القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 54
للريح في وَجَناتِ الوَردِ تَخميشُ
للريح في وَجَناتِ الوَردِ تَخميشُ / وَللصبا بغصون البانِ تَحريشُ
وَالنَهرُ قد نقشَته السحبُ من طربٍ / كأَنَّه مِعصمٌ بالدُرِّ مَنقوشُ
وَالرَوضُ بالزَهر منضودٌ يَروقُ لنا / كأَنَّه مجلسٌ للصَحب مَفروشُ
وَثَغرُ نور الأَقاحي فيه مُبتَسِمٌ / وَطرفُ نَرجسِه للّهو مَدهوشُ
وَطرَّةُ الآسِ ما بين الرياض لها / لَمّا تَلاعبَت الأَغصانُ تَشويشُ
وَالوردُ تَنشرهُ ريحُ الصَبا سَحَراً / كأَنَّه عارضٌ باللَثم مَخدوشُ
وَالطيرُ فَوقَ غُصون البان عاكفةٌ / كأَنَّما خانَها خَوفُ النَوى ريشُ
وَالدهرُ يضحكُ مِن ضحك الكؤوس به / وَلِلمُدام به لعبٌ وَتَجميشُ
وأفقُنا بلألي الغَيثِ متَّشِحٌ / وَقُطرنا بمياهِ القَطر مَرشوشُ
وَنَحنُ في مَجلِسٍ راقَت محاسِنُهُ / فيه الرَقيبُ عَمٍ والواشِ أطروشُ
فَلا تسل عَن لُباناتٍ به قُضيَت / فَلَيسَ يَحسُنُ عنها اليوم تَفتيشُ
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف / بدرٌ كلِفتُ به حاشاه من كَلَفِ
سمت وقد أَشرَقت راح براحتهِ / كأَنَّها الشَمسُ حلَّت منزلَ الشَرَفِ
وَضاعَ نشرُ شذاها وهيَ في يده / كأَنَّها وردةٌ في كفِّ مُقتَطفِ
بكرٌ تحلَّت بدُرٍّ من فواقعها / وأَقبلت وهيَ في وشح وفي شَنَفِ
يا سحبَ نيسان روّي الكرم من كرم / فَفي الحَباب غنىً عَن لؤلؤ الصَدفِ
شتّانَ ما بين دُرٍّ راح مُرتَشَفاً / رشفَ الثغور ودرٍّ غير مُرتَشفِ
لَم أَنسَ ليلة أُنسٍ بتُّ معتنقاً / فيها الحَبيبَ اِعتناق اللام للألفِ
أَمنتُ من رَيب دَهري في خفارته / وَمن يَبت في ضَمان الحبِّ لم يَخفِ
وَرحتُ فيها من الهجران مُنتصِفاً / من بعد ما كُنتُ منه غير مُنتصفِ
أَسطو عليهِ برمحٍ من مَعاطِفِهِ / وَصارمٍ من ظُبى أَجفانِه الوُطُفِ
لِلَّه طيب وصالٍ نلتُ من رشأ / بالحسن متَّسمٍ بالطيب متَّصفِ
إِذا ضَممت إلى صَدري ترائبَه / كادَت تَذوبُ تَراقيهِ من التَرفِ
يا محسنَ الوصف إِن رمت النسيبَ فصِف / لنا محاسنَ هَذا الشادن الصَلِفِ
أَو رمتَ تنسبُ يوماً سيِّداً لعُلاً / فاِنسب إِلى مُنتَهاها سادَة النَجفِ
واِخصُص بني شرفِ الدين الألى شرفت / بهم بيوتُ العُلى وَالمَجدِ وَالشَرَفِ
قوم يحلُّونَ دون الناسِ قاطبةً / بحبوحةَ المجد والباقون في طَرفِ
القائلونَ لدى المعروف لا سرفٌ / في الخير يَوماً كما لا خيرَ في السرفِ
رَووا حديثَ المَعالي عن أَبٍ فأَبٍ / وَساقَه خلفٌ يرويه عن سلفِ
هُمُ نجومُ الهدى لَيلاً لمدَّلجٍ / وهم بحارُ الندى نَيلاً لمغترفِ
منهم حسينٌ أَدام اللَهُ بهجتَه / وأَيُّ وصفٍ بإحسان الحسين يَفي
هو الشَريفُ الَّذي فاق الورى شرفاً / سل عن مفاخره من شئت يعترفِ
كَم من جَميلٍ له في الخلق مُجملُه / يَلوح كالكَوكب الدرّيّ في السدفِ
فالخَلقُ من خلقه في نزهةٍ عجبٍ / ومن خلائقه في روضةٍ أُنفِ
أَمسى النَدى وَالهُدى وَالمجد مكتنفاً / به وأَصبح منه الدين في كنفِ
سَعى إلى الغاية القُصوى الَّتي وقفت / عنها الورى فتعدّاها ولم يَقِفِ
فَحازَ ما حازه أَقرانُه وَحَوى / ما شذَّ عن سَلفٍ منهم وعَن خلفِ
قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ
قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ / صَهباءَ منها ضياءُ الصُبح ينفلقُ
لم تَدرِ حين توافيها أَصبغتها / تَلوحُ أَم وجنةُ الساقي أَم الشَفقُ
كأَنَّها في الدُجى شَمسٌ تُضيء لنا / فَينجَلي عن سَنى أَنوارها الغَسقُ
أَلقَت على الصُبح نوراً من أَشعَّتِها / فاِحمرَّ من خجلٍ من نورها الأُفُقُ
عذراءُ تُغضي حَياءً من مُلامِسها / فَيَستَحيلُ حَباباً فوقها العَرقُ
