المجموع : 39
قَبرٌ به سيِّدٌ شريفٌ
قَبرٌ به سيِّدٌ شريفٌ / تُكْشَفُ في مثلِهِ الكرُوبُ
دهى عُلاه خطبُ المنايا / وللمنايا بنا خطوبُ
فلا طبيبٌ ولا حبيبٌ / ولا بعيدٌ ولا قريبُ
يَرُدُّ ما قَد قضاه ربٌّ / وهو على عَبده رقيبُ
وآهاً له من فراق / فغائب القوم لا يؤوبُ
تبكي عليه أشراف قومٍ / لها بكاءٌ به نحيبُ
يومٌ به قد قيل أَرِّخ / مَضى إلى ربّه النقيبُ
يا قبرَ محمود لا جازَتْك غاديةٌ
يا قبرَ محمود لا جازَتْك غاديةٌ / تَسقي ثَراكَ بصَوْبٍ غير مفقودِ
لقد فَقَدْتُ بك المعروفَ أجمَعَهُ / يا خيرَ من راحَ مفقوداً لموجود
وقد كرهتُ حياة لا أراكَ بها / مذ كانَ موتُك موت الفضل والجود
وليس بعدكَ عيشي ما أُسَرُّ به / ما العيش من بعد محمود بمحمود
كنَّا بفضلك في خِصبٍ وفي سعةٍ / ومنهلٍ من ندى كفَّيك مورود
ونستظلُّ بحيث الدَّهر هاجرة / ولا ظلال بظلٍّ منك ممدود
أبكيك والحقّ أن أبكي عليك دماً / بأَدْمُعٍ فوقَ خدّي ذات أخدود
أَنْتَ الَّذي تحكي مناقبه / بشاهدٍ من معاليه ومشهود
أيَّامه كانت الأَعيادَ أذكرها / فلم تَرُقْ بعده لي طلعةُ العيد
ما بعد صاحب هذا القبر من أحَدٍ / يُرجى الخيرُ أو يُدْعى إلى الجود
جَرَّبْتُ من بعده السَّادات أجمعها / فَصَحَّ لي فيه بعد الله توحيدي
وربَّما قادَني ظنِّي إلى أرب / فخاب ظنِّي ولم أظفر بمقصودي
وليس من بعده حظٌّ لذي أملٍ / ولا السَّراب وإنْ يطغى بمورود
إنِّي لأبكي عليه كلَّما ذُكرت / أيَّامه البيضُ في أيَّاميَ السُّود
أبكي على ابن رسول الله يتركني / في فقده بين تنغيصٍ وتنكيدِ
ليتَ المنايا بما غالت وما تركت / قد بَدَّلَتْ أَلْفَ موجودٍ بمفقود
أَذمُّ دهراً لعيشٍ لَسْتُ أَحْمدُهُ / ولستُ أحمدُ عيشاً بعد محمود
بالعيد كنتُ أُهنِّيه وأمْدَحُهُ / فصِرْتُ أبكيه أو أرثيه بالعيد
أبو الثناء شهابُ الدِّين ما بَلَغَتْ
أبو الثناء شهابُ الدِّين ما بَلَغَتْ / عقائلُ المالِ إلاَّ من مواهِبه
قضى على المال بالإِنفاق نائله / فقلتُ يا فوزَ راجيه وطالبه
وكلَّما رُحْتُ أستسقي سحائبه / سُقيتُ عذباً نميراً من سحائبه
مستعذب الجود يجني الشّهد سائله / كما يَسوغ ويُستحلى لشاربه
سيف الشَّريعة ماضي الحدّ منصلت / فهل ظفِرْتَ بأمضى من مضاربه
وهل سَمِعتَ بفضلٍ عُدَّ في زمنٍ / ولم يكن آخذاً منه بغاربه
يا دَرَّ دَرُّ زمانٍ من غرائبه / إنْ كانَ أغربَ شيءٍ في غرائبه
قد عزَّ جانبه العالي وبزَّ عُلًى / فالعِزُّ أجمعُ والعليا بجانبه
ولاح للفَلَكِ الأَعلى مناقبه / فَعَدَّها وهي أبهى من كواكبه
يا من يُحَدِّثُ عن العلم يسنده / حدِّثْ عن البحر وارْوِ من عجائبه
بُوركتِ يا دارَ سلمانَ الَّتي رُفعتْ
بُوركتِ يا دارَ سلمانَ الَّتي رُفعتْ / منها القواعِدُ للسادات واعْتَمَرتْ
تَحلُّها من قريش سادةٌ نجبٌ / باهَتْ بهم مُضَرُ الحمراءُ وافتخرَتْ
