القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 112
ما أنس يومَ بدت في القطر حادثةٌ
ما أنس يومَ بدت في القطر حادثةٌ / من الحوادِث تُنسي الوالدَ الولدا
وإذ أَلمت به دهياء كارثة / فأورثته الجوى وَالحُزنَ وَالكمدا
إذ عمَّه كوباء جارفٍ رهَجٌ / ما سارَ عَن بلد إلا أَتى بلدا
فَلَم يذر غير ممسوس به شرفاً / وَلَم يدَع غير مكلومٍ به كبدا
أَحب أن يجد اليوم الَّذي بهجت / أَنواره عين أَهليه فما وجدا
الأمْنُ قد زالَ والأيام قد فسدت / وَالعُود بعد اِعتدال منه قد أودا
لَم يَبقَ في الناس لا صبر ولا جلد / إن المصائب توهي الصبر وَالجلدا
لا دجلة دجلة من بعد نكبتها / وَلا الزَمان بواديها كَما عهدا
من كانَ يسكن في أمنٍ ضواحيها / قد قوَّض البيت والأوتاد وَالعمدا
ظنوا الهدى في الَّذي جاؤوه من عملٍ / وَقَد يَكون ضلالاً ما يُعدُّ هدى
من لم يهذِّبه علمٌ في شَبيبَته / فإنه لا يُلاقي بعدها رشدا
قالوا عَسى أن تنيل الشعب ثورته / سعادة غير أَنَّ الشعب ما سعدا
بل السَعادة في ترك الخصام وَفي / أن يصلح المَرء دنياه وَيجتهدا
لا يأمن المدلج الساري تورُّطَهُ / ما لَم يوطِّد له من عقله سندا
لَو قدَّروا الأمر ما ثارَت عجاجتها / وَلا شكت عينهم من خوضها الرمدا
ورب وارد ماء جاءه قدرٌ / فَما أَساغ له الماء الَّذي وردا
وَذي لهاث قد اِشتدت حرارته / حتى إِذا هُوَ لاقى حتفه بردا
هَذا جزاء امرئٍ قَد كانَ في سعة / من المَعيشة إلا أنه كندا
فَيا لَها فتنةً عمياءَ ثائرةً / قد عذَّبت من بنيها الروح وَالجسدا
ما نابَ غائبَها ما ناب شاهدَها / وَلَيسَ من غاب عَن شر كمن شهدا
وأسعد الناس من قد كان معتزلاً / يلازم الظل في اليوم الَّذي صخدا
قد أَفلح المتروي في عزيمته / وَكل قصد إذا زالَ الضلال هدى
ما نفع من عاش في أَيام مفسدة / من الحَياة إذا كانَت له نكدا
إذا الفَتى بان فيه الوهنُ وَالكبرُ
إذا الفَتى بان فيه الوهنُ وَالكبرُ / فأَيَّ عيش من الأيام ينتظرُ
قَد كنت أَرغب في الأسفار منتقلاً / إلى بلاد نأت إذ كنت أَقتدر
يا حبذا تلعة كانَت تطلُّ عَلى / أرضٍ تجاور فيها الماء وَالشجر
وَاليَوم عَن سفري في الأرض يوقفني / خلوّ ذاتِ يدي وَالضعف وَالخور
قد كنت في كل يوم راكِباً سفراً / وَاليَوم قد حانَ عَن دنياي لي السفر
أَكل يوم نعيّ يقرع الأذنا
أَكل يوم نعيّ يقرع الأذنا / وَصاحب لي يأَتي أَنه دُفنا
خلت حماة بصنع الموت من حسنٍ / أَيَعلَم الموت ماذا في حماة جنى
ما كنت أَحسب أَنَّ الموت من سغبٍ / يأَتي فيخطف من أَبنائها حسنا
كأنني بشباب في حماة جثوا / يَبكون حول ضَريح ضمه حزنا
يؤبنون حَكيماً في حفيرته / مغيَّباً زارها فاِختارها سكنا
لَهفي عَلى الناس فيها أنهم دفنوا / لهم أَمانيَّ في ملحودة وَمُنَى
قَد كانَ للشعر ماء في مناهله / يسيل وَاليَوم ذاكَ الماء قَد أسنا
سَعى فَلَم ين يوماً في هدايتهم / وَغيره قَد سَعى من قبله فونى
إنّا لَفي زمنٍ ما للشعوب به / يوماً عَن العلماء المصلحين غنى