إِذا تجلّى لنا من أفقِها قدحٌ / دارَت نِطاقاً على حافاتِه الحدقُ
وإِن جَلاها بلا مزجٍ مُشَعشعُها / يَكادُ من لهبِ اللألاءِ يَحتَرِقُ
تخالُها شفقاً حتّى إِذا لَمعَت / حسبتَها البرقَ في الظَلماءِ يأتلقُ
من كفِّ أَغيدَ في خلخاله حَرَجٌ / إِذا تَثَنّى وفي أَجراسِهِ قَلقُ
يُديرُها وهو مهتزٌّ لها طَرباً / كأَنَّما هزَّهُ من رَوعةٍ فَرَقُ
في خَدِّه وَمحيّاه ومبسَمهِ / نارٌ ونورٌ ونورٌ نشرُهُ عَبِقُ
يَجلو دُجى فَرعه لألاءُ غُرَّته / كأَنَّما اِنشقَّ عن أَزاراه الفَلقُ
تَرى النَدامى سُكارى حين تلحظُه / كأَنَّهم من حُميّا لحظه اِغتَبقوا
يُغضي بذي كَحَل بالسِحرِ مُكتحلٍ / وَسنانَ ما راعه سُهدٌ ولا أَرقُ
ظَبيٌ ولكنَّه بالدُرِّ متَّشحٌ / بدرٌ ولكنَّه بالتِبر مُنتطِقُ
تَطيب ريّا شذاهُ كلَّما نسمَت / كالمِسكِ يَزدادُ طيباً حين يُنتَشَقُ
كَم من أَحاديثَ أَبداها تعتّبُه / كأَنَّها دُرَرٌ قد ضمَّها نَسَقُ
فودَّ كاشحُنا لو ناله صمَمٌ / إِذ باتَ من كثبٍ للسَمع يَستَرِقُ
ذكرتُكم والدُجى شالَت نَعامتُه
ذكرتُكم والدُجى شالَت نَعامتُه / والأُفقُ يستنُّ فيه ساطعُ الفَلقِ
وَلِلصَباح نَسيمٌ قد تأَرَّج من / رَيحانةِ الفجر أَو من وردَة الشَفَقِ
يا دارَ ميَّة بالجَرعاءِ حيّاك
يا دارَ ميَّة بالجَرعاءِ حيّاك / صَوبُ الحَيا الرائح الغادي وأَحياكِ
ولا أَغَبَّك من دَمعي سواجمُه / إِن كانَ يُرضيكِ ريّا مدمعي الباكي
سَقياً ورَعياً لأَيّام قضيتُ بها / عيشَ الشَبيبة في أَكناف مَرعاكِ
ما هَينَمَت نسماتُ الرَوض خافقةً / إِلّا تنسَّمتُ منها طيبَ ريّاكِ
ولا تَغنّى حمامُ الأَيك في فَنَنٍ / إِلّا تذكّرتُ أَيّامي بمغناكِ
أَصبو إِلى الرَمل من جَرعاء ذي إضمٍ / وَما لِقَلبي وَللجَرعاءِ لَولاكِ
يخونُني جَلَدي ما حنَّ مكتئبٌ / وَينفذُ الصَبرُ مهما عنَّ ذكراكِ
لِلَّه طيبُ لَيالٍ فيكِ مشرقةٍ / مرَّت فَما كانَ أَحلاها وأَحلاكِ
إِذِ النَوى لم ترُع شَملي ولا عرِيَت / من اِصطياد الظِباء الغيد أَشراكي
يا ظبيةً بالكثيب الفرد راتعةً / أَوحشتِ عيني وفي الأَحشاءِ مَثواكِ
رميتِ قَلبي بسهمٍ من رَناكِ وقد / سكنتِ فيه فَما أَبعدتِ مَرماكِ
الغصنُ يُعرب عن عِطفيك مائسُهُ / وَطلعةُ البدر تُنبي عن مُحيّاكِ
وَكادَ يَحكيكِ ضوءُ الصُبح مبتَسِماً / لكن ثَناهُ وَميضٌ من ثَناياكِ
وَقيل شَمسُ الضُحى تَحكيكِ مشرقةً / وما حكتكِ ولكن أوهِمَ الحاكي
من قاسَ جَدوى يديك يوماً
من قاسَ جَدوى يديك يوماً / بالغيثِ ما برَّ في اِمتداحِك
الغيثُ ينهلُّ وهوَ باكٍ / وأَنتَ تُعطي وأَنتَ ضاحِك
هَذا المصلَّى وذا النخيلُ
هَذا المصلَّى وذا النخيلُ / يا حبَّذا ظلُّه الظَّليلُ
وهذه طَيبةٌ تَراءَت / فَعُج بنا أَيُّها الدَليلُ
أَما تَرى العيسَ من نشاطٍ / تَكاد في سَيرها تَسيلُ
تميدُ من تحتنا اِرتياحاً / وَنحن من فوقها نَميلُ
فاِحبِس ولا تُجهد المَطايا / تمَّ السُرى واِنقَضى الرَحيلُ
واِنزل ولا تخشَ من عناءٍ / فها هنا يُكرَمُ النَزيلُ
وَها هنا تُدركُ الأَماني / وَها هنا يُنقعُ الغَليلُ
فَسَل سَبيلَ الورود فيه / فوِردُه العذبُ سَلسَبيلُ
مَقامُ قُدسٍ إليه يَسمو / من السَماوات جَبرئيلُ
وَقل صَلاةُ الإله تترى / عَليك يا أَيُّها الرَسولُ
يا خيرَ من زُمَّت المَطايا / له ومن شُدَّت الحمولُ
أَنتَ الَّذي جاهُه جَليلٌ / وجودُه وافرٌ جَزيلُ
يَدعوك عبدٌ إليك يُعزى / فهل له إذ دعا قَبولُ
فُؤادُه بالأَسى جَريحٌ / وَجسمُه بالضَنى عَليلُ
قد عاث صَرفُ الزَمان فيه / وَخانَه صبرُه الجَميلُ
أَصبحَ بالهند في اِنفرادٍ / فَلا عشيرٌ ولا قَبيلُ
لَيسَ به في الوَرى حفيُّ / ولا له منهُمُ كَفيلُ
