القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ نُباتَة المِصْري الكل
المجموع : 281
ولي رقيبٌ إذا ما الحبّ واصلني
ولي رقيبٌ إذا ما الحبّ واصلني / قرينه قلت ليت الحبّ لم يصل
يقولُ تنقيل مرآه وسرعته / سبحانَ من خلقَ الإنسان من عجل
تجلَّدت كتب التاريخ ثمَّ شكت
تجلَّدت كتب التاريخ ثمَّ شكت / من خجلة خير تاريخٍ لخير وَلي
تكادُ إن نظرتْ هذي المحاسن أن / تموت في جلدِها من شدَّة الخجل
يا عاتبين ولا والله أذكرهم
يا عاتبين ولا والله أذكرهم / إلا بخيرٍ وإن مالوا عليَّ ولي
شويت يا مهجتي إن كنتُ عاتبهم / وإن وجدت لساناً قائلاً فقلي
وا حرباً من هوى رشيق
وا حرباً من هوى رشيق / معذَّر كالقضيب مائل
عذاره لا يغيث دمعي / وسائل لا يجيب سائل
يا عاذلي لست مثلي في هوًى وجوى
يا عاذلي لست مثلي في هوًى وجوى / فخلّ بالله عن لومي وعن عذلي
أضحى لريَّان ردفٍ قد علا وربا / يا حبَّذا جبل الريَّان من جبل
يا دهر رفقاً فما أبقيت لي أملاً
يا دهر رفقاً فما أبقيت لي أملاً / في ثروةٍ أتمناها ولا جذل
قطعت باليأس آمالي لديك فقد / تركتني أصحب الدنيا بلا أمل
غاب الوزير وكان العطف شيمته
غاب الوزير وكان العطف شيمته / وجئت نعم أمير بالرجاء ملي
فشيبة الحمد عندي والولاء معاً / حقان بين أبي بكر وبين علي
دامت صلاة الحمى الزينيّ واصلة
دامت صلاة الحمى الزينيّ واصلة / كأن إحسانها نصباً على الحال
ولا برحنا وإن شطّ المزار بنا / من هالة البدر معنًى في ابن منهال
يا صاحبي لك من سقمٍ ومن كبرٍ
يا صاحبي لك من سقمٍ ومن كبرٍ / عنق متين وفي الخدّين تسهيل
وطلعة شمل الخيلان وجنتها / فعمها خالها قوداء شمليل
سار الأمير عليٌّ في كفالته
سار الأمير عليٌّ في كفالته / لما من الدهر سير الأنزع البطل
فنحن في الفضل ماضيه وحاضره / نروي الثنا عن أمير المؤمنين علي
عشْ يا إمام العلى والعلم ذا نعمٍ
عشْ يا إمام العلى والعلم ذا نعمٍ / لقاصر السعي مثلي طامح الأمل
أقسمت ما عثرت بالفقر لي قدمٌ / إلا وصاحَ رجائي فيك يا لعلي
يا باعث الجبن قد ساءت مطاعمه
يا باعث الجبن قد ساءت مطاعمه / وتخلَّف الوعد في الشهدِ الذي يصل
بخلت بالشهدِ لا بالجبن تبعثه / لبئست الخلَّتان الجبن والبخل
يا رُبّ ناعورة غنَّت لنا وبكت
يا رُبّ ناعورة غنَّت لنا وبكت / كحالة الصبّ بين اليأس والأمل
قالت ودمع أخي العشَّاق يتبعها / أنا الغريق فما خوفي من البلَلِ
أفدِي رئيسين قد أطلاَّ
أفدِي رئيسين قد أطلاَّ / على ذرى المجد والمعالي
لاقَ بذا قرب ذا فقلنا / ما أليق البدر بالكمال
لو كانَ غيرك مخدوماً ألوذ به
لو كانَ غيرك مخدوماً ألوذ به / لكانَ حالي على ما أشتهي حالي
ولا هجيت فلا أمسيت مفتقراً / وباركَ الله في عرضِي وفي مالي
يا نسبة الشمس في المعالي
يا نسبة الشمس في المعالي / ملتَ لرجواي كلّ ميل
