القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 263
لولا فواكهُ أَيلولٍ إذا اجتمعتْ
لولا فواكهُ أَيلولٍ إذا اجتمعتْ / من كل نوعٍ ورَقَّ الجوُّ والماءُ
إذاَ لَمَا حَفَلتْ نفسي متى اشتملتْ / عليَّ هائلةُ الجالَيْن غبراءُ
يا حَبَّذَا ليلُ أيلولٍ إذا بردتْ / فيه مَضاجِعُنا والريحُ سَجْواءُ
وجَمَّش القُرُّ فيه الجلدَ فائتلفتْ / من الضَّجيعينِ أحشاءٌ وأحشاءُ
وأَسفر القمرُ الساري فصفحتُه / ريَّا لها من صفاءِ الجوِّ لألاءُ
يا حبذا نفحة من ريحهِ سَحَراً / تأتيك فيها من الريحان أنباءُ
قلْ فيه ما شئتَ من شهرٍ تعهَّدُهُ / في كلّ يومٍ يدٌ للَّهِ بيضاءُ
لم يَلهُ في المِهْرجانِ أَوْلَى
لم يَلهُ في المِهْرجانِ أَوْلَى / باللهوِ فيه من ابن يحيى
لأنه شابَهُ بجودٍ / أحيا به الناسَ كلَّ مَحْيا
جدَّدَ عهدَ النبيِّ بِرٌّ / من ابنِ يحيى وفَضْلُ تقوى
وعهدَ كِسْرى نعيمُ عيشٍ / من ابن كسرى وحسنُ ملهى
فظلَّ في المهرجان عيدٌ / يجمعُ ديناً له ودُنيا
وليس بِدعاً ولا عجيباً / أنْ يَنْظِمَ المعنيين معنى
فاللَّهُ يُبقيه ألفَ عامٍ / وما رأى في البقاء بُقْيا
يَسْمو به جَدُّهُ فيَحْظى / وتارةً مجدُه فيَعْلى
ولم تزلْ أعينُ الأعادي / بنعمة اللَّه فيه تَقْذى
يُوقَى بهم أسهمَ المنايا / إذا ألمَّتْ به ويُفدى
لا أسأل الله في جُهمانَ مسألةً
لا أسأل الله في جُهمانَ مسألةً / على الذي بيَ من مَقْتٍ له وقِلى
إلّا إعارَته عقلاً يُريه به / من بُغضه ما يراه غيرُهُ وكفى
فوالذي لا يُريني وجهَهُ أبداً / إلّا بشرٍّ فما لي غيرَ ذاك هوى
لو أبصرتْ عينه من بُغضهِ طَرَفاً / لذاب حتى تراه كالخيالِ ضَنى
يومُ الثلاثاء ما يومُ الثلاثاءُ
يومُ الثلاثاء ما يومُ الثلاثاءُ / في ذِروة من ذُرا الأيام علياءِ
كأنما هو في الأسبوعِ واسطةٌ / في سِمْطِ دُرٍّ مُحَلٍّ جيدَ حسناءِ
ما طابق اللَّهُ نيروزَ الأمير به / إلّا لتلقاهُ فيه كلُّ سَرّاءِ
لا سيما في ربيع مُمْرعٍ غَدقٍ / ما انْفَكّ يُتْبعُ أنواءً بأنواءِ
حتى لشبَّهتُ سُقياه وزَهرتَه / جَدوى أبي أحمدٍ أو وشيَ صنعاءِ
لم يبقَ للأرض من سرٍّ تُكاتمهُ / إلّا وقد أظهرتْهُ بعد إخفاءِ
أبدت طرائفَ شتّى من زَواهرها / حُمراً وصُفراً وكلٌّ نبتُ غبراءِ
فاسعدْ بنيروزك المسعودِ طالعهُ / يا ابن الأَكارم في خَفضٍ ونعماءِ
وأعطِ نفسك فيه قِسط راحتها / إن العلا ذاتُ أثقالٍ وأعباءِ
قد كان عيداً مجوسياً فشرَّفهُ / ملهَاكَ فيه وما تلهو بفحشاءِ
لكن بأشياءَ يهتزُّ الكريمُ لها / جُوداً فيُسني العطايا أيّ إسناءِ
جادت يمينُك في النيروز فائضةً / بالمالِ إذ جاد فيه الناسُ بالماءِ
لا زلت تنسخ نيروزاً مُعوَّلُهُ / على الذي فيك من صفحٍ وإغضاءِ