لَو كانَ يفدى فَقيد من مَنيته / لكنت أَول من يفدي الفَقيد أَنا
يا راحلاً لديار أَهلُها اِعتزلوا / أخبر هناك بحق ما لَقيت هنا
أُريد علماً بأسرار الحياة فَهَل / أستنطق الروح أَم أستنطق البدنا
أَكبِرْ بحرٍّ يَقول الحق ينصره / وَلا يُبالي أَسرّاً قال أَم علنا
وَهَل يضر حَكيماً ماتَ عَن أَدَبٍ / أن لا يَكون لقبر نام فيه سنى
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ
لَقَد نعتك عَلى بعد لي الصحفُ / فَبت من شدة الأشجان أرتجفُ
لَم يبد حينئذ مني عَلى جلدي / إلا وجوم وإلا أَدمعٌ تكف
لَقَد أَصابَت وليَّ الدين كارثة / أَودت به وَكَذاك الشمس تنكسف
أَرى الدواوين بعد اليوم ناقصة / تعوزها كلمات منك تقتطف
كَم من وجوه تَرى في مصر شاحبة / لرزئها وَقُلوب للأسى تجف
قالوا وَلي يُراعي الوقت ملتزماً / وَالحزم ذلك يأَتيه الألى حصفوا
هب ذاكَ عيباً تشين الحرَّ قالتُهُ / فأي شمس أَضاءَت ما بها كلف
أتعبت نفسك في الإصلاح مجتهداً / بما كتبت وأنت الناحل الدنف
حتى مرضت فبت اللَيل مشتكياً / من طول إظلامه وَاللَيل منتصف
وإن داءك من بعد اِستحالته / أعيا الأطباء في مصر كَما اِعترَفوا
واِشتد من غير إنذارٍ فمت به / كَذَلِكَ الغصن بالنكباء ينقصف
وَرب داء عياء لا دواء له / يأَتي المَريض عَلى أَعقابه التلف
ما كانَ أعدله لَو كانَ يمهله / لكنما الموت في الأحكام معتسف
كانَ الجَدير به إبقاء جذوته / إذ لَيسَ في نشر أنوار الهدى سرف
ما كُنتُ أَجهَل مذ شق الهدى بصرى / أنَّ الَّذي هُوَ ماش للونى يقف
وَللحياة نواميس ملازمة / وَيل لِمَن هُوَ عنها كانَ ينحرف
كل امرئٍ واقف منها عَلى جرف / وَسَوفَ ينهار في يوم به الجرف
يسوؤني أن داراً أَنتَ نازلها / ما إن لها فسحة تَكفي وَلا غرف
ما أكبر الحزن في قلب امرئٍ كلف / شطت بمن هُوَ يَهواهم نوى قذف
ما جاءَ وصف وَليٍّ في مصاحبة / إلا وَفضل وليٍّ فوق ما وصفوا
قابلته في فروق لَيلَةً وَلَقَد / رأَيت فيه أديباً كله طرف
أَبقَت مُقابلتي إياه حينئذٍ / ذِكرى له في فؤادي لَيسَ تنصرف
وَلست أنسى انتصارات له صدقت / في محنَتي بل أنا بالفضل معترف
أسفت إذ قيل لي أن الوليّ قضى / وَهَل يفيد عَلى من قد قَضى الأسف
قَد كانَ زينة مصر في كتابته / كأنما هُوَ في آذانها شنف
يَقول من كانَ يلقى نظرة صدقت / عليه ما هُوَ إلا روضة أُنُف
أَخشى وَقَد سارَ سير المصلحين بهم / أَن لا يَسير عَلى آثاره الخلف
كانَ الوليّ لعمري في كتابته / من الألى لصروح الوهم قد نسفوا
ما إِن هنالك تَقليد فينقصه / وَلا جمود عَلى ما خطه السلف
يا كَوكباً قَد تَوارى بعد مطلعه / بمن تخفف عنا بعدك السدف
يا مصر إنك أنت اليوم آسية / عَلى الوليّ وَما بغداد تختلف
إن الوَلي قضى بالرَغم عَن أَملي / وَما قَضى منه ذاك المجد وَالشَرف
في الروض نَور كَثير لا عداد له / لكنما الزهرة الحَسناء تقتطف
منها أَتى وَإليها عاد منطفئاً / ما إن عَن الأرض للإِنسان منصرف
وَما رأَيتَ بما قد عشت من عمر / كالمَوت سيلاً لمن لاقاه يجترف
لَقَد يسوؤك يا من ضمه جدث / أن القبور بيوت ما لها شرف
