المجموع : 244
فارَقتَ ربعَ بني الحدَّادِ مُنتقِلاً
فارَقتَ ربعَ بني الحدَّادِ مُنتقِلاً / عَنهُمْ إلى جنَّةٍ أبقَتْ لهم جَسَدكْ
فقيلَ قِفْ وَسْطَ دارٍ أرَّخوكَ بها / وانظُرْ بعينكَ يا توما ومُدَّ يَدَكْ
أوصَى بها مِن بَنِي العَبْسيِّ منتقلٌ
أوصَى بها مِن بَنِي العَبْسيِّ منتقلٌ / مِن عهدِ عامٍ إلى أبراجِ أفلاكِ
مِن مالهِ بُنيَتْ فاعتاضَ مَنزِلةً / في الأوجِ فائقةً عن طَوْرِ إدراكِ
كقُبَّةِ العهدِ ذاتِ القُدسِ قد رُفعتْ / نحوَ الأعالي على أعضادِ أملاكِ
دَعَتْ إلى نظمِ تأريخٍ فقُلتُ بهِ / يا قبَّةَ العهدِ إبراهيمُ أنشاكِ
قُل لِلزَّمانِ لَئِن سرت مَحاسِنكَ ال
قُل لِلزَّمانِ لَئِن سرت مَحاسِنكَ ال / لاتي غَرَرنَ لَقَد ساءَت مَساويكا
كَأَنَّني لَم أَقبل مِن حَلا فَمهُ / عِندَ الصَباحِ وَلَم يَحتَج مَساويكا
ظلي وَأَنتَ الشَفيعُ إِنّي
ظلي وَأَنتَ الشَفيعُ إِنّي / يَرحَمُني مالِكُ المُلوكِ
كَلّا بَلِ المُصطَفى شَفيعي / حَقّاً يَقيناً بِلا شُكوكِ
كَبائِري عَنكَ مُبعِداتي / إِن لَم أَنَل رَحمَةَ المَليكِ
كَفى بِها موبِقاً وَحَسبي / رَبٌّ تَعالى عَنِ الشَريكِ
كَلِّم أَباكَ الَّذي يُنادي / وَهوَ مِنَ السُقمِ في نُهوكِ
كادَ يَموتُ اِشفِهِ بِلَفظٍ / مِن فَمِكَ الطَيِّبِ الضَحوكِ
كُنتَ شِفائي فَلا شِفاءٌ / إِلّا بِتَأنيبِكَ المحوكِ
كلَّ حُسامي وَأَنتَ ناءٍ / فَلَيسَ في الهامِ بِالمَحيكِ
كَتَبتُ آيات ثُكلِهِ في / خَدّي بِالمَدمَعِ السَفوكِ
كَذبتُ لَو كُنتُ ذا وَفاءٍ / تَرَكتُ في طُرقِهِ سُلوكي
كَم مَعشَرٍ فَضلُهُ عَلَيهِم / فَضلُ رَقيقٍ عَلى رَكيكِ
كَلَمحَةِ الطَرفِ مُتَّ يا اِبني / فَآه مِن مَوتِكَ الوَشيكِ
كَأَنَّكَ الشَمسُ في طُلوعٍ / وَفي غُروبٍ وَفي دُلوكِ
كَرمت طَبعاً وَطِبت نَقداً / فَأَنتَ كَالعَسجَدِ السَبيكِ
كَأَنَّ عَيني عَلَيكَ أَمسَت / تَنثُرُ دُرّاً مِنَ السُلوكِ
يا مَيُّ مَلَّ الهَوى إِلّا مَعناكِ
يا مَيُّ مَلَّ الهَوى إِلّا مَعناكِ / وَحالَ صَبٌّ صَبا إِلَا لِمَعناكِ
وَغَيَّر اللَومُ مَن يَهوى سِواكِ وَلَم / تُحَل صُروفَ الرَدى مَن كانَ يَهواكِ
وَأَصبَحَ الناسُ مَسروراً بِسِرِّكِ عَن / عِلمٍ وَآخِرِ مَغروراً بِأَسماكِ
يَغتالُهُ مِن سَرابِ الآلِ خَلَّبَهُ / فَيَنثَني عَن بَروقٍ مِن ثِناياكِ
وَيوهِم الناسَ جَهلاً مِنهُ مَعرِفَةً / بِكَنَهِ مَعنى الهَوى عَن ضَعفِ إِدراكِ
وَكَنهُ مَعنى غَرامي لَيسَ يَشهَدُهُ / بِكَنَهِ حُسنِكَ إِلّا مَن تَمَعناكِ
وَلَستُ مَن يَدَّعي وَصلاً بِلا سَفَرٍ / إِلى حِماكِ وَقُرباً دونَ لُقياكِ
فَكَم عَقَرتُ عَلى البَيداءِ مِن بَدَنٍ / أَكَلَهُ السَعيُ في قَصدي لِمَغناكِ
وَكَم سَلَكتُ رُبى الوَعساءِ مُجتَهِداً / عَلَيَّ أُرَوّي صَدى قَلبي بِرَيّاكِ
وَالعِزُّ مِنكِ وَذُلّي فيكِ قَد ضَمِنّا / بِاليَأسِ مِن طَمَعي بِالوَصلِ إِهلاكي
وَكَيفَ يَطمَعُ مِثلي في وِصالِكِ أَو / بِأَن تَرى عَينُهُ مَرعى مَطاياكِ
