المجموع : 45
بُشرى فآن بكم قد سادت الرُتب
بُشرى فآن بكم قد سادت الرُتب / إن العُلا ما لها في غيرَكم أرب
سودوا بسمر العوالي كل ذي شَرف / واسموا سماء المَعالي انكم عَرَب
ما صلتم بِالقَنا في يَوم مَكرمة / إِلّا وصلتم لها وَالحَرب تَلتَهب
يا آل مُحسن ان المَجد عَبدَكُم / برقه تَشهد الأَعواد وَالخطب
لَم يَضرب العز في حي سَرادقه / إِلّا وَمَدّ لَه مِن عَزمكم طَنَب
لا زلتم في مَعاليكم شُموس هُدى / لِلعالمين وَلا وارتكُم حجُبُ
في الأَرض أَنتُم مُلوك لا شَبيه لَكُم / وَفي سَماء المَعالي السَبعة الشُهب
حَي الآله ذَوي عَون فإنَّهُم / قَومٌ لَهم حَسَب مِن دونهِ السحب
حازوا المَعالي بِأَسياف مُجرَدة / تَجري عَلَيها المَنايا حينَ تقتضب
تَبري رِقاب الأَعادي كُلَما التهبت / كَأَنَّها النار وَالأَعدا لَها حَطَب
بيض إِذا ما شَدَت وَالسُمر راقصة / وَالخَيل في طَرب وَالأَرض تَضطَرب
ظَلَت إِلَيها رِقاب القَوم مائلة / كَأَنَّهُم مِن رَحيق الخَمر قَد شَرِبوا
لَهم أَيادي أَياد غَير خائفة / عَلى الوجود وجود ظَلَّ يَنسَكب
يا طالب الكَرَم الفَياض مُجتَهِداً / لذ بِالشَريف بِن عَون يَنجح الطَلَب
غَيث النَوال الَّذي سَحَت سَحائبه / غَوث الأَنام إِذا ما نابَت النوب
عَلا عَلى كل ذي مَجد بِسؤدده / مَع التَواضع لا عَجب وَلا عَجَب
عَزت بِهِ الدَولد الغَراء وَابتَهَجَت / بِهِ الممالك واستولى بِها الطَرَب
أَبرّ مُذ أَخلَصَ الباري سَريرته / سارَت بسيرته الوخادة النجب
يا أَيُّها الواثق المعتز جانبه / بِاللَه يا مَن لَطيب الذكر يَكتَسب
باشر بلاغة ألفاظ تهنئكم / بِما بلغتم وَهَذا بَعض ما يَجب
فَقَد تَجَلّت نُجوم المَجد مُشرِقَة / مِن نوركم بِضياء لَيسَ يَحتجب
بِكُم تتوّج هام الملك يا ملكاً / إِلَيهِ أَذعَنت الأَعجام وَالعَرَب
خُذها رَعاكَ الَّذي اِسترعتكَ قُدرته / أَمر العِباد عُروباً زانَها الأَدَب
هنت مَناصبكم يا ابن العلاء بِكُم / لِأَنَّها لَكُم في المَجد تَنتَسب
مَراتب في سواكم ما لَها أَرَب / تاريخها بِكم قَد سادَت الرُتَب
أَسنى مَبان عَلى نَجم السُعود عَلا
أَسنى مَبان عَلى نَجم السُعود عَلا / لَها اِرتفاع وَأَركان عَليّاتُ
مَكارم لِأَمير المُؤمنين بِها / مَناقب في عُلاه حاتميات
عَبد المَجيد الَّذي تَسمو بِدَولَتِهِ / أَفعاله وَمساعيه الحَميدات
أضجرى جوار ابن عباس الأَبّر بِها / خَيراً لِكُل مبار عَنهُ وَقفات
شِعارَهُ حُبّ آل المُصطَفى وَلَهُ / إِلى العُلى وَاِستِباق الخَير عادات
شادَ المَكان الَّذي تَجري بِهِ أَبَداً / عَلى الأَنام مِن الإِحسان خَيرات
ما زالَت الشَمس إِلّا وَهِيَ تَلحَظه / كَأَنَ بِينَهُما تَجري أَشارات
نادى البَشير مُشيراً حينَ شَيَّدَه / بِحُسن لَفظ مَعانيه دَقيقات
بِتاج أَحكامه الإِقبال أَرّخه / بَنى مَحَلاً بِهِ لِلوَقت ميقات
أَدر طلا الود وَاترك نَصح مِن نَصَحا
أَدر طلا الود وَاترك نَصح مِن نَصَحا / يا صاح وَاِنتَهب اللَذات مُصطَبِحا
وَطُف بِها بِنت كَرم طابَ مُشربها / عَلى كِرام أَسروا وَالهَوى فَضَحا
شَمس تَجَلَت إِلَينا في سَما قَدح / جَنح الدُجى وَزِناد الشُهب قَد قَدَحا
وَأَشرَقَت وَالجَواري الزُهر تَغرَق في / بَحر المَجَرة لَما حُوته سبحا
حَتّى اِنثَنى جَيش نَجم الأُفق مُنهَزِماً / وَالدَلو بَعداً عَن الأَوطان قَد نَزَحا
وَقَد غَدا صارم المَريخ يَلمَع في / كَف الثُريا وَلِلجَوزاء قَد ذُبِحا
كَم شَق مِن جَبهة صَفحاً وَجارَ وَعَن / قَطع الذِراع غَداة الضَرب ما صفحا
وَعاين الطَرف ان الفرقدين عَلى / عَزل السماك وَنَهب البَلدة اِصطَلَحا
وَالمُشتَري قَد غَدا بِاللَهِ مُحتَسِباً / في أَمرِهِ مُذ رَأى الميزان قَد رَجحا
وَما رَعى حَمل الأَفلاك سُنبلة / وَالثَور لِلحَرب مِن غَيظ يَدير رَحا
وَاللَيث يَسطو فَيَسمو كُل مَنزِلَة / بِبَأسِهِ فَرَماهُ القَوس فَاِنطَرَحا
ثُم اِنجَلى نَقع ذاكَ اللَيل حينَ بَدا / وَجه اِبن عَون وَنور الصُبح قَد وَضحا
بَدر الكَمال وَشَمس الحَمد مِن نظمت / أَوصافه الزهر في جيد العُلى سَبحا
أَكرَم بِهِ ملكاً أَنوار طلعته / تَريكه ملكاً بِالنور مُتَشِحا
ما زالَ يِرفَع رَب العَرش رُتبته / في المَجد حَتّى رَأينا صَدرَهُ اِنشَرَحا
إِذا تَأَلق بَرق السَيف في يَده / أَبصَرَت غَيث دَم الأَبطال مُنسَفِحا
مقوّم كُل معوجّ بِصارمه / فَكُل خَصم لِهَذا صارَ مُنطَرِحا
يَحكّم السَيف في الأَعدا فينصفهم / حَتّى إِذا رَجَعوا عَن ظُلمهم صفحا
يَرمي الكماة بِمَوج مِن عَزائمه / يَوم الهياج وَبَحر الحَرب قَد طَفحا
فَكُم أَتى ملغزاً كَيداً فَطاوله / مُحاوِلاً قَلبه بِالرُمح فَاِتَضَحا
بَأسٌ شَديد بِهِ لانَ الزَمان لَنا / وَذلل الصَعب مِنهُ بَعدَ ما جَمَحا
باعٌ طَويل وَكَف بحر نائلها / يَظَل جَوهر فكري فيهِ مُنسَرِحا
فحاتم خاتم يَزهو بخنصره / وَجود مَعن يَرى مَعنى لَما مَنَحا
كَريم أَصل ذكا فرعاً بِرَوض علا / طَير الجَلال عَلى أَفنانه صَدحا
