المجموع : 45
العُشقُ في أَزَلِ الآزالِ مِن قِدَمٍ
العُشقُ في أَزَلِ الآزالِ مِن قِدَمٍ / فيهِ بِهِ مِنهُ يَبدو فيهِ إِبداءُ
العُشقُ لا حَدَثٌ إِذ كانَ هُو صفةً / مِنَ الصَفاتِ لِمَن قَتَلاهُ أَحياءُ
صِفاتُهُ مِنهُ فيهِ غَيرُ مُحدَثَةٍ / وَمُحدَثُ الشَيءِ ما مَبداهُ أَشياءُ
لَمّا بدا البَدءُ أَبدى عِشقُهُ صِفَةً / فيما بَدا فَتَلَالاَ فيهِ لَألاءُ
وَاللامِ بِالأَلِفِ المَعطوفِ مُؤتَلِفٌ / كِلاهُما واحِدٌ في السَبَقِ مَعناءُ
وَفي التَفَرُّقِ إِثنانِ إِذا اِجتَمَعا / بِالإِفتِراقِ هُما عبدٌ وَمَولاءُ
كَذا الحَقائِقُ نارُ الشَوقِ مُلتَهِبٌ / عَنِ الحَقيقَةِ إِن باتوا وَإِن ناءوا
ذَلّوا بِغَيرِ اِقتِدارٍ عِندَما وَلِهوا / إِنَّ الأَعِزّا إِذا اِتاقوا أَذِلاءُ
ما يَفعَلُ العَبدُ وَالأَقدارُ جارِيَةٌ
ما يَفعَلُ العَبدُ وَالأَقدارُ جارِيَةٌ / عَلَيهِ في كُلِّ حالٍ أَيُّها الرائي
أَلقاهُ في اليَمِّ مَكتوفاً وَقالَ لَهُ / إِيّاكَ إِيّاكَ أَن تَبتَلَّ بِالماءِ
لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي
لَبَّيكَ لَبَيكَ يا سِرّي وَنَجوائي / لَبَّيكَ لَبَّيكََ يا قَصدي وَمَعنائي
أَدعوكَ بَل أَنتَ تَدعوني إِلَيكَ فَهَل / نادَيتُ إِيّاكَ أَم نادَيتَ إِيّائي
يا عَينَ عَينِ وَجودي يا مدى هِمَمي / يا مَنطِقي وَعَبارَتي وَإيمائي
يا كُلَّ كُلّي وَيا سَمعي وَيا بَصَري / يا جُملَتي وَتَباعيضي وَأَجزائي
يا كُلَّ كُلّي وَكُلُّ الكُلِّ مُلتَبِسٌ / وَكُلُّ كُلِّكَ مَلبوسٌ بِمَعنائي
يا مَن بِهِ عَلِقَت روحي فَقَد تَلِفَت / وَجداً فَصِرتُ رَهيناً تَحتَ أَهوائي
أَبكي عَلى شَجَني مِن فُرقَتي وَطَني / طَوعاً وَيُسعِدُني بِالنَوحِ أَعدائي
أَدنو فَيُبعِدُني خَوفي فَيُقلِقُني / شَوقٌ تَمَكَّنَ في مَكنونِ أَحشائي
فَكَيفَ أَصنَعُ في حُبٍّ كُلِّفتُ بِهِ / مَولايَ قَد مَلَّ مِن سُقمي أَطِبّائي
قالوا تَداوَ بِهِ فَقُلتُ لَهُم / يا قَومُ هَل يَتَداوى الداءُ بِالدائي
حُبّي لِمَولايَ أَضناني وَأَسقَمَني / فَكَيفَ أَشكو إِلى مَولايَ مَولائي
إِنّي لَأَرمُقُهُ وَالقَلبُ يَعرِفُهُ / فَما يُتَرجِمُ عَنهُ غَيرُ إيمائي
يا وَيحَ روحي وَمِن روحي فَوا أَسفي / عَلَيَّ مِنّي فَإِنّي أَصِلُ بَلوائي
كَأَنَّني غَرِقٌ تَبدوا أَنامِلَهُ / تَغَوُّثاً وَهوَ في بَحرٍ مِنَ الماءِ
وَلَيسَ يَعلَمُ ما لاقَيتُ مِن أَحَدٍ / إِلّا الَّذي حَلَّ مِنّي في سُوَيدائي
ذاكَ العَليمُ بِما لاقَيتُ مِن دَنَفٍ / وَفي مَشيئَتِهِ مَوتي وَإِحيائي