فحبَّذا من جوارِ خير / أفادَ قصدي جواد خيل
قاضي القضاة بيمنى حكمه القلم
قاضي القضاة بيمنى حكمه القلم / يا ساريَ القصد هذا الباب والعلم
هذا اليراع الذي تجني الفخار به / يدُ الإمام التي معروفها أمَمُ
إن آلم الحكم فقد الذاهبين فقد / وافى الهناء فزال اللبس والألمُ
ولىّ عليّ ووافى بعد مشبهه / كالسّيل أقبل لما ولّت الدّيم
لا يبعد الله أيام العلاء فما / يقضي حقوق ثناها في الأنام فمُ
ويمنع الله بالراقي لرتبته / فقد تشابهت الأخلاق والشّيمُ
معْيي المماثل في علمٍ وفيض ندًى / فالسحب باكية والبحر ملتطمُ
وكاتم الصدقات الغرّ تكرمةً / للمرء لو كانَ عرف المسك يكتتم
وافى الشآم وما خلنا الغمام إذاً / بالشام ينشأ من مصرٍ وينسجم
آهاً لمصرٍ وقد شابت لفرقته / فليس ينكر أن يعزى لها هرم
تقاسمت بعد رؤياه الأسى ودرت / أن البلاد لها مثل الورَى قِسم
وأوحش الثغر من مرأى محاسنه / فما يكاد بوجه الدهر يبتسم
ينشي وينشد فيه الثغر من أسفٍ / بيتاً تكاد له الأحشاء تضطرم
يا من يعزّ علينا أن نفارقهم / وجْداننا كل شيء بعدكم عدم
يزهو الشآم بمن فارقت طلعته / وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم
نعم الهدى ونجوم الليل حائرة / والمجتدى وزمان المحل محتدم
أقسمت بالمرسلات السمر في يده / لقد تهيّب منها الأبيض الخدِم
وقائل أسرت مسراه قلت له / نعم المنام الذي أبصرتَ والحلم
لو لم تنم لم تحاول في العلى طرقاً / زلّت بنجم الثريَّا دونها القَدَم
كل الفصول ربيعٌ في منازله / وكل أشهرنا في بابه حرُمُ
يا واثق الظن في علياه عش أبداً / وأنت معتضدٌ بالسعد معتصم
ورُمْهُ إن طاشت الأيام أو بخلت / فالحلم والجود في ناديه مقتسم
هنالك الطود إلا أنه رجل / في كفِّه البحر إلا أنه كرم
حبر طباق المعالي فيه متضحٌ / فالمال مفترق والمجد ملتئم
وللجناس نصيب من مناقبِه / فالفضل والفصل والأحكام والحكم
ما يرفع الظن طرفاً في مكارمه / إلا وعزم الرجا بالنجح منجزم
لبشره وارتياح المكرمات به / مقدّمات عليها تنتج النعم
قالت مناقبه العليا وما أفكت / هذا التقّي النقّي الطاهر العَلم
أهلاً بمحتكم الآراء فاصلها / والقاصدون على جدواه تحتكم
كانَ الزمان لنا حرباً نخادعه / فاليوم أُلقيَ فيما بيننا السلم
وكان مغنى العلى عطلاً فقام به / ركنٌ تطوف به العليا وتستلم
يا حاكماً ما رصدنا نجم مقدمه / إلا انجلت عن ليالي قصدنا الظلم
حدوتَ لي أملاً من بعد ما عرفت / نفسي عن الناس إن ضنوا وإن كرموا
وكان منطقيَ العربيّ ممتنعاً / عن الأنام فلا عرب ولا عجم
مالي وللشعر في حيٍّ وفي زمنٍ / سيَّان فيه حسام الهند والجلم
حتَّى إذا أشرقت علياك عاطية / رأيت عقد القوافي كيف ينتظم
هدمتَ بيت الغنى مما تجود به / فاهنأ بأبيات مدحٍ ليس تنهدم
ما بعد علياك يحيي واصفٌ كَلِماً / وليت لو وسعت أوصافك الكلم
