القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 263
يا عصمةً لستُ منها باغياً بدلا
يا عصمةً لستُ منها باغياً بدلا / يا نعمةً لست عنها باغياً حِوَلا
يا ابنَ الوزيرينِ يا مَنْ لا انصرافَ له / عن سدّه خَللاً أو عفوِه جَللا
يا مَنْ إذا قلتُ فيه القولَ سدَّدني / إجلالُهُ فكُفيت الزَّيغ والخطلا
ومنْ إذا ما فعلْتُ الفعلَ أيَّدني / إقبالُهُ فُوقيت العَثْرَ والزللا
كم فعلةٍ لك بي أرسلتَها مثلاً / ومدحةٍ فيك لي أرسلتُها مثلا
أحللْتَني قُلل الآمال في دَعَةٍ / أحلَّك اللَّه من آمالِك القُللا
للَّه طولٌ سيجزي غيرَ ما كذبٍ / طَوْلاً قصرتُ به ساعاتِيَ الطُّوَلا
تُبخّلُ البحرَ نفسي ما عرضتَ لها / أو تزدري البدرَ أو تستصغر الجبلا
بل كلُّ ذلك يجري في خواطرها / وما جهلتُ ولا ضاهيتُ مَنْ جهلا
وسائلين بحالي كيف صُورتُها / فقلت قد نطقت حالي لمن عقلا
قالوا أتأملُ مأمولاً فقلتُ لهم / يؤمّل المرءُ ما لم يبلغِ الأملا
مثلُ المسافرِ لا ينفكُّ من سفرٍ / حتى إذا هو وافَى رَحْلَه نزلا
وقد بلغْتُ الذي أملتُ من أملٍ / يا ابن الوزيرِ وما أعطى وما بذلا
فما أؤمِّلُ إلا طولَ مُدته / أطالها اللَّه حتى يُرغمَ الأجلا
أبى الحسين أخي الحُسنى وفاعلها / تمَّ البيان تمامَ البدرِ بل فضلا
لا تجمعنّ إلى ذكراه نِسبَتَه / فقد كفاكَ مكان النسبةِ ابنُ جلا
هل يطلبُ الصبحَ بالمصباحِ طالبُه / ما استُهلك الصبحُ عن عين ولا خملا
رحلْتُ ظني إلى جدواه بل ثقتي / فأخَّر الوعدَ لكنْ قدم النَّفلا
سُقْياً لها رحلةً ما كان أسعدَها / لقد كفتْني طوالَ المُسندِ الرِّحلا
صادفْتُ منه بليغاً في مواهبهِ / تعطي يداه تفاريقَ الغنى جُملا
وليس يقنعُ مَنْ تمَّتْ بلاغتُه / أن يوجزَ القولَ حتى يوجزَ العملا
جرى نداه إلى غاياته طَلَقاً / سرَّ العفاة وساء السادةَ النُّبلا
ما زلتُ في بدَرٍ منه وفي حُللٍ / لم تمتثل عِذراً منهم ولا عللا
حتى اكتسى من مديحي فيه أوشِيةً / شتَّى فرُحْنا جميعاً نسحبُ الحُلَلا
فتىً وإن كان كهلاً في جلالته / كهلٌ وإن كان غضّاً غصنه خَضِلا
ما ظُنَّ يوماً به إتيانُ سيئةٍ / حُقَّتْ ولا ظُنّ فيه صالح بطلا
وما رجا فضله راجٍ فأخلفه / ولا تمنّاه إلا قالَ قد حصلا
إذا التقى سيبُهُ والطالبُونَ لهُ / لاقَوهُ بحراً ولاقى شكرهم وشلا
يلقى الوجوهَ بوجهٍ ماؤهُ غَدِقٌ / لا تسأمُ العينُ منه النهلَ والعَللا
المالُ غائبُهُ والحمدُ آئبُهُ / والمجدُ صاحبُهُ إنْ قال أو فعلا
لم يُزهَ بالدولةِ الزهراءِ حاشَ له / مِنْ شيمةٍ تستحقُّ اللومَ والعذلا
وكيفَ يلقاك مزهوّاً بدولَتِهِ / منْ صانه اللَّه كي تُزهي به الدولا
يا ربّ زِدْ في معاني ما تُخَوِّلُهُ / ولا تزدْ في معانيه فقد كَمُلا
قلْ للإمام أدامَ اللَّهُ غبطتَهُ / لا محَّ نورك مِنْ بدرٍ ولا أفلا
يا خيرَ مُعتضدٍ باللَّهِ معتمدٍ / عليه معتقدٍ ما استودَعَ المِللا
لولاك لم تلبسِ الدنيا شبيبتَها / ولا اكتسى الدينُ سيماهُ ولا اكتهلا
أضحى بيُمنِك دينُ المصطفى نُسكاً / محضاً كما أضحتِ الدنيا به غزلا
مالتْ علينا غصونُ العيش مُثقلةً / حملاً وقام عمودُ الحقِّ فاعتدلا
يا مَنْ وجدناهُ فرداً في سياسته / إن صالَ عدَّل ميلاً أو قضى عدلا
يا مؤنسَ الإنس والوحشِ التي ذُعرتْ / ومن أخافَ الأُسودَ السودَ والجبلا
في قاسمٍ خادمٌ كافٍ كفاكَ به / كأنَّه لك من بين الوَرى جُبِلا
مباركٌ لا تمُجُّ العينُ طلعتَه / ولا يرى الرائي في مخبوره فشلا
مثلُ الحُسامِ الذي يُرضيكَ رونقُهُ / وإن ضربْتَ به في موطنٍ فصلا
لو امتريتَ به الأرزاقَ أنزلها / ولو قرعْتَ به الآجالَ ما نكلا
ممن يُبيّن عن لُبّ بعارضةٍ / والطِّرفُ يُعربُ عن عتقٍ إذا صهلا
وإن جرى الأرقُش النضناض في يده / جرى شجاعٌ يمجُّ السمَّ والعسلا
تجيل طرفَك فيما خطَّ حاملُهُ / فلا ترى رهلاً فيه ولا قحلا