لَكِن ظُهورِكَ بِالتَأنيسِ جَسِّرَني / حَتّى تَفَوَّهتُ في سِرّي بِذِكراكِ
يا رَبَّةِ السَترِ هَل لِلكَشفِ مِن أَمَدٍ / يُقضى فَيُجلى قَذى عَيني بِرُؤياكِ
وَهَل لِلَيلِ الجَفا صُبحٌ فَيَرقُبُهُ / مَن لا يُرى الصُبحَ إِلّا مِن مُحَيّاكِ
وَما اِختَفى الصُبحُ عَنّي يا مُنى أَمَلي / لَكِنَّما السَقمُ عَن عَينَيَّ أَخفاكِ
سِفِرتِ فَاِحتَجَبَت عَنكِ العُيونُ فَفي / حَجبِ العُيونِ كَمالُ اللُطفِ أَبداكِ
حَكيتِ بِالعَينِ أَعياناً شَهِدنَكِ كَال / مَحكِيِّ وَاِحتَجَبوا عَن رُؤيَةِ الحاكي
حَتّى رَأى كُلُّ شَخصٍ مِنكَ طاقَتَهُ / في حَدِّهِ فَاِنتَفى تَحديدُ مَعناكِ
وَلَم يَنَل أَحَدٌ عِلمَ الإِحاطَةِ بِالغَي / بِ المَشاهِدَ في الأَكوانِ إِلّاكِ
فَإِن أَقُل غَيرَ هَذا فيكِ وَاِخجَلي / مِن الغَرامِ وَواكُفري وَإِشراكي
يا قَمَراً أفقُهُ فُؤادي
يا قَمَراً أفقُهُ فُؤادي / مقالةٌ لَم تُشَب بِإِفكِ
وَمَن غَدا مُسترقَ حُرّ ال / كَلامِ قَد حازَهُ بِمُلكِ
نَثَرتُ دُرّ القَريض نَثراً / يَقومُ ذهني لَهُ بِسِلكِ
فَقدتُ لِلَّه دَرُّ ذهنٍ / يُخرِجُ دُرّا مِن بَحر فَكِّ
وَجاءَت الطَيرُ مودّعاتٍ / سِرّك يا سرّ كُلّ مُلكِ
بَيتانِ دَلّا عَلى وِدادٍ / مَحَضتَهُ لي بِغَير شَكِّ
عُدتُ إِلى الغَيِّ بَعدَ نُسكي
عُدتُ إِلى الغَيِّ بَعدَ نُسكي / وَلَذَّ لي فيكَ طَعمُ مَحكي
أَضحَكُ لِلكاشِحينَ جَهراً / وَلي ضَميرٌ عَلَيكَ يَبكي
تَمنَعُنى أَن أَبوحَ نَفسٌ / تَأنَفُ مِن ذِلَّةِ التَشَكّي
عَيني الَّتي أَوقَعَت فُؤادي / يا عينُ ماذا لَقيتُ مِنكِ
بُشرى بِبَدر سَما مِن نوره الحبك
بُشرى بِبَدر سَما مِن نوره الحبك / فَالأَرض تَزهو بِهِ وَالفلكُ وَالفَلك
وَمَصر في زينة تَجلى بطلعتها / كَأَنَّها أُفق وَالنجم محتبك
وَقائم قادم قَد حَل مَوكبه / وَنور كَوكَبه يَجلي بِهِ الحلك
تَخشى الغَزالة إِن تَدنو لتلثم ما / ضَم الشِراك وَلم يَنصب لَها شُرك
قُل لِلَّذي ظَنَ إِدراك العُلا قَنصاً / ماجَ المُحيط فَضاعَ الصَيد وَالشَبك
فَإِن تَسامى وَلَم يَلحَق فَلا عَجَب / سَما السماك لَما لا يَبلغ السمك
تَنَزَه اللَه عَن ندٍ يُشاركه / لا تحسبن بِأَن الأَمر مُشتَرك
اليَوم قرّ مِن الكُرسيّ قائِمه / بِذي قِران بِهِ الأَقران ترتبك
رَأى الخَليفة رَأياً فيكَ أَنتَ لَهُ / كُفء وَغَيرك أَفاك وُمؤتَفك
مَن هُمّ بِالأَمر لا تَثنيه غايته / وَلا يَرى وَهُوَ في اللَذات مُنهَمك
أَلقَت إَلَيكَ العُلا طَوعاً أَزمتها / وَسالمتك وَفي الأَكباد معترك
جَمَعت مِن رُتب العَلياء ما اِفتَرَقَت / كَذَلِكَ التبر يَغلو وَهُوَ مُنسَبك
وَقَد نَظَمت أُمور المُلك فَاِنتَظَمَت / لا يحسن الدر إِلّا وَهُوَ مُنسَبك
لَبّت نِداك العُلا إِذ أَنتَ كعبتها / فَحجها لَكَ أَني كُنتُ وَالنُسك
فَمن يُحاول أَمراً قَد أَحطَت بِهِ / أَين الخَضم إِذا ما ماج وَالبَرك
وَزينة كاالدَراري الزُهر حينَ بَدَت / وَقَد تَجليتَ لَم يُدرك لَها دَرك
