المجموع : 112
ما أنس يومَ بدت في القطر حادثةٌ
ما أنس يومَ بدت في القطر حادثةٌ / من الحوادِث تُنسي الوالدَ الولدا
وإذ أَلمت به دهياء كارثة / فأورثته الجوى وَالحُزنَ وَالكمدا
إذ عمَّه كوباء جارفٍ رهَجٌ / ما سارَ عَن بلد إلا أَتى بلدا
فَلَم يذر غير ممسوس به شرفاً / وَلَم يدَع غير مكلومٍ به كبدا
أَحب أن يجد اليوم الَّذي بهجت / أَنواره عين أَهليه فما وجدا
الأمْنُ قد زالَ والأيام قد فسدت / وَالعُود بعد اِعتدال منه قد أودا
لَم يَبقَ في الناس لا صبر ولا جلد / إن المصائب توهي الصبر وَالجلدا
لا دجلة دجلة من بعد نكبتها / وَلا الزَمان بواديها كَما عهدا
من كانَ يسكن في أمنٍ ضواحيها / قد قوَّض البيت والأوتاد وَالعمدا
ظنوا الهدى في الَّذي جاؤوه من عملٍ / وَقَد يَكون ضلالاً ما يُعدُّ هدى
من لم يهذِّبه علمٌ في شَبيبَته / فإنه لا يُلاقي بعدها رشدا
قالوا عَسى أن تنيل الشعب ثورته / سعادة غير أَنَّ الشعب ما سعدا
بل السَعادة في ترك الخصام وَفي / أن يصلح المَرء دنياه وَيجتهدا
لا يأمن المدلج الساري تورُّطَهُ / ما لَم يوطِّد له من عقله سندا
لَو قدَّروا الأمر ما ثارَت عجاجتها / وَلا شكت عينهم من خوضها الرمدا
ورب وارد ماء جاءه قدرٌ / فَما أَساغ له الماء الَّذي وردا
وَذي لهاث قد اِشتدت حرارته / حتى إِذا هُوَ لاقى حتفه بردا
هَذا جزاء امرئٍ قَد كانَ في سعة / من المَعيشة إلا أنه كندا
فَيا لَها فتنةً عمياءَ ثائرةً / قد عذَّبت من بنيها الروح وَالجسدا
ما نابَ غائبَها ما ناب شاهدَها / وَلَيسَ من غاب عَن شر كمن شهدا
وأسعد الناس من قد كان معتزلاً / يلازم الظل في اليوم الَّذي صخدا
قد أَفلح المتروي في عزيمته / وَكل قصد إذا زالَ الضلال هدى
ما نفع من عاش في أَيام مفسدة / من الحَياة إذا كانَت له نكدا
إذا الفَتى بان فيه الوهنُ وَالكبرُ
إذا الفَتى بان فيه الوهنُ وَالكبرُ / فأَيَّ عيش من الأيام ينتظرُ
قَد كنت أَرغب في الأسفار منتقلاً / إلى بلاد نأت إذ كنت أَقتدر
يا حبذا تلعة كانَت تطلُّ عَلى / أرضٍ تجاور فيها الماء وَالشجر
وَاليَوم عَن سفري في الأرض يوقفني / خلوّ ذاتِ يدي وَالضعف وَالخور
قد كنت في كل يوم راكِباً سفراً / وَاليَوم قد حانَ عَن دنياي لي السفر
أَكل يوم نعيّ يقرع الأذنا
أَكل يوم نعيّ يقرع الأذنا / وَصاحب لي يأَتي أَنه دُفنا
خلت حماة بصنع الموت من حسنٍ / أَيَعلَم الموت ماذا في حماة جنى
ما كنت أَحسب أَنَّ الموت من سغبٍ / يأَتي فيخطف من أَبنائها حسنا
كأنني بشباب في حماة جثوا / يَبكون حول ضَريح ضمه حزنا
يؤبنون حَكيماً في حفيرته / مغيَّباً زارها فاِختارها سكنا
لَهفي عَلى الناس فيها أنهم دفنوا / لهم أَمانيَّ في ملحودة وَمُنَى
قَد كانَ للشعر ماء في مناهله / يسيل وَاليَوم ذاكَ الماء قَد أسنا
سَعى فَلَم ين يوماً في هدايتهم / وَغيره قَد سَعى من قبله فونى
إنّا لَفي زمنٍ ما للشعوب به / يوماً عَن العلماء المصلحين غنى
لَو كانَ يفدى فَقيد من مَنيته / لكنت أَول من يفدي الفَقيد أَنا