لم نُهدِ شيئاً لأن الناس مذ أرِبوا / عابوا الهديةَ إلّا بين أكفاءِ
إن العبيدَ إذا أهدتْ لسادتها / فقد تعدَّت وأَربتْ كلَّ إرباءِ
إلّا الثناءَ فإني لست أنكِرُهُ / أو الدعاءَ لذي نُعمى وآلاءِ
عينيَّ شُحَّا ولا تَسُحَّا
عينيَّ شُحَّا ولا تَسُحَّا / جلَّ مُصابي عن البكاءِ
تركُكُما الداءَ مُستكنّاً / أصدقُ عن صحةِ الوفاءِ
إن الأسى والبكاءَ قِدْماً / أمرانِ كالداء والدواءِ
وما ابتغاءُ الدواءِ إلا / بُغْيا سبيل إلى البقاءِ
ومُبتغِي العيشِ بعد خِلٍّ / كاذِبُهُ خُلَّةَ الصفاءِ
فما قَلُوصٌ تبيت الليلَ مُعْمَلَةً
فما قَلُوصٌ تبيت الليلَ مُعْمَلَةً / تُضحي وراكبُها لم يَعْدُ مُمْساها
مِمَّا إذا راكب أنْضَى مَطيَّتَهُ / أضحتْ جَمُوماً وقد أنضاه مَسراها
مَزَجْتُ خمرة عينيها بريقتها
مَزَجْتُ خمرة عينيها بريقتها / كيما تُكفكف عني من حُمَيَّاها
فاشتدَّ إسكارها إيايَ إذ مُزِجَتْ / ومزجُك الكأسَ ينفي عنك طغياها
قالوا سقى الماءُ بطنَ وهبٍ
قالوا سقى الماءُ بطنَ وهبٍ / فقلت أنَّى وكيف ذاكا
أين هواضيمُهُ اللواتي / كان يُداوي بها بِراكا
لم نرَ يا وهبُ ذا بغاءٍ / مُستسقياً بطنُهُ سِواكا
إن يكُ لم يُغنِ عنك شيئاً / وَقْعَ الهواضيم في حشاكا
لقد سُقي الماءَ بطنُ سوءٍ / شفاه ربي ولا شفاكا
ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ
ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ / قَلْبُ الملولِ إلى هجرٍ وإقصاءِ
كأنني كلما أصبحتُ أَعتِبُهُ / أخُطُّ حرفاً على صفحٍ من الماءِ
للَّهِ خالد الطائيُّ من رجلٍ
للَّهِ خالد الطائيُّ من رجلٍ / كم شُبهةٍ من عَويص الفقهِ جلّاها
أبصرتُ زوجتَهُ يوماً بحضرَته / وقد علتْ دون سقفِ البيت رِجْلاها
فقلتْ هلّا توارت عنك محسنةً / فقال تخشى عقابَ اللَّهِ مولاها
لو أنها كاتَمَتْني بالزنا أَثمتْ / إذ تتَّقيني بما لا تتَّقي اللهَ
وشاعر أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به
وشاعر أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به / فكاد يَحْرِقُهُ من فرط إذكاءِ
أقام يُجهِدُ أياماً قريحَتَهُ / وفسَّر الماءَ بعد الجَهْدِ بالماءِ
يا ثوبَهُ الأزرقَ الذي قد
يا ثوبَهُ الأزرقَ الذي قد / فاقَ العِراقيَّ في السناءِ
كأنه فيه بدرُ تِمٍّ / يَشُقُّ من زرقة السماءِ
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ مُنيتَ به
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ مُنيتَ به / إحدى المواعِظِ أو بعضَ التجاريبِ
بل البوارُ الذي ما بعد موقعهِ / نَفْعٌ بوعظٍ ولا نفعٌ بتجريبِ
ما بعد وعظيَ ما تُوعَى العِظاتُ له / ولا مواقعُ صَوْلاتي بتدريبِ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ / وبابنِ بدرٍ أعز الظَّرْفَ والأدبا