كَأَنَّها حينَ تَبدو في مَنازلها / مِن السَنا بِدَرٌ تَزهو بِها السُكك
يَعلو الثُريا الثَرى مِن حسن بَهجَتِهِ / وَلِلمَصابيح في أَرجائِهِ حبك
لِلّه ملك سَما فَوقَ السِماك سَنا / وَصاحب التاج مِنهُ ذَلِكَ المُلك
وَطالع مِن سُعود حينَ لاحَ لَنا / زَهواً تَهني بِهِ الإِنسان وَالمُلكُ
بُشرى لِمَصر فَأَن العز أَرخها / بِالأَصل وَالفرع إِسماعيل مُمتَلك
في رَحمة اللَه مِن حور الجِنان لَها
في رَحمة اللَه مِن حور الجِنان لَها / زَفت وَطافَ بِها في الخُلد كُل ملك
سَمَت إِلى أُفق الرُضوان حينَ قَضَت / شَوقاً لِمَن لِنُفوس العالمين ملك
حلّت بِرَوض بِهِ الأَنوار قَد سَطَعَت / وَكَم جلا نورَها مِن حَيث حلّ حلك
لِلّه نور إِذا رُضوان أَرخه / يَراه في جَنة الفَردوس شَمس فلك
يا قُرَّةَ العَيْنِ إنَّ العَينَ تَهْوَاكِ
يا قُرَّةَ العَيْنِ إنَّ العَينَ تَهْوَاكِ / فَما تَقَرُّ بِشَيء غير مَرآكِ
للَّهِ طرفَيَّ أضحا لا يَشُوقُهما / إلا سناكِ وإلا طيبَ مغناكِ
قَد أخجلَ الشَّمسَ أنَّ الشَّمسَ غارِبَةٌ / وَمُذ تَطَلَّعتِ لم يَغْرُب مُحَيَّاكِ
لا تَبْرُزي لِيَ في حَلْي وَفِي حُلَلِ / فالحُسْن غشّاكِ مَا وشَّى وحلاكِ
يا شُغْلَ عَيْني إِذا لَمْ أخْشَ مِنْكِ نَوىً / وَشُغْلَ قَلْبِي إِذا لَمْ أرْجُ لُقَيَاكِ
لا تَسْتَطيعُ حُمَيَّا الكَرْم تُسكرني / وقَد تَسَاقَطْتُ سكْراً مِنْ حميّاكِ
سُمِّيتِ بالحُسنِ لَمَّا أن خُصِصْتِ به / فَطَابَقَ اسمُكِ يا حَسْنَا مُسَمَّاكِ
لا وَاخَذَ اللَّه إلا مَنْ يُعَنِّفُني / عَلَى هَوَاكِ اعتِداء وهْوَ يَهْواكِ
أَخشاكِ غَضْبَى كَما أَرْجوكِ راضِيةً / فكَمْ أرَجِّيكِ يا هَذي وأَخْشاكِ
أبكِي لِبَيْنِكِ إنْ آبَى الكَرَى أسَفاً / يا سُوءَ ما كَلَّفت عَينَيَّ عَيْنَاكِ
ما أعجب الدّهر يرْجو أنْ يُنَسِّيَنِي / هَوَاكِ جَهلاً وَلا واللَّهِ أَنْساكِ
وكَيفَ أَنْسَى عُهوداً بالْحِمَى سَلَفَتْ / لا صَبْرَ لي عِندَ ذِكرَاها وذِكراكِ
وَكَمْ لَيَالٍ قَطَعْنَاها بِكاظِمَةٍ / نَجْوَى وشَكوَى بِما يَلْقَاهُ مُضْناكِ
كَتَمتُ مَسراكِ فِيها خَوفَ عَاذِلَةٍ / وَعاذِلٍ فَأَذاعَ المِسْكُ مَسْراكِ
غنّى الوِشاحُ على خصْرَيْكِ مِن طَرَبٍ / فيها فَأصْغَى لِمَا عَنَّاكِ حِجْلاكِ
وَقَد عَفَفتُ عَلى حِرْصي بآيةِ مَا / بَذَلْتِ طَوْعاً فلَم أعرضْ له فَاكِ
واهاً لِهَيْمان يَلْقَى الأُسْدَ ضَاريَةً / يوْمَ النِّزال وَينْبُو حِينَ يَلْقَاكِ
شاكِي السِّلاحَ ويَشكو من مُحَجَّبَةٍ / عزْلاءَ فاعْجَب لِشَاكٍ قَدْ غَدا شاكِ
حجابُ عمرك يا مغرورُ مهتوكُ
حجابُ عمرك يا مغرورُ مهتوكُ / وبيت عزّك لو فكّرت منهوكُ
كفاك ما قمشَت كفّاك من نشبٍ / لا بدّ يصبح يوما وهو متروك
للّه باكٍ على زلّاتهِ ندماً / دماً يُخضّبُ منه النحوُ مسفوكُ
لا شكّ في الأجلِ المحتوم يلحَقهُ / وآفكُ الفكر في الآيات مأفوكُ
يقلي الثواء بدار غير ثاويةٍ / فيها استوى مالك هلكا ومملوكُ
لِكُلِّ حَيٍّ وإنْ طالَ المَدى هُلُكُ
