ الدُرِّ من فيكِ
إن قابَلَتكِ الصَبا في مِصرَ عاطِرَةً / فَأَيقِني أنَّها عنّي تُناجيكِ
وَأَنَّها حملَت في طَيِّ بُردَتِها / قَلباً بعَثتُ به كَيما يُحَيّيكِ
أَميرَةَ الغانِياتِ أَهلاً
أَميرَةَ الغانِياتِ أَهلاً / بِوَجهِكِ الباهرِ المُنيرِ
تيهي على صَبِّكِ المُعَنّى / تيهَ غَنِيٍّ على فَقير
وارمي له بعضَ ما يُرَجّى / فالحُبُّ أرضاهُ بِاليَسير
يا مَن أقامَ إذ تملَّكَه
يا مَن أقامَ إذ تملَّكَه / ما بين نارَين من شَوقٍ ومن شجَنِ
تَفديكَ أعيُنُ قَومٍ حولَكَ ازدحَمَت / عَطشى إلى نَهلَةٍ من وَجهِكَ الحسنِ
وَتَستَعيذُ إذا أَلفَتكَ مُبتَسماً / عن لؤلؤٍ بِالنُهى حِرزا من الفِتنِ
جرَّدتَ كلَّ مليحٍ من ملاحتِه / لم تَتَّقِ اللَهَ في ظبيٍ وَلا غُصنِ
فَاِستَبقِ لِلبَدرِ بينَ الشُهبِ رُتبَته / تملِكهُ في أوجهِ عبداً بلا ثمَنِ
يا حاجِباً عن عيوني طَيفَ صورَتهِ
يا حاجِباً عن عيوني طَيفَ صورَتهِ / ابعَثهُ مُستَتِراً في لَيلَةِ الأرقِ
وَلا تَخَف من ضِيا صُبحِ الجَبينِ فقد / عَرفتَ فرطَ سوادِ الشَعرِ وَالحدقِ
يا وامِضَ البَرقِ كم نبَّهتَ من شجَنٍ
يا وامِضَ البَرقِ كم نبَّهتَ من شجَنٍ / في أَضلُعٍ ذَهَلت عن دائِها حينا
فالماءُ في مُقلٍ وَالنارُ في مهجٍ / قد حارَ بينَهُما أمرُ المُحِبّينا
لولا تذَكُّرُ أَيّامٍ لنا سَلَفت / ما باتَ يَبكى دماً في الحَيِّ باكينا
يا آل وُدِّيَ عودوا لا عدِمتُكُمُ / وَشاهِدوا وَيحَكُم فعلَ النَوى فينا
يا نسمَةً ضَمَّخت أذيالها سحراً / أَزهرُ أَندَلُسٍ هُبّي بوادينا
روحي عَلى دورِ بعضِ الحَيِّ حائمةٌ
روحي عَلى دورِ بعضِ الحَيِّ حائمةٌ / كظامىءِ الطَيرِ تَوّاقا إلى الماءِ
إن لم أُمَتِّع بَميٍّ ناظرَيَّ غداً / أَنكَرتُ صُبحكَ يا يومَ الثُلاثاءِ
يا سَرحَةً بجوار الماءِ ناضِرةً
يا سَرحَةً بجوار الماءِ ناضِرةً / سَقاكِ دمعي إذا لم يوفِ ساقيكِ
عارٌ عَلَيكِ وَهذا الظِلُّ مُنتَشِرٌ / فتكُ الهَجير بِمِثلي في نَواحيكِ
فمَن مُعيري جناحَي طائِرٍ غَردٍ / كي أَقطعَ شَدواً في أَعاليكِ
فلا أُنَفَّرَ عن أَرضٍ غُرِستِ بها / وَلا يَرِنُّ بِصَوتي غيرُ واديكِ
ما أعجَبَ النيلَ ما أَبهى شَمائِلهُ
ما أعجَبَ النيلَ ما أَبهى شَمائِلهُ / في ضَفَّتَيهِ منَ الأَشجارِ أَدواحُ
من جنَّةِ الخُلدِ فَيّاضٌ على تُرَعٍ / تَهُبُّ فيها هُبوبَ الريحِ أرواحُ
لَيسَت زيادتُهُ ماءً كما زَعَموا / وَإِنَّما هيَ أَرزاقٌ وَأَرباحُ