كأن تعديلَ أشباهٍ يصورها / تعديلُ أهيفَ لم يسْمُنْ ولا هَزُلا
خطٌّ إذا قابلته العينُ قابلها / روضُ الربيع إذا ما طُلَّ أو وُبلا
كأنّما الشكلُ والإعجامُ شاملهُ / من البيانِ ولم يُعجَمْ ولا شُكلا
ولو وصلتَ به التدبيرَ أمكَنَهُ / أن يفتقَ الرتقَ أو أن يرتقَ الخللا
تكفي من النَّبلِ أحياناً مكايدُهُ / وربّما خلفتْ أقلامُهُ الأسلا
قال الأماثلُ عجباً باختياركَه / لا فاقَ سهمُكَ من رامٍ ولا نصلا
وما رميتَ ونبلُ القوم طائشةٌ / إلّا أصبتَ وإلا قيلَ لا شللا
ما عيبُ عبدِك إلا أنَّ قيمتَهُ / تنهى أخا العدلِ أن يعتدَّه خولا
يكاد يحميك من أرفاقِ خدمتِهِ / إشفاقُ نفسِكَ أن تلقاه مبتذلا
أبا الحسين ادّرعها إنَّ ملبَسَها / باقٍ عليك إذا ما ملبسٌ سَمَلا
يا قابلَ الناسِ والمقبولَ عندهُمُ / يا مقبلاً نحو باب الخير مقتبلا
لك القبولُ مع الإقبالِ لا ارتحلا / عن عُقرِ دارك ما عاشا ولا انتقلا
يحتالُ قومٌ لرفدِ الرافدين لهم / لكنّ رَفدَكَ مُحتالٌ ليَ الحيلا
ما إن يزالُ نوالٌ منك يسألني / حمدي وأيُّ نوالٍ قبله سألا
إنّي وهزّيك بالأشعار أنسُجُها / للغافل المتعدي جدُّ مَنْ غفلا
أو الشجاعُ الذي لا شيءَ يُفْزِعُه / ولا تُردُّ عوادِيه إذا حملا
إذا استُجيش من الطوفانِ ناجيةً / ما إنْ أرى لي بها حَوْلاً ولا قِبَلا
أستوهبُ اللَّه حظاً من معونَتِه / على دفاعي ندى كفَّيكَ إن حفلا
لوْ أتبعَ الناسُ أمري غيرَ معتبرٍ / إذاً لعدُّونيَ المقدامَة البطلا
كُنْ في مَدى المجدِ للأمجادِ كلِّهمُ / صدراً وكن في مدى أغمارهِم كفَلا
تبقى ويمضون عُمراً لا انقطاع له / مُفضَّلاً بعطاء اللَّه ما اتصلا
أمورُكَ الدهرَ أمثالٌ وأمثلةٌ / إذا أمورُ أُناسٍ أصبحتْ مثلا
العدلُ فرضٌ وبذلُ الفضلِ نافلةٌ
العدلُ فرضٌ وبذلُ الفضلِ نافلةٌ / يا ابنَ الكرامِ فعدلاً ثم إفضالا
ملكتَ مالكَ جُوداً لا يُقامُ له / والعدلُ أفضلُ ما ملكتَهُ المالا
أعطيتَ قوماً وما استكفيتَهم عملاً / أسنى عطاءٍ وما جاءوك سُؤَّالا
وحظُّ كتّابِك الأشقين أنْ بُخسوا / حقوقهم وهمُ الأوفَونَ أعمالا
كُتّابُ دولتِك الميمونِ طائرُها / أضحوا وهم أسوأ الكتّاب أحوالا
عبيدُ خِدمتكَ المُعطوكَ جهدَهُمُ / في غايةِ الجهد إقتاراً وإقلالا
فاعطفْ عليهم بفضلٍ منك ينعشُهُم / يا واحدَ الناس إحساناً وإجمالا
صُنْ مَنْ يصونك عن ثُقل تُحمله / يَزِدْكَ صوناً ويحملْ عنك أثقالا
لا تحتقرهُمْ وإن أصبحتَ فوقهُم / فالسَّمكُ بالأُسّ مدعومٌ وإنْ طالا
فارفُقْ بأسّ بناءٍ أنت ذِروتُهُ / فقد غدوتَ وما نالوهُ زِلزالا
إن البناءَ متى مادتْ قواعدُهُ / مالَ البناءُ ولن يبقى إذا مالا
لئن جلا وأقمنا إنَّه لفتىً
لئن جلا وأقمنا إنَّه لفتىً / أمسى وكلُّ مقيمٍ بعده جالي
أما لئن هِيجَ بلبالُ القلوبِ به / لكمْ كفاها قديماً هَيْج بلبالِ
من لم تلدْ مثله أرضٌ ولا ثكلتْ / والأرضُ جِدُّ ولودٍ جدُّ مِثكال
نأى ولم ينأَ نأياً ينطوي أبداً / لزائريهِ بنصٍّ أو بإرقالِ
وما أخٌ بقريبٍ حينَ تحجُبُه / نبائثُ الأرضِ في مُنهاله الجالِ
إذا الثرى قِيدَ نصفَ الرمحِ غيَّبه / فقد هَوى في مهاوٍ ذاتِ أهوالِ
حسبُ الخليلين نأي الأرض بينهما / هذا عليها وهذا تحتها بالي
ادللْ على الخير تلحقْ شأوَ فاعِلِهِ
ادللْ على الخير تلحقْ شأوَ فاعِلِهِ / وإن قَدَرتَ فكُنْ أدنى وسائلِهِ
واعلم بأن ابتذال الوجه تُخْلفُهُ / إلا ابتذالكَه في نَفع آملِهِ
وبذْلَةُ الوجه أحياناً تُجدّده / كما تجددُ سيفاً كَفُّ صاقلِهِ
يا مَنْ أغارُ عليه من غلائِله
يا مَنْ أغارُ عليه من غلائِله / ومَنْ أرِقُّ عليه من خلاخلِهِ
أما تغار على ودِّي لصحبتهِ / أما ترقُّ لقبي من بلابلِهِ
ظبيٌ يرى كُلَّ وجهٍ من مَخاتلنا / ونَدَّريه فنعْمى عن مَخاتِلِهِ
نحتالُ فيه فينجو من حبائلنا / ونحن نَنْشَبُ تترى في حَبائلِهِ