يا راحلاً لديار أَهلُها اِعتزلوا / أخبر هناك بحق ما لَقيت هنا
أُريد علماً بأسرار الحياة فَهَل / أستنطق الروح أَم أستنطق البدنا
أَكبِرْ بحرٍّ يَقول الحق ينصره / وَلا يُبالي أَسرّاً قال أَم علنا
وَهَل يضر حَكيماً ماتَ عَن أَدَبٍ / أن لا يَكون لقبر نام فيه سنى
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ / فَبت من شدة الأشجان أرتجفُ
لَم يبد حينئذ مني عَلى جلدي / إلا وجوم وإلا أَدمعٌ تكف
لَقَد أَصابَت وليَّ الدين كارثة / أَودت به وَكَذاك الشمس تنكسف
أَرى الدواوين بعد اليوم ناقصة / تعوزها كلمات منك تقتطف
كَم من وجوه تَرى في مصر شاحبة / لرزئها وَقُلوب للأسى تجف
قالوا وَلي يُراعي الوقت ملتزماً / وَالحزم ذلك يأَتيه الألى حصفوا
هب ذاكَ عيباً تشين الحرَّ قالتُهُ / فأي شمس أَضاءَت ما بها كلف
أتعبت نفسك في الإصلاح مجتهداً / بما كتبت وأنت الناحل الدنف
حتى مرضت فبت اللَيل مشتكياً / من طول إظلامه وَاللَيل منتصف
وإن داءك من بعد اِستحالته / أعيا الأطباء في مصر كَما اِعترَفوا
واِشتد من غير إنذارٍ فمت به / كَذَلِكَ الغصن بالنكباء ينقصف
وَرب داء عياء لا دواء له / يأَتي المَريض عَلى أَعقابه التلف
ما كانَ أعدله لَو كانَ يمهله / لكنما الموت في الأحكام معتسف
كانَ الجَدير به إبقاء جذوته / إذ لَيسَ في نشر أنوار الهدى سرف
ما كُنتُ أَجهَل مذ شق الهدى بصرى / أنَّ الَّذي هُوَ ماش للونى يقف
وَللحياة نواميس ملازمة / وَيل لِمَن هُوَ عنها كانَ ينحرف
كل امرئٍ واقف منها عَلى جرف / وَسَوفَ ينهار في يوم به الجرف
يسوؤني أن داراً أَنتَ نازلها / ما إن لها فسحة تَكفي وَلا غرف
ما أكبر الحزن في قلب امرئٍ كلف / شطت بمن هُوَ يَهواهم نوى قذف
ما جاءَ وصف وَليٍّ في مصاحبة / إلا وَفضل وليٍّ فوق ما وصفوا
قابلته في فروق لَيلَةً وَلَقَد / رأَيت فيه أديباً كله طرف
أَبقَت مُقابلتي إياه حينئذٍ / ذِكرى له في فؤادي لَيسَ تنصرف
وَلست أنسى انتصارات له صدقت / في محنَتي بل أنا بالفضل معترف
أسفت إذ قيل لي أن الوليّ قضى / وَهَل يفيد عَلى من قد قَضى الأسف
قَد كانَ زينة مصر في كتابته / كأنما هُوَ في آذانها شنف
يَقول من كانَ يلقى نظرة صدقت / عليه ما هُوَ إلا روضة أُنُف
أَخشى وَقَد سارَ سير المصلحين بهم / أَن لا يَسير عَلى آثاره الخلف
كانَ الوليّ لعمري في كتابته / من الألى لصروح الوهم قد نسفوا
ما إِن هنالك تَقليد فينقصه / وَلا جمود عَلى ما خطه السلف
يا كَوكباً قَد تَوارى بعد مطلعه / بمن تخفف عنا بعدك السدف
يا مصر إنك أنت اليوم آسية / عَلى الوليّ وَما بغداد تختلف
إن الوَلي قضى بالرَغم عَن أَملي / وَما قَضى منه ذاك المجد وَالشَرف
في الروض نَور كَثير لا عداد له / لكنما الزهرة الحَسناء تقتطف
منها أَتى وَإليها عاد منطفئاً / ما إن عَن الأرض للإِنسان منصرف
وَما رأَيتَ بما قد عشت من عمر / كالمَوت سيلاً لمن لاقاه يجترف
لَقَد يسوؤك يا من ضمه جدث / أن القبور بيوت ما لها شرف