يا غايَةَ السُؤلِ وَالمَأمولِ يا سَكَني / يا عَيشَ روحِيَ يا ديني وَدُنيائي
قُلي فَدَيتُكَ يا سَمعي وَيا بَصَري / لِم ذي اللُجاجَةُ في بُعدي وَإِقصائي
إِن كُنتَ بالغَيبِ عَن عَينَيَّ مُحتَجِباً / فَالقَلبُ يَرعاكَ في الإِبعادِ وَالنائي
لِلعِلمِ أَهلٌ وَلِلإيمانِ تَرتيبُ
لِلعِلمِ أَهلٌ وَلِلإيمانِ تَرتيبُ / وَلِلعُلومِ وَأَهليها تَجاريبُ
وَالعِلمُ عِلمانِ مَطبوعٌ وَمُكتَسَبُ / وَالبَحرُ بِحرانِ مَركوبٌ وَمَرهوبُ
وَالدَهرُ يَومانِ مَذمومٌ وَمُمتَدَحٌ / وَالناسُ اِثنانِ مَمنوحٌ وَمَسلوبُ
فَاِسمَع بِقَلبِكَ ما يَأتيكَ عَن ثقَةٍ / وَاِنظُر بِفَهمِكَ فَالتَمييزُ مَوهوبُ
إِنّي اِرتَقَيتُ إِلى طَودٍ بِلا قَدَمٍ / لَهُ مراقٍ عَلى غَيري مَصاعيبُ
وَخُضتُ بَحراً وَلَم يَرسُب بِهِ قَدَمي / خاضَتهُ روحي وَقَلبي مِنهُ مَرعوبُ
حَصباؤُهُ جَوهَرٌ لَم تَدنُ مِنهُ يَدٌ / لَكَنَّهُ بِيَدِ الأَفهامِ مَنهوبُ
شَرِبتُ مِن مائِهِ رِيّاً بِغَيرِ فَمٍ / وَالماءُ قَد كانَ بِالأَفواهِ مَشروبُ
لِأَنَّ روحي قَديماً فيه قَد عَطِشَت / وَالجِسمُ ما مَسَّهُ مِن قَبلُ تَركيبُ
إِنّي يَتيمٌ وَلي آب أَلوذُ بِهِ / قَلبي لِغَيبَتِهِ ما عِشتُ مَكروبُ
أَعمى بَصيرٌ وَإِني أَبلَهٌ فَطِنٌ / وَلي كَلامٌ إِذا ما شِئتُ مَقلوبُ
وَفِتيَةٍ عَرَفوا ما قَد عَرَفتُ فَهُم / صَحب وَمَن يَحظَ بِالخَيراتِ مَصحوبُ
تَعارَفَت في قَديمِ الذَرِّ أَنفُسُهُم / فَأَشرَقَت شَمسُهُم وَالدَهرُ غَريبُ
سِرُّ السَرائِرِ مَطوِيٌّ بِإِثباتِ
سِرُّ السَرائِرِ مَطوِيٌّ بِإِثباتِ / مِن جانِبِ الأُفُقِ مِن نورٍ بِطَيّاتِ
فَكَيفَ وَالكَيفُ مَعروفٌ بِظاهِرِهِ / فَالغَيبُ باطِنُهُ لِلذاتِ بِالذاتِ
تاهَ الخَلائِق في عَمياءَ مُظلِمَةٍ / قَصداً وَلَم يَعرِفوا غَيرَ الإِشاراتِ
بِالظَنِّ وَالوَهمِ نَحوَ الحَقِّ مَطلَبُهُم / نَحوَ السَماءِ يُناجونَ السَمَواتِ
وَالرَبُّ بَينَهُم في كُلِّ مُنقَلَبٍ / مُحِلُّ حالاتِهِم في كُلِّ ساعاتِ
وَما خَلَوا مِنهُ طَرفَ العَين لَو عَلِموا / وَما خَلا مِنهُم في كُلِّ أَوقاتِ
رَأَيتُ رَبّي بِعَنينِ قَلبي
رَأَيتُ رَبّي بِعَنينِ قَلبي / فَقُلتُ مَن أَنتَ قالَ أَنتَ
فَلَيسَ لِلأَينِ مِنكَ أَينٌ / وَلَيسَ أَينٌ بِحَيثُ أَنتَ
وَلَيسَ لَلوَهمِ مِنكَ وَهمٌ / فَيَعلَمُ الوَهمُ أَينَ أَنتَ
أَنتَ الَّذي حُزتَ كُلَّ أَينٍ / بِنَحوِ لا أَينٍ فَأَينَ أَنتَ