فظٌّ نُميط الأذى عنه فيُتعسنا / وليس في السيفِ عفوٌ عن صياقلِهِ
لا تعجبا أن دمعاً فاض عن حُرَقِ / ماء أفاضته نارٌ من مراجلِهِ
أراق دمعي هوى ظبيٍ أراق دمي / يا للقَتيل بكى منْ حُبِّ قاتلِهِ
ما للمُعنَّى مُلَقّىً من عَواذِله / ما يستحقُّ المُعَنِّي من عَواذلهِ
إن الوزيرَ غدا وَصّالَ قاطِعِه / فاعمدْ إليه ودعْ قطّاع واصلِهِ
يَمِّم أبا الصقرِ إن اللَّه فَضَّلَهُ / وفات كل نظيرٍ في فضائلِهِ
من كُلّ طُولٍ وطَوْلٍ في شمائله / وكلّ جودٍ وجَوْدٍ في أناملِهِ
إذا ارتدى السيف لم يُمسكْ بقائمهِ / ليستقلَّ ولم يخططْ بسافلِهِ
سيفٌ تردّاه سيفٌ غيرُ ذي طَبَعٍ / كأنما الرمحُ يمشي في حمائلِهِ
لا شيءَ أقربُ حَيناً من مُناضِلِه / أو من مُطاعنه أو من منازلِهِ
من لا يرى المال إلا هَمَّ خازنهِ / ولا يرى الزادَ إلا ثِقْل آكلِهِ
مما حفظناه من أمثال حكمتِه / لن يملكَ المال إلا كفُّ باذلِهِ
مَنْ كُلُّ كُفءٍ فقيرٌ من فضائلهِ / وكل عافٍ غنيٌّ من فواضلِهِ
خِرْقٌ يشحُّ على صُغَرى محامِدِهِ / كيما يشح على كُبرى طوائلِهِ
غيرانُ حينَ يحامي عن مكارمهِ / كالليث كادحَ ليثاً عن حلائلِهِ
تلقاه عند مُبارة النظير له / كالسّيلِ دافعَ سيلاً عن مَسايلِهِ
مُنابذٌ لأعاديه وثروتِه / كلا الفريقين يُرمَى في مَقاتلِهِ
يُكشّفُ الدهرَ عنه في تصرُّفِه / عن مُنصُلٍ قَلَعيٍّ من مناصِلِهِ
كأنه بين أحوالٍ تَدَاوَلُهُ / بدرٌ تهاداه شتّى من مَغازلِهِ
أحيا به اللَّهُ قوماً بعد هُلكهمُ / وأهلك اللَّه قوماً في غوائلِهِ
كالبحرِ أروى بني الدنيا وأغرقهم / فهم رِواءٌ وغَرْقى في سواحلِهِ
أضحى الملوكُ وأضحينا نحمّلُهُ / تحميل منْ ليس يُخشى وهْيُ كاهلِهِ
عليه أثقالُ أمرِ اللَّهِ يحملُها / والناس يا لَكَ من عبءٍ وحاملِهِ
كأنه وحدَه جيشٌ له لَجَبٌ / صواهل الأرض شتى من صواهلِهِ
فللرعاة أَحاظٍ من نصائحِهِ / وللرعايا أَحاظٍ من نوافِلِهِ
ترى دعاويَ قومٍ فوق حاصلِهِم / وما دعاويه إلا دونَ حاصلِهِ
للأريحية مشيٌ في مفاصلِه / وليس للراح مشيٌ في مفاصلِهِ
ذو الفضلِ في دهرِه لا عند ناقصهِ / بل عندَ كامِله بل عندَ فاضلِهِ
يا كوكبَ الدهر قِدْماً في غياهبه / يا مَعْلمَ الدهر قدْماً في مَجاهلِهِ
أصبحتَ في الذروةِ العلياء من شرفٍ / منازلُ الناسِ شتّى في أَسافلِهِ
فَهم أنابيبُ رُمحٍ أنت عاملُهُ / لا بل سنانُ طرسٍ فوقَ عاملِهِ
يا مَعْقِلاً غيرَ مخشيٍّ غوائلُهُ / لمنْ أتته الدواهي من معاقلِهِ
أنت المخاطبُ لا يُهدي لسائلِهِ / سُوءَ استماع ولا يصغي لعاذلِهِ
أما ترى الدهرَ قد ألقى كلاكله / على امرئٍ بينكم مُلْقَى كلاكلِهِ
يا آلَ هَمّامِهِ يا آلَ مُرَّتِهِ / يا آلَ شيبانه يا آلَ وائلِهِ
مالي حُرِمتُ وحُظَّ الناسُ كلُّهُمُ / ممن ذنوبيَ خيرٌ من وسائلِهِ
أُعيذُ عدلك أن يُلفَى بحضرتِه / خصمي وحقِّيَ مغلوبٌ بباطلِهِ
ما حَقُّ ميدانِ مجدٍ أنتَ صاحبُهُ / إجراءُ ناهقِهِ قُدّامَ صاهِلِهِ
سائلْ بيَ الشعرَ إني من مَصاعبهِ / فإن أبيتَ فهبني من أَزامِلِهِ
أُعيذُ مُزنَك أن يشقَى ببارقهِ / شَيْمي وتسعدُ أقوامٌ بوابِلِهِ
يا سيداً لم تزلْ فُروعٌ
يا سيداً لم تزلْ فُروعٌ / من رأيه تحتها أصولُ
أمثلُ عمروٍ يَسُومُ مثلي / خسفاً وأيامُه تطولُ
أمثلُ عمروٍ يُهين مثلي / عمداً ولا تُنتَضَى النُّصولُ
ألا يرى منك لي امتعاضاً / كالسيف فيه الردى يجولُ
يا عمرو سالتْ بك السيولُ / لأمّك الويل والهبولُ
وجهك يا عمرو فيه طولُ / وفي وجوه الكلاب طولُ
فأين منك الحياءُ قل لي / يا كلبُ والكلب لا يقولُ
والكلبُ من شأنه التعدّي / والكلبُ من شأنه الغلولُ
مقابح الكلب فيك طرّاً / يزولُ عنها ولا تزولُ
وفيه أشياءُ صالحاتٌ / حَماكَها الله والرسولُ
فيه هريرٌ وفيه نبحٌ / وحظُّهُ الذلُّ والخمولُ
والكلب وافٍ وفيك غدرٌ / ففيك عن قدْره سُفولُ