يَمَّمْتُ بدرَ بني بدرٍ فما انتسبت / ألفاظهُ ليَ لكنْ وجهُهُ انتسبا
لاقيتهُ وأنا المملوءُ من غضب / على الزمان فسرَّى عنِّيَ الغضبا
فلو حلفتَ لما كُذّبت حينئذٍ / أنِّي هناك لقيتُ العُجْمَ والعربا
أجدى فأحسَنَ في الجدوى وأتبعني / حمداً وأردفني شكراً ولا عجبا
اللَّه يكلؤُهُ واللَّه يُؤنسهُ / فإنه بمعاليهِ قد اغتربا
ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ
ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ / على اختلاف صروف الدهر والعُقُبِ
يومَ انْتَحَتْني بسهميها مُسالمةً / تأتي جدائِدُها من أوجه اللَّعِبِ
وعيَّرتني بشيب الرأس ضاحكةً / مِن ضاحكٍ فيه أبكاني وأَضْحَكَ بي
قد كنتِ تسقينَ خدّي مرةً وفمي / يا هندُ من وَشَلٍ طوراً ومن ثَغَبِ
يَعُلُّ ريقُك أنيابي وآونةً / يستنُّ دمعُكِ في خَدَّيَّ كالسَّربِ
فالآن أهزأَ بي شيبي وأَوْبقني / عيبي وإن كنت لم أُوبَق ولم أُعَبِ
بالجِلْد أندابْ دهرٍ لست أنكرها / وما بعرضي لعمرُ اللَّه من نَدَب
يا ظبيةً من ظباءٍ كان مَكْنسُها / في ظلِّ ذي ثمرٍ مني وذي هَدَبِ
فِيئِي إليك فقد هَبَّت مُصوّحةٌ / أضحى لها مجتَنِي لهوٍ كمحتطِبِ
سِنٌّ بَنَتْني وعادتْ بعد تهدِمني / حتى رزَحتُ رزوح العَوْدِ ذي الجَلَبِ
وأعْدَتِ الرأسَ لَوْنَيْ دهرِهِ فغدا / قد حال عن دُهمةٍ كانت إلى شَهَبِ
والدهرُ يُبلي الفتى من حيث يُنشئُهُ / حتى تَكُرَّ عليه ليلةُ القَرَبِ
يَغذوه في كل حينٍ وهو يأكله / ويحتسي نُغَباً منه على نغبِ
يُودي بحالٍ فحالٍ من شبيبته / تسرُّبَ الماء من مستأنَفِ الكُتَبِ
بَيْناهُ كالأجدل الغِطريف ماطَلَهُ / عصراهُ فارتد مثل الفرخ ذي الزَّغبِ
أَعْجِبْ بآمِنِ دهرٍ وهو مُبترِكٌ / يُعريه من ورقٍ طوراً ومن نَجَبِ
حسبُ امرىءٍ من جَنى دهرٍ تُطاولُهُ / وإن أُجِمَّ فلم يُنكَبْ ولم يُنَبِ
في هُدنةِ الدهر كافٍ من وقائِعِهِ / والعُمرُ أفدح مِبْراةً من الوَصَبِ
قَضيتُ ذلك في قولي إلى فُنُقٍ / تلهو بمُكتحِلٍ طوراً ومختضِبِ
حوراءُ في وَطَفٍ قنواءُ في ذَلَفٍ / لَفَّاء في هَيَفٍ عجزاءُ في قَبَبِ
كالشمسِ ما سَفَرَتْ والبدر ما انتقبتْ / ناهيكَ من مُسفِرٍ حُسْناً ومُنتَقِبِ
جاءت تَدَافَعُ في وَشْيٍ لها حَسَنٍ / تَدَافُعَ الماء في وشيٍ من الحبَبِ
فأعرضتْ حلوةَ الإعراضِ مُرَّتَهُ / بزَفرةٍ كنسيم الروض ذي الرَّبَبِ
تَأْسى على عهديَ الماضي ويُذهِلُها / تَفوُّقُ العيشِ ذي الأحلاب في العُلَبِ
يا ذا الشبابِ الذي أضحتْ مَناسِبُهُ / قد بُدِّلتْ فيه أنواعاً من النُّدَبِ
مهلاً فقد عاد ذاك الشرخ واقتربت / من مُجتنيها الأماني كلَّ مقتربِ