وأَنتَ أَدرى بما يُقاسي / فشرحُ أَحواله طَويلُ
خُذ بيدي يا فدتكَ نَفسي / فَقَد عَفا صَبريَ المُحيلُ
وطالَ بالرغم عنك بُعدي / فَهل إِلى قربكم سَبيلُ
فأدنني منك واِنتقذني / من غُربة عِبؤها ثَقيلُ
فقد تفأّلتُ بالتَداني / والفأل بالخير لا يَفيلُ
متى أَرى يا تُرى ركابي / لها إِلى طيبةٍ ذَميلُ
فيشتَفي قَلبيَ المُعنّى / وَيكتَسي جسميَ النَحيلُ
وَيُصبحُ الشملُ في اِجتماعٍ / والقربُ من بُعدنا بَديلُ
أَرجوك يا أَشرفَ البَرايا / وما الرجا فيكَ مُستَحيلُ
أَن تنجحَ اليومَ كلَّ سؤلي / وإِن أَبى دَهريَ البَخيلُ
صلّى عليكَ الإلهُ يا من / بجوده تَرتَوي المُحولُ
والآلُ وَالصحبُ خيرُ آل / جميلُهم في الورى جَليلُ
ما غنَّت الورقُ في رياضٍ / وأَطربَ السجعُ والهَديلُ
تجنَّ واِعتب تجد منّي بِذاكَ رضاً
تجنَّ واِعتب تجد منّي بِذاكَ رضاً / وَالعذرُ إِن شئتَ مسموعٌ وَمَقبولُ
ولم أؤاخذكَ في ذَنبٍ ولا عتبٍ / فالذَنبُ والعتبُ موضوعٌ وَمَحمولُ
حسنُ اِبتدائي بذكري جيرةَ الحرم
حسنُ اِبتدائي بذكري جيرةَ الحرم / له بَراعةُ شَوقٍ تستهلُّ دمي
دَعني وعُجبي وعُج بي بالرسوم ودَع / مركَّب الجهل واِعقل مطلقَ الرُسُمِ
بانوا فَهانَ دَمي عندي فَها نَدمي / على ملفَّق صَبري بَعد بُعدهمِ
وَذيَّل الدمُ دَمعي يوم فرَّقهم / وَراح حبّي بلبّي لاحقاً بهمِ
يا زَيدُ زَيدَ المنى مذ تمَّ طرَّفني / وَقال هِم بهم تُسعد بقربهمِ
كَم عاذِلٍ عادِلٍ عنهم يصحِّف لي / ما حرَّفته وشاةُ الظُلم والظُلَمِ
ما زِلتُ في حرق منهم وفي حزَن / مشوَّشَ الفكر من خَصمي ومن حكمي
ظنّوا سلوّيَ إِذ ضنّوا فما لفظوا / بذكر أُنسٍ مضى للقَلب في إِضمِ
قدري أَبو حسنٍ يا معنويُّ بهم / ووصفُ حال ابنِه حالٍ بحبِّهمِ
أَجروا سوابقَ دَمعي في محبِّتهم / واِستطردوها كخيلي يوم مزدحَمِ
ذَوى وريقُ شبابي في الغَرام بهم / من اِستعارة نار الشَوق والأَلَمِ
وَلّوا بسخطٍ وعُنف نازحين وقد / قابلتُهم بالرِضا والرفق من أمَمِ
وإِن هُمُ اِستَخدموا عَيني لرَعيهم / أَو حاولوا بذلَها فالسَعدُ من خَدمي
إِنَّ اِفتنانَهم في الحسن هيَّمني / قدماً وقد وطِئت فرقَ السُهى قدمي
لفّي ونَشري اِنتهائي مبدئي شَغفي / مَعهم لديهم إِليهم منهم بهمِ
ما أَسعدَ الظبي لو يَحكي لحاظَهم / أَو كنتَ يا ظبيُ تُعزى لالتفاتِهمِ
أَمَّلت عَودَهم بعد العتاب وقد / عادوا ولكن إِلى اِستدراكِ صدِّهمِ
قالوا وقد أبهموا إِنّا لنرغبُ أَن / نَراكَ من إِضم لحماً على وَضمِ
إِن أَدنُ ينأوا وما قَلبي كقلبهم / وَهَل يُطابَقُ مصدوعٌ بملتئِمِ
أرسلتُ إِذ لذَّ لي حبِّهمُ مثلا / وَقَد يَكون نَقيعُ السمِّ في الدَسمِ
تخييرُ قَلبيَ أَضناني بهم ومحا / منّي الوجود وأَلجاني إلى النَدمِ
راموا النَزاهةَ عن هَجوٍ وقد فَعَلوا / ما لَيسَ يَرضاه حفظُ العَهد والذِمَمِ
هازلتُ بالجِدِّ عُذّالي فَقُلتُ لهم / أَكثرتم العذلَ فاِخشوا كِظَّة البَشمِ
تهكُّماً قُلتُ للواشين لي بهم / لَقَد هُديتم لفصل القول والحِكمِ
قالوا وقد زخرفوا قَولاً بموجبه / فهِمتَ قُلتُ هيامَ الصبِّ ذي اللَممِ
كَم اِدَّعوا صدقَهم يَوماً وما صدقوا / سلَّمتُ ذاكَ فما أَرجو بصدقهمِ
قالوا سَمعنا وهم لا يَسمعون وقد / أَوروا بجنبيَّ ناراً باِقتباسِهمِ
عدلتُ قَصداً لأسلوب الحكيم وقد / قالوا تَشا قلتُ ثَوبَ الصِدق والحكمِ
هديتَ يا لائمي فاِترك موارَبتي / فَلَيسَ يحسنُ إِلّا ترك ودِّهمِ
أحسِن أسئ ظُنَّ حقِّق أدنِ أقصِ أطل / حُك وَشِّ فوِّف أبن أخفِ اِرتحل أَقمِ
من رام رشدَ أَخي غيٍّ هَدى وأَتى / كلامُه جامِعاً للصِدق لا التُهمِ
قالوا تُراجعُهم من بعد قُلتُ نعم / قالوا أَتصدقُ قُلتُ الصِدق من شيمي