يا كَوكَب المَجد يا بَدرَ الكَمال وَيا / شَمس الجَمال وَوَهاب الوَرى مَنَحا
باشر لآليء أَلفاظ لَو اِنتَظَمَت / في مَدح غَيرك قالوا الآن قَد مَزَحا
خود عَن المسك تَروي طيب مدحكم / ما كانَ قَبلك كافور بِها مَدحا
جاءَتكم تَتَهادى في مَحاسنها / وَطيب مَدحكم مِن طيبها نَفحا
هَذا وَفي مُنتهى آمالها بِكُم / إِدراك غايات ما تَحوي بِهِ ملحا
إِقبال عز وإِقبال وَتَأييد
إِقبال عز وإِقبال وَتَأييد / وَدَولة لِعلاها دامَ تَأييد
بَشائر جَبَرَت كسر القُلوب بِما / أَهدَت فَكانَ بِها لِلبَشَر تَجديد
لِلّه دَوحة مَجد مِن بَني حَسَن / نَنمو وَطائِرُها المَيمون غَرّيد
إِذا ذَوى لا ذَوى مِنها وَقَد كلئت / عود تَرَعرَع مِن أَفنائِها عود
سَماء ملك إِذا ما غابَ نَجم علا / مِنها بَدا لِلهُدى وَالعز فَرقود
آل الصَفا لَكُم البُشرى فَإِن لَكُم / مَلكاً عَلَيهِ لِواء العَدل مَعقود
قَد تَوَّج اللَهُ ملك الأَبطحين بِهِ / عِزاً عَلى أَنَّهُ لِلدين تَقليد
الآن أَحسن دَهر كانَ ساءَكُم / ما شاءَ فَهُوَ عَلى الإِحسان مَحمود
فَبشروا وَالخَيل ما اِختالَت بِقائدها / قَب البُطون عَلَيها القادة الصَيد
صَعب الشَكيمة لا يَنقاد مُعتَصم / بِاللَهِ فَهُوَ عَلى المربد مُريد
ماضي الصَريمة مَيمون وَصارمه / إِذا تَجَرَّد في الأَعداء جارود
ذاكَ الَّذي خَضَعَت غلب الأُسود لَهُ / عِندَ اللِقاء وَخافته الصَناديد
وَما اِشتَكَت في الوَغى أَسيافهُ ظَمأ / إِلّا سَقَتها التَراقي وَاللغاديد
وَأَورد السابِحات الربد خائضة / بَحر العَجاجة قَد غَصَت بِها البيد
وَقادَها مُرسَلات العُذر جافلة / مِن النَجائب تَتلوها القَياديد
ألعاديات عَلى الأَعداء واطئة / خُدودهم وَلِسَيل الدَم أُخدود
وَكُلَما رَصَدوا نَجماً لِطالعه / ضاقَت عَلَيهُم مِن الشُهب المَراصيد
فَويَحَهُم مِن جُنود العَبدلي إِذا ال / جُرد العَبابيد قادتها العَباديد
مِن كُلِ طلاع أَنجاد تَقاد لَهُم / القَوم المَناجيد وَالقود الجَلاعيد
يَهز يَم أَطراد الخَيل مُطرَداً / فَؤاد كُل كَميّ مِنهُ مَفؤد
تَجري الدِماء عَلى صَمصامه هَدراً / مِنهُم وَيَدرأ عَنهُ الحَد تَحديد
يا كَوكَباً في سَماء الملك قَد صَعَدَت / أَنواره وَقران السَعد مَشهود
اهنأ بِدَولة إِقبال دَعائمها / قَد شَيدتها المَواضي وَالأَماليد
أَلقَت مَقاليدها طَوعاً إِلَيكَ كَذا / لِآل محسن قَد تَلقى المَقاليد
مَنيعة النيل عَن غَير الخَليق بِها / وَالأَسَد عَن غابها قَد يَمنَع السَيد
تَوَجَت ملكاً جَليلاً مِنكَ شارفه / مَجد أَثيل وَتَبجيل وَتَمجيد
نعم الخَليفة أَنتُم بَعدَ مورثكم / عِزاً يَدوم لَهُ في الكَون تَخليد
قَد جَرَدَ اللَهُ سَيفاً مِن كِرام ذَوي / عَون لَهُ عَن خِلال الجور تَجريد
ماضي الشبا في يَمين العَدل قائمة / تَخشى التَليل سطاه وَالقَماحيد
فَليَأمَن الخيف لا خَوفَ لَدَيهِ وَلا / حيف فَإِن حُسام الظُلم مَغمود
لا زلتم حَرماً للأمن محترماً / تَسعى لَهُ العيس لا هاد وَلا هيد
ما قامَ لِلّه عَبد منك خَوله / بِالفَضل فَهُوَ عَلى النَعماء مَحسود
وَدُمتُم وَلِهَذا الملك دامَ بِكُم / إِقبال عزّ وَإِقبال وَتَأييد
عَللت نَفسي غُروراً بِالمَواعيد
عَللت نَفسي غُروراً بِالمَواعيد / فَكانَ تَعليلها عُنوان تَفنيد
كَم التعلل والآمال كاذبة / وَهَل عَسى وَرَدَت في غَير تَرديد
أَحيي الليالي وَفاءً بِالمَودة في / جَمع اللآلي وَحظي طُول تَسهيد
عَقد مِن الدُر في التَمجيد أَنظمه / لَكِنَّني لَم أَجد لِلعقد مِن جيد
جَمَعتُ شَمل المَعاني في فَرائده / وَالدَهر يَرويه عَني بِالأَسانيد
فَما لِقَولي الَّذي أَمليه حَيث بَدا / مَنظوم لُؤلؤه يَرمي بِتَبديد
أَمسَت سَفينة نَظمي وَهي جارية / مَشحونة جَوهراً في سلك تَمجيد
لَكِنَها لَم تَجد بَراً فَتقصده / كَأَنَّ سُكانَها بَعض الجَلاميد
هَذي سَفينة نَوح وَهِيَ مِن خَشَب / لَما جَرَت كان مَرساها عَلى الجَودي
سَأترُك البَحر رَهواً وَهُوَ مُضطَرب / غَيظاً وَأَحدو المَطايا بِالأَناشيد
إِلى الحُسين بِن عَون العبدَلي فَقَد / تَحدى إِلَيهِ بِلا هاد وَلا هيد
أَلباسط الكَف لَم تقطر بِفَيض نَدى / إِلا بَدا لَك مِثل السَيل في البيد
وَلم تَجد سائِلاً إِلّا مَواهِبَه / كَدَأب كُل كَريم الجَد مَجدود
قَد علمتني مَعاليه الكَلام وَلم / أَجهَل فَقُلت بِإِفصاح وَتَجويد
وَكَلفتَني مَعانيه المَديح فَلَم / أَبخَل وَأَوسَعت فيهِ كُلَ مَجهود
وَجَردتني أَياديه كَصارمه / لا يَقطع السَيف إِلّا بَعدَ تَجريد
تَتابَعَت كَأَنابيب القَناة لَهُ / فَضائل حَصرها مِن غير تَحديد
أَبيت أَرعى الجَواري وَهِيَ تَلحَظُني / شَذراً فَأَنظمها في القادة الصَيد
أَملَت في قَصدِهم ما لا يُؤمله / غَيري وَحَسبي اِنتِسابي لِلصَناديد
هَذا المُحيط وَنَظمي مِن جَواهره / وَالعَقد يَزهو بِنَظم لا بِتَعقيد
يا ابن الكَريم الَّذي كانَت مَكارمه / وَقفاً جَرى مِنهُ مَجرى الماء في العود
غَرَستُ رَوض الأَماني في مودتكم / وَقَد جَنيتُ وَفاءً بِالمَواعيد