ما أَعجب الأرض أُمَّاً غير مشفقة / من بعد أَن تلد الأبناء تلتقف
كَم من أناس لأصحاب لهم دفنوا / وَمن دموع عَلى أَجداثهم ذرَفوا
وَكم أناس ذَوي جاه وَمنزلة / بَكى عليهم أناس بعد ما هَتَفوا
كل امرئٍ سوف تأَتيه منيته / وَعلَّ في الروح سراً سوفَ ينكشف
الدهر أَنحى عَلى الإنسان يقتله / فَمَن ترى منه للإِنسان ينتصف
ما زالَ يَرمي سهام الموت عَن كثب / وَكل ذي مهجة يوماً له هدف
وَهَل تسر حَياة قَلب صاحبها / وَفي أكف الردى من حبلها الطرف
إليك يا نفس عني لا تلوميني
إليك يا نفس عني لا تلوميني / إن الملام عَلى ما جئت يؤذيني
يا نفس لومك هَذا مكثر شجني / أَلَيسَ ما بي من الأشجان يَكفيني
يا نَفس إني عَلى ما قد تعاورني / من المصائب مَفجوعٌ فَسليني
نشرت لِلقَوم آراء أريد بها / إصلاح دنياهم لا الطعن في الدين
فإن أَصبت فَهَذا نافع حسنٌ / أَو كنت أَخطأت فيها فليردوني
ما إن إردت بها إلا إقالتهم / فَهَل يَليق بِقَومي أن يهينوني
رَدُّوا بسبِّيَ ما يعزى إلى قَلَمي / كأنما السب من بعض البراهين
أَلَستُمُ يا بُني بغداد فادَّكروا / أَبناء قوم خلوا شم العرانين
أبناء قوم بنوا للعلم أَندية / كأنهن مَقاصير الخواقين
وأكرموا العلماء المصلحين لما / أَبدوه بالصدق من رأَيٍ وَتلقين
ما بالكم قد سلكتم غير منهجهم / مبدِّلين قساوات من اللين
المال للعلم مُدْن فاشتروه به / لَيسَ الَّذي يَشتَري علماً بمغبون
خذوه مَهما تناءى عَن مواطنكم / من كل مملكة حتى من الصين
كأنهم من شعاع الشمس قد جبلوا / وأكثر الناس مجبولون من طين
ماتوا وَفي الأرض ذات العرض قد دفنوا / إلا اسمهم فهو فيها غير مدفون
راجحت أعلامهم في كل ما وَضَعوا / من العلوم فما خفت موازيني
أَلَم أَكُن قبلما الدستور ينشلكم / أَذبّ عَن حقكم حيف السَلاطين
أَلَم أُحارِب لكم عبد الحَميد وَقَد / عتا فألبسكم ثوباً من الهون
له من الأنس شَيطانٌ يضللكم / وكانَ شيطانه شرَّ الشَياطين
أَلَم أَحام بشعري عَن حقائقكم / فصانه أَهل مصر في الدواوين
نعم بنيت بشعري في البلاد لكم / مجداً يَدوم جزاء غير ممنون
إن الأكف الَّتي قد كنت آملها / للذود صارَت مع الأيام ترميني
أَمسَت رماح بَني عمي وَقَد غضبوا / تَنوش جِسمي وَكانَت شُرَّعاً دوني
بقيت وَالحق مهجورين في نكد / أبيت في الدار أَبكيه وَيَبكيني
للجهل حقٌّ رعاة الجهل تضمنه / له وَللعلم حق غير مضمون
بِاللَه يا أَرض أَوطاني ابلَعي جسدي / وَيا سَماء بِلادي لا تُظلّيني
أرجو من الشمس أن تزوي أَشعتها / عني فإني أَراها اليوم تؤذيني
وَمن نَسيم الصبا أن لا يصافحني / ومن أريج الحمى أن لا يُحييني
كأن دجلة إذ بارحت ضفتها / ضاقَت عَلى رحبها في عين محزون
يضيق صَدري فأمشي في الفضاء خطى / أَروِّح النفس من حينٍ إِلى حينِ
قَد كانَ بالشعر لي في الهم تَسليةٌ / وَاليوم أَصبح شعري لا يسليني
رأَيت بالأمس تَبكي ذات أسورة
رأَيت بالأمس تَبكي ذات أسورة / وَتَشتَكي من محب واعدٍ خانا
قالَت وَقَد بادرتها عبرة خنقت / دَعني فإن لِنَفسي في البكا شانا