مثل البدور إذا ما أشرقَتْ وزَهَتْ / أو الضراغم إنْ صالت وإنْ زَأَرَتْ
على مقاصيرها من كلّ مبتهجٍ / من المحاسنِ والإِحسان قد قصرَتْ
سرِّحْ بها نظراً وانظر بها قمراً / فإنَّها تعجبُ الأَنظار ما نظَرَتْ
وقل بسلمان بانيها وساكنها / أَرِّخْ بسلمان دارُ المجد قد عَمُرَتْ
هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها
هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها / فابشر فبُشراك بالخيراتِ بشراها
اليمنُ واليُسرُ في أطرافها اقترنا / فاليمنُ واليسرُ يمناها ويسراها
سلمانُ لما اشتراها حين لم يرها / وأقْبَلَتْ أعْجَبَتْ بالحسن من راها
سفائِنُ البَحر إن سابقنها سَبَقتْ / وجاوَزَتْ ثَمّ أولاها بأخراها
فإن جَرَيْنَ وإن أرَّخْتَهُنَّ فقلْ / تجري وأصبحَ باسم الله مجراها
إنَّ النَّقيب عَليًّا طابَ عنصُرُه
إنَّ النَّقيب عَليًّا طابَ عنصُرُه / وشَرَّفَ الله في السادات محتدَه
لجدّه الشيخ باز الله حين بنى / معمّراً في سبيل الله مسجدَه
شيخ الطريقة لم يقصده قاصده / إلاَّ وأعطاه ربُّ العرش مقصده
أو جاءَ مسترشداً يبغي النجاة به / إلاَّ هداه إلى التقوى وأرشده
فصلِّ لله وادع الله حينئذ / وَزُرْ من الشيخ قطب الغوث مرقده
فلم تَزَلْ نفحاتُ القدس سارية / منه إليك بما لا كنتَ تعهده
واشْهَدْ لبانيه إعجاباً بهمَّتِه / بما بناه وعَلاّه وشيّده
وقل لمنْ رام منه أن يُؤرِّخَه / ذا جامعٌ وعليُّ القَدْر جَدَّده
هذا البناءُ الَّذي محمودُ أنْشَأهُ
هذا البناءُ الَّذي محمودُ أنْشَأهُ / وزانَه زُخْرُفُ زاهٍ وتشييدُ
فجاءَ في غاية الإتقان منتزهاً / فيه السُّرور وفيه الأنْس موجود
لا يسمع المرءُ في مغناه لاغيةً / وطائر اليمن في مغناه غرّيد
آل المبارك لا زالت مباركة / لكم منازل فيها الفضل مشهود
قد أسعدَ الله أرضاً تنزلون بها / ومنزل السعد في أهليه مسعود
فقلْ لأحبابنا زوروه وانبسطوا / فيه ومن بعدها إنْ شئتم عودوا
من زارنا فهوَ في خيرٍ وفي دَعةٍ / ولم يَفُتْه بحول الله مقصود
يا حبّذا ذلك الباني وبنْيَتُه / فللمسرّات في ناديه تجديد
لذاك في ذلك التاريخ قيلَ له / هذا مقامُك يا محمودُ محمود
ذا مسجدٌ سُرَّ أربابُ السُّجود بهِ
ذا مسجدٌ سُرَّ أربابُ السُّجود بهِ / وجامعٌ جامعٌ للساجدِ الراكعْ
بناه الله منشيه وواضعه / وللقواعد من أركانه رافع
يرجو من الله في العقبى مثوبَته / فيا له بثواب الله من طامع
دعا إلى صالح الأعمال حينئذٍ / من كانَ لله فيه خاضعاً خاشع
فالله يجزيه عما كانَ أنشأه / خيراً وأكرمه من فضله الواسع
إنَّ العِمارة قد زانت عمارتها / أرِّخْ بتعمير عبد القادر الجامع
زارَتْ وجنحُ الدجى يا سَعْدُ معتكرٌ
زارَتْ وجنحُ الدجى يا سَعْدُ معتكرٌ / فأوْقَدَتْ في ظلام اللَّيل مصباحا