سَلوا السها عَن سُهادي في مَدائحكم / وَأَكرَم الطَير مَوصوف بَغرّيد
إِني امرؤٌ أَتحرى الصدق في كلمي / وَلَستُ أَحمَد إِلّا كُلُ مَحمود
إِلى مَتى وَإِلى كَم لا أَرى زَمَني / إِلّا كَذا بَينَ تَقريب وَتَبعيد
قالوا ذكاؤك مَحسوب عَلَيك كَما / يَروي فَقُلتُ حَديث غَير مَردود
لَكِنَّني أَتَمَنى المُستَحيل كَمَن / يَود ملك سليمان بن داود
حرص تَمَكن مني لا أَنال بِهِ / غَير التَعلل تَسويفاً بِمَفقود
وَقَد شَكَوت الَّذي بي لِلحُسين عَسى / أَنالَ بِالقَصد مِنهُ بَعض مَقصودي
هَذا عَلى أَنَّني لِلّه مَلتجئٌ / لا يحرم العَبد يَوماً فَضل مَعبود
أَرجو وَأَخشى لَما قَدَمَت مِن عَمَل / ما في القِيامة مِن وَعد وَتَوعيد
إِذ لَيسَ أَظلم مِمَن يَفتري كَذِباً / عَلى الوُجود بِأَمر غَير مَوجود
وَقَد قَطَعت رَجائي مِن سِواه وَلَم / أَخلَص إِلى غَيرِهِ إِخلاص تَوحيد
أَلزهر مُبتَسِمٌ عَن لؤلؤ المَطَر
أَلزهر مُبتَسِمٌ عَن لؤلؤ المَطَر / وَفي النَسيم شَذا مِن نَشرِهِ العطر
فيمَ التَواني وَثَغر الصُبح يَضحكَ مَن / نَجم عَلى اللَيل أَضحى ذاهب البَصَر
وَطابَت الراح وَاِرتاحَت لِنفحتها / أَرواحُنا وَتَهادَت نَسمة السحر
فَبادر الحان وَالأَلحان مُطرِبَة / فَإِن لي وَطراً في نَغمة الوَتَر
قَد صَفّق الماء وَالأَغصان راقصة / وَالريح تَسحَب أَذيالاً عَلى النَهر
وَالنَرجس الغَض في أَجفانه سَقم / عَن اللَواحظ يَروي صحة الخَبَر
وَالوَرد يَستر بِالأَكمام وَجنَته / عَن العُيون حَياء مثل ذي خَفَر
وَالوَرق تَرفع أَصوات الثَناء عَلى / رَوض السَماح اِبن عَون يانع الثَمَر
يَريك تَلحينها بِالمَدح كَيف غَدا / حسّان في يَعرُب يَثني عَلى مَضر
حَتّى تَلعمت سَجعاً حينَ أَنشره / يَطوي مَناقب طَيٍّ طَي مَقتَدر
وَإِن نظمت عُقوداً في مَدائحه / سارَت إِليَّ القَوافي سَير مُعتَذر
وَهَكَذا شيم الشَهم الَّذي اِبتَسَمَت / مَباسم الحَمد عَن أَوصافِهِ الغرر
يَريك نَثر الدَراري سحر منطقه / بَراعة وَيَريك النَظم في الدرر
بِكُل لَفظ رَقيق لَو يُجرّده / كَالسَيف جالَ عَلَيهِ جَوهر الفكر
في كَفِّهِ قَلم فَوقَ الطُروس جَرى / هَذا السماك وَهَذي صَفحة القَمَر
ذي غُرة تَمنح البَدر المُنير سَنا / وَراحة لا تُراعي حُرمة البَدر
مَناقب تارِكات الشَمس حائرة / وَمُشخصات عُيون الأَنجُم الزُهر
يا شامل الجَمع مِن جود وَمِن كَرَم / وَجامع الشَمل بَين النَصر وَالظَفر
أَضحَت لِصارمك الأَبطال صاغرة / وَاذعنت لَكَ أَهل البَدو وَالحَضَر
كَأَنَّهُ صولجان وَهُوَ مُنصَلت / مِن غَمدِهِ وَرُؤس القَوم كَالأَكر
قَومت سُمر القَنا وَالعَين هاجِعَة / فَايقَظَت بِظباها راقد السمر
حَتّى إِذا وَردت مِن صَدرِهِ وَرَوت / لَم تشك حَرّ الصَدى في الوَرد وَالصَدر
ظَلَت عَلى ريشها الأَعداء طائرة / إِن الطُيور بِغَير الريش لَم تَطر
فَرّقت شَمل العِدا وَالمال مَقتَدرِاً / حَتّى جَمَعَت بِهِ فَضلاً عَلى البَشَر
جادَت يَداك فَجارَت بِالنَوال عَلى ال / أَموال لَكِن عَلى الأَيتام لَم تَجر
إِنَّ المُلوك حسام أَنتَ جَوهَره / وَالسَيف مِن غَيرِ ماء غَير مُشتَهر
وَهَذِهِ دَولة كَالجسم صُرتَ لَها / روحاً وَكالعَين فيها صُرت كَالحور
فَإِن زَهَت كَسَماء كُنت كَوكَبها / وَإِن ذكت كَرِياض كُنت كَالمَطر
كَم بَينَ مِن مدحهم جاءَت بِهِ سور / تُتلى وَمِن مَدحِهُم يُروى مَع السير
لَو بَعض نورَكُم لِلشَمس ما اِحتَجَبَت / أَو لِلبُدور بَدَت في أَكمَل الصور
أَو بَعض جودَكُم مِن نور جدّكم / لَكانَ فَجر المَعالي غَير مُنفَجر
لَولا اِشتهار مَواضيكم بملَّته / لَكانَ طيّ المَواضي غَير مُنتَشر
لَولا أَسنتكم قامَت بسنته / لَكانَ طَعن القَنا كالوَخز بِالإِبر
يَفنى الزَمان وَلا تَفنى مآثركم / فَلا محا اللَه مِنكُم طيّب الأَثَر
إِن جزتم بِمَحلّ المَحل صارَ بِكُم / خَصب المَراعي وَيَجري الماء في الحَجَر
يَممتمُ أَرض نَجد فَاِكتَسَت بِكُم / مِنها الرِياض بِثَوب أَخضَر نَضر
وَطَئتُم في جَمادى قَفرها فَغَدَت / بِكُم رَبيعاً لِمَن أَضحى عَلى سَفَر
حَرثتم بِحَوامي الخَيل مهمهها / فَاِزرَع رِماحَك تَحصد يانع الجزر
وَاكسُ الربى حللاً حَمراء قانية / بَعدَ اِخضِرار وَلا تبقي وَلا تذر
وَخَض بِحار الوَغى بِالصافِنات فَقَد / تَغني الخُيول عَن الأَلواح وَالدَثر
هُم أَهل نَجد الأُلى اِعتَزَت أَوائِلَهُم / بِالدَهر حَتّى دَهاهم حادث الغَير
قوم عموا فَبَغوا جَهلاً وَما عَلِموا / إِن الحسام إِليهُم شاخص النَظَر
عارين عَن حلل التَقوى قَد اِندَرَجَت / شيوخَهُم في ثِياب العار مِن صغر
فَامحق بِماضيك ما تَحوي قَبائِلَهُم / يَحيى بِفضلك فينا خالد الشعر
يا كَعبة المَجد يا ذا الحَمد يا حَرم ال / لاجي إِليهِ وَأمن الخائف الحَذر
خُذها لآلئ مَدح في عُلاك غَدَت / تَسمو عِلى الدرّ في نظم وَمُنتَثر
مِن كُلِ بَيت بِهِ خود لَكُم رَفعت / طَرفاً كَحيلاً وَلَكن غَير مُنكَسر
تَحكي الرِياض بَهاءً حينَ تبصرها / وَالزَهر مُبتَسم عَن لؤلؤ المَطَر
بُشرى بِبَدر سَما مِن نوره الحبك