لا عطّلت منك دنيانا ولا فقدت / نسيم أنفاسك الأرواح والنسم
بكيت ليلاً بوجدي وهي تبتسم
بكيت ليلاً بوجدي وهي تبتسم / حتَّى تقايس منثور ومنتظم
دمع يجاوب مسراه تبسمها / كالروض يضحك حيث الغيث ينسجم
لا كنتَ يا قلبُ كم تصبيك غانيةٌ / يعدي أخا اللحظ من ألحاظها السقم
أحسن بها ظبية بالسفح تمنعها / أسد الكماة لها من اسمها أجم
عدمت لبيَ من وجدٍ بها وكذا / جفنيَّ فالآن لا حلمٌ ولا حلُمُ
وأغيد لم أخف فيه الذنوبَ ولا / جرى على خده من عارضٍ قلمُ
يصان حتَّى كأن الخمر ما حرمت / إلا لكيلا تحاكي ريقه الشبمُ
ما اهتزّ كالغصن في أوراق بردته / إلا تساقط من أجفانيَ الغَيم
كانت غواية قلبي في محبّته / مجهولة السّبل لا هادٍ ولا علم
يسلو الشجيّ ولفظي كله غزل / ويستفيق وقلبي حشوه ألمُ
فالحبّ عندي وإن طال الملام به / كالجود عند ابن مصري مشرع أمَم
حتَّى إذا صغت في قاضي القضاة حُلا / مدحٍ تطهر فكرٌ بارعٌ وفمُ
أندى البرية والأنواء باخلة / وأسبق الخلق والسادات تزدحم
حبر تجاوز حدّ المدح من شرفٍ / كالصبح لا غرّة تحكى ولا رئم
لكنها نفحاتٌ من مدائحه / تكاد تحيى بها في رسمها الرّمم
مجوّد الهمّ للعلياء إذ عجزت / عنها السراة وقالوا إنها قسم
تصنّعوا ليحاكوا صنع سؤدده / يا شيب كم جهد ما قد يكتم الكتم
يمضي الزمان وما خابت لديه يدٌ / سعياً إلى المجد لا زلت به قدمُ
رام الأقاصيَ حتَّى حازها ومضى / تبارك الله ماذا تبلغ الهمَمُ
لا يطرد المحل إلا صوب نائِله / ولا يجول على أفكاره الندَمُ
في كلّ يوم ينادي جود راحتهِ / هذا فتيّ الندى لا ما ادّعى هرم
يمّمْ حماه ودافع كلّ معضلةٍ / مهيبة الحرم تعلم أنه حرم
وأحسن ولاء أياديه فما سلفت / عزيمة بولاء النجم تلتزم
واسعد بمن حاطت الإسلام همته / حتَّى تغاير فيها العلم والعلَم
نعم الملاذ لمن أوْدَتْ به سنة / شهباء آثارها في عينه حُمَمُ
لو أنَّ للدّهر جزأً من محاسنهِ / لم يبق في الدهر لا ظلم ولا ظلم
قالت أياديه للقصّاد عن كثبٍ / ما أقرب المجد إلا أنها همَمُ
مما أناف به للمجد إنَّ له / عُرفاً يرى فرص الإحسان تغتنم
والمجد لا تنثني يوماً معالمه / إلا إذا راح مبنى المال ينهدمُ
وللسيادة معنًى ليس يدركه / من طالب الذكر إلا باحثٌ فهِمُ
فليت كل بخيل ينثني بطراً / فداء نعل فتى أودى به الكرم
تستشرف الأرض ما حلّت مواطنه / كأنما الوهد في آثاره أكم
لمعشرٍ هم لمن ولاهمُ نعمٌ / هنيئة ولمن عاداهمُ نقمُ
تفرق المجد في الأحياء من قدمٍ / والمجد في تغلب العلياء ملتئم
الطاعنين وحرّ الحرب ملتهب / والمطعمين وحرّ الجدب ملتهم
والشائدين على كيوانَ بيت عُلاً / تسعى النجوم بمغناه وتسْتَلم
من كلّ أروع سامٍ طرف سؤدده / أغرّ قد ناولته الراية البهمُ
مضوا وأحمد زاهي المجد مقتبل / كالروض أقبل لما ولّت الدّيم