لِكُلِّ حَيٍّ وإنْ طالَ المَدى هُلُكُ / لا عِزُّ مَمْلَكَةٍ يَبْقى ولا مَلِكُ
لِحادِثٍ مِنْهُ في أَفْواهِنا خَرَسٌ / عَنْ الْحَديثِ وَفي أَسْماعِنا سَكَكُ
يَهابُ حاكِيهِ صِدْقاً أَنْ يَبوحَ بِهِ / فَكَيْفَ ظَنُّكَ بالْحاكِينَ لَوْ أَفِكُوا
أَوْدى المُعِزُّ الَّذي كانَتْ بِمَوْضِعِهِ / وَبِاسْمِهِ جَنَباتُ الأَرْضِ تَمتَسِكُ
فالصَّوْتُ في صَحْنِ ذاكَ الْقَصْرِ مُرْتَفِعٌ / وَالسِّتْرُ عَنْ بابِ ذاكَ الْبَهْوِ مُنْهَتِكُ
وَلَّى المُعِزُّ على أَعْقابِهِ فَرَمَى / أو كادَ يَنْهَدُّ مِنْ أَرْكانِهِ الْفَلَكُ
مَضى فقيداً وَأَبْقى في خَزائِنِهِ / هَامَ الْمُلوكِ وَما أَدْراكَ ما مَلَكُوا
ما كانَ إلاَّ حُساماً سَلَّهُ قَدَرٌ / عَلى الَّذينَ بَغَوْا في الأَرْضِ وَانْهَمَكُوا
كَأَنُه لَمْ يَخُضْ لِلْمَوْتِ بَحْرَ وَغَىً / خُضْرُ البِحارِ إذا قِيسَتْ بِهِ بِرَكُ
وَلَمْ يَجُدْ بِقَناطِيرٍ مُقَنْطَرَةٍ / قَدْ أَرعبت باسْمِهِ ابْرِيزَها السِّكَكُ
رُوحُ المُعِزِّ وَرُوحُ الشَّمْسِ قَدْ قُبِضا / فانْظُرْ بأَيِّ ضِياءٍ يَصْعَدُ الفَلُكُ
فَهَلُ يَزُولُ حِدادُ اللَّيْلِ عَنْ أُفقٍ / وَهَلْ يَكُونُ لِصُبْحٍ بَعْدَهُ ضَحِكُ
تَجَهَّمَ العيدُ وَانْهَلَّتْ بَوَادِرُهُ
تَجَهَّمَ العيدُ وَانْهَلَّتْ بَوَادِرُهُ / وَكَنْتُ أَعْهَدُ مِنْهُ البِشْرَ والضَّحِكا
كَأَنَّما جاءَ يَطْوي الأَرْضَ مِنْ بُعُدٍ / شَوْقاً إلَيْكَ فَلَّما لَمْ يَجِدْكَ بَكى
نحافَةُ الغصنِ غيظٌ من تَثَنِّيكا
نحافَةُ الغصنِ غيظٌ من تَثَنِّيكا / وجملةُ الهجْرِ جُزْءٌ من تَجَنِّيكا
ما زلتُ والحبُّ لا تفنَى عجائِبهُ / أَموتُ فيكَ وأَحْيا من جَنَى فِيكا
فمن يَخَلُّك يأْخُذْ حظَّ مُهْجته / من الرَّشاد ولكِنْ مَن يُخَلِّيكا
ولي إِذا هجر العشَّاق من مَلَل / هَجرٌ يراجيكَ أَو صدٌّ يُدانيكا
ورامَ قلبيَ أَنْ يسلو فقلتُ له / أَينَ الَّذِي عنه يا قلبي يُسلِّيكا
وليس آسيك من دَاءِ الغرام به / إِلاَّ رِضَاه ويا شوقاً لآسيكا
كم عاذلٍ فيك قد قبَّلتُ مَبسِمه / لمَّا جرى اسْمُك فيه إِذ يُسمِّيكا
غاضت دُموعي وقد قيل الْبُكا فَرحٌ / فلستُ أًحْسد إِلاَّ عينَ باكيكا
إِني لأَخْفَى وتبدو أَنْت مشتهراً / فالحزْن والحسنُ يُخْفيني ويُبدِيكا
قالت لك الشُّهب قولاً وهْي صادِقَةٌ / ما أَحمقَ البدرَ لمَّا رام يحكيكا
يا بدرُ إِن كنتَ تشكو في الظَّلام أَذىً / من الضَّلالِ فبدْرِي فيه يَهْدِيكا
وإِن أَردْت معانِي الحسن مُثْبتَةً / فاكتُب فوجْهُ حبيبِ القلبِ يُمليكا
إِيهاً فأَمْلِ أَحاديث الغَرامِ له / فما أَمانيه إِلاَّ في أَمَالِيكَا
أَستغفرُ الله إِنَّي قد نسيتُ سوى / مواعد لكَ ضَاعَتْ في تَناسِيكَا
وسترُ ليلةِ وصلٍ بات يستُرنا / حتَّى ابتسمتُ فعاد السِّترُ مَهْتُوكا
سكَاك لِلْبرق يا إِيماضَ مَبْسمه / ليلُ التَّمام فأَلْقَى البرقَ يَشكُوكَا
أَيامُ وصْلِك كانَتْ مِنْ ملاحَتها / للنَّاظِرين نجوماً في لَيالِيكا