فَفي فَنائي فَنا فَنائي / وَفي فَنائي وُجِدتَ أَنتَ
في مَحو اِسمي وَرَسمِ جِسمي / سَأَلتُ عَني فَقُلتُ أَنتَ
أَشمارُ سِرّي إِلَيكَ حَتّى / فَنَيتُ عَنّي وَدُمتَ أَنتَ
أَنتَ حَياتي وَسِرُّ قَلبي / فَحَيثُما كُنتُ كُنتَ أَنتَ
أَحَطتَ عِلماً بِكُلِّ شَيءٍ / فَكُلُّ شَيءٍ أَراهُ أَنتَ
فَمُنَّ بِالعَفوِ يا إِلَهي / فَلَيسَ أَرجو سِواكَ أَنتَ
وَاللَهِ لَو حَلَفَ العُشّاقُ أَنَّهُم
وَاللَهِ لَو حَلَفَ العُشّاقُ أَنَّهُم / مَوتي مِنَ الحُبِّ أَو قَتلى لِما حَنَثوا
قَومٌ إِذا هُجِروا مِن بَعدِ ما وُصِلَوا / ماتوا وَإِن عادَ وَصلٌ بَعدَهُ بُعِثوا
تَرى المُحِبّينَ صَرعى في دِيارِهِمُ / كَفِتيَةِ الكَهفِ لا يَدرونَ كَم لَبِثوا
عَقدُ النُبُوَّةِ مِصباحٌ مِنَ النورِ
عَقدُ النُبُوَّةِ مِصباحٌ مِنَ النورِ / مُعَلَّقُ الوَحيِ في مِشكاةِ تَأمورِ
بِاللَهِ يَنفُخُ نَفخَ الروحِ في خَلَدي / لِخاطِري نَفخَ إِسرافيلَ في الصورِ
إِذا تَجَلّى بِطَوري أَن يُكَلِّمَني / رَأَيتُ في غَيبَتي موسى عَلى الطورِ
أَنتَ المُوَلِّهُ لي لا الذِكرُ وَلَّهَني
أَنتَ المُوَلِّهُ لي لا الذِكرُ وَلَّهَني / حاشا لِقَلبِيَ أَن يَعلَق بِهِ ذِكري
الذِكرُ واسِطَةٌ تُخفيكَ عَن نَظَري / إِذا تَوَشَّحَهُ مِن خاطِري فِكري
سَكَنتَ قَلبي وَفيهِ مِنكَ أَسرارُ
سَكَنتَ قَلبي وَفيهِ مِنكَ أَسرارُ / فَلتَهنِكَ الدارُ بَل فَليَهنِكَ الجارُ
ما فيهِ غَيرُكَ مِن سِرٍّ عَلِمت بِهِ / فَاِنظُر بِعَينِكَ هَل في الدارِ دَيّارُ
وَلَيلَة الهَجرِ إِن طالَت وَإِن قَصُرَت / فَمُؤنِسي أَمَلٌ فيهِ وَتِذكارُ
إِنّي لَراضٍ بَما يُرضيكَ مِن تَلَفي / يا قاتِلي وَلِمَا تَختارُ أَختارُ
الحُبُّ ما دامَ مَكتوماً عَلَي خَطرٍ
الحُبُّ ما دامَ مَكتوماً عَلَي خَطرٍ / وَغايَةُ الأَمنِ أَن تَدنو مِنَ الحَذَرِ
وَأَطيبُ الحُبِّ ما نَمَّ الحَديثُ بِهِ / كَالنارِ لا تَأتِ نَفعاً وَهيَ في الحَجَرِ
مِن بَعدِ ما حَضَرَ السَجّانُ وَاِجتمع ال / تَمَعَ أَعوانُ وَاِختَطَّ اِسمي صاحِبُ الخَبَرِ
أَرجو لِنَفسي بَراءً مِن مَحَبَّتِكُم / نَعَم إِذا تَبَرَأتُ مِن سَمعي وَمِن بَصَري
غِبتَ وَما غِبتَ عَن ضَميري
غِبتَ وَما غِبتَ عَن ضَميري / فَما زَجَت تَرحَتي سُروري
وَاِتَّصلِ الوَصلُ بِاِفتِراقٍ / فَصارَ في غَيبَتي حُضوري
فَأَنتَ في سِرِّ غَيب هَمّي / أَخفى مِنَ الوَهمِ في ضَميري
تُؤنِسُني بِالنَهارِ حَقّاً / وَأَنتَ عِندَ الدُجى سَميري
يا شَمسُ يا بَدرُ يا نَهارُ