يمد عيني عَلى إسبال عبرتها / قَلب أبى الحب أَن يَسطيع سلوانا
أَحببته بعد أَن أَبدى مودته / وَظل يضرم منها فيَّ نيرانا
دنا إليَّ بأيمان مغلظة / حتى إذا ما قَضى أَوطاره بانا
لا مالَ عندي أَقنوه وَلا نَعمُ
لا مالَ عندي أَقنوه وَلا نَعمُ / إلا أَمانيَّ أَبنيها وَتنهدمُ
جمعت ما جدّ من علم إِليَّ فَلَم / أَنعم بِعلمي وَأَهل الجهل قد نعموا
اللَيل يعبس في وَجهي بظلمته / إذا أَتى وَنجوم اللَيل تَبتسم
لا تحقر النجم إن أَبدى وَضاءَته / يا أَيُّها اللَيل إن النجم محترم
ما زلت للهول في بَغداد مقتحماً / لِلَّه ما أَنا في بَغداد مقتحم
لَهفي عَلى العلم إن العلم محتقر / لَهفي عَلى الحق إن الحق مهتضم
لَيتَ الجهالة ذمت من بَني وَطَني / أَو لَيتَ ما يَصِمُ الأقوامَ لا يصم
الناس لَو ألفوا الأشغال ما اِفتَقَروا / وَالناس لو هذبوا الأخلاق ما اِختصموا
أعطيت نَفسي من الآلام تسلية / وَقلت علّ جروحي سوف تلتئم
إن الخلاف الَّذي طالَت مسافته / بين الطوائف بعد الموت ينحسم
لَيتَ الَّذي حازَ بعضُ الناس من نشب / عَلى مصالح كل الناس ينقسم
نويت هجر بلاد قد شببت بها / إلى بَعيد وَلكن عاقني السقم
لا سامح اللَه ناساً مِن بَني وَطَني / داسوا بأَرجلهم حقي وَما ندموا
يا علم إنك ذو حول فخذ بيَدي / عند البراز إذا زلت بيَ القدم
يا قوم بالعلم لوذوا في شدائدكم / فالعلم يعصم من بالعلم يعتصم
تَفاوت العلم وَالجهل القَسيم له / كَما تفاوتَت الأنوار وَالظلم
أَينَ الألى كانَت الآداب ترفعهم / وأَين تلك السَجايا البيض وَالشمم
ما ماتَ قَومي وَلا ماتَت مداركهم / لكنما ماتَت الاخلاق وَالشيم
بَغداد لَيسَت كَما قد كنت تعرفها
بَغداد لَيسَت كَما قد كنت تعرفها / فيما اِنقضى عهده من سابق العصرِ
لَم يغضب الشعب من خسفٍ يسام به / كأَنَّما الشعب قوم لَيسَ من مضر
وَالحر كالعبد قد ماتَت حماسته / وَالصادق القول مثل الكاذب الأشر
عرِّج بِبَغداد تعرف مثل معرفتي / فَما عيان امرئٍ للشيء كالخبر
قد أَحرَجوني بما جاؤوه من سفه / فأَخرجونيَ من أَرضي عَلى كبري
العَيش للحر في بَغداد معتكر / وَلَيسَ في غير بغداد بمعتكر
في لَيل بغداد من فقد الأمان به / لا يَستَطيع امرؤ يَمشي بلا خفر
وَكم هنالك نذلاً في صحيفته / يسبني بلسان بارز قذر
إن قد وزرت بإعلاني مساوئهم / فَلَيسَ يسلم إنسان من الوزر
إِنَّ اللَياليَ والايام في عجلٍ
إِنَّ اللَياليَ والايام في عجلٍ / لنا تجدّان أَفراحاً وأحزانا
يا علم يا راحلاً عَن أَرض نشأته / هَل أَنتَ مدكر أَهلاً وأَوطانا
أَما الرَبيع فإنا مغرمون به / فَهَل يَعود إلينا مثلما كانا
إني حمدت من الدستور طلعته / وَمن شَبيبته شرخاً وَغيدانا
وَقَد أُؤمل أن تشتد أيكته / وأن تمد إلى الأطراف أغصانا
وأن تَطوف عَلى الأغصان طائرة / بَلابل تملأ الأسماع ألحانا
يَسوء تاللَه عيني أن ترى بدلاً / من البَلابل في البُستان غربانا
لِلَّه قَومي مَتى يَستَنكِفونَ وَقَد / ذاقوا من الخسف أشكالاً وألوانا