لَكِسرةٌ من رَغيفِ خُبزٍ
لَكِسرةٌ من رَغيفِ خُبزٍ / تُؤدمُ بالمِلح وَالكرامَه
أَشهى إِلى الحُرِّ من طعامٍ / يُختمُ بِالشُهدِ والملامَه
أَصبَحتُ في حَيرَةٍ وَهمِّ
أَصبَحتُ في حَيرَةٍ وَهمِّ / ما بين مصرٍ وَبين فهمي
هذي تُنادي نِداءَ عانٍ / تَلافَ أَمرى وَداوِ سُقمى
وَذاكَ يَرجو رجاءَ خلٍّ / لهُ أيادٍ علىَّ تهمى
دعَها تُنادي بما تُنادي / وَكُن عَلى خُطَّتي وَرَسمي
فَالسِلمُ دَرسٌ وقد عَلِما / مَغبَّةَ السِلمِ كيف تحمي
يا رَبِّ باِبنِ البَتولِ حُطنى / وَزِن مقامي وطهِّرِ اسمى
فَإِنَّني إن بَرَرتُ خلّي / عَقَقتُ لا شَكَّ خير أمِّ
أَستَفغِرُ اللَهَ من عصرٍ تَكنَّفَني
أَستَفغِرُ اللَهَ من عصرٍ تَكنَّفَني / فيه الخَبيثانِ من جاهٍ وَمن مالِ
أَستَغفِرُ اللَهَ من فَهمي وَشيعَتِه / وَمن عباتي وَمن فخري وَمن غالي
لَو اِستَطَعتُ رَكِبتُ الناسَ كلَّهُمُ / إلى الحجازِ رُكوبَ الراحلِ القالي
ديوانُ أوقافِ مصرَ نادي
ديوانُ أوقافِ مصرَ نادي / قِفوا على بابيَ الكبيرِ
وَاِستَقبِلوا عندَهُ خليلاً / قد طال شوقي إلى مديرِ
إن سَدَّ من حاجَتي فَأَهلاً / بهِ وَسهلاً مدى الدهور
يا أَنجَبَ الأَنجَبينَ مهلاً
يا أَنجَبَ الأَنجَبينَ مهلاً / فَسوفَ تَستَغفِرُ المَظاهِر
إن فَضَّلوا ماهراً فَدَعهُم / وَشَأنَهُم ماهرٌ بِماهِر
يا مِصرُ سيري عَلى آثارِهم وَقِفي
يا مِصرُ سيري عَلى آثارِهم وَقِفي / تِلك المَواقِفَ في أَسنى مجالِيها
لا يُؤيسَنَّكِ ما قالوا وما كتَبوا / بين البَرِيَّةِ تَضليلاً وَتَمويها
إن يَمنَعوا الناسَ من قَولٍ فما مَنعوا / أن يَنطِقَ الحقُّ بِالشَكوى وَيُبديها
الحقُّ أكبَرُ من أَن تَستَبدَّ بهِ / يدٌ وَإن طالَ في بُطلٍ تماديها
ما ضيَّعَ اللَهُ ظلماً أمَّةً نَهَجَت / إلى المفاخرِ نَهجاً وهوَ هاديها
فَقَلِّدوا الأُمَّةَ الكُبرى وَقد رَكِبَت / مَتنَ الفخارِ وكانَ الجِدُّ حاديها
تَماسَكَت وَهيَ شَتّى فهيَ واحدَةٌ / في القَصد حينَ رَأت كثراً أعاديها
يا آية الفَخرِ هلّا تَنزِلينَ كما / نَزَلت ثمَّ على مصرٍ وَأهليها
كيما تجُرّ ذُيولاً منكِ جرَّرها / من قَبلِنا التُركُ في أَوطانِهم تيها
يا عابدين لأَنتِ اليومَ مَصدَرُها / وفي ذَراكِ بِإذن اللَهِ موحيها
لا القَومَ قَومي وَلا الأَعوانُ أَعواني
لا القَومَ قَومي وَلا الأَعوانُ أَعواني / إذا وَنى يومَ تحصيلِ العُلا وَاني
وَلَستُ إن لم تُؤَيِّدني فَراعِنَةٌ / منكم بِفِرعَون عالي العَرشِ وَالشانِ