ما أَعجب الأرض أُمَّاً غير مشفقة / من بعد أَن تلد الأبناء تلتقف
كَم من أناس لأصحاب لهم دفنوا / وَمن دموع عَلى أَجداثهم ذرَفوا
وَكم أناس ذَوي جاه وَمنزلة / بَكى عليهم أناس بعد ما هَتَفوا
كل امرئٍ سوف تأَتيه منيته / وَعلَّ في الروح سراً سوفَ ينكشف
الدهر أَنحى عَلى الإنسان يقتله / فَمَن ترى منه للإِنسان ينتصف
ما زالَ يَرمي سهام الموت عَن كثب / وَكل ذي مهجة يوماً له هدف
وَهَل تسر حَياة قَلب صاحبها / وَفي أكف الردى من حبلها الطرف
إليك يا نفس عني لا تلوميني
إليك يا نفس عني لا تلوميني / إن الملام عَلى ما جئت يؤذيني
يا نفس لومك هَذا مكثر شجني / أَلَيسَ ما بي من الأشجان يَكفيني
يا نَفس إني عَلى ما قد تعاورني / من المصائب مَفجوعٌ فَسليني
نشرت لِلقَوم آراء أريد بها / إصلاح دنياهم لا الطعن في الدين
فإن أَصبت فَهَذا نافع حسنٌ / أَو كنت أَخطأت فيها فليردوني
ما إن إردت بها إلا إقالتهم / فَهَل يَليق بِقَومي أن يهينوني
رَدُّوا بسبِّيَ ما يعزى إلى قَلَمي / كأنما السب من بعض البراهين
أَلَستُمُ يا بُني بغداد فادَّكروا / أَبناء قوم خلوا شم العرانين
أبناء قوم بنوا للعلم أَندية / كأنهن مَقاصير الخواقين
وأكرموا العلماء المصلحين لما / أَبدوه بالصدق من رأَيٍ وَتلقين
ما بالكم قد سلكتم غير منهجهم / مبدِّلين قساوات من اللين
المال للعلم مُدْن فاشتروه به / لَيسَ الَّذي يَشتَري علماً بمغبون
خذوه مَهما تناءى عَن مواطنكم / من كل مملكة حتى من الصين
كأنهم من شعاع الشمس قد جبلوا / وأكثر الناس مجبولون من طين
ماتوا وَفي الأرض ذات العرض قد دفنوا / إلا اسمهم فهو فيها غير مدفون
راجحت أعلامهم في كل ما وَضَعوا / من العلوم فما خفت موازيني
أَلَم أَكُن قبلما الدستور ينشلكم / أَذبّ عَن حقكم حيف السَلاطين
أَلَم أُحارِب لكم عبد الحَميد وَقَد / عتا فألبسكم ثوباً من الهون
له من الأنس شَيطانٌ يضللكم / وكانَ شيطانه شرَّ الشَياطين
أَلَم أَحام بشعري عَن حقائقكم / فصانه أَهل مصر في الدواوين
نعم بنيت بشعري في البلاد لكم / مجداً يَدوم جزاء غير ممنون
إن الأكف الَّتي قد كنت آملها / للذود صارَت مع الأيام ترميني
أَمسَت رماح بَني عمي وَقَد غضبوا / تَنوش جِسمي وَكانَت شُرَّعاً دوني
بقيت وَالحق مهجورين في نكد / أبيت في الدار أَبكيه وَيَبكيني
للجهل حقٌّ رعاة الجهل تضمنه / له وَللعلم حق غير مضمون
بِاللَه يا أَرض أَوطاني ابلَعي جسدي / وَيا سَماء بِلادي لا تُظلّيني
أرجو من الشمس أن تزوي أَشعتها / عني فإني أَراها اليوم تؤذيني
وَمن نَسيم الصبا أن لا يصافحني / ومن أريج الحمى أن لا يُحييني
كأن دجلة إذ بارحت ضفتها / ضاقَت عَلى رحبها في عين محزون
يضيق صَدري فأمشي في الفضاء خطى / أَروِّح النفس من حينٍ إِلى حينِ
قَد كانَ بالشعر لي في الهم تَسليةٌ / وَاليوم أَصبح شعري لا يسليني
رأَيت بالأمس تَبكي ذات أسورة
رأَيت بالأمس تَبكي ذات أسورة / وَتَشتَكي من محب واعدٍ خانا
قالَت وَقَد بادرتها عبرة خنقت / دَعني فإن لِنَفسي في البكا شانا