يا نازحَ الدَّارِ والذكْرَى تُقَرّبه / لئن نَزَحْتَ فإِنَّ الذكْرَ يُدْنِيكَا
قرِّب فؤَادَك من قلبي مُعَانَقَةً / لعلَّ رِقَّةَ ذاكَ القلبِ تُعديكا
ملكتَ قلبي فقُلْ لي كَيْفَ أَصْرِفه / وحزتَ نَفْسي فقُلْ لي كيْفَ أَفْدِيكا
دعْ عَنْكَ مِلْكِي وعِتْقِي إِنَّني رجُلٌ / للفاضلِ بنِ عليٍّ صرتُ مملوكَا
تملَّكَ الدّهرَ معْ قلبِي فقلتُ له / يأَيُّها الدَّهْر يَهنيني ويَهنِيكا
القائلُ الفضلِ لا يُبديه منبهراً / والفاضلُ القولِ لا يُخفيه منْهوكا
أُعيذُ مجدَك من تَرْكٍ لا سببٍ / يَقْضِي ظهوريَ أَن تَخْفَى لآلِيكا
لا تأْتِه وأَقِمْ يا مُعْتَفِيه تَجِدْ / جَدْواه تأْتِيكَ والدُّنْيا تُواتِيكا
إِن كنتَ ضيِّق حالٍ فَهْو يُوْسِعُها / أَو كُنْتَ ميْتاً فبِالإِنْعامِ يُحْييكا
قالَ الزَّمانُ لِمنْ يأْتِي سِوى يدِه / ما كانَ أَغْناك عَمَّن ليْس يُغْنِيكا
رَدَّ الممالِكَ أَحْراراً وكم رجَعت / صنائعٌ منه أَحْراراً مَمَالِيكا
تلكَ المكارمُ لم يُبقِ اليقينُ بها / في النَّفْس ظَنّاً ولا في القلبِ تَشْكِيكَا
إِذا تغاليتُ فيها قال حاسِدُه / أَستغفرُ الله إِلاَّ مِنْ تَغَاليكا
يا من تَفَنَنَّ في إِعطائِه سرفاً / إِنِّي أَرَاك سَتُعطي مِنْ مَعالِيكا
نلْقَى مَعاني المعالِي فيكَ باهرةً / ونستمدُّ المعانِي مِنْ مَعَانِيكا
لا ينْبُتُ الجودُ إِلاَّ في ذُراك كما / لا يُحصَد الفَقْرُ إِلاَّ في مَغَانيكا
يرومُ شأَوَك من أَضْنيتَه حسداً / أَنَّى وكيْف وما فيه الَّذِي فيكا
لمّا رأَيتُ المساعِي فيك مُعجِزَةً / عَذرْتُ مَنْ فيه عجزٌ عن مَساعِيكا
إِنِّي أَتَيْتُك يا غيثَ الْوَرى ظمئاً / في الحالِ لمّا أَغبَّتْه عَوادِيكا
تُعطي أَعادِيك حتَّى كدتُ من حَنقٍ / أَقولُ هبْ لي وهبْني مِنْ أَعَادِيكا
أُعيذُ مَجدك من تركِي بلاَ سببٍ / وكيفَ يُصبحُ مثلي منكَ مَتْروكا
وإِنَّما منك لي مولىً أَقولُ له / حَسْبي وحسْبُك أَنِّي مِنْ مَواليكا
فما بَقائيَ إِلاَّ مِنْك مُكْتَسبٌ / وَلا حَياتِيَ إِلاَّ مِنْ أَيَادِيكا
وقد مَدَحتُ لأَنِّي فيكَ ممتَدحٌ / وقد رجوت لأَنِّي بتُّ أَرْجُوكا
فأَضْحَك اللهُ مَنْ والاكَ مبْتهِجَا / بالبِرِّ وأَخْزَى شَأْن شَانِيكا
يا مُنيةَ القَلْبِ لولا أَن يقالَ سَلاَ
يا مُنيةَ القَلْبِ لولا أَن يقالَ سَلاَ / لقلتُ ما كنتُ أَعْصِي العَذْلَ لولاكِ
رَمَيْتِ من مصرَ قلْباً بالشآم فما / أَسْرَاكِ سَهْماً إِلى أَحشاءِ أَسْرَاكِ
أَسرفْتِ في الصّدّ إِذ أَسرفْتُ فيكِ هوىً / فالعَدْلُ والعَدْلُ يَنْهَانِي ويَنْهَاكِ
نأَيْتِ يَقْظَي وقد أَلْقاكِ هَاجِعَةً / وفي الحقيقةِ أَنِّ لسْتُ أَلْقَاكِ
كم صادَ طيْفُكِ طرفي بعد هَجْعَتِهِ / فالجَفْنُ فَخّي والأَهْدَابُ أَشْرَاكِي
رُدِّي ودائعَ لثمي جئتُ أَطْلُبُهَا / ما كان أَوفَاكِ إِذ أَودعتُها فَاكِ
زمانَ لَمْ أَدْرِ من لهوي ومن طَرَبِي / أَمِنْ مُحيّاكِ سُكْرِي أَمْ حُمَيَّاكِ
وإِذ جَمَالُكِ قدْ أَغْرَى جَمِيلَكِ بِي / وَبي التعطف قد أَغراكِ عِطْفَاكِ