جاؤوا قَبائح وَالعادات قاهرة / قد كنّ في جسد العمران أدرانا
يا شعب إنك طفل طال رَقدته / متى أَراك مَع الشبان يقظانا
نصحت لِلقَوم في شعري فَما سمعوا
نصحت لِلقَوم في شعري فَما سمعوا / كأَنَّما القوم في آذنهم صممُ
أخلصت نصحي لهم أَرجو تقدمهم / فَكانَ منهم جَزائي أنهم شتموا
العلم يشهد أني غير كاذبهم / وَالحق يشهد وَالقرطاس وَالقلم
أبديتها كلمات في نصيحتهم / أضرارها لي وَلكن نفعها لهم
سيظهر الحق وضّاحاً فيفضحهم / إلا إذا كابروا إلا إذا كتموا
قل لِلَّذي يَقتني مالاً وَيعبده / قد اِعتصمت بحبل سوف ينفصم
أنفقه في العلم إكثاراً لنعمته / تِلكَ الَّتي تستقى من فيضها النعم
الناس لَو علموا أثماره غرسوا / أشجاره غير أن الناس ما علموا
لا تتركنَّ الشرور تَنمو
لا تتركنَّ الشرور تَنمو / فأَول النار من شرارِ
إنَّ لجهل النفوس شراً / حذار من جهلها حذار
الناس لا يكبرون منهم / إلا الَّذي كان ذا يسار
فأَنتَ بالمال ذو نفوذ / وَأَنتَ بالمال ذو اِقتدار
إن كنت تَرجو في البر مالاً / فجب له واسع البراري
أَو كنت في البحر تَرتَجيه / فاركب له غارب البحار
لا يضجر الحر حين يَسعى / إلا من الذل وَالصغار
يا قوم أَنتُم بنيتم من تضامنكم
يا قوم أَنتُم بنيتم من تضامنكم / والاتحاد بناءً لَيسَ ينهدمُ
سيشكر الصنع أَرواحُ الجدود لكم / وَتشكر الصنع في أَجداثها الرمم
يا قوم إن تجنحوا للنقض بعدئذ / فأين تلك السَجايا الغر وَالشيم
تأبى الصغارَ نفوس لم تكن جبلت / على الصغار وآنافٌ بها شمم
بالعقل لوذوا إذا حمَّت مخالفة / فإنه وحده بالحق يحتكم
ثوبوا إلى العلم إن العلم مكرمة
ثوبوا إلى العلم إن العلم مكرمة / وَفي تلقيه لا يأخذكم الضجرُ
لَو أَصلح البشر الأنسال مهتدياً / بالعلم يوما لرقَّى نوعَه البشر
قد حقق العقل أن العلم مقدرة
قد حقق العقل أن العلم مقدرة / والجهل عجز وما في العجز معذرة
قرت عيون بنور العلم مبصرة /
قد أَصبح العلم فرضاً ليس عنه غنىً / وأَصبح الجهل ذنباً ليس يغتفر
الجهل أرزاؤه بالشرق نازلة / الجهل أدواؤه كالسل قاتلة
الجهل آثامه للكل شاملة /
الجهل سهل على الإنسان محمله / لو أن أضراره في الفرد تنحصر
ما للجهالة في آثامها شبهُ / إن الجهالة غي أو هي السفهُ
يا أَيُّها القوم طال النوم فاِنتبهوا /
أصاب بالإرث أَموالا فبددها / فتىً تمكن منه الجهل والبطر
العلم قد خط للإنسان ما يزعُ / وما يجوز له أَخذٌ وما يدعُ
هو الإمام الَّذي بالحق يشترع /
قد حبذ الماء فيه ريُّ شاربه / وقبح الخمر فيها للنهى خمَرُ
الخمر بالعقل قد تفضي إلى التلفِ / وقد تنال من الأموال والشرفِ
إذا مضى في هواها المرء لم يقف /
من يدمن الخمر مغلوباً لعادته / فإنما هو بالتدريج ينتحر
العلم للعدل إن عممته سبب / والعدل أول ما في أمة يجب
إن الألى عدلوا فازوا بما طلبوا /
إني أود كمن في نفسه وطر / لَو أنَّ بالعدل كل الناس يأتمر
العلم لاح لأهل الغرب فيه سنى / العلم قدمهم والجهل أَخَّرنا
بالعلم نالوا من الأيام كل منى /