وإِنَّني سَوفَ أوليهم مناقضةً / إِذا هرمتُ وشبَّ الشَيخُ بالهرمِ
غايرت غيري في حبِّهم فأَنا / أَهوى الوشاةَ لتقريبي لسَمعهمِ
هُم وشَّحوني بمنثور الدموع وقد / توشَّحوا من لآليهم بمنتظمِ
عدمتُ تذييلَ حظّي حين قصَّره / طولُ التفرُّق والدُنيا إلى عَدمِ
تشابَهَت فيهم أَطرافُ وصفِهمُ / ووصفُهم لم يُطقه ناطقٌ بفمِ
أَنا الَّذي جئتُ تتميماً لمدحهم / نظماً بِقَولٍ يُباهي الدرَّ في القيمِ
هجوتُ في معرض المدح الحسودَ لهم / فَقُلتُ إِنَّك ذو صَبرٍ على السَدَمِ
لَم يَكتَفوا بي عميداً في محبّتهم / بَل كُلُّ ذي نظر فيهم أَراه عَمي
زادَ اِحتباكُ غَرامي يا عَذولُ بهم / فبرّئِ القلب من غيٍّ أَو اِتَّهمِ
نَتائجي اِتَّصلت والاتّصال بهم / عزٌّ وعزّي بهم فَخرٌ على الأُمَمِ
بهجرهم كم وَكَم فلَّ الهوى أمماً / وردَّ صَدراً على عَجزٍ بهجرِهمِ
سَلَوتُ من بعدهم هيفَ القدود فَلَم / أستثنِ إِلّا غصوناً شُبِّهت بهمِ
وقد قصدتُ مراعاةَ النظير لهم / مِن جُلَّنار ومن وَردٍ ومن عَنَمِ
رَفَعتُ حالي إِليهم إِذ خفضت وقد / نصبتُ طَرفي إلى تَوجيه رسلهمِ
طربتُ في البُعد من تمثيل قربهمُ / وَالمَرءُ قد تَزدَهيه لذَّةُ الحلمِ
عاتبت نَفسي وَقُلتُ الشيبُ أَنذرني / وأَنتِ يا نفسُ عنه اليوم في صَممِ
لا برَّ صدقي وعزمي في العُلى قسمي / إِن لَم أَردَّكِ ردَّ الخيل باللُجمِ
وَقَد هُديتُ إلى حسن التخلُّص من / غيّ النَسيب بمدحي سيِّد الأُمَمِ
مُحمَّدٌ أَحمَدُ الهادي البَشير بن عب / د اللَّه فخر نِزارٍ باطِّرادِهمِ
عزُّ الذَليلِ ذَليلُ العزِّ مبغضُه / فاِعجب لعكس أَعاديه وذلِّهمِ
هو القسيمُ له أَوفى القسيمَ على / نَفي القسيم ولا ترديد في القسمِ
زاكي النِجار علوُّ المجد ناسَبَه / زاهي الفَخار كَريمُ الجَدِّ ذو شَمَمِ
أَفضالُه وَمَعاليه ورفعتُه / جمعٌ من الفضل فيه غير مُنقسمِ
أَوصافُه اِنسجمت للذاكرين لها / في هل أَتى في سَبا في نون والقَلمِ
فاِسمع تناسبَ أَطرافِ المديح له / واِفهم معانيه إِن كنت ذا فَهَمِ
معظَّمٌ باِئتلاف المعنيين له / من عفو مقتدرٍ أَو عزِّ منتَقِمِ
كلَّ البَليغُ وقد أطرى مبالغةً / عَن حصرِ بعض الَّذي أولى من النِعمِ
لَو أَنَّه رام إِغراق العداة له / لأَصبح البَرُّ بحراً غير مقتَحَمِ
ولا غلوَّ إذا ما قُلتُ عزمتُه / تَكاد تَثني عهودَ الأَعصر القُدُمِ
قاسوه بالبَحر وَالتَفريقُ متَّضحٌ / أَينَ الأُجاجُ من المستَعذَب الشَبِمِ
تَلميحُه كَم شَفى في الخلق من عِلَلٍ / وَما لعيسى يَدٌ فيها فَلا تَهِمِ
وآدمٌ إذ بدا عنوانُ زلَّته / به توسَّل عند اللَه في القِدَمِ
به دعا إِذ دَعا فرعونُ شيعتَه / موسى فأفلتَ من تَسهيم سحرهمِ
لاح الهُدى فَهَدى تَشريع ملَّته / لمّا بدا لسلوكِ المنهج الأَممِ
وَاللَه لَولا هُداه ما اِهتدى أَحَدٌ / لمذهبٍ من كلام اللَه ذي الحِكمِ
نَفى بإِيجابه عنّا وسنَّتِه / جَهلاً نضلُّ به عن واضِح اللَقمِ
ولا رجوعَ لغاوي نهج ملَّته / بَلى بإرشاده الكشّاف للغُمَمِ
ردَّت بمُعجزه من غير تَوريةٍ / له الغَزالةُ تَعدو نحوَ أُفقهمِ
تجاهلَ العارفُ الباغي فقال له / أَمعجزٌ ما تَرى أَم سحرُ مُجتَرِمِ
وما عليه اِعتراضٌ في نبوَّته / وهو الصَدوق فَثِق بالحقِّ واِلتزمِ
وَقصدُ إِحضاره في الذِهن لاح لنا / لَمّا سَرى فيؤمُّ الرسلَ من أمَمِ
هُوَ العوالمُ عن حصرٍ بأَجمعِها / وَملحق الجزءِ بالكلّي في العِظمِ
تَهذيبُ فطرته أَغناهُ عَن أَدَبٍ / في القول والفعل والأخلاق والشيَمِ
ما زالَ آباؤُهُ بالحمد مذ عُرفوا / فَكانَ أَحمدهم وفق اِتِّفاقِهمِ
ضياؤُهُ الشَمسُ في تَفريق جمع دُجىً / وقدره الشَمسُ لم تُدرك ولم تُرمِ
وَكَم غزا لِلعِدى جَمعاً فقسَّمه / فالزَوجُ للأيمِ والمَولودُ لليُتمِ
