مشكلة عدم توافق الآراء، تجربتي مع صاحبي المدير
استلمت قبل بضعة أيام عرض عمل على مشروع إعلاني على الانترنت، من قبل مدير مؤسسة تعليمية كبيرة، وكنت أعرفه شخصيا من قبل. كان المشروع عبارة عن شبكة إعلانية تستقبل إعلانات من قبل المستخدمين وتعرضها على الموقع وتقتطع من صاحب الإعلان مالا حسب الزيارات. سألته عن طريقة العمل في هذا المشروع، فقال إنه لا يعرف عن المجال شيئا، وأعطاني الخيار في كيفية تنفيذه، وقال: اصنع، ثم نرى. فوافقت على العرض، وبدأت أدرس المشروع جيدا، وظللت شهرا كاملا أبحث وأدرس، وأتحرى عن أفضل طرق بناء هذا المشروع، واطلعت على أعمال الشركات المنافسة عالميا في مجال الإعلانات، إلى أن تبين لي المسلك، ووضعت لنفسي خطة لتنفيذ العمل. وبدأت أعمل على المشروع، وأتيت على آخره خلال بضعة أيام، وأرسلت إلى المدير رسالة إشعار على تمام العمل، وأن عليه أن ينظر إلى العمل. فلما رأى العمل، وجرّبه من نواحي مختلفة، قال: لا نريد مثل هذا. بل نريد شيئا آخر. يا للصدمة!! عجبت من قوله هذا، لأن الشيء الآخر الذي كان يطلبه أدنى وأقل مما عملته له، فخالفته الرأي، وبينت له خصائص عملي هذا، وأني تابعت في ذلك عدة شركات ناجحة عالمية. ولكن دون جدوى.. وكانت بيني وبينه أخوة تسمح لي بأن أخالفه بكل ما أوتيته من حجة وبيان دون أن أخاف من أن يقصيني من العمل. وجرت بيني وبينه مكالمة هاتفية دامت خمسة خمسين دقيقة تماما، ساعة كاملة، أجيب وأسأل، ويجيب ويسأل. ولكن لم نتفق على رأي، وقطعنا المكالمة على أن نستمر بالنقاش اليوم التالي، إلى أن نجتمع على نقطة فاصلة، ويستقر الرأي على فكرة جامعة. وتعجبت من حالنا هذه، كيف تمضي ساعة كاملة من الحديث بين إنسانين، ولا يتفقان على رأي، فخلوت بنفسي، وبدأت أحلل كلامه، وكتبت على ورقة كلما قاله في عناصر مختصرة. وبدأت وجهة نظره تتضح لي شيئا فشيئا، وكانت غير واضحة أثناء الحوار، وتأملت في أساب عدم وضوحها في ذلك الوقت، فكان أهم أسبابها أن كلا منا كان يتحدث عن شيء آخر غير ما يتحدث عنه صاحبه، مع نفس المسميات والمصطلحات، كانت لدي فكرة أخرى عن المشروع، ولديه فكرة أخرى تماما؛ فكنت أنظر من الجانب النظري والعلمي الرائج في العالم، وكان ينظر من الجانب التطبيقي والشائع في المدينة، لقد كان في وادٍ وكنتُ في واد. ذكّرني الموقفُ بقول الشاعر:
سارت مُشَرِّقَةً وسرتُ مُغَرِّبًا *** شتَّان بين مُشَرِّقٍ ومُغَرِّبِ !
وكانت هذه أسباب أخرى غير الأول:
- تمسك كل منا بنظرته ومحاولة فرضها على الآخر.
- عدم محاولة فهم ما يدور في ذهن الطرف الآخر.
- إن كلا منا لم يكن يتكلم من منظار واحد، وإذا تكلم إنسانان في موضوعين، أحدهما يتحدث عن شيء، والآخر عن شيء آخر، فلا شك أنهما لن يصلا إلى نتيجة!
فالقاعدة الذهبية، عند الحوار، لا تحاول أولا أن توضح لصاحبك ما تريده، لأن وقت التوضيح لم يحن بعد، بل لديك خطوتان قبل توضيح نظرتك: * افهم جيدا ماذا يفكر صاحبك حول موضوع الحوار، وماذا خلفيته وذهنيته. * فإذا تأكدت أن فكرتكما عن الموضوع واحدة، حينئذ افهم رأيه جيدا وحلله في ذهنك من حيث الإيجابيات والسلبيات. * وبعد أن يتضح لك ما لديه، وضّح ما لديك .
فكتبت في صباح اليوم التالي رسالة بسيطة شرحت له ما فهمته من كلامه على شكل نقاط، ثم بينت له إيجابيات وسلبيات فكرته، ثم شرحت له مشاكلها، وأخرجت له حلا وسطا لجميع مخاوفه على طريقة عملي.. و إذا رسالة تستقبلني بعد دقيقتين من المدير،
هذا ما كنت أريده بالضبط!