يمد عيني عَلى إسبال عبرتها / قَلب أبى الحب أَن يَسطيع سلوانا
أَحببته بعد أَن أَبدى مودته / وَظل يضرم منها فيَّ نيرانا
دنا إليَّ بأيمان مغلظة / حتى إذا ما قَضى أَوطاره بانا
لا مالَ عندي أَقنوه وَلا نَعمُ
لا مالَ عندي أَقنوه وَلا نَعمُ / إلا أَمانيَّ أَبنيها وَتنهدمُ
جمعت ما جدّ من علم إِليَّ فَلَم / أَنعم بِعلمي وَأَهل الجهل قد نعموا
اللَيل يعبس في وَجهي بظلمته / إذا أَتى وَنجوم اللَيل تَبتسم
لا تحقر النجم إن أَبدى وَضاءَته / يا أَيُّها اللَيل إن النجم محترم
ما زلت للهول في بَغداد مقتحماً / لِلَّه ما أَنا في بَغداد مقتحم
لَهفي عَلى العلم إن العلم محتقر / لَهفي عَلى الحق إن الحق مهتضم
لَيتَ الجهالة ذمت من بَني وَطَني / أَو لَيتَ ما يَصِمُ الأقوامَ لا يصم
الناس لَو ألفوا الأشغال ما اِفتَقَروا / وَالناس لو هذبوا الأخلاق ما اِختصموا
أعطيت نَفسي من الآلام تسلية / وَقلت علّ جروحي سوف تلتئم
إن الخلاف الَّذي طالَت مسافته / بين الطوائف بعد الموت ينحسم
لَيتَ الَّذي حازَ بعضُ الناس من نشب / عَلى مصالح كل الناس ينقسم
نويت هجر بلاد قد شببت بها / إلى بَعيد وَلكن عاقني السقم
لا سامح اللَه ناساً مِن بَني وَطَني / داسوا بأَرجلهم حقي وَما ندموا
يا علم إنك ذو حول فخذ بيَدي / عند البراز إذا زلت بيَ القدم
يا قوم بالعلم لوذوا في شدائدكم / فالعلم يعصم من بالعلم يعتصم
تَفاوت العلم وَالجهل القَسيم له / كَما تفاوتَت الأنوار وَالظلم
أَينَ الألى كانَت الآداب ترفعهم / وأَين تلك السَجايا البيض وَالشمم
ما ماتَ قَومي وَلا ماتَت مداركهم / لكنما ماتَت الاخلاق وَالشيم
بَغداد لَيسَت كَما قد كنت تعرفها
بَغداد لَيسَت كَما قد كنت تعرفها / فيما اِنقضى عهده من سابق العصرِ
لَم يغضب الشعب من خسفٍ يسام به / كأَنَّما الشعب قوم لَيسَ من مضر
وَالحر كالعبد قد ماتَت حماسته / وَالصادق القول مثل الكاذب الأشر
عرِّج بِبَغداد تعرف مثل معرفتي / فَما عيان امرئٍ للشيء كالخبر
قد أَحرَجوني بما جاؤوه من سفه / فأَخرجونيَ من أَرضي عَلى كبري
العَيش للحر في بَغداد معتكر / وَلَيسَ في غير بغداد بمعتكر
في لَيل بغداد من فقد الأمان به / لا يَستَطيع امرؤ يَمشي بلا خفر
وَكم هنالك نذلاً في صحيفته / يسبني بلسان بارز قذر
إن قد وزرت بإعلاني مساوئهم / فَلَيسَ يسلم إنسان من الوزر
إِنَّ اللَياليَ والايام في عجلٍ
إِنَّ اللَياليَ والايام في عجلٍ / لنا تجدّان أَفراحاً وأحزانا
يا علم يا راحلاً عَن أَرض نشأته / هَل أَنتَ مدكر أَهلاً وأَوطانا
أَما الرَبيع فإنا مغرمون به / فَهَل يَعود إلينا مثلما كانا
إني حمدت من الدستور طلعته / وَمن شَبيبته شرخاً وَغيدانا
وَقَد أُؤمل أن تشتد أيكته / وأن تمد إلى الأطراف أغصانا
وأن تَطوف عَلى الأغصان طائرة / بَلابل تملأ الأسماع ألحانا
يَسوء تاللَه عيني أن ترى بدلاً / من البَلابل في البُستان غربانا
لِلَّه قَومي مَتى يَستَنكِفونَ وَقَد / ذاقوا من الخسف أشكالاً وألوانا