وقال صَحْبيَ ممَّا راح يدهِشُهُمْ / أصْبَحْتَ في هذه الظلماء إصباحا
وقلتُ والروح تستشفي بطيب شذا / من عَرْفِها وعَرَفْتُ القلب مرتاحا
أحيا أريجُك مَيتاً لا حراك له / فهلْ بَعَثْتَ مع الأرواح أرواحا
وعلَّلَتْنا وتَعْليلُ المشوق بما / يَشفي فؤاداً شَديد الشّوق مُلتاحا
وأسكَرَتْنا بألفاظٍ تكرّرها / وما أدارَتْ على النّدمان أقداحا
وبتُّ أشْرَبُ من معسول ريقتها / راحاً وأشرَبُ من ألفاظها راحا
وأقطفُ الغَضَّ من تفّاح وجنتها / ومَن رأى قاطِفاً باللّثم تفاحا
حتَّى إذا الفجر لاحت لي ملابسُه / مُبْيَضَّةً ورداءُ اللَّيل قد طاحا
وأوْضحَ الأمر في لآلاء غُرَّتهِ / وزادَه فَلَقُ الإصباح إيضاحا
وَدَّعْتها وكأنَّ القلب حينئذ / غَدا على إثرها يا سعدُ أرواحا
وأعْقَبَتْ كلَّ حزنٍ بعدَ فرقتها / فهلْ لها أن تُعيدَ الحزنَ أفراحا
أنظُر إلى هذه الدَّار الَّتي كَمُلَتْ
أنظُر إلى هذه الدَّار الَّتي كَمُلَتْ / فيها من الحُسن والإحسان أوصافُ
تروق للعين منظوراً ومبتهجاً / منها وتنعم زوارٌ وأضياف
ما حلَّ فيها امرؤٌ إلاَّ ويشمله / في الحال من نفحات القدس ألطاف
من آل بيت رسول الله يسكنها / قوم لهم من رجال الغيب أحلاف
الباذلون لوجه الله ما ملكوا / وفي مكارمهم في البرِّ إسراف
الله يكلأ بانيها وساكنها / كما بنت قبله للمجد أسلاف
من كلّ ضيفٍ من الأمجاد يقصدها / وفي الأماجد أنواعٌ وأصناف
نقل لسلمان لا زالت ولا برحت / أرِّخْ بدارك سادات وأشراف
عَليُّ لا زِلتَ مسروراً بسلمان
عَليُّ لا زِلتَ مسروراً بسلمان / مَسَرَّةً تتمنَّى مُنذُ أزمانِ
قد أعْلَنْتَ بالتهاني فهيَ معلنة / كما نؤمّلُ فيها أيَّ إعلان
فلا تزال مدى الأيام في طربٍ / مُنَعَّم البال في رَوحٍ وريحان
وسرّك الله في تزويج ذي شرف / من دوحة من علاء ذات أفنان
وخير ما أَنْتَ قد زوّجتَ من ولد / كفواً بكفوٍ وأقراناً بأقران
هنّيتُه بسرور في تزّوجه / ولو درى بسروري فيه هنَّاني
أسْدَيتَها مِنّةً بات الهناء بها / يُعيد آثار أفراح بأعيان
فَضْلٌ من الله ما تسديه من منن / تجرُّ في حَلَبات الفضل أرساني
يا متبعاً هبة الأولى بثانية / وطالما تتبع الحسنى بإحسان
شكراً لأيديك ما زلت تفيض لنا / مناهلَ الجود تروي كل ظمآن
تنهلُّ ما اعترض العافي سماحتها / فأنتَ والعارض المنهل سيّان
عَلَتْ برِفْعَتِك السادات وافتخَرتْ / حتَّى لقد خِلْتَها تعلو لكيوان
وكيفَ لا تتعالى سادة نجب / فيها عليٌّ عليُّ القدر والشان
فكم تجلّى لنا من وجهه قمرٌ / فراح يجلو به همّي وأحزاني
الله أبقى بكم في الذكر خالده / وكل ذكر خلا أبنائكم فان
به التقى قمرا حسن سما بهما / في المجد والتفَّ غصن البان بالبان
يهنيكم آل بيت المصطفى فرحٌ / عمَّ البريَّةِ من قاصٍ ومن دان
فسَرَّكم ما رأيتم والسماع به / سماع هاتف للبشرى بألحان