وقد يحامي عن المواشي / وما تحامي ولا تصولُ
وأنت من أهلِ بيْتِ سوءٍ / قصتُهم قصةٌ تطولُ
وجوهُهم للورى عِظات / لكن أقفاءهم طبولُ
نستغفرُ الله قد فعلنا / ما يفعل المائق الجهولُ
ما إن سألناك ما سألنا / إلا كما تُسْأَلُ الطُّلولُ
صَمْتٌ وعيبٌ فلا خطابٌ / ولا كتابٌ ولا رسولُ
إن كنت حقاً من الندامى / فمنْ ندامى الملوك غولُ
وجهٌ طويلٌ يسيل فوه / أحسنُ منه حِرٌ يبولُ
بل فيك سُرْبٌ وطولُ خطْمٍ / ولم يزلْ هكذا النغُولُ
فإن تكن آلةَ الندامى / هذين فيما ترى العقولُ
طولُ خطومٍ على وجوه / فتوحُ أفواهها تهولُ
فما إذاً سادة الندامى / إلا البلاليعُ والفُيولُ
إن رئيساً يراك يوماً / لصابرٌ للأذى حمولُ
ما مَلَّني من أطاق صبراً / عليك بل بختيَ الملُولُ
مستفعلٌ فاعلٌ فعولٌ / مستفعل فاعل فعولُ
بيت كمعناك ليس فيه / معنى سوى أنه فضولُ
عنَّفتُ شيخَيْ أذانٍ في مواثبةٍ
عنَّفتُ شيخَيْ أذانٍ في مواثبةٍ / تَواثباها وقد يَعْوَجُّ معتدلُ
فقلت للأكبر الألْحى هَبا لكما / هذا الأذان وهذا المذهب الخطلُ
فقال نحنُ ديوك الله عادتُنا / أنا نؤذِّنُ أحياناً ونقتتلُ
لا سيّما عند خضبِ الشيخ لحيَتَهُ / ورأسه واختضابُ الشيخ منتصلُ
نحن الديوكُ بحقّ يومَ ذلكُمُ / إذا بدت حمرة الحناء تشتعلُ
فإن أجدنا سفادَ السانحات لنا / فثَمَّ تقوَى معانينا وتكتملُ
فاعذرْ على ما ترى فينا فخِلقتُنا / ديكيّةٌ ليسَ فيها جانب دغلُ
وبين كلّ الديوكِ الآن ملحمةٌ / ليستْ بمعدومةٍ ما حنَّت الإبلُ
فقلتُ لا بل يقولُ القائلونَ لكم / ديوك إبليس والأقوال تنتضِلُ
فيكم من الشرّ ما يزري بخيركُمُ / فأين تذهبُ عنه أَيُّها الثَّمِلُ
فقال أخطأتَ فالقَ الدينَ منتقلاً / إن كنت مما يسوءُ الدينَ تنتقلُ
إنَّ الأذان لَخيرٌ عندَ مسلِمنا / قليلهُ لكثيرِ الشر محتملُ
والصالحاتُ بحكم اللَّهِ معصِفةٌ / بالصالحاتِ وحكمُ الله يُمتثَلُ
فسمّنا أفضلَ اسمينا فحقّ لنا / إن كنت ممن بثوب الدين يشتملُ
فقلت أحسنتَ بل أحسنتما عملاً / وقدوةً وأساءَ اللائمُ العجلُ
وقلت للدين إذ أَكْدَتْ معادنُهُ / ودِّع هريرة إن الركب مرتحلُ
تنافستكَ من الأعياد أربعةٌ
تنافستكَ من الأعياد أربعةٌ / شتّى على أربَعٍ شتى من المِللِ
الفصحُ والفِطرُ والنيروزُ يقدمُه / عيدُ الفطيرِ ازدحامَ الوردِ بالنهلِ
جاءتْ سراعاً تباري في أزمَّتها / تكادُ تسبقُ شوقاً مبلغَ الأملِ
في مدةٍ عدّةُ العشرينَ أولُها / متى شفتْ بكَ ما لاقتْ من العللِ
وغير بِدْع أنِ اشتاقتْ إلى ملكٍ / في كلّ مجدٍ وخير سائر المثلِ
به أُديلت توالي الدهرِ فانتصفتْ / أيامُه الآنَ من أيامِه الأُولِ
أضحتْ به أخرياتُ الدهر لابسةً / فخراً يقومُ مقامَ الحلْي والحللِ
فاسلم على الدهرِ يا ابن الأكرمينَ له / لا بل لمعتصم منه وذي أمل
قالوا هجاك أبو حفص فقلتُ لهم
قالوا هجاك أبو حفص فقلتُ لهم / باللَّهِ أدفعُ ما لا تدفع الحِيلُ
ألا لئيمٌ جزاه اللَّهُ صالحةً / يهجوه عني فبي عن عرضهِ كسلُ
حيا أبو حسنٍ وهبٌ أبا حسنٍ
حيا أبو حسنٍ وهبٌ أبا حسنٍ / بضرطةٍ طيرتْ عُثنونه خُصلا
ثم استمرّتْ فصارتْ في البلادِ له / كأنها أرسلتْ من دبرهِ مثلا
بئسَ التحيةُ حياها الوزير ضُحىً / والحفل من سرواتِ القومِ قد حَفلا
يا ليتَ شعرِيَ عن وهب وفقحتهِ / وكيف عاتبها في الحشّ حين خلا
يا مَنْ يعيبُ لدينا الراحَ مجتهداً
يا مَنْ يعيبُ لدينا الراحَ مجتهداً / أسأتَ قولاً وقد أحسنْتَ في العملِ
تركْتَها مُؤثراً للأكرمينَ بها / وعبتَها عيبَ ذي جهلٍ وذي خطلِ
فبُؤْ بحمدٍ وذمّ تستحقُّهما / كما خَلَطْتَ الذي أسْدَيتَ بالعذلِ
ما كنتَ إلا كساقٍ خاضَ مِجْدَحُه / شوباً من الصابِ في شربٍ من العسلِ
لا زلتَ تبلغُ أقصى السُؤْلِ والأملِ
لا زلتَ تبلغُ أقصى السُؤْلِ والأملِ / ممتّعَ النفسِ بالسّراءِ والجَذلِ