فمن يماثلُه أَو من يجانسُه / أَو من يقاربُه في العِلم والعَلمِ
لَقَد تقمَّص بُرداً وشَّعته له / فخراً يدُ الأَعظَمين البأسِ والكَرَمِ
تَكميلُ قدرته بالحلم متَّصفٌ / مَع المهابة في بشر وفي أَضمِ
شَيئان شِبههما شيئان منه لنا / نداهُ في المحل مثلُ البُرء في السَقمِ
سامي الكِناية مهزولُ الفصيل إذا / ما جاءَه الضَيف أَبدى بِشر مُبتسمِ
لا يسلبُ القِرنَ إِيجاباً لرِفعته / وَيسلبُ النقصَ من إِفضاله العممِ
يَجزي العداةَ بعدوانٍ مشاكلةً / وَالفَضلُ بالفضل ضعفاً في جزائهمِ
ساوت شجاعتُه فيهم فصاحته / فردَّهم معجزاً بالكَلم والكَلِمِ
ماضيه كالبرق والتَشبيه متَّضحٌ / ينهلُّ في إِثره ما لاح صوبُ دمِ
إِذا فرائدُ جيشٍ عنده اِتَّسقت / مَشى العُرَضنة والشعواءُ في ضَرمِ
كَفاهُ نصراً على تَصريع جيشهم / رُعبٌ تُراعُ له الآساد في الأُجُمِ
لم تبقِ بدرٌ لهم بدراً وفي أُحُدٍ / لَم يَبقَ من أَحَدٍ عند اِشتقاقهمِ
أَلَم يفد أَجرُ برٍّ جاد في ملأ / لم يستحل باِنعكاسٍ عن عطائهمِ
إِن مدَّ كفّاً لتقسيم النَوال فهم / ما بين مُعطىً وَمُستجدٍ ومُستَلمِ
درى إِشارة من وافاه مُجتدياً / فجادَ ما جادَ مرتاحاً بلا سأمِ
شَمسٌ وبدرٌ ونجم يُستضاء به / ترتيبُه اِزدانَ من فرعٍ إلى قدمِ
جلَّت معاليه قَدراً عن مُشاركةٍ / وهو الزَعيم زَعيمُ القادة البُهمِ
للواصفين عُلاه كلَّ آونةٍ / تَوليدُ معنىً به الأَلفاظُ لم تَقُمِ
إِبداع مدحي لمن لم يُبقِ من بِدعٍ / أَفاد رِبحي فإن أَطنبتُ لم أُلَمِ
ما أَوغلَ الفكرُ في قَولٍ لمدحته / إِلّا وَجاء بعِقدٍ غير مُنفصمِ
فَهَل نوادرُ قَولي إِذ أَتت علمت / بأنَّها مَدحُ خير العُرب والعَجمِ
تطريز مدحيَ في عَلياهُ مُنتظمٌ / في خير منتظم في خير منتظمِ
تكرار قَولي حَلا في الباذخ العَلم / اِبن الباذخ العَلم ابن الباذِخ العَلمِ
وآله الطاهِرون المُجتَبون أَتى / في هل أَتى ظاهِراً تنكيتُ فضلهمِ
هم عصمةٌ للوَرى تُرجى النجاةُ بهم / يا فوز من زانَه حسنُ اِتِّباعهمِ
أَطعهمُ واِحذَر العِصيان تنجُ إِذا / بيضُ الوجوه غدت في النار كالفَحمِ
بُسطُ الأَكفِّ يَرون الجودَ مغنمةً / لا يعرفون لهم لفظاً سوى نَعمِ
ما الروضُ غِبَّ النَدى فاحَت روائحُه / يَوماً بأَضوَع من تَفريغ نعتِهمِ
بيضُ المَكارِم سودُ النقع حمرُ ظبىً / خضرُ الديار فدبِّج وصفَ حالهمِ
تَفسيرُهم وَمَزاياهم وَفخرُهمُ / بعِلمهم وَمَعاليهم وجودِهمِ
لا يَستَطيع الورى تعديدَ فضلهم / في العلم والحلم والأَفضال والكَرَمِ
الحسنُ ناسقَ والإحسانُ وافقَ وال / إِفضال طابقَ ما بين اِنتظامهمِ
ما طابَ تَعليلُ نشرِ الريح إذ نسمت / إلّا لإلمامها يوماً بأَرضِهمِ
من التعطُّف ما زالوا على خُلقٍ / إِنَّ التعطّفَ معروفٌ لخلقهمِ
يعفونَ عَن كُلِّ ذنبٍ إذا قدروا / مُستتبعين نداهم عند عَفوِهمِ
تمكينُ عَدلٍ لهم أَرسَوا قواعدَه / يَرعى به الذئبُ في المَرعى مع الغنمِ
وظنُّهم زادَ إيضاحاً وَبخلُهُم / بعرضِهم وَنَداهم فاض كالديمِ
ان شئتَ في معرِض الذمِّ المديح فقل / لا عَيبَ فيهم سوى إِكثارِ نيلهمِ
محقِّقون لتوهيم العِدى أَبَداً / كأَنَّهم يعشقون البيض في القِمَمِ
من كُلِّ كاسرِ جَفنٍ لا هدوَّ له / من الغِرار فخذ أَلغاز وصفهمِ
هم أَردَفوا عَذَب الخَطّي جائلةً / حيث الوشاحُ بضرب الصَارم الخذمِ
قُل في عليٍّ أَمير النَحل غُرَّتهم / ما شئتَ وفق اِتِّساعِ المدح واِحتكمِ
لا تعرضنَّ لتعريضي بمدحتِه / فإِنّني في وِلادي غيرُ متَّهمِ
همُ همُ اِئتلفوا جمعاً وما اِختلفوا / لَولا الأبوَّة قلنا باِستوائهمِ
إِيداع قَلبي هواهم شاد لي بهم / من العناية رُكناً غير منهدِمِ