بآل وهبٍ غدتْ دنيا زمانهمُ / منصورةً وتغنَّت بعدَ منتحبِ
وعادت الأرضُ إذ عمَّت مصالحُهم / دارَ اصطلاحٍ وكانت دارَ مُحتربِ
قومٌ يحلُّونَ من مجدٍ ومن شرفٍ / ومن غَناءٍ محلَّ البَيْض واليَلَبِ
حلُّوا محلَّهُما من كلّ جمجمةٍ / دَفعاً ونَفعاً وإطلالاً على الرُّتبِ
لا بل هُمُ الرأسُ إذ حسَّادُهم ذنبٌ / وَمَنْ يُمثِّلُ بين الرأسِ والذنبِ
تاللَّه ما انفكّتِ الأشياءُ شاحبةً / حتى جَلَوْها فأضحت وُضَّحَ النُّقَبِ
بهم أطاعَ لنا المعروفُ وامتنعت / جوانبُ الملك ذي الأركان والشِّذبِ
كم فيهم من مقيمٍ كُلَّ ذي حَدَبٍ / من الأمورِ بِرأيٍ غيرِ ذي حَدَبِ
ما زال أحمدٌ المحمودُ يحمدهُمْ / مُذ بُوِّئ التاجَ منه خيرُ مُعْتصبِ
وقبل ذلكَ كانوا يَمْهَدُون له / وتلكُم القُرْبةُ الكبرى من القُرَبِ
صَغا إليهم وولّاهم أمانتَهُ / دون الأنام فلم يَرْتَبْ ولم يُرِبِ
ما انفكّ تدبيرهُمْ يجري على مَهلٍ / حتى غدا الصقرُ منصوراً على الخَرَبِ
لو كنتَ تعلم ما أغنى يراعُهُمُ / أيقنتَ أن القَنَا كَلٌّ على القَصَبِ
إن كنتُ أذنبتُ في مدحي ذوي ضَعَةٍ / فمِدْحتي آلَ وهب أنصحُ التُّوَبِ
الحارسي الدينَ لا يلهو نهارُهُمُ / عنه ولا ليلُهم بالنائم الرّقِبِ
الحافظي المُلكَ والحامينَ حَوْزَتَه / من الأعادي ذوي الأضغان والكَلَبِ
الحالبي لَقَحَاتِ الفيء حافلةً / بِالرفق واليمن منهم ثَرَّةَ الحَلَبِ
المُجتبو الحمدَ بعد الأجرِ غايتُهم / صَوْنُ الإمام عن الآثام والسُّبَبِ
ومن جبى المال للسلطان دونهمُ / أعداهُ إثماً وعاراً لازبَ الجَرَبِ
كم نِضْوِ شُكرٍ نَضَوْا عنه وليَّتَهُ / فظهرُهُ مستريحٌ غيرُ مُعْتقَبِ
وما شكا العُسْرَ بعد اليُسْرِ صاحبُهُم / ولا تَحَوَّل عن رَحْلٍ إلى قَتَبِ
وما يُريغون بالنُّعمى مكافأةً / لكن يُقَضُّون ما للمجد من أرَبِ
أقسمت حقاً لئن طابت ثمارهُمُ / لقد سرى عِرقُهم في أكرم التُّربِ
دعْ من قوافيك ما يكفيك إن لها / في مدح مولاكَ شَوْطاً مُلْهَبَ الخَبَبِ
يا سائلي أعْربَ الإحسانُ عن حَسَنٍ / أبي محمّدٍ المحمودِ في النّوبِ
سألت عنه رفيعَ الذكر قد خطبتْ / به النباهةُ قبل الشعر والخُطبِ
أغنى الصباح عن المصباح بل طلعتْ / شمسُ الضحى تسلك الأسلاك في الثُّقَبِ
هلّا سألتَ ثناءً غير مُجتلَبٍ / أضحى له وفِناءً غيرَ مُجتَنَبِ
فتى إذا ما مدحناه أتيحَ له / من أرضِه المدحُ فاستغنى عن الجلبِ
معروفُهُ في جميع الناس مُقْتسمٌ / فحمدُهُ في جميع الناس لا العُصَبِ
خِرْقٌ حَوَتْ يدُهُ مُلْكاً فجادَ به / فأصبح الملك ملكاً غير مُغتصَبِ
أغرُّ أبلجُ يكسو نَفْسَه حُلَلاً / من المحامد لا تَبْلى على الحِقَبِ