بُشرى بِبَدر سَما مِن نوره الحبك / فَالأَرض تَزهو بِهِ وَالفلكُ وَالفَلك
وَمَصر في زينة تَجلى بطلعتها / كَأَنَّها أُفق وَالنجم محتبك
وَقائم قادم قَد حَل مَوكبه / وَنور كَوكَبه يَجلي بِهِ الحلك
تَخشى الغَزالة إِن تَدنو لتلثم ما / ضَم الشِراك وَلم يَنصب لَها شُرك
قُل لِلَّذي ظَنَ إِدراك العُلا قَنصاً / ماجَ المُحيط فَضاعَ الصَيد وَالشَبك
فَإِن تَسامى وَلَم يَلحَق فَلا عَجَب / سَما السماك لَما لا يَبلغ السمك
تَنَزَه اللَه عَن ندٍ يُشاركه / لا تحسبن بِأَن الأَمر مُشتَرك
اليَوم قرّ مِن الكُرسيّ قائِمه / بِذي قِران بِهِ الأَقران ترتبك
رَأى الخَليفة رَأياً فيكَ أَنتَ لَهُ / كُفء وَغَيرك أَفاك وُمؤتَفك
مَن هُمّ بِالأَمر لا تَثنيه غايته / وَلا يَرى وَهُوَ في اللَذات مُنهَمك
أَلقَت إَلَيكَ العُلا طَوعاً أَزمتها / وَسالمتك وَفي الأَكباد معترك
جَمَعت مِن رُتب العَلياء ما اِفتَرَقَت / كَذَلِكَ التبر يَغلو وَهُوَ مُنسَبك
وَقَد نَظَمت أُمور المُلك فَاِنتَظَمَت / لا يحسن الدر إِلّا وَهُوَ مُنسَبك
لَبّت نِداك العُلا إِذ أَنتَ كعبتها / فَحجها لَكَ أَني كُنتُ وَالنُسك
فَمن يُحاول أَمراً قَد أَحطَت بِهِ / أَين الخَضم إِذا ما ماج وَالبَرك
وَزينة كاالدَراري الزُهر حينَ بَدَت / وَقَد تَجليتَ لَم يُدرك لَها دَرك
كَأَنَّها حينَ تَبدو في مَنازلها / مِن السَنا بِدَرٌ تَزهو بِها السُكك
يَعلو الثُريا الثَرى مِن حسن بَهجَتِهِ / وَلِلمَصابيح في أَرجائِهِ حبك
لِلّه ملك سَما فَوقَ السِماك سَنا / وَصاحب التاج مِنهُ ذَلِكَ المُلك
وَطالع مِن سُعود حينَ لاحَ لَنا / زَهواً تَهني بِهِ الإِنسان وَالمُلكُ
بُشرى لِمَصر فَأَن العز أَرخها / بِالأَصل وَالفرع إِسماعيل مُمتَلك
الدَهر يرفل بَين اليَمن وَالجَذل
الدَهر يرفل بَين اليَمن وَالجَذل / كَالنور قَد جالَ بَينَ الجفن وَالكحل
جَلوت في مَصر شَمساً مِنكَ مُشرِفَة / لَما تَجَلَت أَرَتنا الشَمس في الحمل
وَما تَراءَت إِلَينا وَهِيَ زائِلة / إِلا لِمَرآى ضِياء منكَ لَم يَزَل
وَما تَعالى عَلَينا البَدر مِن شَرف / إِلا وَنورك يا سَبط النَبي عَلي
وَما تَدَفَق نَهر النيل مِن كَرَم / إِلّا وَنيلك ملء السَهل وَالجَبَل
وَما تَجعد في مَجراه سائله / إِلّا ليشبه ما أَعدَدت لِلأَسَل
وَما تَأَلَق لَمع البَرق في أُفق / إِلّا لِتَقليد ما قَلدت في الوَهل
وَالسُحب ما أَهمَلَت في القَطر قَطر نَدى / لَكِنَّها عَرقت مِن شدة الخَجَل
وَالريح ما اِنقَطَعَت أَنفاسُها لِسِوى / ما نالَها خَلف تلك السُبَّقِ الذُلُل
يا اِبن الَّذي كانَت العَلياء رغبته / وَعَن طَريق المَعالي قَط لَم يَمل
مَن لَم يتيمه تَأويد القُدود وَلَم / يمله للحب إِلّا كُلّ مَعتَدل
وَلا استخفته إِلّا كُل سابحة / مِن تَحت أَروع مَعصوم مِن الزَلل
قَد هامَ في البيض بيض الهند وَهُوَ يَرى / مِنها مَواقعها ضَرباً مِن الغَزَل
أَينَ الوُرود عَلى رَوض الخُدود عَلى / تلكَ القُدود وَأَطراف القَنا الذبل
إِنَّ المُهَند تَصديه الجُفون وَلا / يَجلو الصَدى عَنهُ إِلّا هامَةَ البَطَل
جَز بِالصُفوف عَلى رَغم الأُنوف تَجد / حَد السُيوف عِمادَ الملك وَالدول
إِنا لَنَرغَب أَن تَعلو بَدَولتها / ساداتنا العز مَجد السادة الأَول
فَما اِستَقامَ عِمادَ المُلك مُنتَصِباً / إِلّا إِلى قائم بالعلم وَالعَمَل
وَدَولةَ المَجد ما اِنقادَت وَلا خَضِعَت / إِلّا إِلى عادل للشرع مُمتَثل
ما راقَب اللَه مَولى في رَعيته / إِلّا وَأَدرَك مِنها غاية الأَمَل
يا مَن نَرى البَرق من يُمناه في سُحب / تَهَلَلَت وَغُبار النَقع كَالظَلل
أَطلَعَت شَمسَك مِن أَرض الحِجاز عَلى / مَصر كَنور بِعَين الشَمس مُتَصل
مَن ذا يُجاريك في فَضل وَمثلك قَد / يُسابق الذكر مِنهُ سائر المثل
مَهلاً فَقَد سُدَت سادات الوَرى كَرَماً / حَتّى اِنتَهيت إِلى العَليا عَلى مَهَل
سَمَوت مَجداً وَعِزاً قَد عَلوت بِهِ / عَلى البَرية في حل وَمُرتَحل
ما جارَ صَرف اللَيالي قَط في مَلأ / إِلّا وَجارك في أَمن مِن الغيل
وَلا اِستَقالَ طَريد مِنهُ لاذَ بِكُم / إِلّا وَأَمّن مَن ميل وَمَن ملل
يا مَن يَقصّر عَن مَناقبهم / وَلو تَضمن مَعنى السَبعة الطُوَل
أَبدَيت شعري نُجوماً في سَمائكم / إِلى العلا فسما مِنها عَلى زحل
وَقد بَعَثت لَكُم مني بِجَوهَرة / مِن وَصفِكُم أَشرَقَت في أَجَمل الحِلل
فَلا بَرحتم وَلا زلتم وَجام بِكُم / عَلَيكُم بَعدَ مَولى الكل متكلي
سفح الدموع لذكر السَفح وَالعلمِ
سفح الدموع لذكر السَفح وَالعلمِ / أَبدى البَراعة في استهلاله بِدَمِ
وَكَم بَكيت عَقيقاً وَالبُكاء عَلى / بَدر وَتوريتي كانَت لبدرهم
وَذَيل الدَم دَمع العين حينَ جَرى / كَما سَرى لاحق الأَنواء في الظلم
تَسيل عَيني لتلميح البُروق لَها / بِما جَرى مِن حَديث السَيل وَالعَرم
وَرَبَّ ريم كَريم القَوم طَرّفني / بِسَهم لَحظ وَغَير القَلب لَم يَرُم
فَعطفه فاتن للسمر نسبته / وَطَرفه فاتك لِلباترات نَمي