وَلستُ جبّارَ ذا الوادي إِذا سَلِمَت / جبالُه تلك من غاراتِ أَعواني
لا تَقرَبوا النيلَ إن لم تَعمَلوا عملاً / فَماؤهُ العذبُ لم يُخلَق لِكَسلانِ
رِدوا المَجرَّةَ كَدّاً دونَ مَورِدِهِ / أو فَاِطلُبوا غَيرَهُ رِيّاً لِظَمآنِ
وَاِبنوا كما بَنتِ الأَجيالُ قَبلَكمُ / لا تَترُكوا بعدَكم فخراً لإِنسانِ
أَمَرتُكُم فَأَطيعوا أَمرَ رَبِّكُمُ / لا يَثنِ مُستَمِعاً عن طاعةٍ ثاني
فَالمُلكُ أمرٌ وَطاعاتٌ تُسابِقهُ / جَنباً لِجَنبٍ إلى غاياتِ إحسانِ
لا تَترُكوا مُستَحيلاً في اِستِحالتِهِ / حتّى يُميطَ لكُم عن وجهِ إمكانِ
مقالةٌ هبَطَت من عرشِ قائِلِها / على مناكبِ أَبطالٍ وَشُجعانِ
مادَت لها الأَرضُ من ذُعرٍ ودانَ لها / ما في المقطَّمِ من صَخرٍ وَصَوّانِ
لو غيرُ فِرعَونَ أَلقاها على ملإٍ / في غيرِ مِصرَ لعُدَّت حُلمَ يَقظانِ
لكنَّ فِرعَونَ إن نادى بها جَبَلاً / لَبَّت حجارتُه في قَبضَةِ الباني
وآزَرَتهُ جماهيرٌ تَسيلُ بها / بِطاحُ وادٍ بماضي القَومِ ملآنِ
يَبنونَ ما تَقِفُ الأَجيالُ حائِرَةً / أمامَه بين إعجابٍ وَإذعانِ
من كُلِّ ما لَم يَلِد فكرٌ وَلا فُتِحَت / على نَظائِرِهِ في الكَونِ عَينانِ
وَيُشبِهونَ إذا طاروا إلى عملٍ / جِنّاً تَطيرُ بِأَمرٍ من سُلَيمانِ
بِرّاً بِذي الأَمرِ لا خَوفاً وَلا طَمعاً / لكنَّهُم خُلِقوا طُلّابَ إتقانِ
أهرامُهُم تلك حيّ الفَنِّ مُتَّخِذاً / من الصُخورِ بُروجاً فوقَ كيوانِ
قَد مرَّ دهرٌ عليها وهيَ ساخرةٌ / بما يُضَعضَعُ من صَرحٍ وَإيوانِ
لم يَأخُذِ اللَيلُ منها وَالنَهارُ سِوى / ما يَأخُذُ النَملُ من أَركانِ نَهلانِ
كَأنَّها وَالعوادي في جوانِبِها / صَرعى بناءُ شياطينٍ لِشَيطانِ
جاءَت إِلَيها وُفودُ الأَرضِ قاطِبةً / تَسعى اشتِياقاً إلى ما خلَّدَ الفاني
فَصَغَّرت كلَّ موجودٍ ضَخامَتُها / وَغضَّ بُنيانُها من كلِّ بُنيانِ
وعادَ مُنكِرُ فَضلِ القَومِ مُعتَرِفاً / يُثنى على القَومِ في سِرٍّ وَإعلانِ
تِلكَ الهَياكِلُ في الأَمصارِ شاهِدَةً / بِأَنَّهُم أهلُ سَبقٍ أهلُ إمعانِ
وَأنَّ فِرعَونَ في حولٍ وَمَقدِرَةٍ / وَقومَ فِرعَونَ في الإِقدامِ كُفؤانِ
إذا أقامَ عَلَيهم شاهِداً حجرٌ / في هَيكَلٍ قامَتِ الأُخرى بِبُرهانِ
كَأنَّما هيَ وَالأَقوامُ خاشِعَةٌ / أمامَها صُحُفٌ من عالمٍ ثاني
تَستَقبِلُ العينَ في أَثنائِها صُوَرٌ / فَصيحةُ الرَمزِ دارَت حولَ جُدران
لو أَنَّها أُعطِيَت صوتاً لكانَ له / صدىً يُرَوِّعُ صُمَّ الإِنسِ وَالجانِ