فقال والقول للداعي مُؤَرِّخُه / سُروركم دامَ في تزويج سلمان
يا مَعْشَر السادة الأشرافِ لا بَرِحَتْ
يا مَعْشَر السادة الأشرافِ لا بَرِحَتْ / تسمو إلى المجد أشياخاً وفتيانا
طلَعْتُم أنجماً بالعزّ مشرقةً / والأنجمُ الزهر قد يَطلعنَ أحيانا
لتهنكم بمسرّاتٍ نفوز بها / بُشرى كما تنعش الأرواحُ أبدانا
بشارة بغلام قَرَّ أعينكم / قد أعْلَنَتْ بقدوم الخير إعلانا
ومذ بَدَتْ من ضياء الدِّين غرّته / جَلَتْ عن القلب أدراناً وأحزانا
من دوحة من رسول الله منبتها / تفرَّعَتْ منه أغصاناً وقضبانا
طالت به واشمخرت في العُلى وسمت / حتَّى لقد طاولت بالمجد كيوانا
إذا ادّعى الشرف السامي تفرُّدَكم / في المجد أظهر في دعواه برهانا
يا أشرف النَّاس بين المنجبين أباً / وأرجحَ النَّاس إنْ رُوجِحْتَ ميزانا
بوركتَ في وَلَدٍ أرِّخ بمولده / تَمَّ السُّرور بداود بن سلمانا
يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها
يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها / ولم يَزَل سيّد السادات مُذ كانا
إنّ النقابة قَرَّتْ فيك أعْيُنها / وفاخَرتْ بك كبّاراً وأعيانا
والحمد لله إذ فاتك يومئذ / بشارة تُعْلِنُ الأفراح إعلانا
من جانب الملك العالي بعزَّتِه / على جميع ملوك الأرض سلطانا
عبد العزيز أدام الله دولته / وزادَ في ملكه أمناً وإيمانا
أعلى ملوك بني الدنيا وأرفعها / قدراً وأعظمها في عصره شانا
لو وازنته ملوك الأرض قاطبة / لكان أرجحها في العز ميزانا
أو حاربَ الكفرَ أضحى وهو متخذٌ / حِزْبَ الملائك أنصاراً وأعوانا
حامي حمى ملّة الإسلام حارسها / لأمْره أذْعَنَتْ لله إذعانا
لولاه ما نُشِرت للعدل ألويةٌ / وربّما امتلأتْ ظلماً وعدوانا
ولاّك ما كنتَ أهلاً أن تكونَ له / مُشَيّداً من مباني المجد أركانا
وبالنقابة في عام نُؤَرِّخُه / إليكَ قد بَعَثَ السلطان فرمانا
في رحمة الله حلَّ شيخٌ
في رحمة الله حلَّ شيخٌ / وجنّةٍ دارها الخلودُ
تفيضُ من صدره علومٌ / وقد طمى بحرها المديد
ولم يزل ميّتاً وحيًّا / من علمه النَّاس تستفيد
سار إلى ربه غير فان / بالعز وهو العزيز الحميد
ومذ توفّاه قلتُ أرِّخْ / مضى إلى ربه السعيد
هُنّيت هُنّيت بالعيد السعيد فَقَدْ
هُنّيت هُنّيت بالعيد السعيد فَقَدْ / وافاك بالخير موفوراً وموقورا
مَلأت أفئدةً منّا به فرحاً / كما مَلأت به أبصارنا نورا
تبارك الله ما أبهاك من رجل / وما أجلّك تقديراً وتصويرا
تزهو بطلعتك الدنيا فأحسبها / كالروض أصْبَحَ بالأنوار ممطورا
تغني الفقير إذا ما شئت في نظر / إخالَه للغنى والمال إكسيرا
فما أتاك امرؤ يرجوك في أربٍ / إلاَّ وأصبَحَ في نعماك مغمورا
كم طاولتك إلى نيل العلاء يدٌ / فقصّرت عن مدى علياك تقصيرا
وحيث يممت في الدنيا إلى جهة / أبصَرَتْ سعداً وإقبالاً وتيسيرا