مِن مَعشَر إِن نَضوا أَسيافَهُم وَرَنوا / راعوا نَظير المَواضي مِن جفونَهُم
أَقمار تَمّ تَعالوا في مَنازلهم / فَالصَبُّ مَدمعه صَبٌّ لَبعدهم
لا غاضَ إِذ غاظ يَوم البين شانئهم / دَمعي وَلا زَان لَفظي غَير ذكرهم
أَنا ابن أَوس بِمَدحي المَعنوي لَهُم / فَلَيت لي ابن عَطاءٍ مِن خَيالَهُم
أَريد بِالمَدح فيهُم نيل مَكرُمة / لِكَي تَجانس مَعنى حسن وَصفهم
وَيل اللوائم كَم لَجّوا فلمتهم / فَاِستَدرَكوا لومَهُم لَكن بِلُؤمَهُم
أَدمَجَت في مَعرَض المَدح الهجاء لَهُم / وَقُلت أَنتُم وَلا فَخر ذوو شَمم
إِني أَنزه قَولي عَن مَذَمَتِهم / وَالجَهر بِالسوءِ فاعلم لَيسَ مِن شِيَمي
قالوا تفننت في قَول بموجبه / فلوك قلت عَلى نيران حُبِّهم
دَعوا اِنتِقاد كَلامي إِنّ حبهم / لَو لَم يَكُن مَذهَبي بِالمَدح لَم أهم
قالوا اسلهم قُلت أَشواقي تَراجعني / قالوا اِرتَقب قُلت إِسعافاً بِقُربهم
إِن رمت تَلفيق أَعذاري وَهانَ دَمي / فَلَن يَلاموا عَلى قَتلي وَها نَدَمي
أَغاير الناس في بغض الحَياة إِذا / بانوا وَأَهوى حَمامي بَعدَ بعدهم
تَركي بِهِ قَول قاليهم يَهو عَلى / سَمعي لتركيبه مِن مُطلَق الكلم
لَم يَسلب الحُب إِيجاب الصُدود بَلى / قَد يَسلب النَوم مِن عَيني فَلَم أَنَم
تَخَيَروا لي الضَنى وَالسُقم إِذ هَجَروا / فَصُرت مِن حَرّ ما بي زائد الضَرم
أَن أَحرَقت نار وَجدي في الهَوى جلدي / عَلى استعارة ثَوب الصَبر لَم أَلَم
ما حيلة العَبد وَالأَقدار جارية / إِذا تَوارد دَمعي بَعدَهُم وَدَمي
يَستَطرد الدَمع شَوقي حينَ أَذكرهم / طَرد السَوابح في مَضمار سَبقهم
قَد طابَقوا صَحتي بِالسَقم حينَ نَأوا / وَلَو دَنوا لَشفوا ما بي مِن الأَلم
كَم اِكتَفَيت بِتَصدير الدُموع وَلَم / أبح بسر غَرام في الفُؤاد كَم
لَو لَم يَكُن ذكرَهُم يَشفي العَليل بِما / يَسليه ما طابَ تَعليلي بذكرهم
وَعارف كَنه حالي قَد تجاهله / وَقالَ لي بِكَ عشق أَم ضَنى سَقم
وَرَبّ لاحٍ عَلَيهُم لا التفات لَهُ / لا درّ درّك دَعني مِن أَذى الكلم
أَبهَمت قَولك للمضنى لترشده / قَد كدت لَكنه في حَيّز العَدَم
دَع التَهَكُم وَاِنصَح ما اِستَطَعت وَقُل / إِني سَأَصغي لِنُصح مِنكَ مُتّهم
وَاربت في اللَوم عَن عُذر وَإِنَك ذو / حَزم هَديت لحبّ فيكَ مُلتَزم
هازلتي بِكَلام قَد أَرَدت بِهِ / جداً وَقُلت قَتيل العشق لَم يلم
سَدَدت قَولك أَم سَمعي إَلَيك فَدَع / تَسهيم لَومك إِني عَنكَ في صَمم
أَوجز أَطل أَرض أَغضَب عادِ والِ أَعَن / أُكتم أَذع وَشِّ فوف إِسع نم لَم
فَسَوفَ تَفحم مثلي في مَناقضة / إِن شَبَت أَو شَبَ ماءَ البَحر بِالضَرم
عدل المؤنب عَذل حينَ صَحفه / نَسَخَت تَحريفه في الحُكم بالحكم
يا حادي العيس ذرها في ترادفها / وَاِقصُد بِها مَهبَط التَنزيل مِن إِضَم
هلم إِن إِماماً ما نَأمله / وَعَكَسنا مُستَحيل بَعد أمهم
وَكَيفَ يَعكس مَن أَهدى لسادته / نَظم البَديع بَديع النَظم في الكَلم
عَج بي عَلى دارهم عليّ أَنال يَدا / فَلِلعَطاء اِتِساع في ديارهم
فَإِنَّهُم وَشَعوا فينا مَكارمهم / بِذاخر الوافرين الفَضل وَالكَرَم
إِذا تَمَكن منكَ الخَوف فادع بِهُم / لِكَي تَحل مِن التَأمين في حرم
وَلا يَكون رُجوع حينَ تَقدصدهم / بَلى يَكون عَن الأَوزار وَالجرم
يا نَفس حَتّى مَتى طالَ العِتاب أَما / قَد آن وَيحَك إِقلاع عَن اللَمم
لَقَد تَفَننت في اللَذات منطلقاً / لَكِنَّني الآن في قَيد النَدَم
إِن أَوثَقتَني ذُنوبي لَيسَ يَضمَن لي / حُسن التَخَلص إِلّا سَيد الأُمم
محمد ابن عَبد اللَه ابن أَبي الب / طحاء غَوث البَرايا في اطرادهم
إِذا جنيت فَزاوجت الرَجاء عَفى / عَني فَزاوَجت فيهِ المَدح للعظم
أَرجو تَعطفه يَوم المعاد كَما / تَرجوه كُل البَرايا يَوم حَشرِهم
مُؤمّل منعم يُرجى فَآمله / مَتى يصله يصله مِنهُ بِالنعم
عم العِباد بِمَعروف يوزعه / عَلَيهُم بِالعَطاء الواسع العمم
برّ رَؤف رَحيم للإِله دَعى / تَشريعه مُستَقيم واضح اللقم
لَم يَنف عَفواً بِايجاب العِقاب وَلَم / يُعاقب الفَضل وَالإِحسان بِالنَدم
أَلمُصطَفى صَفوة الرَحمن مِن لسنا / أَنواره اِنشَقَ بَدر التم في الظُلم
مُهَذَب رَبه في المَهد أَدّبه / مُذ كانَ طفلاً وَقَد آواه في اليتم
فَالشَمس طَلعته وَالنُور غرته / تَرشيحه في الضُحى وَاللَيل كالعلم
في كَفِهِ لَجج في وَجهِهِ بلج / في ثَغرِهِ فَلج تَسميط مُنتَظَم
شبهت شَيئين في الهادي بمثلهما / يَمينه وَالنَدى كَالبَحر وَالديم
مُؤلف معنييه في سَطا وَعَطا / فَهُوَ المَنى وَالمُنى في الحَرب وَالسلم
ذلّت لعزته الأَعداء حينَ رَأوا / مَحوَ الصَحيفة عُنواناً لِمحوهم
لَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يوعظون بِهِ / في النور لاقتَبَسوا نور اِهتِدائهم
أَلظالمو النَفس عُدواناً وَما ظَلَموا / وَالظُلم لِلنَفس تَعريض إِلى النَقم
أَوهامَهم خيّمت فيهُم وَقَد زَعَموا / ان لا يَحل الرَدى يَوماً بِحَيهم
فَجاءَهُم بِأَسوَد في سُيوفِهم / تَصريع ما نَظموه مِن صُفوفِهم