وإِذ مغانِيكِ بالأَنوار زاهرةٌ / حتَّى لقد خِلْتُ في مَغْنَاكِ مفْنَاكِ
رحلتُ عنكم وقد أَولعت بَعْدَكُمُ / فماً بذكراكِ أَو قَلْباً بِذكْرَاكِ
وما أَظُنُّ ديارَ القلبِ مَسْكَنَكُمْ / بأَنَّني فِيه قَدْ أَكْرَمْتُ مَثْوَاكِ
فما مررت بِرَبْعٍ كان رَبْعَكُمُ / إِلاَّ ظننتُ صَدَاهُ أَنَّه الشاكِي
يَحْكِيني الرّبعُ أَو أَحْكِيهِ بَعْدَكُمُ / سُقْماً فيا ليتَ شِعْرِي أَيُّنا الحاكي
ويومَ بارزتُ بَيْني شاكياً فرَقى / منه وذلِكَ يَوْمٌ بالنَّوَى شَاكِي
بَكتْ وَفِيها معاني الحُسْن ضاحكةٌ / يا حَرَّ قلبَاهُ مِنْ ذَا الضاحِكِ البَاكِي
هي الحبيبةُ دونَ النَّاسِ كُلِّهِمُ / فَلْيُهْنِني ذاكَ أَو فَلْيَهْنِهَا ذَاكِ
قد صحَّ أَنَّكِ عنْدِي روضةٌ أُنُفُ
قد صحَّ أَنَّكِ عنْدِي روضةٌ أُنُفُ / لمّا شمَمْتُ نَسِيمَ الرَوْضِ مَنْ فِيكِ
وحينَ شَاهَدَ شَهْدَ الرِّيقِ منْكِ فَمِي / زكَّى شهادةَ أَطرافِ المساوِيكِ
من سَبْيِ سيبِكَ مِمَّا أنْبَتَتْ نِعَمُكَ
من سَبْيِ سيبِكَ مِمَّا أنْبَتَتْ نِعَمُكَ / من دُرِّ بَحْرِكَ مِمَّا عَمَّهُ كَرَمُكْ
حَتَّى أَتيتُكَ طِيباً طابَ مرتَعُهُ / وَسْطَ الرِّياضِ الَّتِي جادَتْ لَهَا دِيَمُكْ
أَو كوكباً من نجومِ الحسنِ مطلَعُهُ / جَوُّ السَّماءِ الَّتِي مِنْ فَوْقِها هِمَمُكْ
من رِيقَتِي المِسْكُ بَلْ رَيَّاهُ من أَرَجِي / كَأَنَّما صافَحَتْنِي بالضُّحى شِيَمُكْ
والغُصْنُ يَسْرِقُ من قَدِّي تَثَنِّيَهُ / رقصاً وحَاشا لَهُ مِمَّنْ غَدَتْ نِعَمُكْ
أَقولُ لِلْصُّبْحِ والدُّنْيا تُنيرُ بِهِ / يَا صُبْحُ مَنْ يَرَ وَجْهِي فَهْوَ مُتَّهِمُكْ
وكم دَعَوْتُ وجُنحُ الليلِ مُنْسَدِلٌ / يَا لَيْلُ شَعْرِيَ يَغْشَى الليلَ أَمْ ظُلَمُكْ
وربَّ برقٍ خَبا لما هَتَفْتُ بِهِ / هيهاتَ من مَبْسِمِي يَا برقُ مُبْتَسَمُكْ
بدائِعٌ تقتضِي حَقِّي لَدَيْكَ وَقَدْ / رأَيتُ آمالَ أَهلِ الأَرْضِ تَقْتَسِمُكْ
لعلَّ عطفَكَ يَا مولايَ يأْذَنُ لِي / فِي وَضْعِ خَدِّيَ حَيْثُ اسْتَوْطَأَتْ قَدَمُكْ
وتَبْلُوَ السِّرَّ من قولٍ يُرَدِّدُهُ / إِلَيْكَ قَلْبِيَ لا يَعْيا بِهِ فَهَمُكْ
ما شَيَّدَ الكُفْرُ حِصْناً من بلادِهِمُ / إِلّا ليخقِقَ فِي أَبراجِهِ عَلَمُكْ
ولا تَذَوَّقَ طَعْمَ الأَمْنِ ذو حَذَرٍ / من النَّوائِبِ حَتَّى ضَمَّهُ حَرَمُكْ
ولا تَعَذَّرَ من طالَبْتَ مُهْجَتَهُ / ولا تَمَنَّعَ إِلّا من حَمَتْ ذِمَمُكْ
ولا تَنَسَّمَ من عاداكَ مَنْفَسَهُ / حَتَّى تَحِلَّ بأَقصى دارِهِ نِقَمُكْ
استَقْبِلِ العِزَّ مَرْفُوعاً بِهِ عَلَمُكْ
استَقْبِلِ العِزَّ مَرْفُوعاً بِهِ عَلَمُكْ / واسْتَوْثقِ الأمنَ مَحْفوظاً بِهِ ذِمَمُكْ
واستَطْلِعِ السَّعْدَ من أفْقٍ إلى أفْقٍ / كواكباً تَتَلالا فَوقَها هِمَمُكْ
واسْتَفْتِحِ الدَّهرَ أبواباً مفاتِحُها / إمَّا سيوفُكَ فِي الأعداءِ أو نِعَمُكْ
أَجزِلْ بِهَا نِعَماً فُزْنا بِهَا قِسَماً / فِي دَوْلَةِ العِزِّ إذ فازَتْ بِهَا قِسَمُكْ