ولا عدمْتَ نماءً لا انتهاءَ له / في الحال والمال والأحبابِ والخولِ
يا مَنْ تزيّنتِ الدنيا بدولتِه / فأصبحتْ وهْي في حلْيٍ وفي حُللِ
أَوارِدٌ بحرَكم مثلي ومنصرفٌ / في الصادرين بلا علّ ولا نهلِ
ألستُ أصلحُ سمساراً لبركُمُ / ولا وكيلاً ولا عوناً على عملِ
بلى وإنْ كان راعي الناسِ أهملني / فليسَ حقّيَ إهمالي مع الهَمَلِ
إنّي لأخوَضُ للأهوالِ من أسدٍ / عادٍ وأنهضُ بالأثقال من جملِ
ما زلتُ أنهضُ في الجُلَّى أُحمَّلها / بنجدةٍ وبرأي غير ذي خللِ
عندي إذا غرّر الكافون أو عجزوا / حزمُ الجبانِ تليه جرأةُ البطلِ
ولستُ كالمرءِ يؤتَى عند عزمتِه / من التهوّرِ يوماً لا ولا الفشلِ
إني بما شئت من إتقانِ ذي خللٍ / كل الوفاء ومن تقويم ذي ميلِ
وإنْ نَفَثْتَ إليّ السرَّ مؤتمناً / لم أفشِ سرَّك عن عمدٍ ولا زللِ
فهبْ لراجيكِ إذناً منك تلقَ به / مُؤدَّباً غيرَ ذي جهل ولا خطلِ
لا يسألُ الحاجةَ المعوجَّ مسلكُها / ولا يحاوِل أمراً بيّنَ الحولِ
بل كلّ ما يوجبُ الإنصافَ منك له / مع الوسائل والأسبابِ والوُصَلِ
من ارتجاعِ عقارٍ لجَّ غاصبُه / ورَدِّ دَينٍ له في الظلمِ مُعتقَلِ
وشعبةٍ من مَعاشٍ لا تُكلِّفه / مُرَّ السؤالِ ولا مستثقلَ الرِّحلِ
وكلّ ذاك خفيفٌ إن نشطتَ له / يا منْ يخفُّ عليه كل ذي ثقلِ
أقولُ إذ غصبتني كفُّ جارية / اللَّه أكبر من وَدٍّ ومن هُبلِ
فاز الغواني بما أمَّلنَ من أملٍ / فما يبالينَ ما لاقينَ من أجلِ
متى غلبن رجالَ الجدّ في زمنٍ / كما غلبنَ رجالَ اللهو والغزلِ
وإن أعجبَ شيءٍ أنت مُبصرُه / في كل ما حُمّلتْهُ الأرضُ من ثقلِ
كفٌّ خضيبٌ من الحناء غاصبةٌ / كفاً خضيباً من الأبطالِ والعضلِ
يا حسرتاً لي ويا لهفاً ويا عجباً / إنْ هذه الحال لم تُنكَرْ ولم تُزَلِ
في دولتي أنا مغصوبٌ وفي زمني / عوديَ ظمئَى بلا ريٍّ ولا بللِ
أُمسي وأصبحُ مظلوماً بلا جنفٍ / من الوزيرِ ومحروماً بلا نِحَلِ
لكنْ لأمر خفيٍّ لا يحيطُ به / علمي وإن كنتُ ذا علمٍ وذا جدلِ
وإنني لأرَجِّي أن يصبّحني / سعدُ السعودِ بحظ منه مُقتبلِ
وما أرجّي سماحاً منه مُطَّرفاً / لكن سماحاً تليداً فيه لم يزلِ
وما فمي بمفيق من معاتبةٍ / حتى يشافِهَ تلك الكفَّ بالقُبلِ
فليأمرِ السيدُ الحُجّابَ حضرتَه / بصونِ وجهٍ مصونٍ غيرِ مبتذلِ
حتّى يلاقيني أجفى جُفاتِهمُ / بلا فتورٍ يُرى فيه ولا كسلِ
وليجعلِ الإذنَ رسماً لا زوالَ له / كالإذنِ للقومِ من أصحابهِ النُبُلِ
وما خرقتُ ولا ضيّقت في مهلٍ / بل قد رقَقْتُ وقد أوسعت في المهَلِ
ولو عجلتُ وجدتُ اللَّه يعذرني / في قوله خُلق الإنسان من عجلِ
ها أنتَ تعلمُ أن الصبر من صَبِرٍ / فامزجهُ بالنجحِ إن النُجح من عسلِ
وما عليَّ ملامٌ إنني رجلٌ / ظمئْتُ خمساً ولم أشرعْ على وَشَلِ
لكن شرعتُ على بحرٍ له حدبٌ / تغشى غواربُه الركبانَ كالظّلَلِ
متى أنال الذي أمَّلتُ من أملٍ / إن لم أنلْ بك ما أمَّلتُ من أملِ
أنَّى يكون ربيعي ممرعاً غَدِقاً / إن لم يكن هكذا والشمس في الحَمَلِ
يا آلَ وهبٍ أعينوني على رجلٍ / أعلى وأثقل في الميزان من جبلِ
حُرمتُ منه وقد عمَّت فواضلُهُ / وتلْكُمُ المثلةُ الكبرى من المُثَلِ
ألحاظُهُ لا تراعيني ونائلُهُ / لا في التفاريق تأتيني ولا الجُملِ
مضتْ سنون أراعي نجمَ دولتِكم / فيها وأعتدُّها قسْمي من الدُّولِ
إن غابَ حظكُمُ استعبرتُ من أسفٍ / له وإن قفلَ استبشرتُ بالقفلِ
وإن رمَى الدهرُ من يرمي صفاتَكمُ / ناديتُه لا رماك اللَّه بالشللِ
حتى إذا أطلع اللَّه السعودَ لكم / خُصصتُ بالعطلة الطُّولى من العُطلِ
طال المطال على حقي ودافعَه / من ليس منه دفاع الحق بالعللِ
ولم يفتْ فائتٌ تأسى النفوسُ له / كنائلِ الكفِّ ذاتِ العُرفِ والنفلِ
مالٌ مولٍّ وأسبابٌ مخيَّبةٌ / في دولة الفوزِ ما هذا بمحتملِ
حتّام يا سائس الدنيا تؤخرني / وإنني لنظيرُ الصدرِ لا الكفلِ