أَينَ الأُلى سَجَّلوا في الصَخرِ سيرَتَهُم / وَصَغَّروا كلَّ ذي مُلكٍ وَسُلطان
بادوا وَبادَت على آثارِهِم دُوَلٌ / وَادرِجوا طَيَّ أخبارٍ وَأكفانِ
وَخَلفوا بعدَهُم حرباً مُخَلَّدَةً / في الكونَ ما بينَ أحجارٍ وأزمانِ
يا نائِما والقَنا غابٌ تَحُفُّ به / أفِق فَرُبَّ أمانٍ غيرِ مَأمون
وَاِنظُر حَوالَيكَ مِن خوفٍ وَمن حذَرٍ / فَالغابُ مُذ خُلِقَت مَأوى السَراحينِ
لَم تَأمَن الشَمس وهي الشَمسُ ما خَبَأَت / لها المَقاديرُ في طيِّ الأَحايينِ
عبد الحميد سَيُحصى ما صَنَعتَ غداً / بين الأَنامِ وَيُلقى في المَوازينِ
إن يَرجَحِ الخيرُ نعمَ الخيرُ من عملٍ / دَخَلتَ في زُمرَةِ الغرِّ المَيامينِ
أو يَغلِبِ الشرُّ لا كانَت عصابَتُه / عُدِدتَ في صَرحهِ أقوى الأَساطينِ
إن لم تكُن لا ثناكَ الدهرُ عَن أَمدٍ / شَيخَ السَلاطينِ كُن شَيخَ الفَراعين
إِنّا عهِدناكَ لا تَرضى إِذا اِستَبَقَت / صيدُ المُلوكِ إلى الغاياتِ بِالدونِ
لا يُرهِقَنَّكَ حكمُ الناسِ فهوَ غداً / مُستَأنَفٌ عند سُلطانِ السَلاطين
يا قومَ عُثمانَ حَيّوا في معاهِدِكُم / عصرَ الرَشادِ وَريشوا البَأسَ باللينِ
إن تَنصُروهُ تَرَوا تحقيقَ ما طَمحَت / إليه أَنفُسُ هاتيكَ المَلايين
الحقُّ أَبلَجُ سُلّوا دونَ بَيضَتِه / قبل السُيوفِ سُيوفا مِن بَراهينِ
لا تَلبَسوا ثَوبَهُ بين الأَنام غداً / مُلَطَّخاً بِدَمِ القَومِ المَساكين
يا مُقفِرَ المُلكِ إِلّا من جلالتِهِ / وَمُلبِسَ القومِ ثوبِ العِزِّ وَالهونِ
وَجاعِلَ الأَمرِ وَالأَحكامِ بينَهمُ / سِرَّ الملائكِ أو سِرَّ الشَياطينِ
إنَّ اللَيالي من أخلافِها الكَدَرُ
إنَّ اللَيالي من أخلافِها الكَدَرُ / وَإن بَدا لك مِنها مَنظَرٌ نَضِرُ
فكُن على حَذَرٍ مِمّا تَغُرُّ بهِ / إن كانَ يَنفَعُ من غِرّاتِها الحَذَرُ
قد أَسمَعَتكَ اللَيالي من حوادِثِها / مافيه رُشدُكَ لكن لَستَ تَعتَبِرُ
إن كنتَ ذا أُذُنٍ لَيسَت بواعيةٍ / قُل لي بِعَيشِكَ ماذا تَنفَعُ العِبَرُ
لِلدَهر لو كنتَ تَدري هولَ مَنطِقِهِ / وَعظٌ تُرَدِّدُهُ الآصالُ وَالبُكَرُ
يا من يُغَرُّ بِدُنياهُ وَزُخرُفِها / تَاللَهُ يوشِكُ أن يودي بكَ الغَرَرُ
وَيا مُدِلّاً بِحُسنٍ راقَ مَنظَرُهُ / لِلقَبرِ ويحَكَ هذا الدَلُّ وَالغَفَرُ
تَهوى الحياةَ ولا تَرضى تُفارِقُها / كمن يُحاوِلُ وِرداً مالهُ صَدَرُ
كلُّ امرىءٍ صائِرٌ إلى جَدثٍ / وَإن أَطالَ مدى آمالهِ العُمُر