جاؤوا قَبائح وَالعادات قاهرة / قد كنّ في جسد العمران أدرانا
يا شعب إنك طفل طال رَقدته / متى أَراك مَع الشبان يقظانا
نصحت لِلقَوم في شعري فَما سمعوا
نصحت لِلقَوم في شعري فَما سمعوا / كأَنَّما القوم في آذنهم صممُ
أخلصت نصحي لهم أَرجو تقدمهم / فَكانَ منهم جَزائي أنهم شتموا
العلم يشهد أني غير كاذبهم / وَالحق يشهد وَالقرطاس وَالقلم
أبديتها كلمات في نصيحتهم / أضرارها لي وَلكن نفعها لهم
سيظهر الحق وضّاحاً فيفضحهم / إلا إذا كابروا إلا إذا كتموا
قل لِلَّذي يَقتني مالاً وَيعبده / قد اِعتصمت بحبل سوف ينفصم
أنفقه في العلم إكثاراً لنعمته / تِلكَ الَّتي تستقى من فيضها النعم
الناس لَو علموا أثماره غرسوا / أشجاره غير أن الناس ما علموا
لا تتركنَّ الشرور تَنمو
لا تتركنَّ الشرور تَنمو / فأَول النار من شرارِ
إنَّ لجهل النفوس شراً / حذار من جهلها حذار
الناس لا يكبرون منهم / إلا الَّذي كان ذا يسار
فأَنتَ بالمال ذو نفوذ / وَأَنتَ بالمال ذو اِقتدار
إن كنت تَرجو في البر مالاً / فجب له واسع البراري
أَو كنت في البحر تَرتَجيه / فاركب له غارب البحار
لا يضجر الحر حين يَسعى / إلا من الذل وَالصغار
يا قوم أَنتُم بنيتم من تضامنكم
يا قوم أَنتُم بنيتم من تضامنكم / والاتحاد بناءً لَيسَ ينهدمُ
سيشكر الصنع أَرواحُ الجدود لكم / وَتشكر الصنع في أَجداثها الرمم
يا قوم إن تجنحوا للنقض بعدئذ / فأين تلك السَجايا الغر وَالشيم
تأبى الصغارَ نفوس لم تكن جبلت / على الصغار وآنافٌ بها شمم
بالعقل لوذوا إذا حمَّت مخالفة / فإنه وحده بالحق يحتكم
ثوبوا إلى العلم إن العلم مكرمة
ثوبوا إلى العلم إن العلم مكرمة / وَفي تلقيه لا يأخذكم الضجرُ
لَو أَصلح البشر الأنسال مهتدياً / بالعلم يوما لرقَّى نوعَه البشر
قد حقق العقل أن العلم مقدرة
قد حقق العقل أن العلم مقدرة / والجهل عجز وما في العجز معذرة
قرت عيون بنور العلم مبصرة /
قد أَصبح العلم فرضاً ليس عنه غنىً / وأَصبح الجهل ذنباً ليس يغتفر
الجهل أرزاؤه بالشرق نازلة / الجهل أدواؤه كالسل قاتلة
الجهل آثامه للكل شاملة /
الجهل سهل على الإنسان محمله / لو أن أضراره في الفرد تنحصر
ما للجهالة في آثامها شبهُ / إن الجهالة غي أو هي السفهُ
يا أَيُّها القوم طال النوم فاِنتبهوا /
أصاب بالإرث أَموالا فبددها / فتىً تمكن منه الجهل والبطر
العلم قد خط للإنسان ما يزعُ / وما يجوز له أَخذٌ وما يدعُ
هو الإمام الَّذي بالحق يشترع /
قد حبذ الماء فيه ريُّ شاربه / وقبح الخمر فيها للنهى خمَرُ
الخمر بالعقل قد تفضي إلى التلفِ / وقد تنال من الأموال والشرفِ
إذا مضى في هواها المرء لم يقف /
من يدمن الخمر مغلوباً لعادته / فإنما هو بالتدريج ينتحر
العلم للعدل إن عممته سبب / والعدل أول ما في أمة يجب
إن الألى عدلوا فازوا بما طلبوا /
إني أود كمن في نفسه وطر / لَو أنَّ بالعدل كل الناس يأتمر
العلم لاح لأهل الغرب فيه سنى / العلم قدمهم والجهل أَخَّرنا
بالعلم نالوا من الأيام كل منى /
بالعلم قد فهموا أن الحياة وغى / وأن من لم يلذ بالعلم يندحر