أمواله في رِقاب الناس من مِننٍ / لا في الخزائنِ من عَيْنٍ ومن نَشَبِ
فليس يملكُ إلا غيرَ مُنتزَعٍ / وليس يلبَسُ إلا غيرَ مُستلَبِ
كذا المكارمُ ملكٌ لا زوال له / باقٍ يدوم لباقٍ غيرِ مُنْشَعِبِ
ذاك الذي بايَنَ الأسواءَ وانتسبتْ / إليه بيضُ الأيادي كلَّ منتسَبِ
كم شدَّ للسعي في أُكرومةٍ لَبَباً / أضحى كريماً به مُسترخِيَ اللَّبَبِ
ما انفكَّ من سَهَرٍ يُخليكَ من سهرٍ / كلّا ولا دأَبٍ يُعفيكَ من دَأبِ
مذلَّلٌ للمساعي وهْوَ مُشتمِلٌ / بالعزِّ في ظلِّ عَيشٍ مُحْصَد الأَشَبِ
قد وطَّأ المجدُ للعافي خلائِقَهُ / فللتَسَحُّبِ فيها لينُ مُنْسحَبِ
ماضٍ على الهَوْل نحو المجدِ يَطلبُهُ / من شأنه السُّربةُ البُعدى من السُّربِ
لا يتَّقي في جميلٍ هولَ مُرتكَبٍ / إذا اتَّقى في رَغيبٍ قُبْحَ مُرتكَبِ
أحْمى فأرْعَى وآوى مَنْ يُطيفُ به / في حيثُ يأمن من خوفٍ ومن سَغَبِ
فضيفُهُ في ربيعٍ طولَ مُدَّته / وجارهُ كلَّ حين منه في رجَبِ
الأمنُ والخصبُ للثَّاوي بعقْوَتِهِ / وقْفَيْنِ قد كَفَياهُ كلّ مضطرَبِ
فليسَ كشحاهُ مَطوِيَّيْنِ عن رَغَبٍ / ولا جناحاه مضمومَيْنِ من رَهَبِ
أغرُّ يجتلبُ المُدَّاحَ نائلُهُ / وأكثرُ الناس مدحاً غيرَ مُجتَلَبِ
تلقاهُ من نهضهِ للمجدِ في صَعَدٍ / ومن تواضُعِهِ للحق في صَببِ
كأنَّه وهو مسؤولٌ ومُمْتدَحٌ / غَنَّاهُ إسحاقُ والأوتارُ في صَخبِ
يهتزُّ عطفاهُ عند الحمدِ يسمعُهُ / من هِزَّة المجد لا من هِزَّة الطَرَبِ
زَوْلٌ يقسِّمُ أمراً واحداً شُعَباً / وقادرٌ أن يَضمَّ الأمرَ ذا الشُّعَبِ
مَعانُ خَيْرَيْنِ للرُّواد مُكتَسبٍ / من العوارف يُسديها ومُكتتَبِ
كالبحر مُنْفجِراً من كلّ منفجَرٍ / والغيثِ منسكباً من كلّ منسكبِ
جاء السَّوادان يمتارانِ فاحتقبا / من عِلمِه ونداهُ خيرَ محتقَبِ
يقظانُ مازال تُغْنيه قريحَتُهُ / عن التجاربِ يَلقاهُنَّ والدُّرَبِ
ذو لمحةٍ تدرِك العُقبى إذا احتجبتْ / عن العقولِ بغيبٍ كُلَّ محتجَبِ
يَفري الخطوبَ إذا اشتدت معَرَّتُها / من كيده بخميس غير ذي لَجَبِ
رمَى من الحقِّ أغراضاً فَقْرطَسَها / وطالما رُميَتْ قِدماً فلم تُصَبِ
بصائبٍ من سهام الرأي أيَّدَهُ / بالبحث والفحص لا بالرِّيشِ والعَقَبِ
فأيُّ عدلٍ وفَضْلٍ في قضيته / إذا تجاثَى بنو الجُلَّى على الرُّكبِ
فإن عَصَتْ بَدَهاتِ الرأي مُعْضِلةٌ / أذكى لها فِكَراً أذكى من اللّهبِ
وما الحقوقُ إذا استقصى بضائعةٍ / ولا الكلامُ إذا أحصى بمُنتَهبِ
يَجِدُّ جِدَّ بعيدِ الهمِّ مُنتدبٍ / لكل خطبٍ جليل كلَّ مُنتدَبِ
ويَفْكَهُ الحالَ بعد الحالِ مُقتَفِياً / آثار من قَرَنَ السُّلَّاء بالرُّطبِ
مُسدَّدٌ في جواباتٍ يُجيبُ بها / كأنها أبداً مأخوذةُ الأُهَبِ