فإنْ نَحا سَيْفُكَ الأعداءَ مُضْطَرِماً / ناراً أنارَ لَنَا فِي صَفْحِهِ كَرَمُكْ
وإن غَدَا كُلُّ رَحْبٍ من بِلادِهِمُ / عَليْهِمُ حُرُماً أفضى بنا حَرَمُكْ
فأنت كالدَّهْرِ مُمْساهُ ومُصْبَحِهِ / لَنَا ضُحاكَ وَفِي أعدائنا ظُلَمُكْ
ليلٌ إذا هَوَّمَتْ فيهِ عيونُهمُ / بذكْرِ عفوِكَ صاحَتْ فيهمُ نِقَمُكْ
وإن تَخَيَّلَ خَيْلاً منكَ حُلْمُهُمُ / فإنَّ حِلْمَكَ عن جانِيهِمُ حُلُمُكْ
لِمِثْلِها أنشَأَ الرَّحْمنُ منكَ لَنا / نورَيْنِ عَظَّمَ من قَدْرَيْهِما عِظَمُكْ
مُعِزَّ دَوْلَتِكَ العُلْيا وصَفْوَتَها / هَذَا حُسامُكَ فِي الهيجا وذا عَلَمُكْ
وإنْ تَرَدَّتْهُما عِطْفاكَ يَوْمَ رِضاً / فَذَاكَ خَاتِمُكَ الأسنى وذَا قَلَمُكْ
كالنَّصْرِ والفتحِ شَمْلاً أنتَ جامعُهُ / لكلِّ خيلِ وغىً فرسانُها حَشَمُكْ
وكالنُهى والمُنى فيمن شَدَدتَ به / للملكِ عِصْمَةَ مشدودٍ بِهِ عُصُمُكْ
نجيبُ مُلكِكَ لَمْ تقعُدْ بِهِ قَدَمٌ / عن كلِّ سعيٍ عَلَتْ فِي فخرهِ قَدَمُكْ
سمَّيْتَهُ مُنْذِرَ الأعداءِ لا عَدَمٌ / منهُ الفتوحُ ولا البُشرى بِهِ عَدَمُكْ
ساعٍ مراتِبُكَ العليا لهُ أَمَمٌ / وكلُّ حظٍّ من الدنيا بِهِ أَمَمُكْ
فَحَقَّهُ عَهدُ من لا أنتَ مُتَّهِمٌ / منه السَّدادَ ولا الإيثارُ مُتَّهِمُكْ
عبدٌ غَدَا يومَ عاشوراءَ شاهِدَهُ / فِي كُلِّ سمعٍ مطاعٍ عندَهُ كَلِمُكْ
للهِ من بَيْعَةٍ قادَ القلوبَ لَهَا / رشادُ حُكْمِكَ أو مَا أبدعَتْ حكَمُكْ
وقرَّ عيناً بما أقْرَرْتَ أعْيُنَنا / مَا شاكَهَ اسْمَ الحَيا واسْمَ الحياةِ سِمُكْ
في دولةٍ للعُلا أيَّامُها خَدَمُكْ / وجنَّةٍ للمُنى أثمارُها شِيَمُكْ
غَنَّاءَ ممّا تَغَنَّى فِي حَدائِقِها / طيورُ يُمْنِكَ تَهْمِي فَوْقَها دِيَمُكْ
واعْلُ ولا زَالتِ الأملاكُ قاطِبَةً / تعلو عَلَى الشُّمِّ من أطوادِها أكَمُكْ
ولا خَلَتْ منك تاجاً للعِنانِ يَدٌ / ولا تَخلَّى ركابٌ حَليُهُ قَدَمُكْ
لَوْلاَ التَّحَرُّجُ لم يُحْجَبُ مُحَيَّاكِ
لَوْلاَ التَّحَرُّجُ لم يُحْجَبُ مُحَيَّاكِ /
وَحْشِيَّةَ اللَّفْظِ هل يودِي قتيلُكُمُ / دمي مُضاعٌ وجاني ذاك عيناكِ
إني أراكِ بقتلِ النفسِ حاذِقَةً / قُولي فَدَيتُكِ مَنْ بالقَتْلِ أوصاكِ
مالي وللبَرْقِ أَستسقيهِ من ظَمَأٍ / هيهاتَ لا رِيَّ إِلّا مِنْ ثَناياكِ
لولا الضُلُوعُ لَظَلَّ القلبُ نَحوَكُمُ / ضَعِي بِعَيْشِكِ فوق القلبِ يُمْناكِ
أَصلَيْتِني لوعةَ الهِجرانِ ظالِمَةً / رُحماكِ من لوعةِ الهجرانِ رُحماكِ
أظَنَّ عزْمُكِ أن أخفى لأسلوَكُمْ / حُلّي عَزِيميَ إنِّي لَسْتُ أَسْلاكِ
حاشاكِ أَن تَجْمَعِي حُسْنَ الصِفاتِ إلى / قُبحِ الصنيعِ بمَنْ يهواكِ حاشاكِ
إن كانَ واديكِ ممنوعاً فَمَوْعِدُنا / وادي الكَرى فلَعَلِّي فيهِ ألقاكِ
ظَبيٌ وقلبٌ فَمَنْ لي أن أصِيدَهُما / ضاعَ الفؤادُ وقُلْبُ الظَّبيِ أشْرَاكي
يا مَن طلعتِ طلوعَ الشمس من فلكِ
يا مَن طلعتِ طلوعَ الشمس من فلكِ / إن كنتُ يوماً لشمسٍ عابداً فَلَكِ