أَبَعدَ أن ماتَ عبدُ اللَهِ مُرتَهَناً / تحت الثَرى يُرتَجى صَفوٌ وَيُنتَظَر
يا وَيح مَن أَودَعوهُ القَبرَ هل عَلموا / أنَّ المَكارِم كانت بَعضَ ما قَبَروا
قد غَيَّبوا ماجِداً كانت مَناقِبُه / بها الزَمانُ إذا ما زَلَّ يَعتَذِرُ
وَعَطَّلوا من رُبوعِ العِلمِ أَندِيَةً / كانت بِعَلياهُ يومَ الفَخرِ تَفتَخِر
مضى وَخلَّفَ فينا من فَضائِله / بدائِعاً يَجتَليها السَمعُ وَالبَصَر
بِرَغمِ أَنفِ المعالي ياِبنُ بِجدَتِها / أن غَيَّبَت شَخصَكَ الأَيّامُ وَالغِيَرُ
تَفدي النفوسُ حياةً منكَ غالِيَةً / لو كانَ يُدفَعُ عنها بِالفِدا ضَرَرُ
قد أَصبَحَت ظُلُماتُ الجهلِ حالِكةً / لمّا تَغيَّبَ عن آفاقِنا القَمَر
يا عَينُ جودي بِمُنهلِّ الدموع على / من كانَ ذُخراً لِرَيبِ الدهرِ يُدَّخَر
أو فاِسألي اللَهَ سُلواناً وَمُصطَبَراً / إن كانَ يَجمُلُ سُلوانٌ وَمصطَبَر
يا مالىءَ العَينِ نوراً وَالفُؤادِ هوىً
يا مالىءَ العَينِ نوراً وَالفُؤادِ هوىً / وَالبَيتِ أُنساً تَمَهَّل أَيُّها القَمَرُ
لا تُخلِ أُفقَكَ يَخلُفكَ الظَلامُ به / وَالزَم مكانَك لا يَحلُل به الكَدَرُ
في الحيِّ قَلبانِ باتا يا نَعيمَهما / وَفيهما إذ قَضَيتَ النارُ تَستَعِرُ
وَأَعيُنٌ أَربَعٌ تبكى عَلَيكَ أَسىً / وَمن بُكاءِ الثَكالى السَيلُ وَالمَطَرُ
قد كنتَ رَيحانَةً في البَيتِ واحدَةً / يَروحُ فيه وَيَغدو نَفحُها العَطِرُ
فَارحَل تُشَيِّعُكَ الأَرواحُ جازِعَةً / في ذِمَّةِ القَبر بعدَ اللَهِ يا عُمَرُ
عَزِّ الكِرام وَشاطِرهُم رَزِيَّتَهُم
عَزِّ الكِرام وَشاطِرهُم رَزِيَّتَهُم / فَإنَّهُم بِالتَعازي أَخلَقُ الناسِ
وَأَلقِ دَمعَكَ في تَيّارِ أَدمُعهِم / وَوَحِّدِ الرُزءَ في مِصرٍ وَبُلقاسِ
وَاِخلَع عِذاركَ فَالأَشجانُ آمِرةٌ / وَما على من يُطيعُ الأَمرَ من باسِ
وَلا يَغُرَّك في البَلوى ثَباتُهُم / كم من رَفيعِ الذُر فوقَ اللَظى راسي
همُ الأُلى قَطعوا في الحُزنِ أودِيَةً / يَضِلُّ إن سار في أَقطارِها الاسى
يخالُهُم من رَآهُم في مَضاجِعِهِم / سَكرى وَما ذاكَ من دَنٍّ وَلا كاسِ
جلّت مُصيبَتُهُم عن أن يكون لها / عَرضٌ سوى الهمِّ أو طولٌ سوى الياس
أبا الفُتوحِ ومن ناداكَ جاوَبهَ / من جانبِ اسمِكَ نَفحُ الوَردِ والآسِ
إِذا غَدَت مصرُ منكَ اليوم خاليةً / فما لِعَهدِك فيها الدَهرَ من ناسي
هل كان يومُكَ فينا غير يومِ مُنىً / كانَت كباراً فَأَمسَت طيَّ أَرماسِ