فيها حلاوةُ ظَرْفٍ غير مُنْتحَلٍ / إلى فخامة علم غير مؤتشَبِ
يَزينُها بإشاراتٍ ملحَّنةٍ / كأنها نغمُ التأليف ذي النِّسَبِ
كم موطنٍ قد جرى فيه مَجاريَهُ / يمرُّ فيه مروراً غير ذي نَكَبِ
محدِّثاً أو مُبيناً عن مُجمجَمةٍ / أو هازلاً هَزْلَ صَدَّافٍ عن الحُوَبِ
فما تطايَر كالمخلوقِ من شَررٍ / ولا تَوَاقَر كالمنحوت من خشبِ
بل ظل يُوزنُ بالقسطاس مأخذُهُ / مُجاوزاً عَتَباً منه إلى عَتَبِ
بين الخُفاف وبين الطَّيْش مُجتذِباً / عُرا القلوب إليه كلَّ مُجتذَبِ
تُعَضِّلُ الأرضُ ضِيقاً عن جلالته / ويَسلُكُ الخُرْتَ عفواً لُطْفَ مُنْسَربِ
ساهٍ وما تُتَّقَى في الرأي سَقْطتهُ / داهٍ وما يُنطوى منه على رِيبِ
فدهيُهُ للدواهي الرُّبْدِ يَدمغُها / وسَهْوهُ عن عيوب الناس والغِيَبِ
لولا عجائبُ لُطفِ اللَّه ما نبتتْ / تلك الفضائلُ في لحمٍ وفي عَصَبِ
لِيَبْهَجِ الدِّينُ والدنيا فإنهما / قد أصبحا في جَنابيه بمصطحَبِ
يا ابن الوزير الذي أضحتْ صنائعُهُ / مُقلِّداتٍ رقابَ العُجْم والعَرَبِ
مهما وعدْتَ فمذكورٌ ومحتَسَبٌ / وما اصطنعتَ فشيءٌ غَيرُ مُحتسبِ
تُعطي ووجْهُك مبسوطٌ يُصانعنا / كأنَّ كفَّك لم تُفْضِلْ ولم تَهَبِ
لقاءُ جانٍ إلى العافينَ مُعتذرٍ / وفعلُ مُجْنٍ جنىً أحلى من الضَّرَبِ
يا من إذا ما سألناهُ استهلّ لنا / وإن سكتْنا تَجَنَّى علَّةَ الطَلبِ
أجاد تَكْمينَ نُعمى ثم أطلعها / لنا بلا مَدّ أعناقٍ ولا تعبِ
كأنها نعمةُ اللَّهِ التي خَلَصَتْ / في جَنّة الخُلْد من هَمٍّ ومن نَصَبِ
مَبَرَّةً لَطُفَتْ منه وتَصفيةً / لَمَوْرد العُرْفِ لم نعرفهما لأَبِ
أثابك اللَّهُ عنا ما يُثابُ به / ذو الفَضلِ والطَّولِ والعافي عن الرِّيبِ
وما عَجِبنا وإن أصبحتَ تُعجبنا / أن يُجتبى ذهبٌ من مَعْدِنِ الذهبِ
لكن عَجِبنا لعُرفٍ لا نُكافئُهُ / ونستزيدُك منه أكثر العَجَبِ
لو فرَّ مصطَنَعٌ من عُرْف مصطنعٍ / عَجْزاً عن الشكر لم نُسبق إلى الهَرَبِ
لكنك المرءُ يُسدي عرفَهُ ويرى / تركَ الحساب عليه أفضلَ الحَسَبِ
وقد كفاك ائتنافَ المجد سيِّدُنا / فلم تُواكِلْ ولم تعملْ على النسبِ
لكن فعلتَ كآباءٍ لكم فُعُلٍ / بِيضِ الصنائع كشَّافين للكُربِ
وما عدوتَ من الآراء أصوبَها / عند امرئٍ كان ذا عقلٍ وذا أدبِ
إذا ابن قَومٍ وإن كانوا ذوي كرمٍ / لم يفعلِ الخير أمسى غير مُنتجَبِ
وكلُّ شعبةِ أصلٍ مثمرٍ عَقُمت / فليس تُعتدُّ إلا أرذلَ الشُّعبِ
لذاك من قُضُب الرمّان مُكتَنَفٌ / يُحمى ويُسقَى ومنبوذٌ مع الحطبِ
لولا الثمار التي تُرجى منافعُها / ما فضَّل الناسُ تفاحاً على غَرَبِ
ها إنَّ تا خطبةٌ قام الخطيبُ بها / صريحةُ الصدق لم تُمْذَق ولم تُشَبِ