وَكُل طَرف إِلى الغايات حافرَهُ / يُسابق الطَرف مِنهُ في اِتبِاعَهُم
وَأَوجَز القَتل فيهُم بَعدَ ما ظَلَموا / بِحَد مُنتَهب الآجال مُخترم
كَالقَوس مِنهُ سِهام المَوت مُرسَلة / لَهُ اِختِراع بَدا في هام كُل كَمي
يَشكو الصَدى فيهِ ماء لا يَسيل وَقَد / عَماه طول البُكا مِن جفنه بَدَم
أَدارَ فيهم كُؤوس المَوت مُترعة / فَما اِهتدوا لِنَجاةٍ في مَجازهم
وَكَم لَهُم صَفقة في الشُرك خاسِرَة / في الشُرك بِاللَه لا في البَيع وَالسلم
كَم أَوغَلوا في السَرى مِن بَأسِهِ فرقاً / وَحدّهم كانَ حَدّ الصارم الخذم
لَو أَنَّهُم بَلَغوا نسر السَماء سَما / إَلَيهُم بِعِقاب صاحب العلم
وَكُلَما حَمَلت بِالخَيل طائِفَة / مِنهُم تَولد مِنها حَمل سَببهم
وَالضَرب يَمشق نوناً فَوقَ أَعيُنَهُم / وَنكتة الطَعن تَتَلون وَالقَلَم
وَالسَيف كَالسَيل في تَفريق ما جَمعوا / وَالخَيل كَالسَيل أَودى جريها بِهُم
فَكادَ يَغرَق مِن أَبقَت صَوارمه / لَولا السَوابح بَحرٌ مِن دمائَهُم
يقسم الجَمع مِن أَعداه يَوم وَغا / فَالهام لِلسَيف وَالأَجسام للرجم
كَم أَمهّم بِصَناديد صَوارمهم / كَالبَرق في عارض في الأُفق مُنسَجم
كَأَنَّهُم وَهُم لا شَيء يَشبَههم / كَواكب حَولَ بَدر في مَسيرَهُم
وَالكُل مُنتَسق الأَقوال مُتَسق ال / أَفعال مُستَبق الأَفضال ذو همم
يَطوي وَيَنشُر بِالتَجريد مُقتَضِباً / لِلبيد وَالخَيل وَالأَسياف وَالقمم
يَعلو بذي شَطب للهام مُقتَضب / تَشطير مُقتَسم بِالعَدل مُتّسم
بيض صَوارمهم حُمر مَدبجة / زُرق الأَسنة سود النَقع وَاللمم
ما قابلوا مُقبلاً في عز مُقتَحم / إِلّا اِنثَنى مُدبرا في ذُلّ مُنهَزم
كَم مثلوا بِالعدى في كُل مُعتَرك / وَالأَسد تَفتَرس الأَوعال في الأَجَم
وَقَسموا القَتل في الأَعداء حينَ بَغوا / رَمياً وَطَعناً وَضَرباً في رِقابهم
وَفَرَقوهم بِأَطراف الأَسنة إِذ / ضَلوا السَبيل وَداموا في اِشتِباههم
وَاِستَعرَضوا بِالقَنا وَالنَصر قائدهم / جَيش الَّذين تَصَدوا لِاعتراضهم
وَاِستَتَبعوا بِالمواضي مَن طَغى فَمَحوا / لَيل العَجاجة مَحو الظلم وَالظلم
يَجزون بِالبَغي مَن يَبغي مشاكلة / مِن غَير جور عَلَيهِ لاحتراسهم
عَرض بَذَم الأَعادي في المَديح لِمَن / لا عَيبَ فيهُم سِوى الإِيثار في العَدَم
وَاِجمَع لِمُؤتَلف فيهُم وَمُختَلف / مِن البَديع وَزد في مَدح شَيخَهُم
لَم يَحصر المَدح ما تَحوي شَمائلهم / بَل في المَديح إِشارات لِفَضلِهُم
كُل صَفي لعز الدين مُستَبق / أَحسَن بِتَوجيه مَدحي في تَقيهم
ما السُحب جادَت بِتَفريع النَدى سحراً / عَلى الرِياض بِأَندى مِن أَكفهم
عَلوا مَحلا كَما سادوا عَلا وَسموا / هام السماك وَحَلّوا عاطل الهمم
وَاللَه أَكمَل إِذ أَوفوا العُقود لَهُم / ديناً وَأَحسَن بِالتَتَميم للنعم
وَالنَظم وَالنَثر وَالآيات بينة / ملءُ المَسامع في تَرتيب مَدحهم
لِلّه مِنهُم سُيوف حينَ جَرّدها / لِنَصرة الدين أَفنَت كُل مُجتَرم
يَرون صَعب العلا سَهلاً لِأَنَّهُم / أَنصار خَير نَبيّ ثابت القَدَم
باكي السِنان ضَحوك السن آمله / تَغنيه كَنيته عَن إسمه العلم
أَردى البُغاة وَأَرضى المُبتَغين بِما / أَبدى وَأَبدَع مِن حُكم وَمَن حِكم
وَاِستَخدَم الشُهب في الأَعداء مُسَرَجة / تَرمي الشَياطين رَدّاً لاستراقهم
فَالسابِقات وَبيض الباترات وَسم / ر الخَط جَمعاً لَهُ مِن جُملة الخَدَم
قالوا هُوَ الدَهر قُلت الفَرق مُتَضح / في الدَهر غَدر وَهَذا حافظ الذمم
ساوى النَبيين تَشريعاً وَسادَهُم / بِمحكم ناسخ أَحكام شَرعهم
ذو البَينات الَّتي تَفسير معجزها / نور البَصائر وَالكشاف للغَمم
لا تَطلُبوا مَثَلاً في المُرسلين لَهُ / هَيهات ما الشَمس في الإِشراق كَالنَجم
فَهوَ العَزيز عَلى اللَه العَزيز وَفي ال / ذكر العَزيز لَهُ التَرديد بِالعَظم
كَم أَودَع اللَه مِن أَسرار ملته / في غَير أُمته مِن سالف الأُمم
وَهُوَ الَّذي لَم يَفه في حَل مُشكلة / إِلّا وَأَوضح مِنها كُل منبهم
قَد وافق الإِسم مِنهُ وَصف أُمته / فَكُلَهُم شاهد لِلّه ذي القدم
لا مَكَنتَني المَعاني مِن شَواردها / إِن لَم أَبَرّ بِمَدح المُصطَفى قَسمي
مَن لَم يَكُن مَدح خَير الخَلق همته / فَجمعه القَول لَم يَنسب إِلى الهمم
جَمَعت في مَدح طَه كُل نادرة / يَبدي لَها كُل سَمع ثَغر مُبتَسم
أَضرَبت عَن كُل مَمدوح بِمَدحي خَي / ر الرُسل بَل خَير خَلق اللَه كُلَهم
أَرجو بِحُسن بَياني في مَدائحه / تَخَلُصاً مِن عَذاب دائم الأَلَم
عَدَدت وَصف نَبيّ لا شَبيه لَهُ / في العَزم وَالحَزم وَالإِقدام وَالقَدَم
كَرَرت مَدحاً لَهُ تَحلو مَذاقته / تَحلو مَذاقته في مَسمَعي وَفَمي
جاريت بِالمَدح فيهِ كُلُ مُلتَزم / مُستَعصم بِبَديع النَظم مُعتَزم
وَشَحتُ نَظمي بدُرّ المَدح في قَمَر / بِالحُسن مُشتَمل بِالنور مُلتَثم
مُرَصع لِبَديع النَطق مُحتَشم / مشفع في جَميع الخَلق محتكم
أَهديت من كلم كَالدُرّ مُنتَظم / تَسجيع مُلتَزم لِلمَدح مُغتنم