لكلّ قومٍ رسومٌ أنت راسمُها / ولستُ فيهم بذي رسْم ولا طللِ
لا في التّجار ولا العُمالِ تنصبُني / وإنني لقليلُ المِثل والبدلِ
أنا المشارُ إليه بالبنانِ إذا / عُدَّ المراجيحُ والمرموق بالمُقلِ
وما وفائي بمدخولٍ إذا كَلَحَتْ / دهياءُ تفتَرُّ للأقوامِ عن عُصُلِ
يدومُ عهدي على حالٍ لمصطنعي / ولا أعرّد عنه ساعةَ الوهلِ
ولا أقولُ إذا نابتهُ نائبةٌ / مالي بعادية الأيام من قبلِ
كم في احتيالي وتدبيري لذي فزعٍ / من ملجأ ومُغاراتٍ ومُدّخلِ
وما أقُرّضُ نفسي كي أدلِّسَها / ولا أريغ لديك الحظَّ بالحيلِ
لكن تنصّحتُ في نفسي لأهديَها / إليك والنفسُ علِقٌ ليس بالجللِ
ومن تسوَّقَ مرتاعاً بسلعته / مستشعرَ الخوفِ مملوءاً من الوجلِ
فقد تقدمتُ في أمري على ثقةٍ / مني يشيِّعها أمنٌ من الخجلِ
فاخبرْ وجرّبْ تجدْني حين تخبرني / أمْضى من السيف في الأعناق والقُللِ
وارمِ المهماتِ بي في كلِّ حادثةٍ / ترتاعُ منها أسودُ الغابِ والأسلِ
تجدْ لديَّ كفاياتٍ مجرّبةً / أشفى من الباردِ المثلوجِ للغُللِ
لا تطَّرحني فإني غير مطَّرحٍ / ولا تُذِلْني فإني العِلقُ لم يُذلِ
خذني عتاداً لما في الدهرِ من نُوَبٍ / محذورة ولما في الحال من نُقلِ
هذا على أنني أرجو لكم مُهلاً / موصولةً مدة الدنيا إلى مُهَلِ
وحقُّكم ذاك إن اللَّه فضّلكُم / تفضيلهُ الضحوةَ الأولى على الطّفلِ
براكم الله من حزمٍ ومن كرمٍ / أزكى من الماءِ بل أذكى من الشُعلِ
وما افتقرتم إلى مدحٍ يزينكُم / تالله يا زينةَ الأيامِ في الحفلِ
وكيف ذاك ومنكم كلُّ مقتبسٍ / من السناءِ وعنكم كلُّ ممتثلِ
تَغنونَ عن كلِّ تقريظٍ بفضلكُمُ / غنى الظباء عن التكحيل بالكَحَلِ
تلوحُ في دولةِ الأيامِ دولتُكمِ / كأنها مِلَّةُ الإسلام في المللِ
فأنتمُ أولياءُ اللَّه كُلُّكُمُ / في جنة الخلد سُكناهم بلا حولِ
ما إن لدولتكم إبّانُ مُنقرضٍ / كلا لعمري ولا ميقاتُ مرتحلِ
أنجى الإلهُ من المريخ زهرتكم / ومشتريكم فقد أنجاهُ من زحلِ
خُذها فما عجزتْ كلا ولا قَصُرتْ / عن رتبة السبعِ في أترابها الطُولِ
واسلمْ سلامَةَ مأمولٍ فواضلهُ / إذا رأوْه لبني الآمال كالقبلِ
شاهدت في بعض ما شاهدتُ مُسمعةً
شاهدت في بعض ما شاهدتُ مُسمعةً / كأنّما يومها يومانِ في يَومِ
تظلُّ تُلقي على من ضَمَّ مجلسُها / قولاً ثقيلاً على الأسماع كاللَّومِ
لها غناءٌ يثيبُ اللَّهُ سامعَهُ / ضِعفي ثوابِ صلاةِ الليل والصومِ
ظَللتُ أشربُ بالأرطالِ لا طَرَباً / عليه بل طَلَباً للسكرِ والنومِ
إقامةُ الدِّقَلِ الصينيِّ تُكْلَفُها
إقامةُ الدِّقَلِ الصينيِّ تُكْلَفُها / ولا إقامة أيرٍ هدَّهُ الهَرَمُ
اسْعَدْ بعيد أخي نُسْكٍ وإسلامِ
اسْعَدْ بعيد أخي نُسْكٍ وإسلامِ / وعيدِ لهوٍ طليق الوجهِ بسَّامِ
عيدان أضحى ونوروزٌ كأنهما / يومَا فعالِك من بؤسٍ وإنعامِ
من ناصحٍ بالذي تحيى النفوسُ به / وحائلٍ بين أرواحٍ وأجسامِ
كذاك يوماكَ يومٌ سيْبُهُ دِيَمٌ / على العُفاة ويومٌ سَيْفهُ دامي
لله أضحى ونيروزٌ لبستهما / على عفافٍ وجُودٍ غيرِ إلمامِ
أضْحتْ يمينُك في النَوْروز فائضةً / بالمال لا الماء فيْضاً غيرَ إرهامِ
لَهَوْتَ فيه بجد النَّفح واجتَنَبتْ / دعابةَ النضح نفسٌ همُّها سامي
ثم انصرفْتَ إلى الأضحى وسُنَّته / فأي مِطعانِ لباتٍ ومِطعامِ
ألحمتنا الكُومَ فيه فألُ مارِقةٍ / ستُلحمُ الطيرَ منها أيَّ إلحامِ
لازلت تنحر في أمثاله أبداً / شتَّى نحائرِ أعداءٍ وأنعامِ
فَمِن لحامٍ تريباتٍ بلا وضمٍ / إلا الثرى ولحامٍ فوق أوضامِ
فِعْلَ امرئٍ غير ظَلَّام لمُنصِفهِ / للظالمين وللأموالِ ظلَّامِ
فكفُّهُ كفُّ تقبيلٍ يُفازُ به / ووجهُه وجهُ إجلالٍ وإكرامِ
كأنّه شمسُ إصحاء وحاشَ له / من أن يُقاسَ إليه بدْرُ إعتامِ
فيه بشاشة وصّالٍ ورونقُهُ / وفيه إن راب ريبٌ حَدُّ صرّامِ
لا تَغْتَرر بحياء فيه من شرسٍ / فالماءُ في كُل عَضْبِ الغرب صَمْصامِ
