المجموع : 3
جنيت من خدها وردا ونسرينا
جنيت من خدها وردا ونسرينا / ومن مراشفها شهدا وزرجونا
غداة زارت بلا وعد ولا أمل / يوما لقد كان عيد الدهر ميمونا
صافحتها فرأت يمناي راجفة / والوجد اظهر في وجهي تلاوينا
ورمت رمانتيها فانثنت غضباً / وقطبت حاجباً كالنون مقرونا
فنبهتني لحفظ الحب من دنس / وذكرتني عهداً قط ما شينا
لكن اضل رشادي سحر مقلتها / يا رب ثبت علي العقل والدينا
افدى عفافاً تحتله شمائلها / صان الجمال وزاد الحسن تحسينا
هيفاء يحسد بدر التم طلعتها / ويعشق الغصن من أعطافها اللينا
رخيمة الدل كحلاء الجفون حوت / ملك الجمال وزادت فيه تمكينا
يحار في وصفها فكري ولا عجب / ان حيرت بمعانيها المحبينا
ان قلت حورية ابدت لواحظها / معنى من الغنج يسبي الخُرد العينا
أو قلت بدر رأيت البدر ذا كلف / حلف السرار وبالنقصان مرهونا
أو قلت درة غواص فمبسمها / مازال يخجل عقد الدر مكنونا
لكنها فتنة للناس مرسلة / تبلو الشجي وتستهوى الخليينا
حتى متى يا فؤادي انت منعكف / على الهوى لاتزال الدهر مفتونا
هو الغرام فسل عنه معانيه / كم ذا تعنى وذاق الذل والهونا
كثير عزة غال الحب عزته / وقيس ليلي دعاه الناس مجنونا
فخل عنك التصابي واتئد فلقد / لاح المشيب يجلي فودي الجونا
واستغفر اللَه مما قد ولعت به / أيام كان الصبا يا قلب يغرينا
جر الدموع على عرض الميادين
جر الدموع على عرض الميادين / حُزناً لفقد رجال العلم والدين
واجعل دم القلب ان جفت لها مددا / عساك تعرب عن أشجان محزون
جددت واللَه يا ناعي الحسين بنا / حزناً يزيد على مر الاحايين
مهلاً لقد رعت احشاء الأنام فما / قلب بجلد ولا دمع بمخزون
قد رن صوتك في الفيحا ومنتزحي / اقصى العراق فكاد الوجد يصميني
هيهات ما لفؤادي قط مصطبر / من بعد جوهرة الغر الميامين
شيخي ومرشدي العالي ومنتجعي / من كان فضلاً بكأس العلم يرويني
فرد به اجتمعت زُهر الخلال فوا / لهفي لفرد يفدى بالملايين
دارت على المأ العالين سيرته / رحا يفوق شذاها مسك دارين
اضحت تآليفه كالروض تزهر في / كل الفنون غريبات الأفانين
فكم لعلياه في نصر الشريعة من / رسائل اخضعت هام الاساطين
من كل صادعة بالحق مشرقة / كالشمس تنشر اضواء البراهين
افدي شمائله اللاتي عرفت بها / لطف الصبا حملت عرف الرياحين
مجسم من سنا الأخلاص مدرع / بُردَ التقى معرِض عن كل مفتون
وهكذا الزهد في اهليه يقنعهم / عن مال كسرى وعن أموال قارون
لم يحو وفرا من الدنيا وهمته / على الخُصاصة ايثار المساكين
عزيز نفس ابت إلا السلوك على / نهج الجدود اباة الذل والهون
فليس بدعا إذا ما بت اندبه / والحزن ينشرني طوراً ويطويني
اساجل الشهب في ذكرى مآثره / في العالمين فأبكيها وتبكيني
وليس مني ومنها من يكاد يفي / ثناء علياه في وصف وتأبين
أرثي معاليه والاقلام راجفةٌ / بين الأنامل اشكوها وتشكوني
كأنني قد نقثت الوجد مستعرا / في جوفها عند املائي وتلقيني
فما استطعت ولا اسطاعت تعبر عن / مقدار شجوى وقد حال البكار دوني
ولو أطاقت لبثت ما أبث لها / من حرّ قلب لدى الأحزان مرهون
لذاك قصرت فيما رمت من كلم / توفي الرثا حقه من غير توهين
ان يدفن الجسم منه في الثرى لمدى / فان فضل علاه غير مدفون
وان يغب شخصه عنا فسيرته / ورد لكل نقي القلب ميمون
لم ينتصب قط ديوان لأهل تقى / إلا وذكراه نبراس الدواوين
تطيب أسمار اخوان الصلاح به / ناهيك في سمَر بالاجر مقرون
لازال صوب الرضا دوما يفيض على / مثواه فيض السحاب المُطبق الجون
وجاده في ربى عدن بكل ندى / من أمر الأمر بين الكاف والنون
يا والدي قد جفانا بعدك الوسن
يا والدي قد جفانا بعدك الوسن / وغال افلاذنا التبريح والحزن
كنا على حذر من طول بينك يا / مولاي حتى دهانا بالاسى الزمن
سريت تقصد حجّ البيت ممتلئاً / شوقاً تهيج به الأحشاء والبدن
وبعد أن نلت ما ترجو وقد قُضيت / تلك الفروض ببيت الله والسنن
وافاك ثم قضاء اللَه وا أسفي / عليك يا سيداً تُمحى به الأحن
ما زلت تذكر أحباباً هناك قضوا / حتى توسّدت في المعلى الذي قطنوا
لك الهناء بذياك الجوار فكم / تهمي العطايا على من فيه قد دفنوا
لكن لنا من نواك الحزن اجمعه / يغشى ضمائرنا والوجد والشجن
أشكو نواك وما الشكوى بنافعة / ما بعد بينك إلا الكرب والمحن
صَبَرت قلبي وما يجدي تَصبُّرهُ / ان الحزين بفقد الصبر ممتحن
وكيف يملك صبراً واجد دنِف / قد غاله المتلِفان الهمّ والوهن
لو يقبل الموت منا فدية لغدا / لك الفدا معي الاهلون والوطن
لكنما الكون مجراه إلى عدم / محض فلا زخرف يبقى ولا سكن
والموت حتم على كل الأنام فما / ينجي من الموت أقدام ولا جُبُن
ولا حصون منيعات مشيدة / ولا سهول وسيعات ولا قنن
يا منتقى علماء الأرض قاطبة / ومن به يتباهى الفضل والفِطَن
لِلّه كل لك في نشر العلوم يد / بشكرها يتواصى السر والعلن
وكم لعلياك في الفتيا مآثر لا / تفنى وكم لك في فصل القضا مِننَ
وكم وكم لك في الأحكام من حكم / بذكرها يتناغى الشام واليمن
لك العدالة طبع والتقى خلق / وعزة النفس برد ما به درن
وإنما الفخر كل الفخر يجمعه / علم به العلم المبرور مقترن
قد كنت بين رجال العلم منفرداً / بنصرة الدين إذ عاثت به الفتن
لم تخش في اللَه يوماً لوم لائمة / ولم يشب أبداً اخلاصك الضَغَن
وكيف تبغي هوى نفس وانت على / شريعة المصطفى الغرّاء مؤتمن
وكنت أجود من صوب الغمام يدا / والكون عندك شيء ما له ثمن
ما ينفع المرء ما يجنيه من نشب / والقلب مفتقر والمال مختزن
لم يُخلق المال إلا للنوال ومن / ينفقه في الخير فهو الكيس الفطِن
شمائل جدكَ الفاروق اورثها / بحسنها كل من في الكون مفتتن