ألا يا حبّذا طيبُ الغَبوقِ
ألا يا حبّذا طيبُ الغَبوقِ / وملبوسٌ من العيشِ الرّقيقِ
بأبطحَ طافحِ الغُدْرانِ تُمسي / بهِ العِيدانُ ساريةَ العُروقِ
وكلّ حديقةٍ كالحلي تُجلى / على صِبغِ الأصائلِ والشّروقِ
ومطردٍ لعينَ الشّمْسِ فيهِ / صِقالٌ شَعشَعائيُّ البَريقِ
أُظاهِرُ أو أباشرُ دون بُردي / ثَرىً كالمِسْكِ في لونِ الخَلوقِ
إذا ما الصبحُ أسْفَرَ نَبّهَتْني / جَنوبٌ مسُّها مسُّ الشّقيقِ
وفتيانٍ تَهمُّهُمُ هُمومي / حديثُهم ألذُّ من الرّحيقِ
وإذ أنا في بيوتِ بني تميمٍ / غثيٌّ عن مُشاهَدةِ الصّديقِ
كذاكَ وحبّذا مرُّ القَوافي / قواصدَ لا تَحيدُ عن الطّريقِ
أُرشِّحُها لمدحِ أبي شُجاعٍ / فتَقْصُرُ أو تُعارِكُ بالمَضيقِ
أؤَمِّلُ أن ينالَ عُلاكَ وصفي / وهلْ تُصْطادُ لامعةُ البُروقِ
وكيفَ تَنالُ ناصيةَ الثُّريّا / بَنانٌ عزَّها بَيْضُ الأنوقِ
لقد حمّلْتَني عِبْئاً ثَقيلاً / حَنانَكَ لو حَمَلْتَ على مُطيقِ
بقيتَ ولا استعارتكَ اللّيالي / رِداءَ بَشاشَةِ العيشِ الأنيقِ
وراحَ على اقتراحكَ كلُّ عامٍ / سعيدِ الجَدِّ طَلاّبٍ لَحوقِ
بغُرةِ ليلةٍ بيضاءَ تثني / سَوالفها إلى يوم طَليقِ
فكمْ لكَ من يدٍ فعلتْ بِغادٍ / فِعالَ الماءِ بالغُصْنِ الوَريقِ
ومكروبٍ دعاكَ فكنتَ منهُ / مكانَ الرّوحِ من نفسِ الغَريقِ
أردتَ الشكرَ منه فعادَ كفْراً / وآخرَ كدَّ بِرَّكَ بالعقوقِ
وما تنفكُّ ترقَعُ كلَّ خَرْقٍ / برفقكَ في مُراعاةِ الحُقوقِ
يعُزُّ الناسَ حلمكَ وهو بَطْشٌ / وغضُّكَ وهو من طَرْفٍ رَموقِ
ودونَ تغمّدِ الهَفَواتِ حَدٌّ / يَفُلُّ مَضارِبَ السّيفِ الذّلوقِ
وهمٌّ تَقْصُرُ الأوهامُ عنهُ / ويسْلُكُ منه في فجٍّ عَميقِ