والغَرْسُ نَفْلٌ وربُّ الغَرس مُفْترِضٌ / فاربُبْ غراسك تجنِ الشكر من كَثَبِ
أسديتَ أمراً فألْحِمْهُ بلُحمته / لنا وسبَّبْت فاجدُل مِرَّةَ السَّببِ
كلِّم فتى طَيِّئٍ فينا وسيّدَها / تكليمَ راضٍ مُليحٍ صفحةَ الغضبِ
جِدّاً وحَدّاً إذا ما شئتَ هَزَّهُما / طباعُكَ الحُرُّ هزَّ العَضب ذي الشُّطَبِ
واعلم بأنك مأمولٌ ومُرتقبٌ / فاشفع شفاعةَ مأمولٍ ومُرْتَقَبِ
اللَّهَ في مالِ قومٍ أنت كاسبُهُ / يا خيرَ مكتَسِبٍ من خير مكتسَبِ
حافظْ عليهِ حفاظاً لا وراءَ له / إلا النجاحُ وأنقِذْه من العطبِ
لا تُسْلَبَنَّ يدٌ قد أمَّلت بكمُ / ما أمَّلتْه فلا حرمانَ كالسَّلبِ
ولو سُئلنا لقلنا الفقرُ فاقِرةٌ / لكنَّ أعظمَ منه حسرةُ الحَرَبِ
وليس يَشْجَبُ جارٌ أنت مانعُهُ / لا زال جارُك ممنوعاً من الشجبِ
واسلمْ على الدهر في نعماءَ سابغةٍ / وارجِعْ مُوقّىً مُلقّىً خيرَ مُنقلَبِ
وآنَسَ اللَّهُ نفساً أنت صاحبها / فإنها من معاليها بمُغتَرَبِ
خذها هَدِيّاً ولم أُنكِحْكَها عَزَباً / يا ابنَ الوزير وكم أنكحتُ من عَزَبِ
ما زلت تنكِحُ من قبلي نظائرها / وأيُّ داعٍ إليك المدحَ لم يُجَبِ
وما خسَسْتَ الثوابَ المستثاب بها / وأيُّ مُهدٍ إليك الصدق لم يُثَبِ
ومن يُقاتلْ عن العليا ليَمْلِكها / بمثل خِيمِكَ لم يُسبق إلى الغَلبِ
فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها
فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها / من إخوة لك جاؤوا بالأعاجيبِ
فجازِني بمديحي أو مديحِهِمُ / إن المسبِّبَ محقوقٌ بِتثويبِ
سبِّبْ أو افعل بل اسمح لي بجمعهما / فعلاً بفعلٍ وتسبيباً بتسبيبِ
يا من يقولُ بما فيه مُقَرِّظُهُ / ولا يَمُتُّ إليه بالأكاذيبِ
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهةٌ
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهةٌ / يدعونني البيضُ عمّاً تارةً وأبا
وتلك دعوةُ إجلالٍ وتَكرِمةٍ / ودِدتُ أنِّيَ معتاضٌ بها لَقَبا
إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ
إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ / وكنتَ من ردِّ مدحي غيرَ مثَّئبِ
فأعطني ثمن الطِّرسِ الذي كُتبتْ / فيه القصيدةُ أو كفّارة الكذِبِ
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا / تقاتلون ولا يُحمى لكم سَلَبُ
كالنخلِ يُشْرعُ شوكاً لا يذودُ بهِ / عن حملِهِ كفَّ جانٍ فهو مُنتهَبُ
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا
رأيتُكمْ تستعدُّون السلاحَ ولا / تحمونَ في الروع من أعدائكم سَلَبا
كالنخلِ يُشْرعُ شوكاً لا يذودُ به / أيدي الجُناةِ ولا يحميهمُ الرُّطَبا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025