يا طيّب الذات يا من كانَ عنصره / مِسكاً يفوح الشذا منه وكافورا
ما زلتُ بالشكر حتَّى ينقضي عمره / تَعودُ سلمانُ بالأعياد مسرورا
هل تَعلمون بني الآداب لا كَتَبَتْ
هل تَعلمون بني الآداب لا كَتَبَتْ / أيديكم غيرَ ذمّ البُخل في الصحفِ
أنِّي مَدَحْتُ بخيلاً لست أذكره / لا خيفةً منه بل حرصاً على الشرف
وليسَ يخفى عليكم من عنيت به / ومن تخلَّق بالأرذال غير خفي
فراح يُصغي إلى ما ليس يعرفه / ولا يميّز بين الدُّرِّ والصدف
شِعري وبَعري سواءٌ عند فطنته / والشعر والبعر شيء غير مؤتلف
قد كانَ جائزتي الحرمان واأسفي / ورُحْتُ في خيبة الراجي فوالهفي
فقيل لي إنَّه ثور فقلت لهم / بالشكل والفهم لا بالجود والسرف
والله لو أنشدوا ثوراً على عَلَفٍ / شِعري لجاد عليَّ الثور بالعلف
هَلْ تَذكُرَنَّ بنجدٍ يومَ ينظِمُنا
هَلْ تَذكُرَنَّ بنجدٍ يومَ ينظِمُنا / لآلئاً شَمِلَتْ فيها ومَرْجانا
والرَّبعُ يُطلِعُ أقماراً ويُنْبِتُ في / منازل الحيّ حيّ الجزع أغصانا
والعيش صَفوٌ يروق العين منظره / يهدي لأرواحنا رَوْحاً وريحانا
فما ترى عينُ رائيها وإنْ طمحت / إلاَّ أسوداً بميثاءٍ وغزلانا
من كلِّ أهيفَ حُلْويِّ اللمى غنجٍ / إن ماس هَزَّ على العشاق مرّانا
ولَيّنِ العَطفِ قاسي القلب لم نَرَهُ / رَقَّتْ شمائلُه للصَّبِّ أو لانا
مضى الهوى وانقضت أيّام دولته / حتَّى كأنَّ زمان اللهو ما كانا
ليتني سَلَوْتَ أحبّاءً مُنيتِ بهم / ولا ذكرتُ على الجرعاء جيرانا
فاترك ملامَك عندي حين أذكرهم / إساءةً منك فيهم وإحسانا
يا هل تراني أرى ما أستقرُّ به / أم هل ترى قلبي الظمآن ريّانا
قد كانَ دمعي عزيزاً قبل فرقتهم / واليوم كلُّ عزيزٍ بعدهم هانا
يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ
يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ / فيك الأماجد من أشراف عدنان
وأشرَقَتْ فيك كالأقمار أوجههم / وقد يفوقون في حُسنٍ وإحسان
وأَنْتَ يا من يجيل الطرف حينئذ / في جنّة زُخْرِفَتْ منهم وبستان
الحسن متّفق فيها وما اختلَفَتْ / إلاَّ بأشكال أزهار وألوان
من كلِّ زَوج بهيج أنبتت ورَبَت / لتنعش الروح في رَوح وريحان
فإنَّها وأبيك البَرّ قد بُنِيَتْ / دار السرور لأحباب وإخوان
فبوركتْ دار سادات مُؤَرَّخة / وعُمِّرت دارُ سلمان بسلمان
أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها
أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها / وما يَسُرُّك من رَوضٍ وبستان
وانشق عبير شذا أزهارها فلقد / أهدَتْ إليك شذا روح وريحان
أجاد غارسُها غرساً وأحسَنَ في / ما قد بناه فإحكام وإتقان
تحلُّها السادة الأشراف لا برحَتْ / مأوى الأماجد من سادات عدنان
فاقت على غيرها فضلاً بساكنها / لمّا بناها وكان الفضل للباني
فقال من قد رآها حين أرّخها / دارٌ لسلمانَ قد فاقت بسلمان