الحَمدُ لِلَّه حَمداً دائماً أَبَداً / على مواردَتي قَومي بحبِّهمِ
إِنَّ اِلتزاميَ في ديني بجدِّهم / ما زالَ يفعم قَلبي صدقُ ودِّهمِ
إِذا تزواج إِثمي فاِقتضى نقمي / حقّقتُ فيهم رَجائي فاِقتَضى نعمي
هم المجاز إِلى باب الجنان غداً / فَلَستُ أَخشى وهم لي زلَّةَ القَدمِ
جرَّدتُ منهم لأعناق العدى قُضباً / تبري الرقابَ بحدٍّ غير منثَلمِ
حقَّقتُ إِيهام توكيدي لحبِّهم / ولم أَزَل مغرياً وجدي بهم بهمِ
بهم ترصَّع نظمي واِنجلى أَلَمي / وكم توسَّع علمي واِعتلى عَلَمي
طَويتُ عَن كُلِّ أَمر يُستَلذُّ به / كشحاً وقد لذَّ لي تفصيل مدحهمِ
إِذا أَتَيتُ بِتَرشيحٍ لمدحتهم / حلّى لِساني وجيدي فضلُ ذكرهمِ
حذفتُ ودَّ سِوى آل الرَسول ولم / أَمدح سِواهم ولم أَحمَد ولَم أَرُمِ
تَقييدُ قَلبي بمدحي فيهم شَرفي / في النشأتين ففخري في مديحهمِ
سمَّطتُ من فَرحي في وصفهم مِدَحي / ولَم أَنَل منحي إلّا بجاهِهِمِ
جزّيتُ في كلمي أَغليتُ في حكمي / أَبديتُ من هممي أَرويتُ كلَّ ظمي
نلتُ السَلامةَ من بحر القريض وقد / سلكتُه لاِختراعي درَّ وصفهمِ
وَصحبُه الأوفياءُ الأَصفياء أَتى / تضمينُ مزدوجٍ مدحي لجمعهمِ
لَفظي وَمَعنايَ قد صحَّ اِئتلافُهما / بمدح أَروعَ ماضي السَيف والقَلَمِ
موازنٍ مازنٍ مستحسنٍ حَسَنٍ / معاونٍ صائنٍ مستمكنٍ شهمِ
تأَلَّف اللفظُ والوَزنُ البسيط له / فاِطرَب له من بديع النظم منسجمِ
وأَلَّف الوَزنُ والمعنى له لسني / بِمقوَلٍ غير ذي عيٍّ ولا وجمِ
وَجاء باللَفظ فيه وهو مؤتلفٌ / باللَفظ يحدو به الحادون بالنَغمِ
لا ترض إِيجازَ مدحي فيه واِصغ إلى / مَدحي الَّذي شاعَ بين الحلِّ والحرمِ
تسجيع منتظمي والغرُّ من حكمي / ألفاظها بِفَمي دُرٌّ من الحكمِ
وأَنتَ يا سيِّدَ الكَونين معتَمدي / في أَن تُسهِّل ما أَرجو ومعتَصمي
أَدمجتُ مدحك والأيّام عابسةٌ / وأَنتَ أَكرمُ من يُرجى لدى الأزمِ
وَكَم مننتَ بلا منٍّ على وَجلٍ / من اِحتراس حلول الخطبِ لم يَنَمِ
حسنُ البيان أَرانا منك معجزةً / أَضحت تقرُّ لديها الفصحُ بالبكمِ
نُصِرتَ بالرُعب والأَقدارُ كافيةٌ / وَعَقد نصركَ لم يحلُله ذو أَضمِ
كَم ماردٍ حردٍ شَطرته بيدٍ / تَشطيرَ منتقمٍ باللَه مُلتَزمِ
فمن يُساويكَ في فضلٍ ومكرمةٍ / وأَنتَ أَفضَلُ خلق اللَه كلِّهمِ
براعتي أَبت التَصريح في طلبي / لما رأَت من غوادي جودِك السَجمِ
أَلحِق بحسن اِبتدائي ما أَنالُ به / حسنَ التخلُّص يَتلو حُسنَ مُختَتَمِ
مثالُ نعلِ رَسول اللَه ذي الكرمِ
مثالُ نعلِ رَسول اللَه ذي الكرمِ / شفاءُ كلِّ عَليلٍ من ضَنى السَقمِ
أَكرم به من مِثالٍ زانه شَرَفٌ / من أَشرَف الرُسلِ خير الخَلق كلِّهمِ
محمّدٍ أَحمد المحمود مَن شَرُفت / بوطئ نعليه أَرضُ القُدس والحرَمِ
فاِلثمهُ لثم محبٍّ لم يفُز بِلقا / حَبيبه فرأى الآثارَ للقدَمِ
وعفِّر الخدَّ فيه واِكتحل نظراً / به فرؤيتُه تَشفي من الأَلَمِ
واِحملهُ تظفَر بما تَرجوه من أَمَلٍ / واِحفظه تُحفظ من الأَسواء واللَممِ
وَكَم نَجا حاملوهُ الحافظونَ له / من سوءِ خَطب ملمٍّ فادحٍ عَممِ
وَراجعِ النَفحات العنبريَّة في / وَصفِ النِعال الَّتي فاقَت على القِمَمِ
تَظفَر بِما يُبرئ الأَبصارَ من رَمَدٍ / وَالقلبَ من كمد والسَمعَ من صَمَمِ
لِلَّه دَرُّ إِمامٍ حبَّرت يَدُه / تلك الدراري الَّتي صيغت من الكَلمِ
وَكَم فَتىً فاتَه لثمُ النِعال غدا / يَرجو وَيأملُ أَن يَلقاه من أمَمِ
وَراحَ ينشدُ والأشواق تزعجُه / مثالَ نعليه هلّا قُبلةً بِفَمِ
صحَّت لصحَّتكِ العلياءُ والكرمُ
صحَّت لصحَّتكِ العلياءُ والكرمُ / وأَصبح المجدُ بعد الروع يبتسمُ
وأَسفرت أَوجُهُ الآمال ضاحكةً / واِستبشرت بشفا عليائِك الأُممُ