أَوزان قَولي وَمَعناه قَد اِئتَلفا / كَما تَأَلَفت الأَرواح في القدم
وَاللَفظ مُؤتلف بِاللَفظ مُنتَظم / مِن جَوهر النطق في سلك مِن الحكم
وَالوَزن يَألف أَلفاظاً قَد اِنسَجَمَت / في مَدح سَيّد أَهل الحلّ وَالحَرَم
قولي وَتَطريزه وَالمَدح مُنتَظم / في حسن مُنتَظَم في حسن مُنتَظم
أَنشَأت مِن كلمي ما شئت مِن حكمي / جَزّأت منتظمي أنبأت عَن لَزمي
جَزءيّ مَدحي بالكلي ملتحقض / في واحد هُوَ كُل الخَلق في العَظم
لَفظي وَمَعناه في مَدحي لَهُ اِئتَلَفا / مِن لُؤلؤ لِوَصف في سَمط من الشِيَم
وَما تَغاليت في مَدح يَكاد إِذا / تَلوته أَن يَقيني صَولة العَدَم
أَحكَمت نظم القَوافي وَاِنتَخَبت لَها / فَرائِداً تَزدَري في النَظم باليتم
عَمَت فَواضله جَلت فَضائله / مَن ذا يُماثله في العُرب وَالعَجَم
يا شامل الجَمع مِن جود وَمِن كَرَم / تَفصيل مجمله بالوصف لَم يرم
ذيّلت ما طالَ في مَدحي إَلَيكَ بِما / أَرجوه مِنكَ وَمَن يَرجوك لَم يَضم
لَم أَئنِ عَنك عنان القَصد مُلتَجِئاً / إلا إَلَيكَ لِكَي أَنجو مِن الضَرم
وَإِن مِثلك تِغنية بَراعته / يا مُنتَهى طَلَبي عَن ذكره بِفَم
وَفي مَديحك أَدمَجت المَرام عَسى / أَرى بِجاهك دَهري مُلقى السلم
فَاِبسط إِلى أَمل الفَضل العَميم يَدا / تَفيض بِالجود فيض الوابل الرَزم
فَما اِستَهَل بِإِخلاص براعته / إِلا وَأَمّل فيها حسن مُختتم
بُشرى فَقَد لاحَ في أَوج العُلا علم
بُشرى فَقَد لاحَ في أَوج العُلا علم / لِلوافِدين بَناه مفرد علم
بيت بِهِ أَضحَت الآمال طائفة / تَسعى إِلى رُكنِهِ طَوعاً وَتَستلم
عالي الدَعائم قَد شادَت قَواعده / عَزائم الملك المَيمون وَالهمم
أَلعبدَليّ الَّذي بَينَ النُجوم بِنا / بِالمُكرَمات بيوتاً دونَها إِرم
شادَ المَعالي الَّتي مِن قَبل أَسَسَها / عَلى العَوالي وَسادَ الناسَ كُلَهُم
ملك لَهُ مِن مُتون العاديات بِهِ / ملك كَبير وَمِن سُمر القَنا خَدَم
كَم مِن سَماء غبار قَد بَنى فَبَدَت / فيها السُمر العَوالي وَالظبا نَجم
تيدي المَواضي بُروقاً في جَوانبها / فَتَستَهلّ غَواد قطرهنَّ دَم
يولي العِدى نعماً حَتّى إِذا كَفَروا / بِها اِستحالَت وَحالَت دونَها نقم
وَقَد رَأتها الأَعادي حينَ أَخلَصَهُم / محض النَصيحة لَكن مُذ عَصوه عَموا
لَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يُوعَظون بِهِ / لَكانَ خَيراً لَهُم لَو أَنَّهُم عَلِموا
أَو أَنَّهُم دَخَلوا في السلم ما خَرَجَت / عَن حدّها فيهُم المَصقولة الخَدم
ظَنوا الأَناة عَلَيهُم وَالمَكارم عَن / عَجز فيا وَيح قَوم ساءَ ظَنَهُم
لَقَد أَفاضَ عَلَيهُم مِن مَكارمه / سَحائِباً بِنَدى كَفيه تَنسَجم
إِن كانَ غَرّهُم مِنهُ تَبسمه / إِن الصَوارم تَسطو وَهِيَ تَبتَسم
ما زالَ بِالعادل الخَطي يَطعنهم / حَتّى اِنجَلى بِسَناه الظُلم وَالظلم
فسلموا حينَ صلّت في مَفارقهم / بيض السُيوف وَأَضحَت تَسجد القمم
يَرضى فينعم إِحساناً وَيوسعهم / جوداً وَيَغضَب أَحياناً فَينتَقم
كَالبَحر يَرغب في تَحصيل جَوهره / عِندَ السُكون وَيَخشى حينَ يَلتَطم
ساس الأَقاليم مِن شَرق إِلى يَمن / بِعَدله الصارم الهندي لا القَلم
إِن الشَريف بِن عَون لَم يَزَل أَبَداً / في كُلِ أَمر بِحَبل اللَه يَعتَصم
يا ابن الَّذينَ بِهُم تَسمو أَرومتهم / إِلى النَبيّ وَهُم في سَلكِهِ اِنتَظموا
مَن ذا الَّذي في مُلوك الأَرض قاطبة / يَحكيهم وَمُلوك الأَبطحين هُم
الحائزو قَصَبات السَبق مَقتَحِمو / بَحر الهياج وَنار الحَرب تَضطَرم
وَبالغو الغاية القُصوى الَّتي عَجَزَت / عَن الوصول إِلَيها العَرَب وَالعَجَم
ما زلت تَرغَب في بَذل النَوال لَنا / حَتّى أَناخَت عَلى أَعتابك الأُمم
وَجَدَت بِالمال حَتّى لَم تَدَع أَمَلاً / لِلسائِلين وَلا منٌّ وَلا سَأم
شيدَت بَعد العُلا بَيتاً عَلا وَسَما / عَلى السَماكين مُمتَداً لَهُ شمم
حَجَت إَلَيهِ ذوو الحاجات واثقة / مِنهُ بِأَن حَماه لِلنَدا حَرَم
لَما دَعوكَ وَلَباهُم نِداك سَعَت / بِهُم إِلى الطائف الوخادة الرَسم
طابَ المَقام بِناديه لَهُم وَصفت / أَيامَهُم بِكَ فَهِيَ الأَشهُر الحُرم
فَلا بَرَحَت بِهِ جَذلان تَرفل في / عز وَلا زالَ دَوماً آهلاً بِكُم
أَهنا المَنازل ما كانَت طَوالعه / سَعيدة وَعَلَيهِ الوَفد يَزدَحم
بِتاج برك راجيه يُؤرخه / بَنيت بِالحَزم بَيتاً بابه الكَرَم
ستر سَما بِسَنا القَبر الشَريف عَلا
ستر سَما بِسَنا القَبر الشَريف عَلا / قَد طَرَزت وَشيهُ أَيدي النَدى الهامي
يَشف مِن نور أُمّ المُؤمنين بِما / يَعلو عَلى مَنكَب الجَوزاء وَالهام
قَد أَلهَم اللَهُ مَن كانَت لَهُ سَبباً / بِكُل خَير فَبُشرى أَمَّ إَلهامي
أَرَحت نَفسك مِن عشق فَلَم تَهُم
أَرَحت نَفسك مِن عشق فَلَم تَهُم / لِأَن دَعوى الهَوى تَدعو إِلى التُهَم
وَكُل قَولك جَزل ما بِهِ غَزَل / وَلا اِرتياح لِمثل الوَرد وَالعنم
وَلا نَسيب وَلا شَكوى لِغانية / وَلا لِرَسم المَغاني بَعدَ بَعدَهُم
كَلا وَلَكِنَّني حال الشَبيبة لَم / أَبرَح عَن العَذل وَالتَأنيب في صَمم