لو أَنصفوا وَجْهَكِ المَوْشِيَّ حُلّتُهُ / لعُطِّلَ الوشْيُ في الدُّنيا فلم يُحَكِ
قد صدتِ قلبي بأصداغِ مشبكةٍ / صيغَتْ لصَيدِ قلوبِ النّاسِ كالشّبكِ
أصبوا إليكِ ولي صَمْتٌ حُرمتُ بهِ / والصّمتُ للرزقِ منّاعٌ كذاك حُكي
اللهَ فيَّ فسِتْري فيكِ مُنْهتِكٌ / وكان قبلَكِ سِتري غيرَ مُنْهتِكِ
على شِفاهِكِ دَيني وهْيَ تُمْطلني / فأبشري بغَريمٍ في الهوى محكِ
فديتُ مَجْناكِ ما أَحلى مَذاقَتَهُ / كأنّهُ ريقُ نحلٍ شِيبَ بالمِسكِ
فكم خَلستُ الجَنى منهُ على حَذَرٍ / من قَولِ واشٍ شديدِ اللّذعِ مُؤتفكِ
العفْوَ منكِ فقد وسْوستنِي شَغفاً / حتى تسلّطَ شيطاني على مَلَكي
ونمتِ ليلُكِ مَكّ الطّرفِ عن دَنِفٍ / باكٍ بطرفٍ غزيرٍ الدمعِ غير بكي
فباتَ أضْيعَ من لحمٍ على وضَمٍ / وظل أهْوَنَ من عظمٍ على ودكِ
ولهانَ جُنَّ فغنّتْه سلاسِلُهُ / يَمشي فتَلْهو به الصبيان في السكك
هذي صفاتي وما أخنى عليَّ سوى / دهر بقرع صفاتي مغرمٍ سدِك
وسوف أدركُ آمالي ويَجْذبُني / بَخْتي إلى الدرج الأعلى من الدرَكِ
بيُمنِ خَتلغَ بَلكا سيِّدِ الوزرا ال / أَميرِ حقاً عميدِ الملك خواجَه بِكِ
ذاكَ الذي امتلكتْني بيضُ أنعُمِهِ / وليسَ يَحْظى برقِّي غيرُ مُمتلكي
لولا عقيدةُ إيماني لما اتّجهتْ / إلا إليه صَلاتي لا ولا نسكي
كأن أخلاقَه من طيبِ نَفحتِها / نشرٌ يجودُ بهِ الروضُ المجُودُ ذكي
في كل ليلٍ له نارٌ على علم / شبّتْ لأشعثَ في الظّلماءِ مُرتبِكِ
جَداهُ مشتركٌ بينَ الوَرى ولَهُ / من السِّيادةِ حظٌّ غيرُ مُشترِكِ
صاغَ الحُلى للعُلا أيامَ دَولتِهِ / حتىّ سلكنَ الشّوى منهنّ في مسكِ
فألبستْهُ ثيابَ المُلكِ ضافيةً / يدَا أبي طالبٍ طُغْرِلْ بِكِ المَلكِ
ففازَ منهُ بركنٍ غيرِ منُهدمٍ / عندَ الخطوبِ وحَبلٍ غيرِ مُنْبَتِكِ
أقذى عيونَ أَعاديهم حسايِكُهُمْ / كأن أجفانَهم خِيطتْ على الحَسَك
مباركٌ وجهُهُ في كلِّ مُجتَمَعٍ / مُشيّعٌ قلبُهُ في كلِّ مُعْتركِ
لم يَعْرَ رأسُ قناً إلاّ وعمّمَهُ / برأسِ ذي أشَرٍ في الغيّ مُنْهمكِ
فإنْ عَفا غض جَفْنيْ ساكِنٍ وَقِرٍ / وإنْ جَفا جر ذيلَ قُلْقُلٍ حَرِكِ
وإنْ تَحلّبَ دَرّ النّقسِ في يده / فالطِّرسُ دُرْجٌ لدُرِّ منهُ مُنسلكِ
وإنْ أفاضَ على العافينَ نائلُهُ / أَرواهُمُ بغمامٍ منهُ مُنْسفكِ
يا مَن إذا طارَ ممتاحٌ بساحَتهِ / تلقّطَ الحبَّ في أمنٍ منَ الشّرَكِ
بك استقلَّ ذبابُ الخصبِ في حَلَكي / وراقَ سَمعي خريرُ الماءِ في برَكِ
لمّا أنختُ بَعيري في ذراكَ ضُحىً / ناديتُ باركَ فيكَ اللهُ فابْتركِ
أسبغْ عليَّ سجالَ العُرفِ أرْوَ بها / وأعطني عروةَ الإحسانِ أَمتسكِ
وخُذْ مُحجّلةً غراءَ ما اكْتَحلتْ / بمثلها مُقلتا غرٍّ ومُحْتنكِ
ولا تظنَّ سواها مثلَها فلَكَمْ / بينَ السَّماكِ إذا مَيزَّتَ والسّمكِ
شعرٌ تديّرَ بالغَبراءِ مُنشئهُ / وقدرُهُ مُعتلٍ في ذرْوةِ الفَلَكِ
فالطبعُ صائغُ حَلْيٍ من سبائكهِ / وأنتَ ناقدُ تبرٍ منهُ مُنْسبكِ