وأَصبح الدستُ مملوءاً سَنى قمر / تُجلى بطلعته الأَحلاكُ والظُلَمُ
يَفديك كُلُّ مفدّىً في عشيرته / وَيُمرضُ الضرُّ من يَشناك والسَقُمُ
لا جاوزت سوحَك العلياءُ قطُّ ولا / عدت نواحيكَ الأَفراحُ والنِعمُ
ولا برحتَ مدى الأَيّام في نِعمٍ / مؤمَّلاً يُمترى من كفِّك الكرمُ
مَهلاً سقتكَ الغوادي هاطلَ الديم
مَهلاً سقتكَ الغوادي هاطلَ الديم / من ذا يباريك في قَولٍ وفي حكمِ
نطمتَ قسراً نجومَ الأفق في نسَقٍ / ورمتَ نظمي وأَين الأفقُ من كَلِمي
ما الدرُّ في نَسقٍ والبدرُ في أفقٍ / والليثُ في نقمٍ والغَيثُ في كرمِ
أَبهى نظاماً وأَسنى منك مطَّلعا / أَدهى اِنتقاماً وأَجدى منك في نعمِ
فَهل لمن رامَ أَن يَحكي عُلاك عُلاً / في مثل هذي المساعي الغرِّ من قدمِ
إِن رمت فخراً فَقُل ما شئتَ من هِمَمٍ / أَو رمتَ مشياً فطأ ما شئت من قمَمِ
ما نفثهُ السِحر إلّا شعرك السامي
ما نفثهُ السِحر إلّا شعرك السامي / يا من عَلا كلَّ نثّارٍ ونَظّامِ
لأَنتَ أَفصحُ من لاقيتُ من يمنٍ / ومن شآمٍ على الإطلاق يا شامي
دَع النَّدامةَ لا يذهب بك النَّدَمُ
دَع النَّدامةَ لا يذهب بك النَّدَمُ / فَلستَ أَوَّلَ من زَلَّت به قَدمُ
هيَ المَقاديرُ والأَحكامُ جاريةٌ / وَللمهيمن في أَحكامه حِكمُ
خفِّض عليك فما حالٌ بباقيةٍ / هَيهات لا نعمٌ تَبقى ولا نِقمُ
قد كنتَ بالأمس في عزٍّ وفي دعةٍ / حيث السرورُ وصفو العيش والنِعمُ
وَاليوم أَنتَ بدار الذلِّ مُمتهنٌ / صفرُ اليدين فلا بأسٌ ولا كَرَمُ
كأَنَّ سَيفكَ لم تلمع بوارقُه / وَغيث سَيبك لم تهمَع له ديمُ
ما كانَ أَغناكَ عن حِلٍّ ومرتحلٍ / لَولا القَضاءُ وما قد خطَّه القَلَمُ
يا سفرةً أَسفرت عن كُلِّ بائقةٍ / لا أَنتجت بعدكَ المهريَّةُ الرُسُمُ
حللتُ في سوح قومٍ لا خلاقَ لهم / سيان عندهم الأَنوارُ والظُلَمُ
تَسطو بأسدِ الشَرى فيها ثعالبُها / وَالصقرُ تصطادُه الغربانُ والرخَمُ
وَيفضل الغمدُ يوَ الفخر صارمه / وَتَستَطيلُ على ساداتها الخدمُ
إِن لَم يبن لهم فضلي فلا عَجبٌ / فَلَيسَ يُطربُ شادٍ من به صمَمُ
أَو أَنكروا في العُلى قدري فقد شهدت / حتماً بما أَنكَروه العُربُ والعجمُ
ما شانَ شأني مقامي بين أَظهرهم / فالتبرُ في التُرب لم تنقص له قيمُ
لا تعجبوا لهمومي إِن برت جسدي / وأَصبحت نارُها في القلب تَضطَرِمُ
فهمُّ كلِّ امرئٍ مقدار همَّته / وَلَيسَ يفترقان الهَمُّ والهِمَمُ
لا كانَ لي في رقاب المعتفين يدٌ / ولا سعت بي إلى نحو العُلى قَدمُ
إِن لم أَشقَّ عُباب البحر ممتطياً / هوجاءَ لَيسَ لها عقلٌ ولا خطمُ
أَمّا الركابُ فقد أَوليتُهنَّ قِلىً / وَالخَيلُ لا قرعت أَشداقَها اللُجمُ
ما زِلتُ أَطوي عليها كلَّ مقفرة / يهماء لا نُصُبٌ فيها ولا عَلَمُ
فَلَم أَنَل عندها مِمّا أُؤمِّلُه / إِلّا أَمانيَّ نفس كلُّها حُلمُ
يا للرِجال لخطب جلَّ فادحُه / حتّى المعارفُ ضاعَت عندها الذممُ
ما إِن وثقت بخلّ أَو أَخي ثقةٍ / إِلّا دَهاني بخطب شرُّه عَممُ
وكُلُّ ذي رَحمٍ أَوليتُه صلةً / شكت إِلى رَبِّها من قطعِه الرَحِمُ
هَذا اِبنُ أُمّي الَّذي راعيت قربتَه / ما كانَ عِندي بسوء الظنِّ يُتَّهمُ
أَدنيتُه نظراً مني لحرمته / وَذو الديانة للأَرحام يحترمُ
أَضحى لِعرضي مَع الأَعداءِ منتهكاً / وَراحَ للمال قبلَ الناسِ يلتهمُ
ما صانَ لي نسباً يوماً ولا نشباً / ولا رَعى لي عهوداً نقضُها يَصِمُ
قَد كنتُ أَحسبه بالغيب يحفظني / وَلَو زوانيَ عنه المَوتُ والعدمُ
حتّى إِذا غبتُ عنه قامَ منتهباً / داري وراح لما خلَّفتُ يغتنمُ
تاللَه ما فعلَ الأَعداءُ فعلتَه / كلّا ولا اِهتَضَموا ما ظلَّ يهتضمُ
هلّا نَهاهُ نُهاه أَو حفيظتُه / عن سلب ما حُلّي النسوانُ والحُرَمُ