يا مانحي منناً من بعدها مننٌ / ما شأنها منك لا عيٌّ ولا سأمُ
ومظهراً ليَ في دهر يمجمج بي / كأنما أنا حرفٌ فيه مدّغمُ
شكراً لفضلك ما غنّت مطوّقة / وما تتاوح غبّ الوابل السّلم
لله برّك ما أحلى تكتّمه / في الخلق لو كانَ عُرفُ المسك يكتتم
وافى وقد حذّر الحسّاد من حنقٍ / أن يبصروه فلما أبصروه عموا
وطالما كنت والأيام في رهجٍ / فاليوم ألقيَ فيما بيننا السّلم
وفتية أنت أحظى من رجايَ بها / يفنى الثراء وتبقى هذه الكلم
يا باغيَ المجد لا والله ما بلغت / معشار سعيك هذي العرب والعجم
وحسّدٍ خفقت أحشاؤهم حنقاً / كأنها بيد الأحزان تلطمُ
أستهكم بثناء فيك غاظهمُ / غيظ البزاذين لما عضت اللجم
أهواك للشيم اللاتي خصصت بها / إذا تخيرت الأفعال والشيم
ما زاد في قول واشٍ غير طيب ثناً / كندّ يعبق حيث الجمر يضطرم
حاشاك حاشاك أن تلقاك شائبةٌ / وأن تطرق في أفعالك التّهم
هم حدّثوني فما صدّقت ما نقلوا / وأوهموني فما حققت ما زعموا
فليهن مجدك إذ يعلو وقد سفلوا / وليهن رأيك إذ يزكوا وقد أثموا
أما الشآم فقد أغنيت قاصده / حتَّى اشتكتك الفلا والأينق الرّسم
لولاك للطائفين العاكفين به / لم يبق ركنٌ من النعمى وملتزم
خذها عروساً وبكراً بنت ليلتها / أسيلة الخدّ في عرنينها شمم
لولا أياديك ما ضمّت على أملٍ / يدٌ ولم ينفتح لي بالثناء فم
نوعاً من الشعر لا يدعى سواك له / إن المدائح كالعليا لها قيم
هوت إلى لثمه الأفواه مسرعة / كأنما كل ميم فيه مبتسم
فهنأ الله عافٍ أنت نجعته / وخائفاً بك في اللأواء يعتصم
ليشكرنّك مني الدّهرَ أربعةٌ / نفسٌ وروحٌ ولحمٌ نابتٌ ودم
رمى حشايَ ويا شوقي إلى الرامي
رمى حشايَ ويا شوقي إلى الرامي / لحظٌ برامة من ألحاظ آرام
رهنت في الحبّ نومي عند ناظره / لما اقترضت لجسمي منه أسقامي
أفدي الذي كنت عنه كاتماً شجني / حتَّى وشى نبت خدّيه بنمام
ممنّع الوصل كم حالمت من شغفٍ / عدايَ فيه وكم عاديت أحلامي
ظلمت خدّيه بالألحاظ أجرحها / وحسن خدّيه ظلاّم لظلاّم
وما لبست به من أدمعي خلعاً / إلا ووشيُ دمي فيها كأعلام
يا ليت شعري وقلبي فيه ممتحنٌ / ما ذا على عذّلي فيه ولوّامي
لا تخش من عاذلٍ قد جا يحاورني / يا سالبي في الهوى حلمي وأحلامي
وحقّ عينيك ما لي في محبتها / سمعٌ لعين ولا ذالٍ ولا لام
ولا لفكريَ من شمسٍ ومن قمر / سوى جبيني في صبحي وإظلامي
سقياً لمعهد أنسٍ كانَ يسند لي / بوجهه الطلق عن بشر ابن بسّام
حيث النسيم يجر الذّيل من طربٍ / والزهر يرقص من عجبٍ بأكمام
والنهر طرسٌ تخطّ الريح أسطره / والقطر يتبع ما خطّت بإعجام
والكأس في يد ساقيها مصوَّرة / تضيء من حول كسرى ضوء بهرام
قد أسرجت وعدت للهمّ ملجمة / فهي الكميت بإسراجٍ وإلجام
أنشى بها العيش ينمو من محاسنه / ما ليس يحصره الناشي ولا النامي