وزيرُ سِلم وحَرْبٍ لا كفاءَ له / ما زال حَمَّال أرماحٍ وأقلامِ
إذا ارتأى الرأي في خَطْبٍ أُتيحَ له / فيه السدادُ بفكرٍ أو بإلهامِ
فلم يَهِمْ بين إنكارٍ ومعرفةٍ / ولم يخِم بين إحجام وإقدامِ
خبِّرهُ بالداء واسأله بحيلته / تُخْبَرْ وتَسْلَ أخا فهمٍ وإفهامِ
كم اشترى بكرى عينيه من سهرٍ / وباع في اللَّهِ لذَّاتٍ بآلامِ
للَّهِ مُطروه ما أضحَوا لأنفسهِم / ولا له يومَ زاروه بِلُوّامِ
آبوا بحظٍّ بلا إثم وكم صدروا / عن آخرين بحرمان وآثامِ
مُطَلَّبٌ بعطايا ما يُنهنهها / عذْل العواذِل طَلّابٌ بأوغامِ
مُعاوِدٌ نَقْضَ أوتارٍ وآونةً / مُعاودٌ عفوَ زلّاتٍ وأجرامِ
يُعْطي فيُنطقُ ذا الإفحام نائلُه / ويُفحم الفحلَ شِعراً أيّ إفحامِ
يغدو وقد حل عافوه بذي كرم / إدْلالُ سُؤَّاله إذلالُ غُرَّامِ
لا بل ترى لهمُ فيما حوت يدُهُ / وهو المحكَّم فيه حُكمَ حكَّامِ
أخو سماح يمُتُّ الأبعدونَ به / حتى كأنّهمْ منَّوْا بأرْحامِ
مستأنسين ببشرٍ منه آنسَهُم / من قبله بشرُ حُجّابٍ وخدّامِ
ما استام بالحمدِ مُستامٌ فماكَسهُ / وهل يرَدُّ جوادٌ حُكْمَ مُسْتامِ
ترى له في المساعي جدَّ مجتهِدٍ / لم يكْفهِ كُلُّ كُرَّام لِكُرَّامِ
ولو يشاء كفاهُ أنَّهُ رَجُلٌ / من بين أكرم أخوالٍ وأعمامِ
لكنْ أبى بوفاءٍ من تُراثِهمُ / إلا نُشوراً لهم من بعد إرمامِ
تلقى أبا الصقر في الجُلَّى وحُجْزتُه / مَقْسومةٌ بين أيدٍ خيرَ إقسامِ
من خائفٍ وهْنَ سُلطانٍ وذي عَوَزٍ / قد أعصما بالمرجَّى أيَّ إعصامِ
كلا الفريقين منه ثمَّ مُعْتصم / بعُروة الأمنِ من خوفٍ وإعدامِ
دهرٌ نهى الدهر عن جيرانِ دولتِه / فأحرم الدهرُ فيها أيَّ إحرامِ
حانٍ على الناس حامٍ عُقرَ بيضتهم / لا تعدم الطَّول من حانٍ ومن حامِ
تنافس الناسُ في أيام دولته / فما يبيعون أياماً بأعوامِ
لا يبعد اللَّهُ أياماً له جمعتْ / إلى سكونِ ليالٍ أُنسَ أيامِ
يفدي أبا الصقرِ قومٌ دون فديتِه / كأن مُدَّاحَهُم عُبَّادُ أصنامِ
ما همَّ بالدينِ والدنيا فنالَهُما / إلا قريعُكُمُ يا آل همَّامِ
رأيت أشرافَ خلقِ الله قد جُعلوا / للناس هاماً وأنتم أعينُ الهامِ
أنتم نجومُ سماءٍ لا أُفول لها / وتلك أشرفُ من نيرانِ أعلامِ
ما ينقض الدهرُ من حالٍ ويُبرمها / إلا بنقضٍ لكم فيه وإبرامِ
كم من غرامٍ يُلاقي المالُ بينكُم / من غارمٍ في سبيل المجد غنَّامِ
أقسمتُ بالله ما استيقظتُمُ لِخناً / ولا وُجدتم عن العليا بنوّامِ
ضاهت صنائعُ أيديكم وقائعَها / فأصبحتْ ذات إنجادٍ وإتهامِ
ما تفترُونَ عن التنفيسِ عن كظم / ولا تُفيقون عن أخذٍ بأكظامِ
مُسوّمين على جُردٍ مسومةٍ / مثل القداحِ بأيدي غيرِ أبرامِ
خيلٌ إذا أُسرجت أو أُلجمت لكُمُ / ذلَّ العزيزُ لإسراجٍ وإلجامِ
حتى إذا حملتكُم في وشيجكُمُ / سارت هناك بآسادٍ وآجامِ
كأن قسطلها والزرقُ ناجمةٌ / ليلٌ عليه سماءٌ ذاتُ إنجامِ
حتى إذا الزرقُ غابت في مطاعِنها / عادت هناك سماء ذات إثجامِ
وخافكُم كل شيءٍ فاكتسى نفقاً / كأنه في حشاهُ حرف إدغامِ
سُدتم بخفَّةِ أقدامٍ مُسارعة / إلى الكرائه في رُجحان أحلامِ
وجود أيدٍ كأن الله أنشأها / من كلِّ غيث ضَحوكِ البرق زمزامِ
لا تعدموا بسط أيمانٍ مضمّنةٍ / ضرّاً ونفعاً ولا تقديمَ أقدامِ
تغدون والمنعمُ المِنعامُ مُنعمُكم / ورُبَّ مُنعِم قوم غيرُ مِنعامِ
طالتْ على الناسِ أيديكم وما ظلمتْ / ببارعِ الطول قمقامٍ لقمقامِ
فما اشتكى الفضلُ منكم لؤمَ مقدرةٍ / ولا شكى العدلُ منكم جور أحكامِ
لكم لدى الحُكم إلزامٌ بحُجَّتكم / على الخصومِ وصفحٌ بعد إلزامِ
أضحى الكرامُ وإسماعيل بينهمُ / في كل حالٍ مُعلّىً بين أزلامِ
غاب الموفَّقُ واستكفاه غيبتَهُ / فلم يصادفه بين الذمِّ والذامِ
ما زال مذ سُدَّ ثغر الحادثات به / يرمي الفرائصَ منه أيُّما رامي