وافى بهنَّ وما أَوفى بذمَّته / سُلباً عواطلَ لا سورٌ ولا خَدمُ
أَين الفتوةُ إِن لم يَنهَهُ ورَعٌ / وَلَم يَخَف غبَّ ما قد راح يجترمُ
هبه أَضاعَ إِخائي غير محتشمٍ / أَلَيسَ عن دون هَذا المَرءُ يحتَشِمُ
كأَنَّه كان مطويّاً على إِحنٍ / فَعِندما غبتُ عنه راح ينتقمُ
ما كانَ هَذا جَزائي إذ رَعيتُ له / حقَّ الإخاءِ ولكن للورَى شيمُ
فَقُل سَلامٌ على الأَرحام ضائعةً / فَقَد لعمري أَضاعَت حقَّها الأُمَمُ
يا قائِلاً إِنَّ قشرَ البُنِّ قد حَرُما
يا قائِلاً إِنَّ قشرَ البُنِّ قد حَرُما / لكونه مُفسداً عقلَ الَّذي طَعِما
إِفسادُه العقلَ مَمنوعٌ كما شَهِدَت / به التَجاربُ فاِسأل من به عَلما
وإِن بتحريمِهِ أَفتى مكابرةً / أَبو كثيرٍ فدَعهُ والَّذي زَعَما
فَلَيسَ تحريمُه يوماً بضائِرنا / إِذ كانَ إفسادُه للعقل قد عُدِما
وَما يحلِّلُ شَيئاً أَو يحرِّمُه / إلّا الَّذي خلقَ الأَشياءَ لا العُلَما
ليقعد الدَّهرُ بي ما شاءَ وليَقُم
ليقعد الدَّهرُ بي ما شاءَ وليَقُم / لَيسَ التَضاؤل للأَهوال من شيمي
ما جرَّدَ الدَهرُ عضباً من فوادحه / إلّا وجرَّدتُ عضباً من شبا هِممي
كَم عاذِرٍ عاذلٍ في الدهر قُلتُ له / أَقصر فَلَيتكَ لم تعذُر ولم تلمِ
غيري لتَهدي اللَيالي ولتضلّ به / فَلَستُ منها على حال بمتَّهمِ
أَنضو اللَيالي وتَنضوني منادمةً / وما قرعتُ بها سنّاً من النَدمِ
فَقُل لِمَن سامني صبراً على مضضٍ / من القطيعة عمداً غير محتشِمِ
لا تحسَبنّي وإِن أَلفَيتَني سَلَماً / يَوماً بمستسلم للحادث العممِ
لئن صدعتَ صَفاةَ الشمل مجتهداً / فَما عطفتَ على قُربى ولا رحِمِ
ماذا عَلى الفَرع خانته الأصولُ إذا / تأَصَّل الفَرعُ بين المَجدِ والكَرَمِ
رِيعَت وقد أَبصرت نَبتَ العذار بدا
رِيعَت وقد أَبصرت نَبتَ العذار بدا / كالرَوض يفترُّ عن غبٍّ من الديمِ
فَقُلتُ ما الشعرُ هَذا ما ترينَ به / وإنَّما هو نَبتُ الحِلم والكَرَمِ
اِشرب هَنيئاً عليك التاج مرتفقا
اِشرب هَنيئاً عليك التاج مرتفقا / بصوت شادٍ ودضع شاذاً وغمدانا
إِن كانَ أَلبسَت العليا ابنَ ذي يَزنٍ / تاجاً فقد أَلبستك اليومَ تيجانا
بانوا فَليت غَرامي بعدَهم بانا
بانوا فَليت غَرامي بعدَهم بانا / واِستشعر القَلبُ بعد البَين سُلوانا
لا بل سَروا بفؤادي قبلَ سيرهم / وأَبدَلوا من جَميلِ الصَبرِ أَحزانا
هَل يَعلَم الصَحبُ أَنّي بعد فُرقتِهم / أَبيتُ أَرعى نجومَ اللَيل سَهرانا
أَقضي الزَمانَ ولا أَقضي به وَطَراً / وأَقطعُ الدَهرِ أَشواقاً وأَشجانا
ولا غَريبَ إِذا أَصبَحتُ ذا حَزَنٍ / إنَّ الغَريبَ حزينٌ حيثما كانا
أَرى فؤادي وإِن ضاقَت مسالكُه / بمدح نَجل رَسول اللَهِ جَذلانا
عمّار أَبنيةِ المجد الَّذي رَفَعت / آباؤُه الغرُّ من ناديه أَركانا
السيِّدُ الماجدُ النَدبُ الشَريفُ ومن / قد بذَّ بالفضل أَكفاءً وأَقرانا
سما به النسبُ الوضّاح فاِجتمعت / فيه المَحامدُ أَشكالاً وأَلوانا
يا واسعَ الخُلق إِفضالاً ومكرُمةً / وموسعَ الخَلق إِنعاماً وإِحسانا
فُقتَ الكرامَ بما أَولَيتَ من كَرَمٍ / لِلَّه درُّك مِفضالاً ومِعوانا
ما قلتَ في المجدِ قَولاً يوم مُفتخر / إِلّا أَقمتَ عليه منك بُرهانا
لا زلتَ في الدَهر مرضيَّ العُلى أَبَداً / وَنائلاً من إِلَه الخَلق رِضوانا
عَلَيكَ منّي سَلامُ اللّه ما صَدحت / ورقُ الحمام وهزَّ الريحُ أَغصانا
شَوقي إليكم يا أَهل ودّي
شَوقي إليكم يا أَهل ودّي / أَلَّف بينَ الأَسى وَبَيني
هَذا وَشَوقي لكم أَراه / شَوقاً لِنَفسي من غير مَينِ
وصدقُ ما أَدَّعيه فيكم / أَنَّ عليّاً أَبو الحُسَينِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025