وأجتلي كأسها والشمس ما جُليت / ولا ترشف منها الشرق في جام
شهور وصلٍ كساعاتٍ قد انقرضت / بمن أحبّ وأعوامٌ كأيام
ولّت كأنيَ منها كنت في سنةٍ / ثمّ انبرت ليَ أيامٌ كأعوام
مقلقلاً بيد الأيام مضطرباً / كأنما استقسمت مني بأزلام
قد حرَّمت حالتي طيب الحياة بها / كأن طيبَ حياتي طيبُ إحرام
هي المقادير لا تنفكّ مقدمة / وللحجى خطراتٌ ذات إحجام
أما ولي حالةٌ عن مرةٍ نقلت / لأنقلنّ بها عن عزم همّام
ورُبّ شائمة عزمي ومرتحلي / إلى حمى مصر أشكو جفوة الشام
قالت وراءَك أطفالٌ فقلت لها / نعم ونعمى ابن فضل الله قدَّامي
لولا عليّ ابن فضل الله ما استبقت / سفائن العيس في لجِّ الفلا الطامي
لعاقد خنصر المدَّاح يوم ثنا / وموضح الجود فيهم بعد إبهام
ربّ السيادة في إرثٍ ومكتسبٍ / فيا لها ذات أنواعٍ وأقسام
سدْ يا عليّ بن يحيى كيف شئت فما / في فرعك المجتنى والأصل من ذام
وارفع إلى عمرٍ إسناد بيتك في / فضلٍ وفصلٍ وتقديمٍ وإقدام
بيت تسامى إلى الفاروق منصبه / فكاتبته العلى بالمنصب السامي
منظم طاب حتَّى تمّ مفخره / فكم إلى طيّب يعزى وتمّام
إسمٌ حروف المعالي فيه واضحة / وكلّ عالٍ سواكم حرف إدغام
لو طاولتكم نجوم الأفق ما بلغت / قوادم النسر منكم ترب أقدام
بأول الحال منكم أو بآخره / يراكم الله تأييداً لإسلام
إما بأرماح أقلامٍ لكم عرفت / لياقة الحدّ أو إرماح أقلام
تحمون سرى الهدى بدأً ومختتماً / وتنهضون بإنعام وإرغام
منكم عليٌّ نماه للعلى عمرٌ / فحبذا ثمرات المغرس النامي
ندبٌ سما وحمت ملكاً براعته / فداً له الناس من سامٍ ومن حام
محسّن الخلق والأخلاق تألفه / عقائل الفضل عن وجدٍ وتهيام
من أجل ما عقد المدّاح خنصرهم / عليه ميز من جلي نجا تام
لا عيب فيه سوى علياء حالته / عن صف ما شئت من عيٍّ وإفحام
تدري سرائر نجوانا عوارفه / إما بصائب فكرٍ أو بإلهام
لو أن للبحر جزأً من مكارمه / ألقى على الطرق درًّا موجه الطّامي
جارى حياه بحار الأرض يوم ندى / ويوم علم فروّى غلة الظامي
فالبحر يزبد من غيظٍ يخامره / والبرق يضحك من عجز الحيا الهامي
والعدل يغمض جفن السيف في دعةٍ / من بعد ما كانَ جفناً دمعه دامي
أما الملوك فقد أغنى ممالكها / تصميم منطقه عن حد صمصام
ذو اللفظ علّمت المصغي فصاحته / قولَ المدائح فيه ذات إحكام
فلو مزجتَ أباريق المدام به / ما رجّعت صوت فأفاءٍ وتمتام
يا فاضلاً لو رنت عين العماد له / لبات يخفق رعباً برقه الشامي
غطّى ثناك على عبد الرحيم فما / ترنو لأنجمهِ أبصار أفهام
وقد طوى نظمك الطائيّ منهزماً / لما برزت بأطراسٍ كأعلام
ليخبر الملك في يمناك عن قلمٍ / صان الأقاليم عن تخبير مستام
أشدّ من ألف في الكفّ يكرع من / نون وأمنع يوم الرّوع من لام
تغاير الوصف في يوم العطاء به / والناس ما بين مطعانٍ ومطعام
وراثة لك يا ابن السابقين علاً / في بثِّ مكرمةٍ أو حسم آلام