قم من ضريحك يا مأمون واشك الى
قم من ضريحك يا مأمون واشك الى / أبيك حامي ذمار الشعر هارون
وقل عنادل بغداد قد اكتأبت / على المعالي فماتَت في البساتين
إلا شقيَّين هذا طار مرتحلاً / وَذا أقام طَريداً للشواهين
له ببغداد عشّ لا يفارقه / بناه في دوحها بين الأفانين
وقد يغرد في الوادي على وجل / مرفرفاً فوق أوراق الرياحين
ولا يحوم إذا ما طارَ منتجعاً / إلا على نرجس غضّ ونسرين
إن الطيور إذا أوديت من أسف / تَبكي على شاعر فذ فترثيني
وقد تطير إلى قبري مغردة / كأن تغريدها شعر لتأبيني
لي من دموعي قصيد جئت أنظمها
لي من دموعي قصيد جئت أنظمها / وأجعل البث والأشجان عنوانا
أَلَيسَ يشجيك شعر أنت تقرأ في / عنوان أسطره بثاً وأشجانا
لَقَد تلونا به للَه ناظمه / شعراً بكى رقة منه فأبكانا
بكى وأبكى وظني أن قائله / يَشكو من الناس بغضاءً وعدوانا
كأن شعري عذراء مفجعة / تبل منها بدمع العين أردانا
ما الشعر إِلا شعوري جئت أعرضه
ما الشعر إِلا شعوري جئت أعرضه / فانقدْه نقداً شَريفاً غير ذي دخل
وأحسن النقد ما يرضى الجميع به / وأسوء النقد ما يفضي إلى الجدل
الشعر ما عاشَ دهراً بعد قائله / وسار يجرى على الأفواه كالمثل
والشعر ما اِهتز منه روح سامعه / كمن تكهرب من سلك على غفل
الشعر قد قلته لما تطلبني / ولو تنكب عني الشعر لم أقل
له ابتكرت وغيري جاء منتحلاً / وَلَيس مبتكرٌ شيئاً كمنتحل
فيه إلى اليوم ما قلدت من أحدٍ / وما عَلى غير نَفسي فيه متكلي
وقد أعود به إبان أنظمه / إذا تذكرت أَيامي إلى الغزل
يا شعر إنك أحلامي الَّتي حسنت / وأنت ذكرى شبابي الناعم الخضل
أَقوم في روضتي صباحاً
أَقوم في روضتي صباحاً / مستمعاً نغمة الهزار
وأبصر الشمس حين تبدو / أشعة الشمس كالنُضار
فأنظم الشعر غير صعب / كأَنما الشعر من شعاري
شعر قد اخترته لِنَفسي / والناس منه على الخيار
كأنه الحق حين يتلى / وما على الحق من غبار
علمني أن أجيد فيه / طول تعاطيه واختباري
والشعر إن لم يصف ذويه / فهو كثوب لهم معار
لا يبعث الشعر أَفراحاً ولا أَلَما
لا يبعث الشعر أَفراحاً ولا أَلَما / ما لَم يكن عن شعور المرء قد نظما
ومن معايب في ألفاظه سلما /
لم يقرض الشعر يوماً في حقيقته / إلا الألى نظموه مثلما شعروا
الناس تذعن للألفاظ تسمعها / والأبله الغر للإذعان أَسرعها
موكل بِفَيافي الظن يذرعها /
أَما يقيني فآت عن مشاهدة / وَفي الشهادة علم دونه الخبر
الشعب يدرك أن الشعر يرفعه / الشعب يؤمن أن الشعر ينفعه
وأنه في شتات الأمر يجمعه /
الشعب يفقه أن الشعر فيه هدى / وأنه سبب للمجد مقتدر
الشعر للروح مثل القوت للبدن / وإنه زينة الأقوام والمدن
والدافع الأكبر النهّاض بالوطن /
نالت من الشعر ما عزت به أُمَم / غير الَّذي هي منه اليوم تنتظر
أنحى على الشعر ناس يبتغون له
أنحى على الشعر ناس يبتغون له / نقداً فأعوزهم علم وعرفانُ
قد يكثر الشعر ذو جهل بصنعته / حَتى يقال له شعر وديوان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025