إذ لا تقحُّم في حين الأناة لهم / ولا أناةَ له في حين إقحامِ
ولا تهوُّرَ فيه عند ملتزمٍ / ولا تهيّبَ فيه عند إحجامِ
شادَ الأمورَ التي ولاه بنيتها / على قواعد إتقان وإحكامِ
برحب ذرعٍ وصدرٍ لم يزل بلداً / فيه ينابيعُ رأي غيرُ أسدامِ
تلك الينابيعُ ما زالت موارِدُها / فيها سقامٌ وفيها برءُ أسقامِ
ونائم قال قد أدركتُ غايته / عفواً فقلت له أضغاث أحلامِ
دع عنك ما تتمنى لن ترى أبداً / سِفلاً كعُلوٍ ولا خَلفاً كقُدَّامِ
تلقى أبا الصقرِ ضرغاماً بشِكَّتِه / إذا تبسَّل ضِرغامٌ لضرغامِ
واجتبى الناس إلا أنه رجل / لا يعرفُ الخاء بين الباء واللامِ
واسلمْ أبا الصقرِ للإسلام تمنعهُ / منعَ امرئٍ لا يرى إسلامَ إسلامِ
ما زال معدنَ معروفٍ ومعرفةٍ / له فوائدُ وهَّابٍ وعلّامِ
أنت الذي غدهُ في اليوم منتظرٌ / وخيرُ قابله المنظورُ في العامِ
قد كاد يحميكَ حمدَ الناسِ علمَهُمُ / بأن جُودك عن وجدٍ وإغرامِ
يا مُعمِلَ الجود قد أنضيت مركبه / نضاً فأعقبه منه يومَ أجمامِ
وليُبقِ جودك من جَدواك باقيةً / لخادم لك محقوقٍ بإخدامِ
قولا لطوطٍ أبي عليٍّ
قولا لطوطٍ أبي عليٍّ / بصريِّنا الشاعر المنجِّمْ
المنذر المُضحكِ المُغنِّي / الكاتب الحاسب المعلِّمْ
الفيلسوفِ العظيمِ شأنا / العائفِ القائف المُعزِّمْ
الماهِنِ الكاهِنٍ المُعادي / في نصرِ إبليسَ كلَّ مسلمْ
الأعور المُعور الملاقي / بمؤخر السوء كلَّ مقدمْ
يا وجه طوطٍ رأى قُمُدَّاً / فسال طولاً وقال قحِّمْ
وجهٌ زكا قُبحُه برأسٍ / قَمْقَمَ من قحفه المُقَمقمْ
ما إن بدا في النديِّ يوماً / إلا اشتهتْه يدا مُقرقِمْ
وقال قومٌ وما تعدَّوا / كأنه رأسُ شِيقبرقمْ
رأسُ ابن عرسٍ ووجهُ نمسٍ / فاصفع بشر النعال والْطِمْ
يا ابن الزيوف التي أراها / طارت فصيدتْ بكَفِّ قِرْطِمْ
ولم تزل قبل ذاك وقْفاً / للرجل في بيت كلِّ مجرمْ
بخراءُ ذفراءُ ذاتُ قبحٍ / محلَّلٌ نيكُها محرّمْ
تعرضُ عرضَ الطعام جهراً / في كل وقت على مسلِّمْ
وكلهمْ قائلٌ هنيئاً / لا يرتضى وطأها بمنسمِ
إن كنتَ كلباً أراك حربي / حينُك فاركب هواك واعزمْ
وأسرِجِ المركبَ المعرَّى / قبلَ ورودِ الوغى وألجِمْ
واكتب على عرضكَ المُلقَّى / قواصد النبل ربِّ سلِّمْ
فليس سهمي بسهمِ رامٍ / لكن سهمي شهابُ مُضرِمْ
افتح بسوء الثناءِ واختم / في ابن أبي قرَّةَ المُزَمزِمْ
أضحى وزيراً أبو يَعْلى وحُقَّ له
أضحى وزيراً أبو يَعْلى وحُقَّ له / بعد المشارطِ والمقراضِ والجلَمِ
قد قال قومٌ وغاظتهم كتابتُه / لو شئت يا ربِّ ما علَّمتَ بالقلمِ
إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ
إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ / له الرقابُ ودانت خوفه الأممُ
فالموتُ والموتُ لا شيءٌ يغالبُهُ / ما زال يتبع ما يجري به القلمُ
كذا قضى الله للأقامِ مذ بُريتْ / أن السيوفَ لها مذ أُرهفَتْ خدمُ
بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ
بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ / أُصفِي المودَّةَ مني للحواميمِ
وليس بغضِي لقرآنٍ ولا مقَتِي / إياه تالله بل للصادِ والميمِ
سوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِ
سوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِ / شُكْراً فإنك في الكُفران مأثومُ
كم خاضَ أُمَّكَ أيري وهْي وادعةٌ / وإنه لشديدُ الوعك مَحْمومُ
ما بات يدخلُ من بابٍ لها وحَدٍ / حاشاه من كُلِّ جَوْرٍ إنه لُومُ
بلْ من ثلاثةِ أبوابٍ مُفتَّحةٍ / لِكُلِّ بابٍ نصيبٌ منه مقسومُ
من ثفْرِها وجِعبَّاها ومن فمها / قَسْمَ السويةِ ما فيهن مَظْلومُ
فإن ألظّ ببابٍ واحدٍ هتفتْ / عدلاً هُديتَ فإن الظُّلْمَ مذمومُ
يُهدي إلى قلبها رَوْحاً بفيشلةٍ / كأنها حَجَرٌ في الكَفِّ ملمومُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025