حَتّى مُنيتُ بِها شَمطاء فانية / وَخلقها قَبل خَلق الشَيب وَالهَرم
باتَت تَحدثني لَما خَلَوت بِها / عَما بَرا اللَه بَعدَ اللَوح وَالقَلَم
كَآدم وَاِبنِهِ شيثٍ وَبَعدَهُما / مِمَن هَداه لَهُ أَو ضَل بِالصَنَم
وَرُبَما أَخبَرتَني وَهِيَ صادِقة / عَن قَوم نوح وَعَن سام وَعِن إِرم
وَعَن جَميع مُلوك العالمين وَعَن / وَقائع العَرَب العَرباء وَالعَجَم
فَقُلتُ هَذا حَديث الأَقدَمين فَمَن / خَير الجَميع فَقالَت آخر الأُمم
فَقُلتُ مَن هُوَ مَولاهُم وَسَيدَهُم / بَعدَ النَبي فَقالَت صاحب العلم
نَجل الأَكارم وَهاب المَكارم مر / هوب الصَوارم عَبد اللَه ذو الكَرَم
قُلت اِبن عَون فَقالَت عَون قاصِدَه / أَلباسط الأَمن في حلّ وَفي حَرَم
فَبت أَنظُر فيما قَد سَمَعت بِهِ / مِن الحَديث وَما أَبدَت مِن الكلم
حَتّى اِهتَديت إِلى النور المُبين وَقَد / لاحَ الصَباح وَأَبدى ثَغر مُبتَسم
إِذ أَظهَر اللَهُ مِن مَكنون حكمَتِهِ / ما شاءَ مِن حكم عَدل وَمِن حِكم
خَير المُلوك وَأَتقاهُم وَأَشرَفَهُم / أَصلاً وَفرعاً وَأَزكى الكُل في الشِيَم
سَل عَنهُ نَجداً وَأَقَطار الحِجاز وَسَل / قَحطان عَن سَيل خَيل اللَه لا العرم
وَعَين زَمزَم وَالبَيت المُحَرَم مَن / يَرعى الأَنعام بِعَين مِنهُ لَم تَنَم
هَل غَير خَير بَني السَبط الكَريم تَرى / بَينَ الوَرى وَهُوَ مثل الشَمس في النجم
مِن آل بَيت تعالى مَجدَهُم فَسَما / وَأَذهب الرَجس عَنهُم باريء النسم
أَلواهب المنن الغَراء يَصحَبَها / عُذر الكِرام بِلا مَنّ وَلا سَأم
يَكاد يُعطي المَعالي في مَواهبه / لَو كانَ يُدركها العاني بِلا هَمم
تَرى السَحائب تَروي عَن مكارمه / دَوماً فَتَسحَب أَذيالاً مِن الديم
لَهُ أَيادي إِياد في بَني مُضَر / تَهمي فَتَنشُر طَيّاً بَعدَ طَيهم
إِن جَرَّد البيض في الهَيجاء باسِمَةً / أَبكى الجُفون عَلى أَعدائِهِ بِدَم
وَلَو تَثلم مِنها حَد مَضرِبِها / سَطا القَضاء بِسَيف غَير مُنثَلم
يَرمي الرِجال بِأَمثال الجِبال لَدى / بَحر مُحيط بِنار الحَرب مُضطَرم
وَيُرسل الخَيل لِلأَعداء سابِقَةً / جُند المَنية قَد حَلَّت بِحَيهم
يا اِبنَ الَّذي كانَ صُبحاً وَاِنتماك لَهُ / نورٌ جَلا كُل ما لاقى مِن الظلم
نَظمت حالي وَلَولا سلك فَضلكم / ما كانَ قَولي وَلا فعلي بِمُنتَظم
علمتني الحَمد وَالشُكر الجَزيل عَلى / فَعل الجَميل بِما توليه مِن نعم
ما كُنتُ لَولاكُم أَبغي الفَوائد مِن / نَظم الفَرائد في إِسم وَلا علم
رَفَعتُ ذكري بِآلاءٍ بِدَأَت بِها / عَبداً يُؤمل دَوماً حُسن مختتم
خَير البِناء الَّذي عَمَت مَنافعه
خَير البِناء الَّذي عَمَت مَنافعه / كُل البَرية مِن ناءٍ وَمِن دان
كالرَوض قَد سَجَعَت وَرق الوفود بِهِ / كَأَنَّها طَرَباً تَثني عَلى الباني
أَلعبدَليّ الَّذي شادَت عَزائمه / لِآل هاشم شَأناً قاهر الشاني
بِتاج دَولَتِهِ الإِقبال أَرخه / أَقامَ هَذا اِبن عَون مَلجأ العاني
يا مَن مَراتبه تَسمو بِعرفان
يا مَن مَراتبه تَسمو بِعرفان / عزاً وَيَبلغ أَسماها بعرفان
تَهنيك مرتبة العز الَّتي شَرَفَت / وَاِمتازَ منصبها الأَسمى بِبُرهان
لا زلتَ تَرقى المَعالي في مَواهب مِن / عَمَّ البَرية مِن قاص وَمِن دان
وَدامَ ملك السَعيد النَجم في شَرَف / يَسمو عَلى كُل ذي ملك وَسُلطان
فَاِهنأ بِها رَوضة البَحرين زاهرة / فَاِقطف ثَمارَ مَعال ذات أَفنان
شَوق أَسالَ دُموعي مِن مَغارِبها
شَوق أَسالَ دُموعي مِن مَغارِبها / لِهَجر مَن أَشرَقَت أَنوار طلعته
لَو لاحَ وَالبَدر بِالأَنوار مُبتَهج / لَقُلت باللَه فَاِخسَأ بَعدَ رُؤيته
رآه طَرفي عَلى طِرفٍ يَمرّ بِهِ
رآه طَرفي عَلى طِرفٍ يَمرّ بِهِ / مِثل السَحابة تَحتَ البَدر في الأُفق
مُقَلِداً بِحُسام غَير ناظره / هَذا لِغَيري وَذا يا مُهجَتي أَفق
يا مَن وَهَبت لَهُ روحي فَعذّبها
يا مَن وَهَبت لَهُ روحي فَعذّبها / وَرمت تَخليصها مِنهُ فَلم أَطق
أَدرك بَقية ما أَبقيتَ مِن رَمَق / قَبل المَمات فَهَذا آخر الرَمق
خَلاص روحك كَم لي في مِن أَرب
خَلاص روحك كَم لي في مِن أَرب / كَي تَستَريح وَتَطفي لَوعَةَ الحَرق
لَكن حَوادث هَذا الدَهر قَد جبلت / عَلى خلاف مُراد غَير مُتَفق
يا راحِلاً عَن سَواد المُقلتين إِلى
يا راحِلاً عَن سَواد المُقلتين إِلى / بَعدَ الدِيار أَلا تَرثي إِليَّ أَلا
فَإِن تَغب عَن عُيوني يَستَضيء بِكُم / سَواد قَلب عَن الأَضلاع قَد رَحَلا
غَدا كَجسم وَأَنتَ الرُوح فيهِ فَما / روحٌ سِواكَ لَهُ لَو يَرتَضي بَدَلا
قَلبي يقلبهُ شَوق إَلَيك وَما / يَنفك مُرتَحلاً ما دُمت مَرتَحلا
بي لِلفُراق جَوى لَو مَرَّ أَبرده / بِقَلب مَن لامَني في الحُب ما عَذَلا
وَقَطرة مِن دُموع العَين لَو مَزَجَت / مَن بَعد فرقتكم بِالماء لاشتَعلا
يا عاملين بِأَرماح القُدود عَلى
يا عاملين بِأَرماح القُدود عَلى / قَتلي خُذوا خَبَري ما دامَ لي أَجَل
في الرَدف وَالعَطف لي إِن شئت بَعدَكُم / أَلنعت وَالعَطف وَالتَوكيد وَالبَدَل