وُفِّقتَ مُرتَحِلاً في الوِردِ وَالصَدرِ
وُفِّقتَ مُرتَحِلاً في الوِردِ وَالصَدرِ / وَأُبتَ مُغتَنِماً بِالعِزِّ وَالظَفَرِ
مَواهِبٌ خَصَّكَ المَولى الكَريمُ بِها / مِن فَضلِهِ لَم تَكن في قُدرَةِ البَشَر
لِلَّهِ فيكَ عِناياتٌ سَتَبلُغُها / تُرى بها سَيِّداً لِبَدوِ وَالحَضَرِ
إِنَّ السَعادَةَ قَد لاحَت مَخايِلُها / عَلَيكَ مِن قَبلِ ذا في حالَةِ الصِغَرِ
مِنها اِسمُكَ اِشتُقَّ إِذ كُنتَ السُعودَ لَنا / فَجِئتَ أَنتَ وَإِيّاها عَلى قَدَرِ
إِنَّ الذينَ سَروا في لَيلِ بَغيِهِم / مُنوا بِسَوطِ عَذابِ اللَهِ في السَحَر
ظَنّوا تَغاضِيَكُم عَنهُم وَحِلمَكمُ / عَن جَهلِهِم أَنَّهُ ضَربٌ مِنَ الخورِ
أَما دَرَوا وَيلَهُم أَنَّ الأُسودَ لها / إِغضاءُ مُستَصغِرٍ لِلضِدِّ مُحتَقِرِ
لكِن إِذا أَصحَرَت كانَ المُهيجُ لها / فَريسَةً بينَ نباِ اللَيثِ وَالظُفُر
يا بنَ الهداةِ حُماةِ الدينِ إِنَّ لكُم / نُصحاً عَلَينا كَما قَد جاءَ في السُوَرِ
وَالنُصحُ إِن لَم يَكُن رَأيٌ يُؤَيِّدُهُ / مِنَ السِياسَةِ لَم يُؤمَن مِنَ الضَرَرِ
وَالعِلمُ إِن لَم يَكُن عَقلٌ يُؤازِرهُ / فَإِنَّ صاحِبَهُ مِنهُ عَلى خَطرِ
كَذاكَ لِلمُلكِ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ / هُنَّ القِوامُ لهُ مِن سالِفِ العُمُرِ
الوَحيُ والسَيفُ وَالحَزمُ الحَصيفُ كَذا / رَأيُ المُحَنَّكِ بِالتَجريبِ ذي البَصَرِ
وَقِس عَلى ما مَضى باقي الزَمانِ فَكَم / نَورٍ تَفَتَّقَ عَن مُرٍّ مِنَ الثَمَرِ
إَنَّ الرَعِيَّةَ لا تُصفيكَ طاعَتَها / حَتّى تَشوبَ لها التَرغيبَ بِالحَذرِ
فَالحُرُّ يَكفيهِ أَن تُسدي إِلَيهِ نَدىً / وَذو اللامَةِ حدَّ الصارِمِ الذَكرِ
وَالسوءُ يُزجَرُ قَبلَ الفِعلِ قائِلهُ / إِنَّ المَقالَ بَريدُ الفِعلِ فَاِعتَبر
لا تَحقِر الشَرَّ نَزراً في بِدايَتِهِ / كَم أَحرَقَ الزَندُ يَوماً حُرجَةَ الشَجَرِ
لا تَطمَئِنَّ إِلى مَن أَنتَ واتِرُهُ / إِنَّ العَداوَةَ كَسرٌ غَيرُ مُنجَبِرِ
إِن بانَ خَصلَةُ سوءٍ مِن فَتىً فَلَها / نَظائِرٌ عِندَهُ قَد جاءَ في الخَبرِ
وَعاجِلِ الداءِ حَسماً قَبلَ غائِلَةٍ / إِنَّ العِلاجَ لَبَينَ البُرءِ وَالخَطرِ
اِنظُر إِلى عُمَرَ الفاروقِ كَيفَ نَفى / نَصراً بِلا رُؤيَةٍ بِالعَينِ أَو خَبَرِ
وَلم يَكُن ذاكَ عَن ذَنبٍ تَقَدَّمَهُ / لكِن لِأَمرٍ بِسِرِّ الغَيبِ مُستَتِرِ
بَل عَن تَمَنّي فَتاةٍ لَيسَ يَعلَمُها / وَلَم تَكُن مِن ذَواتِ الفُحشِ وَالعَهَرِ
هذا دَليلٌ عَلى أَنَّ الإِمامَ لهُ / أَن يُعمِلَ الظَنَّ في مَن بِالفَسادِ حَري
فَاِعمَل لِوَقتِكَ أَعمالاً تَليقُ بهِ / فَذا زَمانُ اِمتِزاجِ الصَفوِ بِالكَدَرِ
فَيا جَمالَ بَني الدُنيا وَبَهجَتَهُم / وَاِبنَ الأُولى هُم جَمالُ الكُتبِ وَالسِيَرِ
فُقتَ المُلوكَ بِبَأسٍ في الوَغى وَنَدىً / إِنَّ النُجومَ لِيُخفيها سَنى القَمَرِ
أَبوكَ عَبدُ العَزيزِ المُرتَضى كَرَماً / وَمُكرِمُ البيضِ وَالعَسّالَةِ السُمُرِ
مَلكٌ تَجَسَّدَ مِن بَأسٍ وَمن كَرَمٍ / كَالغَيثِ وَاللَيثِ في نَفعٍ وَفي ضَرَرِ
أَرعى الجَزيرَةَ عَيناً غَيرَ راقِدَةٍ / فَلَم يَبِت ضِدُّهُ إِلّا عَلى حَذَرِ
وَأَنتَ تَتلوهُ مُستَنّاً بِسُنَّتِهِ / أَكرِم بِها سُنَناً مَحمودَةَ الأَثرِ
أَرضَيتَ رَبَّكَ في حَربِ البُغاةِ كَما / أَرضَيتَ سَيفَكَ في اللَبّاتِ وَالنَحَرِ
خُذها اِبنَةَ الفِكرِ أَمثالاً مُهَذَّبةً / كَالتِبرِ فُصِّلَ بِالياقوتِ وَالدُرَرِ
تَختالُ بَينَ الوَرى تيهاً بِمَدحِكُمُ / إِنَّ المَدائِحَ فيكُم حَليُ مُفتَخِرِ
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى / أَزكى البَرِيَّةِ وَالمُختارِ مِن مُضَرِ
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ ما صَدَحَت / وَرقاءُ في فَنَنٍ قَد حُفَّ بِالزَهَرِ