كأنَّ أهل العلى جسمٌ ذووك له / هامٌ وأنت يمين العين في الهام
إن كنت في الوقت قد أوفيت آخرهم / فإنك العيد وافى آخر العام
شكراً لأوقات عدلٍ قد أنمت بها / عين الرّعايا فهم في طيب أحلام
وأنجمٍ خدمت علياك فهي إذاً / نعم الجواري التي تدعى بخدَّام
أبحت يا صاحب السرّ النوال وقد / منعت ما خيف من ظلمٍ وإظلام
وأنجدتنا على الأمداح منك لُهًى / إلى الورَى ذات إنجادٍ وإتهام
خذها منظمة الأسلاك معجزة / بالجوهر الفرد فيها كلّ نظّام
مصرية بين بيوت الفضل ما عرفت / فيها نسبة جزّار وحمَّام
أنت الذي أنقذتني من يدي عدمي / آلاؤه ومحت بالبرِّ إعدامي
فعش مع الدهر لا إبرام في سبب / لما نقضت ولا نقضٌ لإبرام
ودم لحمدٍ وآلاءٍ ملأت بها / جهاتيَ الستّ من جاهٍ وإنعام
فواضل عن يميني والشمال ومن / فوقي وتحتي ومن خلفي وقدّامي
يفدي كرام الحمى منكم كرائمه
يفدي كرام الحمى منكم كرائمه / ويعبق الروض إن ولَّت كمائمه
يا آل تغلب لا يغلب تصبّركم / صرف الزمان ولا تذهب عظائمه
ليس النَّفائس ممَّا تأسفون بها / ولا التثبّت منقوض عزائمه
ولا تلوم ولو فاضت جفونكم / على المصاب الذي انْقضت حوائمه
فأكرم الدمع ما سحَّت بوادره / من الوفاء وما انْهلَّت سواجمه
إنا إلى الله من رزء براحلةٍ / بكى لها الحرم الأقصى وقادمُه
وبئر زمزم قد هاجت مدامعها / وبيت وائل قد ماجت دعائمه
إن لم تزاحم بأولاها لها نسباً / فقد غدت بمساعيها تزاحمه
قريبة كلّ عن أوصاف رتبتها / سجع الفتى وهو منشي القول ناظمه
وأوحشت صدر محراب بفقد حلاً / كأنها دمعة ممَّا تلازمه
ما خصَّ مأتم أهليها بل اتّفقت / في كلِّ بابٍ من التقوى مآتمه
فلو بكت سور القرآن من أسفٍ / لانْهلَّ جفن النسا ممَّا تكاتمه
ولو أطافت بنات النعش لابْتدرت / تنافس النَّعش فيها أو تساهمه
ولو درى القبر من وافاه لاحْتفرت / من السرور بلا كفّ معالمه
إن يغدُو روضاً فقد أرسى بجانبه / غيث الدُّموع وقد جادت غمائمه
وهبَّ من طيِّ مثواه نسيم ثناً / يودّ نشر الغوالي لو يُقاسمه
وزيد في الحورِ ذي حجبٍ ممنَّعة / يمسي ورضوان في الجنَّات خادمه
مضى لأخصب من أوطانه وقضى / فما على الدمع لو كفَّت سوائمه
هو الحمام الذي خفَّفْت قدرته / فكيفَ تنكر أمراً أنت عالمه
لا يفتأ الليل أن ترمى كواكبه / نبلاً ولا الصبح أن تنضى صوارمه
بينا الفتى رافع الآمال خافضها / إذ انْتحى من صروف الدهر حازمه
إن يمس ربعك قد راعت نواعيه / فطالما صدحت أنساً حمائمه
وإن يكن بيت صبري قد ألمَّ به / عديّ دهرٍ فقد سلاّه حاتمه
لا تجزعنَّ أبا العبَّاس من خطرٍ / عداك فالوقت باكي الفكر باسمه
وذاهب بات طرف الخير ذا سهرٍ / عليه وهو قرير الطرف نائمه
ما ضرَّه في مطاوي الأرض منزلةً / وأنت دافنه والله راحمه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025