يا شَمسُ يا بَدرُ يا نَهارُ / أَنتَ لَنا جَنَّةٌ وَنارُ
تَجَنُّبُ الإِثمِ فيكَ إِثمٌ / وَخيفَةُ العارِ فيكَ عارُ
يَخلَعُ فيكَ العِذارَ قَومٌ / فَكَيفَ مَن لا لَهُ عِذارُ
حَقيقَةُ الحَقِّ تَستَنيرُ
حَقيقَةُ الحَقِّ تَستَنيرُ / صارِخَةً بِالنَبا خَبيرُ
حَقيقَةٌ فيهِ قَد تَجَلَّت / مَطلَبُ مَن رامَها عَسيرُ
وَما وَجدتُ لِقَلبي راحَةً أَبَداً
وَما وَجدتُ لِقَلبي راحَةً أَبَداً / وَكَيفَ ذاكَ وَقَد هُيّيتُ لِلكَدَرِ
لَقَد رَكِبتُ عَلى التَغريرِ وَاِعجَبا / مِمَّن يُريدُ النَجا في المِسلَكِ الخَطِرِ
كَأَنَّني بَينَ أَمواجٍ تُقَلِّبُني / مُقَلِّباً بَينَ إِصعادٍ وَمُنحَدَرِ
الحُزنُ في مُهجَتي وَالنارُ في كَبِدي / وَالدَمعُ يَشهَدُ لي فَاِستَشهِدوا بَصَبري
مَن سارَروهُ فَأَبدى كُلَّ ما سَتَروا
مَن سارَروهُ فَأَبدى كُلَّ ما سَتَروا / وَلَم يُراعِ اِتِصالاً كانَ غَشّاشا
إِذا النُفوسُ أَذاعَت سِرَّ ما عَلِمَت / فَكُلُّ ما حَمَلَت مِن عَقلِها حاشا
مَن لَم يَصُن سِرَّ مَولاهُ وَسَيِّدَهُ / لَم يَأَمَنوهُ عَلى الأَسرارِ ما عاشا
وَعاقَبوهُ عَلى ماكَن مِن زَلَلٍ / وَأَبدَلوهُ مَكانَ الأُنسِ إيحاشا
وَجانَبوهُ فَلَم يُصلِح لِقُربِهِم / لَمّا رَأَوهُ عَلى الأَسرارِ نَبّاشا
مَن أَطلَعوهُ عَلى سِرٍّ فَنَمَّ بِهِ / فَذاكَ مِثلِيَ بَينَ الناسَ قَد طاشا
هُم أَهلُ سِرٍّ وَلِلأَسرارِ قَد خُلِقوا / لا يَصبِرونَ عَلى مَن كانَ فَحّاشا
لا يَقبَلونَ مُذيعاً في مَجالِسِهِم / وَلا يُحِبّونَ سَتراً كانَ وَشواشا
لا يَصطَفونَ مُذيعاً في مَجالِسِهِم / حاشا جَلالُهُم مِن ذَلِكُم حاشا
فَكُن لَهُم وَبِهِم في كُلِّ نائِبَةٍ / إِلَيهِم ما بَقى ذا الدَهرُ هَشّاشا
إِذا ذَكَرتُكَ كادَ الشَوقُ يُقلِقُني
إِذا ذَكَرتُكَ كادَ الشَوقُ يُقلِقُني / وَغَفلَتي عَنكَ أَحزانٌ وَأَوجاعُ
وَصارَ كُلّي قُلوباً فيكَ واعِيَةً / لِلسُقمِ فيها وَلِلآلامِ إِسراعُ
شَرطَ المَعارِفِ مَحوُ الكُلِّ مِنكَ إِذا
شَرطَ المَعارِفِ مَحوُ الكُلِّ مِنكَ إِذا / بَدا المُريدُ بِلَحظٍ غَيرِ مُطَّلِعِ
هُوَ اِجتِباني وَأَدناني وَشَرَّفَني
هُوَ اِجتِباني وَأَدناني وَشَرَّفَني / وَالكُلّ بِالكُلِّ أَوصاني وَعَرَّفَني
لَم يَبقِ في القَلبِ وَالأَحشاءِ جارِحَةً / إِلّا وَأَعرِفُهُ فيها وَيَعرِفُني
صَيَّرَني الحَقُّ بِالحَقيقَه
صَيَّرَني الحَقُّ بِالحَقيقَه / بِالعَهدِ وَالعَقدِ وَالَثيقَه
شاهَدَ سِرّي بِلا ضَميري / هَذا سِرّي وَذي الطَريقَه