بالعلم قد فهموا أن الحياة وغى / وأن من لم يلذ بالعلم يندحر
قم من ضريحك يا مأمون واشك الى
قم من ضريحك يا مأمون واشك الى / أبيك حامي ذمار الشعر هارون
وقل عنادل بغداد قد اكتأبت / على المعالي فماتَت في البساتين
إلا شقيَّين هذا طار مرتحلاً / وَذا أقام طَريداً للشواهين
له ببغداد عشّ لا يفارقه / بناه في دوحها بين الأفانين
وقد يغرد في الوادي على وجل / مرفرفاً فوق أوراق الرياحين
ولا يحوم إذا ما طارَ منتجعاً / إلا على نرجس غضّ ونسرين
إن الطيور إذا أوديت من أسف / تَبكي على شاعر فذ فترثيني
وقد تطير إلى قبري مغردة / كأن تغريدها شعر لتأبيني
لي من دموعي قصيد جئت أنظمها
لي من دموعي قصيد جئت أنظمها / وأجعل البث والأشجان عنوانا
أَلَيسَ يشجيك شعر أنت تقرأ في / عنوان أسطره بثاً وأشجانا
لَقَد تلونا به للَه ناظمه / شعراً بكى رقة منه فأبكانا
بكى وأبكى وظني أن قائله / يَشكو من الناس بغضاءً وعدوانا
كأن شعري عذراء مفجعة / تبل منها بدمع العين أردانا
ما الشعر إِلا شعوري جئت أعرضه
ما الشعر إِلا شعوري جئت أعرضه / فانقدْه نقداً شَريفاً غير ذي دخل
وأحسن النقد ما يرضى الجميع به / وأسوء النقد ما يفضي إلى الجدل
الشعر ما عاشَ دهراً بعد قائله / وسار يجرى على الأفواه كالمثل
والشعر ما اِهتز منه روح سامعه / كمن تكهرب من سلك على غفل
الشعر قد قلته لما تطلبني / ولو تنكب عني الشعر لم أقل
له ابتكرت وغيري جاء منتحلاً / وَلَيس مبتكرٌ شيئاً كمنتحل
فيه إلى اليوم ما قلدت من أحدٍ / وما عَلى غير نَفسي فيه متكلي
وقد أعود به إبان أنظمه / إذا تذكرت أَيامي إلى الغزل
يا شعر إنك أحلامي الَّتي حسنت / وأنت ذكرى شبابي الناعم الخضل
أَقوم في روضتي صباحاً
أَقوم في روضتي صباحاً / مستمعاً نغمة الهزار
وأبصر الشمس حين تبدو / أشعة الشمس كالنُضار
فأنظم الشعر غير صعب / كأَنما الشعر من شعاري
شعر قد اخترته لِنَفسي / والناس منه على الخيار
كأنه الحق حين يتلى / وما على الحق من غبار
علمني أن أجيد فيه / طول تعاطيه واختباري
والشعر إن لم يصف ذويه / فهو كثوب لهم معار
لا يبعث الشعر أَفراحاً ولا أَلَما
لا يبعث الشعر أَفراحاً ولا أَلَما / ما لَم يكن عن شعور المرء قد نظما
ومن معايب في ألفاظه سلما /
لم يقرض الشعر يوماً في حقيقته / إلا الألى نظموه مثلما شعروا
الناس تذعن للألفاظ تسمعها / والأبله الغر للإذعان أَسرعها
موكل بِفَيافي الظن يذرعها /
أَما يقيني فآت عن مشاهدة / وَفي الشهادة علم دونه الخبر
الشعب يدرك أن الشعر يرفعه / الشعب يؤمن أن الشعر ينفعه
وأنه في شتات الأمر يجمعه /
الشعب يفقه أن الشعر فيه هدى / وأنه سبب للمجد مقتدر
الشعر للروح مثل القوت للبدن / وإنه زينة الأقوام والمدن
والدافع الأكبر النهّاض بالوطن /
نالت من الشعر ما عزت به أُمَم / غير الَّذي هي منه اليوم تنتظر
أنحى على الشعر ناس يبتغون له
أنحى على الشعر ناس يبتغون له / نقداً فأعوزهم علم وعرفانُ
قد يكثر الشعر ذو جهل بصنعته / حَتى يقال له شعر وديوان